#35
|
||||
|
||||
![]() نَصْبُ المضارِعِ بِأنْ المُضْمَرَةِ مِثلما يُنْصَبُ المضارعُ بأنْ الظاهرةِ في مثل قولِنا : أطْمَحُ أنْ أُحَقِقَ آمالي . فإنّه يُنصَبُ بأنْ المضمَرة – غير الظاهِرَةِ – في مثل قولنا : قابَلْتُه لأوضِحَ له خطأهُ = قابَلْتُه لأن أوضِحَ له خطأه . وتُضْمَرُ أنْ جوازًا – أي يُجوزُ ذِكْرُها ، وعَدَمُ ذِكْرِها - . كما أنّها تُضْمَرُ وجوبًا – لا يجوز ذِكْرُها أو إظهارُها – إضمارُ أنْ جوازًا : تضمر أنْ جوازًا أو تذكر صراحةً ، بَعْدَ سِتَةِ حروفٍ هي : 1. لامُ كي – والتي تُسمى لامَ التعليل – وهي لامُ الجَرِّ التي يكونُ ما بعدها سَبَباً في حدوث ما قَبْلها . مثل: "وأنزلنا إليك الذِكْرَ لتُبيِّنَ للناسِ" أي لأجلِ أن تُبَيِّنَ للناسِ . ومثل : هاتَفْتُكَ لِتَطْمَئِنَّ . ومثل : حضرتُ لأستفيدَ ، أو لأن أستفيدَ . 2. لامُ العاقِبَةِ ، وهي اللامُ الجارَّةُ ، التي يكونُ ما قَبْلَها نتيجةً وعاقبةً ومصيرًا ، لما قبلها وليسً سببًا في حصولِهِ ، ويُسميها بَعْضُهم لامَ الصيرورةِ – أي ما صارَ إليه الحالُ . أو لامَ المآل – أي ما آلَ إليه الأمرُ .ويمثلون لها بالآيةِ الكريمةِ المتعَلِقَةٍ بِعُثورِ قومِ فرعونَ ، على سيدنا موسى عليهِ السلامُ . "فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعونَ ليكونَ لهم عَدوًا وَحَزنًا" قال فرعون لم يلتقطوا موسى عليه السلامُ ليكون لهم عدوًا وحِزنًا . ولكن العاقبةَ والمآلَ والمصيرَ الذي انتهي إليه التقاطُهم له ، أنّه صارَ كذلك . ومثل : ربى الوالدان ابنهما ليعقهما عند الكبر . 3. بَعْد أحدِ هذه الحروفِ العاطفةِ (الواو والفاء وثم وأو) عندما تَعْطِفُ الفِعْلَ المضارعَ على الاسمِ الجامِدَ . وإنما يُنْصَبُ الفعلُ المضارعُ بعد هذه الحروفِ بأنْ مضمرةٍ لسببٍ منطقيٍّ ، ليتسنى لنا أنْ نوُجِدَ بواسطتها مَصْدرًا نستطيعُ عَطْفَهُ على الاسمِ الجامِدِ – المصدر – لأن الفعل لا يجوز أن يُعْطَفَ على الاسمِ الخالِصِ، بلْ يُعْطَفُ على فِعْلٍ مِثلِهِ . مثالُ إضمارها بعدَ الواو : يأبى التاجرُ الأمينُ الغِشّ ويَرْبَحَ . والتقدير وأنْ يَرْبَحَ . أي يأبى الرِّبحَ والغِشَّ. ومنهُ قولُ ميسونَ بنتِ بَحْدَلَ . ولِبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عَيني أَحَبُّ إليَّ من لِبْسِ الشّفوفِ = ولبس عباءة وأن تَقَرَّ عيني والشفوف : اللباس يشف عما تحته ، أي لبسُ عباءةٍ وقُرَّةُ عيني ! ومثالُ :الفاء : شقاؤك فَتَسْتَريحَ ، خيرٌ من كَسَلِكَ فَتَتْعبَ . = أن تشقى (شقاؤك) وأن تستريح ، خير من كسلك وأن تتعب . ومثال:ثمَّ: لا يَقْبَلْ الكريمُ الجُبْنَ ثم يَسْلَمَ = لا يَقْبَلُ الجُبْنَ والسّلامَةَ = لا يقْبَلُ الكريمُ الجبن ثم أن يَسْلَمَ . ومثال : أو : يرضى عَدّوُّكَ نزوحكَ أو تُسْجَنَ = نزوحك أو سَجْنَك = يرضى عَدّوُكَ نزوحكَ أو أن تُسْجَنَ. فأنْ) في جميع الأمثلة المتقدمة مُقدَّرةٌ قبْلَ الفعلِ المضارِعِ ، والفِعْلُ منصوبٌ بها ، وهو مُؤَوَّلٌ بمصدرٍ معطوفٍ على الاسمِ قبلَه . إضمارُ أنْ وجوبًا تُقَدَّرُ أنْ وجوبًا بعد خَمْسَةِ حُروفٍ هي : 1. بعدَ لامِ الحجودِ ، وهي لامُ الجرِّ المسبوقةُ بكونٍ "أحدِ مشتقاتِ كانَ" مَنْفيٌّ ، مثل قولهِ تعالى "ما كانَ اللهُ ليظلِمَهم" وقولِهِ "لمْ يكنْ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُم" . ومثل قولنا : لم تَكُنْ لِتَكْذِبَ ، وهيَ أبلغُ من قولِنا : لم تَكُنْ تَكْذِبُ ، لأنَّ الفعلَ المنصوبَ بَعْدَ أنْ المُضْمَرة مُؤَوّلٌُ بمصدرٍ مجرورٍ ، والتقديرُ لمْ تَكُنْ مُريدًا الكَذِبَ . لأنّ نفي إرادةِ الكَذِبِ أبلغُ من نفْيِ الكذبِ ذاته . 