#1
|
||||
|
||||
لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ
"لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ"الراوي : سلمان الفارسي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2139 - خلاصة حكم المحدث : حسن- الدرر- الشرح: جعَل اللهُ سبحانه وتعالى بحِكمَتِه لكلِّ شيءٍ في هذه الدُّنيا سَببًا؛ فجعَل الولَدَ يأتي بالزَّواجِ، والمريضَ يُشْفى بالدَّواءِ، وكذلك جعَل القَضاءَ يُرَدُّ بالدُّعاءِ، والعُمرَ يَزيدُ بالبِرِّ، كما يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ "لا يَرُدُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ"، أي: الأمرَ المقدَّرَ، فالدُّعاءُ يَكونُ سببًا في عَدَمِ نُزولِ البلاءِ المقدَّرِ لذلك الشَّخصِ، وقيل: رَدُّه هو تَهْوينُ وتَخفيفُ ما نزَل على العبدِ مِنه، "ولا يَزيدُ في العُمرِ إلَّا البِرُّ"، أي: الطَّاعاتُ، والإحسانُ إلى الوالِدَينِ والأرحامِ وسائرِ النَّاسِ؛ فهي سَببٌ في زيادةِ العُمرِ، وقيل: الزِّيادةُ المَعنِيَّةُ هي البرَكةُ في وَقتِه وعُمرِه، وكلٌّ مِن رَدِّ القضاءِ بالدُّعاءِ، وزيادةِ العمرِ بالبِرِّ- إنَّما هُما مِن الأمورِ المكتوبةِ للشَّخصِ عندَ اللهِ سبحانه وتعالى في اللَّوحِ المحفوظِ، وقد سبَقَتْ في عِلمِ اللهِ سبحانه وتعالى، لكنَّ الأمرَ فيها من بابِ الأسبابِ والمسبِّباتِ، كالدَّواءِ للمَريضِ، ونحوِ ذلك. وفي الحديثِ: تَقديرُ اللهِ سبحانه وتعالى للجزاءِ وسَببِه. وفيه: الإرشادُ إلى كَثرةِ الدُّعاءِ والتَّضرُّعِ إلى اللهِ في كلِّ الأحوالِ. - الدرر- |
#2
|
||||
|
||||
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الإيمان بقدر الله وقضائه واجب بل هو الركن السادس من أركان الإيمان، قال الله تعالى"إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ "القمر:49. وفي صحيح مسلم عن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في إجابته عن الإيمان" أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ". والدعاء من قدر الله تعالى، فإذا أصاب العبد ما يكرهه أو خشي ما يصيبه فمن السنة أن يدعو الله تعالى أن يرفع عنه البلاء ويصرف عنه شر ما يخشاه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم"لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ". صحيح الترمذي. وهذا لا يعني التعارض بين القدر والدعاء ولاتغيير القدر، فإن الدعاء مقدر كما سبق، ولكن المراد أن ما في أيدي الملائكة من الصحف قد يتغير، فمن أوشك أن ينزل به البلاء فدعا الله، صرف عنه ذلك. والعبد لايدري ما كتب له، ولذلك ينبغي أن لا يتهاون في الدعاء قبل نزول البلاء أو بعده. روى الحاكم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إِنَّ الدعاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نزلَ ومِمَّا لمْ يَنْزِلْ ، فَعليكُمْ عِبادَ اللهِ بالدعاءِ" صحيح الترغيب والترهيب. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في أوقات الشدة الأزمات ويسأل الله تعالى أن يرفع البلاء، فعن عائشة رضي الله عنها "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أهْلِهِ، يَمْسَحُ بيَدِهِ اليُمْنَى ويقولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا" صحيح البخاري. «لا يُغادِر»، أي: لا يَترُك «سَقَمًا» أي: مَرَضًا. ولا ينبغي للمسلم أن يستسلم ويترك الأسباب بحجة أن هذا قدره، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له. "كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَومٍ جَالِسًا وفي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ به، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقالَ: ما مِنكُم مِن نَفْسٍ إلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، قالوا: يا رَسُولَ اللهِ، فَلِمَ نَعْمَلُ؟ أَفلا نَتَّكِلُ؟ قالَ" لَا،اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له ، ثُمَّ قَرَأَ"فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بالحُسْنَى"، إلى قَوْلِهِ "فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى" الليل: 5 - 10."صحيح مسلم. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.". صحيح مسلم. وفي رواية "قدَّرَ اللَّهُ وما شاءَ فعلَ" صحيح ابن ماجه. فعلى المسلم أن يتسبب ويتعالج ويسترقي .....وكل ذلك من قدر الله تعالى وقضائه وإذا أصابه بعد ذلك ما يكره فليقل: قدر الله وما شاء فعل، كما أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم. وسيجد بردها على قلبه إن كان صادقًا. إسلام ويب بقليل تصرف في تحقيق الأحاديث .
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
أنواع القدر:
من الضوابط في موضوع القضاء والقدر أن التقدير هذا القدر والتقدير منه ما هو أزلي، ومنه ما هو عمري، ومنه ما هو حولي، ومنه ما هو يومي: الأول:التقدير الأزلي: فهو كتابة المقادير في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، خلق الله القلم، وقال له: اكتب.رواه أبو داود: 4702، وصححه الألباني صحيح الجامع: 2018، والله يعلم قبل خلق القلم ماذا سيكون؟ "إنَّ أولَ ما خلق اللهُ القلمُ، فقال لهُ : اكتبْ، قال : ربِّ وماذا أكتبُ ؟ قال : اكتُبْ مقاديرَ كلِّ شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ . يا بنيَّ إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول : من مات على غيرِ هذا فليسَ مِني"الراوي : عبادة بن الصامت - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4700 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. كان الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهم يُعلِّمونَ أبناءَهم ومَنْ بَعْدَهم أمورَ العَقيدةِ ومَسائِلَها؛ حتَّى يَكونَ الإيمانُ في قُلوبِهم على أَكْمَلِ وَجْهٍ لا يَشوبُه مِنْ أمراضِ القلوبِ شيءٌ. "قال: اكْتُبْ مَقاديرَ كُلِّ شيءٍ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ" أي: إنَّ اللهَ أمَرَه أنْ يَكْتُبَ مَقاديرَ كُلِّ شيءٍ في الكونِ بالطَّريقةِ والكيفيَّةِ الَّتي أمَرَه اللهُ أنْ يَكْتُبَ بها ما أراد اللهُ إيجادَه إلى يومِ القيامةِ، قال عُبادةُ "يا بُنيَّ، إنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: مَنْ مات على غيرِ هذا"، أي: على غيرِ الإيمانِ بالقضاءِ والقَدَرِ، "فليس مِنِّي"، أي: فإنَّه ليس مُؤمِنًا بالعَقيدةِ الَّتي جاء بها النَّبيُّ محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.الدرر. الثاني:التقدير العمري: تقدير كل ما يجري للعبد في حياته إلى مماته، وشقائه وسعادته، وأجله، ورزقه، وعمله، ويكون هذا التقدير عند نفخ الروح في بطن أمه، قال عبد الله بن مسعود"حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ، فإنَّ الرَّجُلَ مِنكُم لَيَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ النَّارِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ."صحيح البخاري. هذا أي تقدير العمري. الثالث: التقدير الحولي: يكون في ليلة القدر، وهو التقدير السنوي؛ الذي يكتب فيه في كل سنة ماذا يحدث فيها من موت وحياة، ومرض وعافية، ورزق ومطر وقحط، وحتى الحج يكتب فلان يحج، وفلان يحج، هذا التقدير الحولي، وقد قال سبحانه وتعالى" فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ "الدخان: 4. في تلك الليلة من السنة، ومعنى يفرق: يفصل، ويبين، ويكتب في هذه الليلة المباركة ليلة القدر، كل أمر فيه حكمة، لأن كل ما يفعله ربنا سبحانه مشتمل على أنواع الحكم الباهرة، ففي كل ليلة قدر من السنة يبين الله للملائكة، ويكتب لهم بالتفصيل ما يقع في تلك السنة إلى ليلة القدر التي بعدها من السنة الجديد، فيكتب في صحف الملائكة الآجال، والأرزاق، والفقر، والغنى، والخصب، والجدب، والصحة، والمرض، والحروب، والزلازل، وجميع ما يقع في تلك السنة كائنًا ما كان. الرابع:أما التقدير اليومي الذي ذكره ربنا بقوله"كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ.الرحمن: 29، فإنه سبحانه وتعالى في كل يوم يحيي ويميت، ويخلق ويرزق، ويعز ويذل، ويمرض ويشفي، ويفك عانيًا، ويفرج مكروبًا، ويجيب داعيًا، ويعطي سائلًا، ويغفر ذنبًا، وهكذا من الأفعال الكثيرة التي تحدث كل يوم في العالم، فهذا التقدير اليومي تفصيل التقدير الحولي، والتقدير الحولي تفصيل التقدير العمري، والتقدير العمري تفصيل التقدير الأزلي الذي خطه القلم في الإمام المبين. *من الضوابط في القضاء والقدر: أن القدر سر من أسرار الله، لا مدخل للعقل فيه، الإيمان بما جاءت به المقادير واجب، والاقتصار في باب القدر على ما ورد في القرآن والسنة، والتسليم وعدم التنقير، وإثارة الشبهات لا بدّ منه، لازم وإلا ضاع الإنسان؛ لأن هناك قضايا ما يستوعبها الإنسان، ولا يحيط بها، والله سبحانه وتعالى عليم خبير، وكثير من الذين خاضوا في القدر، وتكلموا فيه بغير علم، ونبشوا فيه، ونقروا، ونقبوا، وتعمقوا، بعضهم انتهى إلى الضلال المبين. ضوابط في الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ محمد صالح المنجد - هنا- هنا
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
هل الدعاء يغير المكتوب عند الله تعالى؟
الدعاء من القدر، والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران: قدر محتوم لا حيلة فيه، وقدر معلق، فيكون بعض القدر معلق بالدعاء فإذا دعا زال المعلق، قد يكون معلق أن الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلى.. إذا صام.. إذا فعل كذا، فهذا قدر معلق الله جل وعلا يرفعه عنه بما فعل من الطاعات والأعمال الصالحات والتوبة. فالأقدار تعالج بالأقدار، مثلما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزواته إلى الشام ووقع الطاعون أشاروا عليه بالرجوع، وأشار بعضهم بعدم الرجوع، ثم استقر أمره على الرجوع من المدينة وعدم القدوم على الطاعون، فقال: تفر من قدر الله؟ فقال : نفر من قدر الله إلى قدره، الله أمرنا بأن لا نقدم عليه لا نقدم على هذا المرض، فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف فأخبر عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن لا يقدم عليه ففرح عمر بذلك وأن الله وفقه لما جاء به النص بعدما استشار الصحابة. وهكذا الإنسان تصيبه الحمى فيتعاطى الأسباب، يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع يأكل حتى يزول الجوع يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد أو يتروش يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه المرض في عينيه فيعالجها بأنواع العلاج يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع العلاج كلها تفر من قدر الله إلى قدر الله. نعم. الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
__________________
|
|
|