العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى القرآن والتفسير > ملتقى القرآن والتفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-04-2018, 02:20 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,253
Arrow

"وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" 13 – 14.

اللَّفْظُ لَفْظُ الْأَمْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَبَرُ ، يَعْنِي إِنْ أَخْفَيْتُمْ كَلَامَكُمْ .... أَوْ جَهَرْتُمْ بِهِ فَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ يَعْنِي بِمَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ . يَعْنِي : أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ فِي سَائِرِ الْأَقْوَالِ . أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ; أَعْلِنُوهُ .
وجملة" إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ" تعليل للتسوية المستفادة من صيغة الأمر - أي التسوية في الجهر أو الإخفاء -أي: سواء في علمه- تعالى- إسراركم وجهركم،بما فيها من النيات، والإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال، التي تُسْمَع وتُرَى؟!

وتقديمُ السرِّ على الجهرِ للإيذانِ بافتضاحِهِم ووقوعِ ما يحذرونَهُ من أولِ الأمرِ والمبالغةِ في بيانِ شمولِ علمِهِ المحيطِ لجميعِ المعلوماتِ كأنَّ علمَهُ تعالَى بما يُسرُّونَهُ أقدرُ منهُ بما يجهرونَ بهِ مع كونِهِما في الحقيقةِ على السويةِ .
"أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ " هذا دليل عقلي على علمه سبحانه ،فمن خلق الخلق وأتقنه وأحسنه، كيف لا يعلمه؟!
فلا يلطف بك إلا من عرفك وكان خبيرًا بمواطن ضعفك وقوتك وبكل أحوالك.
فالصانع أعلم بصنعته. ..... عليم بما خلقه وصنعه ، فهو العالم بخباياه وسرائره، وعلمه بالعبد محوط بلطفه لا يفارقه كما سيأتي إن شاء الله .

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" ق 16.

الوسوسة : وهو الصوت الخفى، والمراد به حديث الإنسان مع نفسه.

وحبل الوريد: عِرْق في باطن العنق يسرى فيه الدم،
فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن علمَ اللهِ- تعالى- بأحوال الإنسان، أقرب إلى هذا الإنسان، من أعضائه ومن دمائه التي تسري في تلك الأعضاء.هنا=
والمقصود من القرب:
قرب العلم والقدرة.

وقوله"
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ"غافر4.
=قال ابن كثير في تفسيره:
يخبر تعالى عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء ، جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، دقيقها ولطيفها ; ليحذر الناس علمه فيهم ، فيستحيوا من الله حق الحياء ، ويتقوه حق تقواه ، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه ، فإنه تعالى يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر .
"يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ " وهو النظر الذي يخفيه العبد من جليسه ومقارنه، وهو نظر المسارقة.
" وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ " مما لم يبينه العبد لغيره، فالله تعالى يعلم ذلك الخفي، فغيره من الأمور الظاهرة من باب أولى وأحرى
. تفسير السعدي = هنا=

"لمَّا كان يومُ فتحِ مكةَ اختبأَ عبدُاللهِ بنُ سعدِ بنِ أبي السَّرْحِ عِندَ عثمانَ بنِ عفانَ فجاءَ به حتى أوقفَهُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقال يا رسولَ اللهِ بايعْ عبدَاللهِ ،فرفعَ رأسَهُ فنظرَ إليه ثلاثًا كلُّ ذلك يأبَى فبايعَهُ بعدَ ثلاثٍ ثم أقبلَ على أصحابِهِ فقال أما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ ، يقومُ إلى هذا حيث رآني كففْتُ يَدي عن بيعتِهِ فيقتلُهُ ؟ فقالوا : ما نَدري يا رسولَ اللهِ ما في نفسِكَ ألَّا أومأتَ إلينا بعينِكَ ! قال : إنَّهُ لا يَنبغي لنبيٍّ أن تكونَ له خائنةُ الأعينِ"الراوي : سعد بن أبي وقاص - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم: 4359 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية-
الشرح:
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أحسن الناس خُلُقًا، وليس له خائنَةُ الأعْيُنِ، ولا يَليقُ بِمقامِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أن يُشيرَ بعَيْنِه إشارَةً خفيَّةً ولو إلى شيءٍ مُباحٍ؛ مِثلَ قتْلِ شخْصٍ مهْدورِ الدَّمِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ سعْدُ بنُ أبي وقَّاصٍ"لمَّا كان يوْمُ فتْحِ مكَّةَ"، أي: حين كان اليومُ الَّذي فتَحَ فيهِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مكَّةَ، "اخْتبَأَ"، أي: اخْتَفى عبدُ اللهِ بنُ سعْدِ بنِ أبي السَّرْحِ عند عُثمانَ بنِ عفَّانٍ؛ وكانوا إخْوةً من الرَّضاعِ، وكان عبدُ اللهِ بنُ أبي السَّرحِ يَكتبُ الوحْيَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثمَّ ارتَدَّ عن الإسْلامِ، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بقتْلِه، "فَجاء بهِ"، أي: جاء بهِ عُثمانُ رضِيَ اللهُ عنه "حتَّى أوْقَفَه"، أي: أَقامَه على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال عُثمانُ رضِيَ اللهُ عنه: يا رسولَ اللهِ "بايِعْ عبدَ اللهِ"، أي: خُذْ منه البيْعَةَ على الإسْلامِ فإنَّه يُريدُ أنْ يَتوبَ، "فرفَعَ رأْسَه"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم "فنَظَرَ إليهِ"، أي: صوَّبَ نظَرَه إلى عبدِ اللهِ بنِ أبي السَّرْحِ "ثلاثًا"، أي: ثلاثَ مرَّاتٍ، "كلُّ ذلك يأْبَى"، أي: يرفُضُ أنْ يُبايِعَه، "فبايَعَه" النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بعْد ثلاثٍ، "ثمَّ أقْبَلَ على أصْحابِه"، أي: توجَّهَ إليهم، فقال لهم: "أَما كان فيكم رجَلٌ رَشيدٌ"، أي: أَليس يوجَدُ بيْنكم رجلٌ لَبيبٌ ذو عقْلٍ يَفْهم ما أُريدُ بامتِناعي عن مُبايعَتِه، "يَقومُ إلى هذا"، أي: إلى عبدِ اللهِ بنِ أبي السَّرْحِ، "حيثُ رآني كففْتُ يَدي"، أي: حيثُ رآني أمسَكْتُ يَدي وامتنَعتُ عن بيْعتِه، "فيَقْتُلُه؟"؛ وفي هذا دَليلٌ على عدَمِ رِضا النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على بيْعَةِ عبدِ اللهِ بنِ أبي السَّرْحِ، "فقالوا"، أي: الصَّحابةُ رِاضونُ اللهِ عليهم "ما نَدْري"، أي: لا نعْرِفُ يا رسولَ اللهِ "ما في نفْسِك"، أي: ما يَدورُ في نفْسِك "ألَا أوْمَأْتَ إلينا بعيْنِك"، أي: أشرْتَ إلينا بعيْنِك، فقال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إنَّه لا ينْبَغي لِنبيٍّ"، أي: إنَّه لا يَليقُ بالنَّبيِّ "أنْ تَكونَ له خائنَةُ الأعْيُنِ"؛ ومعنى خائنةُ الأعيُنِ: أنْ يُخفِيَ في قلْبِه غيرَ الَّذي يُظهِرُه للنَّاسِ، أو يُظهِرَ للنَّاسِ أو بسببِ بعْضِ النَّاسِ أمانًا ثمَّ يلْتفِتَ إلى غيرِه ويومِئَ له بعيْنِه أو بأَيِّ إشارةٍ فيها الغدْرُ بمَن أمَّنَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فيكونُ ذلك خِيانةً، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم منزَّهٌ عنِ الخيانَةِ مُطلَقًا.
وفي الحَديثِ: بيانٌ لأخْلاقِ الأنْبياءِ الحَسنةِ صلَواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم.الدرر السنية =




فصفات ومعالم الملك في هذه السورة لا تنقضي ، فالسر والجهر عند الله سواء حتى خواطر القلوب وخلجاتها ، فمن خصائص المَلِك الحق أنه سبحانه هو الملك الذي يستحق الخشية والإجلال ؛ لأنه المطلع على الغيب ، ومكنونات الصدور مع الإحاطة بجميع المعلومات فليس ثمة ملك يخرج ما في القبور ويعلم ما في الصدور إلا الله سبحانه "
تأملات في سورة الملك . بقلم / ماجد بن أحمد الصغير.

والخطاب لجميع الخلق أي أخفوا قولكم وكلامكم أو أعلنوه وأظهروه ، فالسر والعلانية عنده – سبحانه – سواء.
وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن ينوي في قلبه كل خير ، وأن يحرص أن يكون مخلصًا لله في جميع أعماله ، وأن يحذر كل الحذر أن يخفي الرياء والسمعة أو الحسد والبغض وغيرها من الصفات القلبية الذميمة ، فإن الله مطلع عليها .
وفي هذا دليل على أن الإنسان ينبغي له أن يصلح قلبه وأن يهتم بإصلاحه ، لأن في صلاح القلب صلاح للجسد كما في الحديث:

"ألا وإن في الجسدِ مُضغَةً : إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسَد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ ."الراوي : النعمان بن بشير - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 52-خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية-
"وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ "الملك : 13 .

"أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"14 الملك.
"وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر، والخبايا -والخفايا والغيوب-، وهو الذي " يعلم السر وأخفى " ومن معاني اللطيف، أنه الذي يلطف بعبده ووليه، فيسوق إليه البِرَّ والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب، بأسباب لا تكون من –العبد- على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة.تفسير السعدي.

"وَهُوَ اللَّطِيفُ " الذي له اللطف التام بمعنييه ، وهما :
الأول : اللطف بمعنى معرفة أسرار الأمور وحكمها الدقيقة الخفية ، فهو أخص من الخبير ، ولهذا قدم عليه في جميع المواضع التي اقترن فيها بالقرآن كما في قوله تعالى "لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخبِيرُ "الأنعام 103.وكما في قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا " الأحزاب34.
الثاني : اللطف بمعنى الإحسان إلى عباده والتيسير عليهم والتخفيف عنهم كما قال تعالى "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"الشورى19.
بَرّهم وفاجرهم حيث لم يهلكهم جوعًا بمعاصيهم "يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ"من كل منهم ما يشاء "وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"على مراده "الْعَزِيزُ"الغالب على أمره.
قال ابن القيم: واسمه اللطيف يتضمن علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية.
قال الشيخ السعدي: فإذا قال العبد "يا لطيف الطف بي.. وأسألك لطفك.."، فمعناه: تولني ولاية خاصة، بها تصلح أحوالي الظاهرة والباطنة، وبها تندفع عني جميع المكروهات من الأمور الداخلية والخارجية.
المواهب الربانية من الآيات القرآنية للشيخ السعدي.ملتقى أهل التفسير =هنا= تفسير الأسماء الحسنى للشيخ السعدي = هنا=

ومن لطفه بعباده المؤمنين أنه يتولاهم بلطفه فيخرجهم من الظلمات إلى النور من ظلمات الجهل، والكفر، والبدع، والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة، ومن لطفه أنه يرحمهم من طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء التي هذا طبعها وديدنها فيوفقهم لنهي النفس عن الهوى ويصرف عنهم السوء والفحشاء فتوجد أسباب الفتنة، وجواذب المعاصي وشهوات الغي فيرسل الله عليها برهان لطفه ونور إيمانهم الذي منَّ به عليهم فيدعونها مطمئنين لذلك منشرحة لتركها صدورهم.
تفسير الأسماء الحسنى للشيخ السعدي = هنا=
ومن لطف الله تعالى بعبده أن يجعل ما يبتليه به من المعاصي سببًا لرحمته فيفتح له عند وقوع ذلك باب التوبة والتضرع والابتهال إلى ربه وازدراء نفسه واحتقارها وزوال العجب والكبر من قلبه ما هو خير له من كثير من الطاعات.تفسير الأسماء الحسنى للشيخ السعدي = هنا=

قال الشيخ السعدي في كتابة المواهب الربانية:
فاعلم أن اللطف الذي يطلبه العباد من الله بلسان المقال ولسان الحال هو من الرحمة، بل هو رحمة خاصة؛ فالرحمة التي تصل العبد من حيث لا يشعر بها أو لا يشعر بأسبابها هي اللطف، فإذا قال العبد: يا لطيف الطف بي أو لي وأسألك لطفك؛ فمعناه: تولني ولاية خاصة، بها تصلح أحوالي الظاهرة والباطنة، وبها تندفع عني جميع المكروهات: من الأمور الداخلية والأمور الخارجية، فالأمور الداخلية لطف بالعبد والأمور الخارجية لطف للعبد، فإذا يسر الله عبده وسهل طريق الخير وأعانه عليه فقد لطف به، وإذا قيض الله له أسبابًا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد، فيها صلاحه فقد لطف له. ا.هـ.

الخبير:
هو العليم بسرائر عباده وضمائر قلوبهم ، الخبير بأمورهم الذي لا يخفى عنه شيء " الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا " الفرقان 59.

سر اقتران اسم اللطيف باسم الخبير:
لم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير ، ويرجع السبب لان الاسميين يتلاقيان في المعنى … فالله تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه الخير .. وقد يخفى على العبد هذا الخير، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض .. والله تعالى يقول "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"الملك: 14. فلا يلطف بك إلا من عرفك وكان خبيرًا بمواطن ضعفك وقوتك وبكل أحوالك.
فإذا عَلِمَ العبد أن ربَّه متصفٌ بدقة العلم، وإحاطته بكل صغيرة وكبيرة، حاسب نفسه على أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته ؛ لأنه يعلم في كل وقتٍ وحين أنه بين يدي اللطيف الخبير"أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"الملك: 14.
= هنا =
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-11-2018, 04:12 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,253
root

"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ "15.

قال تعالى في الآية السابقة:
"وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" 13 – 14.

لما أظهر الله علمه ولطفه وأنه بكل شيء خبير، أمتن الله على عباده بمظهر من مظاهر هذا العلم واللطف والخبرة، ألا وهو تمهيد الأرض للسالكين، وذلك يدفع المتأمل إلى الإيمان بالله وحسن عبادته وشكره= هنا =
لما أظهر اللهُ علمَهُ ولطفَهُ وأنه بكلِ شيءٍ خبيرٌ،وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا غَامِضًا، دَلَّ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ مُشَاهَدٍ أَبْدَعَهُ بِلُطْفِهِ وَأَتْقَنَهُ - بقدرتِهِ- لِاسْتِدْعَاءِ الشُّكْرِ مِنْ عِبَادِهِ عَلَى مَا أَبْدَعَ لَهُمْ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنَ النِّعَمِ الْبَاهِرَةِ الَّتِي بِهَا قِوَامُهُمْ، وَلَوْلَاهُ لَمَا كَانَ لَهُمْ بَقَاءٌ فَقَالَ مُسْتَأْنِفًا"هُوَ" أَيْ وَحْدَهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ -لِتَتَوَصَّلُوا إِلَى مَا يَنْفَعُكُمْ - الأَرْضَ عَلَى سِعَتِهَا وَعِظَمِهَا وَجَزْوَنَةِ كَثِيرٍ مِنْهَا ،ذَلُولًا أَيْ مُسَخَّرَةً لَا تَمْتَنِعُ، قَابِلَةً لِلِانْقِيَادِ لِمَا تُرِيدُونَ مِنْهَا مِنْ مَشْيٍ وَإِنْبَاطِ-استخراج- مِيَاهٍ ،وَزَرْعِ حُبُوبٍ، وَغَرْسِ أَشْجَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ غَايَةَ الِانْقِيَادِ، بِمَا تَفْهَمُهُ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ مَعَ أَنَّ فِيهَا أَمَاكِنُ خَوَّارَةً تَسُوخُ فِيهَا الْأَرْجُلُ وَيَغُوصُ فِيهَا مَا خَالَطَهَا، وَمَوَاضِعُ مُشْتَبِكَةٌ بِالْأَشْجَارِ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ سُلُوكُهَا، وَأَمَاكِنُ- ص: 245 - مَلْأَى سِبَاعًا وَحَيَّاتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَانِعِ، وَأَمَاكِنَ هِيَ جِبَالٌ شَاهِقَةٌ إِمَّا يَتَعَذَّرُ سُلُوكُهَا كَجَبَلِ السَّدِّ بَيْنَنَا وَبَيْنِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، ....تَزْلَقُ عَلَيْهِ الْأَرْجُلُ وَلَا تَثْبُتُ، أَوْ يُشَقُّ سُلُوكُهَا، وَمَوَاطِنُ هِيَ بُحُورٌ عَذْبَةٌ أَوْ ملحة ، فَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهَا كُلَّهَا كَذَلِكَ لِيَكُونَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا، فَمَا قَسَّمَهَا إِلَى سُهُولٍ وَجِبَالٍ وَبُرُورٍ وَبُحُورٍ وَأَنْهَارٍ وَعُيُونٍ وَمِلْحٍ وَعَذْبٍ وَزَرْعٍ وَشَجَرٍ وَتُرَابٍ وَحَجَرٍ وَرِمَالٍ وَمَدَرٍ - قِطَعُ الطينِ اليابِسِ -وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ وَقُدْرَةٍ بَاهِرَةٍ، لِتَكُونَ قَابِلَةً لِجَمِيعِ مَا تُرِيدُونَ مِنْهَا، صَالِحَةً لِسَائِرِ مَا يَنْفَعُكُمْ فِيهَا. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور= هنا =
=ولو تأملنا وتفكرنا بنظرة أوسع وأشمل في آيات تذليل الأرض
،ما أكثر الآيات التي نمر عليها ونحن غافلون عنها وعن عظمتها ودلالاتها ومعجزاتها.قال تعالى"أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"النمل: 61.
هذه آية عظيمة للتأمل والتفكر: مَن الذي جعل الأرض قرارًا أي مكانًا يستقرون فيه؟ ومن الذي خلق هذه الأنهار، ومن الذي خلق الجبال، ومن الذي جعل البرزخ بين البحار...
فالإنسان يعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين وهو لا يشعر بأي فوضى أو عدم استقرار ولا يدرك نعمة وقيمة أن تكون الأرض مكانًا يستقر عليه ولا تضطرب حياته فيها.