2. بعدَ فاءِ السَبَبيّة : وهي التي تُفيدُ أنَّ ما قبْلَها سَبَبٌ لما بَعْدَها ،وأنّ ما بَعْدَها مُسَبّبٌ عما قبلَها . ويُشترطُ أنْ تُسْبَقَ بنفيٍ أو طلبٍ . فأما النَفْيُّ ، فمثلُ قَوْلِكَ : لمْ تحضرْ فَتَسْتَفيدَ . ومثل : جارُكَ غَيْرُ مُقَصِّرِ فَتَلومَهُ . ومثل : لَيْسَ المُجْرِمُ نادمًا فتعفوَ عَنْهُ . إذ لا فرقَ أن يكونَ النفيُّ بالفِعْلِ أو بالاسمِ أو بالحرفِ . كما في الجمل الثلاث السابقة . أما الطَّلبُ فَيَشْتَملُ الأمرَ ، مثل ُ : اسكتْ فَتسلَمَ أوْ لِتَسْكُتَ فَتَسْلَمَ . ويَشْتَملُ العَرْضُ ، مثل : ألا تُرافِقُنا فَتَسْتَمْتِعَ . كما يشملُ الحَضَّ : مثل : هلاّ عَمِلْتَ الخيرَ فَتُؤْجَرَ . ويشملُ التمنيّ ، مثل : لَيْتَكَ حَضَرْتَ فَتُسَرَّ . ويشملُ التّرجيَ ، مثل : لَعَلّكَ عائِدٌ فأستضيفَكَ . ويشملُ الاستفهام ، مثل : هل أنت منتبه فأُخاطِبَكَ . ويكونُ المضارِعُ المنصوبُ بأنْ مُضْمَرَةً بَعْدَ فاءِ السَّبَبَيِّةِ مُؤَولًا بِمَصْدَرٍ مَعطوفٍ على مصدرٍ مُنتَزَعٍ من الفِعْلِ قَبْلَها ففي : اسْكُتْ فَتَسْلَمَ : ليكن منكَ سكوتٌ فسلامةٌ . 3. بعدَ واوِ المَعِيَّةِ ، التي تُفيدُ معنى مع مثل : لا تأكُلْ وتَتَحَدّثَ ، فالنهيُّ في الجملةِ ليسَ مُتَجِّهًا إلى الأكلِ وحْدَهُ ولا الحديث وَحْدَهُ،وإنّما يَتَّجِهُ النَّهيُ عن أنْ يتحدثَ وهوَ يَأكُلُ . ويُشترطُ لِنصْبِ المضارِعِ بَعْدَ واو المعيةِ أن تُسْبَقَ بنفيٍ أو طَلَبٍ ، كما هو الحالُ في فاءِ السَبَبيةِ . الأمثلة: لا تَشرَبْ وتَضْحَكَ . اقرأْ وترفعَ صَوتَك . هلا تَصَدّقْتَ وتُخَفيَ صَدَقَتَكَ . ألا تزورُنا وتُسَلّمَ . لَعلّكَ مُسافِرٌ وترافِقَني . لَيْتَكَ حَضَرْتَ وَتُشَاهِدَ . هلْ أنتَ سامِعٌ وتُجيبَني . 4. بَعْدَ :حتى: الدالةِ على الانتهاءِ أو التعليلِ . فمثالُ دلالتها على الانتهاءِ ، قَوْلُنا : أنْتَظِرُكَ حتى تَرْجِعَ = إلى أن تَرجِعَ . والتعليلُ مثلُ : وافَقْتُكَ حتى أُرضيَكَ = لأُرضيَكَ . والمضارِعُ مع أنْ المستترةَ يُؤَوّلُ بمصدرٍ في محلِ جرّ بـِ حتى : انتظرتُكَ إلى رُجوعِك ، ووافقتُكَ لرِضاك. 5. بعد "أو" التي بمعنى "إلى" مثل : أسْهَرُ أوْ أُنْهِيَ عَملي = أسْهَرُ إلى أن أُنهيَ عملي . أو بمعنى "إلا" ، مثل : يَظَلُّ المتّهَمُ بريئاً أو تثبُتَ إدانتُهُ = إلا تَثْبٌتَ . 6. إضمارُ أنْ سماعًا : وردَ عن طريقِ السّماعِ إضمارُ أنْ ، في غيرِ المواقعِ السابِقَةِ – مواقعِ الجوازِ والوجوبِ – ويُكتفى بمعرِفَتِها، دونَ القياسِ عليها . ومما وَرَدَ في ذلك : تسمعَ بالمُعْيدي خيرٌ من أنْ تراهُ . خُذْ اللصَ قَبْلَ يأخُذَكَ . مُرْهُ امرهُ يَحْفِرَها . وقُريءَ بنصبِ أعبدَ في الآيةِ " قُلْ أفغيرَ اللهِ تأمروا بي أعبدَ أيُّها الجاهلون" . أطْمَحُ أنْ أُحَقِقَ آمالي أطمح : فعل مضارع مرفوع ، علامته الضمة ، وفاعله مستتر فيه . أن : حرف نصب مبني على السكون . أحقق : فعل مضارع منصوب علامته الفتحة ، وفاعله مستتر فيه . آمال : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على