العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى عام > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-12-2018, 07:44 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

8- تَحَلَّ بِالْمُرُوءَةِ
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ وطَلاقةِ الوَجْهِ ، وإفشاءِ السلامِ وتُحَمُّلِ الناسِ والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَ والعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ .
وعليه فتَنَكُّبُ ( خَوارِمِ الْمُروءةِ ) في طَبْعٍ أو قولٍ أو عَمَلٍ من حِرفةٍ مَهِينَةٍ أو خَلَّةٍ رَديئةٍ كالعُجْبِ والرياءِ والبَطَرِ والْخُيلاءِ واحتقارِ الآخرينَ وغِشْيَانِ مَواطِنِ الرِّيَبِ .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
الأمر الثامن -
تَحَلَّ بِالْمُرُوءَةِ :
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ وطَلاقةِ الوَجْهِ ، وإفشاءِ السلامِ وتُحَمُّلِ الناسِ والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَ والعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ .
الشيخ :
نعم . يقول التحلي بالمروءة , فما هي المروءة ؟
حدها الفقهاء رحمهم الله , في كتاب الشهادات , قالوا : هي فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يدنسه ويشينه .
وهذه عبارة عامة، كل شي يجملك عند الناس ويزينك ويكون سببا للثناء عليك , فهو مروءة , وإن لم يكن من العبادات , وكل شيء بالعكس فهو خلاف المروءة .
ثم ضرب لهذا مثلا , فقال من مكارم الأخلاق , فما هو كرم الخُلُق ؟
أن يكون الإنسان دائما متسامحًا , أو أن يتسامح في موضع التسامح , ويأخذ بالعزم في موضع العزيمة .
ولهذا جاء الدين الإسلامي وسطًا بين التسامح الذي تضيع به الحقوق , وبين العزيمة التي ربما تحمل على الجور , فنضرب مثلا بالقصاص : وهو قتل النفس بالنفس , يذكر أن بني اسرائيل انقسمت شرائعهم في القصاص إلى قسمين :
قسم أوجب القتل , ولا خيار لأولياء المقتول فيه , وهي شريعة التوراة .
لأن شريعة التوراة تميل إلى الغلظة والشدة .
وقسم آخر أوجب العفو , وقال: إنه إذا قتل الإنسان عمدا فالواجب على أولياؤه التسامح .
هكذا نقرأ في الكتب المنقولة , لأننا لم نقف على نص في الإنجيل وإلا فإن الأصل أن شريعة الإنجيل هي شريعة التوراة , وقد قال الله تعالى "
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ "المائدة 45 .
لكن فيما ينقل عن بني إسرائيل نسمع هذا .
فجاء دين الاسلام وسطا وجعل الخيار لأولياء المقتول , إن شاءوا قتلوا قصاصا ولهم الحق , وإن شاءوا عفوا مجانا , وإن شاءوا أخذوا الدية .فصار الأمر في ذلك واسعا .
ومعلوم أن كل عاقل يخير في مثل هذه الأمور , سيختار ما فيه المصلحة العامة , يقدمها على كل شيء .
فمثلا إذا كان هذا الرجل شريرا -يعني القاتل- وأولياء المقتول يحبون المال وقالوا نريد أن نعفو إلى الدية , لأننا محتاجون ليس عندنا مال نقول: هذا ليس من الحكمة , انظر الى المصلحة العامة , وأنتم إذا تركتم شيئا لله عوضكم الله خيرا منه . اقتلوا هذا القاتل .
ولهذا أوجب شيخ الإسلام ابن تيمية تبعا للإمام مالك رحمه الله , أوجب قتل القاتل غيلة , حتى لو عفا أولياءه, حتى لو كان له صغار يحتاجون إلى المال , فإنه يجب أن يقتل , لأن القتل غيلة لا يمكن التخلص منه . إذ أن الإنسان اغتيل في حال لا يمكن أن يدافع عن نفسه , والمغتال مفسد في الأرض ,"
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 33"المائدة.
إذن , مكارم الأخلاق ما هي ؟
هي أن يتخلق الإنسان بالأخلاق الفاضلة الجامعة بين العدل والإحسان , فيأخذ بالحزم في موضع الحزم , وباللين واليسر في موضع اللين واليسر.
طلاقة الوجه، أيضا طلاقة الوجه هذه من مكارم الأخلاق , وهل مثلا أطلق وجهي لكل إنسان حتى لو كان من أجرم المجرمين أو على حسب الحال؟ على حسب الحال , أطلق الوجه في ستة من تسعة : ما معناها؟ يعني في الثلثين والثلث دعه لما تقتضيه الحاجة.
ليكن سيمتك طلاقة الوجه , هذا أحسن شيء , تجذب الناس إلى نفسك , ويحبك الناس, ويستطيعون أن يفضوا إليك ما يخفونه من أسرارهم .
لكن إذا كنت عبوسا , تعض على شفتك السفلى , فإن الناس يهابوك , ولا يستطيعون أن يتكلموا معك .
لكن إذا اقتضت الحال أن لا تطلق الوجه , فافعل . ولهذا لا يلام الإنسان على العبوسة لومًا مطلقا , ولا يمدح على تركها مدحا مطلقا .
إفشاء السلام : يعني نشره وإظهاره على كل أحد؟ لا ليس على كل أحد، على من يستحق أن يسلم عليه , على المسلم وإن كان عاصيا , وإن كان زانيا وإن كان سارقا وإن كان مرابيا وإن كان يشرب الخمر , لإنه مسلم ألقي إليه السلام.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن -أو قال أخاه- فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" .
فإن فعل المؤمن منكرا , ولاسيما إذا كان منكرا عظيما يخشى منه أن يتفتت المجتمع الإسلامي , فحينئذ يكون هجره واجبا هجره إن نفع الهجر, وإنما أقول ذلك لئلا يرد علينا قصة كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن غزوة تبوك , فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهجره , أمر أن يهجره الناس فهجروه وصاروا لا يتكلمون معه , حتى إنه ذات يوم تسور حديقة أبي قتادة رضي الله عنه , وهو ابن عمه وأحب الناس إليه , فسلم على أبي قتادة فلم يرد عليه السلام , سلم ثانيا فلم يرد عليه السلام, سلم ثالثا فلم يرد عليه السلام, فقال : أنشدك الله , هل تعلم أني أحب الله ورسوله , " يعني أنت كيف تهجرني وأنا أحب الله ورسوله " وهل تعلم؟ يعني ألم تعلم ؟ ولم يرد عليه .
ما قال نعم ولا لا قال : الله ورسوله أعلم . ما أجاب، لماذا ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم, ولو أمرهم أن يفعلوا أكبر من ذلك لفعلوا .
المهم أن الصحابة هجروه لأنه تخلف عن غزوة تبوك وكان هجره بأمر من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تصوروا يا إخوان يأتي ويسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : فلا أدري أحرك شفتيه برد السلام أم لا . يعني هو لا يسمع الرد قطعا لكن لا يدري هل حرك شفتيه بالسلام أم لا.
ولكن الرسول يحبه , لأنه إذا قام يصلي -كعب- جعل النبي صلى الله عليه وسلم يسارقه النظر ينظر إليه .
فهل هذا الهجر الذي وقع من الصحابة لكعب بن مالك هل أثر أو لم يؤثر ؟ أثر، أثر رجوعا عظيما إلى الله عز وجل ,"
وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 118"التوبة. , ظنوا بمعنى أيقنوا , لجؤوا إلى الله , ففرج الله عنهم .
فهذا أثر تأثيرا عظيما , وحصل به مصلحة عظيمة , تُتلى قصتهم في كتاب الله عز وجل , يقرؤها المسلمون كلهم في صلواتهم وفي خلواتهم . يذكرونهم كلما مروا بذكرهم هذه فائدة عظيمة ثم فيها محنة عظيمة أيضا لكعب , جاءه كتاب من ملك غسان , فقال له في الكتاب : إنه بلغنا أن صاحبك قلاك -يعني أبغضك وهجرك وتركك- , فالحق بنا نواسك , " يعني ائت إلينا نجعلك مثلنا "
"كأنه يشير أن يجعله ملكا على غسان " فماذا فعل ؟
رأى أن هذه فتنة عظيمة , ذهب بالورقة فسجَّر بها التنور , يعني أحرقها , إحراقا تاما كراهة لها ولما تضمنته , ولئلا تغلبه نفسه في المستقبل حتى يجيب لهذا الطلب . وهكذا يكون الإيمان وهذه لا شك أنها محنة عظيمة , حصلت من أجل هذه القصة .
فالحاصل أن إفشاء السلام الأصل فيه أنه عام , لكل أحد من المسلمين , إلا من جاهر بمعصية , وكان من المصلحة أن يُهجر فليُهجر .
أما غير المسلمين فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم"لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ".
فيحرم علينا أن نبدأ اليهود والنصارى ومن سواهم أخبث منهم فلا نبدأه بالسلام ، إن سلموا نرد عليهم , لقول الله تعالى :
"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " .
فإذا قالوا : السلام عليكم , نقول : عليكم السلام صراحة
لأن الآية ناطقة بذلك "حيوا بأحسن منها أو ردوها" .
ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما أمر أن نقول : وعليكم , لأنهم يقولون السام عليكم , كما جاء ذلك مصرحا به في حديث عبد الله بن عمر قال إن اليهود أو قال أهل الكتاب يقولون السام عليكم فإذا سلموا فقولوا وعليكم .

القارئ :
وعليه فتَنَكُّبُ "خَوارِمِ الْمُروءةِ " في طَبْعٍ أو قولٍ أو عَمَلٍ من حِرفةٍ مَهِينَةٍ أو خَلَّةٍ رَديئةٍ كالعُجْبِ والرياءِ والبَطَرِ والْخُيلاءِ واحتقارِ الآخرينَ وغِشْيَانِ مَواطِنِ الرِّيَبِ .

