#1
|
||||
|
||||
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
"لمَّا نزلَت هذِهِ الآيةَ " ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" قالَ النَّاسُ يا رسولَ اللَّهِ عن أيِّ النَّعيمِ نسألُ وإنَّما هُما الأسْودانِ والعدوُّ حاضرٌ وسيوفُنا علَى عواتقِنا .قالَ "إنَّ ذلِكَ سَيكونُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3357 - خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره- الدرر-
الشرح لقدْ أنعَم اللهُ عزَّ وجَلَّ على عِبادِه بنعَمٍ كثِيرةٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصَى؛ فعلى العبْدِ أنْ يَشكُرَ اللهَ سبحانَه وتعالَى على هذه النِّعَمِ، ولا يَعصِيَ اللهَ تعالى بها؛ لأنَّه سوْف يُحاسَبُ عليها يومَ القِيامَةِ. وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُريرَةَ رَضِي اللهُ عَنه "لَمَّا نزَلَتْ هذه الآيَةُ"، أي: عندما أنزَلَ اللهُ تعالى على نبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هذه الآيَةَ بواسِطَةِ أمينِ الوحْيِ وهو جِبريلُ عليه السَّلامُ"ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ" أيُّها النَّاسُ"يَوْمَئِذٍ" أي: يومَ القِيامَةِ، "عَنِ النَّعِيمِ"التكاثر: 8؛ الَّذي تنعَّمتُمْ به في دارِ الدُّنيا، هل قمتُمْ بشكْرِه، وأدَّيتُم حقَّ اللهِ فيه، ولَم تستعِينوا به على معاصِيهِ، فينعِّمُكُم نعيمًا أعلى منه وأفضَلَ، أَمِ اغترَرْتُم به، ولَم تَقوموا بشُكرِه؟ بل ربَّما استعَنْتُم به على مَعاصي اللهِ فيُعاقِبُكم على ذلك، "قال النَّاسُ" الحاضِرون مِن الصَّحابَةِ رَضِي اللهُ عَنهم: يا رسولَ اللهِ، "عن أيِّ النَّعيمِ نُسأَلُ؟"، أي: ليس عِندنا مِن النِّعَمِ الكثِيرُ حتَّى يسأَلَنا ربُّنا عنها، "وإنَّما هما الأسوَدانِ" أي: إنَّما عندنا نِعْمتانِ فقَط وهما الأَسْوَدان؛ التَّمرُ والماءُ، وغُلِّب التَّمرُ على الماءِ، فقيلَ: أسْوَدان، وكان الغالِبُ في تمْرِ المدينَةِ الأسَودَ، "والعدُوُّ حاضِرٌ" أي: نحن في حُروبٍ مستمِرَّةٍ، "وسيُوفُنا على عواتِقِنا"، والعاتِقُ ما بين المنْكِبِ والعنُقِ، أي: نُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ ومستعِدُّون للقِتالِ في كلِّ لحظَةٍ حتَّى نَكادَ لا نضَعُ سُيوفَنا ولا نترُكُها، ومع هذا سنُسألُ عن هذا النعيمِ، "قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مبيِّنًا مَعنى الآيَةِ"إنَّ ذلك سيَكونُ"، أي: إنَّ السُّؤالَ عن التَّمرِ والماءِ سيكونُ يومَ القِيامةِ، وسيُسأَلُ العبْدُ عنهما. وقيل: المَعنى أنَّ النَّعيمَ الَّذي تُسأَلون عنه سيكونُ بعد ذلك، بعْدَ أنْ يَفتَحَ اللهُ عليكم مِن الدُّنيا ونَعيمِها ما يَفتَحُ.- الدرر-
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
النعيم الذي يسأل عنه المرء يوم القيامة
الحمد لله : أولاً : معنى قول الله تعالى " ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ " التكاثر/8 : أي " ثم ليسألنكم الله عز وجل عن النعيم الذي كنتم فيه في الدنيا : ماذا عملتم فيه ، ومن أين وصلتم إليه ، وفيم أصبتموه ، وماذا عملتم به ؟ " انتهى من " تفسير الطبري " 30/365. ثانيًا : اختلف أهل التفسير في المقصود من النعيم المسئول عنه على أقوال منها : 1- أنه الصحة والأمن . 2- أنه العافية . 3- أنه الصحة والفراغ . 4- أنه الإدراك بحواس السمع والبصر . 5- بعض ما يطعمه الإنسان ويشربه . 6- الغداء والعشاء . 7- شبع البطون . 8- كل ما التذه الإنسان في الدنيا من شيء . ينظر : " تفسير الطبري " 30/365-370." تفسير القرطبي " 20/176 . والصحيح من القول في ذلك: هو أن النعيم المذكور في الآية عام يشمل كل ما يتنعم الإنسان به ، فيدخل فيه كل أصناف النعم من طعام وشراب وملبس وسكن وصحة وعافية وحواس وغير ذلك . قال الطبري في تفسيره :30/370 " والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم ، ولم يخصص في خبره أنه سائلهم عن نوع من النعيم دون نوع ، بل عمّ بالخبر في ذلك عن الجميع ، فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم ، لا عن بعض دون بعض " انتهى . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ " مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ " ؟ قَالَا : الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ" وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا قُومُوا " فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيْنَ فُلَانٌ " ؟ قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي ، قَالَ : فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ : كُلُوا مِنْ هَذِهِ ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ : فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ " فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ " . أخرجه مسلم :2038 . وفي لفظ الترمذي :2369" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنْ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ظِلٌّ بَارِدٌ وَرُطَبٌ طَيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ " . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْعَبْدَ مِنْ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيَكَ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ " . أخرجه الترمذي :3358. وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " . وقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ " . أخرجه الترمذي :2416. وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " 7299 . ثالثًا : ليس من النعيم المسئول عنه يوم القيامة ما يضطر إليه المرء من طعام يسد به جوعته أو ملبس يستر به عورته ، أو مسكن يتقي به الحر والبرد ، أما ما زاد عن حد الاضطرار والاحتياج الشديد فهو من النعيم المسئول عنه . فقد ثبت في رواية في مسند أحمد :20244. عن أبي عسيب رضي الله عنه قال " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا فَمَرَّ بِي فَدَعَانِي إِلَيْهِ ، فَخَرَجْتُ ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ ثُمَّ مَرَّ بِعُمَرَ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ " أَطْعِمْنَا بُسْرًا " فَجَاءَ بِعِذْقٍ فَوَضَعَهُ فَأَكَلَ ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ بَارِدٍ فَشَرِبَ فَقَالَ " لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قَالَ : فَأَخَذَ عُمَرُ الْعِذْقَ فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ حَتَّى تَنَاثَرَ الْبُسْرُ قِبَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَئِنَّا لَمَسْئُولُونَ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ " نَعَمْ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : خِرْقَةٍ كَفَّ بِهَا الرَّجُلُ عَوْرَتَهُ ، أَوْ كِسْرَةٍ سَدَّ بِهَا جَوْعَتَهُ ، أَوْ حَجَرٍ يَتَدَخَّلُ فِيهِ مِنْ الْحَرِّ وَالْقُرِّ " . حسنه الألباني في " صحيح الترهيب والترغيب" 3221 . رابعًا : السؤال عن النعيم يعم المسلم والكافر ، إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا والآخرة ؛ لأن المؤمن شكر نعمة الله وحفظ حق الله فيها ، أما سؤال الكافر فهو تقريع له ؛ لأنه قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية . قال الماوردي " وهذا السؤال يعم الكافر والمؤمن إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا والآخرة ، وسؤال الكافر تقريع أن قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية " انتهى من تفسير القرطبي :20/177 . قال القشيري " إن الكل يُسألون ، ولكن سؤال الكفار توبيخ ؛ لأنه قد ترك الشكر ، وسؤال المؤمن سؤال تشريف لأنه شكر ، وهذا النعيم في كل نعمة " انتهى . وعلق القرطبي على ذلك بقوله " وهذا القول حسن ؛ لأن اللفظ يعم " انتهى من تفسير القرطبي :20/177 . وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره ص836 : " ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" الذي تنعمتم به في دار الدنيا ، هل قمتم بشكره ، وأديتم حق الله فيه ، ولم تستعينوا به على معاصيه ، فينعمكم نعيمًا أعلى منه وأفضل . أم اغتررتم به ، ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به على المعاصي ، فيعاقبكم على ذلك ، قال الله تعالى "وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ " انتهى . والله أعلم . المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
فإذا كان أفاضل هذه الأمة الذين أقاموا الإسلام، ونصروا الدين، وهاجروا في سبيل الله تعالى، وأُخرجوا من ديارهم، يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يُسألون عن تمر سدُّوا به جوعهم، فعن مه سَنُسأل وقد أغرقتنا النعم من رؤوسنا إلى أقدامنا؟! وأسرفنا فيها وبطرنا وقلَّ فينا شكرها، والرضا بها.
أين شكرنا لنعم ربنا علينا؟! وأين إحساسنا بمصاب إخواننا؟! ألا نخاف أن تسلب نعمنا كما سُلبت من غيرنا؟! ثم كيف نقابل ربنا للحساب وهذه نعمه تترا علينا، ونحن لا زلنا في سرفنا ولهونا وغفلتنا، وقد رأينا النُّذُرَ من بين أيدينا ومن خلفنا؟! هنا . "إنَّ أوَّلَ ما يُسأَلُ عنهُ يومَ القيامةِ يعني العبدَ منَ النَّعيمِ أن يقالَ لَهُ : ألم نُصحَّ لَكَ جِسمَكَ ، ونُرْويَكَ منَ الماءِ الباردِ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3358 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر - |
|
|