اللام ، وهو مضاف . قابَلْتُه لأوضِحَ له خطأهُ قابلته : فعل وفاعل ومفعول به . لـ : حرف جر مبني على الكسر ، يفيد التعليل . أوضح : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد لام التعليل . "وأنزلنا إليك الذِكْرَ لتُبيِّنَ للناسِ" أنزل : فعل ماض مبني على السكون ، لاتصاله بالضمير نا: وهو مبني في محل رفع فاعل . إليك : شبه جملة متعلقة بالفعل السابق . الذكر : مفعول به منصوب ، علامته الفتحة . لـ : حرف جر مبني . تبين : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد اللام ، علامته الفتحة . وفاعله تقديره أنت . للناس : شبه جملة متعلقة بـ تبين . "فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعونِ ليكونَ لهم عَدوًا وَحَزنًا" التقطه : التقط : فعل ماض مبني على الفتح . هـ : ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به . آل : فاعل مرفوع . فرعون : مضاف إليه مجرور علامته الفتحة ، ممنوع من الصرف . لـ : حرف جر مبني على الكسر . يكون : فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة جوازًا. اسمها ضمير مستتر تقديره هو . عدوًا : خبر يكون منصوب . يأبى التاجرُ الأمينُ الغِشّ ويَرْبَحَ يأبى : فعل مضارع مرفوع ، علامته ضمة مقدرة على آخره . التاجر : فاعل مرفوع . الأمين : صفة مرفوعة . الغش : مفعول به منصوب . و : حرف عطف مبني على الفتح . يربح : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا . لِبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عيني أَحَبُّ إليَّ من لِبْسِ الشّفوفِ لبس : مبتدأ مرفوع – وهو مضاف . عباءة : مضاف إليه مجرور و : حرف عطف . تقر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا ، علامته الفتحة . عين : فاعل مرفوع ، بضمة مقدرة على آخره ، وهو مضاف . ي : ضمير مبني على السكون ، في محل جر بالإضافة . أحب : خبر المبتدأ مرفوع . إلى : شبه جملة متعلقة بـ أحب . من لبس : شبه جملة متعلقة بـ أحب . الشفوف : مضاف إليه مجرور . شقاؤك فَتَسْتَريحَ ، خيرٌ من كَسَلِكَ فَتَتْعبَ شقاؤ : مبتدأ مرفوع ، بضمة ، وهو مضاف . ك : في محل جر بالإضافة . ف : حرف مبني على الفتح . تستريح : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد الفاء . خير : خبر مرفوع . من كسل : شبه جملة متعلقة بـ خير وهما مضافان . ك : في محل جر بالإضافة . ف : حرف مبني على الفتح . تتعب : فعل مضارع منصوب ، بأن مضمرة جوازًا بعد الفاء . لا يقبَلْ الكريمُ الجُبْنَ ثم يسْلَمَ لا : حرف نفي مبني على السكون . يقبل : فعل مضارع مرفوع / الضمة . الكريم : فاعل مرفوع / الضمة . الجبن : مفعول به منصوب / الفتحة . ثم : حرف مبني على الفتح . يسلم : فعل مضارع منصوب / الفتحة بأن مضمرة جوازًا بعد ثم . يرضى عَدّوُّكَ نزوحكَ أو تُسْجَنَ : نزوحك أو سَجْنَك يرضى : فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف . عدو : فاعل مرفوع علامته الضمة , وهو مضاف . ك : في محل جر بالإضافة . نزوح : مفعول به منصوب علامته الفتحة . وهو مضاف . أو : حرف مبني على السكون . تسجن : فعل مضارع منصوب علامته الفتحة ، وهو منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد أو والمصدر المؤول في الجملة والجمل السابقة – سجنك – معطوف على المصدر السابق نزوح . |
|
|