الشيخ :
لما ذكر المروءة أنه ينبغي لطالب العلم أن يتحلى بها , قال تنكَّب يعني أبعد عن خورام المروءة , في طبع أو قول أو عمل : يعني في طباعك حاول أن تكون طباعك ملائمة للمروءة , ومن المعلوم أنه ليس التكحل في العينين كالكحل, وليس التطبع كالطبع , لكن الإنسان مع ممارسة الشيء ربما يكون الكسب غريزة , والتطبع طبيعة , وإلا فإن الإنسان لو حاول ما يحاول من الأخلاق وطبعه ليس كذلك سيجد صعوبة , لكنه مع التمرن تحسن الحال . وهذا مُجرب , فقد سمعنا عن بعض الناس الذي كان بعيدا عن العلم وعن طلب العلم له أخلاق سيئة , ثم لما منَّ الله عليه بالعلم بالهداية وطلب صارت أخلاقه طيبة , لأنه مرن نفسه على هذه الأخلاق حتى صارت كأنها من طباعه وغرائزه .
من حرفة مهينة , أو خلة رديئة : الخلة يعني الخصلة , والحرفة المهينة هي كل ما يحترفه الإنسان من عمل .
ثم ضرب لذلك أمثلة بقوله كالعُجب , أن يعجب الإنسان بنفسه , فإذا استنبط فائدة قال : هذه الفائدة ما شاء الله أنا استنبطتها هذه ما يستنبطها أكبر عالم , ثم أٌعجب بنفسه , ورأى نفسه كبيرا وانتفخ .
الرياء أن يرائي الناس بأن يتكلم في العلوم أمامهم حتى يروا أنه عالم فيقال : هذا عالم .
البطر: رد الحق , وهذه تحصل في المجادلات والتعصب لرأي من الآراء , أو لمذهب من المذاهب , تجده يغمط الآخرين يرد الحق لأنه خلاف ما يرى .
الخيلاء نتيجة العجب , يعني يُظهر نفسه بمظهر العالم الواسع العلم , ومن ذلك أن يكون للعلماء في بلد ما زيُّ خاص في اللباس, فيأتي هذا الإنسان البادئ بالعلم فيلبس لباس كبار العلماء ليظن الظان أنه من كبار العلماء , فهذا من الخيلاء. كذلك أيضا احتقار الآخرين , فالبطر هو احتقار الآخرين هو الكبر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام "الكبر بطر الحق وغمط الناس" . أي احتقارهم , وغِشْيَان مواطن الريب . يعني المواطن التي تكون محل الشك فيه وفي مروءته وأخلاقه يتجنبها. "رحم الله امرءًا كف الغيبة عن نفسه" , وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أطهر الخلق , قال للرجلين الأنصاريين وهو مع زوجه صفية رضي الله عنها , قال : إنها صفية . فكيف بغيره .
فالحاصل أنك لا تثق بنفسك وتقول إن الناس لن يظنوا بي شيئا , فأنت وإن كنت عند الناس بهذه المثابة , لكن الشيطان يلقي في قلوبهم الشر, حتى يتهموك بما أنت منه برئ , فتجنب مواطن الريب حتى تسلم من الريبة .
الأنفة من غير كبرياء : يعني أن يأنف الانسان من الأشياء المهينة التي توجب ضعته عند الناس لكن بدون كبرياء.
العزة في غير الجبروت : أن يكون عزيز النفس , قويا لكن من غير جبروت , بمعنى أن لا يذل أمام خصمه , عند المناظرة أو غير المناظرة , بل يتصور أنه غالب , لكن بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى الجبروت , فإنه إذا أدى إلى الجبروت صار خلقا ذميما . عكس ذلك من يكون ذليلا حتى وإن كان عنده علم لا يستطيع أن يناظر ولا أن يجادل , ولا أن يتكلم مع الغير فتجده يُهزم حتى في مواطن الحق التي أصاب فيها .
الشهامة في غير عصبية : واضحة أن يكون الإنسان شهما معتزا بنفسه لكن من غير عصبية , لا يقول أنا من القبيلة الفلانية ولي شهامة , أنا من تميم ، أنا من قريش ، أنا من كذا، أنا من كذا .
والحمية في غير جاهلية : أن يكون عند الإنسان حمية وغيرة , لكن في الحق لا في الجاهلية .

هنا
* شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
تحل بالمروءة :
التحلي بـ "المروءة" ، وما يحمل إليها، من مكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وتحمل الناس، والأنفة من غير كبرياء، والعزة في غير جبروت، والشهامة في غير عصبية، والحمية في غير جاهلية. وعليه فتنكب "خوارم المروءة" ، في طبع، أو قول، أو عمل، من حرفة مهينة، أو خلة رديئة، كالعجب، والرياء، والبطر، والخيلاء، واحتقار الآخرين، وغشيان مواطن الريب.
الشيخ:
إذن هذا هو الأدب الثامن من آداب طالب العلم : "التحلي بالمروءة". تقدم معنا أنَّ المروءة : التزام الصفات المحمودة عند الخلق ، واجتناب الصفات غير المرغوب فيها عند الخلق ، التحلي بالمروءة من "مكارم الأخلاق" ، ومن أمثلة المروءات التي يحسن لطالب العلم أن يلتزم بها ، أن يكون ملازما للأخلاق الفاضلة ، يحسن التعامل مع الآخرين ومن ذلك "طلاقة الوجه" بحيث لا يكون مُعبِّسا أو يكون مُعرضا بوجهه عن طلابه أو عن زملائه ، ومن المروءة "إفشاء السلام" ومن المروءة "تحمل الناس" ، المراد بتحمل الناس الصبر على أذيتهم ، ومن المروءة "الأنفة من غير كبرياء" ، والمراد بالأنفة ترفُّع النفس عن ما لا يليق بها ، بحيث لا يفعل الإنسان فعلا لا يكون مناسبا لحاله ، وكذلك "العزة بغير جبروت" فلا يُقدم على فعل لا يليق به ، فيرفع نفسه ، "والشَّهامة في غير عصبية" يعني : يكون مُقدِّما للخير للآخرين ، شهما ، كريما ، لكن لا يكون دافعه لذلك العصبية ونفع قرابته فقط وإنما يكون دافعه لذلك التقرب لله - جل وعلا- ، وكذلك مما تقتضيه المروءة "الحمية في غير جاهلية" والمراد بالحمية أن يحميَ المؤمنون بعضهم بعضا عما لا يليق بهم ، ولا يكون الدافع لذلك صفة من صفات أهل الجاهلية.
وعليه "فتنكُّب خوارم المروءة" ، ليس من شأن أهل الإسلام خوارم المروءة تَقدَّم لنا أمثلتها ، سواءً كانت هذه الخوارم في "طبع" كأن يكون مِخْراقا كأن يكون عجلا ، أو في " قول" بأن يتكلم بالكلام غير اللائق ، كأن يسب ويقدح الآخرين ، أو في "عمل" كأن يبتذل نفسه في الذهاب إلى أماكن لا تليق به ، وكذلك يجتنب "الحرف المهينة" التي يحتقرها الناس ؛ لأنَّ طالب العلم ينبغي أن يوجد له مكانة في الناس من أجل أن يقبلوا ما ينشره من العلم ، وعندما يمتهن حرفة مهينة فإنه حينئذ يكون مناقِضا ويكون مما لا تقبله نفوس الناس ، وبالتالي لا يسمعون له ولا يأخذون ما لديه من علم. وهكذا يجتنب الأوصاف الرديئة (الخلة) يعني : الوصف ، الرديء يعني : السيء غير المقبول؛ ومن ذلك (العجب) بأن يرى الإنسان لنفسه فضلا ، (والرياء) بأن يكون مقصوده بما يؤديه من العمل اطلاع الناس عليه ، (والبَطَر) وهو نوع من أنواع الكبرياء ويكون فيه جحد للحق ، (والخيلاء) بترفع النفس عما يكون مناسبا لها ، ومظنَّة أن للنفس فضلا على الغير ، (واحتقار الآخرين) ، وكذلك ترك (مَواطن الريب) يعني : المَواطن التي يُظن فيها الإنسان بظن السوء ، من أمثلة ذلك : عندما يذهب الإنسان إلى الأمكنة التي فيها معازف هذا موطن من مواطن الريب ، ولو لم يكن مقصده مكان العزف وكان يقصد محلا مجاورا له هذا من خوارم المروءة ؛ لأنَّ هذا من مواطن الريب ولذلك يجتنبه الإنسان ، وهكذا أيضا المحال التي فيها معاصي يجتنبها طالب العلم ؛ لأنَّ هذه من مواطن الريب ، وإذا خشي أن يُظن به ظن السوء احتاط لذلك ، وبذل من الأسباب ما يدفع مثل هذا الظن السيء ، ولذلك جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جاءته زوجته صفية فلبِثت معه في المسجد وهو معتكف ، فلما أرادت أن تنصرف انقلب معها وكانوا في ليل فشاهده بعض الأنصار رجلان من الأنصار فأسرعا ، فناداهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنها زوجتي صفية ، إنها زوجتي صفية ، دفعا للريبة فقالوا : أَوَفيك يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم ، وإني خشيت أن يلقي في قلوبكما شيئا ، وفي لفظ شرا كما ورد ذلك في الصحيح.نعم

هنا
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل
السؤال : ما معنى [قتل الغيلة]
الجواب : قتل الغيلة هو قتل الغدر الذي يكون فيه المغدور آمناً جانب الغادر كقتل المرأة لزوجها والأخ لأخيه وصاحب الدار لضيفه

السؤال الثاني :
ما معنى: فتَنَكُّبُ خَوارِمِ الْمُروءةِ ؟
ما معنى هذا الكلام ؟
اقتباس:
الأنفة من غير كبرياء : يعني أن يأنف الانسان من الأشياء المهينة التي توجب ضعته عند الناس لكن بدون كبرياء.