نعمة الجاذبية الأرضية
حجم الأرض وكتلتها وبعدها عن الشمس وسرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس، مناسب جدًا للحياة، ولو أن حجم الأرض أو كتلتها أو بعدها عن الشمس أو سرعة دورانها كانت أكبر بقليل أو أصغر بقليل لاختلت الحياة على ظهرها.
إن الذي يتأمل موقع الأرض داخل المنظومة الشمسية يلاحظ أن الله تبارك وتعالى هيَّأ هذه الأرض لتكون صالحة للحياة، بعكس بقية الكواكب. وهذه نعمة من نعم المولى يجب أن نشكره عليها.
ولكن هناك أمر مهم جدًا لولاه لا يمكن لنا أن نستقر على هذه الأرض وهو الجاذبية الأرضية، فكوكب الأرض يمتاز بجاذبية محددة مناسبة للحياة المستقرة، ولو كانت جاذبية الأرض أقل مما هي عليه مثل القمر فإن الإنسان سيطير في الهواء عندما يبذل أي جهد، ولو كانت الجاذبية أكبر مما هي عليه مثل كوكب المشتري لالتصق الإنسان بالأرض ولم يعد قادرًا على الحركة!!!
إنها قوة سخرها الله لجميع الأجسام في الكون لتتجاذب، فالأرض تشدنا نحو مركزها، بفعل قوة جاذبيتها، ولذلك فإننا نشعر بالاستقرار على ظهرها، وبالتالي فهي قرار لنا. لو كنا على سطح القمر مثلاً فإن وزن أحدنا سدس وزنه على الأرض، أي أن الرجل الذي يزن على الأرض 90 كيلو غرام، سيكون وزنه على القمر 15 كيلو غرام فقط!
ولانشعر بنعمة الجاذبية إلا عندما نغادر الأرض! وهذا ما يشكو منه رواد الفضاء، حيث يقول العلماء الذين صعدوا إلى الفضاء الخارجي وعاشوا حالة انعدام الوزن أو انعدام الجاذبية أو انعدام الاستقرار على الأرض:وهذا أدى إلى أمراض كثيرة ، فالدورة الدموية تتأثر بالجاذبية حيث يصعد
الدم للأعلى في الجسد بدلاً من الأسفل ، واضطراب الدورة الدموية ينتج عنه كثير من الأمراض -تؤثر على الكلى وضغط الدم وعضلات وعظام الجسم و....-
فنعمة الجاذبية الأرضية المعتدلة المهيأة لعيش الكائنات في استقرار من كل الوجوه من تذليل الأرض للمخلوقات.

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى



فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا :والأمر في قوله فَامْشُوا فِي مَناكِبِها للإباحة، والمناكب جمع منكب وهو ملتقى الكتف مع العضد والمراد به هنا: جوانبها أو طرقها وفجاجها أو أطرافها..وهو مَثَل لفرط التذليل، وشدة التسخير..
ومادام الأمر كذلك فامشوا في جوانبها وأطرافها وفجاجها.. ملتمسين رزق ربكم فيها، وداوموا على ذلك،

وَلِيَكُنْ مِشْيَتُكُمْ فِيهَا وَتَصَرُّفُكُمْ بَذْلٌ وَإِخْبَاتٌ وَسُكُونٌ اسْتِصْغَارًا لِأَنْفُسِكُمْ وَشُكْرًا لِمَنْ سَخَّرَ لَكُمْ ذَلِكَ - وَاللَّهُ الْهَادِي.
وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ:

وَلَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَسَرَّهَا لِلْمَشْيِ، ذَكَّرَهُمْ بِأَنَّهُ سَهَّلَهَا لِإِخْرَاجِ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ فَقَالَ: وَكُلُوا وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرِّزْقَ فَوْقَ الْكِفَايَةِ بِقَوْلِهِ: مِنْ رِزْقِهِ أَيِ الَّذِي أَوْدَعَهُ لَكُمْ فِيهَا وَأَمْكَنَكُمْ مِنْ إِخْرَاجِهِ بِضِدِّ مَا تَعْرِفُونَ مِنْ أَحْوَالِكُمْ فَإِنَّ الدَّفْنَ فِي الْأَرْضِ مِمَّا يُفْسِدُ الْمَدْفُونَ وَيُحِيلُهُ إِلَى جَوْهَرِهَا كَمَا يَكُونُ لِمَنْ قَبَرْتُمُوهُ فِيهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَأَنْتُمْ تَدْفِنُونَ الْحُبَّ وَغَيْرَهُ مِمَّا يَنْفَعُكُمْ فَيُخْرِجُهُ لَكُمْ سُبْحَانَهُ عَلَى أَحْسَنِ مَا تُرِيدُونَ وَيَخْرُجُ لَكُمْ مِنَ الْأَقْوَاتِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْأَدْهَانِ وَالْمَلَابِسِ مَا تَعْلَمُونَ، وَكَذَلِكَ النُّفُوسُ هِيَ صَعْبَةٌ كَالْجِبَالِ وَإِنْ قُدْتَهَا لِلْخَيْرِ انْقَادَتْ لَكَ كَمَا قِيلَ "هِيَ النَّفْسُ مَا عَوَّدْتَهَا تَتَعَوَّدُ" .
"وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ" واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئًا ، إلا أن ييسره الله لكم ; ولهذا قال "وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ"
فالسعي في السبب لا ينافي التوكل
كما قال الإمام أحمد :حدثنا أبو عبد الرحمن ، قال:حدثنا حيوة ،قال: أخبرني بكر بن عمرو أنه سمع عبد الله بن هبيرة يقول : إنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول : إنه سمع عمر بن الخطاب يقول : إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول"لو أنَّكم كنتُم توَكَّلونَ علَى اللهِ حقَّ توَكّله لرزقتُم كما يرزقُ الطَّيرُ تغدو خماصًا وتروحُ بطانًا" الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-
الصفحة أو الرقم: 2344 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية =


فأثبت لها رَوَاحًا وغُدُوًا لطلب الرزق ، مع توكلها على الله ، عز وجل ، وهو المسخِر المسَيِّر المُسَبِّب.
شرح الحديث:

حَثَّ الشَّرعُ على التوكُّلِ على اللهِ تعالى والأخْذِ بالأسبابِ، وأنْ يكونَ المسلِمُ مُستعينًا باللهِ تعالى معترِفًا بأنَّ الله بيدِه كلُّ شيءٍ، وأنَّه هو الَّذي يقدِّرُ الأشياءَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "لو أنَّكم كُنتم تَوَكَّلون على اللهِ حقَّ توكُّلِه"، أي: لو حقَّقتُم معنى التَّوكُّلِ على اللهِ، واعتمَدتُم عليه بصِدقٍ، وأخَذتُم بما تيَسَّر لكم مِن أسبابٍ، وعَلِمتم أنَّ اللهَ بيَدِه العطاءُ والمنعُ، وأنَّ تَكَسُّبَكم وسعيَكم مِن أسبابِ اللهِ، وليسَت قوَّتُكم هي الرَّازِقةَ لكم، "لَرُزِقتُم"، أي: لرزَقَكم اللهُ ويسَّر لكم الأسبابَ، "كما يرزُقُ الطَّيرَ"، أي: كما يَأتي بالرِّزقِ إلى الطَّيرِ عندما "تَغدو"، أي: تذهَبُ بُكرةً في أوَّلِ نَهارِها، "خِماصًا"، أي: جِياعًا وبطونُها فارِغةٌ، "وتروحُ"، أي: وتأتي في آخِرِ النَّهارِ إلى بَياتِها "بِطانًا"، أي: وقد مُلِئَتْ بُطونُها بالطَّعامِ، وهذا نوعٌ مِن أنواعِ الأسبابِ في السَّعيِ لطلَبِ الرِّزقِ دون التَّواكُلِ والتَّكاسُلِ، والجلوسِ والزُّهدِ الكاذِبِ في الدُّنيا، لكنْ يَنبَغي على العبدِ الأخذُ بأسبابِ الرِّزقِ مع اليَقينِ في اللهِ وعدَمِ الانشغالِ بالدُّنيا عن الآخرَةِ-الدرر السنية =

"وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " أَيْ: بَعْدَ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ امْتِحَانًا، وَبُلْغَةً يَتَبَلَّغُ بِهَا إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، تُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِكُمْ، وَتُحْشَرُونَ إِلَى اللَّهِ، لِيُجَازِيَكُمْ بِأَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ. = قَالَ: وَإِلَيْهِ أَيْ وَحْدَهُ النُّشُورُ وَهُوَ إِخْرَاجُ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ - الأجساد - الَّتِي أَكَلَتْهَا الْأَرْضُ وَأَفْسَدَتْهَا، يُخْرِجُهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُهُ - ص: 247 -عَلَى مَا كَانَ كُلٌّ مِنْهَا - عَلَيْهِ - عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا أَخْرَجَ تِلْكَ الْأَرْزَاقَ، لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ، غَيْرَ أَنَّكُمْ لَا تَتَأَمَّلُونَ - فَيَسْأَلُكُمْ - عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، فَيَا فَوْزَ مَنْ شَكَرَ وَيَا هَلَاكَ مَنْ كَفَرَ، فَإِنَّ هَذَا أَبْعَثُ شَيْءٍ عَلَى الشُّكْرِ، وَأَشَدُّ شَيْءٍ إِبْعَادًا عَنِ الْعِصْيَانِ لَا سِيَّمَا الْكُفْرُ، لِمَا قَرَّرَ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ، -وَ - الْإِحْسَانِ - إِلَيْهِ - بِأَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ.
مقتبس من نظم الدرر في تناسب الآيات والسور= هنا =

فالذي خلق السماء لا تفاوت فيها ، والأرض ذلولًا قادر
فإليه وحده مرجعكم، وبعثكم من قبوركم، بعد أن قضيتم على هذه الأرض، الأجل الذي قدره- سبحانه- لكم.
" وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " أي المرجع يوم القيامة إلى الله لا إلى غيره كما قال تعالى "إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ " الغاشية :25.،26.

وفي هذا دليل على أن الدنيا ليست دار قرار وبقاء ، وأن الناس فيها غير مستوطنين ولا مقيمين ، بل هم عابري سبيل يتزودون فيها للدار الباقية دار القرار .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-11-2018, 09:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,253
Arrow

"أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ"16.
بعد أن ذكر سبحانه وتعالى أن هذه الأرض سُهلَت للسالكين، توعَّدَ - وهدد،من استمر في طغيانه وتعديه، وعصيانه الموجب للنكال وحلول العقوبة- أن يجعل من الأرض نِقمة بعد أن كانت نِعمة، بخسفها فيُغَيَّبون في مجاهلِها بعد أن كانوا على ظاهرها يتنعمون، واستخدم ذلك صيغة السؤال ليظهر لهم مدى عجزهم وافتقارهم إليه سبحانه.هنا= بتصرف يسير.
فقال" أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ " وهو اللهُ تعالى، العالي على خلقه.ففيها إثبات لصفة العلو لله تعالى فالله جل وعلا في العلو بائِن من خلقِهِ سبحانه وتعالى. وهذه الصفة مِنْ لَوَازِمِ اسْمِ الْعَلِيِّ.

والعلي من أسماء الله الحسنى ، كما قال تعالى " وَهُوَ الْعَليُّ الْعَظِيمُ"سورة البقرة / آية : 255 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي
رحمه الله تعالى:من أسمائه الحسنى :العلي -الأعلى.
دليل اسم
العلي: قال تعالى"وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ"البقرة: 255.
2 ودليل اسم الأعلى : قال تعالى"سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى"الأعلى: 1.

من أسمائه الحسنى :العلي الأعلى،وذلك دال على أن جميع معاني العلو ثابتة لله من كل وجه، فله :
علو الذات:

وهو :أنه مستوٍ على عرشه، فوق جميع خلقه، مباين لهم، وهو مع هذا مطلع على أحوالهم، مُشاهد لهم، مُدبر لأمورهم الظاهرة والباطنة .......توضيح الكافية الشافية :ص116.
"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" طه 5 .
وأما علو القدر :
فهو علو صفاتِه، وعظمتها فلا يماثله صفة مخلوق، بل لا يقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته، قال تعالى"وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا"
طه 110. وبذلك يُعلم أنه ليس كمثله شيء في كل نعوته.

"وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " الروم 27.
-فالمثل الأعلى: الصفات العليا التي لا يستحقها غيره-
قال تعالى " وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ"سورة الأنعام / آية : 91 .أي ما عظموه حق تعظيمه، وما أعطوه ما يستحقه- سبحانه- من تقديس وتكريم وتنزيه وطاعة.هنا-

وله علو القهر
والغلبة:
فإنه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلق كلّهم، فنواصيهم بيده، وما شاء كان لا يمانعه فيه ممانع، وما لم يشأ لم يكن فلو اجتمع الخلق على إيجاد ما لم يشأه الله لم يقدروا، ولو اجتمعوا على منع ما حكمت به مشيئته لم يمنعوه، وذلك لكمال اقتداره، ونفوذ مشيئته وشدة افتقار المخلوقات كلها إليه من كل وجه.
الحق الواضح المبين :ص26،27.

-سبحانه وتعالى له مطلق القدرة على أن يرسل العذاب من السماء أو من بطن الأرض- هنا-
" هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" الزمر 4.
-وقد جمع سبحانه بينهما-أي بين العلو والقهر- في قوله تعالى " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ" سورة الأنعام / آية : 18 . -
فهو الذي على العرش استوى وعلى المُلْكِ احتوى، وبجميع صفات العظمة والكبرياء، والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف وإليه فيها
المنتهى. اهـ .تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي = هنا= ومصادر أخرى.
*قال ابن القيم رحمه الله:

"وَكَذَلِكَ اسْمُ الْعَلِيِّ، فَإِنَّ مِنْ لَوَازِمِ اسْمِ الْعَلِيِّ, الْعُلُوُّ الْمُطْلَقُ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ، فَلَهُ الْعُلُوُّ الْمُطْلَقُ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ: عُلُوُّ الْقَدْرِ، وَعُلُوُّ الْقَهْرِ، وَعُلُوُّ الذَّاتِ، فَمَنْ جَحَدَ عُلُوَّ الذَّاتِ فَقَدْ جَحَدَ لَوَازِمَ اسْمِهِ الْعَلِيِّ" ا.هـ.
مدارك السالكين"1/ 55.الألوكة=
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
"وأما قوله تعالى "أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ " الملك/16 .فمعناه : مَن على السماء ، يعني : على العرش" انتهى ."التمهيد" 7/130 .


لطيفة:
النصوص التي تصف الله تعالى بأنه في السماء ؛ تعني أنه سبحانه عالٍ على خلقه ، ولا تعني أنه عز وجل تحويه السماء وتحيط به ، وذلك لأن السماء هنا بمعنى العلو، وليست السماء المخلوقة ، أو يقال بأن حرف الجر في هنا بمعنى : على ، أي : على السماء،كما قال تعالى
"وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ" - فِي بمعنى على، لأنه سيصلبهم على الجذوع وليس داخل جذوع النخل نفسه كما هو معلوم- وقال سبحانه "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ "العنكبوت 20، أي على الأرض وليس داخلها كما هو معلوم
ولا حاجة إلى هذا ، بل " السماء " اسم جنس للعالي ، لا يخص شيئًا ، فقوله " في السماء " أي : في العلو دون السفل .
وهو العلي الأعلى فله أعلى العلو ، وهو ما فوق العرش ، وليس هناك غيره العلي الأعلى سبحانه وتعالى " انتهى.
" مجموع الفتاوى " 16/100-101.
.هنا= بتصرف يسير.


" أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ " بكم وتضطرب، حتى تتلفكم وتهلككم.

والخسف: انقلاب ظاهر السطح من بعض الأرض فيصير باطنًا، والباطن ظاهرًا..كما فعل سبحانه بقارون:
"فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ"القصص 81.
لما انتهت بقارون حالة البغي والفخر، وازَّيَّنَتْت الدنيا عنده، وكثر بها إعجابه، بغته العذاب.
والمور: شدة الاضطراب والتحرك. يقال: مار الشيء مورا، إذا ارتج واضطرب.

فالمور: هو الحركة والاضطراب والدوران، والمجيء والذهاب، والتموج والتكفّؤ- تفسير الوسيط =
والمعنى: أأمنتم- أيها الناس- من في السماء وهو الله- عز وجل- أن يذهب الأرض بكم، فيجعل أعلاها أسفلها..
أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ: فيغيبكم إلى أسفل سافلين؟ وتمور بكم "فَإِذَا هِيَ تَمُورُ" أي: تضطرب وتهتز هزًا شديدًا بكم، وترتفع فوقكم، وتنقلب عليكم.

وهذا شبيه بقوله تعالى "يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا " أي: تدور السماء وتضطرب، وتدوم حركتها بانزعاج وعدم سكون- تفسير السعدي = هنا=
فالمقصود بالآية الكريمة تهديد الذين يخالفون أمره، بهذا العذاب الشديد، وتحذيرهم من نسيان بطشه وعقابه.
والباء في قوله بِكُمُ للمصاحبة. أى: يخسفها وأنتم مصاحبون لها بذواتكم، بعد أن كانت مذللة ومسخرة لمنفعتكم..
نسأل الله العافية لنا ولكم، اللهم سلم سلم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-13-2018, 06:52 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,253
root

"أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ "17.
التفسير:

ثم انتقل- السياق- من تهديدهم بالخسف إلى تهديدهم بعذاب آخر فقال سبحانه " أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ".
أى: بل أأمِنتم- أيها الناس- من في السماء، وهو الله- عز وجل- بسلطانه وقدرته..
أن يرسل عليكم حاصِبًا أى: ريحًا شديدة مصحوبة بالحصى والحجارة التي تهلك، فحينئذ ستعلمون عند معاينتكم للعذاب، كيف كان إنذاري لكم متحققًا وواقعًا وحقًا..
وقُدِّمَ التهديدُ بالخسف على التهديد بإرسال الحاصب، لأن الخسف من أحوال الأرض، التي سبق أن بين لهم أنه خلقها مذللة لهم، وفيها ما فيها من منافعهم، فهذه المنافع ليس عسيرًا على الله- تعالى- أن يحولها إلى عذاب لهم..تفسير الوسيط = هنا =

فمِن جُنُود الله تعالى: الرِّيح الشديدةُ، وهي أنواع كثيرة، منها: الحاصب، وهي: ريح قوية تحمل من شدتها التراب والحصباء، فتحصب بها الناس، وتُغطي بها العمران، وقد تشتدُّ شدة تقتلع الحجارة فترمي بها الناس، وقد عُذِّب بها أُمَّتَان من الأممِ الغابرةِ، كانتا من أشد الأمم عذابًا؛ كما قال الله تعالى" فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا "العنكبوت: 40.
وهاتان الأُمَّتان هما: عاد وقوم لوط:
فأمَّا عاد فقال الله تعالى فيهم
" وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ " الحاقَّة:6.

"بِرِيحٍ صَرْصَرٍ" أي باردة تحرق ببردها كإحراق النار ; مأخوذ من الصر وهو البرد ; قاله الضحاك . وقيل : إنها الشديدة الصوت . تفسير القرطبي.
"عَاتِيَةٍ" أي : شديدة الهبوب . تفسير ابن كثير .
وتجاوزت كل حد في قوتها. تفسير الوسيط .

وقال سبحانه
"
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا "فصِّلت: 16،

"نَحِسَاتٍ" أي :مشئومات نكدات عليهم.متتابعات.
وكانت ريحًا شديدة ترفعهم وتصرعهم؛ كما قال الله تعالى في وصْف فعلها بهم" تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ "القمر: 20.
"مُنْقَعِرٍ" أي مَقْلُوع مِن أَصْله ومُلقًى على الأرض.

"كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ "كأنهم جذوع النخل المقلوع من الأرض . وقيل أعجاز نخل " وهي أصولها التي قطعت فروعها؛ لأن الريح كانت تبين رءوسَهُم من أجسادِهم ، فتبقي أجسادَهم بلا رءوس ..

لقد ظنَّتْ عاد أنها الريح التي اعتادوها، تحمل السحب، وتسوقها إليهم، فإذا هو حاصب يحمل العذاب الأليم " فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ "الأحقاف: 25، استمرَّ حاصبُهم أيامًا حتى أفناهم الله تعالى به " وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ "الحاقَّة:6، 7.

حُسُومًا : متتابعات مشائيم . وهو من حسم الداء
يقال: قَطَعَهُ فحَسَمَهُ، أي: أزال مادته، وبه سُميَ السيف حُسامًا. وحَسْم الداءِ: إزالة أثره بالكي، وقيل للشؤم المزيل لأثر من ناله: حسوم، قال تعالى"وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا" الحاقة/7، قيل: حاسمًا أثرهم، وقيل: حاسمًا خبرهم، وقيل: قاطعًا لعمرهم. وكل ذلك داخل في عمومه. هنا=

وأما قوم لوط - عليه السلام - فقال الله تعالى فيهم" إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ " القمر: 34،وبلغ من شدة الحاصب الذي اجتاحهم أنه قلب ديارهم وأصبحت أعلى بيوتهم أسفلها ، وقذفهم بحجارة من سجيل أي :بحجارة من الطِّينُ اليَابِسِ الْمُتَحَجِّرِ المتتابع حتى أهلكتهم؛ " فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ "الحجر: 74.



إنَّ النُّذُر تأتينا مِن بين أيدينا ومِن خَلْفنا، ويذكرنا ربنا - جَلَّ جلاله - بآياته الشرعيَّة والكونيَّة؛ لنتذكرَ ونتوب،
"
وَمَا نُرْسِلُ بِالآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا "الإسراء: 59.الألوكة - هنا=
فالرياح الشديدة والزلازل والبراكين كلها تذكرة وتخويف من عاقبة مخالفة أمره سبحانة.


"وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ"الملك:18.
"وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ "أي: الذين قبل كفار مكة من كفار الأمم الماضية. كقوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة، وأصحاب الرس، وقوم فرعون.

"فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ"
قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ : النَّكِيرُ عِقَابُ الْمُنْكِرِ ....
= هنا =
التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب .
أي: كيف كان نكيري على تكذيبهم؟ وذلك بإنزال العذاب بهم، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر وإهلاكهم.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-13-2018, 11:20 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,253
root

" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ "19.

=بعد أن ذكر الله سبحانه أن هذه الأرض سُهلت للسالكين، تَوَعَّدَ الكافرينَ أن يجعلَ من الأرضِ نقمة بعد أن كانت نعمة، بخسفها فَيُغَيَّبُونَ في مجاهلِهَا بعد أن كانوا على ظاهرِهَا يتنعمونَ، واستخدم في ذلك صيغة السؤال ليظهر لهم مدى عجزهم وافتقارهم إليه سبحانه.
ثم يسألهم مرة أخرى : فهل أَمِنتم كذلك إن لم نخسف بكم الأرض أن نمطر عليكم السماء، فستعلمون صدق إنذاري لكم إن وقع العذاب بكم -كما وقع على المكذبين من قبلكم- ، ثم يوجههم الله جل جلاله إلى التأمل في مخلوق من مخلوقاته فيقول
" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ "
- كما ذلل الأرض للآدمي ذلل الهواء للطيور -لعل ذلك يدفعهم إلى الإيمان بالخالق ، فهلًا نظرتم إلى الطير نظرات تأمل واعتبار= هنا=
"صَافَّاتٍ " أَيْ بَاسِطَاتٍ أَجْنِحَتِهِنَّ فِي الْجَوِّ عِنْدَ طَيَرَانِهَا ."وَيَقْبِضْنَ " وَيَضْمُمْنَهَا إِذَا ضَرَبْنَ بِهَا جُنُوبَهُنَّ ،وقتًا بعد وقت للاستظهار به على التحريك
"مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ"ما يمسكهن في حال القبض ، والبسط أن يسقطن إلا الرحمن برحمته الواسعة، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَ ثِقَلِهَا وَضَخَامَةِ أَجْسَامِهَا لَمْ يَكُنْ بَقَاؤُهَا فِي جَوِّ الْهَوَاءِ إِلَّا بِإِمْسَاكِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ .بقدرته، وما دبر لها من بِنْيَة يتأتى منها الجري في الجو.

"الرَّحْمَنُ" اسم عظيم من أسماء الله تعالى الحسنى، وهذا الاسم الكريم خاص بالله تعالى يدل على الكثرة والامتلاء وهو مشتق من الرحمة، ويعني هذا أنه يشتمل على رحمة واسعة= هنا=
"الرَّحْمَنُ" برحمته الواسعة سخر لهن الجو، وجعل أجسادَهن وخِلْقَتهن في حالة مستعدة للطيران، فمن نظر في حالة الطير واعتبر فيها، دلته على قدرة الباري، وعنايته الربانية، وأنه الواحد الأحد، الذي لا تنبغي العبادة إلا له.

"إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ"، فيعطيه ما يليق به، ويسويه بحسب مشيئته، ويودع فيه ما يريده بمقتضى حكمته، ثم يهديه إليه بتوفيقه ورحمته.
تفسير السعدي=هنا= وتفسير القرآن الكريم - المقدم= هنا=
وقال صاحب أضواء البيان:
قَالَ أَبُو حَيَّانَ : عَطْفٌ بِالْفِعْلِ وَيَقْبِضْنَ عَلَى الِاسْمِ ، صَافَّاتٍ ، وَلَمْ يَعْطِفْ بِاسْمِ قَابِضَاتٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّيَرَانِ هُوَ بَسْطُ الْجَنَاحِ ، وَالْقَبْضُ طَارِئٌ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو - ص: 242 - حَيَّانَ : جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّ الِاسْمَ لِلدَّوَامِ وَالثُّبُوتِ ، وَالْفِعْلَ لِلتَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ ، فَالْحَرَكَةُ الدَّائِمَةُ فِي الطَّيَرَانِ هِيَ صَفُّ الْجَنَاحِ ، وَالْجَدِيدُ عَلَيْهِ هُوَ الْقَبْضُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ دَلِيلٌ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى وَآيَةٌ لِخَلْقِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "
النَّحْلِ: 79 .
فَهِيَ آيَةٌ عَلَى الْقُدْرَةِ ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ جَلَّ وَعَلَا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا "فاطر: 41 .
فَهُوَ سُبْحَانُهُ مُمْسِكُهُمَا بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى عَنْ أَنْ تَزُولَا ، وَلَوْ قُدِّرَ فَرْضًا زَوَالُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِمْسَاكِهِمَا إِلَّا هُوَ.
تَنْبِيهٌ
وَلَعَلَّ مِمَّا يَسْتَدْعِي الِانْتِبَاهَ تَوْجِيهُ النَّظَرِ إِلَى الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ " صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ " ، بَعْدَ التَّخْوِيفِ بِخَسْفِ الْأَرْضِ بِأَنَّ الْأَرْضَ مُعَلَّقَةٌ فِي الْهَوَاءِ كَتَعَلُّقِ الطَّيْرِ الْمُشَاهَدِ إِلَيْكُمْ مَا يُمْسِكُهَا إِلَّا اللَّهُ ، وَإِيقَاعُ الْخَسْفِ بِهَا ، كَإِسْقَاطِ الطَّيْرِ مِنَ الْهَوَاءِ ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَا يُمْسِكُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى الْخَسْفِ بِهَا ، وَعَلَى إِسْقَاطِ الطَّيْرِ . = هنا=
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن/محمد الأمين بن محمد بن المختار الجنكي الشنقيطي.

"إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ"البصير له معنيان: الأول: هو أن لله -تبارك وتعالى- بصرًا يليق بعظمته،الذي أحاط بصرُه بجميع المُبصِرات في أقطار الأرض والسموات، فيرى جميع الكائنات حتى أخفى ما يكون فيها.
"قَالَ لَا تَخَافَا إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى"طه:46.
الثاني: أنه ذو بصيرة بالأشياء، عالم بها، خبير بأمرها، لا تخفى عليه منها خافية.
"وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ" آل عمران 163.
فالبصير بالشيء يعني: العالِم به، الذي لا يخفى عليه منه قليل، ولا كثير، فاجتمع المعنيان في البصير.الشيخ خالد عثمان السبت = هنا=

" إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ " أي بصير بما يصلح كل شيء من مخلوقاته ، فهو المدبر لعباده بما يليق بهم ، وتقتضيه حكمته .تفسير سورة الملك :الشيخ :
سليمان بن محمد اللهيميد

فإذا كان الله -تبارك وتعالى- يبصر العباد، لا يخفى عليه من أمرهم قليل، ولا كثير، وهو أيضًا -جل جلاله وتقدست أسماؤه- يعلم بواطنهم، وخفاياهم، فإلى أين المفر؟.
الفرار إلى الله -تبارك وتعالى- بمراقبته.
=وكان الإمام أحمد -رحمه الله- كثيرًا ما يردد:
إذا ما خلوتَ الدهر يومًا فلا تقل *** خلوتُ ولكن قل عليّ رقيبُ

ولا تحسبنّ الله يغفل ساعةً *** ولا أنّ ما يخفى عليه يغيبُ

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي:ص: 551.

*ومن آثار الإيمان بهذا الاسْم العظيم:
أوَّلًا: إثبات صفة البَصَر لله؛ لأنَّه وصف نفسه بذلك.
" إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ "الشورى:27 .
ثانيًا: أن الله - تبارك وتعالى - بصيرٌ بأحوال عباده، خبير بصير بِمَن يستحقُّ الهداية منهم ممَّن لا يستحقُّها، بصير بمن يصلح حاله بالغِنَى والمال وبمن يفسد حاله بذلك؛ قال تعالى" وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ "الشورى: 27.
وهو بصير بالعباد، شهيدٌ عليهم، الصَّالح منهم والفاسق؛ قال تعالى" هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"التغابن: 2، بصير خبير بأعمالِهم وذنوبهم؛ قال تعالى" وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا "الإسراء: 17، وسيَجزيهم عليها أتمَّ الجزاء.
ثالثًا: إذا علِمْنا أنَّ الله بصيرٌ، حملَنا ذلك على حِفْظ الجوارح وخطرات القلوب عن كلِّ ما لا يُرْضِي الله، وحملَنا أيضًا على خشْيته في السِّرِّ والعلانية، في الغَيب والشهادة؛ لأنَّه يرانا على كلِّ حال، فكيف نَعْصيه مع عِلْمنا باطِّلاعه عليْنا؟! قال تعالى" الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ "الشعراء: 218-219، ومن علم أنَّه يراه أحسن عملَه وعبادته، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هُريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال عن الإحسان"أن تعبُد الله كأنَّك تراه، فإنْ لَم تكُن تراه فإنَّه يراك".
قال النَّووي - رحمه الله - "هذا من جوامع الكلِم الَّتي أُوتيها - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأنَّا لو قدرنا أنَّ أحدنا قام في عبادة وهو يُعايِن ربَّه - سبحانه وتعالى - لَم يترك شيئًا ممَّا يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحُسْن السَّمت، واجتماعه بظاهره وباطنه، وعلى الاعتِناء بتتْميمها على أحسن وجوهِها إلَّا أتى به"
شرح صحيح مسلم"؛ للنووي :1/ 157 - 158.
=الألوكة =

فهل تفكرتم في ذلك ، وتساءلتم من يمسك هذا الطير أن يقع، إنه الله الذي بكل شيء بصير، فلا يغفل عنه شيء، وكل واقع تحت بصره الذي أحاط بكل شيء.= هنا =
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-15-2018, 04:19 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,253
Arrow

يقول تعالى "أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ" الملك : 20.

أي: ليس لكم من دونه من ولي ولا واقٍ، ولا ناصر لكم غيرالرحمن يستطيع أن يدفع عنكم عذاب الله .الاستفهام للإنكار ،والتوبيخ و التحدي والتعجيز، و"أَمْ" منقطعة بمعنى بل - تفيد الانتقال من حدثٍ إلى حدثٍ، أي بعد أن بين سبحانه حال الكفار وعدم تأملهم لهذا المخلوق الضعيف وهو الطير وكيف أنه خرق العادة الطبيعية ومهد له الطيران ، نقلنا إلى مشهد آخر من هذا المعين والناصر إذا حلَّ بكم العذاب، .
فلفت أنظارهم مرة أخرى إلى قوة بأسه، ونفاذ إرادته، وعدم وجود من يدفع عنهم إذا ما أنزل بهم عقابه.

والمراد بالجُندِ: الجنود الذين يهرعون لنصرة من يحتاج إلى نصرتهم .وجند لكم جاءت بالجملة الاسمية للدلالة على الثبات والدوام -أي دوام نفي الناصر من دون الله-، أي: ليس لكم من دونه من ولي ولا واقٍ، ولا ناصر لكم غيره .
=ومع أن السياق والآية تتكلم عن النصر وعن القوة والقهر والجبروت ،إلا أن الله سبحانه وتعالى ذكر اسم الرحمن فقال"
مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ".
وفي آيات أخرى مثل سورة الكهف قال تعالى "
وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا "الكهف 43.
وفي قصة قارون قال سبحانه "
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ" القصص 81.
من يتتبع السياق يعلم الجواب :
في سورة الملك كان السياق فيها هو إظهار نعم الله على مخلوقاته السموات وما زينها به ، والطير وما مر بنا من نِعم في الآيات السابقة.... تتناسب مع الرحمة تقتضي الرحمة، أما في قصة قارون ، والحوار الذي حصل بين المؤمن والكافر في سورة الكهف فهي عقوبة وناسب هنا لفظ الجلالة.
"إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ"

" إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ أي في غرور من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم .تفسير البغوي= هنا=
الغُرُور : صفة في النفس تجعلها تعرض عن الحق جحودًا وعنادًا وجهلًا. أي ليس الكافرون إلا في غرور عظيم، وفي جهل تام، عن تدبر الحق، لأنهم زين لهم الشيطان سوء أعمالهم، فرأوها حسنة.تفسير الوسيط.هنا =
إن الكافرون في غرور وباطل لأنهم اغتروا بقوتهم النسبية المحدودة أمام قوة الخالق المتصرف في الكون كله .
لذلك كل من علق قلبه بالنصر أو بالعز أو بالتمكين أو بالرفعة بغير الله سبحانه وتعالى فهو مغرور .

لذلك قال تعالى" إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ.." آل عمران 160.
وقال تعالى"
إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" محمد 7.
وقال تعالى"
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ" الحج 40.
فالتوكل من أعظم أسباب النصر،لذا قال موسى لقومه"
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " الأعراف 128.
لذلك من يتأمل المعارك والغزوات التي خاضها عليه الصلاة والسلام ،في جميع المعارك كان الجيش الإسلامي أقل من جيوش الكفار والمشركين ،إلا في معركة واحدة،معركة حُنين.قال تعالى "
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ "التوبة 25.
انهزموا لأنهم أعجبوا بالكثرة وغرتهم كثرتهم ،فكل من طلب النصر من غير الله فإن الله سبحانه وتعالى سيخذله.
مجالس في تدبر سورة الملك - (17) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ / للشيخ أيمن شعبان = هنا =

"لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ‏"وهو اسم للمكان الذي كانت فيه الوقعة بين مكة والطائف‏.‏
‏"‏إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا‏"‏ أي‏:‏ لم تفدكم شيئا، قليلًا ولا كثيرًا ‏"‏وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ‏"‏ بما أصابكم من الهم والغم حين انهزمتم "‏بِمَا رَحُبَتْ‏"‏ أي‏:‏ على رحبها وسعتها "‏ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ‏"‏ أي‏:‏ منهزمين.
وذلك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما فتح مكة، سمع أن هوازن اجتمعوا لحربه، فسار إليهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أصحابه الذين فتحوا مكة، وممن أسلم من الطلقاء أهل مكة، فكانوا اثني عشر ألفا، والمشركون أربعة آلاف، فأعجب بعض المسلمين بكثرتهم، وقال بعضهم‏:‏ لن نغلب اليوم من قلة‏.‏
فلما التقوا هم وهوازن، حملوا على المسلمين حملة واحدة، فانهزموا لا يلوي أحد على أحد، ولم يبق مع رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا نحو مائة رجل، ثبتوا معه، وجعلوا يقاتلون المشركين، وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يركض بغلته نحو المشركين ويقول‏"‏أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب‏"‏ ولما رأى من المسلمين ما رأى، أمر العباس بن عبد المطلب أن ينادي في الأنصار وبقية المسلمين، وكان رفيع الصوت، فناداهم‏:‏ يا أصحاب السمرة، يا أهل سورة البقرة‏.‏
فلما سمعوا صوته، عطفوا عطفة رجل واحد، فاجتلدوا مع المشركين، فهزم اللّه المشركين، هزيمة شنيعة، واستولوا على معسكرهم ونسائهم وأموالهم‏.
‏.
‏تفسير السعدي = هنا=
والغزوة بتمامها في صحيح مسلم = هنا=

____________
"أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ" الملك : 21.

يتوجه الخطاب لمن يتوجه لغير الله من أصحاب الملك والجاه أو الآلهة الأخرى ، يتوجهون لهم بطلب النصرة والرزق - التي هي من مظاهر المُلك - أرأيتم إن منع الله عنكم النصر والرزق فمن يأتي بهما؟! .

قال ابن القيم -رحمه الله- في قوله تعالى" أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ " الآية "جمع سبحانه بين النصر والرزق، فإن العبد مضطر إلى من يدفع عنه عدوه بنصره، ويجلب له منافعه برزقه، فلابد له من ناصر ورازق، والله وحده هو الذي ينصر ويرزق فهو الرزاق ذو القوة المتين، ومن كمال فطنة العبد ومعرفته أن يعلم أنه إذا مسه الله بسوء لم يرفعه عنه غيره وإذا ناله بنعمة لم يرزقه إياها سواه"
إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان:1/34.

فقد تكفل الرزاق -سبحانه- برزق كل مخلوق، وذلك يشمل الإنسان والحيوان والجان، فتكفل برزق كل واحد من هؤلاء، وقسم له رزقه، قال سبحانه"وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" هود: 6، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يُصلحه، حتى الذرّ في باطن الأرض، والطير في الهواء، والحيتان في الأعماق، والأجنّة في الأرحام، والحشرات في الصخور، فسبحان الرزاق العليم" = هنا=

أنواع الرزق : ما ينتفع به الإنسان وهو نوعان : رزق يقوم به البدن ، ورزق يقوم به الدين , والرزق الذي يقوم به البدن : هو الأكل والشرب واللباس والمسكن والمركوب وما أشبه ذلك , والرزق الذي يقوم به الدين : هو العلم ، والإيمان ، وكلاهما مراد بهذا الحديث . شرح الأربعين النووية ص 101 - 102.= هنا=

"أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ" أي: من هذا الذي إذا قطع الله رزقه عنكم يرزقكم بعده؟! أي: لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق، وينصر إلا الله -عز وجل-، وحده لا شريك له، أي: وهم يعلمون ذلك، ومع هذا يعبدون غيره; ولهذا قال تعالى:
"بَلْ لَجُّوا"
أي: استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم
"فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ" أي: في معاندة، واستكبار، ونفور على إدبارهم عن الحق، أي لا يسمعون له ولا يتبعونه.
= هنا=


*الرزق الخفي:
*ومن الأرزاق رزق خفي، بأن يرزق الله العبد القناعة، فيقنع العبد في نفسه ويرضى بما أعطاه الله من مال وولد، وهذا ما مدح به النبي -صلى الله عليه وسلم- العبد الموفق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال" قد أفلحَ من أسلمَ ، ورُزِقَ كفافًا ، وقنَّعَه اللهُ بما آتاهُ" .
الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-
الصفحة أو الرقم: 1054 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر-
وفي الحديثِ: الفَوْزُ والفَلاحُ لِمَنْ أَسْلَمَ لله، ورَضِيَ بما قَسَمه الله له.
وفيه: أنَّ القَناعَةَ مِن أسبابِ الفَلَاحِ

* ومن جميل الرزق أن يُغني الله عبدَه بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، وهذا ما علّمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أمته أن يحرصوا عليه، فعَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أنَّ مُكاتبًا جاءَهُ فقالَ : إنِّي قد عَجزتُ عَن كتابتي فأعنِّي ، قالَ : ألا أعلِّمُكَ كلِماتٍ علَّمَنيهنَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لو كانَ عَليكَ مثلُ جَبلِ صيرٍ دينًا أدَّاهُ اللَّهُ عَنكَ ، قالَ : قُل : اللَّهمَّ اكفني بِحلالِكَ عن حرامِكَ ، وأغنِني بِفَضلِكَ عَمن سواكَ"الراوي : علي بن أبي طالب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3563 - خلاصة حكم المحدث : حسن- الدرر-
"اللَّهمَّ اكْفِني بحَلالِك عن حَرامِك"، أي: قَنِّعْني بالحَلالِ وسُقْهُ إليَّ منه في كلِّ شيْءٍ؛ حتَّى لا أحتَاجَ معه إلى الحَرامِ، "وأغْنِني بفضْلِك عمَّن سِواكَ"، مِن الخلْقِ؛ حتَّى لا أحتاجَ إليهِم، ولا أُنزِلَ حاجَتي بأحَدٍ منهم.
وفي الحَديثِ:
الحَثُّ على ردِّ السَّائلِ ردًّا حسَنًا إذا لم يكُنْ لك ما تُعطِيه.
وفيه: تنبِيهُ العالِمِ للمُتعَلِّمِ، وتَذكِيرُه بما يَحتاجُ إليه.
وفيه: أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى كافٍ عبْدَه المؤمِنَ. الدرر-


عباد الله: إذا رزق الله العبد العلم النافع والإيمان الصحيح، والرزق الحلال، والقناعة بما أعطاه الله منه، فقد تمت أموره، واستقامت أحواله الدينية والبدنية، وهذا النوع من الرزق هو الذي مدحته النصوص النبوية، واشتملت عليه الأدعية النافعة، ومن لا يملكه فهو الفقير فعلًا الذي يُرثَى له.= هنا= ومصادر أخرى لتخريج وتحقيق الأحاديث.

عباد الله: احذروا المعاصي فإنها تذهب ببركة الأرزاق والأبدان، واعلموا أن الإيمان والتقوى سببان عظيمان للحصول على الأرزاق والبركات، وأن الكفر والفجور سببان عظيمان لنقص الأرزاق ومحق البركات، قال الملك الوهاب -سبحانه-"وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"الأعراف: 96.

أَصْلُ البَرَكةِ؛ النَّماءُ والزِّيَادةُ, وكَثرَةُ الخيرِ ودوامُهُ؛ فالبركةُ ما كَانتْ في صَغيرٍ إلا كبَّرَتْهُ، ولا في قَليلٍ إلاَّ كثَّرَتْهُ، ولا في كَثيرٍ إلا نَفَعَتْهُ وأبْقَتْهُ؛ لا غِنَى لأَحَدٍ عن بَركةِ اللهِ.
ومن أسباب البركة:

*صلة الأرحام:

"مَن أحبَّ أن يبسُطَ لَه في رزقِه ، ويُنسَأَ لَه في أثَرِه ، فليَصِلْ رَحِمَهُ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5986 - خلاصة حكم المحدث :صحيح- الدرر-
أي: مَن أَحَبَّ أنْ يُوسِّعَ اللهُ عليه رزْقَه ويُؤخَّرَ له في أَجلِه فَلْيصِلْ رَحمَه، ومعنى تأخيرِ الأجَلِ وزيادةِ العُمرِ، هو الزِّيادةُ بِالبركةِ فيه والتَّوفيقِ لِلطَّاعاتِ وعمارةِ أوقاتِه بما يَنفعُه في الآخرةِ، وصيانتِه عَنِ الضَّياعِ في غيرِ ذلك.- الدرر-

*شكر النعم:
الأرزاق تزيد بالشكر، وتنقص بعدمه، وهو الكفران والمعاصي، قال سبحانه"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"إبراهيم: 7، وهكذا تذهب الأرزاق والخيرات، وتُنزَع البركات، ويحل المحق والفساد بسبب المعاصي.
*الصدقة:
ومن أسباب البركات التي توجب على العباد الرحمات والنفقات والصدقات:

ما من يومٍ يصبحُ العبادُ فيه، إلا ملَكان ينزلان، فيقول أحدُهما : اللهم أعطِ مُنفقًا خلفًا، ويقول الآخرُ : اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا ".الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 1442 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر -


*التبكير:
من أسباب حصول البركة؛ التبكير بالأعمال والتجارات وطلب العلم وغير ذلك وقضاؤها أول النهار، قال -عليه الصلاة والسلام "
الَّلهمَّ باركْ لأمَّتي في بُكُورِها" الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-
الصفحة أو الرقم: 1833 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر -


*الدعاء بالبركة:
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا ما يسأل الله تعالى البركة :
"اللَّهمَّ بارِكْ لي في ديني الَّذي هوَ عِصمةُ أَمري ، وفي آخِرَتي الَّتي فيها مَصيري ، وفي دُنْيايَ الَّتي فيها بَلاغي ، واجعَل حياتي زِيادةً لي في كلِّ خَيرٍ ، واجعَلِ الموتَ راحةً لي مِن كلِّ شرٍّ"
الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الوادعي - المصدر : الصحيح المسند -الصفحة أو الرقم: 247 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر -
العناصر مقتبسة من = هنا =

هذا حديثٌ جامِعٌ لأَنواعِ الخَيْرِ كُلِّها يَشتَمِلُ على دُعاءٍ شامِلٍ، لِمُتطلَّبَاتِ الدُّنيا والآخِرَةِ، وهو مِن جَوامعِ الكَلِمِ الَّتي أُوتيَها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وفيه بَدَأَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالأَهَمِّ، وهُو الدعاءُ بإصلاحِ الدِّينُ، ووَصَفَ الدِّين بأنَّه عِصمةُ الأَمْرِ؛ فبِه يَعتَصِمُ الإنسانُ مِن كُلِّ شرٍّ، وصَلاحُ الدِّينِ يَكونُ بِالإخلاصِ لِلهِ والمُتابعَةِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
ثُمَّ سألَ بَعدَ ذلك إصلاحَ الدُّنيا لَه، ثُمَّ ذَكَرَ العُذْرَ في سُؤالِه إِصْلاحَها؛ بأنْ قالَ"الَّتي فيها مَعاشِي" يَعنِي: الَّتي أَعيشُ فِيها لأَعْبُدَك، ومِنَ المعاشِ: الكَسْبُ والسَّعيُ في الأَرْضِ لاستِجْلَابِ الرِّزقِ، ويَكونُ ذلك عِبادةً للهِ عزَّ وجلَّ إذا احتَسَب العبدُ الأجْرَ، واستعانَ به على الطَّاعةِ. ثُمَّ قال" وأَصلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فيها مَعادِي"، فرَتَّبَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الآخِرَةَ بَعدَ الدُّنيا، ثُمَّ قال"واجْعَلِ الحياةَ زِيادةً لي في كُلِّ خيرٍ" اجعْلها سَببَ زِيادةٍ، أزْداد فيها مِن الأَعمالِ الصَّالحةِ، "واجْعَلِ الموتَ راحةً لي مِن كُلِّ شرٍّ"، بأن تَختِمَ لي بالخاتمةِ الحَسنةِ وتَجعَلَ الموتَ خَيرًا مِن الحَياةِ التي لا تَخْلو عَنْ شَرٍّ وبَلاءٍ؛ فأتَخلَّصَ به مِن كلِّ شرِّ الدُّنيا ومَشقَّتِها، ولا يُصيبني شَرُّ عذابِ القبرِ وفِتنته، ولا شَرُّ النارِ، فأستريح في الجَنَّةِ . الدرر=


ولنحذر الإملاء ولا نغتر به:
قال تعالى " وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ " آل عمران :178.
ما يتمتع به الأشرار في الدنيا من متع إنما هو استدراج لهم، وقوله "نُمْلِي لَهُمْ" من الإملاء وهو الإمهال والتخلية بين العامل والعمل ليبلغ مداه.
يقال: أملى فلان لفرسه إذا أرخى له الطول ليرعى كيف شاء..
ويطلق الإملاء على طول المدة ورغد العيش.
والمعنى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ، بتطويل أعمارهم، وبإعطائهم الكثير من وسائل العيش الرغيد هو، "خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ "كلا. بل هو سبب للمزيد من عذابهم، لأننا "إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا" إِثْمًا بكثرة ارتكابهم للمعاصي "وَلَهُمْ" في الآخرة " عَذابٌ مُهِينٌ" أى عذاب ينالهم بسببه الذل الذي ليس بعده ذل والهوان الذي يتصاغر معه كل هوان. = هنا =
نسأل الله العافية لنا ولكم .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-26-2018, 01:15 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,253
Arrow


"أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " الملك :22.

هذا مثلٌ ضربه الله للضال والمهتدي.
أَيْ: أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَهْدَى؟ مَنْ كَانَ تَائِهًا فِي الضَّلَالِ، غَارِقًا فِي الْكُفْرِ قَدِ انْتَكَسَ قَلْبُهُ، فَصَارَ الْحَقُّ عِنْدَهُ بَاطِلًا وَالْبَاطِلُ حَقًّا؟ وَمَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَقِّ، مُؤْثِرًا لَهُ، عَامِلًا بِهِ، يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ وَجَمِيعِ أَحْوَالِهِ؟ فَبِمُجَرَّدِ النَّظَرِ إِلَى حَالِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، يَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالْمُهْتَدِي مِنَ الضَّالِّ مِنْهُمَا، وَالْأَحْوَالُ أَكْبَرُ شَاهِدٍ مِنَ الْأَقْوَالِ. تفسير السعدي = هنا =
والمُكِب: هو المتعثِر الذي يَخِرُّ على وجهِهِ؛ لوعورةِ طريقِهِ، واختلاف سطحه ارتفاعًا وانخفاضًا.

الذي تمادى في طغيانه وفر من الحق والإيمان، يمشي منسكًا وجهه فلا يرى الحق.التفسير الموضوعي لسورة الملك= هنا =

وأما الذي يمشي سويًا فهو القائم المعتدل السالم من التعثر؛ لاستواء طريقه واستقامة سطحه.
ذلك الذي انتفع بالحق فهو على صراط مستقيم لا اعوجاج في سيره.التفسير الموضوعي لسورة الملك= هنا =


قال قتادة: يحشر الله الكافر مكبًا على وجهه، والمؤمن يمشي سويًا.
وقال البيضاوي:.......لم يقل الله تبارك وتعالى: أفمن يمشي مكبًا على وجهه على طريق وعر فيه كذا وكذا من الآفات والحفر والارتفاع والانخفاض والتفاوت؛ لأن ما عليه الكافر من الضلال والانحراف لا يستحق أصلاً أن يوصف بأنه طريق؛ لأنه وَهْم وضلال، فاكتفى عن التعبير عن وعورة الطريق بوصف من يمشي عليه، وهذا مَلْمَح مهم جدًا من إعجاز القرآن الكريم وبلاغته، وهذا من عجائب القرآن الكريم، حيث ذكر المسلك في الثاني دون الأول، قال سبحانه: "أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى" ثم قال"أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا" أي: ليس منكبًا مخرًا على وجهه؟ لا، بل يمشي سويًا معتدلًا يرى الطريق "عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" أي: على طريق واضح، في حين أنه لما وصف حال الكافر لم يثبت له الطريق، فكأن ما عليه الكافر لا يستحق أن يسمى طريقًا أو منهجًا، فأهمله واكتفى بالدلالة على وعورة الطريق بذكر صفة من يمشي عليه ويعاني من حزونته وصعوبته

تفسير القرآن الكريم - المقدم = هنا =

وقال الشيخ مصطفى العدوي في تفسيرِهِ لهذه الآية:
شبه الكافر في مشيه ومسيره في الحياة الدنيا بأنه يمشي مكبًا على وجهه، وهو أيضًا سيمشي مكبًا على وجهه في الآخرة كذلك، كما قال سبحانه"وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا"الإسراء:97.
أن رجلًا قال : يا نبيَّ اللهِ ، كيف يُحْشَرُ الكافرُ على وجهِه يومَ القيامةِ ؟! قال : أليسَ الذي أَمْشَاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يُمْشِيَه على وجهِه يومَ القيامةِ . قال قتادةُ : بلى وعزةِ ربِّنَا .الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4760 - خلاصة حكم المحدث : - صحيح - الدرر-

سلسلة التفسير لمصطفى العدوي = هنا =

" أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا " أي : منتصب القامة ، "عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ "أي : على طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم ، وطريقه مستقيمة . هذا مثلهم في الدنيا ، وكذلك يكونون في الآخرة . فالمؤمن يحشر يمشي سويًا على صراط مستقيم ، مفضى به إلى الجنة الفيحاء ، وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم .
"
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ *بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ "الصافات 22: 26 *تفسير ابن كثير = هنا =
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 04:52 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر