|
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» أَمَّا بَعْدُ:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا» فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.ثم أَمَّا بَعْدُ: فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله تعالى وهي:الإيمان بوجود الله تعالى ،والإيمان بربوبيته,والإيمان بألوهيته ، والإيمان بأسمائه وصفاته . الشرح الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجوده، وبربوبيته، وبألوهيته، وبأسمائه وصفاته ، فإذا لم يؤمن العبد بهذه الأشياء الأربعة فإن إيمانه بالله لم يتم ، فإن الإيمان بالله يتضمن هذه الأمور الأربعة جميعًا، فمَنْ أنكر وجود الله فليس بمؤمن ، ومن أنكر ربوبية الله - ولو فى بعض مخلوقاته - فليس بمؤمن به، ومن أنكرألوهية الله فليس بمؤمن به ، ومن أنكر أسماءَهُ وصفاتِه فليس بمؤمن به. المتن منزلة العلم بأسماء الله وصفاته من الدين :
وتوحيد اللهِ به - أي بالأسماء والصفات- أحد أقسام التوحيد الثلاثة:توحيد الربوبية ،وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. فمنزلته فى الدين عالية وأهميته عظيمة، ولايمكن أحدًا أن يعبد الله على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته ؛ ليعبده على بصيرة . قال اللهُ تعالى- "وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بها "الأعراف (180) وهذا يشمل دعاء المسألة ودعاءالعبادة. الشرح فدعاء المسألة : أن تجعلها مقدمةً بين يدي الدعاء فتقول: "ياغفور اغفرلي ،ويارحيم ارحمني ، وياحفيظ احفظني " ونحو ذلك. وقالوا من الأدب أن تجعل الوسيلة لكل دعاء ما يناسبه من الأسماء ،فإذا كنت تطلب الرزق ؛فتتوسل باسم "الرزاق" ؛وإذا كنت تطلب المغفرة فتتوسل باسم "الغفور"؛فلا تقول: "اللهم يا شديد العقاب اغفر لي"فهذا لايناسب؛ وإنما المناسب أن تقول " يا غفور اغفر لي" وأما دعاء العبادة : فيكون بالأسماء ؛لأنك إذا علمتَ أن الله غفور ؛استغفرت الله؛والاستغفار عبادة؛وإذا علمتَ أنه سميع؛ أحجمت عن أن تسمعه ما يغضبه ؛وتكلمت بما إن سمعه منك رضي عنك وهذا عبادة تتعبد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء ، فتقوم بالتوبة إليه لأنه التواب ، وتذكره بلسانك لأنه السميع ، وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير، وتخشاه فى السر لأنه اللطيف الخبير ، وهكذا. أما دعاء المسألة : فهو أن تجعل المسألة بين يدي الدعاء ، فتقول:ياغفور اغفرلي، أو تقول : يارحيم ارحمني ،أو تقول : يا رزاق ارزقني . وقد قال بعض أهل العلم : ومن الأدب أن تجعل الوسيلة لكل دعاء ما يناسبه من الأسماء. فإذا كنت تطلب الرزق فتتوسل باسم "الرزاق "وإذا كنت تطلب المغفرة فتتوسل باسم "الغفور" ، فلا يليق أن تقول : " اللهم ياشديد العقاب ، اغفر لي" فإن هذا لا مناسب ، وإنما المناسب أن تقول : " اللهم ياغفور اغفر لي ". وأمادعاء العبادة فكيف يكون بأسماء الله الحسنى وذلك أنك إذا علمت أن الله غفور استغفرته، والاستغفار عبادة ، وإذا علمتَ أنه سميع أحجمتَ عن أن يسمع منك مايُغضبه ، وتكلمت بما إذا سمعه منك رضي عنك، وهذا عبادة ، وعليه : فدعاء الله تعالى بأسمائه يكون شاملاً لدعاء المسألة ودعاء العبادة ،فدعاء المسألة أن تتوسل بأسماء الله تعالى فيما تدعو الله به ، ودعاء العبادة أن تتعبد لله بماتقتضيه هذه الأسماء . المتن فدعاء المسألة: أن تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسباً مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك. ومن أجل منزلتهِ هذه ، من أجل كلام الناس به بالحق تارة وبالباطل الناشئ عن الجهل والتعصب تارةً أخرى ، أحببت أن أكتب فيه ما تيسر من القواعد ؛ راجيًا من الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه موافقًا لمرضاته نافعًا لعباده.