العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الحديث وعلومه > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-31-2020, 10:31 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Post أهلُ الجنَّةِ ثلاثةٌ

أهلُ الجنَّةِ ثلاثةٌ

عن عيَاض بن حِمَار،أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ ذَاتَ يَومٍ في خُطْبَتِهِ" أَلَا إنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ ما جَهِلْتُمْ، ممَّا عَلَّمَنِي يَومِي هذا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وإنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بي ما لَمْ أُنْزِلْ به سُلْطَانًا، وإنَّ اللَّهَ نَظَرَ إلى أَهْلِ الأرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إلَّا بَقَايَا مِن أَهْلِ الكِتَابِ، وَقالَ: إنَّما بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ المَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ، وإنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلتُ: رَبِّ إذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً، قالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كما اسْتَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وَقَاتِلْ بمَن أَطَاعَكَ مَن عَصَاكَ، قالَ: وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ، قالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الذي لا زَبْرَ له، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا، وَالْخَائِنُ الذي لا يَخْفَى له طَمَعٌ، وإنْ دَقَّ إلَّا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إلَّا وَهو يُخَادِعُكَ عن أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ البُخْلَ أَوِ الكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الفَحَّاشُ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو غَسَّانَ في حَديثِهِ: وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ. وفي رواية : بهذا الإسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ في حَديثِهِ: كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا، حَلَالٌ. وفي رواية : أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَطَبَ ذَاتَ يَومٍ، وَسَاقَ الحَدِيثَ. وَقالَ في آخِرِهِ: قالَ يَحْيَى: قالَ شُعْبَةُ: عن قَتَادَةَ، قالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا في هذا الحَديثِ. وفي رواية : قَامَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ خَطِيبًا، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي وَسَاقَ الحَدِيثَ بمِثْلِ حَديثِ هِشَامٍ، عن قَتَادَةَ. وَزَادَ فيه وإنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ علَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ علَى أَحَدٍ وَقالَ في حَديثِهِ وَهُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا. فَقُلتُ: فَيَكونُ ذلكَ؟ يا أَبَا عبدِ اللهِ قالَ: نَعَمْ، وَاللَّهِ لقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى علَى الحَيِّ، ما به إلَّا وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا."الراوي : عياض بن حمار - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2865 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.