الجواب :
التنكّب هو الإعراض والعدول عن الشيء كأنه مأخوذ من توليته المنكبية، كما ان الإدبار مأخوذ من توليته الدبر.
قال الله تعالى"
وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ" المؤمنون 74. أي معرضون عن الصراط المستقيم منحرفون مائلون غير مستقيمين على ما يحبه الله.
والصراط المستقيم هو الطريق الوحيد الموصل إلى رضوان الله تعالى وجنته، فمن تنكَّب عن هذا الصراط لم يصل إلا إلى سخط الله وعقابه.
والعرب تقول: ريح نَكْبَاءَ إذا خالفت المهب المعتاد.
وقوله في الأنفة من غير كبرياء ( يعني أن يأنف الانسان من الأشياء المهينة التي توجب ضعته عند الناس لكن بدون كبرياء)
بعض المِهَن الوضيعة - ولو كانت جائزة لا إثم فيها - فلا ينبغي لطالب العلم أن يعمل فيها ولا يجوز له أن يتكبر على أصحابها ، فأنفَته من هذه المهن الوضيعة هو لحفظ قدر العلم وأهله، وقد جرت عادة الناس على احتقار أصحاب هذه المهن ولا ينبغي لطالب العلم أن يضع نفسه في موضع يحتقره الناس فيه.
وقد تكون بعض تلك المهن جائزة ويقبل بها من كان محتاجاً مضطراَ إليها ، ولا حرج عليه شرعاً فيها ، وهو كسب حلال ويرجى له فيه أجره إذا قصد به إعفاف نفسه وعياله، لكنه إذا أمكنه الانتقال إلى مهن لا يحتقرن الناس فهو خير له وأصلح.
والمهن الوضيعة على قسمين:
- مِهَن وضيعة حسًّا وهي التي تباشر فيها النجاسات غالباً كالزبالة واستخراج النجاسات من مجاري المياه ونحو ذلك، وهذه مهن جائزة ولا سيما عند الحاجة وإن كانت مكروهة لأهل العلم والفضل لكن لا يأثم صاحبها، وامتهانها خير من سؤال الناس واستجدائهم.
- ومهن وضيعة معنى وهي التي يكون فيها ابتذال لكرامة الإنسان واعتياده على مساوي الأخلاق من الكذب والفحش والتفحش والإسفاف في القول والعمل ، وهذه مهن محرَّمة.


هنا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-12-2018, 09:19 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

9- التمَتُّعُ بخِصَالِ الرجولةِ
تَمَتَّعْ بِخِصالِ الرجولةِ من الشجاعةِ وشِدَّةِ البَأْسِ في الحقِّ ومَكارِمِ الأخلاقِ والبَذْلِ في سبيلِ المعروفِ حتى تَنْقَطِعَ دونَك آمالُ الرجالِ .
وعليه فاحْذَرْ نَوَاقِضَها : من ضَعْفِ الْجَأْشِ ، وقِلَّةِ الصبْرِ وضَعْفِ الْمَكَارِمِ فإنها تَهْضِمُ العِلْمَ وتَقْطَعُ اللسانَ عن قَوْلَةِ الْحَقِّ ، وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه .
هنا
* شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
قال المؤلف رحمه الله :

الأمر التاسع -
التمَتُّعُ بخِصَالِ الرجولةِ :
تَمَتَّعْ بِخِصالِ الرجولةِ من الشجاعةِ وشِدَّةِ البَأْسِ في الحقِّ ومَكارِمِ الأخلاقِ والبَذْلِ في سبيلِ المعروفِ حتى تَنْقَطِعَ دونَك آمالُ الرجالِ .
وعليه فاحْذَرْ نَوَاقِضَها : من ضَعْفِ الْجَأْشِ ، وقِلَّةِ الصبْرِ وضَعْفِ الْمَكَارِمِ فإنها تَهْضِمُ العِلْمَ وتَقْطَعُ اللسانَ عن قَوْلَةِ الْحَقِّ ، وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه .
الشيخ:
هذا كالتكميل للأول لأن التمتع بخصال الرجولة من المروءة بلا شك , فإن الإنسان إذا نزل نفسه منزلة الرجال الذين هم رجال بمعنى الكلمة , فإنه سوف يتمتع بما ذكره , الشجاعة وشدة البأس في الحق , مكارم الأخلاق، البذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال: يعني حتى لا يهم أحد بأن يسبقك بما أنت عليه من هذه الخصال .
فالشجاعة: الإقدام في محل الإقدام , فإذا كانت الشجاعة هي الإقدام في محل الإقدام لزم من ذلك أن تسبق برأي وتفكير وحنكة .
ولهذا قال المتنبي :
الرأي قبل شجاعة الشجعان = هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا بنفس حرة = بلغت من العلياء كل أمال
فلا بد من رأي , لأن الإقدام في غير رأي تهور , تكون نتيجته عكس ما يريده هذا المقدم.

كذلك أيضا شدة البأس في الحق , بحيث يكون قويا فيه صابرا على ما يحصل من أذى أو غيره في جانب الحق.
مكارم الأخلاق سبق الكلام عليها وأنها تشمل كل خلق كريم يحمد الإنسان عليه , البذل في سبيل المعروف، البذل: يشمل بذل المال والجاه والعلم , وكل ما يبذل للغير لكن في سبيل المعروف . أما البذل في سبيل المنكر فهو منكر , والبذل فيما ليس بمعروف ولا منكر قد يكون من إضاعة الوقت أو من إضاعة المال .
هنا

* شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ:
قال المؤلف رحمه الله :
التمتع بخصال الرجولة:
تمتع بخصال الرجولة، من الشجاعة، وشدة البأس في الحق، ومكارم الأخلاق، والبذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال.
وعليه، فاحذر نواقضها، من ضعف الجأش، وقلة الصبر، وضعف المكارم، فإنها تهضم العلم، وتقطع اللسان عن قوله الحق، وتأخذ بناصيته إلى خصومة في حالة تلفح بسمومها في وجوه الصالحين من عباده.
الشيخ:
هذه الخصلة التاسعة من خصال طالب العلم : اتّصافه بصفات الرجولة ، وصفات الرجولة أنواع ؛ منها : (الشجاعة) بحيث يكون مِقداما على الأفعال الطيبة ، ولا تكون نفسه ذات خَوَر أو ضَعف عن الإقدام عمّا يليق به ، فالشجاعة صفة من صفات الرجال الذين يُثنى عليهم ، ولذلك جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تعوَّذ من الجُبْن ، والجبن هو : الضَعْف والخَوَر مما يقابل الشجاعة ، ومن أنواع الشجاعة "شدة البأس في الحق". ومن صفات الرجال اتصافهم " بمكارم الأخلاق" وبذلك يكونون على الخلق الفاضل العالي ، وقد جاءت الشريعة ترغب في اتِّصاف المؤمنين بالصفات العالية والأخلاق الكريمة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "أنا ضمين ببيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقه" ، وجاء في حديث في السنن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال"إنَّ المؤمن يبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم". ومن خصال الرجولة " البذل في سبيل المعروف" ، بحيث يعطي الإنسان لله ، وكم من آية في كتاب الله تثني على أولئك الذين يبذلون في سبيل الله ، قال – جل وعلا-" الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ، والآية التي قبلها
" مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" ، وقال – جل وعلا-" يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ " ، يعني أنه يضاعفها ، وقد وعد الله- جل وعلا- المنفقين في سبيله بالخَلَف في الدنيا والأجر العظيم في الآخرة قال تعالى"وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" ، وجاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال " قال الله - عز وجل-: يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ" ، وجاء في الحديث الآخر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من صباح إلا وينادي فيه ملكان يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" يعني : خسارة وذهابا للمال.
كذلك هذه الصفات الثلاثة : الشجاعة ، والأخلاق الفاضلة ، والبذل بالمعروف ، من وُجدت فيه أصبح ممن يَعظُم أجرهم ، ومن الرجال الذين يعتمد عليهم ، يقابل هذا أمور :
أولها "ضعف الجأش" والجُبن والخَوَر ، والضعف صفة يُذم بها الإنسان ،
الصفة الثانية "قلة الصبر"وعدم التمكن من إمساك النفس في المكارم وأفعال الخيرات ،
الثالث "عدم فعل الأخلاق الفاضلة"فهذه الأمور "تهضِم العلم" ، يعني : تُنقص مقدار العلم ، فالعالم متى كان باذلا للمعروف منفقا فيه فإنَّ الله – جل وعلا- يبارك له في علمه ويضع له القبول في الأرض ، وكذلك هذه الصفات ؛ وهي الجُبن وسوء الأخلاق والبخل "تقطع اللسان عن قولة الحق" ، بحيث تُعجز الإنسان عن أن يتكلم بما ينتفع به الناس في دنياهم وآخرتهم ، بل إنَّ هذه الصفات تجعل طالب العلم في حالة يتمكن أعداؤه منه ويتمكنون من بث سمومهم في سمعته فيكون ذلك سببا لإعراض الناس عن العلم النافع بسبب عدم اتِّصاف أصحابه بهذه الصفات التي تجعل الناس يُقبلون عليه.
هنا
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/
الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول: نرجو من شيخنا الفاضل توضيح تلك المعاني:
اقتباس:
ضَعْفِ الْجَأْشِ - وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه
الجواب: الجأش المراد به هنا جأش القلب، وهو رواعه واضطرابه عند الفزع، يقال: هو رابط الجأش وساكن الجأش؛ إذا كان ثابتاً مطمئنا لا يفزع إذا ألمّ به الخطب، كما قال لبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه في وصف ناقة.
يُسْئِد السَّيرَ عليها رَاكب ... رَابِطُ الجَأْشِ على كلِّ وَجَلْ
قال الأصمعي"الرابطُ الجأش: الذي يربط نفسه عن الفرار، يكفُّها لجرأته وشجاعته".
ويقال: واهي الجأش، أي ضعيف الجأش إذا كان يفزع في الملمّات فيحتاج إلى من يسكّن جأشَه كما قالت الخنساء في أخيها صخر:
كمْ طريدٍ قدْ سكَّنَ الجأشَ منهُ ... كان يَدْعُو بصفّهنّ صُراحا
فسكون الجأش ورباطته يراد بها طمأنينة القلب في الملمات التي يفزع منها ضعيف الصبر والشجاعة، ومن أجود ما قيل في وصف سكون الجأش في الحرب قول البحتري:
لقد كانَ ذاك الجأش جأشَ مسالمٍ ... على أنَّ ذاكَ الزيَّ زيُّ محاربِ
تسرَّعَ حتى قالَ من شهدَ الوغى: ... لقاءُ عُداة أم لقاء حبائب
أي أنه من رباطة جأشه وثبات قلبه يسرع إلى الحرب كأنه مسرع إلى لقاء أحبّته.
ومقصود الشيخ رحمه الله هنا أن يكون طالب العلم ثابت الجنان في المناظرات والخصومات مع أهل البدع وغيرهم من المخالفين؛ فمن كان واهي الجأش أثّر فيه ما يجلب به عليه خصومه فيفزع ويتحيّر وربّما شكّ في الحق الذي لديه، وهذا خلاف طريقة أهل الحق واليقين.
وقوله"وتأخذ بناصيته إلى خصومه.." أي أنّ ضعفه في مقام نصرة الحقّ قد يجرّ عليه وعلى المسلمين أذيّة وبليّة ويتسلّط عليه أعداؤه لضعف قيامه بالحجة وتردده واضطرابه.