ودعاء العبادة: أن تتعبد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء، فتقوم بالتوبة إليه؛ لأنه التواب، وتذكره بلسانك لأنه السميع، وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير، وتخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير، وهكذا. وسميته: "القواعد المثلى في صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى " الشرح الخوض في باب الأسماء والصفات ؛تارةً يكون بالحق؛ وتارةً يكون بالباطل . أما من قال فيه بالحق، فمنشأ قولِه: هذا أنه يريد الحق فيقول فيه بالحق. وأمامن قال فيه بالباطل ، فمنشأ قولِه فواحد من أمرين:إما الجهل ، وإما التعصب،فإذا كان عالمًا بالحق وأصر على قوله المخالف للحق كان ذلك من باب التعصب ، وأما إذا كان لا يعلم الحق وقال بالباطل فهذا منشأْ قوله الجهل،- وهذا الثاني -وهو الجاهل – أقرب إلى الاستقامة من الأول ،فالجاهل أقرب إلى الاستقامة ؛لأن الجاهل إذا كان مريدًا للحق إذا عُلم استقام ، وهذا بخلاف المتعصب. ولذلك تجد بعض أهل الكلام اللذين خالفوا الحق في بعض أسماء الله وصفاته لما كان مُريدًا للحق هداه الله إليه ورجع إما رجوعًا كليًا وإما رجوعًا جزئيًّا، فالغزَّالي مثلاً رجع عن الفلسفة بعدأن كان متصفًا بها وقائلاً بها ، وكتب كتابَهُ سماهُ " تهافُت الفلاسفة"وبيَّن فيه بطلان مذاهب الفلاسفة . وأبو الحسن الأشعري رحمه الله ؛كان معتزِليًا -على مذهب المعتزلة - فهداه الله لمذهب أهل السنة ورجع إلى الحق وبين بطلان مذهب المعتزلة . فمخالفة الحق إن كانت ناشئةً عن جهل فدواؤها بسيط ، وإنما الإشكال فيما كان ناشئًاعن تعصب ، فإن دواءه يكون عسرًا ، ولكن إذا أراد الله هدايته هداه .. |
#2
|
||||
|
||||
![]() الفصل الأول قواعد في أسماء الله تعالى القاعدة الأولى المتن القاعدة الأولى:أسماء الله تعالى كلهاحسنى: أي بالغة في الحسن غايته،قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُالْحُسْنَى" الأعراف 180.. الشرح بل إننا نقول : إن أسماء الله في غاية الحسن ، والمراد : في أكمل مايكون من الحُسن ، ولهذا وصفَ الله باسم التفضيل فى قوله تعالى:"الحُسنى". المتن: الشرح ولهذا نقول: إن الألفاظ إماأن تدل على معنى ناقص نقصًا مطلقًا ، وإما أن تكون دالةً على كمال في حال ونقص في حال ، وإما أن تكون دالة على الكمال ولكن لا غاية الكمال ، وإما أن تدل على غاية الكمال، فهذه أربعة أقسام:القسم الأول:إن كانت دالة على غاية الكمال ، فهي من أسماء الله ، إذ ليس فيها نقص أبدًا : لا احتمالاً ولاتقديراً,وذلك مثل" السميع "و"البصير" و"العظيم" و"العليم"... فكل هذه الأسماء دالة على الكمال بل على غاية الكمال ،وهوكمالٌ لانقص فيه. القسم الثانى: وهوالألفاظ الدالة على الكمال لكن مع احتمال نقصٍ بالتقدير ، فهذا لايُسمى به الله ، ولكن يُخبرُ به عنه ؛لأن باب الإخبار أوسع ، وذلك مثل:"المُتكلم"و"الشائي"و"المُريد"و"الصانع"و"الفاعل" وماأشبه ذلك ،فهذه كلمات لايُسمى الله بها مطلقًا ، ولكن يُخبر بها عنه القسم الثانى: وهوالألفاظ الدالة على الكمال لكن مع احتمال نقصٍ بالتقدير ، فهذا لايُسمى به الله ، ولكن يُخبرُ به عنه ؛لأن باب الإخبار أوسع ، وذلك