الشرح: يَحكي عِيَاضُ بنُ حِمارٍ رضِي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال ذاتَ يومٍ في خُطبتِه: ألَا إنَّ ربِّي أمَرني أنْ أُعلِّمَكم ما جَهلْتُم مِمَّا علَّمَني يَومِي هذا، كلُّ مالٍ نحلْتُه عبدًا حلالٌ، أي: كلُّ مالٍ أعطيْتُه عبدًا مِن عبادي فهو له حلالٌ، وإنِّي خَلقْتُ عِبادي "حُنفاءَ كلَّهم" جمْعُ حَنيفٍ، وهو المائلُ عَنِ الباطلِ الْمُنقطِعُ لِلحقِّ، وإنَّهم أَتتْهمُ الشياطينُ "فَاجتالَتْهم عَن دينهم"، أي: صرَفَتْهم وذَهبَتْ بهم عَن دِينِهم إلى الأباطيلِ، وحرَّمَتْ عليهم ما أحللْتُ لهم، وأمرَتْهم أنْ يُشركوا بي ما لم أُنزلْ به سلطانًا، وإنَّ اللهَ نظرَ إلى أهلِ الأرضِ "فَمقَتَهم"، أي: أَبغضَهم أشدَّ البغضِ، عرَبَهم وعجَمَهم، إلَّا بَقايا مِن أهلِ الكتابِ: وهمُ الَّذينَ لم يَزالوا مُتمسِّكِينَ بِالحقِّ ولم يُبدِّلوا دِينَهم، وقال: إنَّما بَعثْتُك، أي: يا محمَّدُ لِأبتَلِيَكَ، أي: لِأمتحِنَك وأَختبرَك وأَبتلِيَ بكَ مَنْ أرسلتُك َإليهم، وأنزلتُ عليكَ كِتابًا لا يَغسلُه الماءُ، أي: لا يَمحوُه ولا يذهبُ به بل يبقى على مرِّ العصورِ؛ لكونِه محفوظًا في الصُّدورِ تقرؤُه نائمًا ويَقظانَ، وإنَّ اللهَ أَمرنِي أنْ أَحرِقَ قريشًا، أي: أُهلِكَهم، فقلتُ: ربِّ إذًا "يَثْلغُوا رأسِي"، أي: يَشْدَخُوه ويَشجُّوه، فَيَدَعوُه خُبْزةً، أي: فَيتركُوه مِثلَ الخبزةِ الَّتي تُشْدَخُ وتُكْسَرُ، قال: استخْرِجْهم كما اسْتخرَجُوك، أي: أَخرِجْهم مِن ديارِهم كما أَخرَجُوك، واغْزُهم نُغزِكَ، أي: نُعينكَ على غزْوِهم، وأَنفِقْ فَسنُنفِقْ عليكَ، وابعثْ جَيشًا نَبعثْ خَمْسةً مِثلَه مِن جُيوشِ الملائكةِ، وقَاتِلْ بِمَن أطاعَك مَن عَصاكَ، ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وأهلُ الجنَّةِ ثلاثةٌ، أي: ثلاثةُ أجناسٍ مِنَ الأشخاصِ، الأوَّلُ: ذو سلطانٍ، أي: حَكَمٌ مُقسِطٌ، أي: عادلٌ، مُتصدِّقٌ، أي: مُحسِنٌ إلى النَّاسِ، مُوفَّقٌ، أي: الَّذي هُيِّئَ له أسبابُ الخيرِ، وفُتحَ له أبوابُ البِرِّ.
والثَّاني: رجلٌ رَحيمٌ، أي: على الصَّغيرِ والكبيرِ رقيقُ القلبِ لكلِّ ذي قُربى خُصوصًا. ومُسلمٍ، أي: لكلِّ مُسلِمٍ عمومًا.
والثَّالثُ: عَفيفٌ، أي: مُجتَنِبٌ عمَّا لا يَحلُّ، مُتعفِّفٌ، أي: عَنِ السُّؤالِ، مُتوكِّلٌ على الملِكِ المتعالِ في أمْرِه، ذُو عِيالٍ، أي: لا يحمِلُه حُبُّ العيالِ ولا خوفُ رزقِهم على ترْكِ التَّوكُّلِ بِارتكابِ سُؤالِ الخلْقِ، وتحصيلِ المالِ الحرامِ والاشتغالِ بهم عَنِ العلمِ والعملِ مِمَّا يجبُ عليه، ويُحتملُ أنَّه أشارَ بِالعَفيفِ إلى ما في نَفْسِه مِنَ القوَّةِ المانعةِ عَنِ الفواحشِ، وبِالمتعفِّفِ إلى إبرازِ ذلك بِالفعلِ واستعمالِ تلكَ القوَّةِ؛ لإظهارِ العفَّةِ عَن نفسِه، ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وأهلُ النَّارِ خمسةٌ، الأوَّلُ: الضَّعيفُ الَّذي "لا زَبْرَ له"، أي: لا رَأْيَ ولا عقْلَ كاملًا يَعقلُه ويمنعُه عَنِ ارتكابِ ما لا ينبغي، الَّذينَ هم فيكم تَبعٌ يعني به الخدَّامَ الَّذينَ يَكتفونَ بِالشُّبهاتِ، لا يَبغونَ أهلًا، أي: لا يَطلبونَ زوَجةً ولا سُرِّيَّةً، فَأعرَضُوا عَنِ الحلالِ وارتكبوا الحرامَ، ولا مالًا، أي: ولا يَطلبونَ مالًا حلالًا مِن طريقِ الكدِّ والكسْبِ الطَّيِّبِ، وفي روايةٍ: فَيكونُ ذلك يا أبا عبدِ اللهِ وهو مُطرِّفُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ راوي الحديثِ عَن عياضٍ؟ قال: نَعمْ، واللهِ لقد أدركْتُهم في الجاهليَّةِ، وإنَّ الرَّجلَ لَيرعى على الحيِّ، ما به إلَّا وَليدتُهم، أي: أَمَتَهم يَطؤُها، والمقصودُ أنَّه أَدركَ في الجاهليَّةِ قبْلَ الإسلامِ أنَّه كان الرَّجلُ في الجاهليَّةِ يَرعى على القومِ الغنَمَ ما به إلَّا وليدَتُهم، أي: أَمَتُهم، يُزانِيها، يَطؤُها، أي: بِالزِّنَا، فَبِذلكَ يَرضَى مِن نَفسِه أنْ يكونَ ذليلًا راعيًا للغنمِ مِن أجل هذه الفاحشةِ نسألُ اللهَ السَّلامةَ والعافيةَ.
والثَّاني: الخائنُ الَّذي لا يَخفَى له طمعٌ، أي: لا يَخفى عليه شيءٌ مِمَّا يمكنُ أنْ يطمعَ فيه، وإنْ دَقَّ بِحيثُ لا يكادُ أنْ يُدْركَ إلَّا خانَه، أي: إلَّا وهو يَسعى في التَّفحُّصِ عنه، والتَّطلُعِ عليه حتَّى يجدَه فَيخونَه، وهذا هو الإغراقُ في الوصفِ بِالخيانَةِ.
والثَّالثُ: رجلٌ لا يُصبحُ ولا يُمسي إلَّا وهو يُخادعُكَ عَن أهلِكَ ومالِك، أي: بِسبَبِهما.
الرَّابعُ: البُخلُ أوِ الكذبُ، أي: البخيلُ والكذَّابُ.
والخامسُ: "والشِّنْظيرُ": السَّيِّءُ الخُلُقِ، الفاحشُ، أي: المكثِرُ لِلفُحشِ، والمعنى: أنَّه معَ سُوءِ خُلقِه فحَّاشٌ في كلامِه لِمَا بَينَهما مِنَ التَّلازُمِ الغَالِبِيِّ، وفي روايةٍ: وإنَّ اللهَ أَوحى إليَّ أنْ تَواضَعوا حتَّى لا يَفخرَ أحدٌ على أحدٍ، ولا يبغِيَ أحدٌ على أحدٍ، أي: لا يِظلِمَه.
في الحديثِ: بيانُ صفةِ أهلِ الجنَّةِ وأهلِ النَّارِ.
وفيه: أنَّ الجنَّةَ والنَّارَ مَخلوقتانِ.
وفيه: فضْلُ الوالي العادلِ القائمِ بِطاعةِ اللهِ سبحانه وتعالى.
وفيه: ثوابُ الواصِلِ والرَّحيمِ بِالمسلمِينَ.
وفيه: فضْلُ المحتاجِ المتعفِّفِ.
وفيه: النَّهيُ عَنِ الخيانةِ والبُخلِ وفُحشِ القولِ. الدرر السنية.


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 11:50 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر