العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى عام > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-12-2018, 09:28 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Arrow

10-هَجْرُ التَّرَفُّهِ
لا تَسْتَرْسِلْ في " التَّنَعُّمِ والرفاهِيَةِ"؛ فإنَّ " البَذاذةَ من الإيمانِ " وخُذْ بوَصيةِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في كتابِه المشهورِ وفيه " وإِيَّاكُم والتنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ ، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا " .
وعليه فازْوَرَّ عن زَيْفِ الحضارةِ فإنه يُؤَنِّثُ الطِّباعَ ويُرْخِي الأعصابَ ويُقَيِّدُك بِخَيْطِ الأَوْهَامِ ويَصِلُ المُجِدُّونَ لغاياتِهم وأنتَ لم تَبْرَحْ مكَانكَ، مَشْغُولٌ بالتأَنُّقِ في مَلْبَسِكَ وإن كان منها شِيَاتٌ ليست مُحَرَّمَةً ولا مَكروهةً لكن ليست سَمْتًا صالحًا والحِلْيَةُ في الظاهرِ كاللِّباسِ عُنوانٌ على انتماءِ الشخصِ بل تَحديدٌ له ، وهل اللِّباسُ إلا وَسيلةٌ من وسائلِ التعبيرِ عن الذاتِ ؟!
فكُنْ حَذِرًا في لِباسِكَ؛ لأنه يُعَبِّرُ لغَيْرِكَ عن تَقْوِيمِك في الانتماءِ والتكوينِ والذوْقِ ، ولهذا قِيلَ : الْحِلْيَةُ في الظاهِرِ تَدُلُّ على مَيْلٍ في الباطِنِ والناسُ يُصَنِّفُونَكَ من لِباسِك بل إنَّ كيفِيَّةَ اللُّبْسِ تُعْطِي للناظِرِ تَصنيفَ اللابسِ من : الرصانةِ والتعَقُّلِ أو التَّمَشْيُخِ والرَّهْبَنَةِ أو التصابِي وحُبِّ الظهورِ، فخُذْ من اللِّباسِ ما يَزينُك ولا يَشينُك ولا يَجْعَلْ فيكَ مَقالًا لقائلٍ ولا لَمْزًا لِلَامِزٍ ، وإذا تلاقَى مَلْبَسُك وكيفيَّةُ لُبْسِك بما يَلتَقِي مع شَرَفِ ما تَحْمِلُه من العِلْمِ الشرعيِّ كان أَدْعَى لتعظيمِك والانتفاعِ بعلْمِك، بل بِحُسْنِ نِيَّتِك يكونُ قُرْبَةً إنه وسيلةٌ إلى هِدايةِ الْخَلْقِ للحَقِّ .وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ " أَحَبُّإليَّ أن أَنْظُرَ القارِئَ أبيضَ الثيابِ " . أي : ليَعْظُمَ في نفوسِ الناسِ فيَعْظُمَ في نفوسِهم ما لَدَيْهِ من الْحَقِّ .
والناسُ – كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى – كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ .فإيَّاكَ ثم إيَّاكَ من لِباسِ التصابِي، أمَّا اللِّباسُ الإفرنجيُّ فغَيرُ خافٍ عليك حُكْمُه ، وليس معنى هذا أن تأتِيَ بلِباسٍ مُشَوَّهٍ لكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برَسْمِ الشرْعِ ، تَحُفُّه بالسمْتِ الصالحِ والْهَدْيِ الْحَسَنِ .
وتَطْلُبُ دلائلَ ذلك في كتُبِ السنَّةِ والرِّقاقِ ، لا سِيَّمَا في ( الجامعِ ) للخطيبِ .
ولا تَسْتَنْكِرْ هذه الإشارةَ فما زالَ أهلُ العِلْمِ يُنَبِّهُون على هذا في كُتُبِ الرِّقاقِ والآدابِ واللِّباسِ ، واللهُ أَعْلَمُ .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
الأمر العاشر - هَجْرُ التَّرَفُّهِ :
لا تَسْتَرْسِلْ في " التَّنَعُّمِ والرفاهِيَةِ " فإنَّ " البَذاذةَ من الإيمانِ " وخُذْ بوَصيةِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في كتابِه المشهورِ وفيه " وإِيَّاكُم والتنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ ، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا ...." .
الشيخ :
لا تسترسل في التنعم والرفاهية، وهذه النصيحة تقال لطالب العلم ولغير طالب العلم , لأن الاسترسال في ذلك مخالف لإرشاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم , فقد كان ينهى عن كثرة الإرفاه ويأمر بالاحتفاء أحيانا, والإنسان الذي يعتاد الرفاهية يصعب عليه معالجة الأمور , لأنه قد تأتيه الأمور على وجه لا يتمكن معه من الرفاهية ولنضرب لذلك مثلا بهذا المثل الذي ذكرناه في الحديث يأمر بالاحتفاء أحيانا , بعض الناس لا يحتفي , دائما عليه جورب وعليه خف وعليه نعل , لا يكاد يمشي هذا الرجل لو عرض له عارض وقيل له تمشي 500 متر بدون وقاية للرجل لوجدت ذلك يشق عليه مشقة عظيمة , وربما تدمى قدمه من مماسة الأرض , لكن لو عوَّد نفسه على الخشونة وعلى ترك الترفه دائما , لحصل له خير كثير .
ثم إن البدن إذا لم يعود على مثل هذه الأمور لم يكن عنده مناعة , فتجده يتألم من أي شيء من ذلك , لكن إذا كان عنده مناعة لا يهتم له ولهذا تجد أيدي العمال الآن أقوى بكثير من أيدي طلبة العلم , لأنها تعودت واعتادت على ذلك حتى إن بعض العمال فيما سبق لما كانوا يعانون الطين واللبن إذا مسست أيديهم كأنما مسست حجرا من خشونتها , لو أنه ضم أصابعه على يدك لآلمك كثيرا لإنه اعتاد على ذلك.
فترفيه الإنسان نفسه كثيرا لا شك أنه ضرر عليه كبير .
قوله : " البذاذة من الإيمان " ما هي البذاذة ؟
البذاذة : عدم التنعم والترفه , وليست البذاءة , فرق بين البذاءة وبين البذاذة .
البذاءة صفة غير محمودة , أما البذاذة فهي صفة محمودة .
وخذ بوصيه أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه المشهور، وفيه: وإياكم وزي العجم .
هذه الجمله تحذيرية , لأن العرب عندهم جمل تحذيرية وعندهم جمل إغرائية . فإن وردت في مطلوب فهي إغراء , وإن وردت في محذور فهي تحذير .
فلو قلت لشخص : الأسد الأسد , هذا تحذير .
وإن قلت : الغزال الغزال, هذا إغراء .
أما "إيَّا" فهي للتحذير .
قال ابن مالك :
إياك والشر ونحوه نصب = محذر بما استتاره وجب
ومعنى إياكم : أحذركم .
والتنعم : هذه الواو للعطف , وقيل للمعية , والمعنى : أحذركم مع التنعم يعني أن تكونوا مع التنعم , التنعم باللباس وبالبدن وكل شيء, والمراد بذلك كثرته .
لأن التنعم بما أحل الله على وجه لا إسراف فيه , من الأمور المحمودة بلا شك .
ومن ترك التنعم بما أحل الله من غير سبب شرعي , فهو مذموم .
وقوله: وزي العجم ، ما هو زي العجم ؟ شكله . سواء كان ذلك في الحلية كشكل الشعر شعر الرأس أو اللحية أو ما أشبه ذلك أو كان باللباس يعني بالتحلي باللباس. فإننا منهيون عن زي العجم , وليس المراد بالعجم أمة إيران بل المراد بالعجم كل ما سوى العرب فيدخل فيه الأوربيون والشرقيون في آسيا وغيرها, كل من سوى العرب فهو عجم لكن المسلم من العجم التحق بالعرب حكما لا نسبا , لأنه اقتدى بمن بعث في الأميين رسولا , صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
تمعددوا : هل معناه كبروا معدتكم؟!لا، معد بن عدنان هذا أعلى أجداد الرسول عليه الصلاة والسلام بعد عدنان وهو ولا شك من صميم العرب فكأنه يقول: اتركوا زي العجم وعليكم بزي العرب "معد بن عدنان"
وأما اخشوشنوا : فهو من الخشونة التي هي ضد الليونة والتنعم .
وكل هذه وصايا نافعة من عمر رضي الله عنه , لو أن الناس عملوا بها , سواء من طلبة العلم أو غير طلبة العلم , لكان في هذا خير كثير .
لكن الآن في البلاد التي منَّ الله عليها بالأمن وطيب العيش وكثرة المال , صار الأمر بالعكس تماما, فالتنعم موجود لا يريد الإنسان إلا أن يركب مركبا مريحا ويبني قصرا مشيدا ولا يناله شيء من الأذى لا برد في برد ولا حر في حر ولا يريد أن يمسه شيء متنعم تماما.
