#11
|
||||
|
||||
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ :
وإنما عُنيتُ بتخريجه من هذا الوجه لقصة ابن مسعود مع أصحاب الحلقات ، فإن فيها عبرة لأصحاب الطرق وحلقات الذكر على خلاف السنة ، فإن هؤلاء إذا أنكر عليهم منكر ما هم فيه ، اتهموه بإنكار الذكر من أصله ! وهذا كفر لا يقع فيه مسلم ، وإنما المنكَر ما أُلصِق به من الهيئات والتجمعات التي لم تكن مشروعة على عهد النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وإلا فما الذي أنكره ابنُ مسعود ـ رضي الله عنه ـ على أصحاب تلك الحلقات ؟ ! إلا التجمع في يوم معين ، والذكر بعدد لم يرد ، وإنما يحصره الشيخ صاحب الحَلْقة ، ويأمرهم به من عند نفسه ، وكأنه مُشرِّع عن الله تعالى . قال تعالى " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ ... " .سورة الشورى / آية : 21 . ـ زد على ذلك أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلاً وقولاً إنما هي التسبيح بالأنامل . * ومن الفوائد التي تؤخذ من الحديث ، أن العبرة ليست بكثرة العبادة ، وإنما بكونها على السنة ، بعيدة عن البدعة وقد أشار إلى هذا ابن مسعود بقوله : " اقتصاد في سنة ، خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة " . * ومن الفوائد أن البدعة الصغيرة بريدٌ إلى البدعة الكبيرة ، ألا ترى أن أصحاب الحلقات صاروا بعدُ مِنَ الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد " علي بن أبى طالب " ؟ فهل من مُعْتَبِر ؟ نظم الفرائد : ج : 1 / ص : 211 . |
#12
|
||||
|
||||
شبهة والرد عليها قد يقول قائل : تخصيص شهر رجب بصيام من باب " السنة الحسنة" لقول الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ..... " . ـ الحديث ـ .ولرد هذه الشبهة نورد الحديث مع توضيح مراد الشارع منه : ـ عن المُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيه ؛ قال : كُنَّا عِنْدَ رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في صَدْرِ النَّهَارِ . قال : فجاءهُ قومٌ حفاةٌ عراةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ "1"أوِ الْعَبَاءِ ،مُتَقَلِّدِي السُّيُوف . عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ "2" وَجْهُ رَسُولِاللهِ ـ صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم ـ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الفَاقَةِ . فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ . فَأَمَرَ بِلالاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ . فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَال : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ." . سورة النساء / آية : 1 . إلى آخر الآية . " إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " . والآيَةَ التي في الحَشْرِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ ..." . سورة الحشر / آية : 18 . تَصَدَّق "3" رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ ،مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حتى قَالَ - ولَوْ بِشَقِّ تَمْرَةٍ . قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا . بَلْ قَدْ عَجَزَتْ . قالَ : ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَينِ مِنْ طَعَامٍ وثِيَابٍ . حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسْولِ اللهِ– صلى الله عليه وسلم – يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ "4" . فقالَ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً ، فَلَهُ أَجْرُهَا ،وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ . مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ " . ومَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنةً سَيئةً ، كانَ عليهِ وِزْرُهَا ووِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها مِنْ بَعْدِهِ . مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " .صحيح مسلم / ( 12 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 20 ) ـ باب : الحث علىالصدقة ولو بشق تمرة ... / حديث رقم : 69 ـ ( 1017 ) / ص : 241 . " 1 " الجَوْب : القَطْعُ . النمار : جمع نَميرة وهي كساء من صوفٍ مخطط . مجتابيها : أي لابسيها قد خرقوها في رؤوسِهم - أي خرقوها وقوروا وسطها- . "2 " تمعر : تغير . " 3 " تصدق : أي ليتصدق فهو خبر بمعنى الأمر . " 4"مُذْهَبة : الصفاء والاستنارة . * من شرح الحديث بصحيح مسـلم : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ..... . فيه الحث على الابتداء بالخيرات ، وسن السنن الحسنات ، والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات . وسبب هذا الكلام في هذا الحديث أنه قال في أوله : "فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها ، فتتابع الناس " وكان الفضل العظيم للبادي بهذا الخير ، والفاتح لباب هذا الإحسان . وفي هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " ، وأن المراد به المحدثات الباطلة ، والبدع المذمومة .ا . هـ. من سن سنة حسنة : نجد أن السُّنَّة الحسنة في هذا الحديث هي الصدقة وهي لها أصل في الدين ولكن الحث عليها بالعمل - القدوة-..... فيقتدي به الناس ، يعتبر سنة حسنة . وليس إذًا معنى السنة الحسنة أن نبتدع في دين الله أي عبادات ونقول من سن في الإسلام سنة حسنة . فلا يخصص شهر رجب بصيام ونقول من سن في الإسلام سنة حسنة ..... . ولا نحتفل بليلة النصف من شعبان ونحييها ونخصها بعبادات معينة تحت ستار من سن في الإسلام سنة حسنة . فلا عبادة إلا بنص صحيح بفهم السلف الصالح . |
#13
|
||||
|
||||
طريق الخلاص من البدع بعد أن ظهر جليا أن كل بدعة ضلالة ، فما هو طريق الخلاص من البدع التي هي مفتاح الضلال ؟ فالجواب ما قاله الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " تركتُ فيكم شيئين ، لن تضلوا بعدهما : كتاب الله ، وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض " . رواه الحاكم عن أبي هريرة / صحيح الجامع الصغير وزيادته / الهجائي / تحقيق الشيخ الألباني / ج : 1 / حديث رقم : 2937 / ص : 566 / صحيح . * عن جابر بن عبد الله ، قال : رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجته يوم عرفة ، وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول :" يا أيها الناس ! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا :كتاب الله ، وعترتي ؛ أهل بيتي " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / 46 ـ كتاب : المناقب مناقب أهل بيت النبي صلى ... / عن رسول الله ..... / 32 ـ باب : حديث رقم : 3786 / ص : 855 / صحيح . فالبدع في حقيقتها سمٌّ ناقعٌ ، فالحذر الحذر من هذا السُّمِّ ؛ فإنه قاتل ، ومِلْ مع الحقِّ حيث كان ،وكنْ متيقِّظًا لخلاص مُهْجَتِك بالاتباع ، وترك الابتداع . إذًا " الطريق الوحيد للخلاص من البدع وآثارها السيئة هو الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادًا وعِلمًا وعملاً " . محوطًا ذلك كلُّه بالاهتداء بهَدْي السلف وفهمِهِم ونهجِهِم وتطبيقِهِم لهذين الوحيين الشريفين ؛ فَهُمْ ـ رحمهم الله ـ أعظمُ الناس حبًّا ، وأشدُّهم اتباعًا ، وأكثرُهم حرصًا ، وأعمقهم علمًا ، وأوسعُهم دراية . وترجع أهمية هذا الأمر : أنه الشرط الثاني لقبول أي عبادة ..... فشرطي قبول أي عمل صالح هما :أن يكون هذا العمل : 1 ـ خالصًا لله . 2 ـ صوابًا على نهج رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . وهذا الطريق يسير على من يسَّره اللهُ له ، وسهلٌ على من سَهَّلَهُ اللهُ عليه ، لكنه يحتاج إلى جهود علمية ودَعَويَّةٍ متكاتفةٍ متعاونةٍ ، ساقُها الصِّدْقُ ، وأساسُها الحبُّ والأخوَّةُ ـ بعيدًا عن أيِّ حزبيةٍ أو تكتُّلٍ أو تمحْوِرٍ ـ ومنطَلَقُها العملُ بأمره تعالى "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" . سورة المائدة / آية : 2 . والله الهادي ـ وحده ـ إلى سواءِ السَّبيل . فهنيئًا لمن وفَّقَهُ اللهُ في عبادته لاتِّباع سنة نبيه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، ولم يخالطها ببدعةٍ ، إذن ؛ فَلْيُبْشِرْ بتقبل الله عز وجل لطاعته ، وإدخاله إياه في جنته . جعلنا اللهُ من المتبعين للسنن كيفما دارتْ ، والمتباعدينَ عن الأهواء حيثما مالتْ ؛ إنه خير مسئول ،وأعظم مأمول . وصلى الله تعالى وسلم على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه . |
#14
|
||||
|
||||
كلمـــة ذهبيـــة " اقتصادٌ في سنةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ " . هذه الكلمة الذهبية صحَّت عن غيرِ واحدٍ من الصحابةِ ـ رضي الله عنهم ـ ، منهم : أبو الدرداء ، وعبد الله بن مسعود . ووردت أيضًا عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه ؛ كما في " الحُجَّة في بيان المحجة " . 1 / 111 ؛ بلفظ : " وإن اقتصادًا في سبيلٍ وسُنَّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في خلافِ سبيلٍ وسُنَّة ، فانظرُوا أنْ يكونَ عملُكم إنْ كان اجتهادًا أو اقتصادًا أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم صلوات الله عليهم " . رواه اللاكائي ..... . وهي كلمة تعطي منهاجًا عظيمًا للمسلم الذي يريد الاتباع الصحيح في أعماله وأقواله الشرعية . وهذه الكلمة مأخوذة من عدة أحاديث نبوية صحيحة منها : قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إياكم والغلو في الدين " . والغلو مجاوزة الحد . * فعن ابن عباس ؛ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غداة يوم العقبة وهو على ناقته : " ..... إياكم والغلو في الدين ، ..... " . سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 25 ـ كتاب : المناسك / 63 ـ باب : قدر حصى الرمي / حديث رقم : 3029 / ص : 513 / صحيح .
ومنها قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : * عن عائشة قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أحبُّ الأعمالِ إلى الله أدومها وإن قل " . صحيح مسلم . متون / 6 ـ كتاب : صلاة المسافرين وقصرها / 30 ـ باب : العمل الدائم من قيام الليل وغيره / حديث رقم : 218 ـ 783 / ص : 188 . وغيرها من الأحاديث . وقد طبق الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعون ـ رحمهم الله تعالى ـ هذه القاعدة تطبيقًا دقيقًا ، فكانوا جد حريصين على اتباع السنة ولو بقليل عملٍ ، ومن ثَمَّ ابتعدوا عن البدعة ابتعادًا كثيرًا ، ونفروا عنها ومنها ، ولو توهَّم متوهمٌ أن في هذه البدعة اجتهادًا وزيادة خير ؛ ـ تذكر قول ـ أبي الأحوص وهو يقول لنفسه : " يا سلام نَمْ على سُنَّةٍ ، خيرٌ من أن تقوم على بدعة " . علم أصول البدع / علي حسن على عبد الحميد . " ألهمنا الله وإياكُم حُسن المتابعة ، وجنبنا الهوى والمخالفة " آمين . علم أصول البدع / ص : 88 . |
#15
|
||||
|
||||
__________________
|
|
|