مثل:"المُتكلم"و"الشائي"و"المُريد"و"الصانع"و"الفاعل" وما أشبه ذلك ،فهذه كلمات لايُسمى الله بها مطلقًا ، ولكن يُخبر بها عنه إخبارًا مطلقًا ، فنقول بأن الله "مُتكلم" وبأن الله "شاءٍ" وبأن اللهَ " مُريدٌ" وبأنَّ اللهَ" فعالٌ "لكن ليس من باب التسمية بل من باب الإخبار. فـ "المُتكلم" ليس من أسماء الله ؛لأن المتكلم قد يتكلم بما يُحمد وقد يتكلم بما يُذم، ولكن الكلام نفسه كمالٌ،ولكن مُتعلَّقُ ذلك الكلام؛ قد يكون نقصًا وقد يكون كمالاً؛ فالمتكلمُ بالمعروف مُتكلمٌ بكمال ؛ والمُتكلم بالمنكر متكلمٌ بنقص،فصفة الكلام فى ذاتها كمالٌ، ولكن موضوع الكلام قد يكون نقصًا -يُحمد وقد يُذم-، ولهذا لم يكن"المتكلم"من أسماء الله، وصحَّ أن يُطلق على الله على سبيل الإخبار. و"المُريد"ليس من أسماء الله، ولكن أصلُ إثبات الإرادة وأنَّ الفاعل يفعلُ مايُريده فهذا كماله؛ولهذا فالمُريد أكمل ممن لا يُريد،فالإنسان أكمل من الحيوان لأن إرادته أكمل ؛والحيوان أكمل من الشجر لأن إرادته أكمل ، والمختارللشىء أكمل من المُكره على الشىء لأن إرادته أكمل. والمراد قد يكون خيرًا وقد يكون شرًا، فالإنسان يُطلق عليه أنه مُريدٌ وقد يُريدالخير وقد يُريد الشر، فلما كان لفظ المريد قد يوهم نقصًا ولو بالتقدير؛لم يصح أن يكون من أسماء الله تعالى وإنما يُخبر به عن الله فقط . القسم الثالث: الذى يحتمل نقصًا وكمالاً فى نفس المعنى لافى المتعلَّق؛لايُطلق على الله تعالى، وإنما يُذكر مُقيدًا.مثل:"المكر"و"الخداع"و"الاستهزاء"و"الكيد"، فلا نقول بأن الله "ماكر"ولا أن الله "كائدٌ" فالكيد فى ذاته ينقسم إلى" كيد محمود" و"كيد مذموم" ولهذا لم يصح إطلاقُ اسم "الكائد" على الله ، وكذلك "الماكر" و"المستهزئ"، والصواب أن نُقيد ذلك ، فنقول:إنَّ الله-عزوجل-كائدٌ بمَنْ يكيد، وماكرٌبمن يمكر،ومستهزئٌ بمن يستهزئ به ؛ وهكذا. القسم الرابع:- الذى هو نقصٌ محضٌ ، فهذا لايُسمى اللهُ به ، ولايُوصف به؛مثل العمى، والصمم، والعجز،فهذا نقصٌ محض فلايُطلق على الله أبدًا: لاخبرًا ولاتسمية. والخلاصة: أنَّ الأقسام أربعة: 1-كمالٌ محضٌ في ذاته وموضوعه، فهذا يكون من أسماء الله. 2-كمالٌ في ذاته لافي موضوعه فهذا يُطلق على الله خبرًا ولا يسمى به . 3- مايحتمل نقصًا وكمالًا في ذاته ، فهذا لايُخبر به عن الله خبرًا مطلقًا وإنما خبرًا مُقيدًا، ولايُعتبر من الأسماء. 4- ماكان نقصًا محضًا ،فهذا لايُوصف به لاخبرًا ولا تسميةً. ولهذا فقول الله تعالى:"ولله الأسماء الحُسنى"يعنى التى ليس فيها نقصٌ بوجهٍ من الوجوه. وهذه الأقسام الأربعة ذكرها شيخ الإسلام-رحمه الله-فى مواضع متفرقة من كلامه وهي واضحة وصحيحة. |
#3
|
||||
|
||||
![]() المتن * مثال ذلك: "الحي"اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة ؛التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.* ومثال آخر: "العليم" اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يُسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى "عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى"سورة طه، الآية: 52..العلم الواسع المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ"سورة الأنعام، الآية 59. الشرح قوله"ظُلُمات"جمع "ظُلمة" والظلمات كما تكون فى البحر تكون فى الأرض،فانظرإلى حبةٍ مدفونةٍ في قاع البحر في ليلةٍ ممطرةٍ وغيمٍ كثيف ، فهاهنا عدة ظلمات ،فأولاً : الطبقة التى غطتها في قاع البحر، وثانيًا: البحر نفسه, وثالثًا: ظلامُ الليل ،ورابعًا: السحاب، وخامسًا: المطر، فعندنا الآن خمسُ ظلمات تُحيط بهذه الحبة الصغيرة المدفونة في قاع البحر ولاتراها العين المجردة ، والله تعالى يعلمها، بل هي في كتابٍ مبين - أي مكتوبة- وهذا دليلٌ على عموم علم الله وسعته وأنه لايخفى عليه شىءٌ في الأرض ولا في السماء. أنت إذا آمنت بهذا العلم بعلم الله وأنه يعلم كل شىءٍ في السموات والأرض ، فإنه ينبغى أن يردعك إيمانك هذا عن فعل مايكرهه الله ، ويوجب لك أن تفعل مايُحبه الله ،وينبغي عليك أن تعلم أنك مهما كتمت في نفسك من شىءٍ ،فالله يعلمه ،ومهما كتمت عن الخلق فلم يعلموه فإن الله يعلمه، ومماينبغي كذلك معرفته ههنا أنك إن فعلت مايكرهه الله مُستترًا عن الناس فإن الله قد يُطلع الناس على ذلك وسواء أخبروك أم لم يُخبروك ، فالشيطان قد يأمرك بالفحشاء فتفعلها سِرًا ولا يعلم بذلك إلا الله ،فيُلقي فى قلوب الناس أنكَ فعلت ذلك ، فتشعر أن الناس ينظرون إليك وكأنهم يعلمون مافعلت ، وكأنهم يلومونك ويُؤنبونك مع أنهم ماقالوا لك ذلك صراحة ، لكن الشيطان يُلقي في قلوب الناس ذلك ليسيئوا الظن بك ، وتنظرإلى الناس وكأنهم شاهدوا فعلك ، وفي مثله قال الشاعر: إذا ساءَ فِعلُ المرءِ ساءت ظنونه وصدَّق ماقالوه مِن توهُّمِ وهذا من أسرارحكمةِ الله عزوجل :أنَّ ما يخفيه الإنسان في نفسه وإن كان لم يُطلع عليه أحد، فإنَّ الله تعالى يعلم به ، وإذاعَلِمَ الله به أوشك أن يُطلِع عباده عليه. وفى ذلك يقول ابن القيم رحمه الله:إن الشيطان الذي أمرك بالسوء يُلقي في قلوب الناس أنك فعلت ذلك السوء وإن لم يطلعوا عليه. هذه مسألة تُوجب للإنسان أن يحترس غاية الاحتراس من الذنوب وإن خفيت. |
#4
|
||||
|
||||
![]() المتن "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ"سورة هود، الآية: 6،"يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"سورة التغابن، الآية:4.* ومثال ثالث: "الرحمن" اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لله أرحم بعباده من هذه بولدِها"رواه البخاري، كتاب الأدب (5999)، ومسلم، كتاب التوبة (2754).يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، ومتضمن أيضًا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ"سورة الأعراف، الآية:156، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين"رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا"سورة غافر، الآية: 7. والحُسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده،ويكون باعتبار جمعه إلى غيره،فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمالٌ فوقَ كمالٍ. الشرح أسماءُ الله كلها حُسنى على انفرادٍ ،وقد ينضافُ إلى هذا الحُسن-الذى اكتسبه الاسم اكتاسبًا- ذاتيًا- ينضاف إليه حُسنٌ آخر بانضمامه إلى غيره ،فيكون من مجموع الاسمين كمالٌ آخر، وهذا كثيرٌ في القرآن ، فكثيرًا مايقرن الله تعالى بين اسمين وتجد في ضم أحدهما إلى الآخر كمالاً لايحصل بانفراد أحدهما عن الآخر. المتن مثال ذلك: "العزيز الحكيم". فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً. فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكمُ والحكمةُ في الحكيمِ، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلمًا وجَوْرًا وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمتِه فإنهما يعتريهما الذل. الشرح مثال "العزيز" و "الحكيم" يقرن الله بينهما كثيرًا، ويستفاد من قرن "العزيز" بـ "الحكيم" فائدة عظيمة ، وهي أن عزته مقرونة بالحكمة، لأن العزة وحدها قد ينتجعنها سوء التصرف والظلم والجَوْر،كما لو وجدنا مَلِكًا عزيزًا في مُلْكِه لايعارضه أحدٌ،تجد هذا الملِك إن لم يهده الله تعالى تجده؛لكمال سلطانه وعزته؛ يبطش ويجور ولا يبالِي ، لأنه ليس بحكيم .