ولهذا كثرت فيهم الأوبئة التي تترتب على عدم الحركة , مثل السمنة والضغط وضيق التنفس وعدم القدرة ، يعني بعض الناس تجد الشاب تصعد أنت وهو الجبل ،لا ينتصف الجبل إلا وقد سارع نَفَسُه حتى يكاد يسقط بدنه, وأنت مستريح لأنك تعودت وهو لم يتعود مع أنه شاب لكن لم يعود نفسه , زي العجم الآن موجود يترقبون كل موضة تخرج حتى يقلدوها , وقد أتعبت النساء رجالها في هذا الباب تجدها تأتي صباح النهار كل يوم بلباس من أحسن الألبسة نظيف، ساتر , ثم تنزل إلى السوق في آخر النهار فإذا بموضة جديدة , فتصيح أريد أن أشتري هذا الثوب مع أنه أضيق من الأول وأسوأ من الأول ولكن هذا شيء جديد، لا بد من الإعجاب به لا بد من أن تأخذ منه , خصوصا من منَّ الله عليها بالمال كبعض المدرسات وغيرهم , فتجدها لا يهمها تشتري ما تريد , وهذا غلط .
ولهذا كثرت الآن بين أيدي النساء مجلات تسمى البردة , تأخذها المرأة وتنظر ما يروق لها حتى وإن كان لباسا لا يتناسب مع اللباس الشرعي , لكنه جديد، نسأل الله السلامة والهداية .
القارئ :
وعليه فازْوَرَّ عن زَيْفِ الحضارةِ فإنه يُؤَنِّثُ الطِّباعَ ويُرْخِي الأعصابَ ويُقَيِّدُك بِخَيْطِ الأَوْهَامِ ويَصِلُ المُجِدُّونَ لغاياتِهم وأنتَ لم تَبْرَحْ مكَانكَ، مَشْغُولٌ بالتأَنُّقِ في مَلْبَسِكَ وإن كان منها شِيَاتٌ ليست مُحَرَّمَةً ولا مَكروهةً لكن ليست سَمْتًا صالحًا والحِلْيَةُ في الظاهرِ كاللِّباسِ عُنوانٌ على انتماءِ الشخصِ بل تَحديدٌ له ، وهل اللِّباسُ إلا وَسيلةٌ من وسائلِ التعبيرِ عن الذاتِ ؟!
فكُنْ حَذِرًا في لِباسِكَ؛ لأنه يُعَبِّرُ لغَيْرِكَ عن تَقْوِيمِك في الانتماءِ والتكوينِ والذوْقِ ، ولهذا قِيلَ : الْحِلْيَةُ في الظاهِرِ تَدُلُّ على مَيْلٍ في الباطِنِ والناسُ يُصَنِّفُونَكَ من لِباسِك بل إنَّ كيفِيَّةَ اللُّبْسِ تُعْطِي للناظِرِ تَصنيفَ اللابسِ من : الرصانةِ والتعَقُّلِ أو التَّمَشْيُخِ والرَّهْبَنَةِ أو التصابِي وحُبِّ الظهورِ، فخُذْ من اللِّباسِ ما يَزينُك ولا يَشينُك ولا يَجْعَلْ فيكَ مَقالًا لقائلٍ ولا لَمْزًا لِلَامِزٍ ، وإذا تلاقَى مَلْبَسُك وكيفيَّةُ لُبْسِك بما يَلتَقِي مع شَرَفِ ما تَحْمِلُه من العِلْمِ الشرعيِّ كان أَدْعَى لتعظيمِك والانتفاعِ بعلْمِك، بل بِحُسْنِ نِيَّتِك يكونُ قُرْبَةً إنه وسيلةٌ إلى هِدايةِ الْخَلْقِ للحَقِّ . وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ " أَحَبُّ إليَّ أن أَنْظُرَ القارِئَ أبيضَ الثيابِ " . أي : ليَعْظُمَ في نفوسِ الناسِ فيَعْظُمَ في نفوسِهم ما لَدَيْهِ من الْحَقِّ .
والناسُ – كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى – كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ . فإيَّاكَ ثم إيَّاكَ من لِباسِ التصابِي، أمَّا اللِّباسُ الإفرنجيُّ فغَيرُ خافٍ عليك حُكْمُه ، وليس معنى هذا أن تأتِيَ بلِباسٍ مُشَوَّهٍ لكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برَسْمِ الشرْعِ ، تَحُفُّه بالسمْتِ الصالحِ والْهَدْيِ الْحَسَنِ .
وتَطْلُبُ دلائلَ ذلك في كتُبِ السنَّةِ والرِّقاقِ ، لا سِيَّمَا في - الجامعِ -للخطيبِ .
ولا تَسْتَنْكِرْ هذه الإشارةَ فما زالَ أهلُ العِلْمِ يُنَبِّهُون على هذا في كُتُبِ الرِّقاقِ والآدابِ واللِّباسِ ، واللهُ أَعْلَمُ .
الشيخ :
لما ذكر , وفقه الله , هجر الترفه , أطنب في ذكر اللباس , لأن اللباس الظاهر عنوان على اللباس الباطن .
ولهذا يمر بك رجلان كلاهما عليه ثوب مثل الآخر, فتزدري أحدهما ولا تهتم بالآخر, تزدري بمن لباسه ينبغي أن يكون على غير هذا الوجه . إما في الكيفية وإما في اللون وإما في الخياطة أو غير ذلك , والثاني لا ترفع به رأسا ولا ترى في لباسه بأسا , لأن لكل قالب ما يناسبه .
مثلا لبس العقال : هو في الأصل لا بأس به , بل إن بعضهم يقول: إنه العمامة العصرية , العمامة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانت لفافة تطوى على الرأس وتحتاج إلى تعب في طيها ونقلها, لكن هذا مطوي جاهز ليس عليك إلا أن تضعه على رأسك , فهو العمامة إلا أنها عمامة ميسرة , ولهذا كان بعض الناس فيما سبق يجعلون " العُقُل " يجعلونها بيضاء لتكون كالعمامة تماما , هذه العُقُل لا يلبسها كل الناس على حد سواء , يمر بك رجلان كلاهما قد لبس العقال أحدهما تزدريه والثاني لا تهتم به , لأن الأول لبس ما لا يلبسه مثله والثاني لبس ما يلبسه مثله ولا تهتم به .
وأشياء كثيرة من هذا النوع، مر بك رجلان أحدهما ميكانيكي عليه بنطلون ومر بك عالم كبير عليه بنطلون في بلد لا يلبس العلماء مثله, تجد أنك تزدري الثاني ولا تزدري الأول .
فالمهم أن الشيخ وفقه الله , يقول إن بعض الناس يكون مشغولا بالتأنق في ملابسه , حتى وإن كانت مباحة , فلا ينبغي أن يكون أكبر همك الهندمة والتأنق في اللباس , والتأنق في لبس الغترة "واجعلها مرزاب لا مرزابين ولا ثلاثة" لا تهتم بهذا , ولكن لا تكون أيضا بالعكس , لا تهتم بنفسك ولا بلباسك , وقد سبق أن التجمل في اللباس مما يحبه الله عز وجل , وهذا عمر رضي الله عنه يقول : أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب . لأنه جمال.
وقول الشيخ بكر أبي زيد , وفقه الله : (إنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق)؛ هذا أيضا صحيح لأن كل إنسان قد يزن من لاقاه بحسب ما عليه من اللباس , كما أنه يزنه بالنسبة لحركاته وكلامه وأقواله , وخفته ورزانته كذلك في اللباس .
ثم حذر من لباس التصابي، قبلها كلام شيخ الإسلام أيضا كلام مهم: الناس كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ . وهذا صحيح ولذلك إذا ظهر نوع جديد من اللباس تجد الناس يتقاطرون عليه فما تلبث أن يسع الناس كلهم .
أما لباس التصابي , بأن يلبس الشيخ الكبير سنا ما يلبسه الصبيان , من رقيق الثياب وما أشبه ذلك فهذا أيضا من الأمور التي لا ينبغي للإنسان أن يمارسها .
أما اللباس الإفرنجي فغير خاف عليك حكمه , ما هو حكمه ؟
التحريم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من تشبه بقوم فهو منهم" .
لكن ما هو اللباس الإفرنجي ؟ اللباس الإفرنجي هو المختص بهم بحيث لا يلبسه غيرهم , وإذا رآه الرائي قال: إن لابسه من الإفرنج , وأما ما كان شائعا بين الناس , من الإفرنج وغير الإفرنج , فهذا لا يكون من التشبه , لكن قد يحرم من جهة أخرى مثل أن يكون حريرا بالنسبة للرجال , أو قصيرا بالنسبة للنساء أو ما أشبه ذلك , ثم لما خاف أن يمضي الذهن بعيدا قال : وليس معنى هذا أن تأتي بلباس مشوه، يعني ليس معنى ما قاله أن الإنسان يأتي باللباس المشوه كما يفعله بعض الناس , إظهارا للزهد . تجد ثوبه يشق يقول: دعه، ما يهتم به ويتسخ يقول لا يهم أنا مآلي للتراب والأرض تأكل الكفن وتوسخ الجسد ما يهم, أو مثلا يأتي وغترته غير مرتبه ولا يبالي، الجانب هذا قليل والجانب هذا كثير ويمشي بدون مبالاة هذا ليس طيبا, الإنسان ينبغي أن يعتني بنفسه ولا يأتي بما يكون هزءا في حقه, لأنه مأمور بأن يدفع الغيبة عن نفسه"رحم الله امرءا كف الغيبة عن نفسه".

