#1
|
||||
|
||||
حكم التعزير بالمال
حكم التعزير بالمال
السؤال: حكم التعزير بالمال هل الأمر جائز؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد. فهذا السؤال وهو ما يتعلق بالتعزير بالمال, سؤالٌ مهم يلمسه الناس في حياتهم على وجه العموم، ما معنى التعزير بالمال، أي العقوبة بأخذ شيءٍ من المال على مخالفة، على خطأ، هذا قد يكون وفق التنظيم العام، كأنظمة المرور مثلًا، أنظمة الإقامة، أنظمة الجوازات, أنظمة البناء والبلديات، وما إلى ذلك من الأنظمة التي يكون من جملة الطرق الإلزام بها العقوبة على المخالف بالمال, التعزير بالمال هو هذا المعنى. طبعا أيضًا يدخل فيه ما يتفق عليه جماعة من الناس، سواءٌ كانوا في دائرة عمل، أو كانوا في دائرة لقاء، أو كانوا في اجتماع خاص، بأنه مثلًا على سبيل المثال ما يفعله بعض الناس، إذا تأخر أحدهم، ألزم بغرامة مالية خمس ريالات, عشر ريالات نحو ذلك. ما حكم التعزير بالمال؟ بكل صوره، عقوبة مخالف بالمال ما حكمها؟ هذه القضية للعلماء فيها قولان: القول الأول: هو قول الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، أنه لا يجوز التعزير بالمال بكل صوره، ومن أراد أن يعزر فليعذر بغير المال، أما المال فإنه لا يجوز التعزير به، يستدلون بقوله تعالى"وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" البقرة : 188. وأيضًا بالآية الأخرى في قوله تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم" النساء: 29 . . فالله تعالى نهى عن أكل المال بالباطل، وهذا منع على أن يتسلط الإنسان على مال غيره بغير وجه حق. وقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟»صحيح مسلم = هنا = هذا ما استدل به القائلون، واستدلوا أيضًا بتحريم المال «كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه»صحيح مسلم = هنا = . وغير ذلك الآيات والأحاديث التي فيها تحريم المال. أما القائلون بالإباحة: فقالوا إن هذه الأحاديث والآيات هو فيما إذا أخذ المال بغير حق، لكن هنا المال أخذ بحق، والدليل على أن التعزير بالمال حق، أن النبي صلى الله عليه وسلم شرعه, شرعه صلى الله عليه وسلم فيمن يصيد في المدينة، كما في الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه قال في الصائد في المدينة «مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا فَلَهُ سَلَبُهُ» الدرر = . أي يأخذ سلاحه وعدة صيده، هذا التعزير بالمال. أيضا استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في الثمر المعلق، لما سئل عنه «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ»صحيح أبي داود = . يعني على غير الصفة السابقة، وهو أخذه لحاجة، «فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ» . فألزم النبي صلى الله عليه وسلم من أخرج من البستان ثمرًا لا حاجة له بأكله، فإنه يلزمه غرامة ما أخذ مضاعفة، وهذا نوع من التعزير بالمال. كذلك استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مانع الزكاة«هِيَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهَا» . كما قال صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث، وفي بعضها قال: «فإنا آخذوها منه وشطر ماله» . شطر ماله يعني نصف أمواله «عزمة من عزمات ربنا» . مجموع هذه الأحاديث، والأحاديث الأخرى، وما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم، قالوا يدل على جواز التعزير بالمال، كما أن المصلحة قد تقتضي التعزير بالمال ذاك أن الناس لا ينكف خطأهم، ولا يمتنع خروج المخالفة منهم، صدور المخالفة عنهم إلا بنظامٍ رادع، ومن الأنظمة التي أثبتت نجاحها في كبح جماح المخالفات في سائر الشأن ما يتعلق بالتعزير بالمال، الأخذ بالمال, العقوبة بالمال، فإنها وسيلة من وسائل الردع. وهذا هو الراجح من القولين: وهو الذي يرجع إلى السياسية الشرعية التي تحقق المصالح وتدرأ المفاسد، فالذي يظهر والله تعالى أعلم أنه لا حرج في التعزير بالمال، لكن ينبغي أن يكون تعزيرًا عادلًا، وأن يكون عامًا لا انتقائيًا؛ لأن هذا مما يتحقق به العدل. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. الشيخ خالد المصلح . |
#2
|
||||
|
||||
حكم العقوبات المالية في الإسلام ؟
الحمد لله ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن التعزير بأخذ المال لا يجوز . وأجاب بعضهم عن القضايا التي وردت بالعقوبة بأخذ المال بأنها منسوخة ، إذ كان مشروعًا في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك ، وعللوا عدم جواز التعزير بأخذ المال بأن هذا النوع من العقوبة يكون ذريعة إلى أخذ ظلمة الحكّام والولاة أموال الناس بغير حق . وذهب شيخ الإسلام ابن تيمة وتلميذه ابن القيم إلى جواز التعزير بأخذ المال إذا رأى الولاة أن هذا يحقق المصلحة ، ويردع الظلمة ، ويكف الشر ، لأن التعزير باب واسع ، فأوله التوبيخ بالكلام ، وأعلاه التعزير بالقتل إذا لم ينكف الشر إلا بالقتل ، وأخذ المال نوع من أنواع التعزير الذي يحصل به ردع المعتدين . وقد رد الشيخان دعوى النسخ ونفياها نفيًا باتًا ، ودللا على ذلك بما ورد من القضايا العديدة المؤيدة لوجود العقوبات المالية . قال الشيخ : مدّعو النسخ ليس معهم حجة شرعية لا من كتاب ولا من سنة ، وهو جائز على أصل أحمد ، لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في المال غير منسوخة كلها . ومن أدلة التعزير بأخذ المال ما يأتي : أباح النبي صلى الله عليه وسلم سلب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن يجده . أمر بكسر دِنان الخمر وشق ظروفه . أمر عبد الله بن عمر بحرق الثوبين المعصفرين . أضعف الغرامة على من سرق من غير حرز . هدم مسجد الضرار . حَرَم القاتل من الميراث والوصية . قال شيخ الإسلام : إن العقوبات المالية ثلاثة أقسام : أولاً : الإتلاف : هو إتلاف محل المنكرات تبعًا لها ، مثل الأصنام بتكسيرها وإحراقها وتحطيم آلات اللهو ، وتمزيق أوعية الخمور ، وتحريق الحوانيت التي يباع فيها الخمر ، وإتلاف كتب الزندقة والإلحاد والأفلام الخليعة والصور المجسمة ونحو ذلك . ثانيًا : التغيير : مثل تكسير العملة المزيفة والستائر التي فيها التصاوير ، وجعله وسادة ونحو ذلك . ثالثًا : التمليك : مثل سرقة التمر المعلّق ، والتصدق بالزعفران المغشوش ، فمصادرة مثل هذه الأشياء والصدقة بها أو بأثمانها . المصدر: توضيح الأحكام من بلوغ المرام ص 31.
__________________
|
|
|