العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى القرآن والتفسير > ملتقى القرآن والتفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-20-2018, 05:50 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,267
Red face الْمِثْلَيْنِ وَالْمُتَقَارِبَيْنِ وَالْمُتَجَانِسَيْنِ وَالْمُتَبَاعِدَيْنِ

الْمِثْلَيْنِ وَالْمُتَقَارِبَيْنِ وَالْمُتَجَانِسَيْنِ وَالْمُتَبَاعِدَيْنِ


التَّمْهِيدُ لِلدُّخُولِ إِلَى الْبَابِ:

1 – تَعْرِيفُ الْمِثْلَيْنِ وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ.

2 – تَعْرِيفُ الْمُتَقَارِبَيْنِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ.

3 – تَعْرِيفُ الْمُتَجَانِسَيْنِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ.

4 – تَعْرِيفُ الْمُتَبَاعِدَيْنِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ.

5 – الْمُرَادُ مِنَ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ.

[ ص: 216 ] [ ص: 217 ] التَّمْهِيدُ لِلدُّخُولِ إِلَى الْبَابِ

كُلُّ حَرْفَيْنِ الْتَقَيَا فِي الْخَطِّ وَاللَّفْظِ بِأَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ، سَوَاءٌ كَانَا فِي كَلِمَةٍ أَوْ فِي كَلِمَتَيْنِ، أَوِ الْتَقَيَا فِي الْخَطِّ دُونَ اللَّفْظِ بِأَنْ فَصَلَ بَيْنِهِمَا فَاصِلٌ فِي اللَّفْظِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ كَلِمَتَيْنِ، مِثْلُ الْهَاءَيْنِ فِي نَحْوِ: إِنَّهُ هُوَ [غَافِرٍ: 56] - انْقَسَمَ كُلٌّ مِنَ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَلَاقِيَيْنِ هَذَا التَّلَاقِيَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: مِثْلَيْنِ وَمُتَقَارِبَيْنِ وَمُتَجَانِسَيْنِ وَمُتَبَاعِدَيْنِ، وَلِكُلِّ قِسْمٍ تَعْرِيفٌ خَاصٌّ نُوَضِّحُهُ فِيمَا يَلِي:

تَعْرِيفُ الْمِثْلَيْنِ وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ

التَّعْرِيفُ: الْمِثْلَانِ هُمَا الْحَرْفَانِ اللَّذَانِ اتَّحَدَا فِي الِاسْمِ وَالرَّسْمِ كَالْكَافَيْنِ فِي نَحْوِ: مَنَاسِكَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 200] مَا سَلَكَكُمْ [الْمُدَّثِّرِ: 42] وَالْمِيمَيْنِ فِي نَحْوِ: الرَّحِيمِ مَالِكِ [الْفَاتِحَةِ: 3 - 4] وَالْهَاءَيْنِ فِي نَحْوِ: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا [النُّورِ: 15] وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَهُمَا وَاحِدٌ وَذَاتَهُمَا فِي الرَّسْمِ وَاحِدَةٌ.

فَخَرَجَ بِاتِّحَادِ الْحَرْفَيْنِ فِي الرَّسْمِ الِاخْتِلَافُ فِي الِاسْمِ كَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ ذَاتَهُمَا فِي الرَّسْمِ وَاحِدَةٌ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى النَّقْطِ فَإِنَّهُ [ ص: 218 ] عَارِضٌ، وَلَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الِاسْمِ، فَخَرَجَا بِذَلِكَ عَنْ حَدِّ تَعْرِيفِ الْمِثْلَيْنِ، وَدَخَلَ الْيَاءَانِ فِي نَحْوِ: فِي يَوْمٍ [الْمَعَارِجِ: 4] وَالْوَاوَانِ فِي نَحْوِ قَالُوا وَهُمْ [الشُّعَرَاءِ: 96] لِاتِّحَادِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالرَّسْمِ، فَهُمَا مِنَ الْمِثْلَيْنِ لِدُخُولِهِمَا فِي حَدِّ التَّعْرِيفِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْمِثْلَيْنِ (بِأَنَّهُمَا الْحَرْفَانِ اللَّذَانِ اتَّفَقَا مَخْرَجًا وَصِفَةً) فَغَيْرُ جَامِعٍ لِحَدِّ التَّعْرِيفِ؛ لِعَدَمِ دُخُولِ الْيَاءَيْنِ وَالْوَاوَيْنِ فِي نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَخْرَجِ وَالصِّفَةِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، مَعَ أَنَّهُمَا مِنَ الْمِثْلَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ التَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ - الَّذِي ذَكَرْنَاهُ - لِلْمِثْلَيْنِ أَعَمَّ مِنَ الثَّانِي، وَقَدْ عَرَّفَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا.