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
قال رحمه الله
هجر الترفه:
لا تسترسل في "التنعم والرفاهية" فإنَّ "البذاذة من الإيمان" ، وخذ بوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه:
"وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا ..." .
وعليه، فازور عن زيف الحضارة، فإنه يؤنث الطباع، ويرخى الأعصاب، ويقيدك بخيط الأوهام، ويصل المجدون لغاياتهم وأنت لم تبرح مكانك، مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شيات ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتاً صالحاً، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتماء الشخص، بل تحديد له، وهل اللباس إلا وسيلة التعبير عن الذات؟!
فكن حذراً في لباسك، لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق، ولهذا قيل: الحلية في الظاهر تدل على ميل في الباطن، والناس يصنفونك من لباسك، بل إنَّ كيفية اللبس تعطي للناظر تصنيف اللابس من : الرصانة والتعقل. أو التمشيخ والرهبنة. أو التصابي وحب الظهور.
فخذ مم اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالا لقائل، ولا لمزا للامز، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي، كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة، إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق.
وفي المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه :
"أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب". أي: ليعظم في نفوس الناس، فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق.
والناس - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض .
فإياك ثم إياك من لباس التصابي، أما اللباس الإفرنجي، فغير خاف عليك حكمه، وليس معنى هذا أن تأتى بلباس مشوه، لكنه الاقتصاد في اللباس برسم الشرع، تحفه بالسمت الصالح والهدي الحسن.وتطلب دلائل ذلك في كتب السنة الرقاق، لا سيما في "الجامع" للخطيب.
ولا تستنكر هذه الإشارة، فما زال أهل العلم ينبهون على هذا في كتب الرقاق والآداب واللباس ، والله أعلم .
الشيخ:
ذكر المؤلف ها هنا الأدب العاشر من آداب طالب العلم ، وهو ترك الاسترسال في التنعم والرفاهية ، والمراد بالتنعم استخدام أنعم ما يكون من الثياب والمراكب ونحو ذلك ، "فإنَّ البذاذة من الإيمان" ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ" والمراد بالبذاذة ترك الترفه وعدم استعمال الناعم من الملابس والمراكب ، (وجاء في كتاب عمر "إياكم والتنعم وزي العجم ، وتمعددوا" يعني : شابهوا معد بن عدنان الذي كان يترك الرفاهية في لباسه وسائر أموره ، "واخْشَوشِنوا" يعني ليكن من أموركم ما يكون مخالفا للتنعم بالخشونة.
"وعليه فازْوَرَّ عن زيف الحضارة" ، جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام في فراشه فكان في ذلك الفراش رِمالٌ يعني : خيوط و حبال فأثَّرت فيه ، فلذلك جاءه عمر- رضي الله عنه- فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك فقال –رضي الله عنه – ملوك فارس والروم فيما هم فيه وأنت في حالك هذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أَوَ في شَك أنت يا ابن الخطاب" ، فالمقصود أنَّ الإنسان يستعمل ما لديه ، يستعمل ما لديه ، فلا يتكلف في ملبسه ولا يتكلف في مركبه ولا يتكلف في أنواع الأثاث لديه ، وذلك لأنَّ التكلف في ذلك يخالف سمت طالب العلم ويجعل الناس يظنون به ظن السَّوء ، قال "وعليه" وبناءً على ما مضى "فازْوَرَّ" يعني : أعرض "عن زيف الحضارة" والمراد به الصورة الظاهرية الزائفة ، "فإنه يؤنث الطباع"يجعل الطبع مشابها لطبع من يكون رقيقا في أموره ، (وُيرخي الأعصاب) وبالتالي لا يتمكن الإنسان من كونه: يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، ولا يكون قويا في الحق ، ومثل ذلك "يقيدك بخيط الأوهام"، الناس لم يعجبهم لباسي ، الناس لم يكن ثوبي حسنا
عندهم ، الناس لم يُعجبوا بالرائحة التي استعملتها ، وبالتالي يكون همه في هذه الأمور الظاهرة ويترك الأمور الحقيقية التي ينبغي به أن يتوجه لها ، وبالتالي لا يتمكن المُجِدّون من الوصول لغاياتهم ؛ لأنهم اشتغلوا بالتوافه ومن ثَـمَّ يصل المُجِدّون إلى الغاية وأنت تشتغل بالصورة الظاهرة"لم تبرح مكانك" لأنك مشغول بالتأنق في الملبس ، يعني حسن اختيار أنواع الملابس ، هذا القماش هذه النوعية من القماش أفضل من تلك النوعية ، وبالتالي هذا الكبك أحسن من ذلك الكبك ، هذه الساعة خير وأحسن ، وهذا الجوال بهذه الصفة أحسن من تلك الصفة ، والنوع الفلاني من الجوالات أحسن ، ومن ثمَّ يصبح يشتغل بهذه الأمور التوافه الظاهرة ، "وإن كان منها شِيَات ليست محرمة" ، نحن لا نستطيع أن نقول إنها محرمة ، لكن طالب العلم مشتغل بما هو أعظم وأنفع وأعلى ، هو الذي قد اشتغل بما يوصله إلى جنة الخلد ، فكيف يكون مشتغلا بهذه الأمور الظاهرة. قال "وإن كان منها شيات" ، الشية هي : الأمور القليلة التي ليست بمحمودة ، ليست محرمة ولا مكروهة ، لكن ليست سمتا صالحا ، وبالتالي ليست من صفة طالب العلم ، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على اهتمام الشخص ، من جاء وعليه شماغ وقد زخرف ذلك الشماغ ، عَرَفت طريقته وحكمت عليه ، إذا وجدته قد لبس من الساعات المزخرفة التي فيها جذب لرؤية الآخرين عرفت توجهه وعرفت طريقته ، فالحلية في الظاهر عنوان على انتماء الشخص ، ولذلك الأشخاص في ألبستهم يذهب كل منهم إلى من يُشاكله في اللباس ، ومن هنا من لبس الملابس الكاملة ، لبس الغترة ولبس البُشت ، وجدته مع من كان بهذه الصفة ، ومن خلع العباءة وجدته مع من ماثله ، ومن خلع الغترة وجدته مع من ماثله ، وهكذا فالناس كالطيور يأتون إلى من يماثلهم في الصفة ، والطيور على أشكالها تقع.
قال "وهل اللباس إلا وسيلة من وسائل التعبير عن الذات" ، لذلك من وجدته يلبس أنواعًا من الألبسة حكمت عليه من مجرد لباسه ، "فكن حذرا في لباسك ؛ لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك" ، فالناس يحكمون عليك من خلال ما تلبَسه ، سواءً في "انتمائك"إلى من تنتمي ، وكذلك في (تكوينك) ما هي شخصيتك ؟ ، يعرفونها من اللباس ، وكذلك في "ذوقك" فيعرفون ما هو ذوقك؟ ، وما الذي تشتهيه وما لا تشتهيه من خلال رؤية لباسك ، وانظر إلى نفسك كم من شخص بمجرد رؤيته الظاهرة ارتاحت نفسك إليه ، وكم من شخص بمجرد رؤيته الظاهرة اشمأزت نفسك منه وابتعدت عنه كل الابتعاد ، و هذا تجدونه ، ولهذا قيل "الحلية في الظاهر" ، ما تظهره من حليتك ولباسك "تدل على ميل في الباطن ، والناس يصنِّفونك من لباسك ، بل إنَّ كيفية اللُّبس تعطي للناظر تصنيف اللابس" ، نلبس جميعا هذه الكوفية - الغترة - ومع ذلك يحكم الناس علينا بأحكام مختلفة لطريقة اللُّبس ؛ فهذا يصفونه بالعقل والحكمة وهذا يصفونه بالطيش من مجرد لبسته لهذا النوع من أنواع اللباس ، وهكذا أيضا بلباسك يحكمون هل أنت شيخ؟ ، هل أنت ممن يُقبل على الخير أم أنت ممن يُقبل على الشر؟ ، هل أنت ممن يتصابى ويحاول أن يُظهر نفسه بمظاهر الصبيان وصغار السن؟ ، هل أنت ممن يحب الظُّهور ويحب لَفت الأنظار إليه أو لا؟ ، فحينئذٍ خذ من اللباس ما يكون مزيِّنًا لك عند الله – جل وعلا- ومبعدًا لقالة السوء ومظنة السوء فيك ، واترك ما يَشينك من اللباس ، لكن لا يعني هذا أن يلبس الإنسان الثياب المُخَرَّقة ، أو يلبس الثياب المتسخة ، أو يلبس ما لا يعتاده الناس من اللباس ، و إنما يلبس ما يكون معتادًا عند أهل الخير والصلاح من اللباس ، ويَتَزيَّى بزيِّهم ، ولذلك لم يخالف النبي صلى الله عليه وسلم في لباسه طريقة أهله وقبيلته ، لبس مثل لباسهم لكن على صفة محمودة ، ولذلك حتى فيما يتعلق في طريقة لبسه تدل على العقل والرزانة.
اللباس إذا لم يكن على الصفة المعهودة جعل للناس فيك مقالا ، ومنها إذا جاء طالب علم لبس في كوفيته من أنواع الزري ، وجعل في ثوبه أنواع المخططات التي تكون لافتة للنظر ، فحينئذ هذا ليس لائقًا به وليست هذه اللِّبسة من ملابس أهل الفضل والعلم ، وهذه قد تجعل الناس يتكلمون فيه ويلمزونه ومن ثَمَّ لايَقبلون ما لديه من العلم ، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية نوع المَلبس وكيفية اللُّبس – طريقة اللُبس- بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم ، انتفع الناس بك وأخذوا منك العلم ، وإذا أحسنت النية في لباسك وفي اختيار نوعه ، كان ذلك سببًا للحصول على الأجر من جهة ، وسببًا لقبول الناس منك وأخذهم الحق عنك.
قال عمر "أَحَبُّ إليَ أن أنظرَ القارئَ أبيض الثياب" ، ولهذا جاء في الحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر باختيار الثياب البيضاء وقال "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبِيضَ وَكَفِّنُوا فِيه مَوْتَاكُم"، وهذا لأنَّ الثوب الأبيض يجر النفوس إليه ، وترتاح العين برؤيته ، ويسكن القلب بالاطلاع على صاحبه ، قال "والناس كما قال شيخ الإسلام كأسراب القطا" ،- القطا نوع من أنوا ع الطيور- "مجبولون على تشبه بعضهم ببعض" ، فطائر القطا إذا فعل واحد منهم شيئًا فعل البقية مثل فعله ، تجدونهم في أول النهار إذا صوَّت واحدٌ منهم لجَّت أصواتهم في وقت واحد ، ثم قال "فإياك" - يعني احذر- "من لباس التصابي" ، لِبس مثل لبس الصبيان بحيث يظن الناس أنك صغير السن ، ثم ذكر المؤلف اختيار الألبسة التي تكون من بلدان أخرى فهذا ليس من شأن طالب العلم ، وإن كان إذا ذهب إليهم قد يلبَس مثل لباسهم ، مثال هذا : لباس أهل الخليج يخالفوننا في بعض الصفات ، فحينئذ لا ينبغي لطالب العلم أن يلبس مثل لباسِهم عند أصحابه وجماعته وأهل بلده لماذا؟ ، لأنَّ الناس يلتفتون إلى هذا ويكون مثارًا لكلامهم وحديثهم فينصرفون عن علمك وعن حديثك إلى الاطِّلاع على لباسك ، وهكذا مثلا لباس أهل باكستان لا يلبسه طالب العلم ، لماذا؟ لأنه ليس من الألبسة المعتادة ، وهكذا أيضا اللباس الذي يكون للكفار فإنَّ المؤمن حريص على الابتعاد عن التشبه بغير المسلمين ، وقد ورد في أحاديث كثيرة أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى عن التشبه باليهود ، وعن التشبه بالنصارى ، وعن التشبه بالأعاجم ، وعن التشبه بالمجوس ، و "ليس معنى هذا أن يأتي الإنسان بلباس مشوَّه" إما وسخ وإما مُقطع فإنَّ هذا من لباس الشهرة ، ومن هنا فإنه يُنهى عنه ، وقد ورد في الحديث النهي عن لباس الشهرة ، و"لكنه الاقتصاد في اللباس" أيضا يجتنب الإنسان ذلك اللباس الذي له أثمان كثيرة فإنَّ هذا إسراف؛ والإسراف منهي عنه في الشريعة ، وبالتالي إذا التزم الإنسان بهذه الآداب كان متصفا بالسمت الصالح والهدي الظاهر الحسن ، وأهل العلم قد كتبوا لذلك أمثلة في كتب الرقائق وكتب السنة ، وقد أَلَّف عدد من الأئمة كتبًا في هذا ، وألَّفوا في الزهد كتبًا عديدة ، ومثَّل المؤلف لذلك بكتاب الجامع لآداب الراوي والسامع للخطيب البغدادي - رحمه الله تعالى - ، لا يقولنَّ قائل : ما مدخل هذا في آداب طالب العلم ؟ ، فنقول :
أولا : النصوص الشرعية قد وردت بهذه الآداب.
وثانيا : الناس عند التزام هذه الآداب يُقبلون على علم ذلك المُتعلم .
وثالثا : الناس ينفرون ممن لم يتصف بهذه الآداب ولا يَقبلون منه علما .
ورابعا: أنَّ لبس ما يُخالف ما تقدم يُعدُّ من أنواع الشهرة التي تورث في النفس ترفعًا وتكبرا ، و طالب العلم ينبغي به أن يعالج نفسه.
هذا شيءٌ مما يتعلق بهذه الصفة من صفات طالب العلم ، و أسأل الله - جل وعلا- أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح .....، وأسأله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن اتصف بصفات طلاب العلم ، ولعلنا إن شاء الله نأخذ شيئا من الأسئلة لا تزيد عن سؤالين.

الأسئلة:
السائل : أحسن الله إليكم هذا سائل يقول :"فضيلة الشيخ هل تذكر لنا بعض الحرف المهينة ......؟
الشيخ : الحرف المهينة التي يترفع عنها طالب العلم تختلف ما بين زمان وزمان ومكان ومكان ؛ عندنا سابقًا من كان يشتغل في الصناعة أو لديه عمال يعملون في صناعة شيء عدَّوا هذا حرفة مهينة ، والآن وجدنا تجارًا وأناسًا لهم مكانة عندهم مصانع مختلفة ، ولذلك مثلا عندنا مهنة الحلاق ، هل يليق بطالب العلم في مجتمعنا أن يكون حلاقًا؟ ، أو يكون حجَّامًا؟ هذا ليس مما يليق بطالب العلم في مواطننا وفي أزمنتنا ، لكن في بلدان أخرى قد يكون هذا أمرا غير مخالف لصفات المروءة.
السائل : أحسن الله إليكم هذا سائل يقول : ما حكم جلوس المرأة مع أهل بيتها وهي بكامل زينتها لابسة البرقع وبحضور زوجها علما بأنَّ زوجها ... قد يكون من أطراف الحديث؟
الشيخ: الأصل أنَّ المرأة المسلمة حريصة على صيانة نفسها لا تقوم بالاتِّصاف بما يُظهر شيئا من زينتها ، لا يجوز لها أن تتعطر عند غير محارمها ؛ أخ الزوج وابن أخ الزوج وعم الزوج أجانب عنها ، ومن هنا تعاملهم بمعاملة الأجانب ؛ لا تتعطر لديهم ولا تتبذل في الحديث والضحك معهم ولا تقوم بإظهار شيء من زينتها سواءً الذهب ، أو ما يتعلق بالثياب الحسنة الملفتة للذهن ، كذلك تجتنب المرأة عند هؤلاء المحارم إظهار شيء من بدنها ، والنصوص في هذا كثيرة ، نسأل الله -جل وعلا- أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى ، وأن يجعل أعمالنا وأعمالكم خالصةً لوجهه ، اللهم ارزقنا علمًا نافعا وعملا صالحا ، هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هنا
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد
السؤال:
تمعددوا؟
سمعت أنها مأخوذة من معد بن يكرب
إن كان ذلك صحيحا .. فما كان فعله ؟
الجواب :

"وتمعددوا واخشوشنوا"قالها عمر بن الخطاب في وصيته للمقاتلين بأذربيجان ، وقد رواهالنسائي من حديث أبي عثمان النهدي عن عمر ورواه أبو عوانة والطبراني مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حدرد الأسلمي .
قال ابن الجزري في النهاية في غريب الحديث: يقال : تَمَعْدَدَ الغلامُ إذا شَبَّ وغَلُظَ .
وقيل : أراد تَشَبَّهوا بعَيْشِ مَعَدِّ بنِ عدنان . وكانوا أهلَ غِلَظٍ وَقَشف : أي كونوا مثْلَهم ودَعُوا التَّنَعُّم وزِيَّ العَجَم
- ومنه حديثه الآخر" عليكم باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة " أي خُشُونة اللِباس.
وقال حسان بن ثابت:


فحاضرنا يكفوننا ساكن القرىوأعرابنا يكفوننا من تمعـددا

هنا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-12-2018, 09:35 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Arrow

11-الإعراضُ عن مَجَالِسِ اللَّغْوِ
لا تَطَأْ بِساطَ مَن يَغْشُونَ في نادِيهم الْمُنْكَرَ ، ويَهْتِكُون أستارَ الأَدَبِ مُتَغَابِيًا عن ذلك ، فإنْ فعَلْتَ ذلك فإنَّ جِنايَتَكَ على العِلْمِ وأَهْلِه عظيمةٌ .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الحادي عشر: الإعراضُ عن مَجَالِسِ اللَّغْوِ :
لا تَطَأْ بِساطَ مَن يَغْشُونَ في نادِيهم الْمُنْكَرَ ، ويَهْتِكُون أستارَ الأَدَبِ مُتَغَابِيًا عن ذلك ، فإنْ فعَلْتَ ذلك فإنَّ جِنايَتَكَ على العِلْمِ وأَهْلِه عظيمةٌ .
الشيخ:
أما قوله"الإعراض عن مجالس اللغو" فاللغو نوعان: لغو ليس فيه فائدة ولا مضرة، ولغو فيه مضرة أما الأول فلا ينبغي للعاقل أن يُذهب وقته فيه لأنه خسارة وأما الثاني فإنه يحرم عليه أن يمضي وقته فيه لأنه منكر محرم والمؤلف كأنه حمل الترجمة على المعنى الثاني الذي هو اللغو المحرم ولا شك أن المجالس التي تشتمل على المحرم لا يجوز للإنسان أن يجلس فيها لأن الله تعالى يقول"
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا "النساء :140" فمن جلس مجلسًا منكرًا وجب عليه أن ينهى عن هذا المنكر فإن استقامت الحال فهذا المطلوب وإن لم تستقم وأصروا على منكرهم فالواجب أن ينصرف خلافا لما يتوهمه بعض العامة يقول: إن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال"فإن لم يستطع فبقلبه " وأنا كاره لهذا المنكر في قلبي وهو جالس مع أهله فيقال له: لو كنت كارهًا له حقًا ما جلست معهم لأن الإنسان لا يمكن أن يجلس على مكروه إلا إذا كان مكرها، أما شيء تكرهه وتجلس باختيارك فإن دعواك كراهته ليست بصحيحة، وقوله"فإن فعلت ذلك فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة"أما كونه جنايته على نفسه فالأمر ظاهر، يعني لو رأينا طالب علم يجلس مجالس اللهو واللغو والمنكر فجنايته على نفسه واضحة وعظيمة، لكن كيف تكون جناية على العلم وأهله ؟ لأن الناس يقولون: هؤلاء طلبة العلم، هؤلاء العلماء، هذا نتيجة العلم، وما أشبه ذلك فيكون قد جنى على نفسه وعلى غيره.

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين أما بعد :
فلا زلنا في سياق الكلام عن آداب طلب العلم حيث بحثنا عشرة آداب في كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، ولعلنا إن شاء الله جل وعلا نواصل الحديث في ذلك ، نعم
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :......
الإعراض عن مجالس اللغو:
لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر ، ويهتكون أستار الأدب ، متغابياً عن ذلك ، فإن فعلت ذلك ، فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة.
الشيخ :
إذن هذا هو الأدب الحادي عشر الإعراض عن مجالس اللغو ، والمراد باللغو ما يشين الإنسان من أنواع الكلام ، قال تعالى "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ "1" الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ "2" وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ" ، و بعض أهل العلم يقول : إنّ المراد باللغو مالا فائدة له من الكلام ، وكلاهما قد يكون مرادا هنا فطالب العلم يحفظ وقته؛ ومن حفظه لوقته أن يعرض عن مجالس اللغو ليستعمل وقته في طاعة الله جل وعلا .
قال المؤلف "لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر" المراد بالمنكر المعصية فإنه لا يجوز للإنسان أن يجلس في مجلس يعصى الله فيه وهو قادر على ترك ذلك المجلس ، قال تعالى "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" ، وقال جل وعلا "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" ، وجاء في سنن أبي داود "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس المؤمن على مائدة يدار فيها الخمر" وهكذا بقية أنواع المعاصي ، قال المؤلف "متغابيًا عن ذلك" يعني : لا تجلس في ذلك المجلس الذي فيه معصية وفيه هتك لستر الأدب "متغافلا عنه" غير ملتفت إليه ، فإن فعلت ذلك فجلست في هذه المجالس فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة ، لأنّ الناس يزدرون يهتكون أستار الأدب مع أهل العلم ولا يقيمون لهم وزنا ، ويكون ذلك سببا من أسباب انتشار المعاصي والمنكرات لأنهم إذا رَأَوْا طلبة العلم يجلسون في مجالس المعصية ولا ينكرونها فعل أهل المعاصي تلك المعاصي في الظاهر ولم يختفوا بها ، و من قواعد الشريعة الترغيب في عدم إظهار المنكرات وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".
أخرجه البخاري عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رقم 6069.
هنا
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد
السؤال الأول : في الاعراض عن مجالس اللغو هناك من يحتج بحديث بانت سعاد وان القصيده بها من الغزل ما لم ينكره صلى الله علية وسلم، فما توجيهكم؟
الجواب : مطلع البردة ليس بغزل وإنما هو أسى على فراق زوجته بسبب محنته ، وقد أدخل بعض الرواة أبياتاً فيها ليست منها ، وما استفاضت روايته من أبياتها فليس فيه تشبب منكر، ولا تزيين للفاحشة ولا دعوة للباطل.
وإنما هو يعرض شكايته ومحنته على النبي صلى الله عليه وسلم.
هنا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-13-2018, 12:57 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Arrow

12-الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ
التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ .
ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " .
" إنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا - القاموسُ – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - .
فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ - القاموسَ - وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ" أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الثاني عشر الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ :
التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ .
الشيخ:
الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في الحديث التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول: هناك فرق بين الاختبار والممارسة يعني لو ذكر لك أن في السوق الفلاني كذا وكذا فهنا لا حرج عليك أن تذهب وتختبر بنفسك لكن لو كان جلوسك في هذا السوق مستمرا تمارسه كل عصر تروح تجلس في هذا السوق لكان هذا خطأ بالنسبة لك لأنه إهانة لك ولطلب العلم ولطلبة العلم عموما وللعلم الشرعي أيضا .
القارئ:
ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " .
" أنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا "القاموسُ " – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - .
فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ " القاموسَ " وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ " أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا .
الشيخ:
هؤلاء قبائل جرى بينهم فتنة فقتل من إحدى القبيلتين أربعة رجال فحضروا إلى القاضي فقال الشيخ واسمه باب بن أحمد: مثل هذا لا قصاص فيه قال القاضي الحاكم: إن هذا لا يوجد في كتاب، يعني أين الدليل على أنه لا قصاص فيه؟ لا يوجد، في أي كتاب أنه لا قصاص في ذلك، فقال الشيخ باب بن أحمد: بل لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، يعنى أنه يدخل في عموم كتاب وهو قول باب بن أحمد: لم يخل منه كتاب كلمة -م يخل منه كتاب- كلمة كتاب عامة تشمل كل الكتب، كتب الفقه والعقيدة والنحو والأدب وكل شيء؛ لأن كتاب نكرة في سياق النفي فتكون للعموم وهو يقول لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، القاضي الآن يعني عنده ثقة بنفسه أنه لن يوجد في القاموس حكم هذه المسألة؛ لأن القاموس كتاب لغة وليس كتاب فقه، قال القاضي هذا القاموس وأنت تقول: لا يخلو منه كتاب، هذا القاموس أعطني إياها، يقول فتناول صاحب الترجمة القاموس وأول ما موقع نظره عليه والهيشة فتنة وأم حبين وليس في الهيشات قود، فأخذ من كتاب القاموس أن حكم القاضي بأنه يقتل من القبيلة الأخرى أربعة خطأ .
هذا معنى هذه القصة. أي: في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج انتهى ملخصًا .
الهشية الفتنة وأم حبين من يعرف أم حبين ؟ هي دويبة لكنها تشبه الخنفساء، دوبية يعني ليست من الدواب القوية لكنها على كل حال هي دويبة من الحشرات .

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
الإعراض عن الهيشات : التصون من اللغط والهيشات ، فإنّ الغلط تحت اللغط ، وهذا ينافي أدب الطلب.ومن لطيف ما يستحضر هنا ما ذكره صاحب "الوسيط في أدباء شنقيط" وعنه في "معجم المعاجم":"أنه وقع نزاع بين قبيلتين ، فسعت بينهما قبيلة أخرى في الصلح ، فتراضوا بحكم الشرع ، وحكموا عالماً ، فاستظهر قتل أربعة من قبيلة بأربعة قتلوا من القبيلة الأخرى ، فقال الشيخ باب بن أحمد : مثل هذا لا قصاص فيه. فقال القاضي : إنّ هذا لا يوجد في كتاب. فقال : بل لم يخل منه كتاب. فقال القاضي : هذا "القاموس" يعنى أنه يدخل في عموم كتاب - فتناول صاحب الترجمة "القاموس" وأول ما وقع نظره عليه : "والهيشة : الفتنة ، وأم حبين ، وليس في الهيشات قود" ، أي : في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله ، فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج"اهـ ملخصاً.

الشيخ :
إذن هذا أدب من آداب طالب العلم أنه يتصون عن اللغط والهيشات ،والمراد بالهيشات : ما يحصل من الخصومات والتجمعات التي يكون فيها كلام بعض الناس على بعض وما لا يمكن ضبطه و لا تعرف عاقبته ، فإنّ دخول طلبة العلم في الهيشات ينتج عنه أنّ الناس قد يعتدون عليهم ، وقد يتكلمون فيهم ، وقد يكون ذلك سببا من أسباب احتقارهم وعدم معرفة ما لديهم من علم يستوجب رفع مكانتهم و الأخذ منهم ، وذكر المؤلف هنا ما يتعلق بهذا النداء الذي وقع بين هاتين القبيلتين ، نعم.

هنا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-13-2018, 01:14 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Arrow

* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/
الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول : الإعراض عن الهيشات ، ما المراد بها ؟
الجواب : الهيشة والهوشة بالياء والواو هي المنازعة التي تفضي إلى تسابّ أوتضارب أوتقاتل ،فتختلف درجتها باختلاف ما تؤدي إليه وكلها يشملها اسم الهوشة والهيشات وجمعها: هيشات وهوشات.

السؤال الثاني :
لم أفهم هذا الكلام :
اقتباس:
الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم
وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول:
هناك فرق بين الاختبار والممارسة

الجواب : يقصد بالممارسة أن يكون من عادة طالب العلم أن يكثر الجلوس في الأسواق من غير حاجة لشراء أو بيع ، وإنما رغبة في تزجية الوقت وملاحظة الناس ؛ فهذا مذموم ، وليس من أدب طالب العلم أن يكون بهذه الحالة، وهذا فيه امتهان لقدره.
وأما الاختبار فقصد به لو أن أحدًا أخبره عن حدث حصل في السوق فذهب ليختبر صدق الخبر ويتحقق منه فهذا يختلف عن الأول ، وقد يكون مطلوبًا إذا كان يترتب على ذلك إنكار منكر أو نصرة مظلوم أو إعانة محتاج، وإذا كان لغرض الفرجة فقط لم يكن فيه فضيلة ، بل هو إلى المنع أقرب لئلا يطلع من الناس على ما يكرهون فيعاقب بذلك في بعض شأنه.
هنا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-13-2018, 01:23 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Arrow

13- التحَلِّي بالرِّفْقِ
الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ .
وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ .هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الثالث عشر التحَلِّي بالرِّفْقِ :
الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ .
وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ .
الشيخ:
هذا من أهم الأخلاق لطالب العلم سواء أكان طالبا أم مطلوبا أي: معلما فالرفق كما قال النبي عليه الصلاة والسلام"إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء وإلا شانه"لكن لا بد أن يكون الإنسان رفيقًا من غير ضعف أما أن يكون رفيقًا يُمتهن ولا يؤخذ بقوله ولا يهتم به فهذا خلاف الحزم لكن يكون رفيقًا في مواضع الرفق وعنيفًا في مواضع العنف ولا أحد أرحم من الخلق من الله عز وجل ومع ذلك يقول"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" فلكل مقام مقال لو أن الإنسان عامل ابنه بالرفق في كل شيء حتى فيما ينبغي فيه الحزم ما استطاع أن يربيه، لو كان ابنه مثلا كسر الزجاج وفتح الأبواب وشق الثياب ثم جاء الأب ووجده على هذه الحال قال : يا ولدي ما يصلح هذا لو شققته يتلف ولو كسرته تكون خسارة علينا وقمت تكلمه هكذا والولد عفريت من العفاريت، يكفي هذا أم لا يكفي؟ ما يكفي كل مقام له مقال "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " لكن إذا دار الأمر بين الرفق أو العنف فما الأفضل ؟ الرفق، فإن تعين العنف صار هو الحكمة .
يقول: مجتنبًا الكلمة الجافية، هذا صحيح تجنب الكلمة الجافية والفعلة الجافية أيضا، وقوله: الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة، عندنا كلمة يقولها العامة لا أدري هل توافقون عليها أم لا: الكلام اللين يغلب الحق البين، لا بد أن نفهم المراد يغلب الحق البين يعني أن تليين الكلام للخصم ولو كان الحق معه فإنه يتنازل عن حقه، وليس معناه أن الكلام اللين يبطل الحق، يغلب الحق البين يعني فيما جاء به الخصم لأنك إذا ألنت له الكلام لان لك وهذا شيء مشاهد إذا نازعت أحدا فسيشتد عليك ويزيد وإذا ألنت له القول فإنه يقرب منك ولهذا قال الله تعالى لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون"
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)"طه.

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
التحلي بالرفق : التزم الرفق في القول ، مجتنبًا الكلمة الجافية ، فإنّ الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة . وأدلة الكتاب والسنة في هذا متكاثرة.

الشيخ :
هذا هو الأدب الثالث عشر من أدب طلب العلم التحلي بالرفق ، والمراد بالرفق السهولة واللين ، و لا يعني نفي العقوبة أو نفي ما يكون مؤديا إلى أخذ الإنسان بحقوقه ، جاء في ذلك نصوص عديدة قال تعالى "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" ، وجاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه"، وقد جاء في الحديث "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذهب و معه عائشة رضي الله عنها فقال له نفر من اليهود فقال اليهود : السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليكم ، فقالت عائشة : بل عليكم السام واللعنة والغضب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة ، قالت : ألم تسمع ما قالوا ، لقد قالوا السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألم تسمع ما قلتْ ، قلتُ : وعليكم فيستجاب لنا ولا يستجاب لهم ، ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه" ، وفي الحديث الآخر "الرفق خير كله" ، جاء في عدد من الأحاديث الترغيب في لين القول وعدم إغلاظه ، ليكون ذلك سببا في تأليف القلوب ، قال تعالى "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" ، وقال سبحانه "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا" ، الناس مهما كانت قلوبهم يتمكن طالب العلم من جلبهم بالكلمة الطيبة اللينة السهلة ، ولذلك انظر كم أثرت من كلمة في نفوس كانت بعيدة عن الخير ناشزة عنه بعيدة عن طاعة الله جل وعلا ، وكم من كلمة كانت قاسية كانت سببا من أسباب ابتعاد كثير من الناس عن طاعة الله تعالى ، والعبد يحرص على لين القول تقربا لله ، وليكون ذلك أدعى لقبول قوله لا انتصارا لنفسه ، وإنما رغبة في نشر الخير وأملا في قَبول الناس ما يقوله من دعوة إلى الله جل وعلا فيكون هذا سببًا من أسباب زيادة حسناته وعلو درجته عند الله جل وعلا ، وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم "الكلمة الطيبة صدقة".

هنا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-13-2018, 01:28 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Arrow

14- التأمُّلُ
التَّحَلِّي بالتأمُّلِ ، فإنَّ مَن تَأَمَّلَ أَدْرَكَ ، وقيلَ " تَأَمَّلْ تُدْرِكْ ".
وعليه فتَأَمَّلْ عندَ التَّكَلُّمِ : بماذا تَتَكَلَّمُ ؟ وما هي عائدتُه ؟ وتَحَرَّزْ في العِبارةِ والأداءِ دونَ تَعَنُّتٍ أو تَحَذْلُقٍ ، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ ، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا .هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:الأمر الرابع عشر:
التأمُّلُ :
التَّحَلِّي بالتأمُّلِ.
فإنَّ مَن تَأَمَّلَ أَدْرَكَ ، وقيلَ " تَأَمَّلْ تُدْرِكْ " .
وعليه فتَأَمَّلْ عندَ التَّكَلُّمِ : بماذا تَتَكَلَّمُ ؟ وما هي عائدتُه ؟ وتَحَرَّزْ في العِبارةِ والأداءِ دونَ تَعَنُّتٍ أو تَحَذْلُقٍ ، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ ، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا .
الشيخ :
التأمل الذي أراده :تأمل عند الجواب كيف يكون جوابك؟ هل هو واضح لا يحصل فيه لبس أو مبهم؟ وهل هو مفصل أو مجمل؟ حسب ما تقتضيه الحال المهم التأمل يريد بذلك التأني وألا تتكلم حتى تعرف ماذا تتكلم به وماذا ستكون النتيجة؟ ولهذا يقولون: لا تضع قدمك إلا حيث علمت السلامة يعني : الإنسان يخطو ويمشي لا يضع قدمه في شيء لا يدري أحفرة هو أم شوكا أم حصى أم نارا أم ثلجا حتى يعرف أين يضع قدمه، فالتأمل هذا مهم ولا تتعجل إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك ولهذا قال الشاعر الناظم :
قد يدرك المتأني بعض حاجته = وقد يكون مع المستعجل الزلل
وربما فات قوم جل أمرهم = مع التأني وكان الرأى لو عجلوا
فإذا دار الأمر بين أن أتأنى وأصبر أو أتعجل وأقدم فأيهما أقدم؟ الأول لأن القولة أو الفعلة إذا خرجت منك لن ترد لكن ما دمت لم تقل ولم تفعل فأنت حر تملك، فتأمل بماذا تتكلم به؟ وما هي فائدته؟ ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خير أو ليصمت " تحرز في العبارة والأداء وهذا أيضا من أهم ما يكون يعني : لا تطلق العبارة على وجه تؤخذ عليك بل تحرز إما بقيود تضيفها إلى الإطلاق وإما بتخصيص تضيفه إلى العموم وإما بشرط تقول إن كان كذا أو ما أشبه ذلك ولكن أقول دون تعنت أو تحذلق، تعنت يعني دون أن تشق على نفسك، النعنت من العنت أو تحذلق يعني تدعي أنك حاذق وهذا التحذلق من الحذق مع زيادة اللام وإلا فالأصل أن اللام هنا ليست موجودة في تحذلق، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ، لعله أراد تأمل عند المذاكرة: يعني إذا كنت تذاكر غيرك في شيء وتناظره فاختر القالب المناسب للمعنى المراد، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا، وكذلك أيضا في الجواب وهو أهم لأن السؤال يسهل على المسؤول أن يستفهم من السائل: ماذا يريد ؟ أريد كذا وكذا فيتبين الأمر لكن الجواب إذا وقع مجملا فإنه يبقى عند الناس على تفاسير متعددة كل إنسان يفسر هذا الكلام بما يريد وبما يناسبه.

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ :
قال المؤلف ...
التأمل : التحلي بالتأمل ، فإنّ من تأمل أدرك ، وقيل:"تأمل تدرك" . وعليه ، فتأمل عند التكلم : بماذا تتكلم ؟ وما هي عائدته ؟ وتحرز في العبارة والأداء دون تعنت أو تحذلق ، وتأمل عند المذاكرة كيف تختار القالب المناسب للمعنى المراد ، وتأمل عند سؤال السائل كيف تتفهم السؤال على وجهه حتى لا يحتمل وجهين ؟ و هكذا.
الشيخ :
الأدب الرابع عشر من آداب طالب العلم أن يكون متأملا متفكرا في عواقب الأمور ، التأمل يشمل عددا من الأشياء :
أولها : التفكر بحيث يعرف حقيقة ما يعرض عليه سواءا كان من آيات الله الكونية أو من آيات الله الشرعية ، وقد جاءت النصوص في الترغيب في التفكر في ذلك.
الثاني : الاعتبار وهو مقايسة النّفس بغيرها بحيث يقيس العبد نفسه على غيره فيما يتعلق بما حصل عليهم سواءا كان من العاقبة الحميدة أو العواقب السيئة ، فإنّ ما حل بغيرك سيحل بك متى ما فعلت مثل فعله .
الأمر الثالث : مما يدخل في التأمل : التدبر بحيث يعرف الإنسان معاني الكلام ويتأمل في دلالاته وقد جاءت النصوص في الترغيب في التدبر قال تعالى "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ" ، وقال جل وعلا "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" ، وحينئذ أيضا يتأمل الإنسان في كلامه فلا يتكلم إلا بالكلام الذي تكون عاقبته حميدة ، ويشمل هذا أمور :
الأول : أن يكون اللفظ مناسبا غير نابي أو أقل مما يراد به من المعاني ، فإنّ اللغة واسعة واللفظ يدل على معنى ، وهناك ألفاظ تدل على معنى أعلى منه ، وهناك ألفاظ تدل على معاني أقل منه ، وحينئذ ننتقي من الألفاظ ما يكون دالا على المراد ، و بالتالي يتفكر الإنسان في ألفاظه ، ويتفكر في معاني الألفاظ بحسب الدلالة اللغوية قبل أن يتكلم بالكلمة .
الثاني : أن يتأمل الإنسان في العواقب التي تنتج عن هذه الكلمة فإن كانت العاقبة حميدة تكلم بها ، و إن كانت العاقبة غير ذلك لم يتكلم بها ، و هكذا أيضا يتأمل في طريقة كلامه و أسلوبه بحيث يكون مرتبا ترتيبا صحيحا لا يأتي بكلام متنافر لا يصح أن يرتب بعضه على بعض ، كذلك يحرص أن يكون كلامه سهلا بحيث يجتنب التقعر في الكلام ، كذلك يحرص أن يكون كلامه سهلا من جهة وضوحه ، واضحا عند سامعه يعرف المراد به ، كذلك يجتنب اللفظ الذي يكون مجملا يحتمل معانيَ متعددة ، فإنّ الألفاظ المشتركة إذا أطلقها الإنسان قد يفهم منها غير ما يريده المتكلم به ، وكذلك فيما يتعلق بإطلاق الأسئلة يتحرز الإنسان في أسئلته عند شيخه فلا يتكلم بلفظ في سؤاله إلا وهو دال على المراد الذي يريده ويكون ملتزما فيه جانب الأدب ، كذلك يكون مفهوما عند شيخه بحيث يجتنب ما قد يظن أنه لا يفهم ، وكذلك يحرص عند سؤاله ألا يتكلم بالألفاظ التي لها معاني متعددة ويكون الكلام في أحد هذه الأبواب التي يُفهم منها خلاف مراد السائل ، مثال هذا : عند كلمة المفرد في النحو نطلقها ماذا نريد بها ؟ مرة نريد بها ما يقابل الجملة وما يقابل شبه الجملة ، ومرة نطلق كلمة المفرد ونريد بها ما يقابل المثنى والجمع ، فعندما يأتي المتكلم ويتكلم في باب الخبر ويقول : الخبر ينقسم إلى مفرد وجملة وشبه جملة فيسأله عن المفرد الذي هو مقابل للمثنى والجمع ، فحينئذ يكون قد أدخل في الكلام ما يكون سببًا للتشويش؛ إما تشويشا على الطلاب أو جعل الأستاذ لا يتمكن من الجواب عن ذلك السؤال في هذا الموطن خشية من تداخل هذه المصطلحات ، مثال ذلك : عندما يأتي الفقيه أو الأصولي ويأمر الناس بالعمل بالنصوص ثم يأتي السائل ويسأله عن النص الذي في مقابلة الظاهر فحينئذ يُلبس وقد يُظن أنّ العمل بالنصوص إنما يراد به الأدلة القطعية ، و هذا ليس مرادا للشيخ وإنما المراد الشيخ بكلامه النص الذي يشمل ما كان صريح الدلالة وما ورد عليه احتمال و يشمل أيضا اللفظ الظاهر ، فعندما يأتي السائل ويسأل بهذا اللفظ يكون قد أوقع الناس في لبس سواءا أوقع شيخه أو أوقع زملاءه ، نعم . هناك مسألة وهي كلمة العبارة ، وذلك أنّ هذه اللفظة أصلها من الفعل عبر بمعنى انتقل من مكان إلى مكان وقد قال جل وعلا في سور عديدة أمر الله جل و علا بالاعتبار فقال "فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" يعني اعبروا بأذهانكم وانتقلوا بذهنكم من حال أولئك اليهود الذين خُربت عليهم بيوتهم وعُذبوا بهذا التعذيب المذكور في أول السورة وقيسوا أنفسكم وانتقلوا بأذهانكم إلى أنفسكم ، فإنكم إذا فعلتم مثل فعلهم عاقبكم الله بمثل عقوبتهم ، وبعض أهل العلم يطلق على الكلام هذا اللفظ العبارات ، و هذا ناشئ من منشأ عقدي وذلك أنّ بعض الطوائف يرون أنّ الكلام هو المعاني النفسية وأنّ الألفاظ والأصوات والحروف عبارة عن الكلام وليست هي الكلام ، ولذلك يسمون الجمل والكلمات عبارات ، وهذا منشؤه عقدي ولذلك ينبغي التحرز من إطلاق هذه الجملة جملة العبارة

هنا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-06-2018, 02:56 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,252
Post

15-الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ :
تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) .

هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الخامس عشر والأخير: الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ :
تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) .
الشيخ:
هذا أهم ما يكون في هذه الآداب هو التثبت، التثبت فيما ينقل من الأخبار والتثبت فيما يصدر منك من الأحكام فالأخبار إذا نقلت فلا بد أن تتثبت أولا هل صحت عمن نقلت إليه أو لا ،ثم إذا صحت فلا تحكم، تثبت في الحكم ربما يكون الخبر الذي سمعته يكون مبنيا على أصل تجهله أنت فتحكم بأنه خطا والواقع أنه ليس بخطأ، ولكن كيف العلاج في هذه الحال ؟ العلاج أن تتصل بمن نسب إليه الخبر وتقول نقل عنك كذا وكذا فهل هذا صحيح ثم تناقشه فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه أول وهلة سمعته لأنك لا تدري ما سبب هذا المنقول، ويقال: إذا علم السبب بطل العجب، فلا بد أولا من التثبيت ثم بعد ذلك تتصل بمن نقل عنه وتسأله هل صح ذلك أو لا ؟ ثم تناقشه فإما أن يكون هو على حق وصواب فترجع إليه أو يكون الصواب معك فيرجع إليه .
القارئ:
الأمر الخامس عشر الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ :
تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) .
الشيخ:
الثبات والتثبيت هذان شيئان متشابهان لفظا لكنهما مختلفان معنى . فالثبات معناه الصبر والمصابرة وألا يمل ولا يضجر وألا يأخذ من كل كتاب نتفة أو من كل فن قطعة ثم يترك، لأن هذا هو الذي يضر الطالب يقطع عليه الأيام بلا فائدة إذا لم يثبت على شيء تجده مرة في الآجرومية ومرة في متن القطر ومرة في الألفية، في المصطلح: مرة في النخبة، ومرة في ألفية العراقي، ويتخبط، في الفقه: مرة في زاد المستقنع، مرة في عمدة الفقه، مرة في المغنى، مرة في شرح المهذب، وهكذا في كل كتاب وهلم جرا هذا في الغالب أنه لا يحصل علما، ولو حصل علما فإنما يحصل مسائل لا أصولا وتحصيل المسائل كالذي يلتقط الجراد واحدة بعد أخرى لكن التأصيل والرسوخ والثبات هذا هو المهم، اثبت بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع واثبت بالنسبة للشيوخ أيضا الذين تتلقى عنهم لا تكن ذواقا كل أسبوع عند شيخ كل شهر عند شيخ قرر أولا من ستتلقى العلم عنده، ثم إذا قررت ذلك فاثبت ولا تجعل كل شهر أو كل أسبوع لك شيخا، ولا فرق بين أن تجعل لك شيخا في الفقه وتستمر معه في الفقه وشيخا آخر في النحو وتستمر معه في النحو وشيخا آخر في العقيدة والتوحيد، وتستمر معه، المهم أن تستمر لا أن تتذوق وتكون كالرجل المطلاق كلما تزوج امرأة وجلس عندها سبعة أيام طلقها وذهب يطلب أخرى، هذا يبقى طول دهره لم يتمتع بزوجة ولم يحصل له أولاد في الغالب، أيضا التثبت كما قلنا قبل قليل أيضا من أهم الأمور إن لم يكن أهمها التثبت فيما ينقل عن الغير أمر مهم لأن الناقلين تارة تكون لهم إرادات سيئة ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه قصدا وعمدا وتارة لا يكون عندهم إرادات سيئة لكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أريد به، ولهذا يجب التثبت فإذا ثبت بالسند ما نقل فحينئذ يأتي دور المناقشة مع من؟ مع صاحبه الذي نقل عنه قبل أن تحكم على هذا القول بأنه خطأ أو غير خطأ وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة أن الصواب مع هذا الذي نقل عنه الكلام، وإلا من المعلوم أن الإنسان لو حكم على الشيء بمجرد السماع من أول وهلة لكان ينقل عنه أشياء تنفر منها النفوس عن بعض العلماء الذين يعتبرون منارات للعلم لكن عندما يتثبت ويتأمل ويتصل بهذا الشيخ مثلا يتبين له الأمر، ولهذا قال: (منه الصبر والثبات في التلقي وطي الساعات في الطلب على الأشياخ) هذا داخل في الثبات أم في التثبت؟ في الثبات (فإن من ثبت نبت) ومن لم يثبت لم ينبت، ولم يحصل على شيء .


هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف :
الثبات والتثبت : تحل بالثبات والتثبت ، لا سيما في الملمات والمهمات ، ومنه : الصبر والثبات في التلقي ، وطي الساعات في الطلب على الأشياخ ، فإنّ "من ثبت نبت".
الشيخ :
هاتان الصفتان ذكرهما المؤلف في آداب طالب العلم المتعلقة بنفسه ، الصفة الأولى: الثبات ؛ والثبات يراد به البقاء على الأمر المعروف و عدم الانتقال عنه إلى غيره،
والثبات تشمل الثبات في المعتقدات بحيث لا ينجر الإنسان في معتقده لأي متكلم يتكلم معه حتى يكون متثبتا في أمره.
الثاني : الثبات فيما يتعلق في التصرفات ، فلا يكون الإنسان من أتباع كل ناعق كلما تكلم متكلم سار معه و إنما يكون ثابتا على مبدئه وطريقته.
الثالث : الثبات فيما يتعلق بنصرة الأشخاص ، فلا ينصر العبد إلا إذا علم أنه على حق وأما أن ينصر قريبه أو صاحب بلده بدون أن يكون متثبتا من حاله فهذا يكون من العصبية المذمومة وحمية الجاهلية. الرابع : الثبات فيما يتعلق بما يؤديه العبد من الأعمال الصالحة بحيث لا تصرفه الصوارف عن عمله الصالح الذي يؤديه سواءا كان من الفرائض أو النوافل ، وتعلمون أنّ النصوص قد جاءت في الترغيب في المداومة على الأعمال الصالحة وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) ، وقد روي مرفوعا وموقوفا .
الأمر الخامس : مما يؤمر بالثبات فيه الثبات في طلب العلم بحيث لا تأتي المشغلات فتشغل الطالب عن طلبه للعلم ، وهذه مسألة مهمة جدا ينبغي الالتفات إليها فإنّ بعض الناس عندما يأتيه أدنى أمر ينشغل عن طلب العلم ولا يثبت فيه ، وحينئذ لا يرزق بركته و لا يستمر معه ، و نجد طلبة العلم كثر ثم بعد ذلك لا يثبتون وما ذلك إلا لانشغال مرات بتوافه ومرات بلعب ومرات بلهو ومرات بهيشات ومرات بأمور لا تناسب طالب العلم ، ولذلك هذه الهيشات وهذه المشغلات لا تكون سببا في انصراف طالب العلم عن طلب العلم ، ولذلك ذكر المؤلف هنا أو رغب في الصبر والثبات في التلقي وطي الساعات في الطلب على الأشياخ ، فإنّ (من ثبت) يعني في طلب العلم ، (نبت) وأصبح عالما، وأما من بذل من وقته شيئا ثم انصرف فإنه لا يستفيد العلم .
والصفة الثانية : التثبت بحيث لا يقبل ما يرد عليه من الواردات حتى يكون متيقنا من أنه الحق وأنه الصحيح وهذا يشمل أمورا :
أولها : ما يتعلق بالمعتقدات فإذا وردت إليك مسألة عقدية كلام من أحد الناس فتثبت فيها .
وثانيها : التثبت فيما يتعلق بالأحاديث التي تورد على الإنسان ، فلا يأخذ منها إلا ما تثبت أنه صحيح ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إما بمعرفة إسناده ، أو بمعرفة من صححه من أهل العلم ، أو بنقله من عالم التزم الصحة في حديثه و فيما ينقله من الأحاديث.
الثالث : التثبت في نسبة الأقوال إلى علماء الشريعة ، فكم من مرة وجدنا أقوالا تنسب إلى فقهاء وهم منها برءاء ، وهذا في مسائل عظيمة من مسائل العقائد فضلا عن مسائل الفقه ، وإذا نظر الإنسان إلى مثل هذا وجده كثيرا ، حتى أنهم قالوا عن بعض المسائل هذه مسائل التراجم أو قول التراجم ما معنى قول التراجم : هي القول الذي ترجم كل طائفة به الطائفة الأخرى بدون أن يكون صحيحا ، مثال ذلك : مسألة هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ إذا نظرنا إلى كتب الأصول عند الحنفية قالوا: وقد قالت الشافعية بأنّ الكفار غير مخاطبين ، وإذا نظرنا إلى كتب الشافعية وجدناهم يقولون: الحنفية يقولون بأنّ الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة ، وإذا نظرت مثلا إلى مسألة التصويب والتخطئة في المعتقدات وجدناهم أنهم ينسبون أقوالا عظيمة إلى عبيد الله بن حسن العنبري وهو منه براء ، بل ينسبون إلى طوائف كثيرة أقوالا هم منها براء ، وفي نفس الوقت في مثل هذه المسألة -مسألة التأثيم في الخطأ في مسائل العقائد- نجدهم ينسبون إلى جماهير أهل العلم بخلاف ما يقولون به ، -فمسألة التصويب والتخطئة- نجد أئمة كالنووي وابن حجر يقولون: الجمهور أو ينسبون إلى الجمهور أنهم يقولون بأنّ كل مجتهد مصيب، ولعلهم يقصدون جمهور الأشاعرة وإلا فإنّ جمهور أهل العلم من بقية الطوائف يقولون بخلاف هذا؛ يقولون أنّ المصيب واحد وأنّ ما عاداه مخطئ ،
وهكذا أيضا فيما يتعلق بالأخبار التي يتناقلها الناس يكون الإنسان متثبتا فيها ولا يتقبل منها إلا ما يكون قد قامت عليه القرائن والدلائل على صحته وقد قال جل وعلا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" وورد في بعض القراءات فتثبتوا .

هنا
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 05:47 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر