#1
|
||||
|
||||
إنَّ الولدَ مَبخلةٌ مَجبنةٌ
الشرح الأبناءُ والذُّريَّة مِن أجَلِّ نِعَمِ اللهِ على عِبادِه، ولكنَّ بعضَ النَّاسِ لا يُحسِنُ التَّعامُلَ مع النِّعَمِ فتُحوَّلُ إلى نِقْمةٍ وفتنةٍ، وقد حذَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ذلك. وفي هذا الحديثِ يَقولُ يَعْلى العامِريُّ رَضِي اللهُ عنه "جاء الحسَنُ والحُسَينُ يَسْعَيَانِ"، أي: يَجْرِيَانِ ويُسْرِعانِ، "إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فضَمَّهما إليه"، أي: احتَضَنهما، "وقال: إنَّ الولَدَ مَبخَلةٌ"، أي: إنَّ الولَدَ سبَبٌ للبُخلِ بالمالِ، "مَجبَنةٌ"، أي: سببٌ لِجُبنِ الأبِ؛ فإنَّه يتَقاعَدُ مِن الغزَواتِ بسبَبِ حُبِّ الأولادِ والخوفِ مِن الموتِ عنهم. وقولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ذلك: كِنايةٌ عَن المَحبَّةِ لِحَفيدَيْه على ما يَقْتَضيه الْمَقامُ؛ فيَكونُ مَدحًا، وإنْ كان الحديثُ في الظَّاهرِ كِنايةً عن ذَمِّ الانشِغالِ بالولَدِ والذُّريَّةِ، وإنَّما ذكَرَهما هُنا؛ لأنَّهما يَدُلَّانِ على كَمالِ المَحبَّةِ الطَّبيعيَّةِ، والمودَّةِ العادِيَّةِ المورِّثةِ للبُخلِ والجُبنِ لِمَن لم يَكُنْ كامِلًا في مَرْتبةِ العُبوديَّةِ، وما يَقتَضيها مِن تَقدُّمِ مَحبَّةِ مَرْضاةِ الرَّبِّ على ما سِواه; لأنَّه هو المحبوبُ الحقيقيُّ وما سِواه مَحْبوبٌ إضافيٌّ. وفي روايةٍ عِندَ الطَّبرانيِّ قال: "مَجْهَلةٌ"؛ لِكَونِه يُحمَلُ على تَركِ الرِّحْلةِ في طلَبِ العِلمِ والجِدِّ في تَحصيلِه؛ لاهتِمامِه بتَحْصيلِ المالِ له. وفي روايةِ أحمَدَ مِن حديثِ الأشعَثِ بنِ قيسٍ رَضِي اللهُ عنه: "مَحْزَنةٌ"؛ لأنَّه يَحمِلُ أبَوَيْهِ على كَثرَةِ الحُزنِ؛ لكَوْنِه إنْ مَرِضَ حَزِنَا، وإنْ طلَبَ شيئًا لا قُدرَةَ لهما عليه حَزِنَا، أي: إنَّ الأولادَ مَظِنَّةٌ لِيَكونوا سَببًا في حُدوثِ هذه الأمورِ مِن الآباءِ، فَلْيَحذَروا مِن الوُقوعِ في ذلك، ومن جِهةٍ أخرى ورَدَتْ أحاديثُ كثيرةٌ دَّالَّةٌ على فَضْلِ تربيةِ الأولادِ والثَّوابِ على ذلك. وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن فِتْنةِ الأولادِ وأَنْ يَكونوا سَببًا في البُعْدِ عَن الطَّاعاتِ والواجباتِ.- الدرر -
__________________
|
|
|