أَقْسَامُ الْمِثْلَيْنِ وَحُكْمُ كُلِّ قِسْمٍ

يَنْقَسِمُ الْمِثْلَانِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَمُطْلَقٍ:

فَالصَّغِيرُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مِنَ الْمِثْلَيْنِ سَاكِنًا، وَالثَّانِي مُتَحَرِّكًا كَالْكَافَيْنِ فِي: يُدْرِكْكُمُ [النِّسَاءِ: 78] وَالْهَاءَيْنِ فِي نَحْوِ: يُوَجِّهْهُ [النَّحْلِ: 76] وَالْبَاءَيْنِ فِي نَحْوِ: اضْرِبْ بِعَصَاكَ [الشُّعَرَاءِ: 63].

وَسُمِّيَ صَغِيرًا لِقِلَّةِ الْعَمَلِ فِيهِ حَالَةَ الْإِدْغَامِ؛ حَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا عَمَلٌ وَاحِدٌ وَهُوَ إِدْغَامُ الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي فِيمَا صَحَّ فِيهِ ذَلِكَ.

وَحُكْمُهُ الْإِدْغَامُ وُجُوبًا لِكُلِّ الْقُرَّاءِ بِشُرُوطٍ نُوَضِّحُهَا فِي بَابِ الْإِدْغَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَالْكَبِيرُ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْحَرْفَانِ مَعًا كَالْكَافَيْنِ فِي نَحْوِ: مَنَاسِكَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 200] [ ص: 219 ] وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا [آلِ عِمْرَانَ : 41] وَالْهَاءَيْنِ فِي نَحْوِ: إِنَّهُ هُوَ [الزُّمَرِ: 53].

وَسُمِّيَ كَبِيرًا لِكَثْرَةِ الْعَمَلِ فِيهِ حَالَةَ الْإِدْغَامِ؛ حَيْثُ يَكُونُ فِيهِ عَمَلَانِ هُمَا تَسْكِينُ الْأَوَّلِ ثُمَّ إِدْغَامُهُ فِي الثَّانِي.

وَحُكْمُهُ جَوَازُ الْإِدْغَامِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ بِشُرُوطٍ مَبْسُوطَةٍ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، تَرَكْنَا ذِكْرَهَا هُنَا؛ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ.

وَبِالنِّسْبَةِ لِحَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ فِيهِ بِالْإِظْهَارِ وَجْهًا وَاحِدًا إِلَّا فِي كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ جِدًّا مِثْلِ: لا تَأْمَنَّا [الْآيَةَ: 11] بِيُوسُفَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي آخِرِ بَابِ الْإِدْغَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَلِمَةِ: مَكَّنِّي [الْآيَةَ: 95] بِالْكَهْفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ [الْآيَةَ: 95] فَقَدْ قَرَأَ حَفْصٌ بِإِدْغَامِ النُّونِ الْأَوْلَى فِي الثَّانِيَةِ، فَيَصِيرُ النُّطْقُ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ مَكْسُورَةٍ مُشَدَّدَةٍ.

وَالْمُطْلَقُ أَنْ يَكُونَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ مُتَحَرِّكًا وَالثَّانِي سَاكِنًا كَالتَّاءَيْنِ فِي نَحْوِ: تُتْلَى [يُونُسَ: 15] وَالسِّينَيْنِ فِي نَحْوِ: تَمْسَسْهُ [النُّورِ: 35].

وَسُمِّيَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصَّغِيرِ وَلَا مِنَ الْكَبِيرِ.

وَحُكْمُهُ الْإِظْهَارُ وُجُوبًا لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِدْغَامِ أَنْ يَكُونَ الْمُدْغَمُ فِيهِ مُتَحَرِّكًا وَالْمُدْغَمُ سَاكِنًا، سَوَاءٌ كَانَ سُكُونُهُ أَصْلِيًّا كَنَحْوِ: رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ [الْبَقَرَةِ: 16] أَوْ كَانَ سُكُونُهُ لِلْإِدْغَامِ كَسُكُونِ الْهَاءِ الْأَوْلَى فِي نَحْوِ فِيهِ هُدًى [الْبَقَرَةِ: 2] عِنْدَ مَنْ أَدْغَمَ.

[ ص: 220 ] تَعْرِيفُ الْمُتَقَارِبَيْنِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ

التَّعْرِيفُ: الْمُتَقَارِبَانِ هُمَا الْحَرْفَانِ اللَّذَانِ تَقَارَبَا فِي الْمَخْرَجِ وَالصِّفَةِ، أَوْ فِي الْمَخْرَجِ دُونَ الصِّفَةِ، أَوْ فِي الصِّفَةِ دُونَ الْمَخْرَجِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ لِلْمُتَقَارِبَيْنِ، وَفِيمَا يَلِي أَمْثِلَتُهَا:

فَالصُّورَةُ الْأُولَى: مِثْلُ النُّونِ مَعَ اللَّامِ فِي نَحْوِ: مِنْ لَدُنْهُ [الْكَهْفِ: 2] وَمَعَ الرَّاءِ فِي نَحْوِ: مِنْ رِزْقِ اللَّهِ [الْبَقَرَةِ: 60] وَالْقَافِ مَعَ الْكَافِ فِي نَحْوِ: خَلَقَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 21].

وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: مِثْلُ الدَّالِ مَعَ السِّينِ فِي نَحْوِ: عَدَدَ سِنِينَ [الْمُؤْمِنُونَ: 112].

وَالصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: مِثْلُ السِّينِ مَعَ الشِّينِ فِي نَحْوِ: الرَّأْسُ شَيْبًا [مَرْيَمَ: 4] وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ مَعَ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي نَحْوِ: بَعِدَتْ ثَمُودُ [هُودَ: 95].

أَقْسَامُ الْمُتَقَارِبَيْنِ وَحُكْمُ كُلِّ قِسْمٍ

يَنْقَسِمُ الْمُتَقَارِبَانِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَيْضًا؛ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَمُطْلَقٍ:

فَالصَّغِيرُ أَنْ يَكُونَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ مِنْهَا سَاكِنًا وَالثَّانِي مُتَحَرِّكًا، مِثْلُ النُّونِ مَعَ اللَّامِ فِي نَحْوِ: وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ [الْبَقَرَةِ: 13] وَالْقَافِ مَعَ الْكَافِ فِي نَحْوِ: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ [الْمُرْسَلَاتِ: 20].

وَسُمِّيَ صَغِيرًا لِقِلَّةِ الْعَمَلِ فِيهِ حَالَةَ الْإِدْغَامِ؛ حَيْثُ يَكُونُ فِيهِ عَمَلَانِ، هُمَا:

[ ص: 221 ] قَلْبُ الْمُدْغَمِ مِنْ جِنْسِ الْمُدْغَمِ فِيهِ، ثُمَّ إِدْغَامُهُ فِي الْمُدْغَمِ فِيهِ، كَمَا سَيَأْتِي تَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِدْغَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَحُكْمُهُ جَوَازُ الْإِدْغَامِ أَوْ وُجُوبُهُ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي بَابِ الْإِدْغَامِ بِعَوْنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

وَالْكَبِيرُ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْحَرْفَانِ مَعًا، كَالْقَافِ مَعَ الْكَافِ فِي نَحْوِ: رَزَقَكُمْ [الرُّومِ: 40] وَالدَّالِ مَعَ السِّينِ فِي نَحْوِ: عَدَدَ سِنِينَ [الْمُؤْمِنُونَ: 112].

وَسُمِّيَ كَبِيرًا لِكَثْرَةِ الْعَمَلِ فِيهِ حَالَ الْإِدْغَامِ؛ حَيْثُ يَكُونُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَعْمَالٍ، هِيَ: قَلْبُ الْمُدْغَمِ مِنْ جِنْسِ الْمُدْغَمِ فِيهِ، ثُمَّ تَسْكِينُهُ، ثُمَّ إِدْغَامُهُ فِي الْمُدْغَمِ فِيهِ.

وَحُكْمُهُ جَوَازُ الْإِدْغَامِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ بِشُرُوطٍ مُفَصَّلَةٍ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِحَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ فِيهِ بِالْإِظْهَارِ وَجْهًا وَاحِدًا.

وَالْمُطْلَقُ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَيَسْكُنَ الثَّانِي، كَالْهَمْزَةِ مَعَ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي نَحْوِ: أَحْمِلُ [يُوسُفَ: 36] وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مَعَ الضَّادِ فِي نَحْوِ: يُضْلِلْ [الْإِسْرَاءِ: 97].

وَسُمِّيَ مُطْلَقًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِثْلَيْنِ.

وَحُكْمُهُ الْإِظْهَارُ وُجُوبًا لِلْجَمِيعِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِثْلَيْنِ أَيْضًا.

تَعْرِيفُ الْمُتَجَانِسَيْنِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ

التَّعْرِيفُ: الْمُتَجَانِسَانِ هُمَا الْحَرْفَانِ اللَّذَانِ اتَّفَقَا فِي الْمَخْرَجِ وَاخْتَلَفَا فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ، كَالطَّاءِ مَعَ التَّاءِ فِي نَحْوِ: أَحَطْتُ [النَّمْلِ: 22] وَ بَسَطْتَ [الْمَائِدَةِ: 28] وَالدَّالِ مَعَ [ ص: 222 ] التَّاءِ فِي نَحْوِ: حَصَدْتُمْ [يُوسُفَ: 47] وَإِنْ أَرَدْتُمُ [النِّسَاءِ: 20] وَالثَّاءِ مَعَ الذَّالِ فِي نَحْوِ: يَلْهَثْ ذَلِكَ [الْأَعْرَافِ: 176].

أَقْسَامُ الْمُتَجَانِسَيْنِ وَحُكْمُ كُلِّ قِسْمٍ

يَنْقَسِمُ الْمُتَجَانِسَانِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ كَذَلِكَ؛ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَمُطْلَقٍ.

فَالصَّغِيرُ: أَنْ يَكُونَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا سَاكِنًا وَالثَّانِي مُتَحَرِّكًا، كَالرَّاءِ مَعَ اللَّامِ فِي نَحْوِ: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ [الطُّورِ: 48] عِنْدَ الْفَرَّاءِ ، وَالدَّالِ مَعَ التَّاءِ فِي نَحْوِ: وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ [الْأَنْفَالِ: 42] عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

وَسُمِّيَ صَغِيرًا لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْمُتَقَارِبَيْنِ الصَّغِيرِ.

وَحُكْمُهُ كَالْمُتَقَارِبَيْنِ الصَّغِيرِ فِي جَوَازِ الْإِدْغَامِ أَوْ وُجُوبِهِ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي بَابِ الْإِدْغَامِ.

وَالْكَبِيرُ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْحَرْفَانِ مَعًا، كَالتَّاءِ مَعَ الطَّاءِ فِي نَحْوِ: الصَّالِحَاتِ طُوبَى [الرَّعْدِ: 29] وَاللَّامِ مَعَ الرَّاءِ عَلَى مَذْهَبِ الْفَرَّاءِ فِي نَحْوِ: قَالَ رَبُّكُمْ [الشُّعَرَاءِ: 26].

وَسُمِّيَ كَبِيرًا لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْمُتَقَارِبَيْنِ الْكَبِيرِ.

وَحْكُمُهُ جَوَازُ الْإِدْغَامِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ بِشُرُوطِهِ الْمَبْسُوطَةِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِحَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ فِيهِ بِالْإِظْهَارِ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَالْمُطْلَقُ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ وَيَسْكُنَ الثَّانِي، كَالْيَاءِ مَعَ الشِّينِ فِي نَحْوِ: [ ص: 223 ] يَشْكُرُ [النَّمْلِ: 40] وَاللَّامِ مَعَ النُّونِ عَلَى مَذْهَبِ الْفَرَّاءِ فِي لَفْظِ: لَنْ [الْبَقَرَةِ: 61] فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ [الْبَقَرَةِ: 61].

وَسُمِّيَ مُطْلَقًا لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْمِثْلَيْنِ وَالْمُتَقَارِبَيْنِ.

وَحُكْمُهُ الْإِظْهَارُ وُجُوبًا لِلْجَمِيعِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي مِثْلِهِ.

وَقَدْ أَشَارَ الْعَلَّامَةُ الْجَمْزُورِيُّ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ عَدَا الْمُطْلَقِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ فِي التُّحْفَةِ:


إِنْ فِي الصِّفَاتِ وَالْمَخَارِجِ اتَّفَقْ حَرْفَانِ فَالْمِثْلَانِ فِيهِمَا أَحَقْ أَوْ إِنْ يَكُونَا مَخْرَجًا تَقَارَبَا
وَفِي الصِّفَاتِ اخْتَلَفَا يُلَقَّبَا مُتَقَارِبَيْنِ أَوْ يَكُونَا اتَّفَقَا
فِي مَخْرَجٍ دُونَ الصِّفَاتِ حُقِّقَا بِالْمُتَجَانِسَيْنِ ثُمَّ إِنْ سَكَنْ
أَوَّلُ كُلٍّ فَالصَّغِيرَ سَمِّيَنْ أَوْ حُرِّكَ الْحَرْفَانِ فِي كُلٍّ فَقُلْ
كُلٌّ كَبِيرٌ وَأَفْهَمَنْهُ بِالْمُثُلْ
اهـ

تَعْرِيفُ الْمُتَبَاعِدَيْنِ وَأَقْسَامُهُ وَحُكْمُهُ

التَّعْرِيفُ: الْمُتَبَاعِدَانِ هُمَا الْحَرْفَانِ اللَّذَانِ تَبَاعَدَا فِي الْمَخْرَجِ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ، وَقَدْ يَتَّفِقُ الْحَرْفَانِ الْمُتَبَاعِدَانِ فِي الصِّفَةِ أَيْضًا، وَهَذَا يَكَادُ يَكُونُ قَلِيلًا.

فَالْأَوَّلُ: مِثْلُ الْحَاءِ مَعَ الْمِيمِ فِي نَحْوِ: تُحْمَلُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: 22] وَالْقَافِ مَعَ الرَّاءِ فِي نَحْوِ: قُرِئَ [الِانْشِقَاقِ: 21].

وَالثَّانِي: مِثْلُ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ مَعَ الْكَافِ فِي نَحْوِ: [ ص: 224 ] وَلِتُكْمِلُوا [الْبَقَرَةِ: 185] وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعَ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي نَحْوِ: حَثِيثًا [الْأَعْرَافِ: 54].

أَقْسَامُ الْمُتَبَاعِدَيْنِ

يَنْقَسِمُ الْمُتَبَاعِدَانِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَيْضًا؛ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَمُطْلَقٍ.