كذلك أيضًا من الناس من يكون حكيمًا ؛لكن ليسعنده عزة وغلبَة، فهو ذو حكمة ؛ ولهذا تراه يتصرفتصرفًا حسنًا ؛ويضع كل شيء بموضعه، ولكن ليس عنده قوة أو عزة يمضي بها ما أراد . والله عز وجل "عزيز حكيم "فعزته مقرونة بالحكمة؛وحكمته مقرونة بالعزة، وباقتران الاسمين بعضهما إلى بعض يحصل كمالٌ آخر وهوعزةٌ في حِكمة وحِكمةٌ في عزة. |
#5
|
||||
|
||||
![]() القاعدة الثانية: أعلامٌ باعتبار دلالتها على الذات، وأوصافٌ باعتبار مادلت عليه من المعاني،وهي بالاعتبار الأول مُترادفة لدلالتها على مسمى واحدٍ وهوالله- عزوجل-،وبالاعتبار الثاني مُتباينة لدلالة كل واحد مِنها على معناهُ الخاص فـ"الحي,العليم,القدير,السميع، البصير الرحمن, الرحيم, العزيز, الحكيم"كلها أسماء لمسمى واحد وهوالله سبحانه وتعالى،لكن معنى "الحي" غير معنى "العليم"و"العليم" غير معنى "القدير" وهكذا.أسماءُ الله تعالى أعلامٌ وأوصاف الشرح هذه القاعدة الثانية ، فيها مبحثان: المبحث الأول: "أنَّ أسماء الله أعلام وأوصاف" فهي باعتبار دلالتها على الذات "أعلام" وباعتبار دلالتها على المعاني" أوصاف". و مثال ذلك "السميع" فهو يدل على الله ،فيكون بهذا الاعتبار علماً" و ابن مالك يقول: اسمٌ يُعيِّنُ المُسمى مطلقاً علمهُ كجعفرِ وخَرْنَقا فـ " السميع "علمٌ ، وباعتبارأنَّ"السميع"مُتضمِنٌ للسمع، وأنه يسمع عز وجل كل صوتٍ تكونُ صفةً، ولذلك نقول:أسماء الله تعالى أعلامٌ وأوصافٌ. وأما أسماءُ غيرالله الأصل فيها أنها أعلامٌ فقط، ولهذا نسمى هذا الرجل "عبد الله" وهو من أكفر عباد الله ، ونسمي هذا الرجل "عليًا" وهوسافلٌ ؛نازل، ونسميه "حكيمًا" وهومن أسفه عباد الله ، ونسميه"محمدًا"وهو مُذمَّمٌ ، ونسميه "أحمد " وهو أكفر الناس؛فأسماء غيرالله أعلامٌ مجردة فقط ، إلا أسماء النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-وأسماء القرآن ،فأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم هي أعلام وأوصاف ؛ لأن اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم "محمد" وقد سُميَ بهذا الاسم لكثرة محامده أو لكثرة خصاله الحميدة،واسمه أحمد لأنه أحمد الناس لله-عزوجل-وأحمد من يحمده الناس. المبحث الثاني وهو أن أسماء الله تعالى هل هي مترادفة أم متباينة ؟ فنقول:أما باعتباردلالتها على ذات الله فهي مترادفة، لأنها كلها تدل على ذاتٍ واحدة. وأما باعتبارماتحمله من المعاني فهي متباينة، فـ "السميع " و"البصير" و "العزيز"و" الحكيم" كلها أسماء لمسمى واحدٍ وهو الله ، فهي بهذا الاعتبار مترادفة ، لكن "السميع" دال على السمع و"البصير"دال على البصر، ومن المعلوم أن السمع غير البصر ، والبصرغيرالسمع، والعزة غير السمع، وأن الحكمة غير السمع .... وهكذا. واعلم أن الكلمتين إما أن تكونا متباينتين أو مترادفتين أومشتركتين أو بينهما نسبة عموم وخصوص. أولاً: أن تكون الكلمتان متباينتان،وذلك بأن تدل كل كلمة منهما على معنىً لايتفق مع الأخرى؛ مثل "القمح" و"الأرز"، فالقمح غير الأرز ، .