هنا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-12-2018, 09:28 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

10-هَجْرُ التَّرَفُّهِ
لا تَسْتَرْسِلْ في " التَّنَعُّمِ والرفاهِيَةِ"؛ فإنَّ " البَذاذةَ من الإيمانِ " وخُذْ بوَصيةِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في كتابِه المشهورِ وفيه " وإِيَّاكُم والتنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ ، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا " .
وعليه فازْوَرَّ عن زَيْفِ الحضارةِ فإنه يُؤَنِّثُ الطِّباعَ ويُرْخِي الأعصابَ ويُقَيِّدُك بِخَيْطِ الأَوْهَامِ ويَصِلُ المُجِدُّونَ لغاياتِهم وأنتَ لم تَبْرَحْ مكَانكَ، مَشْغُولٌ بالتأَنُّقِ في مَلْبَسِكَ وإن كان منها شِيَاتٌ ليست مُحَرَّمَةً ولا مَكروهةً لكن ليست سَمْتًا صالحًا والحِلْيَةُ في الظاهرِ كاللِّباسِ عُنوانٌ على انتماءِ الشخصِ بل تَحديدٌ له ، وهل اللِّباسُ إلا وَسيلةٌ من وسائلِ التعبيرِ عن الذاتِ ؟!
فكُنْ حَذِرًا في لِباسِكَ؛ لأنه يُعَبِّرُ لغَيْرِكَ عن تَقْوِيمِك في الانتماءِ والتكوينِ والذوْقِ ، ولهذا قِيلَ : الْحِلْيَةُ في الظاهِرِ تَدُلُّ على مَيْلٍ في الباطِنِ والناسُ يُصَنِّفُونَكَ من لِباسِك بل إنَّ كيفِيَّةَ اللُّبْسِ تُعْطِي للناظِرِ تَصنيفَ اللابسِ من : الرصانةِ والتعَقُّلِ أو التَّمَشْيُخِ والرَّهْبَنَةِ أو التصابِي وحُبِّ الظهورِ، فخُذْ من اللِّباسِ ما يَزينُك ولا يَشينُك ولا يَجْعَلْ فيكَ مَقالًا لقائلٍ ولا لَمْزًا لِلَامِزٍ ، وإذا تلاقَى مَلْبَسُك وكيفيَّةُ لُبْسِك بما يَلتَقِي مع شَرَفِ ما تَحْمِلُه من العِلْمِ الشرعيِّ كان أَدْعَى لتعظيمِك والانتفاعِ بعلْمِك، بل بِحُسْنِ نِيَّتِك يكونُ قُرْبَةً إنه وسيلةٌ إلى هِدايةِ الْخَلْقِ للحَقِّ .وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ " أَحَبُّإليَّ أن أَنْظُرَ القارِئَ أبيضَ الثيابِ " . أي : ليَعْظُمَ في نفوسِ الناسِ فيَعْظُمَ في نفوسِهم ما لَدَيْهِ من الْحَقِّ .
والناسُ – كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى – كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ .فإيَّاكَ ثم إيَّاكَ من لِباسِ التصابِي، أمَّا اللِّباسُ الإفرنجيُّ فغَيرُ خافٍ عليك حُكْمُه ، وليس معنى هذا أن تأتِيَ بلِباسٍ مُشَوَّهٍ لكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برَسْمِ الشرْعِ ، تَحُفُّه بالسمْتِ الصالحِ والْهَدْيِ الْحَسَنِ .
وتَطْلُبُ دلائلَ ذلك في كتُبِ السنَّةِ والرِّقاقِ ، لا سِيَّمَا في ( الجامعِ ) للخطيبِ .
ولا تَسْتَنْكِرْ هذه الإشارةَ فما زالَ أهلُ العِلْمِ يُنَبِّهُون على هذا في كُتُبِ الرِّقاقِ والآدابِ واللِّباسِ ، واللهُ أَعْلَمُ .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
الأمر العاشر - هَجْرُ التَّرَفُّهِ :
لا تَسْتَرْسِلْ في " التَّنَعُّمِ والرفاهِيَةِ " فإنَّ " البَذاذةَ من الإيمانِ " وخُذْ بوَصيةِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في كتابِه المشهورِ وفيه " وإِيَّاكُم والتنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ ، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا ...." .
الشيخ :
لا تسترسل في التنعم والرفاهية، وهذه النصيحة تقال لطالب العلم ولغير طالب العلم , لأن الاسترسال في ذلك مخالف لإرشاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم , فقد كان ينهى عن كثرة الإرفاه ويأمر بالاحتفاء أحيانا, والإنسان الذي يعتاد الرفاهية يصعب عليه معالجة الأمور , لأنه قد تأتيه الأمور على وجه لا يتمكن معه من الرفاهية ولنضرب لذلك مثلا بهذا المثل الذي ذكرناه في الحديث يأمر بالاحتفاء أحيانا , بعض الناس لا يحتفي , دائما عليه جورب وعليه خف وعليه نعل , لا يكاد يمشي هذا الرجل لو عرض له عارض وقيل له تمشي 500 متر بدون وقاية للرجل لوجدت ذلك يشق عليه مشقة عظيمة , وربما تدمى قدمه من مماسة الأرض , لكن لو عوَّد نفسه على الخشونة وعلى ترك الترفه دائما , لحصل له خير كثير .
ثم إن البدن إذا لم يعود على مثل هذه الأمور لم يكن عنده مناعة , فتجده يتألم من أي شيء من ذلك , لكن إذا كان عنده مناعة لا يهتم له ولهذا تجد أيدي العمال الآن أقوى بكثير من أيدي طلبة العلم , لأنها تعودت واعتادت على ذلك حتى إن بعض العمال فيما سبق لما كانوا يعانون الطين واللبن إذا مسست أيديهم كأنما مسست حجرا من خشونتها , لو أنه ضم أصابعه على يدك لآلمك كثيرا لإنه اعتاد على ذلك.
فترفيه الإنسان نفسه كثيرا لا شك أنه ضرر عليه كبير .
قوله : " البذاذة من الإيمان " ما هي البذاذة ؟
البذاذة : عدم التنعم والترفه , وليست البذاءة , فرق بين البذاءة وبين البذاذة .
البذاءة صفة غير محمودة , أما البذاذة فهي صفة محمودة .
وخذ بوصيه أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه المشهور، وفيه: وإياكم وزي العجم .
هذه الجمله تحذيرية , لأن العرب عندهم جمل تحذيرية وعندهم جمل إغرائية . فإن وردت في مطلوب فهي إغراء , وإن وردت في محذور فهي تحذير .
فلو قلت لشخص : الأسد الأسد , هذا تحذير .
وإن قلت : الغزال الغزال, هذا إغراء .
أما "إيَّا" فهي للتحذير .
قال ابن مالك :
إياك والشر ونحوه نصب = محذر بما استتاره وجب
ومعنى إياكم : أحذركم .
والتنعم : هذه الواو للعطف , وقيل للمعية , والمعنى : أحذركم مع التنعم يعني أن تكونوا مع التنعم , التنعم باللباس وبالبدن وكل شيء, والمراد بذلك كثرته .
لأن التنعم بما أحل الله على وجه لا إسراف فيه , من الأمور المحمودة بلا شك .
ومن ترك التنعم بما أحل الله من غير سبب شرعي , فهو مذموم .
وقوله: وزي العجم ، ما هو زي العجم ؟ شكله . سواء كان ذلك في الحلية كشكل الشعر شعر الرأس أو اللحية أو ما أشبه ذلك أو كان باللباس يعني بالتحلي باللباس. فإننا منهيون عن زي العجم , وليس المراد بالعجم أمة إيران بل المراد بالعجم كل ما سوى العرب فيدخل فيه الأوربيون والشرقيون في آسيا وغيرها, كل من سوى العرب فهو عجم لكن المسلم من العجم التحق بالعرب حكما لا نسبا , لأنه اقتدى بمن بعث في الأميين رسولا , صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
تمعددوا : هل معناه كبروا معدتكم؟!لا، معد بن عدنان هذا أعلى أجداد الرسول عليه الصلاة والسلام بعد عدنان وهو ولا شك من صميم العرب فكأنه يقول: اتركوا زي العجم وعليكم بزي العرب "معد بن عدنان"
وأما اخشوشنوا : فهو من الخشونة التي هي ضد الليونة والتنعم .
وكل هذه وصايا نافعة من عمر رضي الله عنه , لو أن الناس عملوا بها , سواء من طلبة العلم أو غير طلبة العلم , لكان في هذا خير كثير .
لكن الآن في البلاد التي منَّ الله عليها بالأمن وطيب العيش وكثرة المال , صار الأمر بالعكس تماما, فالتنعم موجود لا يريد الإنسان إلا أن يركب مركبا مريحا ويبني قصرا مشيدا ولا يناله شيء من الأذى لا برد في برد ولا حر في حر ولا يريد أن يمسه شيء متنعم تماما.
ولهذا كثرت فيهم الأوبئة التي تترتب على عدم الحركة , مثل السمنة والضغط وضيق التنفس وعدم القدرة ، يعني بعض الناس تجد الشاب تصعد أنت وهو الجبل ،لا ينتصف الجبل إلا وقد سارع نَفَسُه حتى يكاد يسقط بدنه, وأنت مستريح لأنك تعودت وهو لم يتعود مع أنه شاب لكن لم يعود نفسه , زي العجم الآن موجود يترقبون كل موضة تخرج حتى يقلدوها , وقد أتعبت النساء رجالها في هذا الباب تجدها تأتي صباح النهار كل يوم بلباس من أحسن الألبسة نظيف، ساتر , ثم تنزل إلى السوق في آخر النهار فإذا بموضة جديدة , فتصيح أريد أن أشتري هذا الثوب مع أنه أضيق من الأول وأسوأ من الأول ولكن هذا شيء جديد، لا بد من الإعجاب به لا بد من أن تأخذ منه , خصوصا من منَّ الله عليها بالمال كبعض المدرسات وغيرهم , فتجدها لا يهمها تشتري ما تريد , وهذا غلط .
ولهذا كثرت الآن بين أيدي النساء مجلات تسمى البردة , تأخذها المرأة وتنظر ما يروق لها حتى وإن كان لباسا لا يتناسب مع اللباس الشرعي , لكنه جديد، نسأل الله السلامة والهداية .
القارئ :
وعليه فازْوَرَّ عن زَيْفِ الحضارةِ فإنه يُؤَنِّثُ الطِّباعَ ويُرْخِي الأعصابَ ويُقَيِّدُك بِخَيْطِ الأَوْهَامِ ويَصِلُ المُجِدُّونَ لغاياتِهم وأنتَ لم تَبْرَحْ مكَانكَ، مَشْغُولٌ بالتأَنُّقِ في مَلْبَسِكَ وإن كان منها شِيَاتٌ ليست مُحَرَّمَةً ولا مَكروهةً لكن ليست سَمْتًا صالحًا والحِلْيَةُ في الظاهرِ كاللِّباسِ عُنوانٌ على انتماءِ الشخصِ بل تَحديدٌ له ، وهل اللِّباسُ إلا وَسيلةٌ من وسائلِ التعبيرِ عن الذاتِ ؟!
فكُنْ حَذِرًا في لِباسِكَ؛ لأنه يُعَبِّرُ لغَيْرِكَ عن تَقْوِيمِك في الانتماءِ والتكوينِ والذوْقِ ، ولهذا قِيلَ : الْحِلْيَةُ في الظاهِرِ تَدُلُّ على مَيْلٍ في الباطِنِ والناسُ يُصَنِّفُونَكَ من لِباسِك بل إنَّ كيفِيَّةَ اللُّبْسِ تُعْطِي للناظِرِ تَصنيفَ اللابسِ من : الرصانةِ والتعَقُّلِ أو التَّمَشْيُخِ والرَّهْبَنَةِ أو التصابِي وحُبِّ الظهورِ، فخُذْ من اللِّباسِ ما يَزينُك ولا يَشينُك ولا يَجْعَلْ فيكَ مَقالًا لقائلٍ ولا لَمْزًا لِلَامِزٍ ، وإذا تلاقَى مَلْبَسُك وكيفيَّةُ لُبْسِك بما يَلتَقِي مع شَرَفِ ما تَحْمِلُه من العِلْمِ الشرعيِّ كان أَدْعَى لتعظيمِك والانتفاعِ بعلْمِك، بل بِحُسْنِ نِيَّتِك يكونُ قُرْبَةً إنه وسيلةٌ إلى هِدايةِ الْخَلْقِ للحَقِّ . وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ " أَحَبُّ إليَّ أن أَنْظُرَ القارِئَ أبيضَ الثيابِ " . أي : ليَعْظُمَ في نفوسِ الناسِ فيَعْظُمَ في نفوسِهم ما لَدَيْهِ من الْحَقِّ .
والناسُ – كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى – كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ . فإيَّاكَ ثم إيَّاكَ من لِباسِ التصابِي، أمَّا اللِّباسُ الإفرنجيُّ فغَيرُ خافٍ عليك حُكْمُه ، وليس معنى هذا أن تأتِيَ بلِباسٍ مُشَوَّهٍ لكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برَسْمِ الشرْعِ ، تَحُفُّه بالسمْتِ الصالحِ والْهَدْيِ الْحَسَنِ .
وتَطْلُبُ دلائلَ ذلك في كتُبِ السنَّةِ والرِّقاقِ ، لا سِيَّمَا في - الجامعِ -للخطيبِ .
ولا تَسْتَنْكِرْ هذه الإشارةَ فما زالَ أهلُ العِلْمِ يُنَبِّهُون على هذا في كُتُبِ الرِّقاقِ والآدابِ واللِّباسِ ، واللهُ أَعْلَمُ .
الشيخ :
لما ذكر , وفقه الله , هجر الترفه , أطنب في ذكر اللباس , لأن اللباس الظاهر عنوان على اللباس الباطن .
ولهذا يمر بك رجلان كلاهما عليه ثوب مثل الآخر, فتزدري أحدهما ولا تهتم بالآخر, تزدري بمن لباسه ينبغي أن يكون على غير هذا الوجه . إما في الكيفية وإما في اللون وإما في الخياطة أو غير ذلك , والثاني لا ترفع به رأسا ولا ترى في لباسه بأسا , لأن لكل قالب ما يناسبه .
مثلا لبس العقال : هو في الأصل لا بأس به , بل إن بعضهم يقول: إنه العمامة العصرية , العمامة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانت لفافة تطوى على الرأس وتحتاج إلى تعب في طيها ونقلها, لكن هذا مطوي جاهز ليس عليك إلا أن تضعه على رأسك , فهو العمامة إلا أنها عمامة ميسرة , ولهذا كان بعض الناس فيما سبق يجعلون " العُقُل " يجعلونها بيضاء لتكون كالعمامة تماما , هذه العُقُل لا يلبسها كل الناس على حد سواء , يمر بك رجلان كلاهما قد لبس العقال أحدهما تزدريه والثاني لا تهتم به , لأن الأول لبس ما لا يلبسه مثله والثاني لبس ما يلبسه مثله ولا تهتم به .
وأشياء كثيرة من هذا النوع، مر بك رجلان أحدهما ميكانيكي عليه بنطلون ومر بك عالم كبير عليه بنطلون في بلد لا يلبس العلماء مثله, تجد أنك تزدري الثاني ولا تزدري الأول .
فالمهم أن الشيخ وفقه الله , يقول إن بعض الناس يكون مشغولا بالتأنق في ملابسه , حتى وإن كانت مباحة , فلا ينبغي أن يكون أكبر همك الهندمة والتأنق في اللباس , والتأنق في لبس الغترة "واجعلها مرزاب لا مرزابين ولا ثلاثة" لا تهتم بهذا , ولكن لا تكون أيضا بالعكس , لا تهتم بنفسك ولا بلباسك , وقد سبق أن التجمل في اللباس مما يحبه الله عز وجل , وهذا عمر رضي الله عنه يقول : أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب . لأنه جمال.
وقول الشيخ بكر أبي زيد , وفقه الله : (إنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق)؛ هذا أيضا صحيح لأن كل إنسان قد يزن من لاقاه بحسب ما عليه من اللباس , كما أنه يزنه بالنسبة لحركاته وكلامه وأقواله , وخفته ورزانته كذلك في اللباس .
ثم حذر من لباس التصابي، قبلها كلام شيخ الإسلام أيضا كلام مهم: الناس كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ . وهذا صحيح ولذلك إذا ظهر نوع جديد من اللباس تجد الناس يتقاطرون عليه فما تلبث أن يسع الناس كلهم .
أما لباس التصابي , بأن يلبس الشيخ الكبير سنا ما يلبسه الصبيان , من رقيق الثياب وما أشبه ذلك فهذا أيضا من الأمور التي لا ينبغي للإنسان أن يمارسها .
أما اللباس الإفرنجي فغير خاف عليك حكمه , ما هو حكمه ؟
التحريم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من تشبه بقوم فهو منهم" .
لكن ما هو اللباس الإفرنجي ؟ اللباس الإفرنجي هو المختص بهم بحيث لا يلبسه غيرهم , وإذا رآه الرائي قال: إن لابسه من الإفرنج , وأما ما كان شائعا بين الناس , من الإفرنج وغير الإفرنج , فهذا لا يكون من التشبه , لكن قد يحرم من جهة أخرى مثل أن يكون حريرا بالنسبة للرجال , أو قصيرا بالنسبة للنساء أو ما أشبه ذلك , ثم لما خاف أن يمضي الذهن بعيدا قال : وليس معنى هذا أن تأتي بلباس مشوه، يعني ليس معنى ما قاله أن الإنسان يأتي باللباس المشوه كما يفعله بعض الناس , إظهارا للزهد . تجد ثوبه يشق يقول: دعه، ما يهتم به ويتسخ يقول لا يهم أنا مآلي للتراب والأرض تأكل الكفن وتوسخ الجسد ما يهم, أو مثلا يأتي وغترته غير مرتبه ولا يبالي، الجانب هذا قليل والجانب هذا كثير ويمشي بدون مبالاة هذا ليس طيبا, الإنسان ينبغي أن يعتني بنفسه ولا يأتي بما يكون هزءا في حقه, لأنه مأمور بأن يدفع الغيبة عن نفسه"رحم الله امرءا كف الغيبة عن نفسه".

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
قال رحمه الله
هجر الترفه:
لا تسترسل في "التنعم والرفاهية" فإنَّ "البذاذة من الإيمان" ، وخذ بوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه:
"وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا ..." .
وعليه، فازور عن زيف الحضارة، فإنه يؤنث الطباع، ويرخى الأعصاب، ويقيدك بخيط الأوهام، ويصل المجدون لغاياتهم وأنت لم تبرح مكانك، مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شيات ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتاً صالحاً، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتماء الشخص، بل تحديد له، وهل اللباس إلا وسيلة التعبير عن الذات؟!
فكن حذراً في لباسك، لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق، ولهذا قيل: الحلية في الظاهر تدل على ميل في الباطن، والناس يصنفونك من لباسك، بل إنَّ كيفية اللبس تعطي للناظر تصنيف اللابس من : الرصانة والتعقل. أو التمشيخ والرهبنة. أو التصابي وحب الظهور.
فخذ مم اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالا لقائل، ولا لمزا للامز، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي، كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة، إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق.
وفي المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه :
"أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب". أي: ليعظم في نفوس الناس، فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق.
والناس - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض .
فإياك ثم إياك من لباس التصابي، أما اللباس الإفرنجي، فغير خاف عليك حكمه، وليس معنى هذا أن تأتى بلباس مشوه، لكنه الاقتصاد في اللباس برسم الشرع، تحفه بالسمت الصالح والهدي الحسن.وتطلب دلائل ذلك في كتب السنة الرقاق، لا سيما في "الجامع" للخطيب.
ولا تستنكر هذه الإشارة، فما زال أهل العلم ينبهون على هذا في كتب الرقاق والآداب واللباس ، والله أعلم .
الشيخ:
ذكر المؤلف ها هنا الأدب العاشر من آداب طالب العلم ، وهو ترك الاسترسال في التنعم والرفاهية ، والمراد بالتنعم استخدام أنعم ما يكون من الثياب والمراكب ونحو ذلك ، "فإنَّ البذاذة من الإيمان" ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ" والمراد بالبذاذة ترك الترفه وعدم استعمال الناعم من الملابس والمراكب ، (وجاء في كتاب عمر "إياكم والتنعم وزي العجم ، وتمعددوا" يعني : شابهوا معد بن عدنان الذي كان يترك الرفاهية في لباسه وسائر أموره ، "واخْشَوشِنوا" يعني ليكن من أموركم ما يكون مخالفا للتنعم بالخشونة.
"وعليه فازْوَرَّ عن زيف الحضارة" ، جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام في فراشه فكان في ذلك الفراش رِمالٌ يعني : خيوط و حبال فأثَّرت فيه ، فلذلك جاءه عمر- رضي الله عنه- فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك فقال –رضي الله عنه – ملوك فارس والروم فيما هم فيه وأنت في حالك هذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أَوَ في شَك أنت يا ابن الخطاب" ، فالمقصود أنَّ الإنسان يستعمل ما لديه ، يستعمل ما لديه ، فلا يتكلف في ملبسه ولا يتكلف في مركبه ولا يتكلف في أنواع الأثاث لديه ، وذلك لأنَّ التكلف في ذلك يخالف سمت طالب العلم ويجعل الناس يظنون به ظن السَّوء ، قال "وعليه" وبناءً على ما مضى "فازْوَرَّ" يعني : أعرض "عن زيف الحضارة" والمراد به الصورة الظاهرية الزائفة ، "فإنه يؤنث الطباع"يجعل الطبع مشابها لطبع من يكون رقيقا في أموره ، (وُيرخي الأعصاب) وبالتالي لا يتمكن الإنسان من كونه: يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، ولا يكون قويا في الحق ، ومثل ذلك "يقيدك بخيط الأوهام"، الناس لم يعجبهم لباسي ، الناس لم يكن ثوبي حسنا
عندهم ، الناس لم يُعجبوا بالرائحة التي استعملتها ، وبالتالي يكون همه في هذه الأمور الظاهرة ويترك الأمور الحقيقية التي ينبغي به أن يتوجه لها ، وبالتالي لا يتمكن المُجِدّون من الوصول لغاياتهم ؛ لأنهم اشتغلوا بالتوافه ومن ثَـمَّ يصل المُجِدّون إلى الغاية وأنت تشتغل بالصورة الظاهرة"لم تبرح مكانك" لأنك مشغول بالتأنق في الملبس ، يعني حسن اختيار أنواع الملابس ، هذا القماش هذه النوعية من القماش أفضل من تلك النوعية ، وبالتالي هذا الكبك أحسن من ذلك الكبك ، هذه الساعة خير وأحسن ، وهذا الجوال بهذه الصفة أحسن من تلك الصفة ، والنوع الفلاني من الجوالات أحسن ، ومن ثمَّ يصبح يشتغل بهذه الأمور التوافه الظاهرة ، "وإن كان منها شِيَات ليست محرمة" ، نحن لا نستطيع أن نقول إنها محرمة ، لكن طالب العلم مشتغل بما هو أعظم وأنفع وأعلى ، هو الذي قد اشتغل بما يوصله إلى جنة الخلد ، فكيف يكون مشتغلا بهذه الأمور الظاهرة. قال "وإن كان منها شيات" ، الشية هي : الأمور القليلة التي ليست بمحمودة ، ليست محرمة ولا مكروهة ، لكن ليست سمتا صالحا ، وبالتالي ليست من صفة طالب العلم ، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على اهتمام الشخص ، من جاء وعليه شماغ وقد زخرف ذلك الشماغ ، عَرَفت طريقته وحكمت عليه ، إذا وجدته قد لبس من الساعات المزخرفة التي فيها جذب لرؤية الآخرين عرفت توجهه وعرفت طريقته ، فالحلية في الظاهر عنوان على انتماء الشخص ، ولذلك الأشخاص في ألبستهم يذهب كل منهم إلى من يُشاكله في اللباس ، ومن هنا من لبس الملابس الكاملة ، لبس الغترة ولبس البُشت ، وجدته مع من كان بهذه الصفة ، ومن خلع العباءة وجدته مع من ماثله ، ومن خلع الغترة وجدته مع من ماثله ، وهكذا فالناس كالطيور يأتون إلى من يماثلهم في الصفة ، والطيور على أشكالها تقع.
قال "وهل اللباس إلا وسيلة من وسائل التعبير عن الذات" ، لذلك من وجدته يلبس أنواعًا من الألبسة حكمت عليه من مجرد لباسه ، "فكن حذرا في لباسك ؛ لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك" ، فالناس يحكمون عليك من خلال ما تلبَسه ، سواءً في "انتمائك"إلى من تنتمي ، وكذلك في (تكوينك) ما هي شخصيتك ؟ ، يعرفونها من اللباس ، وكذلك في "ذوقك" فيعرفون ما هو ذوقك؟ ، وما الذي تشتهيه وما لا تشتهيه من خلال رؤية لباسك ، وانظر إلى نفسك كم من شخص بمجرد رؤيته الظاهرة ارتاحت نفسك إليه ، وكم من شخص بمجرد رؤيته الظاهرة اشمأزت نفسك منه وابتعدت عنه كل الابتعاد ، و هذا تجدونه ، ولهذا قيل "الحلية في الظاهر" ، ما تظهره من حليتك ولباسك "تدل على ميل في الباطن ، والناس يصنِّفونك من لباسك ، بل إنَّ كيفية اللُّبس تعطي للناظر تصنيف اللابس" ، نلبس جميعا هذه الكوفية - الغترة - ومع ذلك يحكم الناس علينا بأحكام مختلفة لطريقة اللُّبس ؛ فهذا يصفونه بالعقل والحكمة وهذا يصفونه بالطيش من مجرد لبسته لهذا النوع من أنواع اللباس ، وهكذا أيضا بلباسك يحكمون هل أنت شيخ؟ ، هل أنت ممن يُقبل على الخير أم أنت ممن يُقبل على الشر؟ ، هل أنت ممن يتصابى ويحاول أن يُظهر نفسه بمظاهر الصبيان وصغار السن؟ ، هل أنت ممن يحب الظُّهور ويحب لَفت الأنظار إليه أو لا؟ ، فحينئذٍ خذ من اللباس ما يكون مزيِّنًا لك عند الله – جل وعلا- ومبعدًا لقالة السوء ومظنة السوء فيك ، واترك ما يَشينك من اللباس ، لكن لا يعني هذا أن يلبس الإنسان الثياب المُخَرَّقة ، أو يلبس الثياب المتسخة ، أو يلبس ما لا يعتاده الناس من اللباس ، و إنما يلبس ما يكون معتادًا عند أهل الخير والصلاح من اللباس ، ويَتَزيَّى بزيِّهم ، ولذلك لم يخالف النبي صلى الله عليه وسلم في لباسه طريقة أهله وقبيلته ، لبس مثل لباسهم لكن على صفة محمودة ، ولذلك حتى فيما يتعلق في طريقة لبسه تدل على العقل والرزانة.
اللباس إذا لم يكن على الصفة المعهودة جعل للناس فيك مقالا ، ومنها إذا جاء طالب علم لبس في كوفيته من أنواع الزري ، وجعل في ثوبه أنواع المخططات التي تكون لافتة للنظر ، فحينئذ هذا ليس لائقًا به وليست هذه اللِّبسة من ملابس أهل الفضل والعلم ، وهذه قد تجعل الناس يتكلمون فيه ويلمزونه ومن ثَمَّ لايَقبلون ما لديه من العلم ، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية نوع المَلبس وكيفية اللُّبس – طريقة اللُبس- بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم ، انتفع الناس بك وأخذوا منك العلم ، وإذا أحسنت النية في لباسك وفي اختيار نوعه ، كان ذلك سببًا للحصول على الأجر من جهة ، وسببًا لقبول الناس منك وأخذهم الحق عنك.
قال عمر "أَحَبُّ إليَ أن أنظرَ القارئَ أبيض الثياب" ، ولهذا جاء في الحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر باختيار الثياب البيضاء وقال "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبِيضَ وَكَفِّنُوا فِيه مَوْتَاكُم"، وهذا لأنَّ الثوب الأبيض يجر النفوس إليه ، وترتاح العين برؤيته ، ويسكن القلب بالاطلاع على صاحبه ، قال "والناس كما قال شيخ الإسلام كأسراب القطا" ،- القطا نوع من أنوا ع الطيور- "مجبولون على تشبه بعضهم ببعض" ، فطائر القطا إذا فعل واحد منهم شيئًا فعل البقية مثل فعله ، تجدونهم في أول النهار إذا صوَّت واحدٌ منهم لجَّت أصواتهم في وقت واحد ، ثم قال "فإياك" - يعني احذر- "من لباس التصابي" ، لِبس مثل لبس الصبيان بحيث يظن الناس أنك صغير السن ، ثم ذكر المؤلف اختيار الألبسة التي تكون من بلدان أخرى فهذا ليس من شأن طالب العلم ، وإن كان إذا ذهب إليهم قد يلبَس مثل لباسهم ، مثال هذا : لباس أهل الخليج يخالفوننا في بعض الصفات ، فحينئذ لا ينبغي لطالب العلم أن يلبس مثل لباسِهم عند أصحابه وجماعته وأهل بلده لماذا؟ ، لأنَّ الناس يلتفتون إلى هذا ويكون مثارًا لكلامهم وحديثهم فينصرفون عن علمك وعن حديثك إلى الاطِّلاع على لباسك ، وهكذا مثلا لباس أهل باكستان لا يلبسه طالب العلم ، لماذا؟ لأنه ليس من الألبسة المعتادة ، وهكذا أيضا اللباس الذي يكون للكفار فإنَّ المؤمن حريص على الابتعاد عن التشبه بغير المسلمين ، وقد ورد في أحاديث كثيرة أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى عن التشبه باليهود ، وعن التشبه بالنصارى ، وعن التشبه بالأعاجم ، وعن التشبه بالمجوس ، و "ليس معنى هذا أن يأتي الإنسان بلباس مشوَّه" إما وسخ وإما مُقطع فإنَّ هذا من لباس الشهرة ، ومن هنا فإنه يُنهى عنه ، وقد ورد في الحديث النهي عن لباس الشهرة ، و"لكنه الاقتصاد في اللباس" أيضا يجتنب الإنسان ذلك اللباس الذي له أثمان كثيرة فإنَّ هذا إسراف؛ والإسراف منهي عنه في الشريعة ، وبالتالي إذا التزم الإنسان بهذه الآداب كان متصفا بالسمت الصالح والهدي الظاهر الحسن ، وأهل العلم قد كتبوا لذلك أمثلة في كتب الرقائق وكتب السنة ، وقد أَلَّف عدد من الأئمة كتبًا في هذا ، وألَّفوا في الزهد كتبًا عديدة ، ومثَّل المؤلف لذلك بكتاب الجامع لآداب الراوي والسامع للخطيب البغدادي - رحمه الله تعالى - ، لا يقولنَّ قائل : ما مدخل هذا في آداب طالب العلم ؟ ، فنقول :
أولا : النصوص الشرعية قد وردت بهذه الآداب.
وثانيا : الناس عند التزام هذه الآداب يُقبلون على علم ذلك المُتعلم .
وثالثا : الناس ينفرون ممن لم يتصف بهذه الآداب ولا يَقبلون منه علما .
ورابعا: أنَّ لبس ما يُخالف ما تقدم يُعدُّ من أنواع الشهرة التي تورث في النفس ترفعًا وتكبرا ، و طالب العلم ينبغي به أن يعالج نفسه.
هذا شيءٌ مما يتعلق بهذه الصفة من صفات طالب العلم ، و أسأل الله - جل وعلا- أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح .....، وأسأله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن اتصف بصفات طلاب العلم ، ولعلنا إن شاء الله نأخذ شيئا من الأسئلة لا تزيد عن سؤالين.

الأسئلة:
السائل : أحسن الله إليكم هذا سائل يقول :"فضيلة الشيخ هل تذكر لنا بعض الحرف المهينة ......؟
الشيخ : الحرف المهينة التي يترفع عنها طالب العلم تختلف ما بين زمان وزمان ومكان ومكان ؛ عندنا سابقًا من كان يشتغل في الصناعة أو لديه عمال يعملون في صناعة شيء عدَّوا هذا حرفة مهينة ، والآن وجدنا تجارًا وأناسًا لهم مكانة عندهم مصانع مختلفة ، ولذلك مثلا عندنا مهنة الحلاق ، هل يليق بطالب العلم في مجتمعنا أن يكون حلاقًا؟ ، أو يكون حجَّامًا؟ هذا ليس مما يليق بطالب العلم في مواطننا وفي أزمنتنا ، لكن في بلدان أخرى قد يكون هذا أمرا غير مخالف لصفات المروءة.
السائل : أحسن الله إليكم هذا سائل يقول : ما حكم جلوس المرأة مع أهل بيتها وهي بكامل زينتها لابسة البرقع وبحضور زوجها علما بأنَّ زوجها ... قد يكون من أطراف الحديث؟
الشيخ: الأصل أنَّ المرأة المسلمة حريصة على صيانة نفسها لا تقوم بالاتِّصاف بما يُظهر شيئا من زينتها ، لا يجوز لها أن تتعطر عند غير محارمها ؛ أخ الزوج وابن أخ الزوج وعم الزوج أجانب عنها ، ومن هنا تعاملهم بمعاملة الأجانب ؛ لا تتعطر لديهم ولا تتبذل في الحديث والضحك معهم ولا تقوم بإظهار شيء من زينتها سواءً الذهب ، أو ما يتعلق بالثياب الحسنة الملفتة للذهن ، كذلك تجتنب المرأة عند هؤلاء المحارم إظهار شيء من بدنها ، والنصوص في هذا كثيرة ، نسأل الله -جل وعلا- أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى ، وأن يجعل أعمالنا وأعمالكم خالصةً لوجهه ، اللهم ارزقنا علمًا نافعا وعملا صالحا ، هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هنا
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد
السؤال:
تمعددوا؟
سمعت أنها مأخوذة من معد بن يكرب
إن كان ذلك صحيحا .. فما كان فعله ؟
الجواب :

"وتمعددوا واخشوشنوا"قالها عمر بن الخطاب في وصيته للمقاتلين بأذربيجان ، وقد رواهالنسائي من حديث أبي عثمان النهدي عن عمر ورواه أبو عوانة والطبراني مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حدرد الأسلمي .
قال ابن الجزري في النهاية في غريب الحديث: يقال : تَمَعْدَدَ الغلامُ إذا شَبَّ وغَلُظَ .
وقيل : أراد تَشَبَّهوا بعَيْشِ مَعَدِّ بنِ عدنان . وكانوا أهلَ غِلَظٍ وَقَشف : أي كونوا مثْلَهم ودَعُوا التَّنَعُّم وزِيَّ العَجَم
- ومنه حديثه الآخر" عليكم باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة " أي خُشُونة اللِباس.
وقال حسان بن ثابت:


فحاضرنا يكفوننا ساكن القرىوأعرابنا يكفوننا من تمعـددا

هنا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-12-2018, 09:35 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

11-الإعراضُ عن مَجَالِسِ اللَّغْوِ
لا تَطَأْ بِساطَ مَن يَغْشُونَ في نادِيهم الْمُنْكَرَ ، ويَهْتِكُون أستارَ الأَدَبِ مُتَغَابِيًا عن ذلك ، فإنْ فعَلْتَ ذلك فإنَّ جِنايَتَكَ على العِلْمِ وأَهْلِه عظيمةٌ .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الحادي عشر: الإعراضُ عن مَجَالِسِ اللَّغْوِ :
لا تَطَأْ بِساطَ مَن يَغْشُونَ في نادِيهم الْمُنْكَرَ ، ويَهْتِكُون أستارَ الأَدَبِ مُتَغَابِيًا عن ذلك ، فإنْ فعَلْتَ ذلك فإنَّ جِنايَتَكَ على العِلْمِ وأَهْلِه عظيمةٌ .
الشيخ:
أما قوله"الإعراض عن مجالس اللغو" فاللغو نوعان: لغو ليس فيه فائدة ولا مضرة، ولغو فيه مضرة أما الأول فلا ينبغي للعاقل أن يُذهب وقته فيه لأنه خسارة وأما الثاني فإنه يحرم عليه أن يمضي وقته فيه لأنه منكر محرم والمؤلف كأنه حمل الترجمة على المعنى الثاني الذي هو اللغو المحرم ولا شك أن المجالس التي تشتمل على المحرم لا يجوز للإنسان أن يجلس فيها لأن الله تعالى يقول"
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا "النساء :140" فمن جلس مجلسًا منكرًا وجب عليه أن ينهى عن هذا المنكر فإن استقامت الحال فهذا المطلوب وإن لم تستقم وأصروا على منكرهم فالواجب أن ينصرف خلافا لما يتوهمه بعض العامة يقول: إن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال"فإن لم يستطع فبقلبه " وأنا كاره لهذا المنكر في قلبي وهو جالس مع أهله فيقال له: لو كنت كارهًا له حقًا ما جلست معهم لأن الإنسان لا يمكن أن يجلس على مكروه إلا إذا كان مكرها، أما شيء تكرهه وتجلس باختيارك فإن دعواك كراهته ليست بصحيحة، وقوله"فإن فعلت ذلك فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة"أما كونه جنايته على نفسه فالأمر ظاهر، يعني لو رأينا طالب علم يجلس مجالس اللهو واللغو والمنكر فجنايته على نفسه واضحة وعظيمة، لكن كيف تكون جناية على العلم وأهله ؟ لأن الناس يقولون: هؤلاء طلبة العلم، هؤلاء العلماء، هذا نتيجة العلم، وما أشبه ذلك فيكون قد جنى على نفسه وعلى غيره.

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين أما بعد :
فلا زلنا في سياق الكلام عن آداب طلب العلم حيث بحثنا عشرة آداب في كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، ولعلنا إن شاء الله جل وعلا نواصل الحديث في ذلك ، نعم
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :......
الإعراض عن مجالس اللغو:
لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر ، ويهتكون أستار الأدب ، متغابياً عن ذلك ، فإن فعلت ذلك ، فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة.
الشيخ :
إذن هذا هو الأدب الحادي عشر الإعراض عن مجالس اللغو ، والمراد باللغو ما يشين الإنسان من أنواع الكلام ، قال تعالى "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ "1" الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ "2" وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ" ، و بعض أهل العلم يقول : إنّ المراد باللغو مالا فائدة له من الكلام ، وكلاهما قد يكون مرادا هنا فطالب العلم يحفظ وقته؛ ومن حفظه لوقته أن يعرض عن مجالس اللغو ليستعمل وقته في طاعة الله جل وعلا .
قال المؤلف "لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر" المراد بالمنكر المعصية فإنه لا يجوز للإنسان أن يجلس في مجلس يعصى الله فيه وهو قادر على ترك ذلك المجلس ، قال تعالى "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" ، وقال جل وعلا "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" ، وجاء في سنن أبي داود "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس المؤمن على مائدة يدار فيها الخمر" وهكذا بقية أنواع المعاصي ، قال المؤلف "متغابيًا عن ذلك" يعني : لا تجلس في ذلك المجلس الذي فيه معصية وفيه هتك لستر الأدب "متغافلا عنه" غير ملتفت إليه ، فإن فعلت ذلك فجلست في هذه المجالس فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة ، لأنّ الناس يزدرون يهتكون أستار الأدب مع أهل العلم ولا يقيمون لهم وزنا ، ويكون ذلك سببا من أسباب انتشار المعاصي والمنكرات لأنهم إذا رَأَوْا طلبة العلم يجلسون في مجالس المعصية ولا ينكرونها فعل أهل المعاصي تلك المعاصي في الظاهر ولم يختفوا بها ، و من قواعد الشريعة الترغيب في عدم إظهار المنكرات وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".
أخرجه البخاري عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رقم 6069.
هنا
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد
السؤال الأول : في الاعراض عن مجالس اللغو هناك من يحتج بحديث بانت سعاد وان القصيده بها من الغزل ما لم ينكره صلى الله علية وسلم، فما توجيهكم؟
الجواب : مطلع البردة ليس بغزل وإنما هو أسى على فراق زوجته بسبب محنته ، وقد أدخل بعض الرواة أبياتاً فيها ليست منها ، وما استفاضت روايته من أبياتها فليس فيه تشبب منكر، ولا تزيين للفاحشة ولا دعوة للباطل.
وإنما هو يعرض شكايته ومحنته على النبي صلى الله عليه وسلم.
هنا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-13-2018, 12:57 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

12-الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ
التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ .
ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " .
" إنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا - القاموسُ – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - .
فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ - القاموسَ - وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ" أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الثاني عشر الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ :
التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ .
الشيخ:
الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في الحديث التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول: هناك فرق بين الاختبار والممارسة يعني لو ذكر لك أن في السوق الفلاني كذا وكذا فهنا لا حرج عليك أن تذهب وتختبر بنفسك لكن لو كان جلوسك في هذا السوق مستمرا تمارسه كل عصر تروح تجلس في هذا السوق لكان هذا خطأ بالنسبة لك لأنه إهانة لك ولطلب العلم ولطلبة العلم عموما وللعلم الشرعي أيضا .
القارئ:
ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " .
" أنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا "القاموسُ " – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - .
فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ " القاموسَ " وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ " أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا .
الشيخ:
هؤلاء قبائل جرى بينهم فتنة فقتل من إحدى القبيلتين أربعة رجال فحضروا إلى القاضي فقال الشيخ واسمه باب بن أحمد: مثل هذا لا قصاص فيه قال القاضي الحاكم: إن هذا لا يوجد في كتاب، يعني أين الدليل على أنه لا قصاص فيه؟ لا يوجد، في أي كتاب أنه لا قصاص في ذلك، فقال الشيخ باب بن أحمد: بل لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، يعنى أنه يدخل في عموم كتاب وهو قول باب بن أحمد: لم يخل منه كتاب كلمة -م يخل منه كتاب- كلمة كتاب عامة تشمل كل الكتب، كتب الفقه والعقيدة والنحو والأدب وكل شيء؛ لأن كتاب نكرة في سياق النفي فتكون للعموم وهو يقول لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، القاضي الآن يعني عنده ثقة بنفسه أنه لن يوجد في القاموس حكم هذه المسألة؛ لأن القاموس كتاب لغة وليس كتاب فقه، قال القاضي هذا القاموس وأنت تقول: لا يخلو منه كتاب، هذا القاموس أعطني إياها، يقول فتناول صاحب الترجمة القاموس وأول ما موقع نظره عليه والهيشة فتنة وأم حبين وليس في الهيشات قود، فأخذ من كتاب القاموس أن حكم القاضي بأنه يقتل من القبيلة الأخرى أربعة خطأ .
هذا معنى هذه القصة. أي: في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج انتهى ملخصًا .
الهشية الفتنة وأم حبين من يعرف أم حبين ؟ هي دويبة لكنها تشبه الخنفساء، دوبية يعني ليست من الدواب القوية لكنها على كل حال هي دويبة من الحشرات .

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
الإعراض عن الهيشات : التصون من اللغط والهيشات ، فإنّ الغلط تحت اللغط ، وهذا ينافي أدب الطلب.ومن لطيف ما يستحضر هنا ما ذكره صاحب "الوسيط في أدباء شنقيط" وعنه في "معجم المعاجم":"أنه وقع نزاع بين قبيلتين ، فسعت بينهما قبيلة أخرى في الصلح ، فتراضوا بحكم الشرع ، وحكموا عالماً ، فاستظهر قتل أربعة من قبيلة بأربعة قتلوا من القبيلة الأخرى ، فقال الشيخ باب بن أحمد : مثل هذا لا قصاص فيه. فقال القاضي : إنّ هذا لا يوجد في كتاب. فقال : بل لم يخل منه كتاب. فقال القاضي : هذا "القاموس" يعنى أنه يدخل في عموم كتاب - فتناول صاحب الترجمة "القاموس" وأول ما وقع نظره عليه : "والهيشة : الفتنة ، وأم حبين ، وليس في الهيشات قود" ، أي : في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله ، فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج"اهـ ملخصاً.

الشيخ :
إذن هذا أدب من آداب طالب العلم أنه يتصون عن اللغط والهيشات ،والمراد بالهيشات : ما يحصل من الخصومات والتجمعات التي يكون فيها كلام بعض الناس على بعض وما لا يمكن ضبطه و لا تعرف عاقبته ، فإنّ دخول طلبة العلم في الهيشات ينتج عنه أنّ الناس قد يعتدون عليهم ، وقد يتكلمون فيهم ، وقد يكون ذلك سببا من أسباب احتقارهم وعدم معرفة ما لديهم من علم يستوجب رفع مكانتهم و الأخذ منهم ، وذكر المؤلف هنا ما يتعلق بهذا النداء الذي وقع بين هاتين القبيلتين ، نعم.

هنا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-13-2018, 01:14 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/
الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول : الإعراض عن الهيشات ، ما المراد بها ؟
الجواب : الهيشة والهوشة بالياء والواو هي المنازعة التي تفضي إلى تسابّ أوتضارب أوتقاتل ،فتختلف درجتها باختلاف ما تؤدي إليه وكلها يشملها اسم الهوشة والهيشات وجمعها: هيشات وهوشات.

السؤال الثاني :
لم أفهم هذا الكلام :
اقتباس:
الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم
وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول:
هناك فرق بين الاختبار والممارسة

الجواب : يقصد بالممارسة أن يكون من عادة طالب العلم أن يكثر الجلوس في الأسواق من غير حاجة لشراء أو بيع ، وإنما رغبة في تزجية الوقت وملاحظة الناس ؛ فهذا مذموم ، وليس من أدب طالب العلم أن يكون بهذه الحالة، وهذا فيه امتهان لقدره.
وأما الاختبار فقصد به لو أن أحدًا أخبره عن حدث حصل في السوق فذهب ليختبر صدق الخبر ويتحقق منه فهذا يختلف عن الأول ، وقد يكون مطلوبًا إذا كان يترتب على ذلك إنكار منكر أو نصرة مظلوم أو إعانة محتاج، وإذا كان لغرض الفرجة فقط لم يكن فيه فضيلة ، بل هو إلى المنع أقرب لئلا يطلع من الناس على ما يكرهون فيعاقب بذلك في بعض شأنه.
هنا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-13-2018, 01:23 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

13- التحَلِّي بالرِّفْقِ
الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ .
وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ .هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الثالث عشر التحَلِّي بالرِّفْقِ :
الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ .
وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ .
الشيخ:
هذا من أهم الأخلاق لطالب العلم سواء أكان طالبا أم مطلوبا أي: معلما فالرفق كما قال النبي عليه الصلاة والسلام"إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء وإلا شانه"لكن لا بد أن يكون الإنسان رفيقًا من غير ضعف أما أن يكون رفيقًا يُمتهن ولا يؤخذ بقوله ولا يهتم به فهذا خلاف الحزم لكن يكون رفيقًا في مواضع الرفق وعنيفًا في مواضع العنف ولا أحد أرحم من الخلق من الله عز وجل ومع ذلك يقول"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" فلكل مقام مقال لو أن الإنسان عامل ابنه بالرفق في كل شيء حتى فيما ينبغي فيه الحزم ما استطاع أن يربيه، لو كان ابنه مثلا كسر الزجاج وفتح الأبواب وشق الثياب ثم جاء الأب ووجده على هذه الحال قال : يا ولدي ما يصلح هذا لو شققته يتلف ولو كسرته تكون خسارة علينا وقمت تكلمه هكذا والولد عفريت من العفاريت، يكفي هذا أم لا يكفي؟ ما يكفي كل مقام له مقال "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " لكن إذا دار الأمر بين الرفق أو العنف فما الأفضل ؟ الرفق، فإن تعين العنف صار هو الحكمة .
يقول: مجتنبًا الكلمة الجافية، هذا صحيح تجنب الكلمة الجافية والفعلة الجافية أيضا، وقوله: الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة، عندنا كلمة يقولها العامة لا أدري هل توافقون عليها أم لا: الكلام اللين يغلب الحق البين، لا بد أن نفهم المراد يغلب الحق البين يعني أن تليين الكلام للخصم ولو كان الحق معه فإنه يتنازل عن حقه، وليس معناه أن الكلام اللين يبطل الحق، يغلب الحق البين يعني فيما جاء به الخصم لأنك إذا ألنت له الكلام لان لك وهذا شيء مشاهد إذا نازعت أحدا فسيشتد عليك ويزيد وإذا ألنت له القول فإنه يقرب منك ولهذا قال الله تعالى لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون"
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)"طه.

هنا
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
التحلي بالرفق : التزم الرفق في القول ، مجتنبًا الكلمة الجافية ، فإنّ الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة . وأدلة الكتاب والسنة في هذا متكاثرة.

الشيخ :
هذا هو الأدب الثالث عشر من أدب طلب العلم التحلي بالرفق ، والمراد بالرفق السهولة واللين ، و لا يعني نفي العقوبة أو نفي ما يكون مؤديا إلى أخذ الإنسان بحقوقه ، جاء في ذلك نصوص عديدة قال تعالى "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" ، وجاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه"، وقد جاء في الحديث "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذهب و معه عائشة رضي الله عنها فقال له نفر من اليهود فقال اليهود : السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليكم ، فقالت عائشة : بل عليكم السام واللعنة والغضب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة ، قالت : ألم تسمع ما قالوا ، لقد قالوا السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألم تسمع ما قلتْ ، قلتُ : وعليكم فيستجاب لنا ولا يستجاب لهم ، ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه" ، وفي الحديث الآخر "الرفق خير كله" ، جاء في عدد من الأحاديث الترغيب في لين القول وعدم إغلاظه ، ليكون ذلك سببا في تأليف القلوب ، قال تعالى "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" ، وقال سبحانه "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا" ، الناس مهما كانت قلوبهم يتمكن طالب العلم من جلبهم بالكلمة الطيبة اللينة السهلة ، ولذلك انظر كم أثرت من كلمة في نفوس كانت بعيدة عن الخير ناشزة عنه بعيدة عن طاعة الله جل وعلا ، وكم من كلمة كانت قاسية كانت سببا من أسباب ابتعاد كثير من الناس عن طاعة الله تعالى ، والعبد يحرص على لين القول تقربا لله ، وليكون ذلك أدعى لقبول قوله لا انتصارا لنفسه ، وإنما رغبة في نشر الخير وأملا في قَبول الناس ما يقوله من دعوة إلى الله جل وعلا فيكون هذا سببًا من أسباب زيادة حسناته وعلو درجته عند الله جل وعلا ، وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم "الكلمة الطيبة صدقة".

هنا
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:54 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر