#1
|
||||
|
||||
حكم جمع الجمعة والعصر
حكم جمع الجمعة والعصر
الحمد لله. إذا صلى المسافر الجمعة مع الإمام ثم أراد أن يجمع معها صلاة العصر فقد اختلف أهل العلم في حكم ذلك: فمنهم من رخص في هذا الجمع قياسًا على صلاة الظهر وقال إن الجمعة بدل عن صلاة الظهر فتأخذ حكمها واستدل بعموم أدلة الجمع لعِلَّةِ المشقة وهذا مذهب الشافعية. ومنهم من منع ذلك ولم يرخص فيه لأنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه جمعوا بين الجمعة والعصر ولو كان جائزًا لفعلوه ولو مرة واحدة أو أذنوا فيه وهذا مذهب الحنابلة وهو الصحيح لأن صلاة الجمعة أصل مستقل ميزها الشارع بأحكام خاصة فلا يصح إلحاق صلاة الظهر بها لوجود وجوه الاختلاف بينهما في كثير من المسائل ولأنه لم ينقل الجمع بينهما في الصدر الأول وابن عباس رضي الله عنه حين نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء لأجل ألا يحرج أمته لم يذكر أنه جمع بين الجمعة والعصر ولو حصل ذلك لنقل واشتهر العمل به ولأن الأصل في العبادات المنع والتوقيف حتى يرد دليل بالإذن فالاحتياط ترك ذلك وعدم فعله والمسافر لا تلزمه الجمعة أصلا ولم يخاطب بها والمشهور عند السلف عدم شهود المسافر للجمعة فإذا أراد أن يجمع صلى الظهر والعصر قصرًا وجمعًا وسلم من هذا الإشكال والاختلاف وقد جرى عمل المسلمين على عدم جمع الأئمة بين الجمعة والعصر في الجوامع عند نزول المطر ولهذا لما استسقى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ونزل المطر صلى الجمعة ولم يجمع إليها العصر مع وجود مشقة المطر كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس. أما إذا صلى المسافر الظهر يوم الجمعة ركعتين قصرًا فلا حرج عليه أن يجمع لها صلاة العصر لأنه في هذه الحالة جمع بين الظهر والعصر وهذا ثابت في السنة ولا إشكال فيه ألبتة. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. خالد بن سعود البليهد عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
السؤال
كنت مسافرًا ونزلت في الطريق في إحدى القرى وصليت معهم صلاة الجمعة وبعد الصلاة قمت وصليت صلاة العصر أي جمعت الجمعة والعصر وكان معي بعض أصحابي فاعترض علي وقال لا يجوز جمع صلاة العصر مع الجمعة ، فما حكم ذلك ؟. نص الجواب الحمد لله ما قاله صاحبك صحيح ، أن صلاة الجمعة لا تجمع مع صلاة العصر ، وإنما ورد الشرع بجمع صلاة الظهر مع العصر ، وصلاة المغرب مع العشاء . وعلى هذا فعليك أن تعيد صلاة العصر التي جمعتها مع الجمعة لأنك قد صليتها قبل وقتها ، والصلاة قبل وقتها باطلة لا تصح . وقد فصَّل الشيخ ابن عثيمين حكم هذه المسألة فقال : " لا يجوز جمع العصر إلى الجمعة في الحال التي يجوز فيها الجمع بين الظهر والعصر. فلو مر المسافر ببلد وصلى معهم الجمعة لم يجز أن يجمع العصر إليها . ولو نزل مطر يبيح الجمع – وقلنا بجواز الجمع بين الظهر والعصر للمطر – لم يجز جمع العصر إلى الجمعة . ولو حضر المريض الذي يباح له الجمع إلى صلاة الجمعة فصلاها لم يجز أن يجمع إليها صلاة العصر . ودليل ذلك قوله تعالى " إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتًا " النساء/103 . أي : مفروضًا لوقت معين , وقد بين الله تعالى هذا الوقت إجمالاً في قوله تعالى "أ َقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا" الإسراء /78 . فـ (دلوك الشمس) زوالها , و (غسق الليل) اشتداد ظلمته , وهذا منتصف الليل . ويشمل هذا الوقت أربع صلوات : الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، جمعت في وقت واحد ؛ لأنه لا فصل بين أوقاتها , فكلما خرج وقت صلاة كان دخول وقت الصلاة التي تليها ، وفصل صلاة الفجر لأنها لا تتصل بها صلاة العشاء ولا تتصل بصلاة الظهر . وقد بينت السنة هذه الأوقات بالتفصيل في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص , وجابر وغيرهما , وهو أن الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله , ووقت العصر من حين أن يصير ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس ، لكن ما بعد اصفرارها وقت ضرورة , ووقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر, ووقت صلاة العشاء من غروب الشفق الأحمر إلى نصف الليل , ووقت الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس , هذه حدود الله تعالى لأوقات الصلوات في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم . فمن صلى صلاة قبل وقتها المحدد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله فهو آثم وصلاته مردودة , لقوله تعالى "وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " البقرة / 229 . ولقوله صلي الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " . وكذلك من صلاها بعد الوقت لغير عذر شرعي . فمن صلى الظهر قبل زوال الشمس فصلاته باطلة مردودة وعليه قضاؤها . ومن صلى العصر قبل أن يصير ظل كل شيء مثله فصلاته باطلة مردودة , وعليه قضاؤها إلا أن يكون له عذر شرعي يبيح له جمعها تقديماً إلى الظهر . ومن صلى المغرب قبل غروب الشمس فصلاته باطلة مردودة , وعليه قضاؤها . ومن صلى العشاء قبل مغيب الشفق الأحمر فصلاته باطلة مردودة , وعليه قضاؤها إلا أن يكون له عذر شرع يبيح له جمعها تقديماً إلى المغرب . ومن صلى الفجر قبل طلوع الفجر فصلاته مردودة , وعليه قضاؤها . هذا ما يقتضيه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم . وعلى هذا فمن جمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة فقد صلاها قبل أن يدخل وقتها , وهو أن يصير ظل كل شيء مثله فتكون باطلة مردودة . فإن قال قائل : أفلا يصح قياس جمع العصر إلى الجمعة على جمعها إلى الظهر؟ فالجواب : لا يصح ذلك لوجوه : الأول : أنه قياس في العبادات . الثاني : أن الجمعة صلاة مستقلة منفردة بأحكامها تفترق مع الظهر بأكثر من عشرين حكماً , ومثل هذه الفروق تمنع أن تلحق إحدى الصلاتين بالأخرى . الثالث : أن هذا القياس مخالف لظاهر السنة , فإن في صحيح مسلم عن عبد الله عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر , وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر, فسئل عن ذلك , فقال : أراد أن لا يُحَرِّج أمته . وقد وقع المطر الذي فيه المشقة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولم يجمع فيه بين العصر والجمعة كما في صحيح البخاري وغيره عن أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم استسقى يوم الجمعة وهو على المنبر , فما نزل من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته , ومثل هذا لا يقع إلا من مطر كثير يبيح الجمع لو كان جائزاً بين العصر والجمعة , قال : وفي الجمعة الأخرى دخل رجل فقال : يا رسول الله! غرق المال , وتهدم البناء , فادع الله يمسكها عنا . ومثل هذا يوجب أن يكون في الطرقات وحل يبيح الجمع لو كان جائزًا بين العصر والجمعة . فإن قال قائل : ما الدليل على منع جمع العصر والجمعة ؟ فالجواب : أن هذا السؤال غير وارد ؛ لأن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل , فلا يطالب من منع التعبد لله تعالى بشيء من الأعمال الظاهرة أو الباطنة , وإنما يطالب بذلك من تعبد به لقوله تعالى منكراً على من تعبدوا الله بلا شرع" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ " الشورى /21. وقال الله تعالى "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِينًا " المائدة /3. وقال النبي صلي الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس فيه أمرنا فهو رد " . وعلى هذا : فإذا قال القائل : ما الدليل على منع جمع العصر مع الجمعة ؟ قلنا : ما الدليل على جوازه ؟ فإن الأصل وجوب فعل صلاة العصر في وقتها خولف هذا الأصل في جمعها عند وجود سبب الجمع فبقي ما عداه على الأصل , وهو منع تقديمها على وقتها . فإن قال قائل : أرأيتم لو نوى بصلاة الجمعة صلاة الظهر ليتم له الجمع ؟ فالجواب : إن كان ذلك إمام الجمعة في أهل البلد أي أن أهل البلد نووا بالجمعة صلاة الظهر فلا شك في تحريمه وبطلان الصلاة ؛ لأن الجمعة واجبة عليهم , فإذا عدلوا عنها إلى الظهر فقد عدلوا عما أمروا به إلى ما لم يؤمروا به ,فيكون عملهم باطلاً مردوداً لقول النبي صلي الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " . وأما إن كان الذي نوى بالجمعة الظهر كمسافر صلى الجمعة وراء من يصليها فنوى بها الظهر ليجمع إليها العصر فلا يصح أيضًا , لأنه لما حضر الجمعة لزمته , ومن لزمته الجمعة فصلى الظهر قبل سلام الإمام منها لم تصح ظهره . وعلى تقدير صحة ذلك فقد فوت على نفسه خيرًا كثيرًا وهو أجر صلاة الجمعة . هذا , وقد نص صاحبا المنتهى والإقناع -من علماء الحنابلة- على أن الجمعة لا يصح جمع العصر إليها ، ذكرا ذلك في أول باب صلاة الجمعة . وإنما أطلت في ذلك للحاجة إليه , والله أسأل أن يوفقنا للصواب , ونفع العباد , إنه جواد كريم" اهـ. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" 15/371-375 . المصدر: الإسلام سؤال وجواب
__________________
|
|
|