وليس بينهما عموم وخصوص. ثانيًا : أن تكون الكلمتان مترادفتين ؛لترادفهما على معنىً واحدٍ، كما يترادف الشيء بعضه على بعض ، مثل "قمح"و" بُر" و" حِنطة" فكلها مترادفة, مثل "بشر" و"إنسان" فهي أيضًا مترادفة. ثالثًا : قد تكون الكلمة مشتركة ،وذلك بأن تكون هناك كلمة واحدة تدل على معانٍ متعددة بعكس الترادف، ومثال ذلك"العَيْن" فهي تطلق على "العين " التي هي الجارحة ، وعلى "عين الماء الجارية "، وعلى "الذهب "، و"الجاسوس" إلا أن البعض يقول بأن إطلاق "العين " على "الجاسوس" من باب المجاز ، والمقصود أن هذه الكلمات نسميها مشتركة ؛ لأن المعاني مشتركة في لفظ واحدٍ. رابعًا : أن يكون بين الكلمتين عموم وخصوص ، بأن تكون أحدى الكلمتين أخصَّ من الأخرى,مثل "إنسان" و"حيوان"، فـ"الإنسان" فنسمي الإنسان إنسانًا، فهذا خاصٌّ, وكلمة "حيوان" عام يشمل الإنسان وغيره . ومن الطريف أنك لو قلت للعامي : "أنت حيوان ناطق" لنط بحلقي؛ لأنه يظن أن الحيوان الناطق الحمار، لكن لو تقول له :الفلاسفة يقولون أن الإنسان حيوانٌ ناطقٌ، وأن كلمة "حيوان" هذه جنس ، وأن كلمة "ناطق " هذه فصْلٌ، ما كان عنده إشكال ،هل يجوز أن تخاطب عاميًا "يا حيوان ناطق"؟ لا. لأنه يراه شتمًا.لكن و لو قلت لطالب علم ما الإنسان ؟فيقول لك حيوانٌ ناطق. والذى أراه أن يُقال الإنسان هو البشر. *المتن* وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه. كما في قولِه تعالى"وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"سورة يونس، الآية: 107.. وقولِه"وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة"سورة الكهف، الآية: 58.. فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.* الشرح * فإن قال قائلٌ ماالدليل على أن أسماء الله تعالى أعلامٌ وأوصافٌ؟ قلنا: الدليل من القرآن ومن اللغة.القرآن:قال الله تعالى:""وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة" سورة الكهف، الآية: 58.والرحمة صفة ؛ إذًا "الرحيم" معناه ذوالرحمة. وأما من اللغة ،فإن أهل اللغة والعُرف أجمعوا على أنه لايوصف بالمُشتق إلا مَنْ اتصف بمعناه,فلايُقال "سميعٌ": للأصم ؛ولا "بصيرٌ" : للأعمى ؛ولا "عاقلٌ": للمجنون ؛ بل لابد أن تكون هذه الأوصاف دالة على معانيها فيمن نُسبتْ إليه ، وهو أمرٌ أبين من أن يحتاج إلى شرح. |
#6
|
||||
|
||||
![]() *المتن* وبهذا عُلم ضلال من سَلَبوا أسماءَ اللهِ تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا..وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها . * الشرح * هؤلاء المعطلة يقولون : نحن نثبت أسماء الله ، فالله سميع عليم بصير ... لكن بدون إثبات المعنى ، فنقول : " سميع بلا سمع " و" بصير بلا بصر" وهكذا ، فإذا سألناهم عن سبب ذلك قالوا : لأنك إذا قلت إن لله سمعًا وبصرًا وقدرة وقوة وقلت ؛ أن هذه الصفات قديمة؛ لزم تعدد القدماء! وأنت تُنكر على النصارى قولهم:بأن الله ثالث ثلاثة .وأنت تريد الله أكثر مئات المئات؟ ونحن نقول: هذا القول باطلٌ؛ لأنه لايلزم من تعدد الصفة تعدد الموصوف. وإلا لكُنَّا نحن أيضًا الواحد منا كم يكون؟ كثير بحسب صفاته -السمع :هو القرآن والسنة، وسيمر بك هذا التعبير كثيرًا فانتبه له.- *المتن* أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد. فقال تعالى: "إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" وقال تعالى: "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى* وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى". ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء3.وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة4 من الموصوف، حتى يلزمَ من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها، فهي قائمة به، وكل موجودٍ فلابد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود5، أو ممكن الوجود6، وكونه عينًا قائمًا بنفسه أو وصفًا في غيره. _____________ حاشية لتوضيح معاني الفردات غير موجودة بكتاب الشيخ العثيمين: 1 على الذات : أي على ذات الله 2 متباينة: أي مختلفة عن بعضها 3 - تعدد القدماء : أي تعدد الذات ولعياذ بالله 4 - بائنة : منفصلة 5 - واجب الوجود : أي لم يسبقة عدم ولا يلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق الله جل في علاه ، فهو سبحانه الأول والآخر 6 - ممكن الوجود : أي يسبقة عدم ويلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق المخلوق الفاني الضعيف * الشرح * نحن نقول بأن الموجود تتعدد صفاتُه ، ونقول لمن خالفنا : هل تُثبتون أنَّ اللهَ موجودٌ؟ سيقولون: نعم ، نثبت ذلك ، نقول لهم :وكل موجود لابد أن تتعدد صفاتُه ضروري، فمثلا الموجود: فيه صفة الوجود؛ وفيه أيضًا أن وجودَهُ إما ممكن وإما واجب الوجود، وهذه صفة ثانية، ونحن نقول بأن وجودنا نحن من باب الممكن ، وبأن وجود الله-عزوجل- من باب الواجب. ونقول كذلك : الموجود إما أن يكون وجوده عينًا قائمة بنفسها ،أو يكون صفةً في غيره ؛ فالإنسان مثلا : عينٌ قائمٌ بنفسه، وسمع الإنسان وبصره وصفٌ قائمٌ بغيره. إذًا كل موجود، لابد أن يتصف بهذه الصفات الثلاثة: الوجودية، وكون وجوده واجبًا أوممكنًا ، وكونه عينًا قائمة بنفسها أو وصفًا في غيره. وهذا أمرٌ لايمكن إنكاره. *المتن* وبهذا أيضًا علم أن: "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى؛ لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْر"سورة الجاثية، الآية: 24.يريدون مرور الليالي والأيام.فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله - عز وجل -: يؤذيني ابنُ آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"رواه البخاري، كتاب التفسير "4826"، ومسلم، كتاب الألفاظ من الأدب "2246".. فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى؛ وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله: "وأنا الدهر" ما فسره بقوله: "بيدي الأمرُ أقلب الليل والنهار"، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلِب "بكسر اللام" هو المقلَب "بفتحها" وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهرُ في هذا الحديث مرادًا به الله تعالى. * الشرح * وهذا خلافًا لابن حزم وبعض العلماء الذين قالوا بأن من أسماء الله"الدهر"!!ونحن نقول بأن "الدهر" ليس من أسماء الله؛ لماذا؟. لأن "الدهر" اسمٌ جامدٌ بمعنى الوقت والزمن، واللهُ تعالى يقول"وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى" والاسم الجامد: هو الذي لايدل على وصف،ولذلك فليس "الدهر" من الأسماء الحُسنى. و من تأمل هذا الحديث عَلِمَ أنه ليس مراد النبي-عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن الله عز وجل أن يبين أن "الدهر" من أسماء الله تعالى ، لأن الله بيَّنَ ذلك فقال: "وأنا الدهر بيدي الأمرُ أقلبُ الليلَ والنهار"هذا يعني أن الذين يسبون الدهر فيقولون: هذه سنة جائرة، أو يسبون مايقع فيه مثل قول بعض السفهاء :"هذه عاصفة هوجاء "، أو ما أشبه ذلك مما يُطلقونه على مايخلقه الله-عزوجل- من العواصف والقواصف والنوازل ، فكل أنواع السب هذه محرمة وقد تصل إلى حد الكفر بالله تعالى . هذا؛ والذين يسبون الدهر لايقع في نفوسهم أنهم يُسبون الله أبدًا،بل إنما يسبون الزمن أوالمكان ،والدليل على ذلك أن الله تعالى قال:"أقلِّبُ الليلَ والنهار"، فالليل والنهار مُقَلبان ، وهما الدهر ،ومعلومٌ أنَّ المُقَلِّب غير المُقَلَّب. وعلى هذا لو قال قائلٌ:" يادهرُ ارحمني" ؛يجوز؟ لايجوز لأنه إن نوى الدهر ذاته فهو كافرٌ مُشرك ، وإن نوى الله ذاتَه فقد دعا الله بغير اسم من أسمائه الحُسنى، فليس الدهر من أسماء الله الحسنى. |
#7
|
||||
|
||||
![]() *المـتـن* أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور:القاعدة الثالثة أحدها:ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.الثاني:ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل. الثالث:ثبوت حكمها ومقتضاها. ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قُطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى"إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"سورة المائدة، الآية: 34؛لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون اللهُ تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم. * الشرح * أسماء الله تعالى إذا دلت على وصفٍ مُتعدٍ ،فقد تضمنت ثلاثة أمور: الأول:إثبات ذلك الاسم لله-عزوجل- مثل "العليم": فثبت أن من أسماء الله"العليم". الثاني: إثبات الصفة التي دل عليها، وهي العلم، فمن آمن بأن الله "عليمٌ" ولم يؤمن بصفة العلم ،فلم يؤمن بالاسم حتى يؤمن بما تضمنه من الصفة . الثالث: الحُكم الذى يقتضيه ذلك المعنى، فالعليم يقتضي أنه عز وجل يعلم كل شيء ، فلابد من الإيمان بمايقتضيه ذلك الاسم من الأحكام . ويُعبرالبعض عنها بـ"الأثر" فيقال: يجب الإيمان بالاسم والصفة والأثر، وبعضهم يقول:نؤمن بالاسم والصفة والحكم أوالمُقتضى. واستدل المؤلف على هذا بقوله تعالى:"إلاالذينَ تابوا من قبلِ أن تقدِرواعليهم فاعلمُوا أنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ" المائدة 34. ووجه الدلالة أن مُقتضى هذين الاسمين أن يغفر لهم ويرحمهم.وهذا يتضمن سقوط الحد عنهم؛ولهذا جزمَ الفقهاء-رحمهم الله-بأن قطَّاع الطريق إذاتابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم الحد ؛وكذلك غير قطاع الطريق إذا تابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم الحد، كشرَّاب الخمر والزناة ؛والسُُّّراق ومن شابههم . *المـتـن* *مثال ذلك: "السميع"يتضمن إثبات السميع اسمًا لله تعالى، وإثبات السمع صفة له ؛وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: "وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"سورة المجادلة، الآية: 1.الشرح ومثل قوله تعالى" لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ "آل عمران181ومثل قوله تعالى :" أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم..." الزخرف80. وغيرها كلها أمثلة تدل على ثبوت حكم ذلك الاسم ؛وهو السمع *المـتـن* وإن دلت على وصف غير متعدٍ ،تضمنت أمرين:أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل. الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل. * مثال ذلك:"الحي"يتضمن إثبات الحي اسمًا لله - عزوجل - وإثبات الحياة صفة له. * الشرح * "الحي" وصف لازم لله عز وجل ؛ لا يتعدى إلى غيره ، ومثله "الحَيِيّ" : فإنه وصفٌ لازمٌ ، ومثله "العظيم" "الجليل".ومثل الكريم؟لا لأن الكرم يتعدى إلى غيره.ماالفرق بين الحي والحييّ؟الحي ذوالحياة ؛والحييّ ذو الحياء |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|