فَالصَّغِيرُ: أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا سَاكِنًا وَالثَّانِي مُتَحَرِّكًا، كَالْهَمْزَةِ مَعَ اللَّامِ فِي نَحْوِ: تَأْلَمُونَ [النِّسَاءِ: 104].

وَالْكَبِيرُ: أَنْ يَتَحَرَّكَ الْحَرْفَانِ مَعًا كَالزَّايِ مَعَ الْهَمْزَةِ فِي نَحْوِ: اسْتُهْزِئَ [الْأَنْبِيَاءِ: 41].

وَالْمُطْلَقُ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْأَوَّلُ وَيَسْكُنَ الثَّانِي، كَالْقَافِ مَعَ الْوَاوِ فِي نَحْوِ: قَوْلٌ [الْبَقَرَةِ: 263].

حُكْمُ الْمُتَبَاعِدَيْنِ:

أَمَّا حُكْمُهُمَا فَالْإِظْهَارُ وُجُوبًا بِالِاتِّفَاقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا أَمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْإِدْغَامَ بِشُرُوطِهِ مُطْلَقًا إِنَّمَا يُسَوِّغُهُ التَّمَاثُلُ أَوِ التَّقَارُبُ أَوِ التَّجَانُسُ.

وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ بِالصَّغِيرِ وَبِالْكَبِيرِ وَبِالْمُطْلِقِ فَتَبَعًا لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي النِّظَامِ، لَا لِقِلَّةِ الْعَمَلِ فِي الصَّغِيرِ وَلَا لِكَثْرَتِهِ فِي الْكَبِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِدْغَامِ؛ إِذْ لَا إِدْغَامَ فِي الْمُتَبَاعِدَيْنِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ.

هَذَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ بَعْضُ الْبَاحِثِينَ فِي هَذَا الْفَنِّ إِلَى ذِكْرِ قِسْمِ الْمُتَبَاعِدَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالْبَعْضُ ذَكَرَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا دَخْلَ لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ" وَالْحَقُّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَمَعْرِفَتُهُ جَيِّدًا؛ إِذْ بِمَعْرِفَتِهِ يَتَعَيَّنُ أَنَّ مَا عَدَاهُ هُوَ أَحَدُ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، الَّتِي هِيَ سَبَبٌ فِي الْإِدْغَامِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاجِبًا، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْنَا عَدَمُ ذِكْرِهِ فِي التُّحْفَةِ، فَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ مُؤَلَّفٍ بَيْنَ مَنْظُومٍ وَمَنْثُورٍ، فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الْعَلَّامَةُ السَّمَنُّودِيُّ فِي لَآلِئِ [ ص: 225 ] الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ:


وَمُتَبَاعِدَانِ حَيْثُ مَخْرَجَا تَبَاعَدَا وَالْخُلْفُ فِي الصِّفَاتِ جَا
اهـ

وَكَذَلِكَ أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ انْشِرَاحِ الصُّدُورِ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ:


وَإِنْ يَكُونَا مَخْرَجًا تَبَاعَدَا وَفِي الصِّفَاتِ اخْتَلَفَا مُبَاعِدًا
اهـ

كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَاحِبُ السَّلْسَبِيلِ الشَّافِي بِقَوْلِهِ:

وَمُتَبَاعِدَانِ إِنْ تَبَاعَدَا فِي مَخْرَجٍ وَالْوَصْفِ لَمْ يَتَّحِدَا
اهـ

الْمُرَادُ مِنَ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ

اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ مِنَ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قَوْلٍ، نَذْكُرُ مِنْهَا هُنَا مَضْمُونَ قَوْلَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَلَّا يَكُونَ بَيْنَ مَخْرَجَيِ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ مَخْرَجٌ فَاصِلٌ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ يَكُونَا مِنْ عُضْوٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْعَيْنِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنَ الْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ وَلِلْغَيْنِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَخَارِجِ الْحَلْقِ، وَمِثْلُ الْجِيمِ وَالشِّينِ وَالْيَاءِ لِكُلٍّ مِنَ الْقَافِ وَالْكَافِ وَلِلضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ مَخَارِجِ اللِّسَانِ، وَمِثْلُ الْفَاءِ لِكُلٍّ مِنَ الْوَاوِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِمَخْرَجَيِ الشَّفَتَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَرْفَانِ الْمُتَقَارِبَانِ مِنْ عُضْوَيْنِ بِشَرْطِ أَلَّا يَفْصِلَ بَيْنَ مَخْرَجَيْهِمَا فَاصِلٌ، وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ: -

