#11
|
||||
|
||||
المجلس العاشر دورة تيسير القواعد الفقهية 15 ـ وَمِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ التَّيْسِيرُ * في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ تَعْسِيرُ الشَّرِيعَةِ: الشريعة تطلق في اللغة على مورد الماء، ومنبع الماء، ومصدر الماء، كما تطلق الشريعة على الملة، والدين، والطريقة، والمنهاج، والسنة. فيُقال: الشريعة والشرع والشرعة وكلها بمعنى واحد. لماذا أطلقت كلمة الشريعة على منبع الماء؟ لأنه مصدر حياة الإنسان والحيوان والنبات. فإذًا الشريعة إذا أردنا أن نستلهم من اللغة، هي مصدر حياة النفوس، ومصدر صلاح القلوب، ومصدر استقامة الأحوال، هذا المنبع الذي لا غنى عنه للسعادة في الدنيا والآخرة.موقع الشيح محمد صالح المنجد = هنا = التَّيْسِيرُ: مأخوذ من اليُسْر ، وهو السهولة والليونة . في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ: أي في كل أمر اعترض له وعارضه ونزل به . تَعْسِيرُ : مأخوذ من العُسر وهو الشدة وعدم الليونة . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري . = والمعنى الإجمالي للقاعدة : هو أن المشقةَ والعَنَتَ إذا طرآ على المكلَّفِ كانا سببًا في المجيء باليسر له في العمل المطروء عليه تلك المشقة ، فالشرع مبناه على الرأفة والرحمة والتسهيل . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 49 / بتصرف . المشقة هي : العُسر والعناء الخارجين عن حد العادة والاحتمال . القواعد ... / ... الصقعبي ـ وورد برسالة : الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية : ليس كل مشقة تكون سببًا للرخصة ؛ كمشقة الوضوء والغسل في البرد ، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار ، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها ، ومشقة ألم الحد ، ورجم الزناة ، وقتل الجناة ، وقتل البغاة ، فهذا القسم من المشاق لا أثر له في إسقاط العبادات ، وبالتالي فلا تشمله هذه القاعدة " المشقة تجلب التيسير " . وإنما المراد بالمشقة التي تؤدي إلى هلاك المكلَّف ، أو مرضه ، أو انقطاعه عن العمل .ا . هـ . ونماذج هذا في الشرع الحكيم كثيرة، فالمرض مشقة اقتضت تيسيرًا -للصائم والمصلي ...- ، والسفر مشقة اقتضت تيسيرًا، والخوف مشقة اقتضت تيسيرًا. الشيخ خالد المصلح = هنا = فشُرِعَ القصر والجمع والصلاة على حاله؛ جالسًا أو على جَنْب .... *قال الشيخ عثمان السبت :ليست كل مشقة تجلب التيسير، المشقة أنواع: = هناك مشقة خارجة عن طوق المكلَّف، والله -عز وجل- قال"لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" البقرة: 286، لم يكلفنا مالا نطيق ابتداءً، بمعنى لا يوجد في تكليف الشريعة أشياء لا يطيقها الإنسان، الإنسان ما كُلف بأن يطير في الهواء مثلاً . = وهناك تكليف بما لا يطاق على آحاد المكلفين لقيام العارض، مثلاً إنسان مُقعَد نقول: يجب أن تقوم في الصلاة، كيف يجب أن تقوم في الصلاة؟ "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" البقرة:286، فهذا تكليف ما لا يطاق على آحاد المكلفين، لماذا؟ لقيام العارض، وهو أن هذا الإنسان مُقعَد، وإلا فالأصل أن الإنسان يستطيع القيام. القسم الثالث: لا يستطاع إلا بكلفة كبيرة، ومشقة عظيمة، تؤدي به إما إلى الهلاك، أو إلى زيادة المرض، أو إلى تأخير البُرْء، أو إلى طول المرض، بحيث إن هذا الإنسان يحصل له ضرر معتبر، هذا الإنسان يعاني من مرض في رجليه، نقول له: صلِّ قائمًا، يقول: أنا أستطيع أن أصلي قائمًا، لكنني أجد من العناء والعنت والألم ما لا يُتَصَور، فماذا نقول لهذا الإنسان؟ نقول له: "المشقة تجلب التيسير"، صلِّ قاعدًا، مع أنه يستطيع أن يصلي قائمًا. هذا الإنسان أجرى عملية في عينه، وقال له الطبيب: لا تسجد، ولا تركع، وإنما بالإيماء، هل هذا الإنسان يعجز حقيقة عن السجود والركوع؟ لا يعجز، يستطيع أن يسجد ويحصل الذي يحصل؛ لكنه يؤدي إلى زيادة المرض، أو تأخير البُرْء، أو عطب العضو، ذهاب البصر مثلاً، فماذا نقول لهذا الإنسان؟ نقول: "المشقة تجلب التيسير" تسجد وتركع إيماءً. و ستأتي قاعدة أخرى "مَن عجز عن بعض العبادة وقدر على بعضها"، ليس معناها: أنه يصلي على كرسي، قلنا: إنك لا تستطيع أن تركع وتسجد، لكن القيام ما شأنه وهو ركن؟ لماذا لا تقوم في الصلاة؟ فإذن المشقة التي يكون فيها الفعل مقدورًا للمكلف لكن مع عناء شديد، وحصول ضرر معتبر بأحد هذه الأشياء التي ذكرناها، فنقول "المشقة تجلب التيسير". الشيخ خالد عثمان السبت = هنا= *ففي هذه القاعدة أمران: الأمر الأول: الأصل، والأمر الثاني: القاعدة. الأمر الأول:الأصل أن الشريعة بناؤها على الْيُسر، دليل ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم« إنَّ الدينَ يسرٌ» كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. الشيخ خالد المصلح = هنا = "إن الدينَ يُسرٌ ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه ، فسدِّدوا وقاربوا ، وأبشروا ، واستعينوا بالغدوَةِ والرَّوْحةِ وشيءٍ من الدُّلْجَةِ ". الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 39 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر السنية = الأمر الثاني: القاعدة :إذا طرأ على هذا الأصل وهو اليسر إذا طرأ عليه العسر والعناء الخارجين عن حد العادة والاحتمال، شُرعَ التيسير لدفع هذا الحرج والعسر الذي طرأ. o وقفة : قال الشيخ / سعد بن ناصر الشثري / في شرح هذه المنظومة : العلماء يعبرون عن هذه القاعدة بتعبير يخالف تعبير المؤلف هنا ، المؤلف هنا يقول : " في كل أمر نابه تعسير "ـ أي التعسير سبب للتيسير ، والعلماء يعبرون عنها بلفظ آخر ، فيقولون " المشقة تجلب التيسير " ، ولعل لفظ المؤلف ـ أي الناظم ـ أولى من لفظ الفقهاء ، وذلك لعدد من الأمور : ـ الأمر الأول : أن الشريعة إنما جاءت بنفي العُسر ، ولا يوجد فيها نفي المشقة . " يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. سورة البقرة / آية : 185 . ـ الأمر الثاني : أن أحكام الشريعة لا تخلو من نوع مشقة ، لاشك أن الجهاد فيه مشقة ، وأن الأمر بالمعروف فيه مشقة ، بل إن الصلاة فيها مشقة ، كما قال سبحانه" وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشعِينَ ". سورة البقرة / آية : 45 . لكن هذه المشقة ليست هي الغالبة على الفعل هذا من جهة و من جهة ثانية : أن هذه المشقة التي فى الفعل مقدورة للمكلف . و من جهة ثالثة : أن المصلحة في هذا الفعل أعظم من المشقة الواقعة فيه ؛ ولذلك نجد الطبيب يصف للمريض الدواء مُرًّا ، لكن المصلحة المترتبة على الدواء أعظم ، وهي الخاصية التي جعلها الله عز وجل في الدواء يُشفى بها المريض ، هذه المصلحة أعظم من المشقة الحاصلة في الدواء . وكذلك أحكام الشريعة . والشارع لا يقصد المشقة لذات المشقة ، وإنما مقصوده المصلحة الراجحة الواقعة في الفعل . وسبب آخر أن المشقة ليست منضبطة ؛ متى يوصف الفعل بأنه مشقة ؟ هذا أمر تختلف فيه وجهات النظر ؛ ولذلك لا نجد الشريعة تُعوّل على المشقة في بناء الأحكام ، وإنما تعول على رفع العُسر ورفع الحرج . ا . هـ .بقليل تصرف. * وقد تظاهرت وتضافرت أدلة الشرع على اعتبار هذه القاعدة فمن ذلك : ° قوله تعالى " لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعرَجِ حَرَج و لا على الْمَرِيضِ حَرَجٌ " . سورة النور / آية : 61 . يخبر تعالى عن منته على عباده، وأنه لم يجعل عليهم في الدين من حرج بل يسره غاية التيسير،... أي: ليس على هؤلاء جناح، في ترك الأمور الواجبة، التي تتوقف على واحد منها ،....مما يتوقف على بصر الأعمى، أو سلامة الأعرج، أو صحة المريض،. تفسير السعدي = هنا = ° وقوله تعالى "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ". سورة الحج / آية : 78 . أي ما جعل ،مشقة وعسر، بل يسره غاية التيسير، وسهله بغاية السهولة، فأولا ما أمر وألزم إلا بما هو سهل على النفوس، لا يثقلها ولا يؤودها، ثم إذا عرض بعض الأسباب الموجبة للتخفيف، خفف ما أمر به، إما بإسقاطه، أو إسقاط بعضه. تفسير السعدي = هنا = °وقوله تعالى"وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. سورة البقرة / آية : 185 . أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير, ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله. وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله, سهَّله تسهيلا آخر, إما بإسقاطه, أو تخفيفه بأنواع التخفيفات. وهذه جملة لا يمكن تفصيلها, لأن تفاصيلها, جميع الشرعيات, ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات. تفسير السعدي = هنا = * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال "لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة " صحيح البخاري . متون / 11 ـ كتاب : الجمعة / 8 ـ باب : السواك يومَ الجمعة / حديث رقم : 887 / ص : 102 . وورد في فيض القدير شرح الجامع الصغير / للمناوي / ج : 5 / ص : 442 : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم :أي : لولا مخافة أن أشق عليهم لأمرتهم أمر إيجاب ، ففيه نفي الفرضية ، وفي غيره من الأحاديث إثبات الندبية . ا . هـ . * عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عُبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ أن أبا هريرةَ أخبره أن أعرابيًّا بال في المسجد ، فثار إليه الناسُ ليقعوا به ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " دعوه وأهَرِيقوا على بوله ذنوبًا من ماءٍ أو سَجْلاً من ماءٍ ، فإنما بُعثتُم ميسرين ، ولم تُبعثوا معسرين " . صحيح البخاري / 78 ـ كتاب : الأدب / 80 ـ باب : قول النبي صلى الله عليه وسلم " يسروا ولا تعسروا / حديث رقم : 6128 / ص : 721 . ( 1 )" فأصغى " : أي أمال لها الإناء لتتمكن من الشرب . حاشية سنن ابن ماجه ... .* عن كبشةَ بنتِ كعبٍ ـ وكانت تحت بعض ولدِ أبي قتادةَ ـ أنها صبت لأبي قتادةَ ماءً يتوضأُ به ، فجاءت هِرَّةٌ تشربُ ، فأصغَى (1) لها الإناءَ ، فجعلتُ أنظرُ إليه ، فقال : يا ابنةَ أخي ! أتعجبين ؟ . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم" إنها ليست بنجسٍ ، هي من الطَّوافينَ أو الطوَّافاتِ " . سنن ابن ماجه/ تحقيق الشيخ الألباني / 1 ـ كتاب : الطهارة وسنَنِها / 32 ـ باب :الوضوء بسؤر الهرَّةِ والرخصة في ذلك / حديث رقم : 367 / ص : 82 / صحيح . ـ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث ـ علق الحكم بمشقة التحرز منها حيث قال " إنها من الطوافين " . القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم ... / ص : 52 . o نظرة تأمل : ــــــ من تتبع الشريعة الغراء في أصولها وفروعها يجد التيسير واضحًا جليًّا في العبادات والمعاملات والحقوق والقضاء والأحوال الشخصية وغير ذلك مما يتصل بعلاقة الخلق بخالقهم ، أوعلاقة الخلق بعضهم ببعض بما يضمن سعادتهم في الدنيا والآخرة . فالشرع في ذاته يسير. والناظر في التخفيفات الواردة في الشرع يرى أنها لا تخرج عن نوعين اثنين : = نوع شُرِعَ من أصلِهِ للتيسير-ميسر في نفسه - ، وهو عموم التكاليف الشرعية في الأحوال العادية ، وهنا لفتة وهي إن إيراد هذه القاعدة لا يعني ذلك أن الأصل في الشريعة العُسر ، وإنما المراد أن الأصل فيها اليسر . = نوع شُرع لِمَا يَجِدّ من الأعذار والعوارض وهو المسمى بالرُّخَص . وهذا دليل عيان يَشهد بأن هذا الدِّين دين اليسر والسهولة ، وشاهد أيضًا على سماحته وتجاوبه مع الفِطَر المستقيمة ، ... وتقديم ما تزول به مشقتهم وعناؤهم . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . °فالدين يسر في ذاته فلنتأمل: *الصلوات الخمس : فإنها تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات في أوقات مناسبة لها ، وتمم اللطيف الخبير سهولتها بإيجاب الجماعة والاجتماع لها - للرجال-؛ فإن الاجتماع في العبادات من المنشطات والمسهلات لها ، ورتب عليها من خير الدين وصلاح الإيمان وثواب الله العاجل والآجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها- أي يشعر بحلاوتها- ، ويَحْمَد اللهَ على فرضه لها على العباد ؛ إذ لا غنى لهم عنها الإسلام سؤال وجواب= هنا= "يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها"الراوي : سالم بن أبي الجعد - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4985 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية - الشرح الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ، ولها أهمِّيَّتُها الخاصَّةُ في الشَّرعِ، وفيها مِن الرُّوحانيَّاتِ والصِّلةِ باللهِ ما يَجْعَلُ القلبَ يَرْتاحُ ويَخْرُجُ مِنْ متاعبِ الدُّنيا إلى مَعِيَّةِ الحَقِّ سُبْحانَه، وقد جعلتُ قُرَّةُ عينِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصَّلاةِ. وفي هذا الحَديثِ يقولُ رَّجُلٌ من خُزاعةَ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ "يا بلالُ، أَقِمِ الصَّلاةَ، أَرِحْنا بها"، أي: ارْفَعْ أذانَ الصَّلاةِ وأَقِمْها؛ لِنَستريحَ بِها، وكأنَّ دُخولَه فيها هو الرَّاحةُ مِنْ تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها؛ لِمَا فيها مِنْ مُناجاةٍ للهِ تعالى وراحةٍ للرُّوحِ والقَلْبِ، ولا عَجَبَ في ذلك؛ فإنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم هو القائلُ "وجُعِلتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلاةِ"، وطَلَبُ الرَّاحةِ في الصَّلاةِ يَصْدُرُ ممَّنْ كان خاشعًا فيها ومُحِبًّا لها، وإنْ كانت ثَقيلةً على البعضِ؛ كما قال اللهُ"وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"البقرة: 45. وفي الحَديثِ: أنَّ الصَّلاةَ راحةٌ للقَلْبِ مِنْ تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها.= الدرر = "وجعلَتْ قرةُ عَيني في الصلاةِ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 3950 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر = الشرح: وهذا بيانٌ لعظيمِ محبَّتِه لها؛ وذلكَ لِما فيها مِن القُرْبِ مِن المولَى عزَّ وجلَّ؛ فلا شيءَ يُسعِدُه ويُدخِلُ عليه السُّرورَ بمِثْلِ ما تُدخِلُ عليه الصَّلاةُ؛ فقُرَّةُ العينِ يُعبَّرُ بها عنِ المَسرَّةِ ورؤيةِ ما يُحِبُّه الإنسانُ. وفي الحديثِ: بَيانُ عِظَمِ قَدْرِ الصَّلاةِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وأنَّها يَنبغي أنْ تكونَ الأَوْلَى عندَ كلِّ مسلِمٍ .الدرر = ومع ذلك إذا عرض للعبد عارض ، من مرض أو سفر أو غيرهما ، رتب على ذلك من التخفيفات ، وسقوط بعض الواجبات ، أو صفاتها وهيئتها ما هو معروف : "كانتْ بي بَواسيرُ ، فسأَلتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الصلاةِ ، فقال : صَلِّ قائمًا ، فإن لم تستَطِع فقاعدًا ، فإن لم تستَطِعْ فعلى جَنبٍ ". الراوي : عمران بن الحصين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1117- خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر = *وأما الزكاة : فإنها لا تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي ، وإنما تجب على الأغنياء تتميمًا لدينهم وإسلامهم ، وتنمية لأموالهم وأخلاقهم ، ودفعًا للآفات عنهم وعن أموالهم ، وتطهيرًا لهم من السيئات ، ومواساة لمحاويجهم ، وقيامًا لمصالحهم الكلية ، وهي مع ذلك جزءٌ يسير جدًا بالنسبة إلى ما أعطاهم الله من المال والرزق .الإسلام سؤال وجواب= هنا= الأموال التي لا تجب فيها الزكاة: أموال الدولة العامة، والأوقاف العامة، وما أعد للإنفاق في وجوه البر، وما ليس له مالك معين، وكل ما أعد للقنية والاستعمال كالأثاث، والثياب، والدار، والدابة، والسيارة ونحو ذلك.كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي = هنا = "ليس على المسلمِ في عَبْدِه ولا فَرَسِه صدقةٌ" الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 982- خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر- "ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ" الراوي : أبو كبشة الأنماري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2325 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر= أي: ما قَلَّ مالُ عبدٍ مسلِمٍ تصَدَّق به، بل يُبارِكُ اللهُ له فيه. قال تعالى"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " التوبة :103. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: قال تعالى لرسوله ومن قام مقامه، آمرًا له بما يطهر المؤمنين، ويتمم إيمانهم "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً" وهي الزكاة المفروضة،"تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا" أي: تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة. "وَتُزَكِّيهِمْ"أي: تنميهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي، وتنمي أموالهم. "وَصَلِّ عَلَيْهِمْ" أي: ادع لهم، أي: للمؤمنين عمومًا وخصوصًا عندما يدفعون إليك زكاة أموالهم. "إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ" أي: طُمأنينة لقلوبهم، واستبشار لهم، "وَاللَّهُ سَمِيعٌ" لدعائك، سمع إجابة وقبول. "عَلِيمٌ" بأحوال العباد ونياتهم، فيجازي كل عامل بعمله، وعلى قدر نيته، فكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمتثل لأمر اللّه، ويأمرهم بالصدقة، ويبعث عماله لجبايتها، فإذا أتاه أحد بصدقته دعا له وبرَّك. تفسير الشيخ السعدي رحمه الله = هنا = * وأما الصيام : فإن المفروض شهر واحد من كل عام ، يجتمع فيه المسلمون كلهم ، فيتركون فيه شهواتهم الأصلية - من طعام وشراب ونكاح - في النهار , ويعوضهم الله على ذلك من فضله وإحسانه تتميم دينهم وإيمانهم ، وزيادة كمالهم ، وأجره العظيم ، وبره العميم ، وغير ذلك مما رتبه على الصيام من الخير الكثير ، ويكون سببًا لحصول التقوى التي ترجع إلى فعل الخيرات كلها ، وترك المنكرات .الإسلام سؤال وجواب= هنا= قال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "البقرة: 183.". فالصيام :أجره عظيم - إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، لا مِثلَ له،لا عِدْلَ له. * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم "قال اللهُ عزَّ وجلَّ : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلَّا الصِّيامُ . فإنَّه لي وأنا أجْزِي به...." الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 1151 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر = * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم"يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ "الراوي : أبو هريرة - المحدث : أحمد شاكر - المصدر : مسند أحمد-الصفحة أو الرقم: 13/239 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر - * عن أبي أمامة ، قال : أتيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؛ فقلتُ : مُرني بأمرِ آخذه عنك ، قال " عليك بالصوم ؛ فإنه لا مِثلَ له " . سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / 22 ـ كتاب : الصيام / 43 ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2220 / ص : 351 / صحيح . * عن أبي أمامة ، أنه سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أيُّ العمل أفضلُ ؟ . قال " عليك بالصوم ، فإنه لا عِدْلَ له " . سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / 22 ـ كتاب : الصيام / 43 ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2222 / ص : 351 / صحيح . *وأما الحج : فإن الله لم يفرضه إلا على المستطيع ، وفي العمر مرة واحدة ، وفيه من المنافع الكثيرة الدينية والدنيوية ما لا يمكن تعداده ، قال تعالى" لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ "الحجّ/28, أي: دينية ودنيوية. "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا "آل عمران: 97. "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" صحيح البخاري - كِتَاب الْحَجِّ - لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور=الدرر= عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ"صحيح البخاري - كِتَاب الْعُمْرَةِ - بَاب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا- هنا= عطايا عظيمة من الرحمن عز وجل . *ثم بعد ذلك بقية شرائع الإسلام التي هي في غاية اليسر ، الراجعة لأداء حق الله وحق عباده . فهي في نفسها ميسرة ، قال تعالى " يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "البقرة/185، قال تعالى "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" البقرة : 286 . = ومع ذلك إذا عرض للعبد عارض ، من مرض أو سفر أو غيرهما ، رتب على ذلك من التخفيفات ، وسقوط بعض الواجبات ، أو صفاتها وهيئتها ما هو معروف . ثم إذا نظر العبد إلى الأعمال الموظفة على العباد في اليوم والليلة المتنوعة من فرض ونفل ، وصلاة وصيام وصدقة وغيرها ، وأراد أن يقتدي فيها بأكمل - البشر - وإمامهم محمد صلّى الله عليه وسلم ، رأى ذلك غير شاق عليه ، ولا مانع له عن مصالح دنياه ، بل يتمكن معه من أداء الحقوق كلها : حقّ الله ، وحقّ النفس ، وحقّ الأهل والأصحاب ، وحقّ كلّ من له حقّ على الإنسان برفق وسهولة . الإسلام سؤال وجواب= هنا= *فائدة: المداومة على الطاعة تجعلها سجية في صاحبها، ويسيرة عليه بإعانة الله له. "يقول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلةً" الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 7405 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر = في هذه الجُمَلِ الثَّلاثِ بَيانُ فَضْلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وأنَّه يُعطي أكثَرَ ممَّا فُعِلَ مِن أجلِهِ، أي: يُعْطي العامِلَ أكثَرَ مِمَّا عَمِلَ.الدرر = كلما تقرب العبد للرب أعانه الله بأن يقيم العبد على طاعته، وييسر له الأمر، ويجازية بأحسن وأعظم مما فعل بمضاعفة المثوبة . قال تعالى "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ " محمد 17. أي:والذين قصدوا الهداية وفقهم الله لها فهداهم إليها ، وثبتهم عليها وزادهم منها ، "وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ" أي : ألهمهم رشدهم .تفسير ابن كثير = هنا = * أسباب التخفيف : حصر بعض الفقهاء أسباب التخفيف في سبعة أسباب رئيسية وهي : ـ السفر : والسفر على الراجح يُرجع فيه إلى العُرْف . " السفر " والدليل على أن السفر مِناط به التخفيف قول الله ـ عز وجل ـ "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " .سورة البقرة / آية : 184. ـ المرض : وهو خروج البدن عن حد الاعتدال والاعتياد " المرض " كما قال ـ جل وعلا ـ " فَمَن كانَ منكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صيَامٍ أَوْ صدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " . سورة البقرة / آية : 196 . فْعلق الحكم بالمرض " مريضًا " ولم يطلق ، لم يقل : من كان به مرض ، فدل ذلك على أن المراد مرض خاص ، والذي يترتب عليه الفعل أو يترتب عليه الحكم و إذا كان المرض على حالة لو فعل المأمور معها لتأخر البُرْءُ أو زاد المرض ، فإنه يشرع التخفيف حينئذ . مثال ذلك : من كان الصيام يؤخر شفاءه ، أو كان الصيام يزيد في مرضه جاز له الفطر ، ومن لم يكن كذلك لم يُجز له الفِطر ، ولو كان مريضًا ؛ ولذلك من به وجع أسنان أو صداع بحيث أن الصيام لا يزيد في مرضه ولا يؤخر شفاء المرض ، فإنه لا يجوز له الإفطار . فالمريض قد أُذن له بأن يتخلف عن صلاة الجماعة ، وأن يصلي قاعدًا أو يصلي على جنبه حسب ما يستطيع . ويرجع لتفصيل هذا في كتب الفقه ، فهناك من قال بمطلق المرض . ـ الإكراه : وهو في اصطلاح الفقهاء " حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ، ولا يختار مباشرته لو تُرك ونفسه " . قال تعالى"مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ " النحل 106. ـ النسيان أو السهو : والنسيان هو جهل الإنسان بما كان يعلمه ضرورة ، أو هو عدم استحضار الشيء في وقت الحاجة إليه . فإذا نسي الإنسان ، وكان لا يمكن تدارك هذا الشيء ، فإنه يسقط وجوب هذا الشيء بفواته . -قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: كمن أكل في الصيام ناسيًا ومتى ترك واجبًا ناسيًا فلا شيء عليه حال نسيانه- هنا= وإن كان مما يقبل التدارك من حقوق الله تعالى أو حقوق عباده ؛ كالصلاة والزكاة ونفقات الزوجات وجب تداركه "رُفِعَ عن أُمَّتِي الخطَأَ والنِّسيانَ وما اسْتُكرِهُوا عليْه"الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 3515 - خلاصة حكم المحدث : صحيح بلفظ وضع= الدرر = ـ الجهل : هو نقيض العلم ، وهو في الاصطلاح اعتقاد الشيء جزمًا على خلاف ما هو في الواقع . فالجهل سبب يرفع الإثم والحرج والمسئولية عن المكلفين . لما نُزِّلَت " حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ "البقرة/187 . والمراد من الخيط الأبيض النهار ، والخيط الأسود الليل . قال الحافظ : وَمَعْنَى الآيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ , وَهَذَا الْبَيَانُ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ . اهـ . ومعنى ذلك: أن الله تعالى أباح للصائم الأكل والشرب ليلًا حتى يتبين له ؛أي يتيقن طلوع الفجر . وقد فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم الآية على خلاف معناها ، ففهموا أن المراد منها الخيط الحقيقي، فكان أحدهم يجعل تحت وسادته أو يربط في رجله خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويظل يأكل حتى يتبين له أحدهما من الآخر. روى البخاري :1917،ومسلم :1091: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ" وَلَمْ يَنْزِلْ "مِنْ الْفَجْرِ" فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ "مِنْ الْفَجْرِ" فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ . فهؤلاء الصحابة حَمَلُوا الْخَيْطَ عَلَى ظَاهِرِهِ , فَلَمَّا نَزَلَ "مِنْ الْفَجْرِ" عَلِمُوا الْمُرَادَ . وَقَوْلُهُ " مِنْ الْفَجْرِ " بَيَانٌ لِلْخَيْطِ الأَبْيَضِ , وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ لأَنَّ بَيَانَ أَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلآخَرِ . = الإسلام سؤال وجواب = هنا = وقد فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه الآية كما فهمها هؤلاء حتى صحح له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفهم وبين له المعنى المراد من الآية . = الإسلام سؤال وجواب = هنا = سأل عدي بن حاتم الطائي الرسول صلى الله عليه وسلم: "قلتُ يا رسولَ اللهِ، ما الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ، أهما خيطان ؟ قال " إنك لعَريضُ القَفا إن أبصَرتَ الخَيطَينِ " ثم قال "لا، بل هو سوادُ الليل وبياضُ النهارِ ".الراوي : عدي بن حاتم الطائي - المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4510 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر = فَهِمَ مِن الآيةِ أنَّ المسلمَ لا يزال مفطِرًا يأكل ويشرب حتَّى يتجلَّى النَّهارُ، ويظهَرَ له الحبلُ الأبيض مِن الحبلِ الأسود،فلم يأمره النبي بإعادة الصيام وقضائه لجهله بالحكم .وقَالَ الْقَاضِي " إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا "مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْت تَحْت وِسَادك الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّه تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْل وَالنَّهَار فَوِسَادُك يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا , وَحِينَئِذٍ يَكُون عَرِيضًا وإِنَّك لَضَخْمٌ. اهـ . قناة بناء الملكة الفقهية على برنامج التلجرام بإشراف الدكتور محمد حسن عبد الغفار = هنا= "إنَّ اللهَ تجاوزَ عَن أمَّتي الخطأَ والنِّسيانِ وما استُكرِهوا علَيهِ" الراوي : أبو ذر الغفاري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 1675 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر = قال تعالى" رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا "البقرة/ 286 فهذه النصوص تدل على أن كل من خالف ما كُلف به ، ناسياً أو جاهلاً فإنه معفو عنه ؛ فالمخطئ يشمل الجاهل ؛ لأن المخطئ هو كل من خالف الحق بلا قصد. وقال الشيخ ابن عثيمين " والجهل ـ بلا شك ـ من الخطأ .الإسلام سؤال وجواب .هنا= والجاهل العاجز عن السؤال والعلم؛ غير الجاهل المتمكن المفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله تعالى.هنا= فهذه ليست دعوى إلى الجهل ؛ لأن الإنسان لا يعذر بتفريطه بل نقول يجب عليه أن يتعلم ما لا تقوم العبادة إلا به ، وما لا تصح العبادة إلا به ، لكنه لو بذل واجتهد في ذلك لكنه جهل بعض المسائل فإنه يُرْفَع عنه الحرج . ـ العُسر وعموم البلوى : و " العسر " أي مشقة تجنب الشيء . و " عموم البلوى " أي شيوع البلاء بحيث يصعب على المرء الابتعاد عنه . والأصل في ذلك:قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم" إنها ليست بنجسٍ ، هي من الطَّوافينَ أو الطوَّافاتِ " . سنن ابن ماجه/ تحقيق الشيخ الألباني / 1 ـ كتاب : الطهارة وسنَنِها / 32 ـ باب :الوضوء بسؤر الهرَّةِ والرخصة في ذلك / حديث رقم : 367 / ص : 82 / صحيح . وما أشبهه ويعسر الاحتراز منه ويصعب تجنبه منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف . منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف . * أنواع الرُّخَص : ذكر الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ أن الرخص الشرعية سبعة أنواع ، وهي كما يلي : ـ رخصة إسقاط : كإسقاط العبادات عند وجود أعذارها ، كإسقاط الصلاة عن الحائض وعن النفساء ، وعدم وجوب الحج على المرأة إذا لم تجد محرمًا . ـ رخصة تنقيص : أي إنقاص العبادة لوجود العذر ، وهذا كالقصر في الصلاة . ـ رخصة إبدال : أي إبدال عبادة بعبادة ـ كإحلال التيمم محل -الوضوء والغسل عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله ، - وإحلال القعود أو الاضجاع للمرض محل القيام بالصلاة -. ـ رخصة تقديم : كجمع التقديم بعرفات بين الظهر والعصر ، قالوا " يجوز تقديم الشيء بعد انعقاد سببه وقبل وجود شرطه " . مثلاً : الإنسان إذا صار عنده نصاب زكاة ، هذا هو سبب الزكاة بلوغ النصاب ، يجوز أن يقدم زكاته قبل شرطه وهو حلول الحول . ـ رخصة تأخير : كالجمع في مزدلفة بين المغرب والعشاء ، وتأخير صيام رمضان للمسافر والحائض والنفساء ... ـ لعدة من أيام أُخر - .. ـ رخصة اضطرار : كشرب الخمر للغصة إذا لم يجد ـ ماء ـ وخشي على نفسه الهلاك ،وأكْل الميتة والخنزير عند المسغبة - أي المجاعة- وخشية الموت جوعًا . ـ رخصة تغيير : كتغيير نظم الصلاة للخوف . منظومة القواعد الفقهية ... / خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف .
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
المجلس الحادي عشر دورة تيسير القواعد الفقهية16 ـ وَلَيْسَ وَاجِبٌ بِلاَ اقْتِدَارِ* وَلاَ مُحَرَّمٌ مَعَ اضطِّرارٍ الوَاجِبٌ : هو ما طَلَب الشارعُ فعله على وجه اللزوم ، كالصلاة والصيام ... . المُحَرَّم: هو ما طلب الشارع تركَهُ على وجه اللزوم ، كالربا والكذب ......منظومة القواعد الفقهية .د.مصطفى كرامة مخدوم *وَلَيْسَ وَاجِبٌ بِلاَ اقْتِدَارِ: أي لا يثبت واجبٌ ولا يستقر على المكلف بدون قدرة، وبدون استطاعة، فالأحكام كلها تتبع الاستطاعة، قال الله تعالى"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا"البقرة:186. فإذا عجز المكلَّفُ عن القيام بالواجب فلا يكون واجبًا في حقه ، كالأعمى والأعرج لا يجب عليهما الجهاد لعجزهما عنه .قال تعالى"لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ "النور 61. قال الشيخ السعدي في تفسيره: أي: ليس على هؤلاء جناح، في ترك الأمور الواجبة، التي تتوقف على واحد منها، وذلك كالجهاد ونحوه، مما يتوقف على بصر الأعمى، أو سلامة الأعرج، أو صحة للمريض= هنا = °دليل هذه القاعدة: قول النبي -صلى الله عليه وسلم" دعوني ما تركتُكم ، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالُهم واختلافُهم على أنبيائِهم ، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه ، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم"الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 7288 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر - قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم"فإذا أمرتُكم بشيء فأْتُوا منه ما استطعتُم" هذا مِن قواعدِ الإسلام المهمَّةِ، ومن جوامِعِ الكَلِمِ التي أُعْطِيها صلَّى الله عليه وسلَّم، ويَدخُلُ فيها ما لا يُحصَى من الأحكام، وهذا الحديثُ مُوافقٌ لقولِ الله تعالى"فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ"التغابن: 16= الدرر= فكل ما أمر الله به من الأوامر شرطه الاستطاعة، فإذا عجز عنه الإنسان سقط عنه الوجوب، إما أن يسقط - هذا الوجوب - إلى بدل: مثل الصلاة "صَلِّ قائمًا ، فإن لم تستَطِع فقاعدًا ، فإن لم تستَطِعْ فعلى جَنبٍ".صحيح البخاري= هنا = . وفي الصوم يقول الله عز وجل"وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"البقرة:184 .وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ:أي: يتكلفون الصيام، ويشق عليهم مشقة لا تحتمل كالكبير والمريض والميئوس من بُرئه، فدية طعام مسكين عن كل يوم يفطره. تفسير السعدي. وإما أن يسقط إلى غير بدل مثل سقوط الحج عن غير القادر عليه. والعجز إما أن يكون بالبدن، وإما أن يكون عن الآلة التي يتوصل بها أو بوسيلتها أو بواسطتها إلى المطلوب، إما أن يكون عاجزًا عن هذا وهذا في الوقت نفسه، وإما عن هذا أو عن الآخر. ـ إعمال المُحَرَّم مع الاضطرار إليه - أي : إباحة المُحَرَّم عند الضرورة - .مثل: الحج،قد يكون- عاجزًا ببدنه قادرًا بماله، أو قادرًا ببدنه عاجزًا بماله، أو عاجزًا ببدنه وماله كإنسان مقعد وفقير.الشيخ خالد بن عثمان السبت = هنا = فإذا عجز عن الواجب سقط - كما سبق -، لكن إذا عجز عن بعض الواجب وقدر على بعضه هل يجب عليه أن يأتي بما قدر عليه - في كل الأحوال- أو لا؟ هذا تحته أقسام: القسم الأول: أن يكون المقدور عليه وسيلةً محضة، فهذا لا يجب عليه، مثال ذلك: أن يقول: أنا أستطيع أن أصل إلى المسجد لكني لا أستطيع أن أصلي جماعةً فنقول: لا يجب عليك أن تجيء؛ لأن المجيء من البيت إلى المسجد وسيلة محضة، ومثال ذلك أيضًا: إمرار المُوس في الإحرام على رأس الأصلع، نقول: هذا لا يجب؛ لأنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هذا نوع من العبث، فإذا كان المقدور عليه وسيلةً محضة فلا يجب. القسم الثاني: ألاّ يكون المقدور عليه إذا انفرد عبادةً بنفسه، وأيضًا نقول: لا يجب. مثال ذلك أن يقول: أنا أستطيع أن أصوم إلى نصف النهار ولكن لا أستطيع أن أكمل، يقول لم يرد في الشرع الصيام إلى نصف النهار، وعليه فلا يجب عليك أن تصوم ثم تفطر. القسم الثالث: ما عدا ذلك فنقول: يجب، إذا كان يقدر على البعض ولا يستطيع البعض الآخر، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين رضي الله تعالى عنه"صَلِّ قائمًا ، فإن لم تستَطِع فقاعدًا ، فإن لم تستَطِعْ فعلى جَنبٍ".صحيح البخاري= .الشيخ خالد بن علي المشيقح = هنا = *وَلاَ مُحَرَّمٌ مَعَ اضطِّرارٍ: *الضّرورة في الاصطلاح: عرّفها السّيوطيّ رحمه الله بقوله: «فالضّرورة: بلوغه حدًّا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب - الهلاك ».= هنا = *لكن إذا كان يمكنه أن يستغني بمكروه أو بمباح، كأن وجد رجلًا يُقْرِضه مالًا يشتري به طعامًا والطعام موجود، أو وجد من يقرضه الطعام، فنقول: إنه ليس له أن يأكل الحرام ما دام يمكنه أن يستغني بالحلال المباح أو المكروه. *الأصل في سؤال الناس هو التحريم، وعلى جواز سؤال المسلم من المسلم عند الضرورة والحاجة. "أَقِمْ حتى تأتيَنا الصدقةُ . فنأمرُ لك بها . قال : ثم قال : يا قَبيصةُ ! إنَّ المسألةَ لا تحِلُّ إلا لأحدِ ثلاثةٍ : رجلٍ تحمَّل حمالةً فحلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبَها ثم يمسِك . ورجلٍ أصابته جائحةٌ اجتاحت مالَه فحلَّتْ له المسألةُ حتى يصيب قِوامًا من عيشٍ - أو قال سِدادًا من عيشٍ -. ورجلٍ أصابتْه فاقةٌ حتى يقومَ ثلاثةٌ من ذوي الحِجا من قومِه : لقد أصابَت فلانًا فاقةٌ . فحَلَّتْ له المسألةُ . حتى يُصيبَ قِوامًا من عيشٍ - أو قال سِدادًا من عيشٍ - فما سواهنَّ من المسألةِ ، ياقَبيصةُ ! سُحْتًا يأكلُها صاحبُها سُحتًا"الراوي : قبيصة بن مخارق الهلالي - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1044 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر = شرح الحديث: هذا الحديثُ يوضِّح جانبًا عملِيًّا مِن التربِيَةِ النبويَّةِ للمسلمين على العِفَّةِ وعِزَّةِ النفسِ، وعدمِ سؤالِ الناسِ إلَّا في الحالاتِ التي بيَّنها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للصَّحابِيِّ الذي جاء يَستَعِينُه بعدَ أن تحمَّل على نفسِه بمالٍ لِيُصْلِحَ بينَ الناسِ، فأعانَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّه مِمَّن يَحِقُّ له السؤالُ ويَستَحِقُّ الصَّدقَةَ. وهذا الحديثُ له مقدِّمةٌ توضيحيَّةٌ تُبيِّن السببَ المُلجِئَ الذي أَجْبَرَ الصحابِيَّ على طلبِ العَوْنِ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال الصحابيُّ "تَحمَّلْتُ حَمالَةً"، أي: تَكفَّلْتُ دَينًا، والحَمالَةُ: هي المالُ الذي يَتحمَّلُه الإنسانُ، أي: يَستَدِينُه ويَدْفَعُه في إصلاحِ ذاتِ البَيْنِ، كالإصلاحِ بينَ قَبِيلَتَيْنِ، ونحو ذلك. "فأَتَيْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أَسْأَلُهُ فيها، فقال: أَقِمْ حتَّى تَأتِيَنا الصَّدَقةُ، فنَأمُرَ لكَ بها"، أي: ذهَبْتُ أطلُب مِن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم العَوْنَ على الحَمالَةِ، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: انْتَظِرْ حتَّى تَأتِيَنا الصَّدقةُ مِن زَكَوَاتِ الناسِ فنُعْطِيَك منها، وإنَّما حلَّتْ له المسألةُ واستَحَقَّ أن يُعطَى مِن الزَّكاةِ؛ لأنَّه استَدانَ لغيرِ مَعْصِيَةٍ. ثُمَّ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم له موضِّحًا الأصنافَ التي تَحِلُّ لها أن تسألَ الناسَ "يا قَبِيصَةُ، إنَّ المسألةَ لا تَحِلُّ إلَّا لأحدِ ثلاثةٍ"؛ الصِّنْفُ الأوَّلُ: "رَجُلٌ تحمَّلَ حَمالَةً فحَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصِيبَها ثُمَّ يُمْسِكُ"، أي: مَن تَحمَّلَ دَينًا على نفسِه لِلإصلاحِ بينَ الناسِ، فهذا يَطلُب من الناسِ مالًا، "حتَّى يُصيبَها"، أي: يُصِيبَ ويَأخُذَ ما تَحمَّلَه مِنَ الحَمالَةِ، فيَأخُذ مِن الصدقةِ بقَدْرِها، "ثُمَّ يُمسِكُ"، أي: يُمسِكُ ويَمتَنِعُ عن المسألةِ والطلَبِ. والصِّنفُ الثاني الذي تَحِلُّ له المسألةُ "ورَجُلٌ أصابَتْه جَائِحَةٌ" الجائِحَةُ: الآفَةُ التي تُهلِكُ الثِّمارَ والأموالَ، وتَستأصِلُها، فمَن أصابَتْه الآفةُ السَّماوِيَّةُ، واستأصَلَتْ ثِمارَه أو أموالَه، "فحَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصيبَ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، أو قال: سِدَادًا من عَيْشٍ"، أي: حَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يَحصُلَ على ما يقومُ بحاجتِه الضروريَّةِ، وما يتقوَّم به من العَيْشِ، والقِوَامُ والسِّدادُ: هما ما يُغنِي من الشيءِ، وما تُسَدُّ به الحاجةُ، وكلُّ شيءٍ يُسَدُّ به شيءٌ فهو سِدَادٌ. والصِّنفُ الثالثُ الذي تَحِلُّ له المَسْأَلةُ "ورَجُلٌ أصابَتْه فاقَةٌ حتَّى يَقُومَ ثلاثةٌ مِن ذَوِي الحِجَا مِن قومِه: لقد أصابَتْ فُلانًا فاقةٌ، فحلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، أو قال: سِدَادًا مِن عَيْشٍ"، أي: أصابَه الفَقْرُ الشديدُ، واتَّضَحَ وظَهَر "حتَّى يقومَ ثلاثةٌ مِن ذَوِي الحِجَا"، أي: حتَّى يَشْهَدَ ثلاثةٌ مِن قومِه مِن ذَوِي الفَهْمِ والعَقْلِ يقولون: "لقد أصابَتْ فُلانًا فاقةٌ" وقيَّدهم بِذَوِي العُقولِ تنبيهًا على أنَّه يُشترَطُ في الشَّهادةِ: التيقُّظُ، فلا تُقبَلُ من مُغَفَّلٍ، وجعَلهم من قومِه؛ لأنَّهم أعلمُ بحالِه. وهؤلاءِ هم الذين تَحِلُّ لهم المسألةُ كما ورَد في الحديثِ، "فما سِوَاهُنَّ مِنَ المسألةِ -يا قَبِيصَةُ- سُحْتًا، يَأكُلُها صاحبُها سُحْتًا" السُّحْتُ: هو الحَرامُ الذي لا يَحِلُّ كَسْبُه؛ لأنَّه يُسحِتُ البَرَكَةَ، أي: يُذهِبُها. وقولُه: "يَأكُلها صاحبُها سُحتًا" يُفِيدُ أنَّ آكِلَ السُّحتِ لا يَجِدُ لِلسُّحتِ الذي يَأكُله شُبهةً تَجعلُها مباحةً لنفسِه، بل يَأكُلها مِن جِهَةِ السُّحتِ والحرامِ. وفي الحديثِ: النَّهيُ عن مسألةِ الناسِ إلَّا لِلضَّرورَةِ المُلجِئَةِ. وفيه: بيانُ أصنافِ مَن تَحِلُّ لهم المسألةُ مع بيانِ الأسبابِ المُلجِئَةِ لذلك. وفيه: أنَّ مَن أخَذَ أموالَ الناسِ بغيرِ حقٍّ فإنَّه يَأكُلُ سُحتًا وحَرامًا = الدرر = *فالمكلّف إذا اضطرَّ إلى فعلِ المُحَرَّم ، فإنه لا يكون مُحَرَّمًا في حقه ، ولا يكون آثمًا عند ذلك ، كالمنقطع في الصحراء يضطرُّ إلى أكلِ الميتةِ فلا حرج عليه في ذلك . وهذا معنى قول الفقهاء :الضرورات تبيح المحظوراتِ . والأصل في هذه الصورة قوله تعالى "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ" .سورة الأنعام / آية : 119 . فأخبر ـ سبحانه ـ أن المضطر إليه مستثنى من المحرمات، أي ما اضطررتم إليه ليس حرامًا عليكم . oشروط تطبيق هذه القاعدة : ينبغي أن يُعلم أن الضرورة التي تبيح المحظور لابد فيها شروط: oالشرط الأول: أن يتعين ارتكاب المحرم. oالشرط الثاني: أن يتيقن زوال ضرورته بالمحرم. فمن كان في صحراء وأكل ما غُص به، فوقفت اللقمة في حقله، وإما أن يدفعها أو يهلك، وليس عنده إلا خمر، فإما أن يدفع هذه الغصة بما لديه من خمر، وإما أن يهلك، أولًا: هل تَعَيَّن ارتكاب المحرم؟، ما معنى هل تعين ارتكاب المحرم؟، يعني هل هناك شيءٌ آخر يمكن أن تندفع به الضرورة غير هذا الخمر، ما عنده إلا خمر، إذن تعين فعل المحرم. ثانيًا: هل إذا ارتكب المحرم وشرب الخمر ستندفع ضرورته به ؟ أو لا؟. الجواب: نعم، ستندفع ضرورته، لأنه لا يحتاج إلا إلى سائل حتى يدفع هذا، ففي هذه الحالة الضرورة تبيح المحرم , لأنه توافر في الصورة الشرطان. *النقاش في المثال ليس من شيم الرجال =صورة أخرى بنفس المثال، رجل في صحراء وعطش حتى شارف الهلاك، وليس عنده إلا خمر، هل يجوز له أن يشرب الخمر ليدفع عطشه ؟، الآن هل تعين فعل المحرم ؟، نعم، ليس عنده سائل لشربه إلا الخمر. هل تندفع ضرورته بشرب الخمر ؟، الجواب لا، لماذا ؟ لأن الخمر لا تزيده إلا عطشًا، ولذلك يقول الفقهاء ليس له أن يشرب، لأنه إذا شرب زاد عطشًا، وهو إنما يشرب لدفع عطشه، فهنا الآن لا يقول أشرب الخمر لأجل أن أدفع الضرورة، لماذا ؟، لأن الضرورة لا تندفع بهذا. الشيخ خالد المصلح = هنا = o الشرط الثالث: ألا يوجد طريق آخر تندفع به الضرورة . فإن وُجد ، لم يجز ـ حينئذ ـ فعل المحظور . مثال ذلك : طبيبة مسلمة ، وطبيب رجل ، وعندنا امرأة مريضة ، يمكن دفع الضرورة بكشف المرأة الطبيبة . أو رجلًا يُقْرِضه مالًا يشتري به طعامًا والطعام موجود، أو وجد من يقرضه الطعام، فنقول: إنه ليس له أن يأكل الحرام ما دام يمكنه أن يستغني بالحلال المباح أو المكروه. o الشرط الرابع: أن يكون المحظور أقل من الضرورة ، فإن كانت الضرورة أعظم ، لم يجز ـ فعل المحظور ـ . مثال ذلك : إذا اضطُّرَ إلى قتل غيره لبقاء نفسه . كما في مسألة الإكراه ، فهنا الضرورة أقل من المحظور ، - فلا يجوز فعل المحظور - . المحظور هو : قتل الغير . الضرورة هي : أنه سيقتل الإنسان ، بعد تهديده بالقتل إذا لم يقتل هذا الغير . ـ ويلاحظ أنه إذا زالت الضرورة ، زال حكم استباحة المحظور . القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف . *وبصيغة أخرى :أَنْ يكون الضررُ في المحظور الذي يَحِلُّ الإقدامُ عليه أَنْقَصَ مِنْ ضررِ حالةِ الضرورة، فإِنْ كان الضررُ في حالةِ الضرورةِ أَنْقَصَ أو يُساويهِ فلا يُباحُ له: كالإكراه على القتل أو الزِّنا: فلا يُباحُ واحدٌ منهما؛ لِمَا فيه مِنَ المَفْسدةِ الراجحة؛ إذ ليس نَفْسُ القاتل وعِرْضُه أَوْلى مِنْ نَفْسِ المقتول وعِرْضِه. ومِنْ ذلك لا يجوز نَبْشُ قبرِ الميِّت ـ الذي لم يُكفَّن ـ بغَرَض تكفينه؛ لأنَّ مفسدةَ هَتْكِ حُرْمته أَشَدُّ مِنْ مفسدةِ عدمِ تكفينه، الذي قام القبرُ مَقامَه موقع الشيخ فركوس = هنا = *آخر ما أقول في هذه القاعدة ما يتعلق بالخوف، والالتباس الذي يقع عند كثيرٍ من الناس في مسألة عدم التفريق بين الحاجة والضرورة، *الحاجة في الاصطلاح: عرّفها الإمام الشّاطبيّ رحمه الله بقوله: «أمّا الحاجيّات فمعناها أنّها مفتقر إليها من حيث التّوسعة ورفع الضّيق المؤدّي في الغالب إلى الحرج والمشقّة اللاّحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلّفين على الجملة الحرج والمشقّة ولكنّه لا يبلغ مبلغ الفساد العاديّ المتوقّع في المصالح العامّة.» *الضّرورة في الاصطلاح: عرّفها السّيوطيّ رحمه الله بقوله: «فالضّرورة: بلوغه حدًّا إن لم يتناوله الممنوع هلك أو قارب».= هنا = =فتجد أن أناسًا يستبيحون المحرمات لأجل الحاجة وليس للضرورة، والحاجة لا تبيح المحرم، الحاجات الخاصة لا تبيح المحرم، وإنما الحاجات تبيح المكروهات، وأما الضرورات فهي التي تبيح المحظورات والمحرمات. فإذا كان حاجة فهنا نقول إذا احتجت زالت الكراهة، مثال ذلك : السير في المقبرة بين القبور بالنعال مكروه , فإذا قال والله أنا عندي أذى في قدمي، الطبيب قال لا تخلع النعال، أو الأرض فيها ماء، شوك وأذى لا أستطيع أن أتوقاها إلا بلبس النعال، نقول هنا: الحاجات تبيح المكروهات، بمعنى أنها تزيل وصف الكراهة، لكن ليس هذا كالضرورة، ففرقٌ بين الضرورة وبين الحاجة. الشيخ خالد المصلح = هنا = |
#13
|
||||
|
||||
المجلس الثاني عشر 17-وَ كُلُّ مَحْظُورٍ مَعَ الضَّرُورَهْ ... بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُهُ الضَّرُورَهْدورة تيسير القواعد الفقهية شرح مجمل: فهذه القاعدة فرع عن القاعدة السابقة وقَيد لها ، وهي كقاعدة فقهية يذكرها الفقهاء بقولهم : " الضرورات تقدَّر بقدرِها " . وبيانها : أن ما تدعو إليه الضرورة من المحظورات إنما يرخص منه القدر الذي تندفع به الضرورة فَحَسْب . فإذا اضطر الإنسان لمحظورٍ فليس له أن يتوسَّع فيه ، بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط . وأصلها قوله تعالى " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " .سورة البقرة / آية : 173 . ـ قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية " فالباغي " الذي يبتغي الميتة مع قدرته على التوصّل إلى المذكَّى . فالبغي : أن يأخذ الإنسان بحكم الضرورة ، وهو غير مضطر . و " العادي " الذي يتعدى قدر الحاجة بأكملها " . 1 / 71 فالعدوان : هو تجاوز مقدار الضرورة . القواعد الفقهية ... / لابن القيم / ص : 315 / بتصرف . شرح القواعد ... / د . مصطفى كرامة مخدوم . المحظور يعني المُحَرّم -الممنوع-، ومعنى البيت أنّ المضطر إلى المُحَرّم يجب عليه أنْ يقتصر على القدر الذي تندفع به ضرورته؛ ولا يحلّ له أنْ يتجاوز ذلك، وهذا معنى القاعدة التي يذكرها الفقهاء "الضرورة تقدر بقدرها" وهذه مقيدة لقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، يعني "الضرورات تبيح المحظورات" هل على الإطلاق؟ أم بقيد؟ يقال: بقيد ما تندفع به هذه الضرورة؛ فإذا اندفعت رجع الأمر إلى ما كان عليه. مِن الأمثلة :أنّ المضطر إلى أكل الميتة له أنْ يأكل بقدر ما يدفع عن نفسه الهلاك ولا يزيد على ذلك.حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية = هنا = الإمام مالك قال "إن أحسن ما سمع في الرجل يضطر إلى الميتة أنه يأكل منها حتى الشبع، ويتزود منها، فإن وجد عنها غنى طرحها" قال في :الموطأ "وله في أكل الميتة على هذا الوجه سعة". الموطأ ص 309 ط الشعب، الإشراف 2/ 257، القواعد الفقهية، الروقي ص 310.= هنا =القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة. *وقال الشيخ حمد الحمد: يأكل بقدر ما يدفع ضرورته؛ لكن إذا قال: إني يغلب على ظني أني لا أجد شيئًا أمامي وأنا أريد أن أمشي في الصحراء، فله أن يأكل حتى الشبع، أو أن يحمل منها، وذلك لأنه إذا منع فقد لا يجد في طريقه شيئًا فيهلك. إذًا: ليس له أن يأكل حتى الشبع إلا إذا كان يقول: أنا لا أدري هل أجد شيئًا أم لا، أما إذا كان يغلب على ظنه أنه يجد أو يتيقن أنه يجد الطعام عند حاجته بعد ذلك فليس له أن يأكل فوق حاجته. وكما أن الضرورة تقدر بقدرها فالحاجة أيضًا تقدر بقدرها، فالطبيب إذا أراد أن يكشف موضعًا من بدن المرأة يحتاج إلى علاج فإنه يقدر هذا بقدره ولا يزيد، فإذا كان الداء بوجهها فليس له أن يكشف شعرها بل يكتفي بكشف الوجه، وكذلك الشاهد ينظر من المرأة ما يحتاج إليه فقط ولا يزيد. شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - حمد الحمد = هنا = أيضًا مِن الأمثلة: لو اضطر شخص لكشف عورته للطبيب أثناء العلاج؛ فهذا يباح له لكن بشرط أنْ يقتصر على موضع الحاجة أو الضرورة فقط، كما أنّ الطبيب يَحْرُمُ عليه أنْ ينظر مِن عورة هذا المريض ما زاد عن الضرورة أو زاد عن الحاجة، وهذه المسألة يحتاج إليها النساء أكثر مِن الرجال، لأنّ المرأة عورة، فإذا أُصيبت المرأة بمرض في أذنها؛ تَجِدُ بعض النساء إذا ذهبت إلى الطبيب وأراد أنْ يكشف على الأذن ماذا تعمل المرأة! كثير مِن النساء تكشف الوجه كله وهذا لا ضرورة إليه ولا حاجة إليه وإنما تكشف الأذن؛ وإنِ احتاج إلى موضع آخر كأنْ ينظر إلى الفم فتكشف الفم، فالضرورة أو الحاجة تقدر بقدرها،- هذا إذا اضطرت للذهاب لطبيب رجل وإلا فالأصل أن المرأة تعالج عند طبيبة - دليل هذه القاعدة قول الله عزّ وجلّ"فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ"البقرة:173، قَيَّدَ نفي الإثم هنا بعدم البغي والعدوان، والبغي أنْ يأخذ الإنسان بحكم الضرورة وهو غير مضطر، يعني أنْ يأكل مِن الميتة قبل أنْ يصل إلى حال الضرورة، يقال: هذا باغٍ، والعدوان أنه إذا وقعت له الضرورة أَكَلَ أو فَعَلَ المُحَرّم زيادة على حاجته أو زيادة على ضرورته، فهذا هو دليل القاعدة. حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية = هنا * ما هو حد الضرورة ؟ ___________ نقول بأن الاضطرار وإن كان سببًا من أسباب إباحة الفعل إلا أنه لا يُسقط حقوق الآدميين وإن كان يُسقط حقَّ اللهِ عز وجل برفع الإثم والمؤاخذة عن المضطر أو المستكرَه ، فإن الضرورة لا تبطل حق الآدميين . مثاله : شخص وجد شاة فذبحها مضطرًا ـ للجوع الشديد ـ وأكل لحمها ، ثم جاء صاحب الشاة وطالبه بالثمن ، فلا يقول أنا مضطر والضرورات تبيح المحظورات ! نعم هو رُفع عنه الإثم ـ حق الله ـ ، لكن لا يعني ذلك أن حق الآدميين يسقط ، وإنما يجب عليه أن يدفع القيمة ـ لصاحب الشاة ـ . منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري . ولكن هذا ليس على الإطلاق ، فهناك ضابط لهذه المسألة ، وهو : إذا نشأت الضرورة من حق الغير ، فإنه حينئذ لا حق لذلك الغير . * مثاله : إنسان هاج عليه جَمَل ، فاضطر إلى قتله ؛ دفاعًا عن نفسه ، فهل يحق لصاحب الجمل أن يأتي إليه ويطالبه بقيمة الجمل ؟ . الجواب : لا . لا يحق له ؛ لماذا ؟ . لأن الاضطرار هنا ناشئ من ملك الغير ، ناشئ من ذات المملوك ـ أي الجَمَل ـ فحينئذ لا يجب الضمان . أما إذا كان الاضطرار ليس ناشئًا عن حق الغير ، فعلى المضطر الضمان . مثل ذلك : مضطر جائع ، لم يجد إلا جملًا مملوكًا لغيره ، فذبحه وأكله ، فحينذ الاضطرار ليس ناشئًا عن مِلْك الغير ـ أي الجَمل ـ ومن ثَم فإنه ـ أي المضطر ـ يضمن ـ أي يدفع عِوَض ـ ذلك المِلْك ـ أي ـ الجمل ـ . * مثال آخر : إنسان في السفينة ، ألقى بعض المتاع في البحر ؛ لأنه مضطر إلى إلقائه . فهنا هل يجب الضمان أو لا يجب ؟ . نقول : ننظر لماذا ألقى المتاع ، فإن كان قد ألقاه لضرر ناشئ من المتاع ، كأن يكون الرجل في جانب السفينة ، فسقط عليه بعض المتاع ، فخشي على نفسه الهلاك ، فألقى بالمتاع في البحر . فهنا الاضطرار ناشئ من مِلْك الغير ، فلا يجب عليه الضمان . لكن لو كان الاضطرار ليس ناشئًا من ذلك المتاع ، بأن تكون السفينة حمولتها كثيرة ، ويخشى عليها من الغرق ، فقال القائمون على السفينة : لابد من إلقاء بعض المتاع ، فأُخِذَ بعض المتاع فأُلقي ، فحينئذ هل يضمن ؟ . نقول : نعم يضمن ، لأن هذا الاضطرار ليس ناشئًا من ذات المتاع ، وإنما ناشئ من جميع من في السفينة ، فحينئذ يُقال لجميع من في السفينة : اضمنوا هذا المتاع ، ويضرب عليهم قيمته أو مثله ، بحسب أعدادهم . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 61 . |
#14
|
||||
|
||||
المجلس الثالث عشر دورة تيسير القواعد الفقهية18ـ وَتَرْجِعُ الأَحْكَامُ لليَقِينِ * فَلاَ يُزِيلُ الشَّكُّ لليَقِيِنِ هذه القاعدة تشير إلى قاعدة فقهية كلية وهي :
" اليقين لا يزول بالشك " . وَتَرْجِعُ: تعود . الأَحْكَامُ : واحدها حُكم وهو في اللغة : المنع .وسُمِّي القضاء حكمًا؛ لأنه يمنع النزاع والخصومات. تقول : وحَكَّمْتُ الرجلَ تحكيمًا ، إذا منعته مما أراد ، قاله الجوهري في " الصِّحَاح " . والحكم في الاصطلاح هو : إسناد أمر إلى آخر إيجابًا أو سلبًا . قاله الجرجاني في" التعريفات " ،أو هو : إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه. ومثاله في الإيجاب : زيد قائم ، حيث أثبت القيام لزيد . ومثال السَّلب : لم يقم زيد ، حيث نفيت القيام عن زيد . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 61 . أقسام الحكم: بِناءً على التعريف السابق، فقد ثبت بالاستقراء أن الحكم ينقسم إلى ما يلي: = الحكم الشرعي: هو ما كانت النسبة فيه مستفادة من الشرع، كقولنا: الصلاة واجبة، والقتل حرام. = الحكم العقلي: هو ما كانت النسبة فيه مستفادة من العقل، كقولنا: الكل أكبر من الجزء. = الحكم العادي - التجريبي: هو ما كانت النسبة فيه مستفادة من التجربة والعادة، كما يستفاد أن هذا الدواء لهذا الداء. = الحكم الحسي: هو ما كانت النسبة فيه مستفادة من الحس، كحكمنا أن النار محرقة، والماء مروٍ. = الحكم الوضعي: هو ما كانت النسبة فيه مستفادة من الوضع، كقولنا: الفاعل مرفوع.= الألوكة = وقد عَرَّفَه الأصوليون بأنه خطاب الله ـ تعالى ـ المتعلق بأفعال المكلفين ؛ اقتضاءً ـ أي طلبًا ـ ،أو تخييرًا ، أو وضعًا-أي: ثابت بالوضع والإخبار ، فالحكم الوضعي : هو خطاب الشرع بجعل أمرٍ ما علامة على أمر آخر . كالقرابة - مثلاً- فإنها وضع شرعي ، وهي سبب للإرث - والأحكام الوضعية خمسة هي : السبب ، والشرط ، والمانع ، والصحة ، والفساد . الواضح في ... / ص : 48 . الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية / ص : 57 . ولمزيد تفصيل يرجع لهذا = هنا =الحكم الوضعي والفرق بينه وبين الحكم التكليفي. لليَقِينِ: *مراتب العلم أربعة: المرتبة الأولى: اليقين، وهو الإدراك الجازم الذي لا تردد فيه..منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . مثلًا: خمسة زائد خمسة، الجواب عشرة هل عندك فيها تردد؟ لا، فهذا يقين.ما حكم الطهارة؟ واجبة، هل عندك فيها تردد؟ لا، هذا يقين.المرتبة الثانية:الظن، وهو إدراك الاحتمال الراجح مع وجود احتمال مرجوح، يعني هناك تردد لكن يترجح أحد الاحتمالين؛ فالراجح يسمى ظنًا والمرجوح هو الوهم.المرتبة الثالثة: الشك، وهي أنْ يتساوى الاحتمالان، ليس هنالك مرجح لأحد الاحتمالين على الآخر، فهذا شك.المرتبة الرابعة:الوهم وهو الاحتمال المرجوح.= هنا = حلقات مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية. إذا كنت تتوقع هذا بنسبة عشرة بالمائة، عشرين بالمائة، ثلاثين بالمائة، أربعين بالمائة، هذا يسمونه: وهمًا. وإذا كان التوقع بنسبة خمسين بالمائة، فهذا هو الشك. إذا كان ستين بالمائة، سبعين بالمائة، ثمانين، تسعين، يقولون له: الظن، أو يقولون له: الظن الراجح، إذا كان مائة بالمائة فهذا الذي يسمونه: اليقين. *اليقين اصطلاحًا : هو حصول الجزم ،أو الظن الغالب بوقوع الشيء أو عدم وقوعه .منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . فاليقين عند الفقهاء يدخل فيه: الشيء المتيقن المجزوم به، ويدخل في ذلك أيضًا غالب الظن، فإذا كان عندك تردد بين أمرين لا تدري أيهما الصواب، فنقول: ارجع إلى اليقين أو غلبة الظن.شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - حمد الحمد= هنا = *والسبب في إدخال الظن وجعله كاليقين هنا: هو أنّ الظن يُعمل به في كثير مِن الأحكام الشرعية، ولو قيل: إنه لا يُعمل إلّا باليقين! لتعذر الوصول إلى العلم في كثير مِن الأحكام الشرعية، فيكفي في ذلك غلبة الظن. مثال :شهادة الشهود عند القاضي: * الأصل براءة الذمة : وهذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم " البيِّنَة على المدعِي ، واليمين على المدعَى عليه" سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني13ـ كتاب : الأحكام عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ12ـ باب : ما جاء في أن البينة على المدَّعِي واليمين على المدَّعَى عليه / حديث رقم- 1341 : ص- 316 - صحيح . والمعنى : القاعدة المستمرة أن الإنسان بريء الذمة من وجود شيء أو لزومه ، وكونه مشغول الذمة هذا خلاف الأصل ، لأن المرء يولد خاليًا من كل دَيْنٍ أو التزامٍ أو مسئوليةٍ ، وكل شغل لذمته بشيء من الحقوق إنما يطرأ بأسباب عارضة بعد الولادة ، والأصل في الأمور العارضة العدمحتى تثبت بقرينة . فمثال الأخذ بغلبة الظن :شهادة الشهود عند القاضي، لو ادّعى شخص على آخر أنه قد أقرضه مئة ألف ريال؛ فأنكر المُدَّعَى عليه! والأصل ؛ أنّ المُدَّعَى عليه ذمته بريئة حتى يثبت ذلك . فإذا جاء المُدّعِي باثنين مِن الشهود العدول فشهدوا أنّ المُدَّعِي قد أقرض المُدّعَى عليه هذه المئة ألف؛ ماذا سيحكم القاضي؟ سيحكم بمقتضى هذه الشهادة، طيب هذه الشهادة الآن هل تفيد اليقين حتى يرفع اليقين السابق وهو براءة الذمة ؟ أو أنّها تفيد الظن؟ نعم تفيد الظن، طيب كيف تفيد الظن مع أنهم عدول؟ نعم، حتى لو كانوا عدولًا ألا يحتمل أنْ يكونوا قد أخطأوا أو تَوَهَّمُوا، وأيضًا العدل ليس معصومًا، قد يكذب! هذا محتمل، لكن هذا الاحتمال مرجوح مادام عدلًا قد زُكِّيَ مِن قِبَلِ اثنين مِن المُزَكِّيْن؛ فإنّ شهادتَهُ تكون مفيدة للظن، وهذا الظن رفع اليقين السابق، إذًا لا يلزم في رفع اليقين أنْ يحصل يقين يرفعه! يكفي في رفعه الظن. والحكمُ المسْتَصحَبُ ، وإن كان يقينًا في أصله إلا أنه ظنيٌّ من جهة بقائه واستمراره ، فرجعت المسألةُ إلى تعارض الظنون «واليمين على من أنكر»؛ أي: مَن أنكر دعوى خَصْمِهِ إذا لم يكن لِخَصْمِهِ بيِّنَة، فإذا قال زيدٌ لعمرٍو: أنا أقرضتك مائة درهم، وقال عمرٌو: لا، قلنا لزيدٍ: اِئْتِ ببيِّنَةٍ، فإنْ لم يأتِ بالبيِّنَة، قلنا لعمرٍو: احلفْ على نفيِ ما ادعاه، فإذا حلفَ برِئَ. أيضًا مِن الأدلة على هذا أنّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم عمل بشهادة المرضِعَةِ الواحدة في التفريق بين الرجل والمرأة في الحديث الذي ورد في ذلك، مع أنّ شهادة المرأة إنما تفيد الظن! فأزال بها اليقين السابق وهو حِل هذه المرأة للرجل، هذا ما يتعلق باليقين.= هنا =حلقات مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية. فعن عقبة بن الحارث : أنَّهُ تزَوَّجَ ابنَةً لأبِي إِهَابِ بنِ عُزَيْزٍ ، فأَتَتْهُ امرأةٌ فقالتْ : قدْ أَرْضَعْتُ عقْبَةَ والتي تَزَوَّجَ ، فقالَ لهَا عقبةُ : ما أعلمُ أنَّكِ أَرْضَعْتِنِي ولا أخْبَرْتِنِي ، فَأَرسَلَ إلى آل أبِي إهَابٍ يسأَلُهُم ، فقَالوا : ما عَلِمنَا أَرضَعَتْ صَاحِبَتَنَا ، فَرَكِبَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالمدينةِ فسَأَلَهُ ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " كيفَ وقَدْ قيلَ". ففَارَقَهَا ونَكَحَت زوجًا غَيرَهُ ".الراوي : عقبة بن الحارث - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2640 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر = وفي هذا الحديثِ: تزوَّج عُقْبَةُ بنُ الحَارِثِ رضِي اللهُ عنه ابنةَ أَبِي إِهَابِ بنِ عَزِيزٍ، فجاءَتْه امرأةٌ وأَخْبَرَتْه أنَّها أَرْضَعَتْه هو ومَن تزوَّجَها، فقال لها عُقْبَةُ: ما أَعْلَمُ أنَّكِ أَرْضَعْتِني ولا أَخْبَرْتِني، يعني: لم يُخْبِرْني أحدٌ- بِمَا فيهم أَنْتِ- بأنَّكِ أَرْضَعْتِني قبلَ ذلك، فأَرْسَل عُقْبَةُ لِآلِ أَبِي إِهَابٍ يسألُهم عن الأمرِ، فأَخبَروه بأنَّهم لا عِلمَ لهم قَبلَ ذلك بأنَّها أرضعَتِ ابنتَهم، فذَهَب عُقْبَةُ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأَخْبَره بما حَدَث، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم «كَيْفَ وقَدْ قِيلَ؟!»، أي: كيف تُبقِيها عندك تُباشِرُها وتُجامِعُها وقد قِيلَ: إنَّك أَخُوها مِن الرَّضَاعةِ؟! ففَارَقَها عُقْبَةُ رضِي اللهُ عنه، وتزوَّجَتْ هي بعدَه زوجًا آخَرَ.الدرر= قالوا:والأصل والغالب إن تعارضا فقدِّم الغالبَ وهو المرتضى. والحكمُ المسْتَصحَبُ ، وإن كان يقينًا في أصله إلا أنه ظنيٌّ من جهة بقائه واستمراره ، فرجعت المسألةُ إلى تعارض الظنون . فَلاَ يُزِيلُ الشَّكُّ لليَقِيِنِ: و الشَّكُّ في الاصطلاح يطلق على التردد بين وجود الشيء وعدمه دون ترجيح لأحدهما على الآخر، ويدخل في الشك مِن باب أولى في هذه القاعدة الوهمُ، يعني لو كان عندنا يقين أو ظن ثم جاءني شك؛ هذا الشك لا يزيل اليقين أو الظن السابق، طيب إذا كان عندي يقين أو ظن ثم جاءني وَهْم؛ فهو مِن باب أولى لا يرفع اليقين أو الظن السابق.هنا =حلقات مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية. ولا تكاد تلك القاعدة تخلو من باب من أبواب الفقه ويدل على صحة هذه القاعدة عدة أدلة ترجع إلى الخبر ،والإجماع ، والنظر. فأما الخبر، ما رواه مسلم في صحيحه : * فعن سعيد وعبَّادِ بنِ تميمٍ ، عن عمهِ ، شُكِيَ إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الرجلُ يُخيلُ إليه أنه يجدُ الشيءَ في الصلاةِ . قال "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا ، أو يجد ريحًا " .صحيح مسلم / 3 ـ كتاب : الحيض / 26 ـ باب : الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك / حديث رقم : 361 / ص : 93. يَجدُ الشَّيءَ في الصَّلاةِ، يعني: يَظنُّ أَنَّه خرَجَ منه الرِّيحُ، فقال له النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم « لا يَنصرفُ» ، «حتَّى يَسمعَ صوتًا أو يَجدَ ريحًا»، والمعنى: أَنَّه لا يَخرجُ مِن صَلاتِه حتَّى يَتيقَّنَ خروجَ الرِّيحِ منه؛ لأنَّه مُتيقِّنٌ لِطهارتِه فلا يزولُ هذا اليقينُ بِمجرَّدِ الشَّكِ، بل ينبغي أن يتيقَّنَ مِنَ الحدَثِ وخُروجِ الرِّيحِ. ـ ففي هذا الخبر:الحكم ببقاء الطهارة وإن طرأ الشك ، لأن الطهارة مُتيقَّنٌ منها ، وأما إذا تُيقِّن من الحدث الموجب نقض الطهارة ـ نُقِضَت الطهارة ـ . وهذا أصل في كل أمر قد ثبت واستقر يقينا ، فإنه لا يرفع حكمه بالشك . *وعن أبي سعيد الخُدري ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ له صَلاتَهُ، وإنْ كانَ صَلَّى إتْمامًا لأَرْبَعٍ كانَتا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطانِ. " الراوي : أبو سعيد الخدري -المحدث : مسلم -المصدر: صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم- 571 خلاصة حكم المحدث:صحيح= الدرر = في هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "إذا شَكَّ أحدُكم"، أي: تَردَّد، "في صَلاتِه "، ولم يَترجَّحْ عندَه أحدُ الطَّرفين بالتَّحرِّي، "فلم يَدرِ كم صَلَّى ثلاثًا، أم أربعًا، فليَطرَحِ الشَّكَّ"، أي: المشكوكَ فيه، وهو الأكثرُ، والمعنى: يُلغي الزائدَ الَّذي هو محلُّ الشَّكِّ ولا يأخُذْ به في البناءِ، يعني: الرَّكعةَ الرَّابعةَ، "وليَبْنِ على ما استيقَنَ"، أي: المُتَيَقَّنُ به وهو الأقلُّ؛ فالثَّلاثُ هو المُتَيَقَّنُ، والشَّكُّ والتَّرَدُّدُ، إنَّما هو في الزيادَةِ، فيَبنِي على المُتَيَقَّنِ لا على الزائدِ الَّذي يشُكُّ فيه، ثُمَّ يَسجُدُ سجدتين قبل أن يُسلِّمَ، "فإن كان صلَّى خَمْسًا"، فإن كان ما صلَّاه في الواقعِ أربعًا فصار خمسًا بإضافةِ ركعةٍ أخرى إليه شفعن له، أي: للمُصلِّي، يعني: شفعتِ الركعاتُ الخمسُ صلاةَ أحدِكم بالسَّجدتين. "وإنْ كان صلَّى إتمامًا لأربع"، إنْ صلَّى ما شكَّ فيه حالَ كونِه مُتمِّمًا للأربع، فيكون قد أدَّى ما عليه من غيرِ زيادَةٍ ولا نُقصانٍ. "وكانتا" أي: السجدتان، "ترغيمًا للشيطان"، أي: دحرًا له ورميًا له بالرَّغام وهو التُّرابُ؛ فإنَّ الشَّيطانَ لَبَسَ عليه صَلاتَه، وتعرَّضَ لإفسادِها ونَقْصِها، فجعَلَ اللهُ تعالى للمُصلِّي طريقًا إلى جَبْرِ صَلاتِه، وتَدارُكِ ما لَبَسَه عليه، وإرغامِ الشَّيطانِ، وردِّه خاسئًا مُبعَدًا عن مُرادِه، وكَمَلَتْ صلاةُ ابنِ آدمَ لَمَّا امتثَلَ أمرَ اللهِ تعالى الَّذي عصَى به إبليسَ، مِن امتناعِهِ مِنَ السُّجودِ . = الدرر = -وأما الإجماع : فحكاه غير واحد كالقرافي ـ رحمه الله ـ في " الفروق " ، وابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ في" إحكام الإحكام " .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 64 . -وأما النظر : فلأن اليقين لا يغلبه الشك ألْبتة ، حيث إنه قطع بثبوت الشيء فلا ينهدم بالشك.مجموعة الفوائد البهية ... / ص65 . o فائدة : ــــ ذَكَرَ الناظم رحمه الله في شرحه أنّ هذه القاعدة لا تختصّ بالفقه بل تدخل أيضًا في غير الفقه،فقاعدة" اليقين لا يُزال بالشك"لها اعتبار عند الاستدلال بالأدلة ؛ إذا نظرنا إلى الألفاظ قالوا: إنّ الأصل في الألفاظ أنها للحقيقة حتى يأتي ما يصرفها عن هذه الحقيقة، والأصل في الأمر أنه للوجوب حتى يأتي الصارف، كقوله تعالى " وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ " البقرة/43 ،فقد دلت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على أن الأمر بإقامة الصلوات الخمس للوجوب . مثال اقتران الأمر بما يدل على أنه ليس للوجوب , كقول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري : 1183 " صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ , قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً ." فقوله " لِمَنْ شَاءَ" دليل على أن الأمر في قوله " صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ " ليس للوجوب . والأصل في اللفظ العام أنه يفيد عموم جميع الأفراد حتى يأتي المخصِّص، رُوِيَ عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَنَّهُ قَالَ"لاَ صَلاَةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ"ولا صلاةَ بعدَ الفجرِ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ" الراوي : أبو سعيد الخدري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم- 1039 : خلاصة حكم المحدث : صحيح=الدرر= فَاقْتَضَى ذَلِكَ نَفْيَ كُلِّ صَلاَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، ثُمَّ قَال «مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا». "مَن نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذلكَ".الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم684 : -خلاصة حكم المحدث : صحيح. فَأَخْرَجَ بهَذَا اللَّفْظِ الخَاصِّ الصَّلاَةَ المَنْسِيَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَوَاتِ المَنْهِيِّ عَنْهَا بَعْدَ العَصْرِ، سَوَاءٌ كَانَ الخَاصُّ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا».هنا = والأصل إحكام النص حتى يثبت الناسخ له وهكذا في كثير من القضايا.= هنا =حلقات مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية. تعريف النسخ اصطلاحًا :رفعُ حُكْم شرعي متقدم ، بخطاب شرعي متأخر ، منفصل عنه منافٍ له . "كانَ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ ولَا يَومَهُ حتَّى يُمْسِيَ، وإنَّ قَيْسَ بنَ صِرْمَةَ الأنْصَارِيَّ كانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإفْطَارُ أتَى امْرَأَتَهُ، فَقالَ لَهَا: أعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قالَتْ: لا ولَكِنْ أنْطَلِقُ فأطْلُبُ لَكَ، وكانَ يَومَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عليه، فَذُكِرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ"أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْ"البقرة: 187- فَفَرِحُوا بهَا فَرَحًا شَدِيدًا، ونَزَلَتْ"وَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ"البقرة: 187. الراوي : البراء بن عازب -المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم1915 -خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر = خَيبةً لك: أي: حِرمانًا لك. فالأصل : إذَا كانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ ولَا يَومَهُ حتَّى يُمْسِيَ. أي والأصل إحكام النص حتى يثبت الناسخ له. وقد ثبت الناسخ في نفس الحديث : فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ"أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْ"البقرة: 187- ، ونَزَلَتْ"وَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ"البقرة: 187. ولا يُخْرَج بتلك الأحكام عن أصولها الْمُتَيَقَنة لاستدلال أو دليل مشكوك فيه إما من جهة الثبوت أو الدلالة . عرف الجرجاني” الاستدلال: بأنه هو تقرير الدليل لإثبات المدلول- هنا - وقد نبه إلى ذلك العلائي ـ رحمه الله ـ في كتابه " المجموع الْمُذْهَب " ، وقال " ومن هذا الوجه يمكن رجوع غالب مسائل الفقه إلى هذه القاعدة إما بنفسها أو بدليلها " ومن ثَم يتبين أن القاعدة الكلية " اليقين لا يزال بالشك "، لها موردان- أي تطبق وتصب على شيئين- الأول :الأدلة الشرعية ، عند إعمال قاعدة " استصحاب الأصل " ، لأن الأصل له حكم اليقين . الثاني:أفعال المكلَّف ، عند اشتباه أسباب الحكم عليه. وهذا المورد هو المقصود أصالةً من القاعدة ، قاله ابن القيم ـ رحمه الله ـ في " بدائع الفوائد " . وهذا كله عندما يكون للمشكوك فيه حال قبل الشك ، فَتُستصحَب ولا ينتقل عنها إلا بيقين ، وهذا جزم به الجمهور ، ونص عليه ابن القيم في كتابه السابق . قال ابن القيم : في " بدائع الفوائد " : " ينبغي أن يُعلم أنه ليس في الشريعة شيء مشكوك فيه ألْبتة ، وإنما يعرض الشك للمكلف " .ا . هـ .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 66 . *أمثلة تطبيقية على القاعدة : _________ *إذا أكل الصائم شاكًّا في طلوع الفجر ، صح صومه ، لأن الأصل بقاء الليل حتى يتيقن الفجر . أما إذا أكل شاكًّا في غروب الشمس ، لم يصح صومه ، لأن الأصل بقاء النهار ، فلا يجوز أن يأكل مع الشك ، وعليه القضاء ما لم يعلم أنه أكل بعد الغروب فلا قضاء عليه حينئذ. *من شك في حصول الرضاع بينه وبين امرأة أجنبية ، فيبنِ على الأصل المتيقَّنِ ، وهو كونُها أجنبية عنه . *من شك في طلاق امرأته ، فإنه يبني على الأصل المتيقن ، وهو بقاء الزوجية . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . *وإذا شك كذلك هل طلق امرأته طلقة أو طلقتين فنقول: المتيقن هو طلاق مرة، وأما القدر الزائد فهو مشكوك فيه. وهكذا، فاليقين لا يزول بالشك.شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - حمد الحمد = هنا = وهذا لو كان في الطَلْقة الأولى أو الثانية قد يكون الأمر سهلًا، لكن لو جاءنا شخص يريد أنْ يُثبت الطلاق عند القاضي، يعني يقول: أنا طلقت وأريد إثبات هذا الطلاق، القاضي مباشرة سوف يسأله:هل طلقت قبل هذه الطَلْقة أو لا؟ لأنّ هذا له أثرٌ في الحكم، فإذا قال: إنني طلقت قبل هذه الطَلْقة طلقة جازمًا بها وطَلْقة متردد فيها! يعني يقول: طلقتُ قبل عشر سنوات لكنني متردد لا أدري هل طلقتُ أم لم أطلق! وقبل سَنَة جازم بالطلْقة، وهذه الآن الطلقة التي يريد أنْ يُثبتها، بناءً على هذا يتحقق منه القاضي بالطلقة الأولى، إنْ كان عنده غلبة ظن عمل بهذا الظن وأثبت الطلقة وصارت الطلْقة الأخيرة هذه هي الثالثة، فتَبِيْنُ منه المرأة بينونة كبرى لا تحلّ إلّا لرجل ينكحها ويطؤها ثم يفارقها بموت أو طلاق، وأمّا إذا قال: إنّ الطَلْقة الأولى أنا متردد فيها تردد يستوي فيه الاحتمالان؛ فحينئذٍ الأصل عدم وقوع هذا الطلاق، فيكون قد طلَّق طلقتين فقط فلا تَبِيْنُ منه المرأة بينونة كبرى، هذا يدلك على أنّ المسألة مهمة ويترتب عليها أمور عظيمة جدًا.= هنا =حلقات مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية. *من أتم صلاتَهُ وفرغ منها ، ثم شك في زيادة أو نقص ، فهذا الشك لا يؤثر ، فصلاته تامة لأن الأصل التمام ، ثم طرأ شك ، فلا يُعوَّل عليه لكن من شك أثناء الصلاة فهذا له حكم آخر مفصل بكتب الفقه . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف . *إذا كنت متيقنًا أنك على وضوء وعندك شك هل حصل ناقض لهذا الوضوء أم لا، فأنت -مثلاً- متيقن أنك توضأت لصلاة المغرب، فلما حضرت صلاة العشاء صرت لا تدري هل انتقض الوضوء أم لا؟ فنقول: المتيقن هو الوضوء والناقض مشكوك فيه، وعلى ذلك فنأخذ بالمتيقن وهو الوضوء فنقول: أنت على وضوء، واليقين لا يزول بالشك. *وإذا كان الأمر بالعكس، كأن تيقنت الناقض وشككت في الوضوء بعده؛ فمثلًا تقول: إنك قد قضيت حاجتك بعد صلاة المغرب ،وتقول: أنا لا أدري هل توضأت بعد أن قضيت حاجتي أم لا؟ فنقول: هنا المتيقن هو الحدث والوضوء مشكوك فيه، وعلى ذلك فخذ بالمتيقن وهو عدم الوضوء، فاليقين لا يزول بالشك. *إذا كنت لا تدري في صلاتك هل صليت ثلاثًا أم أربعًا، فالمتيقن هو الأقل، فتصلي رابعة وتسجد للسهو قبل السلام. *وإذا كنت في الطواف فحصل عندك شك هل طفت ستًا أم سبعًا، فنقول: الأقل هو المتيقن، فأنت في حكم من طاف ستة أشواط وعليك أن تطوف الشوط السابع. شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - حمد الحمد = هنا = * الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته: فلو أن إنسانًا استيقظ من النوم لما أراد أن يصلي الظهر وجد في ثيابه أثر مَنِيّ ـ للاحتلام ـ فأشكل عليه هل هذا من نومه بعد صلاة الفجر فتكون صلاة الفجر صحيحة ؟ أم أنه من الليل فيلزمه الاغتسال ثم إعادة صلاة الفجر ؟ . نقول : إذا لم يتأكد ولم تقم قرائن ، فالأصل إضافة الحال إلى أقرب أوقاته ، وعلى هذا نحكم بأنه من نومه بعد صلاة الفجر ، وبِنَاءً على ذلك نحكم بصحة صلاة الفجر . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . سُئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله : عمن وجد منيًّا في ثيابه بعد أن صلى الفجر ولم يعلم به فما الحكم في ذلك ؟ . فأجاب : إذا لم ينم الإنسان بعد صلاة الفجر فإن صلاة الفجر غير صحيحة لوقوعها وهو جنب حيث تيقن أنه قبل الصلاة . أما إذا كان الإنسان قد نام بعد صلاة الفجر ولا يدري هل هذه البقعة من النوم الذي بعد الصلاة أو من النوم الذي قبل الصلاة فالأصل أنها مما بعد الصلاة ، وأن الصلاة صحيحة ، وهكذا الحكم أيضا فيما لو وجد الإنسان أثر مني وشك هل هو من الليلة الماضية أو من الليلة التي قبلها ، فليجعله من الليلة القريبة ويجعله من آخر نومة نامها ؛ لأن ذلك هو المتيقن وما قبلها مشكوك فيه ، والشك في الحدث لا يوجب الطهارة منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد" ،رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، والله الموفق . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " 11 / السؤال رقم: 165 = هنا= |
#15
|
||||
|
||||
19 ـ والأَصْلُ فِي مِيَاهِنَا الطَّهَارَةُ * والأَرْضِ والثِّيَابِ والحجارة ـــــــــــــــهذا شروع مِن الناظم رحمه الله في بيان بعض الأصول التي يجب التمسك بها عند ورود الشك، فهي تفريع على القاعدة السابقة لما كانت الأحكام ترجع إلى أصولها حتى يُتَيَقَّن زوال الأصل كما سبق بيانه ، لذا احتيج إلى معرفة أصول أشياء إذا شك فيها رجع إلى أصولها ، وهي أصول تابعة لقاعدة "الأصلَ في الأشياءِ الطَّهارةُ" وهذا معلومٌ من كُليَّات الشَّريعةِ وجزئيَّاتها، ولا يُصارُ إلى غير ذلك إلَّا بدليلٍ ناقلٍ عن الأصلِ = هنا = "اليقينُ لا يزول بالشكِّ " وتُمثل جانب اليقين منها ـ أي من القاعدة ـ لذا ذَكَرَها الناظمُ عقب هذه القاعدة .منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . وذكر المؤلف في هذه القاعدة مجموعة أصول تحت أصل " الأصل في الأعيان أو في الأشياء الطهارة " فقال : والأَصْلُ فِي مِيَاهِنَا الطَّهَارَةُ * والأَرْضِ والثِّيَابِ والحجارة ، فالأصل في هذه الأمور الأربعة -وهي المياه والأرض والثياب والحجارة- الأصل فيها أنها طاهرة. وذِكر هذه الأشياء الأربعة لا يُراد به التخصيص والحصر ، بل المراد التمثيل ، وإلا فالأصل في سائر الأشياء الطهارة حتى يَثبت خلاف ذلك بالدليل أو القرينة . منظومة القواعد الفقهية / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . وهذه القاعدة مرتبة على القاعدة السابقة ، ولكن من تأمل ما ذكرناه سابقًا من الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي ، يجد أن هذه القاعدة أقرب إلى الضابط الفقهي منها إلى القاعدة الفقهية ، فهي ضابط فقهي وليست قاعدة فقهية . *الفرق بين القاعدة وبين الضابط: =القاعدة الفقهية تكون مما يدخل في أبواب عديدة، فالقاعدة الفقهية لها فروع في أبواب فقهية متعددة، مثال ذلك: قاعدة الأمور بمقاصدها نأخذ منها وجوب الصلاة في باب الصلاة، ونأخذ منها في البيع أن المقاصد معتبرة. ، بينما الضوابط الفقهية تكون خاصة بباب واحد؛ مثال ذلك: قاعدة أن ما جاز في الفريضة من الصلوات جاز في النفل، فهذا ضابط فقهي متعلق بالأبواب- أبواب النوافل، نوافل الصلوات، ومثله ضابط كل زوج يلاعن، يعني أنه يحق لأي زوج من الأزواج إذا اتهم زوجته بالزنا أن يلاعنها، فهذا ضابط فقهي يختص بباب واحد. =الفرق الثاني بين القاعدة الفقهية والضابط: أن القاعدة الفقهية فيها إشارة لمأخذ الحكم ودليل الحكم، فقولنا: الأمور بمقاصدها فيه إشارة لمأخذ الحكم، وهو الدليل الوارد في ذلك إنما الأعمال بالنيات، كما رواه الشيخان من حديث عمر بن الخطاب، بينما الضابط الفقهي لا يشير إلى مأخذ المسألة ودليلها.=هنا = معنى ذلك : أنه لما تأصل في الشريعة أن المياه والثياب والأرض والحجارة الأصل فيها الطهارة ،كأن هذا التأصيل يدل على أنه هو المتيقن ، وعدم طهارة هذه الأشياء شكٌّ يحتاج إلى دليل ، فلا يُصار إليه حتى يأتي دليل يدل على خلاف الأصل . ففقه هذا الضابط يسد باب الوسوسة الذي أُبتلي بها كثير من الناس ، فالأصل في الماء والأرض والثياب والحجارة ؛ الطهارة . فبعض الناس يبني عبادته على أوهام ويقول هذا من باب الاحتياط في العبادة ، فنقول : إن الأصل في الماء - مثلًا- الطهارة ما لم يتبين للإنسان النجاسة بقرينة . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . وأما تعريفه في استعمالات العلماء، فالأَصْلُ في كلام العلماء يُطلق على معانٍ متعددة ، كالدليلِ ، والراجح ، والقاعدة المستمرة ، والحالة الأولى المستصحَبةِ ، والمراد هنا الأخيرُ . يطلق على الدليل، فتقول : الأصل في الطهارة قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ"المائدة:6، الآية، معناه الأصل هنا الدليل. الأصل في إباحة البيع قول الله عز وجل"وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا"البقرة:275، هذا بمعنى الدليل. إطلاق الأصل على الراجح، فتقول اختلف العلماء في الوضوء من أكل لحم الإبل، والأصل فيه وجوب الوضوء، أو والأصل فيه عدم الوجوب، عندما نقول الأصل فيه وجوب الوضوء ليس المقصود القاعدة المستمرة ولا الدليل، إنما نقصد بذلك الراجح، فعندما تقول الأصل كذا ويذكر المختار فهو بمعنى الراجح. يطلق الأصل ويراد به القاعدة المستمرة، وهذا هو المقصود في هذا السياق، في قول المصنف " والأَصْلُ فِي مِيَاهِنَا الطَّهَارَةُ"، فإن مقصوده بالأصل هنا: أي القاعدة المستمرة، وقريبٌ من هذا الأمر المستصحب، فإنه يطلق عليه الأصل، وهذان متقاربان. فهنا المصنف رحمه الله يذكر الأصل بمعنى القاعدة المستمرة، ولا نفسره بالدليل لأنه لم يذكر دليلًا، ولا بأنه الراجح لأن هذا مجمعٌ عليه، وإنما يكون الراجح والمرجوح فيما فيه خلافٌ من مسائل العلم، أما ما لا خلاف فيه من مسائل العلم فإنه لا يوصف براجح ومرجوح. o أدلة طهارة هذه المذكورات : * الأصل في المياه الطهارة لقوله تعالى : "وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا " .سورة الفرقان / آية : 48 . قالوا: والمياه الموجودة الآن على وجه الأرض أصلها مِن السماء.والعلماء على خلاف في أصل الماء على كوكب الأرض، وهل هو منها، أو من خارجها ؟ولمعرفة تفاصيل هذا الخلاف يرجع للرابط الآتي = هنا= إسلام ويب /فقه العبادات الطهارة أحكام الميا وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الماء طهورٌ لا يُنَجِّسُه شيء»وهذا يدل على أنّ الماء أصلُه طاهر "أنَّه قيلَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنتوضَّأُ من بئرِ بضاعةَ وَهيَ بئرٌ يطرحُ فيها الحيضُ ولحمُ الكلابِ والنَّتنُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ" الماءُ طَهورٌ لا ينجِّسُه شيءٌ"الراوي : أبو سعيد الخدري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 66 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر = * ..... سمع أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ يقول : جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا رسول الله ! إنَّا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ بماء البحر ؟ . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " هو الطهور ماؤه ، الحِلّ ميتته " . سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 1 ـ كتاب : الطهارة / 38 ـ باب : الوضوء بماء البحر / حديث رقم : 386 / ص : 85 / صحيح . فقوله رحمه الله " والأَصْلُ فِي مِيَاهِنَا "، أي القاعدة المستمرة التي لا تنخرم ولا تختل في مياهنا ؛ أي في شأن المياه، وأضاف المياه إلى الناس، لأنه يتحدث عن الناس، فقوله مياهنا، نا هنا للجمع، أي مياه الناس، سواءً كانت نازلة من السماء، نابعة من الأرض، مطلقة في البراري والمستنقعات، محوزة في أوعية وأواني، الماء في كل صوره وفي كل أحواله وفي كل أوعيته وأينما كان الأصل فيه الطهارة، ولذلك قال " والأَصْلُ فِي مِيَاهِنَا " * والأصل كذلك طهارة الأرض لقوله تعالى "فَلمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا ". سورة النساء / آية : 43 . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " فُضِّلْتُ بأربعٍ : جُعِلتُ أنا وأمتي في الصلاةِ كما تَصُفُّ الملائكةُ ، وجُعل الصعيدُ لي وَضوءًا وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا ، وأُحلَّت ليَ الغنائم " . رواه الطبراني عن أبي الدرداء . وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ... / الأرض من : التراب ، والأحجار ، والسباخ - السباخ : هو رَوْث مأكول اللحم -، والرمال ، والمعادن ، والأشجار ، الأصل طهارتها.رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 22 / بتصرف أي والأصل في الأرض أنها طاهرة، ومعنى الطهارة في الأرض ؛ أي أنه يجوز استعمالها في التيمم، ويجوز السير عليها، ولا يتحرز من شيءٍ مما على الأرض، فإن الأصل فيها الطهارة، ويجوز أن يصلي حيثما تيسر له من الأرض، ولا يحتاج إلى أن يتحقق أو يسأل هل هي طاهرة أو لا، لأن الأصل في الأرض الطهارة، وقد جاء ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر ما خص الله تعالى به رسوله دون سائر الأمم، " وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، وهذا يشمل كل أجزاء الأرض.الشيخ خالد المصلح = هنا = و قوله " والثياب "، يشمل كل الثياب، سواءً كانت مما يلي البدن أو مما لا يليه، وسواءً كانت ثياب مؤمن أو ثياب كافر. فجميع أصناف الملابس ، الأصل فيها الطهارة ، حتى يُتَيَقَّن زوال أصلِها بِطُرُوء النجاسة عليها . ويخرج من الملابس المصنوع من غير طاهر ، كجلود السباع والكلاب والخنازير . رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 22 / بتصرف . وهذه قاعدة جامعة نافعة، ويحتاجها الإنسان في مواضع عديدة، وهي مما أجمع عليه علماء الأمة، كما حكى الإجماع غير واحدٍ من أهل العلم.الشيخ خالد المصلح = هنا = * والأصل كذلك طهارة الحجارة : فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : إن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطب ، فإنها تُجزئ عنه " . سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / 1 ـ كتاب : الطهارة / 21 ـ باب : الاستنجاء بالأحجار / حديث رقم : 40 / ص : 13 / حسن . ـ فالأصل في هذه الأشياء الطهارة فلا يقول قائل : ما دليلك على طهارة هذا الماء ، أو طهارة هذه الأرض ؟ . ذِكر بعض أفراد العام بحكمٍ لا يخالف العام لا يفيد التخصيص . لذلك ذكرَ الحجارةَ لأنها بعض أفراد العام، بعض أفراد الأرض، فجميع الأرض بكل أجزائها طاهرة، فلا يحتاج الإنسان إلى أن يسأل ولا أن يتحقق ولا أن يتحرى، لا في التيمم بها، ولا في الصلاة عليها، ولا في غير ذلك.الشيخ خالد المصلح = هنا = فالأصل في كل هذا الطهارة . ولا نَخرُج عنِ الأصلِ إلا بنصٍ أو بَيِّنَةٍ . فلا يقول قائل : هذا الماء ما أدراك لعل أحد قد بال فيه ، أو لعل كلب وَلَغَ فيه ، لعل لعل ... لا يصلح ، بل لعل هذه محتاجة بَيِّنَة ، فأنت مطالب بإثبات ما ادعيته ببينة وإلا فاستصحاب البراءة الأصلية ، فالأصل في كل حادثٍ عدمه حتى يتحقق . منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف |
#16
|
||||
|
||||
المجلس الخامس عشر دورة تيسير القواعد الفقهية 20ـ والأَصْلُ فِي الأَبْضَاعِ واللحومِ*والنَّفْسِ والأموالِ للمَعْصُومِ 21ـتَحْريمُها حَتى يَجِيءَ الحِلُّ *فَافْهَمْ هَدَاكَ اللهُ ما يُمَّلُّ ـ هذه القاعدة عكس القاعدة السابقة ، فالقاعدة السابقة ذُكِرَ ـ فيها ـ أن الأصل في المياه والأرض والثياب والحجارة ؛ الطهارة حتى يجيء التحريم ، أما هذه فقد ذكر أن الأصل في هذه الأشياء التحريم حتى يجيء الحِلّ . بمعنى أن المُتَيَقَّن أن هذه الأشياء مُحرمة فلا يجوز استعمالها حتى يجيء دليل ناقض يبيح هذه الأشياء .منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي. فكما أن الأصل في بعض الأشياء الحِلّ ، كذلك الأصل في بعض الأشياء الأخرى التحريم . لذا ذَكَرَ المؤلفُ في هذين البيتين أشياء الأصل فيها التحريم حتى يُتَيقن الحِلّ . معاني بعض مفردات القاعدة : الأَبْضَاع: جمعٌ ، مفرده بُضعٌ ، ويُطلق على الفرج ،والجماع ،والتزويج ، والمراد هنا :الأول ، وقيل : الثاني ، وبينهما تلازم -أي إذا حَلَّ الفرجُ، يلزم حِل الجماع والتزويج-. اللحومِ:الحيوان أو الطير المطعوم ، أي لحوم الكائنات الحية المطعومة غير المذكاة . الأموالِ: أي أموال المعصوم . جمعُ مالٍ ، وهو كل ما يُنتفعُ به ، سُمِّي مالًا ؛ لأن النفوس تميل إليه طبعًا -أي بطبعها - للمَعْصُومِ: هو المسلمُ والذِّمىُّ - وهو الذي بيننا وبينه ذمة ، أي : عهد على أن يقيم في بلادِنا معصومًا مع بذل الجزية .- ، أُطلق عليهما لفظ للمَعْصُومِ؛ لعصمة دمِهِمَا ، وأموالِهِمَا شرعًا ، وفي هذا التعبير إشارة على أن مناط الحكم - أي عِلة الحكم- هو العِصْمَةُ . ما يُمَلّ: أي : ما يُملَى عليك . منظومة القواعد الفقهية/ شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . الشرح التفصيلي: ـ الأصل في الأَبْضَاعتَحْريمُها أي الحُرمَة : فمن استباح بُضع امرأةٍ فعليه أن يُخْرِجَهُ من هذا الأصل بيقين ، فالأصل أنها حرام عليه حتى يثبت له بيقين أنها حِل له ، وذلك بأحد سببين : *إما بالزواج الصحيح" أي زواج لا يشوبه أي مبطلات مثل الرضاعة -أي رضعا معًا من امرأة واحدة-أو الانشغال بزوج آخر ، " *وإما أن تكون مِلْك يمينه بيقين"مثلًا لا يكون وطأها أبيه ... ". فيكون الأصل هنا في حقه حِلّ الوطء لتوفر أسباب الحِلّ بيقين. وتصبح القاعدة حِل الوطء في أي وقت ولا يحرم ذلك إلا بسبب متيقن لإخراجه من هذا الأصل . فعندما يعرض عارض كالحيض ، نقول هذا خارج عن الأصل ، فيحرم الوطء ، وإذا زال العارض عُدنا إلى الأصل وهو الحِلّ . دليل ذلك : قوله تعالى"وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فإِنَّهُمْ غَيْرُمَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ همُ الْعادُونَ" .سورة المؤمنون / آية : 5 : 7 . " فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ أي: فمن التمس لفرجه مَنكَحًا سوى زوجته، وملك يمينه، "فَأُوْلَئِكَ همُ الْعادُونَ"أي: فهم العادون حدود الله، المجاوزون ما أحل الله لهم إلى ما حَرّم عليهم.تفسير الطبري. ـ وكذلك الأصل في اللّحومِ تَحْريمُها، أي: التحريم : فالأصل في الحيوان المطعوم التحريم ، إلا ما ذكاه المسلم أو الكتابي ، فالأصل فيما يذبحه المسلم أو الكتابي الحِل حتى يثبت خلاف ذلك بيقين. وأصل التذكية الإتمام ، يقال : ذكيت النار إذا أتممت إشعالَها ، والمراد هنا : إتمام فَرْيِ الأوداجِ - أي تقطيعها- وإنهار الدم -إسالته -في المذبوح ،والنحر في المنحور . هنا = فرَى الشَّيءَ : شقَّه وقطَعه .معجمالمعانيالجامع = الوَدَجُ :عِرْقٌ في العُنُق ينتفخ عند الغضب ، وهو عِرْق الأخدع الذي يقطعه الذَّابح فلا تبقى معه حياة ، وهما ودَجَان .انتفخت أوداجُه : غضب.معجم المعانيالجامع= قال النبي صلى الله عليه وسلم"ما أَنْهَرَ الدمَ وذُكِرَ اسمُ اللهِ عليهِ فكُلْ" الحديث-الراوي: رافع بن خديج - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5498 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. * فالسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، بأن يطعنها بمحدَّد من رمح أو سكين في لُبَّتها، وهي الوَهْدة التي بين أسفل العنق والصدر، ومثلها الزرافة ونحوها. وتذبح البقر والغنم وأمثالها بسكين من أعلى الرقبة مع الحلق من جهة الرأس، مضجعة على جانبها الأيسر.فالأكمل في الذبح: قطع العروق الأربعة، المريء وهو مجرى الطعام ـ والحلقوم وهو مجرى النفس، والودجان وهما عرقان في صفحتي العنق يجرى فيهما الدم. وذكاة الجنين ذكاة أمه، فإن خرج حيًا لم يحل أكله إلا بذبحه.وإن خرج ميتا بعد ذبح أمه فهو مذكى ويؤكل . وذكاة الطيور بذبحها بقطع أعلى الرقبة من جهة الرأس. عن ابن القاسم في الدجاجة أو العصفور إذا أجهز على ودجيه ونصف حلقه أو ثلثه فلا بأس بأكله.وإن كان الأكمل والأفضل أن يتم قطع العروق الأربعة، المريء وهو مجرى الطعام ـ والحلقوم وهو مجرى النفس، والودجان وهما عرقان في صفحتي العنق يجرى فيهما الدم.إسلام ويب=هنا = حكم قطع رأس الحمام أو الجربوع باليد من غير آلة حادة: حكم من يفصل الرأس عن الجسم، يمسك الرأس بيد والجسم باليد الثانية، ثم يسحب بشدة، هل يحل الأكل بهذه الطريقة؟ لا يجوز هكذا قلع الرأس باليد، مثل هذا يعتبر خنقًا تكون به ميتة، فلابد من كونه يذبحها بالسكين ونحو السكين من المحددات.ابن باز = هنا = وهنا = وذكاة الصيد والحيوان المتوحش، والحيوان الشارد برميه وجرحه في أي موضع من جسمه. والذكاة الشرعية تُحِل الحيوان الذي أبيح أكله كالغنم ونحوها. أما الحيوان الذي لا يباح أكله كالسباع، وكل ذي مخلب من الطير، والخنزير ونحو ذلك من المحرم أكله فهذه لا تعمل فيها الذكاة؛ لأنها محرمة في الأصل، والذكاة لا تُحِل إلا ما أحل الشرع أكله من حيوان أو طير. قال تعالى" وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ".سورة المائدة / آية : 5 . "فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ"الأنعام118. فلم يأذن الله جل وعلا بالأكل مطلقًا، بل قيد ذلك بذكر اسمه جل وعلا. *ولكن من يعتقد أنه لا يحل إلا اللحم الذي يذبحه بيده أو بيد من يعرف عقيدته وصلاحه من المسلمين ، فهذا لا يصح . إذًا: الأصل في اللحوم هو التحريم، وليس المراد أنك إذا دُعِيتَ عندَ مسلمٍ فأتى بلحمٍ أنك لا تأكل حتى تسأله، لأن الأصل في اللحوم التي تقدم من المسلمين أنها مذكاة، لكن لو أنك أتيت إلى بلد فيه المسلم وفيه الكافر وفيه الكتابي، فوجدت لحمًا لا تدري هل ذُكي أم لا؟ وهل ذكر اسم الله عليه أم لا؟ فليس لك أن تأكل منه شيئًا؛ لأن الأصل في اللحوم التحريم.شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - حمد الحمد= هنا= سُئل الشيخ العثيمين: ماذا تقول في ذبيحة القصَّاب المسلم؟ القَصَّابُ : الزَّمَّارُ ، مَنْ يزمِّر بالقَصَبة وليس هذا المقصود هنا ، القَصَّابُ : الجزَّار.القَصَّابُ : بائع اللَّحم .معجم المعاني = هنا = الجواب: سلمك الله، القصَّاب المسلم، الأصل أن ذبيحته حلال، وأنه يسمي الله، ودليل ذلك أن البخاري رحمه الله روى عن عائشة رضي الله عنها "أنَّ قَوْمًا قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنا باللَّحْمِ لا نَدْرِي أذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عليه أمْ لا، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: سَمُّوا اللَّهَ عليه وكُلُوهُ. ".صحيح البخاري. أنت تعرف أن حديثي العهد بالكفر لا يعرفون شيئًا من أحكام الإسلام إلا قليلاً، فإذا كان الذابح مسلمًا أو يهوديًا أو نصرانيًا فالأصل أن ذبيحتَهُ حلالٌ، ولا نقول: لعله لا يسمي، أو لعله لا يصلي، أو ما أشبه ذلك..ا.هـ. لقاء الباب المفتوح - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين .هنا.وهنا - فما ذبحه غير المسلم أو غير الكتابي فهو محرم ، وما صُعِق ، أو خُنق ، أو ... ، فهو محرم حتى لو كان هذا فِعل مسلم أو كتابي . حُكم اللحوم المستوردة : إذا كانت من بلاد الكفار والمجوس ، فالأصل فيها الحرمة . أما إذا كانت من بلاد المسلمين أو أهل الكتاب - اليهود والنصارى - ويُعْرَف عنهم أنهم يذبحونها بالطريقة الشرعية ، فالأصل فيها الحِلّ ، أما إذا عُرف عنهم أنهم يخنقونها ، أو يصعقونها أو أي طريقة أخرى غير الذبح الشرعي ، إذن فهي غير مذكاة ، وحكمها الحُرمة على المسلمين بشرط أن يكون هناك يقين وليس مجرد شك في أنها غير مذكاة .شرح القواعد الفقهية . س: إذا شك في توفر شروط الإباحة في ذبيحة المسلم كالتسمية . ما حكم الأكل منها ؟ ! . الجواب: لا يعتبر ولا يُلتفَت إلى الشك في وجود الشرط ، وإن كان الأصل في الشروط عدم وجودِها ، إلا أن هذا الأصلَ عارَضه أصلٌ آخر ، وهو كون الأصل في أفعال المسلمين الصحة ، ووقوعها على الوجه الشرعيِّ . بالإضافة إلى معارضة الغالب ، وهو وجود الشرط صحيحًا * عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن قومًا قالوا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أَذُكرَ اسمُ اللهِ عليه أم لا ؟ . قال صلى الله عليه وسلم"سَمُّوا عليه أنتم وكلوه" قالت : وكانوا حديثي عهدٍ بالكفر . صحيح البخاري . متون / 72ـ كتاب : الذبائح والصيد / 21ـ باب : ذبيحة الأعرابِ ونحوِهم / حديث رقم : 5507 / ص : 663 . ـ ضابط تطبيقي : ــــــــ من ضوابط هذه القاعدة : إذا امتزج ؛ أو اجتمع التحليل بالتحريم ـ في هذه المذكورات وما كان أصله التحريم ـ غُلِّب جانب التحريم على التحليل فإذا اختلطت محرَّمة بنسب أو رضاع بنسوة محصورات ، حرم عليه نكاح إحداهن مادام لم يتيقن أيتهن المحرَّمة . الدرة المرضية شرح منظومة ... / ص : 64 / بتصرف . فلو اجتمع في الذبيحة مبيح ومُحَرّم؛ فإنه غَلَّبَ جانبَ التحريم؛ فلا يحلُّ المذبوح : لو ذبح الشاة بسكين مسمومة؛ قالوا: فلا ندري هل زهوق الروح كان بالسكين أو كان بالسُّمِّ؟ لو كان بالسكين فهو مباح، ولو كان بالسُّمِّ فهي ميتة، اجتمع سبب للإباحة وسبب للتحريم فنرجع إلى الأصل -والأصل هو التحريم-، حتى نعلم أو نتيقن أو يغلب على ظننا أنّ سبب الإباحة قد وُجِد.= هنا =حلقات مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية. وكذلك الصيد ، فإذا وقع الشكُّ في الْمُبِيح وهو توفر الشروط ، فلا يحل الأكل منه . * فعن الشَّعْبِي قال : سمعتُ عَدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ قال : سألتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن المِعْرَاض فقال " إذا أصبتَ بحّدِّه فكُلْ ، فإذا أصابَ بِعَرْضهِ فَقَتَلَ فإنه وَقِيذٌ فلا تأكل" . فقلتُ : أُرْسِلُ كلبي ، قال " إذا أرسلتَ كلبَكَ وسميتَ فكُلْ" . قُلتُ : فإن أكَلَ قال " فلا تأكل فإنه لم يُمْسِكْ عليكَ إنما أمسكَ على نفسِه" . قلت أُرسِلُ كلبي فأجدُ معه كلبًا آخَرَ ، قال "لا تأكل فإنك إنما سميتَ على كلبك ولم تُسمّ على آخر" . صحيح البخاري . متون / 72ـ كتاب : الذبائح والصيد / 2 ـ باب : صيد المِعْرَاضِ / حديث رقم : 5476 / ص : 660 . المِعْراضُ: خشبةٌ أو عصًا عريضةٌ وثقيلةٌ، وربَّما كان فيها حَديدةٌ مُدَبَّبَةٌ أو لم يكُنْ، وربَّما تكون رقيقةَ الطَّرفَيْنِ غليظةَ الوَسَطِ، وتُستخدَمُ في الصَّيْدِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "إذا أصبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ"، أي: إذا أصاب المِعْراضُ الصَّيْدَ بالجُزْءِ المُدَبَّبِ أو المُحَدَّدِ فحلالٌ أكْلُهُ، "فإذا أصاب بِعَرْضِهِ فقَتَلَ فإنَّهُ وَقيذٌ فَلا تَأْكُلْ"، أي: إذا أصاب المعراضُ الصَّيْدَ بعرضِهِ، أي: بجسمِ العصا أو بمُنتصَفِها، فقَتَلَهُ ولم تُدرِكْهُ حيًّا لِتَذْبَحَهُ، فهذا الصَّيْدُ وَقيذٌ، أي: مقتولٌ وليس مذبوحًا، فلا يَحِلُّ أكْلُهُ. "فقُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبي؟ "، أي: يسألُ عَنِ الصَّيْدِ بالكَلْبِ المُدَرَّبِ والمُعَلَّمِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "إذا أرسلْتَ كلبَكَ وَسَمَّيْتَ فَكُلْ"، أي: إذا أرسلْتَهُ فأَمْسَكَ صيدًا دونَ أنْ يأكُلَ منه فهو حِلٌّ أكْلُهُ، قُلْتُ"فإنْ أَكَلَ؟ "، أي: إنْ أكَلَ الكلبُ مِنَ الصَّيدِ قَبْلَ أنْ يأتيَ به؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "فَلا تَأْكُلْ، فإنَّهُ لم يُمْسِكْ عليك"، أي: لم يَحْبِسْهُ ويوقِعْهُ لك، "إنَّما أَمْسَكَ على نَفْسِهِ"، أي: إنَّما حبَس الصَّيدَ لنفسِه؛ فيأكلُه هو ولا يَحِلُّ لك.قلْتُ: "أُرْسِلُ كلبي فأجِدُ معه كلبًا آخَرَ؟"، أي: إنْ أَمْسَكَ كلبي صيدًا وقد سبَق إلى الصَّيدِ نَفْسِهِ كلبٌ آخَرُ فما الحُكْمُ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "لا تأكُلْ، فإنَّكَ إنَّما سمَّيْتَ على كلبِكَ ولم تُسَمِّ على آخَرَ"، أي:إنَّكَ ذكَرْتَ اسمَ اللهِ وسَمَّيْتَهُ على كلبِكَ لِيُمْسِكَ لكَ، ولكنَّكَ لم تُسَمِّ على الكلبِ الآخَرِ؛ فلا يَحِلُّ أَكْلُ هذا الصَّيْدِ، وهذا إذا وَجَدَ الصَّيْدَ مَيِّتًا، أمَّا إذا وجدَهُ حيًّا فإنَّه يذبَحُهُ ويأكلُهُ.الدرر= فمنع صلى الله عليه وسلم الأكل من الصيد عند وجود الشكِّ في قاتله . فلما اجتمع تحليل وتحريم؛ فبقينا على الأصل ، والأصل هو التحريم. *وعن عدِيّ بنِ حاتمٍ قال : سألتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصيد ؟ قال "إذا رميت سهمَكَ فَاذكر اسم اللهِ ، فإن وجدْتَهُ قد قَتَلَ فكُلْ ، إلا أن تجِدَهُ قد وقع في ماءٍ ، فإنك لا تدري ، الماءُ قتلَهُ أو سهمُكَ" صحيح مسلم . متون34 ـ كتاب : الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوانـ باب : الصيد بالكلاب المعلَّمة / حديث رقم : 7ـ 1929ص505 . فمنع صلى الله عليه وسلم الأكل مع الشكِّ في شرطه ، فلو كان الأصل الإباحة لما منع من ذلك . وعلى هذا لو ضرب الإنسان صيدًا وأصاب جناحه ثم وجده قد سقط في ماء ومات ، الآن موت هذا الصيد محتمل أنه مِن رميه ، ويحتمل أنه قد مات غرقًا ، فلا يحل ، لأنه اجتمع فيه جانب حظر وجانب إباحة ، فيقدم جانب الحظر . فعلى هذا اجتمع سبب مبيح وسبب محرِم ، فيقدم السبب المحرم -لأن التحريم هو الأصل-. منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . -والنَّفْسِ والأموالِ للمَعْصُومِ: المعصوم ـ وهو : المسلم ، أو المعاهَد : ـ تحريم دمه ، وماله ، وعرضه ، فلا تباح إلا بحق ، فإذا زال الأصل ـ : إما بِرِدَّةِ المسلم ، أو زِنا المُحْصَن ، أو قتل نفس ، أو نقض المعاهَد العهد ـ حل : لأولي الأمر والحكام قتله . * عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ: ألَا، أيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أعْظَمُ حُرْمَةً؟ قالوا: ألَا شَهْرُنَا هذا، قالَ: ألَا، أيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أعْظَمُ حُرْمَةً؟ قالوا: ألَا بَلَدُنَا هذا، قالَ: ألَا، أيُّ يَومٍ تَعْلَمُونَهُ أعْظَمُ حُرْمَةً؟ قالوا: ألَا يَوْمُنَا هذا، قالَ: فإنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى قدْ حَرَّمَ علَيْكُم دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ إلَّا بحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، ألَا هلْ بَلَّغْتُ؟ ثَلَاثًا، كُلُّ ذلكَ يُجِيبُونَهُ: ألَا نَعَمْ. قالَ: ويْحَكُمْ!-أوْ: ويْلَكُمْ!- لا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ."صحيح البخاري . قال صلى الله عليه وسلم"لا يَحِلُّ مالُ امرِيءٍ مُسلمٍ إلَّا بِطِيبِ نفسٍ مِنهُ"الراوي : حنيفة عم أبي حرة الرقاشي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع -الصفحة أو الرقم: 7662 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر = وكذلك إذا جنى الإنسان جناية توجب قطع عضو ، أو توجب عقوبة أو مالًا: حل منه بقدر ما يقابل تلك الجناية ، فإذا سرق مسلم فوجب قطع يده ، فتقطع يده بنص يخرجه عن الأصل وهو قوله صلى الله عليه وسلم"إلا بحقها " ، فهو هنا غير معصوم لأنه فعل ما يستباح به عصمته التي كانت ، وهي البراءة الأصلية فإذا أقيم عليه الحد عادت إليه البراءة الأصلية مرة أخرى ، فهو يحل منه بقدر ما يقابل تلك الجناية فقط ، فلا يحل منه سوى قطع يده فقط . وكذا إذا استدان وأبى الوفاء . فيؤخذ من ماله بقدر ذلك الحق ، سواء كان الدَّيْن لله ، أو لخلقه . إذًا الأصل في الأشياء الإباحة، إلا الأبضاع واللحوم والنفوس والأموال، فإن هذه الأصل فيها التحريم. =ومن فروع هذه القاعدة ، ما استدل به عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق حين أراد أبو بكر قتل مانعي الزكاة. فقال له عمر كيف تستبيح قتالهم ؟ ـ فعمر هنا مستند على أن الأصل في قتالهم الحُرمة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أُمرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله فقد عَصَمَ مني مالَهُ ونفسَهُ إلا بحقه ، وحسابه على الله " .ولكن أبا بكر أخرجهم من هذا الأصل بمنعهم الزكاة.وقال رضي الله عنه:والله ! لو منعوني عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقاتلهم على منعه . * فعن أبي هريرة ، قال : لما توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ واستتُخْلِفَ أبو بكر بعده ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أُمرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله فقد عَصَمَ مني مالَهُ ونفسَهُ إلا بحقه ، وحسابه على الله . فقال أبو بكر : والله ! لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حقُّ المالِ ، والله ! لو منعوني عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقاتلهم على منعه . فقال عمر بن الخطاب : فوالله ! ما هو إلا أن رأيتُ الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعلمتُ أنه الحق . صحيح مسلم . متون / 1ـ كتاب : الإيمان / 8ـ باب : الأمر بقتال الناس حتى يقولوا :لا إله إلا الله محمد رسول الله ، و ... / حديث رقم : 32ـ 20 / ص.20 . شرح الحديث: تَعرَّض المسلِمون بعْدَ موتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى امتِحانٍ عظيمٍ تَمثَّل في رِدَّةِ كثيرٍ مِن العَرَبِ عن الإسلامِ، ومَنْعِ كثيرٍ منهم للزَّكاةِ التي كانوا يُؤَدُّونها إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد نَصَر اللهُ الإسلامَ، وتَجاوَز بالمسلمِينَ هذه المِحْنةَ؛ بصلابةِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق رَضيَ اللهُ عنه وحِكمتِه. وقد كان هذا مِن تَوفيقِ اللهِ تعالَى لأبي بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، حيثُ إنَّه أثْبَت قوَّةَ دولةِ الإسلامِ الجديدةِ، فرجَع كثيرٌ ممَّن ارتَدُّوا، وعادُوا إلى الطاعةِ والعملِ بكلِّ شرائعِ الإسلامِ.الدرر السنية. فائدة: عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلَاةَ، ويُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذلكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهُمْ إلَّا بحَقِّ الإسْلَامِ، وحِسَابُهُمْ علَى اللَّهِ."الراوي : عبد الله بن عمر - صحيح البخاري. قال ابن حجر رحمه الله " قال عياض: حديث ابن عمر نص في قتال من لم يصل ، ولم يزكِ، كمن لم يقر بالشهادتين . واحتجاج عمر على أبي بكر، وجواب أبي بكر : دل على أنهما لم يسمعا في الحديث الصلاة والزكاة؛ إذ لو سمعه عمر لم يحتج على أبي بكر، ولو سمعه أبو بكر لرد به على عمر، ولم يحتج إلى الاحتجاج بعموم قوله:إلا بحقه. انتهى من "فتح الباري" 12/ 277. |
#17
|
||||
|
||||
22 ـ والأَصْلُ في عَادَاتِنَا الإِباحَةْ * حَتى يَجِيءَ صَارِفُ الإِباحَةْ وهذان الأصلان ذكرهما شيخ الإسلام رحمه الله في كتبه ، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه : أن العادات الأصل فيها الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما ورد تحريمه ، وأن الأصل في العبادات أنه لا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . 23 ـ وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمورْ * غَيرُ الذي فِي شَرْعِنَا مَذْكُورْ هذه القاعدة هي أصل من الأصول المهمة المتفرعة على قاعدة اليقين لا يزول بالشك. مِن المعلوم أنّ أفعال العباد تنقسم إلى عبادات ومعاملات، فالعبادات هي ما يُتقرب بها إلى الله عزّ وجلّ، وأمّا العادات فهي ما اعتاده الناس في أمور حياتهم كالمأكل والمشرب والملبس وغير ذلك. قال الشيخ السعدي في رسالته / ص : 24 : فالعادات هي ما اعتاد الناس من : المآكل ، والمشارب ، وأصناف الملابس ، والذهاب ، والمجيء ، والكلام ، وسائر التصرفات المعتادة .ا . هـ . فالعادات الأصل فيها الذي يستصحب ولا ينصرف عنه إلا بدليل أنها مباحة ، ومَن حَرَّمَ منها شيئًا طُولب بالدليل. والعبادات حكمها، سواءً فعلًا أو تركًا:المنع حتى يرد الدليل الصحيح . عَادَاتِنَا : مأخوذ من العَوْد أو المعاودة ، وهي تكرار الشيء واختلفت عبارات الفقهاء في حد العادة وتعريفها ، ومن ذلك : أنها ما استقر في الأنفس السليمة والطبائع المستقيمة من المعاملات ، قاله ابن حجر ـ رحمه الله ـ في الفتح . ومن ثَمَّ يتبين أن العادات ترجع إلى جنس المعاملات ، وهي نوعان : معاملة مع النفس ، ومعاملة مع الخلق . صَارِفُ الإِباحَةْ : أي الصارف ـ من الإباحة إلى الحرمة ـ بدليل شرعي .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 75 / بتصرف . قال الشيخ السعدي في رسالته / ص : 24 : فالعادات هي ما اعتاد الناس من : المآكل ، والمشارب ، وأصناف الملابس ، والذهاب ، والمجيء ، والكلام ، وسائر التصرفات المعتادة .ا . هـ . واعلم ـ رحمك الله ـ أن الناظم ـ رحمه الله ـ عنى بالبيتين السابقين قاعدتين كليتين : * فأما القاعدة الأولى : فهي " الأصل في العادات والمعاملات الإباحة والحِل . ودل على صحة ذلك: قوله تعالى " هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا "سورة البقرة / آية : 29 . فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه ، لننتَفع به على أَيّ وجه من وجوه الانتفاع . وقوله تعالى " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ " .سورة الأعراف / آية : 32 . فأنكر سبحانه على من حرم شيئًا من الزينة والطيبات دون بُرهانٍ منه سبحانه . ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " أنتم أعلم بأمردنياكم " . * فعن أنس ، أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مر بقوم يلقِّحون ، فقال : " لو لم تفعلوا لصلُحَ ، قال : فخرج شيصًا ، فمر بهم صلى الله عليه وسلم فقال " ما لنخلكم ؟ " . قالوا : قلت كذا وكذا . قال صلى الله عليه وسلم " أنتم أعلم بأمر دنياكم " . صحيح مسلم . متون / ( 43 ) ـ كتاب : الفضائل / ( 38 ) ـ باب : وجوب امتثال ما قاله شرعًا ، ... / حديث رقم : 141 ـ ( 2363 ) / ص : 607 . واتفق العلماء على هذا الأصل ، فحكاه غير واحد ، كالنووي في " المجموع " ، والموفق في" المغني " . ولْيُعْلَم أن المعاملاتِ والعاداتِ باقيةٌ على الأصل ما لم تخالف أصلاً شرعيًا ، أو يأتي الصارف الشرعي لذلك ، ومن ذلك : " شرب الخمر " ، فهو من جنس العادات التي حرمها الرب سبحانه .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 76 . ـ وعلى هذه القاعدة ، لو رأيت رجلاً يفعل شيئًا ـ من المعاملات والعادات ـ فقلت له : هذا حرام . فسيقول لك : أين الدليل على تحريم هذا الشيء ؟ . فحينئذ أنتَ المطالب بالدليل على تحريم هذا الشيء . القواعد الفقهية / العثيمين / ص : 31 .ـ فالأصل في العادات والمعاملات الإباحة ، فلا يحْرُمُ منها شيء إلا ما دل عليه الدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس الصحيح . وكل من حرم شيئًا من ذلك طولِبَ بالدليلِ السَّالمِ من المعارضِ الراجحِ ، ولا يُطالبُ المبيحُ بالدليل ، لأنه مستمسكٌ بالأصلِ . منظومة القواعد الفقهية / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . * وأما القاعدة الثانية : فهي : أن الأصل في العبادات الحظر والمنع . وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمورْ * غَيرُ الذي فِي شَرْعِنَا مَذْكُورْ ومعنى ذلك هو أن لا يعتقد الناس في شيء أو في فعلٍ أو قولٍ أنه عبادة ، حتى يأتي خطاب الشارع بذلك . فالأصل في العبادات المنع والتوقف حتى يُعْلَم دليل ، فلا عبادة إلا بدليل . فلابد أن نعبد الله على بصيرة . قال تعالى " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمنِ اتَّبَعَنِي " سورة يوسف / آية : 108 . · قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 31 / 35 : " بابُ العباداتِ والدياناتِ والتقرباتِ متلقاة عن الله ورسوله ، فليس لأحدٍ أن يجعلَ شيئًا عبادة أو قربةً ؛ إلا بدليلٍ شرعيٍّ " . ا . هـ . ـ وعلى هذا جرى السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ من الصحابة والتابعين : * فعن نافعٍ أن رجلاً عطسَ إلى جنب ابن عمرَ ، فقال : الحمد لله ، والسلامُ على رسول الله ، قال ابن عمر : وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله ، وليس هكذا علمنا رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، علمنا أن نقول " الحمد لله على كل حال " . سنن الترمذي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب : الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم /( 2 ) ـ باب : ما يقول العاطس إذا عطس / حديث رقم : 2738 / ص : 616 / حسن . رواه البيهقي في السنن الكبرى ، وصحح سنده : الشيخ علي حسن عبد الحميد في : عِلم أصول البدع / ص : 71 . وَبَيَّنَ سبحانه في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم العبادات التي يُعْبَدُ بها ، وأَمر بإخلاصها له ، فمن تقرب بها لله مخلصًا ، فعمله مقبول ، ومن تقرب لله بغيرها ، فعمله مردود ، كما قال صلى الله عليه وسلم " مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمرُنا فَهُوَ رَدٌّ " . صحيح مسلم . متون / ( 30 ) ـ كتاب : الأقضية / ( 8 ) ـ باب : نقض الأحكام ـ ( 1718 ) / ص : 448 . وبيان هذا الحديث : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيد قبول العبادة بأخذها عنه ، وصدورها منه صلى الله عليه وسلم ، فاعتبار غير ما أتى به صلى الله عليه وعلى آله وسلم من العبادات ، اعتبار مردود على صاحبه .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 77 / بتصرف . فهذا الأصل ينفعك فيما إذا رأيت من يتعبد عبادة ، فأنكرت عليه . فقال : أين الدليل على إنكارك ؟ . قل : أين الدليل على فعلك ؟ .- فالذي يقوم بالعبادة هو المطالَب بالدليل على عبادته -. القواعد الفقهية / العثيمين / ص : 33 / بتصرف . فلا يجوز للإنسان أن يتعبد لله عز وجل بعبادة ، إلا إذا ورد دليل من الشارع بكون تلك العبادة مشروعة ، ولا يجوز لنا أن نخترع عبادات جديدة ونتعبد الله ـ عز وجل ـ بها ، سواء عبادة جديدة في أصلها ، ليست مشروعة ، أو نبتدع صفة في العبادة ليست واردة في الشرع ، أونخصص العبادة بزمان أو مكان . وأدلة ذلك : قوله تعالى " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ" سورة آل عمران / آية : 31 . " وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"سورة الأعراف / آية : 158 . وقوله تعالى"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ". سورة الأحزاب / آية : 21 . قال تعالى" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ " سورة الشورى / آية : 21 . فهذه القاعدة قاعدة عظيمة ، تحصل بها حماية الشريعة من التحريف والتبديل . منظومة القواعد الفقهية/ شرح : سعد بن ناصر الشثري .
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
24ـوَسَائِلُ الأُمورِ كَالمَقَاصِدِ* وَاحْكُم بِهذا الحُكْمِ للزَّوَائِدِ ـ وَسَائِلُ : واحدها وسيلة ، وهي الذريعة الموصلة إلى الشيء المطلوب .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 79 . ـ الأُمورِ : المراد بالأمور في القاعدة : جميع الأعمال التي يثاب العبد عليها أو يعاقب ، فتشمل بعمومها : الواجب ، والمندوب ، والحرام والمكروه والمباح . القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 31 . ـ كَالمَقَاصِدِ : واحدها مقصد ، وهو الشيء المطلوب . ـ للزَّوَائِدِ : يعني الزائد على الوسيلة والمقصد ، وهو ما يسميه الفقهاء بمتممات الأشياء . " والمتممات ، هي الأفعال الواقعة بعد حصول المقصود ، كالرجوع من المسجد والرجوع من عيادة المريض ... " . " فالزوائد لها أحكام المقاصد ، والمراد من جهة الأجر والثواب ، فالرجوع من الجهاد مثاب عليه ، والرجوع من عيادة المريض مثاب عليه . وهكذا آثار العمل الصالح التي ليست من فعله ، كالتعب ، والظمأ للمجاهد ، والخلوف للصائم . أما المعصية فلا عقاب على توابعها كالرجوع من حانة الخمر ، بل على آثارها الناشئة عنها ، كاختلاط الأنساب في الزنا ، وغياب العقل في شرب الخمر " . ومن ثَم يتبين أن الأشياء عند الفقهاء ثلاثة : مقاصد ، ووسائل ، ومتممات . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 79 . منظومة القواعدالفقهية / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . زوائد المحرمات ثلاثة: أولها:زوائد متممة للمحرم من جنسه ، فتأخذ حكمه في أصل التحريم، وفي التأثيم. ثانيها: زوائد للتخلص من المُحَرَّمِ ،يفعلها العبدُ ابتغاء تخلصه من المُحَرَّمِ والفرار منه ،فهذه ليس لها حكمُ المقصد، بل يثابُ العبدُ عليها. كقاصدِ حانةِ خمرٍ شرِبَ فيها، ثم ندِمَ وألقى كأسه، وخرج من الحانة نادمًا على فعلِهِ ، فخروجه من الحانة يُعَدُّ زائدًا يثاب عليه ،ولا يُلحق بالمقصدِ الذي هو شرب الخمرِ الذي خرج إليه . ثالثها: زوائد للمُحَرَّم لم يفعلها العبدُ تخلصًا منه ، فهذا لا يثاب عليه العبد ولا يعاقب . كخروجه من حانة الخمر إذا فرغ منها ، ليس متمما للمعصية ،إذ لم يفعله تخلصًا من الحرام ،ولكن لما فرغ خرج . فهذا ليس عليه إثم ولا يثاب ولا يعاقب لأنه ليس متمم للمعصية . الشيخ العصيمي وتفصيل ذلك : الوسائل تعطى أحكام المقاصد ، فإذا كان مأمورًا بشيء كان مأمورًا بما لا يتم إلا به ، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وما لا يتم المسنون إلا به فهو مسنون ، وإذا كان منهيًّا عن شيءٍ كان منهيًّا عن جميع طرقه وذرائعه ووسائله الموصلة إليه .رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 26 . وتطبيق ذلك : الصلاة : وجه انطباق القسمة الثلاثية للأشياء على الصلاة هو : أن الصلاة من حيث أداؤها مقصدٌ ، والمشي إليها وسيلة ، والرجوع بعدها إلى المكان الذي جاء منه المصلي مُتمم . والقاعدة المُشار إليها في كلام الناظم ـ رحمه الله ـ هي ما يطلق عليها الفقهاء " للوسائل حكم المقاصد ، وللزوائد حكم المقاصد " . وبيان ذلك من المثال السابق : أداء الصلاة المفروضة مع الجماعة في المسجد واجب . فالوسيلة ـ التي هي المشي إلى هذا الواجب ـ الصلاة ـ تأخذ حكمه ، فتكون الوسيلة واجبة ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، كما هو مقرر في الأصول . ومتمم - الذي هو الرجوع من المسجد - هذا الواجب له حكمه من حيث الثواب والأجر . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 80- بتصرف- ـ والجمهور يجعلون القسمة ثنائية ؛ لأن الزوائد نوع من الوسائل . ـ والأصل في هذه القاعدة : المعنى والاستقراء . أما المعنى : فإن الوسائل فرعٌ تابعٌ للمقاصد ، والفرع يأخذ حكم الأصل ، والتابع يُعطَى حكم المتبوع . وأما الاستقراء : فواضحٌ في الأحكام الشرعية . والصحيح أن هذه القاعدة أغلبية . منظومة القواعد الفقهية للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . من أدلة هذه القاعدة : ـ قوله تعالى" فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ " سورة الأعراف / آية : 166 هؤلاء اليهود توسَّلُوا ـ أي أخذو وسيلة ـ إلى الصيد بالوسيلةَ التي ظنوها مباحة- وهي صيد الحيتان ـ الممنوع صيدها ـ ، في يوم آخر ، فمسخهم الله قردة وخنازير ، لأنهم توسَّلُوا إلى مُحَرَّم ، فأخذت الوسيلة حكم المقصد وهو الحُرْمَة . ـ قوله تعالى"ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَملٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "سورة التوبة / آية : 120 . الأصل أن الوطأ في الأرض الإباحة ، لكن لما كان ذلك يُتوصل عن طريقه إلى إغاظة الكفار والنكاية بهم ، أخذ حكم المقصد ، وهو الأجر على ذلك . منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم القصعبي / بتصرف . قال الشيخ السعدي في تفسيره لهذه الآية : المجاهدون في سبيل الله " لا يصيبهم ظمأ ولا نصب " ؛ أي تعب ومشقة ، " ولا مخمصة في سبيل الله " ؛ أي مجاعة ، ..... ، " إلا كتب لهم به عمل صالح " لأن هذه آثار ناشئة عن أعمالهم . ا . هـ . ـ وقوله صلى الله عليه وسلم : عن أبي الدرداء أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " من سلك طريقًا يلتمس به علمًا سهل الله به طريقًا من طرق الجنة " . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ... وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ... /الهجائي / ج : 2 / حديث رقم ( 6297 ) / ص : 1079 . لما كان طلب العلم لا يُتَوصَّل إليه إلا بنقل الأقدام والخروج ، رُتِّب عليه مثل هذا الأجر العظيم . منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف . ـ وقوله صلى الله عليه وسلم " قفلةٌ كغزوةٍ " .
* فعن عبد الله ـ هو ابن عمرو ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال" قفلةٌ كغزوةٍ" .سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 9 ) ـ أول كتاب : الجهاد / ( 7 ) ـ باب :في فضل القفل في الغزو / حديث رقم : 2487 / ص : 436 / صحيح . شرح الحديث : للمُجاهدِ أجرٌ عظيمٌ، وفضائلُ كثيرةٌ منَحَها له اللهُ عزَّ وجلَّ؛ رحمةً منه، وجزاءً على عَملِه العظيمِ. وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "قَفْلَةٌ" وهو الرُّجوعُ مِن إحدى الغَزَواتِ بعدَ انتِهائِها، "كغَزوةٍ" أي:كابتداءِ المسيرِ للغَزْوِ، فالمجاهدُ مأجورٌ في الذَّهابِ إلى الغَزْوِ، وفي الرُّجوعِ منه إلى وطنِه. وفي الحديثِ: عِظَمُ أجرِ المجاهدِالدرر-. *عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قالَ: كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بَيْتُهُ أَقْصَى بَيْتٍ في المَدِينَةِ، فَكانَ لا تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَتَوَجَّعْنَا له، فَقُلتُ له: يا فُلَانُ لو أنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ مِنَ الرَّمْضَاءِ، وَيَقِيكَ مِن هَوَامِّ الأرْضِ، قالَ: أَمَ وَاللَّهِ ما أُحِبُّ أنَّ بَيْتي مُطَنَّبٌ ببَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَحَمَلْتُ به حِمْلًا حتَّى أَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْتُهُ، قالَ: فَدَعَاهُ، فَقالَ له مِثْلَ ذلكَ، وَذَكَرَ له أنَّهُ يَرْجُو في أَثَرِهِ الأجْرَ، فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ لكَ ما احْتَسَبْتَ.صحيح مسلم. الشرح:هذا رجلٌ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان "بَيْتُهُ أَقْصَى بَيْتٍ في المَدِينَةِ"، أي: أبعدَ البُيوتِ عن مَسجدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومع بُعدِ بيتِه مِن المسجد فقد كانَ "لا تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ"، أي: لا تَفوتُه الصَّلاةُ في المَسجدِ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، " فَتَوَجَّعْنَا له"، أي: حَزِنُوا مِن أَجلِه، وقالُوا له"لو أنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ مِنَ الرَّمْضَاءِ،"، أي: يَحميكَ مِن "الرَّمضاءِ"، أي: مِن شدَّةِ الحرِّ، فقالَ " أَمَا وَاللَّهِ ما أُحِبُّ أنَّ بَيْتي مُطَنَّبٌ ببَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ"، أي: ما أُحبُّ أنَّ بَيتي مَشدودٌ بالأَطنابِ- وهي: الحِبال- إلى بيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ! قال أبيُّ بنُ كعبٍ" فَحَمَلْتُ به حِمْلًا"، أي: استعظمْتُ ما قالَ، وهمَّني ذلك لقُبحِ ما قالَ، حتَّى أتيتُ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَخبرتُه، أي: بما قالَ، فدَعاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال له مِثلَ ذلكَ، أي: مثلَ ما قالَ لأُبيِّ بنِ كَعبٍ، وذكَرَ له أنَّه يَرجو في أثرِهِ الأَجرَ، أي: إنَّ الذي حمَله على قَولِ هذا الكلامِ أنَّه يَرجُو ويَحتسِبُ في مَمشاهُ الأَجر مِنَ اللهِ، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "إنَّ لكَ ما احتسبْتَ"، أي: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيُعطيكَ ما احتسبْتَ، والاحتِسابُ هوَ أن يَعملَ العملَ للهِ ويَقصِدَ الأجْرَ والثَّوابَ مِن اللهِ.الدرر.
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
25ـ والخَطَأ والإِكْرَاهُ والنِّسيانُ * أَسقَطَهُ مَعْبُودُنا الرَّحمنُ 26 ـ لَكِنْ مَعَ الإِتْلاَفِ يَثْبُتُ البَدَلْ * وَيَنْتَفِي التَأثِيمُ عَنْهُ وَالزَّلَل الخَطَأ : في اللغة : ضد الصواب ، كما في قول إخوة يوسف ، قال تعالى"قَالُواْ تاللهِ لَقَدْ آثرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ " سورة يوسف / آية : 91 . وأما في الاصطلاح الفقهي : فهو فعل الشيء على غير قصد ، قاله الراغب في : " المفردات " . وقال ابن رجب في " شرح الأربعين " : " الخطأ هو مجيء الشيء على قصد يقع خلافه ، كمكَلَّف أراد قتل مباح الدم ، فبان له أنه معصوم الدم بعد قتله " . وأما في الاستعمال الشرعي ، فهو يأتي بمعنى : أ ـ العمد:كقوله "وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا" . سورة الإسراء / آية : 31 . فقتلهم أولادهم كان عمدًا كما هو معلوم . ب ـ ويأتي بمعنى " غير العمد " كما في آية القتل ، حيث فُرِّق بين العامد والمخطئ . قال تعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهوَ مُؤْمنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالدًا فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا " سورة النساء / آية : 92 ، 93 . ومِنْ ثَمَّ فإن الخطأ في اصطلاح الشارع قد يصحبه التأثيم ـ إذا كان بمعنى العمد (1) ـ ، ( 1 ) ما بين المعكوفتين [ ] تصرف . وقد يتأخر عنه ـ التأثيم ، إذ كان الخطأ بمعنى غير العمد (1) ـ قاله شيخ الإسلام في " مجموع الفتاوى " . مجموعة الفوائد البهية / ص : 82 / بتصرف . * ومراد المؤلف " الخطأ " بمعنى " عدم قصد الفعل ". واسم الفاعل من أخطأ هو : " مُخْطِئ " . منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : سعد بن ناصر الشثري . الإكراه : من " الكَرْه " ـ بالفتح ـ وهو المشقة قاله الفرَّاء . وقيل من " الكُرْه " ـ بالضم ـ قال ابن منظور في اللسان : أجمع كثيرٌ من أهل اللغة على أن " الكُرْه " ـ بالضم ـ و " الكَرْه " ـ بالفتح ـ لغتان لمعنى " .ا.هـ ولكن ابن سِيدَه والفرَّاء فرَّقا بينهما ، ولكن الاستعمال العربي جارٍ على سحب معنى " الكُرْه " بالضم " على " الكَرْه " بالفتح " والعكس ، كما قرَّره ابن منظور في " اللسان " . والإكراه في الاصطلاح : هو إلزام الغير على ما لا يريده ، قاله ـ ابن حَجر ـ رحمه الله ـ في " فتح الباري " ، وبنحوه قال السيوطي في : " الأشباه والنظائر " . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 83 . ـ أنواع الإكراه : الإكراه على نوعين : * النوع الأول : إكراه يزول معه الاختيار بالكلية : مثل من أُلقيَ من ـ مكان ـ شاهق . فهذا يزول معه التكليف ، ولا يلحق فعله ضمان ـ [ إذا أتلف شيئًا مع هذا الإكراه ] ـ ويسميه الجمهور " إكراهًا مُلجئًا " هذا الذي يزول فيه الاختيار . ويسميه الحنفية " اضطرارًا " . وبالإجماع أن التكليف يزول بهذا النوع من أنواع الإكراه. * النوع الثاني : إكراه ـ [ ناقص ] يبقى معه الاختيار ، ليس بمعنى الإلجاء ـ التام ـ كالتهديد والوعيد بضرب أو نحو ذلك . ويسميه الجمهور " إكراهًا غير مُلجئ " . فهذا النوع من الإكراه ، هل يزول به التكليف ؟ ! . جمهور أهل العلم قالوا : لا يزول به التكليف ؛ لأن معه اختيارًا ، فهو يقدر على الفعل ، ويقدر على عدمه . ( 1 ) ما بين المعكوفتين [ ] تصرف . ولهذا النوع ـ الثاني ـ من الإكراه شروط لإسقاط الإثم : منها أن يكون المكرِه قادرًا على إيقاع ما هدد به ، ومنها أن يكون المكرَه عاجزًا عن دفع ما أُكره عليه ، ومنها أن يغلب على ظن المكرَه أن المكرِه سيوقع ما هدد به ، ومنها أن يكون التهديد عاجلاً غير آجل . منظومة القواعد الفقهية لابن سعدي / شرح : الشيخ سعد بن ناصر الشثري . ـ وهناك اختلاف بين الفقهاء في مورد الإكراه ، هل هو في الأقوال فحسب أو فيها والأفعال ؟ . جمهورهم على أن ذلك في الأفعال والأقوال ، وهو المشهور عن أحمد قاله ابن رجب ـ رحمه الله ـ في " شرح الأربعين " . وذهب الحسن البصري ، والأوزاعي ، وسحنون ـ من المالكية ـ ، وهي رواية عن أحمد ؛ أن مورد الإكراه هو الأقوال ـ فقط ـ ودليلهم : سبب نزول الآية حيث إنها نزلت في عمَّار ، وهو إنما أُكره على قول الكفر لا على فعله . قال تعالى " مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكرِهَ وَقَلْبهُ مُطْمئِنٌّ بِالإِيمانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " .سورة النحل / آية : 106 . والصحيح ما عليه الجمهور لعموم الآية ؛ ولأن العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، في أصح قولي أهل العلم ، قاله الشوكاني في : " فتح القدير " ، وهو اختيار شيخ الإسلام والأكثر . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 86 / بتصرف . ـ إذا تقرر ذلك ، فإذا أُكره الإنسان على شيء ، هل يجوز له أن يفعل ما أُكره عليه ؟ ! . بعض الفقهاء يقول : نعم ، يجوز ذلك مطلقًا . وبعضهم يقول : يجوز في الأفعال دون الأقوال . والصواب في هذه المسألة : أن الإنسان يقارن بين موجب الإكراه ، وبين الفعل الذي أُكره عليه ، فيفعل أدناهما مفسدة ، مثال ذلك : من قيل له : ادخل بيت غيرك ، وإلا قتلناك ، هنا أيهما أقل مفسدة ؟ . الدخول أقل مفسدة ، فيدخل البيت . ولو قيل له : اقتل فلانًا وفلانًا وإلا قتلناك . فحينئذ موجب الإكراه ـ وهو قَتْله هو ـ أقل مفسدة ، فلا يُقْدِم على فعل ما أُكره عليه . النِّسيانُ : زوال المعلوم من الذهن بالكلية بحيث إذا ذكَّرْتَه لم يتذكر . وأما السهو : فهو زوال المعلوم بحيث لو ذكَّرتَهُ لتذكَّر . منظومة القواعد الفقهية لابن سعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . ـ النسيان من العوارض التي ترفع التكليف لكن ليس رفعًا مطلقًا ، وإنما هو رفعًا مؤقتًا ، أي حتى يزول النسيان ، لذلك قال النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " من نسي صلاةً فليصلِّها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك". الترمذي ، ... ، عن أنس . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6572 / ص : 1118 . إشارة هنا إلى أن الناسي معفو عنه حال نسيانه فقط ، والنسيان ليس بمسقِط للعبادات كلها ، إلا إذا كانت العبادة تفوت . منظومة القواعد الفقهية للسعدي / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . الإِتْلاَفِ : من التلف ، وهو فساد الشيء . البَدَلْ: يعني العِوَض ، كما عليه عامة الفقهاء . وحاصل كلام الناظم : أنه لما كلف الله عباده بأوامر يفعلونها ، ونواهي يجتنبونها ، ثم إذا صدر منهم إخلال بالمأمور ، أو ارتكاب للمحظور خطأً أو إكراهًا أو نسيانًا ، عفى عنهم وغفر لهم ، وأسقط التأثيم والعقاب ، فهذه العوارض الثلاثة توجب إسقاط التأثيم والعقاب . وذلك ما كان حقًا لله، أما حقوق العباد مع هذه العوارض الثلاثة إذا وقع إتلاف ، فإنه يلزم بدله وعوضه ، لأن العِوَض والبدل من جنس الأحكام الوضعية المتعلقة بمجرد الفعل دون نظر إلى المقاصد والعوارض ، وهذا الحكم متفق عليه ، قاله الموفق في : " المغني " ، والقرافي في " الفروق " . منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : سعد بن ناصر الشثري . ومجموعة الفوائد البهية ... / ص : 89 . فالمكرَه والناسي والمخطئ في حق العباد ، كالعامد ، لكنه ليس عليه إثم ، وأما في الضمان ـ العِوَض ـ فهو ضامن فلو أن شخصًا أتلف مال إنسان يظنه ماله ـ أي أخطأ ـ وتبين أنه مال غيره فعليه الضمان . وكذلك لو نسي فأتلف مال غيره فعليه الضمان ، ولو أُكره على إتلاف مال غيره ، فعليه الضمان ، لكنه يستوي مع المكرِه فيكون الضمان عليهما جميعًا-: أي الضمان على المكرَه والمكرِه جميعًا . - لأن المكرَه مُباشِر والمكْرِه مُلْجئ . ومن ذلك لو أُكره على أن يقتل شخصًا معصومًا ، وقال له : إن لم تقتله قتلتك ، فقتله ، فالضمان عليهما جميعًا كلاهما يُقتل لأن القاتل مباشر والثاني مُلْجئ . القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 95 . من أدلة هاتين القاعدتان : ـ قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " . رواه الطبراني عن ثوبان . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع الصغير وزيادته ... /الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 3515 / ص : 659 . ـ ولقوله تعالى "وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ "سورة الأحزاب / آية : 5 . ـ ولقوله تعالى "رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ". سورة البقرة / آية : 286 . * فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : لما نزلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ "للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "سورة البقرة / آية : 284 . قال فاشتدَّ ذلك على أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأتَوْا رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم بَرَكُوا على الرُّكَب ، فقالوا : أي رسول الله ! كُلفنا من الأعمال ما نُطيق ، الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أُنزلت عليك هذه الآية ، ولا نطيقُها . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابَين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : سَمِعنا وأطعْنَا غُفْرَانَكَ ربنا وإليك المصير " . قالوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وأليك المصير ، فلما اقتراها القومُ ذَلت بها ألْسِنَتُهم ، فأنزل الله في إثرها "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ باللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيكَ الْمَصِيرُ "سورة البقرة / آية : 285 . فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى ، فأنزل الله عز وجل "لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" "قال: نعم" " رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا "" قال نعم "" رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ " قال نعم " "وَاعفُ عَنّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" قال: نعم "(1) . سورة البقرة / آية : 286 صحيح مسلم / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 57 ) ـ باب : بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق / حديث رقم : 199 ـ ( 125 ) / ص : 41 . ( 1 ) قال نعم : القائل هو الله عز وجل . ـ وفي رواية أخرى : سورة البقرة / آية : 286 . * عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية"وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ "سورة البقرة / آية : 284 . ، قال : دخل في قلوبهم منها شيءٌ لم يَدْخل قلوبَهم من شيءٍ ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " قولوا : سمِعْنَا وأَطَعْنَا وسَلَّمْنَا " قال ، فألقى الله الإيمان في قلوبهم ، فأنزل اللهُ تعالى " لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا "" قال : قد فعلتُ "" رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا"" قال : قد فعلتُ "" وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا "" قال : قد فعلتُ(1) ) . صحيح مسلم / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 57 ) ـ باب : بيان ... / أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق / حديث رقم : 200 ـ ( 126 ) / ص : 41 . ( 1 ) قال : قد فعلت : القائل هو الله عز وجل . القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 95 / بتصرف . ـ قوله صلى الله عليه وسلم : " من نسيَ الصلاة فليصلِّها إذا ذكرَها ، فإن الله قال" وَأَقمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي " سورة طه / آية : 14 . ( رواه أبو دواد ، النسائي ، ... ) عن أبي هريرة . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... /الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6569 / ص : 1118 ـ وقوله صلى الله عليه وسلم " من نسيَ صلاةً فليصلِّهَا إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك " . ( رواه أبو داود والترمذي ) عن أنس . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... /الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6572 / ص : 1118 . ـ وقوله تعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ... " . سورة النساء / آية : 92. ـ وقوله تعالى " مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " . سورة النحل / آية : 106 . فجُعلت الدية الُمُسَلَّمَة إلى أهل المقتول عِوَض وبدل وضمان ترتب على هذا الفعل وهو القتل غير العمد . [ فإن قال قائل : قَتْل الخطأ فيه كفارة ـ وهي " فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أو ... " ، كما هو وارد تفصيله في كتب الفقه ، و ... ) . ، والكفارة لمن ؟ ! لله وليس للخلق ، ومع ذلك أوجبها الله عز وجل على المخطئ . قلنا : هذا مستثنى . فإن قيل : ما وجه استثنائه وما الحكمة فيه ؟ ! . قلنا : الاحتياط للأنفس ، لأن أعظم نفس تُزهق هي نفس الآدمي ، فلابد من الاحتياط لها ، لأننا لو قلنا لا كفارة ، فربما يتجرأ متجرئ ويتعمد ويقول إنه أخطأ ] . [ القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 96 ] ـ وقوله صلى الله عليه وسلم " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " . رواه : أحمد وأبو داود وابن ماجه ( عن عائشة ) وحسنه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... /الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 7525 / ص : 1250 . والإغلاق هو : الإكراه ، فعلى هذا لو أجبر إنسان على طلاق زوجته وتحققت شروط الإكراه ، فإن الطلاق لا يقع . ـ وما وقع من المكلَّف بعذر من هذه الأعذار الثلاثة ينقسم إلى ثلاثة أقسام : · القسم الأول : أن يقع الإكراه أو النسيان أو الخطأ في ترك مأمور ، فهذا لا يسقط حكمه ـ كما سقط إثمه . بل يجب تداركه متى علم بوجوبه أو ذكره أو أدْرَكَ خطأه فيه . * فعن أبي قتادة ، قال : ذكروُا للنبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ نومَهُمْ عن الصلاة ؟ . فقال صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس في النوم تفريطٌ ، إنما التفريط ي اليقظةِ ، فإذا نسيَ أحدُكم صلاةً أو نام عنها فَلْيُصَلِّهَا إذا ذكرَها " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 2 ) ـ كتاب : مواقيت الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم / ( 18 ) ـ باب : ما جاء في النوم عن الصلاة / حديث رقم : 177 / ص : 53 / صحيح . فمن نسي صلاة أو صومًا أو زكاة أو كفارة أو نذرًا ... ، وجب تداركه والإتيان بهذه العبادة عند تذكرها ، فهذا بدلها وعِوضها ، ولا إثم على النسيان . · القسم الثاني : أن يقع الإكراه أو النسيان أو الخطأ في فعل منهي عنه . فإن كان فيه إتلاف لحق الغير ففيه الضمان ـ العِوَض ـ . فلو أتلف المشتري المبيع قبل القبض جاهلاً ، غرم ثمنه أو كُلف أن يأتي للبائع بمثله ، سواء أتلفه في يده أم في يد البائع ، لأنه بالإتلاف يعد قابضًا له ـ ولا إثم عليه ـ . وإن لم يكن فيه إتلاف لحق الغير لم يترتب عليه شيء . * فعن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم " من نسي وهو صائم ، فأكل أو شرب ، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه " . رواه أحمد و ... . وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6573 / ص : 1118 . · القسم الثالث : إن كان الفعل أو الترك يوجب عقوبة كان الجهل أو النسيان أو الخطأ شبهة في إسقاطها . فمن شرب خمرًا مخطِأً أو مكرَهًا أو ناسيًا ، فلا حَدّ عليه ولا تعزير ـ ولا إثم ـ . القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 193 / بتصرف . إشكال وحله : ـــــــ مما يتعلق بحقوق الله : إذا كان فيه إتلاف ، مثل : قص الأظافر للمحرم ، وحلق الرأس للمحرم ، وقتل الصيد للمحرِم . قد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين : · القول الأول : بأنه لا يجب الضمان ودليل ذلك قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ " .سورة المائدة / آية : 95 . فقوله مُّتَعَمِّدًا يدل على أن المخطئ لا يجب عليه الضمان ، ولا يجب عليه المثل ، وهذا بدلالة مفهوم المخالفة * . منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري . المفهوم : هو أن يدل اللفظ المنطوق به على حكم أمر مسكوت عنه ، وسمي بذلك ـ أي بالمفهوم ـ لأنه يُفْهَم من المنطوق دون أن يصرح به المتكلِّم . * مفهوم المخالفة هو: المعنى المستفاد من اللفظ، والمخالف للمنطوق.هنا- ومفهوم المخالفة يراد به : أن يَرِدَ مع الكلام وصف أو قيد فَيُفْهم منه أن المسكوت عنه مخالف للمنطوق في الحكم . ومن شروط إعمال " مفهوم المخالفة " ، ألا يكون له فائدة أخرى غير إعمال المفهوم . مثاله : أي مثال ما له فائدة أخرى غير مفهوم المخالفة : قوله تعالى " وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ". سورة المؤمنون / آية : 117 . · القول الثاني : فإن قوله : لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ : وصف كاشف عن أن كل ما اتُّخِذَ إلهًا من دون الله فلا برهان عليه . ومن هنا لا يُفهم من الآية جواز اتخاذ إله آخر ذي برهان . الواضح في أصول الفقه للمبتدئين ... / ... الأشقر / ص : 235 . بأنه يجب على المخطئ في حق الله ـ إذا ترتب على خطئه إتلاف ـ الضمان والكفارة ، ويستدلون على ذلك بنصوص ، منها قوله تعالى "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَة وَإِن كَنَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيمًا * وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ". سورة النساء / آية : 92 ، 93 . قالوا : أوجب الكفارة مع كونه خطأ . قالوا : وقوله متعمدًا في الآية السابقة ، ليس المراد إعمال مفهوم المخالفة ، وإنما المراد التشنيع على الفاعل . منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري . ولعل هذا القول ـ القائل بوجوب الكفارة والضمان على المخطئ في حقوق الله ، إذا ترتب على خطئه إتلاف ـ هو الأرجح . ويدل على ذلك : حديث كعب بن عُجرة ، فإنه قد أصابه الضرر ، حتى أن القمل أصبح يتساقط من شعره ، ومع ذلك لما جاز له حلق الشعر ـ وهو مُحْرِم ـ ، لم يُسْقِط ذلك الكفارة ، مع كونه مضطرًا إلى حلق الشعر فإذا كان المضطر ـ الذي يلحقه الضرر والأذى ، وأجاز له الشارع هذا الفعل ـ يلحقه الكفارة ، فمن باب أَوْلَى المخطئ . منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري . * فعن كعب بن عُجرة قال : أمرني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين آذاني القمل أن أحلق رأسي ، وأصوم ثلاثة أيام أو أُطعمَ ستة مساكين ، وقد علمَ أن ليس عندي ما أنسُكُ . سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 25 ) ـ كتاب : المناسك / ( 86 ) ـ باب : فدية المحصر / حديث رقم : 3080 / ص : 523 / حسن . * وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة ، أنه كان مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مُحرِمًا ، فآذاه الْقَمْلُ في رأسه ، فأمره رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن يحْلِقَ رأسَهُ ، وقال " صم ثلاثة أيام ، أو أطعِمْ سِتة مساكين ؛ مُدَّين مُدَّين ، أو انسُكْ شاةً ، أيَّ ذلك فعلتَ أجزَأ عنك " . سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 24 ) ـ كتاب : مناسك الحج / ( 96 ) ـ باب :في المحرِم يؤذيه القمل في رأسه / حديث رقم : 2851 / ص : 442 / صحيح . الجواب :سؤال : ما الفرق بين حقوق الله وحقوق العباد ؟ . أولاً : حقوق العباد مبنية على : المشاحة ، وحقوق الله تعالى مبنية على : المسامحة . ثانيًا : حقوق الله مبنية على : المقاصد ، فلا يأثم الإنسان ما لم يقصد المخالفة ، وإن كان بعض الصور يستدركها كما سيأتي إذا كانت العبادة مما يستدرك ، أما حقوق العباد ، فليست مبنية على المقصد ، وإنما مبنية على : الفعل ، وعلى هذا فأفعال الصبي والمجنون مثلاً في حقوق العباد يؤاخذ عليها ويضمن وليهما ما أتلفا . وعلى هذا لو خرج طفلٌ مثلاً وكسرَ زجاجَ سيارةِ الجارِ ، فطرقَ الجارُ البابَ مطالِبًا بالقيمة ، فلا يُتَعَلل بأنه صغير وأنه لا يعقل أو يدرك ، لأن حقوق العباد ليست مبنية على القصد فالمهم صورة الفعل ، لذا أفعال الصبي والمجنون في حقوق العباد يؤاخذ عليها ، بل وأفعال الدواب ، فلو أن إنسانًا عنده مجموعة غنم أو إبل ؛ فدخلت مزرعة فلان من الناس فأتلفتها ، فإن صاحب هذه الإبل أو الغنم يضمن ما أتلفَتْه . منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
27 ـ وَمِنْ مَسَائِلِ الأَحْكَامِ في التَّبَعْ* يَثْبتُ لاَ إِذَا اسْتَقَلَّ فَوَقعْ
هذه القاعدة اشتهرت على ألسنة الفقهاء بلفظ " التابع تابع " ، وهي من القواعد الكلية التي تنبني عليها ما لا يحصى من الصور الجزئية . القواعد الفقهية المستخرجة ... لابن القيم / ص : 423 . والمقصود بالتبع هنا ما كان ملحقًا بالشيء لا ينفك عنه ولكنه يسير فيه فالغالب في التبع أنه يسير منغمر في الأصل. أي أن التابع يأخذ حكم متبوعة. وهذه القاعدة متفق عليها بين الفقهاء ، فقد حكى الاتفاق غير واحد ، ومنهم : السيوطي في " الأشباه والنظائر " ، والنووي في " المجموع شرح المهذب " . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 91 . * فعن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " ذكاة الجنين ذكاةُ أمه " . سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / 10 ـ كتاب : الضحايا / 18 ـ باب :ما جاء في ذكاة الجنين / حديث رقم : 2828 / ص : 502 / صحيح . " الذي جاء على لسانه تحريم الميتة هو الذي أباح الأجِنَّة المذكورة ، فلو قدر أنها ميتة لكان استثناؤه صلى الله عليه وسلم بمنزلة استثناء السمك والجراد من الميتة ، فكيف وليست بميتة ؟ ، فإنها جزء من أجزاء الأم ، والذكاة قد جاءت على جميع أجزائها ، فلا يُحتاج أن يُفرد كل جزء منها بذكاة ، والجنين تابع للأم (1) ، جزء منها ، فهذا مقتضى الأصول الصحيحة ، ولو لم ترد السنة بالإباحة فكيف وقد وردت بالإباحة الموافقة للقياس والأصول " . ا . هـ . القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم / إعداد أبي عبد الرحمن ... / ص : 425 . ( 1 ) هذا حكم الجنين في بطن أمه المذكاة ، أما إذا استقل الجنين عن أمه ميتًا وهي حية فيعتبر سقط ، وهو ميتة محرم أكلها . رغم أنه ميت في الحالتين ، لكن عندما كان في بطن أمه فحكمه تابع لحكمها ، أما إذا استقل كما هو موضح ، فله حكم آخر مستقل عنها . قسم يثبت أصالة واستقلالًا ، وقسم يثبت بالتبعية . والأمثلة على ما ثبت بالتبعية دون الاستقلال كثيرة منها : " المجهول " كالحمل لا يجوز بيعه ، فمن أراد أن يبيع حمل ناقة أو بقرة أو شاة أو ... ، فإنه يُنهى عن ذلك لما في ذلك من الغرر والجهالة ، ونهي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عن بيع الغرر (1) : * فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ نهى عن بيع الغررِ . سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / 17 ـ أدلة كتاب : البيوع / 25 ـ باب : في بيع الغرر / حديث رقم : 3376 / ص : 608 / صحيح . وعلى ذلك ، فإن هذا الحمل الذي يُراد بيعه لا يدري أيولد ذكرًا أم أنثى ، أو يولد فردًا أو توأمًا ، أو يولد حيًّا أو ميتًا . ( 1 ) الغرر : أي الجهالة . ـ غَرَّ الرجلُ ـ غِرَّة : جَهِلَ الأمور وغفل عنها . المعجم الوجيز / ص : 448 . لكن يجوز بيع الحمل بالتبعية ، فلو باع شاة حاملًا بحملها ، وجعل فارقًا في السعر ، مثل لو باع شاتين إحداهما حاملًا والأخرى حائلًا - أي غير حامل - ، وجعل فرقًا في السعر بأن زاد سعر الحامل على سعر الحائل ، صح ذلك ، لأن الحامل تفرق في السعر ، وهذا مُتعارف عليه بين الناس لما يُرجَى من نفعِها . فهو في هذه الحال اشترى الشاة الحامل أم اشترى الحمل ؟ ! الجواب : اشترى الشاة الحامل ، ولكن ما الذي حمله على شرائها ؟ ! الذي حمله على شرائها ، الحمل . ـ ومنها : لا يجوز بيع السمك الذي في البحيرة ، لأنه غير محدد فهو مجهول الكم . ولكن إذا اشتريت الدار وبه بحيرة بها سمك ، فيجوز بيع السمك تبعًا للدار والبحيرة لا استقلالًا ، ويعفى عن الجهالة اليسيرة . ـ كذلك لا يجوز شراء أساسات الحيطان وما اختفي استقلالًا ، لكن يجوز بيعها تبعًا لما ظهر من البناء . ـ والطلاق لا يثبت بشهادة النساء استقلالًا ، فإذا شهدت امرأة أنها سمعت فلان يطلق امرأته ، لا تُقبل شهادتها استقلالًا ، لكن إذا شهدت امرأة أنها أرضعت المرأة وزوجها ، فإن الفراق يقع ، لأنه اقترن بالرضاعة ، وليست شهادة مُطْلَقَة مستقلة ، فينفسخ عقد النكاح تبعًا لقبول قولها في الرضاع . رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 29 / بتصرف . فشهادة المرأة عمومًا لا تقبل استقلالًا إلا في هذه الحالة المذكورة ـ الرضاعة ـ لكن تكون شهادة المرأة تبعًا ، فالمرأة لا تشهد استقلالًا كشهادة الرجال ، لكن لقبول شهادتها لابد من رجل وامرأتين ، فشهادة هاتين المرأتين تابعة لشهادة الرجل . منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح عبيد الجابري . ومثال استقلال التابع عن أصله ؛ كما في المثال السابق : أن يقول السيد لأمَته الحامل بجنين : إن ولدتِ فمولودك مُعْتَقٌ ، فالعتق هنا لتابع دون أصله ، فالأمةُ غير خارجة من العبودية لسيدها ، خلافًا لجنينها إذا ولدته . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 91 . قال ابن القيم : " إن الأمر بإتمام الصلاة ، وقد طلعت الشمس فيها أمر بإتمام ـ الصلاة ـ لا بابتداء ، والنهي عن الصلاة في ذلك الوقت نهي عن ابتدائها لا عن استدامتها . فأحكام التبع يثبت فيها ما لا يثبت في المتبوعات ، والمستدام تابع لأصله الثابت " . ا . هـ . ملخصًا . القواعد الفقهية المستخرجة ... / ص : 431 / بتصرف . ولذلك قالوا " يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا " . ـ بيع التمر قبل بدء صلاحه لا يجوز ، ولكن لو باع التمر قبل بدو الصلاح مع الأصل فلا حرج في ذلك ، فهذا جائز تبعًا لغيره . أما استقلالًا فلا يجوز بيعه قبل بدء صلاحهِ ، إلا بشرط قطعه في الحال إذا كان سينتفع به كعلف لبهائمه ... . منظومة القواعد الفقهية / شرح الشيخ خالد إبراهيم الصقعبي / ص : 79 . "مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ، ومَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ"الراوي : عبدالله بن عمر - صحيح البخاري. شرح الحديث:ضَبَط الإسلامُ عُقودَ المُعامَلاتِ بيْن النَّاسِ؛ حتَّى يَحفَظَ علَيهم أموالَهُم ومَصالِحَهم، فلا يَبْغي أحدٌ على أحدٍ. وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن اشْتَرى نَخلًا بعْدَ أنْ تُؤبَّرَ –يعني: تُلقَّحَ- فثَمَرتُها للبائعِ؛ فله حَقُّ الدُّخولِ للنَّخلِ لسَقْيِها وإصلاحِها واقتطافِها، ولَيس للمُشتري أنْ يَمنَعَه مِن الدُّخولِ إليها؛ لأنَّ له حقًّا لا يَصِلُ إليه إلَّا به، إلَّا أنْ يَشترِطَ المُشتري أنْ تكونَ الثَّمرةُ له ويُوافِقَه البائعُ، فتكونُ للمُشْتري، وليس للبائعِ فيها حقٌّ. وكذلك مَن اشْتَرى عبْدًا، وللعبدِ مالٌ، فمالُه للذي باعَهُ؛ لأنَّ العبدَ لا يَملِكُ شَيئًا أصلًا؛ لأنَّه مَملوكٌ، فلا يَجوزُ أنْ يكونَ مالِكًا، إلَّا أنْ يَشترِطَ المُشتري كونَ المالِ -جَميعِه أو جُزءٍ مُعيَّنٍ منه- له. وفي الحديثِ: الاعتبارُ بالشُّروطِ في عُقودِ البَيعِ ما لم تُحِلَّ حَرامًا أو تُحرِّمْ حَلالًا.الدرر. منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
__________________
|
|
|