الْأُولَى: الْغَيْنُ وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَتَانِ لِلْقَافِ وَالْكَافِ؛ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَيْنَ وَالْخَاءَ يَخْرُجَانِ مِنْ أَدْنَى الْحَلْقِ، وَالْقَافَ وَالْكَافَ يَخْرُجَانِ مَنْ أَقْصَى اللِّسَانِ، وَلَا فَاصِلَ بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

الثَّانِيَةُ: الظَّاءُ الْمُشَالَةُ وَالذَّالُ الْمُعْجَمَةُ وَالثَّاءُ الْمُثَلَّثَةُ لِلْفَاءِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاءَ الْمُشَالَةَ وَأُخْتَيْهَا يَخْرُجْنَ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ وَأَطْرَافِ الثَّنَايَا الْعُلْيَا، وَالْفَاءَ تَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِ الثَّنَايَا الْعُلْيَا مَعَ بَاطِنِ الشَّفَةِ السُّفْلَى، وَلَا فَاصِلَ بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ أَيْضًا.

[ ص: 226 ] الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ هُوَ التَّقَارُبُ الْمُنَاسِبُ، سَوَاءٌ أَكَانَا مِنْ عُضْوٍ وَاحِدٍ مِثْلِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ فِي نَحْوِ: ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا [الْإِسْرَاءِ: 42] وَنَحْوِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَعَ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فِي نَحْوِ: قَدْ شَغَفَهَا [يُوسُفَ: 30] وَكَذَلِكَ التَّاءُ الْمُثَنَّاةُ فَوْقُ مَعَ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي نَحْوِ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ [الشُّعَرَاءِ: 141] أَمْ كَانَا مِنْ عُضْوَيْنِ مِثْلِ النُّونِ مَعَ كُلٍّ مِنَ الْوَاوِ وَالْمِيمِ فِي نَحْوِ: مِنْ وَلِيٍّ [الرَّعْدِ: 37] مِنْ مَالِ اللَّهِ [النُّورِ: 33].

وَيُمْكِنُ أَخْذُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُتَقَارِبَيْنِ فِي إِحْدَى صُوَرِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي هِيَ التَّقَارُبُ فِي الصِّفَةِ دُونَ الْمَخْرَجِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَرْجَحُ مِنَ الْأَوَّلِ، بَلْ وَأَرْجَحُ الْأَقْوَالِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اضْطَرَبَتْ فِيهَا كُتُبُ التَّجْوِيدِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ؛ إِذْ بِمُقْتَضَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْغَامُ شَيْءٍ مِنَ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي لِوُجُودِ فَاصِلٍ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ مَخْرَجَيِ الْحَرْفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي أَمْثِلَتِهِ، فَقَدْ فُصِلَ بِمَخْرَجٍ وَاحِدٍ بَيْنَ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي نَحْوِ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ [الشَّمْسِ: 11] الْمِثَالَ الْمَذْكُورَ، وَبِأَكْثَرَ مِنْ مَخْرَجٍ فِي بَاقِي الْأَمْثِلَةِ.

وَمَعَ هَذَا فَقَدَ وَرَدَ إِدْغَامُهَا فِي الْمُتَوَاتِرِ فِي أَكْثَرَ مِنْ قِرَاءَةٍ فِي الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى، وَبِالْإِجْمَاعِ فِي الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ، أَيْ فِي النُّونِ مَعَ كُلٍّ مِنَ الْوَاوِ وَالْمِيمِ، وَمِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْمُسَوِّغَ لِلْإِدْغَامِ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ، التَّمَاثُلِ أَوِ التَّقَارُبِ أَوِ التَّجَانُسِ، وَحَدُّ التَّمَاثُلِ وَالتَّجَانُسِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي، بَقِيَ مِنَ الْمُسَوِّغِ التَّقَارُبُ، وَبِهِ جَازَ الْإِدْغَامُ فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ التَّقَارُبِ هُوَ التَّقَارُبَ النِّسْبِيَّ لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ هُوَ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالَّتِي تَرَكْنَا ذِكْرَهَا؛ خَوْفَ التَّطْوِيلِ؛ إِذْ مَا ذَكَرْنَا هُوَ أَهَمُّ مَا فِيهَا.

هَذَا، وَمِمَّا يَنْبَغِي مَعْرِفَتُهُ أَنَّ كُلَّ حَرْفَيْنِ صَحَّ إِدْغَامُهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِدْغَامُ [ ص: 227 ] وَاجِبًا أَمْ جَائِزًا وَلَمْ يَنْطَبِقْ عَلَيْهِمَا حَدُّ الْمِثْلَيْنِ وَلَا حَدُّ الْمُتَجَانِسَيْنِ - كَانَ الْمُسَوِّغُ لِلْإِدْغَامِ حِينَئِذٍ هُوَ التَّقَارُبُ؛ إِذْ هُوَ الْبَاقِي مِنْ أَسْبَابِ الْإِدْغَامِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ فُصِلَ بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَخْرَجٍ كَالْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا كَانَ سَبَبُ الْإِدْغَامِ حِينَئِذٍ هُوَ التَّقَارُبَ النِّسْبِيَّ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْمُدْغَمِ جَوَازًا، وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ الْكَثِيرَ فِي بَابِ الْإِدْغَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

تَنْبِيهٌ: قَالَ صَاحِبُ انْشِرَاحِ الصُّدُورِ: وَأَمَّا حُرُوفُ الْمَدِّ الثَّلَاثَةُ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ فَلَا يُقَالُ بَيْنَهُمَا: مُتَقَارِبَانِ وَلَا مُتَجَانِسَانِ وَلَا مُتَبَاعِدَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِحُرُوفِ الْمَدِّ مَخْرَجٌ مِنْ حَيِّزٍ مَخْصُوصٍ كَغَيْرِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، اهـ بِحُرُوفِهِ.

وَقَالَ صَاحِبُ السَّلْسَبِيلِ الشَّافِي بِنَحْوِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ انْشِرَاحِ الصُّدُورِ.

قُلْتُ: وَيُسْتَثْنَى مِنِ اجْتِمَاعِ حُرُوفِ الْمَدِّ مَعَ غَيْرِهَا الْيَاءُ الْمَدِّيَّةُ إِذَا جَاوَرَتِ الْيَاءَ الْمُتَحَرِّكَةَ، مِثْلُ: الَّذِي يُوَسْوِسُ [النَّاسِ: 5] وَكَذَلِكَ الْوَاوُ الْمَدِّيَّةُ إِذَا جَاوَرَتِ الْوَاوَ الْمُتَحَرِّكَةَ، مِثْلُ:قَالُوا وَأَقْبَلُوا [يُوسُفَ: 71] فَإِنَّ الْيَاءَ وَالْوَاوَ الْمَدِّيَّتَانِ مَعَ مَا جَاوَرَهُمَا يُوصَفَانِ حِينَئِذٍ بِالْمِثْلَيْنِ لِصِدْقِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ اسْمَهُمَا وَاحِدٌ وَرَسْمَهُمَا وَاحِدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي صَدْرِ الْبَابِ، فَتَأَمَّلْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[ ص: 228 ]
كتاب
هداية القاري إلى تجويد كلام الباري » الباب التاسع
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:19 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر