العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى القرآن والتفسير > ملتقى القرآن والتفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-27-2018, 04:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,241
افتراضي


"قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ"الملك:23.
هَذَا انْتِقَالٌ مِنْ تَوْجِيهِ اللَّهِ تَعَالَى الْخِطَابَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِلتَّبْصِيرِ بِالْحُجَجِ وَالدَّلَائِلِ وَمَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنَ الْوَعِيدِ أَوِ التَّهْدِيدِ إِلَى خِطَابِهِمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ مَا سَيُذْكَرُ ؛ تَفَنُّنًا فِي الْبَيَانِ وَتَنْشِيطًا لِلْأَذْهَانِ حَتَّى كَأَنَّ الْكَلَامَ صَدَرَ مِنْ قَائِلَيْنِ وَتَرْفِيعًا لِقَدْرِ نَبِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِعْطَائِهِ حَظًّا مِنَ التَّذْكِيرِ مَعَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ .
وَالْانْتِقَالُ هُنَا إِلَى الْاسْتِدْلَالِ بِفُرُوعِ الْمَخْلُوقَاتِ بَعْدَ الْاسْتِدْلَالِ بِأُصُولِهَا-
أَنشَأَكُمْ - ، وَمِنَ الْاسْتِدْلَالِ بِفُرُوعِ أَعْرَاضِ الْإِنْسَانِ بَعْدَ أَصْلِهَا ، فَمِنَ الْاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ ، إِلَى الْاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ وَمَدَارِكِهِ ، ....." هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ " .
وَالضَّمِيرُ هُوَ - يعود - إِلَى الرَّحْمَنِ مِنْ قَوْلِهِ "مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ" .
وَالْإِنْشَاءُ : الْإِيجَادُ .
وَإِفْرَادُ السَّمْعِ ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ مصْدَرٌ ، أَيْ جَعَلَ لَكُمْ حَالَةَ السَّمْعِ ، وَأَمَّا الْأَبْصَارُ فَهُوَ جَمْعُ الْبَصَرِ بِمَعْنَى الْعَيْنِ ،....
وَ الْأَفْئِدَةُ: الْقُلُوبُ ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْعُقُولُ ، وَهُوَ إِطْلَاقٌ شَائِعٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ .
وَ "قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ" حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ ، أَيْ أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ النِّعَمِ فِي حَالِ إِهْمَالِكُمْ شُكْرَهَا .
وَقَدِ اسْتُعْمِلَ قَلِيلًا فِي مَعْنَى النَّفْيِ وَالْعَدَمِ .
مقتفاط من كتاب :التحرير والتنوير- سورة الملك = هنا=

وبصيغة أخرى: قل لهم -أيها الرسول-: الله هو الذي أوجدكم من العدم، وجعل لكم السمع لتسمعوا به، والأبصار لتبصروا بها، والقلوب لتعقلوا بها - فأعطاكم وسائل الإدراك هذه التي تمكنكم ،إن أنتم استعملتموها بحقها، من الوصول إلى خالقكم الحق، وذلك بتدبر آيات الله في الكون- التي ذُكِرَت في أولِ السورةِ -و التدبر في أسمائه وصفاته وقدرته وآياته.ولكن:
" قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ " أي: قلما ما تؤدون شكر هذه النعم لربكم الذي أنعم بها عليكم باستعمال هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم فيما خُلِقَت له بطاعته، وامتثال أوامره، وترك زواجره.

وكذلك شكر الشاكر قليل فقوله تعالى " قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ " هذا باعتبار شكر الشاكر ، وقوله "وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ" هذا باعتبار الأفراد الشاكرين
*قال أبو السعود " وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ " لتسمعُوا آياتِ الله وتمتثلُوا بما فيهَا من الأوامرِ والنواهِي وتتعظُوا بمواعظِهَا " وَالأَبْصَارَ " لتنظرُوا بها إلى الآياتِ التكوينيةِ الشاهدةِ بشؤون الله عزَّ وجلَ "وَالأَفْئِدَةَ " وهي القلوب ، لتتفكرُوا بهَا فيمَا تسمعونَهُ وتشاهدونَهُ من الآياتِ التنزيليةِ والتكوينيةِ وترتقُوا في معارجِ الإيمانِ والطاعةِ .
فذكر الله سبحانه وتعالى طريق الفهم ومكان الفهم ، فطريق الفهم هو : السمع والبصر ، ومحل الفهم والوعي : هو القلب ..
سليمان بن محمد اللهيميد، ومصادر أخرى .
=شُكر النِّعَم :

الشكر مبني على خمس قواعد: خضوع الشاكر للمشكور، وحبه له، واعترافه بنعمته، وثناؤه عليه بها، وأن لا يستعملها فيما يكره؛ فهذه القواعد هي أساس الشكر ومنزلة الشكر…
" قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ "

"وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ "13: سبأ.
فأكثرهم, لم يشكروا اللّه تعالى على ما أولاهم من نعمه, ودفع عنهم من النقم.
والشكر: اعتراف القلب بمنة اللّه تعالى, وتلقيها افتقارًا إليها, وصرفها في طاعة اللّه تعالى, وصونها عن صرفها في المعصية.تفسير السعدي = هنا =

شكر النعم يزيدها:
"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ "7 : إبراهيم.

«إنَّكَ لن تدَعَ شيئًا اتِّقاءَ اللَّهِ، جَلَّ وعَزَّ، إلَّا أعطاكَ اللَّهُ خيرًا منهُ »
الراوي: رجل من أهل البادية-المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1523-خلاصة حكم المحدث: صحيح.
ومن تطبيق ذلك : لما عقر سليمان الخيل غضبًا له إذ شغلته عن ذكره ، فأراد ألا تشغله مرة أخرى ، أعاضه عنها متن الريح .

قال تعالى "وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ *وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ "

"إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ"
أي : إذ عُرض على سليمان في حال مملكته وسلطانه الخيل الصافنات .قال مجاهد : وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة ، والجياد : السراع . وكذا قال غير واحد من السلف .تفسير ابن كثير .

فقال ندمًا على ما مضى منه، وتقربًا إلى اللّه بما ألهاه عن ذكره، وتقديمًا لحب اللّه على حب غيره" إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ " أي: آثرت حب الخير، الذي هو المال عموما، وفي هذا الموضع المراد الخيل " عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ " أي:حتى توارت واختفت عن نظري بسبب حلول الظلام الذي يحجب الرؤية.

فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ: قيل:إنما هو تكريمها، وقيل :وقال السدي : ضرب أعناقها وعراقيبها بالسيوف .

"وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ"

"وَلَقَدْ " اللام للتوكيد، وقد للتوكيد، واللام المؤكدة للقسم.

"وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ "اختبرناه، ولم يبين لنا هنا ما هي هذه الفتنة، فنحن نقف عندما أوقفنا الله عليه، ولو كان فيه مصلحنا لنا لبينه، ولكن هناك إسرائيليات كثيرة جاءت في هذا المقام.الشيخ محمد صالح المنجد =هنا=
"
وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا" هو شق الولد الذي اختبر به سليمان ربنا عز وجل، كما جاء في حديث:
"قال سليمانُ بنُ داودَ : لأطوفَنَّ الليلةَ على سبعينَ امرأةً ، تحملُ كلُّ امرأةٍ فارسًا يُجاهدُ في سبيلِ اللهِ ، فقال لهُ صاحبُهُ : إن شاء اللهُ ، فلم يَقُلْ ، ولم تحملْ شيئًا إلا واحدًا ، ساقطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ . فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "لو قالها لجاهدوا في سبيلِ اللهِ" .الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الدرر=

الشرح:
يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ سليمانَ بنَ داودَ عليهما السَّلامُ قال: لأَطُوفَنَّ اللَّيلةَ على مئةِ امرأةٍ أو تسعٍ وتسعينَ، أي: واللهِ لأُجامِعَنَّ مئةً أو تسعًا وتسعينَ، كلُّهنَّ يأتي بفارسٍ يُجاهِدُ في سبيل الله، فقال له صاحبُه- وهو المَلَك-: قلْ: إنْ شاءَ اللهُ، فلم يقلْ عليه السَّلامُ: إنْ شاءَ اللهُ؛ لنِسيانِه، فلم يَحمِلْ منهنَّ إلَّا امرأةٌ واحدةٌ، جاءتْ بشِقِّ رجُلٍ، أي: بنِصف رجُل، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي نفسُ محمَّدٍ بيده، لو قال: إنْ شاء الله، لَجاهَدوا في سبيل الله عزَّ وجلَّ فُرسانًا أجمعونَ.
في الحديثِ: طلبُ الولد لنيَّةِ الجهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى.
وفيه: أنَّ مَن قال: إنْ شاء الله، وتبرَّأَ من مَشيئتِه، ولم يُعطِ الحظَّ لنفْسه في أعمالِه، فهو حريٌّ أن يَبلُغَ أمَلَه، ويُعطَى أُمنيتَه.الدرر=

"قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ "
واستغفر سليمان، وقال يطلب من ربه أعطني ملكًا لَا يفكر فيه أحد من بعدي، ولا يناله سواي، " إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ "، فاستعمل الاسم المناسب في التوسل إلى الله سبحانه وتعالى وقد أتاه الله ذلك.الشيخ محمد صالح المنجد =هنا=
"فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ "ص: 30:36.


قال الحسن البصري رحمه الله : لما عقر سليمان الخيل غضبًا لله - عز وجل - عوضه الله ما هو خير منها وأسرع الريح التي غدوها شهر ورواحها شهر ."
حَيْثُ أَصَابَ" أي : حيث أراد من البلاد .تفسير ابن كثير= هنا=
ولما ترك الصحابة ديارهم وخرجوا منها في مرضاته ، أعاضهم عنها أن ملّكهم الدنيا وفتحها عليهم .
ولما احتمل يوسف الصديق ضيق السجن شكر له ذلك بأن مكّن له في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء .


"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ " أي: أعلم ووعد، " لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ " من نعمي " وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " ومن ذلك أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم.
والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله والثناء على الله بها وصرفها في مرضاة الله تعالى. وكفر النعمة ضد ذلك.تفسير السعدي = هنا =


إن أكبر نعمة أنعم الله علينا أن هدانا للإيمان والإسلام مخلصين لله تعالى متبعين لرسوله صلى الله عليه وسلم.
إنَّ شُكرَ اللهِ - تعالى -على نِعَمهِ دليلٌ على صدقِ العبوديةِ لهُ - سبحانه -، قال - تعالى "يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقنَاكُم وَاشكُرُوا لِلّهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ"سورة البقرة: 172.
وقال - عز وجل - في سورة النحل"وَاشكُرُوا نِعمَتَ اللّهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ"سورة النحل: 114.
مداد = هنا =

والمسلم دائم الطلب من ربِّه تعالى أن يعينه على شكره تعالى ؛ إذ لولا توفيق الله لعبده ، وإعانته : لما حصل الشكر ، ولذا شرع في السنَّة الصحيحة طلب الإعانة من الله على شكره تعالى .
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ " يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ "
.رواه أبو داود : 1522 - والنسائي : 1303 ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

كيف يكون شكر العبد ربَّه على نعمه الجليلة ؟ يكون الشكر بتحقيق أركانه ، وهي شكر القلب ، وشكر اللسان ، وشكر الجوارح .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
الشكر يكون : بالقلب : خضوعًا واستكانةً ، وباللسان : ثناءً واعترافًا ، وبالجوارح : طاعةً وانقيادًا .
" مدارج السالكين " 2 / 246 .
وتفصيل ذلك :
- أما شكر القلب : فمعناه : أن يستشعر القلب قيمة النعم التي أنعمها الله على عبده ، وأن ينعقد على الاعتراف بأن المنعم بهذه النعَم الجليلة هو الله وحده لا شريك له ، قال تعالى " وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ" النحل/ 53 .
وليس هذا الاعتراف من باب الاستحباب ، بل هو واجب ، ومن نسب هذه النعم لغيره تعالى : كفر .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
الواجب على الخلق إضافة النعم إلى الله قولًا ، واعترافًا ، وبذلك يتم التوحيد ، فمن أنكر نعَم الله بقلبه ، ولسانه : فذلك كافر ، ليس معه من الدين شيء.
ومَن أقر بقلبه أن النعَم كلها من الله وحده ، وهو بلسانه تارة يضيفها إلى الله ، وتارة يضيفها إلى نفسه ، وعمله ، وإلى سعي غيره - كما هو جارٍ على ألسنة كثير من الناس - : فهذا يجب على العبد أن يتوب منه ، وأن لا يضيف النعم إلا إلى موليها ، وأن يجاهد نفسه على ذلك ، ولا يتحقق الإيمان ، والتوحيد إلا بإضافة النعَم إلى الله ، قولًا ، واعترافًا .
فإن الشكر الذي هو رأس الإيمان مبني على ثلاثة أركان : اعتراف القلب بنعَم الله كلها عليه ، وعلى غيره ، والتحدث بها ، والثناء على الله بها ، والاستعانة بها على طاعة المنعم ، وعبادته .
" القول السديد في مقاصد التوحيد " ص 140 .

وأما شكر اللسان : فهو الاعتراف لفظًا – بعد عقد القلب اعتقادًا – بأن المنعم على الحقيقة هو الله تعالى ، واشتغال اللسان بالثناء على الله عز وجل .
قال تعالى في سياق بيان نعمه على عبده محمد صلى الله عليه وسلم "وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى " الضحى/ 8 ، ثم أمره في مقابل ذلك بقوله " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ " الضحى/ 11 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
أي : وكما كنت عائلًا فقيرًا فأغناك الله : فحدِّث بنعمة الله عليك ." تفسير ابن كثير " 8 / 427 .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا " .رواه مسلم 2734.

وأما شكر الجوارح : فهو أن يسخِّر جوارحه في طاعة الله ، ويجنبها ارتكاب ما نهى الله عنه من المعاصي والآثام .
وقد قال الله تعالى " اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا " سبأ/ من الآية 13 .

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَقَالَ "يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا " .
رواه البخاري : 4557 ، ومسلم : 2820 .
الإسلام سؤال وجواب *
فشُكرُ النِّعَم هو باجتماعِ أمورٍ بمحبَّة المُنعِمِ – جل وعلا – على نعمِه، والخُضوعِ لله لما أنعَمَ عليك، مع تيقُّنِ القلبِ أن كل نعمةٍ تفضُّلٌ وإحسانٌ على العبدِ من جميعِ الوجوه، لا يستحِقُّها العبدُ على الله، والثناء على الربِّ باللسان بهذه النِّعَم،والقبولِ لها بتلقِّيها بالفاقَة والفقرِ إلى الله، وتعظيمِ النِّعمة، واستِعمالِ النِّعَم فيما يحبُّ الله – تبارك وتعالى -.
فمن استخدَمَ آلاءَ الله فيما يحبُّ الله ويرضَى، وجعلَها عونًا على إقامةِ الدين في نفسِه، وأدَّى بها الواجِبات المفروضَة عليه فيها بالإحسان إلى الخلقِ منها؛ فقد شكَرَها. ومن استخدَمَ نعمَ الله فيما يُبغِضُ الله، أو منَعَ الحقوقَ الواجِبةَ فيها؛ فقد كفَرَ النِّعمةَ.
وألا تُبطِرَه النِّعَم، ويُداخِلَه الغرور، ويُوسوِسَ له الشيطانُ بأنه أفضلُ من غيرِه بهذه النِّعَم، وأنه ما خُصَّ بها إلا لمزِيَّةٍ على من سِواه، وليعلَم أن الله يبتلِي بالخير والشرِّ؛ ليعلَمَ الشاكرين والصابِرين.
والإيمانُ نِصفُه شُكر، ونِصفُه صبر؛ قال الله تعالى"أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ"لقمان: 31.

واعلَموا أن العبدَ مهما أطاعَ ربَّه، وتقرَّبَ إليه بأنواعِ القُرُبات لن يقوم بشُكرِ ربِّه على الكمالِ والتَّمامِ، ولكن حسبُه أن يقومَ بالفرائِض، وينتهِيَ عن النواهِي، ويعلَم أنه لولا رحمةُ الله لكانَ من الخاسِرين، ويُلازِمَ الاستِغفارَ من التقصير، وأن يُكثِرَ الدعاءَ لربِّه بالمعُونَة والتوفيق، وأن يُكثِرَ من ذِكرِ الله تعالى؛ فالذِّكرُ يسبِقُ به إلى أجلِّ المقامات.
عن ابنِ عباسٍ – رضي الله عنهما -، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم «كانَ يقولُ في دعائِهِ ربِّ أعنِّي ولا تُعِنْ عليَّ، وانصُرني ولا تنصُرْ عليَّ، وامكُر لي ولا تَمكُر عليَّ، واهدِني ويسِّرِ الهدى لي، وانصُرني على من بغَى عليَّ، ربِّ اجعَلني لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مُطيعًا، إليكَ مُخبتًا، إليكَ أوَّاهًا مُنيبًا، ربِّ تقبَّل تَوبَتي، واغسِل حَوبَتي، وأجِب دعوَتي، واهدِ قلبي، وسدِّد لساني، وثبِّت حجَّتي واسلُلْ سَخيمةَ قلبي"الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 3103- خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر =


= هنا =

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-06-2018, 06:16 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,241
root


"قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" الملك : 24.

"قُلْ"إعادة فعل "قُلْ" من قبيل التكرار المُشْعِر بالاهتمام بالغرض المسوقة فيه تلك الأقوال، و فيها تشريف للنبي صلى الله عليه و سلم.
ووجه مناسبة الآية لما قبلها هو ارتباط النعمتين ،
فبعد أن أمر اللهُ
نبيَّهُ في الآية السابقة أن يخبر الناس أن الله تعالى هو الذي أوجدهم من العدم، وخلق لهم السمع والأبصار والأفئدة، ومع ذلك قليل منهم من يشكر الله جل جلاله على نعمه ، وهو بتذكيره لهم بنعمه الجليلة يعرفهم على قبح ما هم فيه من الكفر والإشراك، فلعلهم يرجعوا فيؤمنوا بمن أنعم عليهم بهذه النعم الجليلة،ثم يذكر الله نعمة تكثيرهم في الأرض فيقول
"قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ" أي: خلقكم وبثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها، مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم، وأشكالكم وصوركم.

°و ليس هذا الفعل -ذَرَأَ - مخصوصًا بخلق الأحياء لقوله تعالى "وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ" النحل :13.
°قال الشيخ السعدي في تفسرها :أي: فيما ذَرَأَ- أي خَلَقَ- اللهُ ونشر للعباد من كل ما على وجه الأرض، من حيوان وأشجار ونبات، وغير ذلك، مما تختلف ألوانه، وتختلف منافعه، آية على كمال قدرة الله وعميم إحسانه، وسعة بره، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له " لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ " أي: يستحضرون في ذاكرتهم ما ينفعهم من العلم النافع، ويتأملون ما دعاهم الله إلى التأمل فيه حتى يتذكروا بذلك ما هو دليل عليه.هنا= بزيادة - خَلَقَ-
وقال عز وجل "
جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ" الشورى 11. أي: يبثكم ويكثركم ويكثر مواشيكم، بسبب أن جعل لكم من أنفسكم أزواجًا ، وجعل لكم من الأنعام أزواجًا.
" يَذْرَؤُكُمْ"أي يخلقكم نسلاً بعد نسل وقرنًا بعد قرن، قاله مجاهد والناس، فلفظة ذرأ: تزيد على لفظة: خلق معنى آخر ليس في خلق، وهو توالي الطبقات على مر الزمان.تفسير ابن عطية=هنا=
"وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" أي
بعد تكثيركم و
انتهاء آجالكم في هذه الدنيا تموتون وإلى الله تُحشرون ، وعلى أعمالكم تحاسبون.
فبعد هذا التّفرّق والشّتات، يجمعكم كما فرقكم، ويعيدكم كما بدأكم، وإليه وحده- لا إلى غيره- يكون مرجعكم للحساب والجزاء يوم القيامة.
نعمة تلو نعمة وتحذير تلو تحذير ، اللهم اجعلنا ممن يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنَهُ.
*يوم الحشر

"يُحشرُ الناسُ يومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً غُرلًا . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! النساءُ والرجالُ جميعًا ، يَنظرُ بعضُهُمْ إلى بعضٍ ؟ قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : يا عائشةُ ! الأمرُ أشدُّ مِنْ أنْ ينظرَ بعضُهمْ إلى بعضٍ".
الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم- المصدر : صحيح مسلم-
الصفحة أو الرقم: 2859 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر السنية=
الشرح:
يومُ القيامةِ يومٌ عظيمٌ وشديدٌ، يقومُ فيه النَّاسُ بَينَ يَدَي ربِّ العالَمِين للحسابِ، وفي هذا الحديثِ يَصِف النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لنا بعضَ ما في هذا اليومِ، حيث يقولُ "يُحْشَرُ النَّاسُ يومَ القيامةِ"، أيْ: يُجْمَعون بعد البَعثِ من الموت، ويَقُومون للحسابِ، "حُفاةً عُراةً غُرْلًا"، أيْ: وهم حُفاةٌ الأقدامِ بلا أحذيةٍ ولا نِعالٍ، وعُراةُ الأجسادِ بلا ثيابٍ ولا سُتُورٍ، غُرْلًا غير مَخْتونِين، قد ذهَب عنهم كلُّ ما كَانوا فيهِ في الدُّنيا وعَادُوا كما خَلَقَهم اللهُ؛ "كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ"الأنبياء: 104، قالت عائشةُ "يا رسولَ اللهِ، النِّساءُ والرِّجالُ جميعًا يَنظُرُ بعضُهم إلى بعضٍ؟!"، وهذا اسْتِفهامٌ واسْتِغرابٌ من أنْ يُجْمَعَ النُّاسُ عُراةً وعَوْراتهم ظَاهِرة أمام بعضِهم رجالًا ونساءً؛ فهل يَنظُرون إلى بعضِهم البَعضِ؟! فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "يا عائشةُ، الأمرُ أَشَدُّ مِن أنْ يَنظُرَ بعضُهم إلى بعضٍ"، أيْ: إنَّ شأنَ المُوقِفِ والحَشْرِ بَعْدَ البَعْثِ مِن الموتِ فيه من الأهوالِ ما يَأخُذُ اهْتِمامَ النَّاسِ وأَبْصارَهم عن النَّظرِ إلى العَوْراتِ، ومِنْها ما قال اللهُ تعالى"يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ"الحج: 2.الدرر السنية =


*قال الإمام مسلم في صحيحه:حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ ، قال:حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ ، قال:حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ ، قال:حَدَّثَنِي الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :
" تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ " ، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ : فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ أَمْ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ ، قَالَ : " فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا " ، قَالَ : وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ" .
صحيح مسلم » كِتَاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا ..» بَاب فِي صِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَعَانَنَا اللَّهُ ... .هنا=الراوي : المقداد بن الأسود - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2864 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =


الشرح:

يومُ القيامةِ يومٌ عظيمٌ، وأهوالُه ومَواقفُه مُتعدِّدةٌ، منَ الحَشرِ، وانتِظارِ الحِسابِ، والمرورِ على الصِّراطِ وغيرِ ذَلك، ومِن أَوائلِ تلكَ المَواقفِ أن يَجمعَ اللهُ الخَلائقَ في ذلكَ المَحشرِ العَظيمِ فيَشتدَّ الكَرْبُ، وتَدنو الشَّمس منَ الرُّؤوسِ فتَشتدُّ الحرارةُ، وتَرشحُ الأَجسامُ بالعَرقِ الغزيرِ.
وفي هذا الحَديثِ تَدنِّي الشَّمس يومَ القيامةِ منَ الخَلقِ، حتَّى تكونَ منهم كمِقدارِ مِيلٍ، قال سُليمُ بنُ عامرٍ: فَواللهِ ! ما أدْري ما يَعني بالمِيلِ؟ أَمسافةُ الأرضِ، أي: أَراد المَسافةَ الَّتي هيَ عندَ العَربِ مِقدارُ مَدِّ البصرِ منَ الأرضِ، أمِ الميلُ الَّذي تَكتِحلُ به العينُ. فيَكونُ النَّاس على قَدرِ أَعمالِهم في العَرَقِ، فمِنهم مَن يَكونُ إلى كَعبيْه، ومِنهم مَن يَكونُ إلى رُكبتَيْه، ومِنْهم مَن يَكونُ إلى حَقْوَيْه، وهوَ مَعقدُ الإِزار، أو طَرفا الوَركَيْنِ، ومِنهم مَن يَلجُمُه العرقُ إلجامًا، أي: يصلُ إلى فيهِ وأُذنَيْه فيكونُ له بمَنزلَةِ اللِّجامِ منَ الحَيواناتِ، كَما قالَ الرَّاوي"وأَشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بيدِه إلى فيهِ"، فَتَتراكمُ في هذا الموقفِ الأَهوالُ، وتَدنو الشَّمسُ، ويَكونُ زحامُ بعضِهم بعضًا، فيُشدَّد أمرُ العَرقِ على البعضِ ويُخفَّف على البَعض بحَسَبِ أَعمالِهم .= الدرر =


*طول يوم النشور نسأل الله السلامة: قال صلى الله عليه وسلم:
"يومَ يقومُ الناسُ لربِّ العالمين مقدارَ نصفِ يومٍ من خمسين ألفِ سنةٍ فيهونُ ذلك على المؤمنِ كتدلِّي الشمسِ للغروبِ إلى أن تغربَ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 3589 - خلاصة حكم المحدث : صحيح .الدرر السنية =
الشرح:
أخْبَرَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ببَعْضِ أُمورِ الآخِرَةِ، وما فيها مِن أهْوالٍ، وبيَّن ما يُلاقيهِ المُؤْمِنُ مِن رحْمةِ اللهِ، وما يُلاقيهِ العُصاةُ والكَفَرةُ من الخِزْيِ والهَوانِ، ومِن ذلك ما وَرَدَ في هذا الحديثِ حيثُ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "يوْمَ يَقومُ الناسُ لرَبِّ العالَمين"، أي: يوْمَ القِيامَةِ ويوْمَ حَشْرِ الخَلائِقِ أمامَ رَبِّ العالَمين، وقيامُهم فيه للهِ خاضِعينَ، وفي هذا اليومِ أنَّ النَّاسَ يُحْشرَون مِن قُبورِهم إلى أرْضِ المَحْشَرِ؛ فيُجْمَعون في صَعيدٍ واحدٍ؛ لانتِظارِ مُحاسبتِهم في يوْمٍ عظيمٍ "مِقْدارَ نِصْفِ يوْمٍ من خَمْسينَ ألْفَ سَنَةٍ" وتَحْديدُ الوَقتِ بأنَّه نِصْفُ يومٍ مِنْ أيامِ يومِ القيامةِ، أي: خَمْسُ مِئةِ عامٍ مِنْ أعْوامِ الدُّنيا، وقد قال تعالى"وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ"الحج: 47، فالمُرادُ بذلك: يومُ القيامةِ على الأخَصِّ يُطوِّلُهُ اللهُ؛ فيكونُ كخَمْسينَ ألْفَ سَنَةٍ، وإلَّا فاليوْمُ عِنْدَ اللهِ كأَلْفِ سَنَةٍ، وقيل: المُرادُ في الجَميعِ: يومُ القِيامةِ، والاخْتِلافُ يكونُ بحسَبِ حالِ المؤمنِ والكافِرِ، "فَيَهُونُ ذلك على المُؤْمِنِ"، أي: يُسهِّلُ اللهُ مِقْدارَ هذا الموقِفِ على المُؤْمِنِ ويُخفِّفُه؛ لأنَّ أعْمالَه الصَّالحةَ تُظِلُّه؛ فيكونُ مِقْدارُ اليوْمِ له "كَتَدَلِّي الشَّمْسِ لِلْغُروبِ إلى أَنْ تَغْرُبَ"، أي: مثلَ مِقْدارِ ابْتِداءِ غُروبِ شَمْسِ يوْمٍ في الدُّنيا إلى انْتِهاءِ غُروبِها، وهو وقْتٌ قصيرٌ، وقليلُ الحرارةِ، وَوَرَدَ عندَ أحْمدَ أنَّه يُخفَّفُ على المُؤْمِنِ؛ حتى يكونَ أخَفَّ عليه من صَلاةٍ مكتوبةٍ.
وفي الحديثِ: بَيانُ خُطورَةِ الموقِفِ يوْمَ القيامَةِ، وضَرورةُ عَمَلِ المرْءِ له .الدرر السنية =
وفي رواية أخرى:
قولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" "يومُ القيامَةِ على المؤمنينَ كقدْرِ ما بينَ الظٌّهرِ والعصرِ"
الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 8193 - خلاصة حكم المحدث : صحيح . الدرر السنية=
الشرح:
مِن نِعمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ على أهْلِ الإيمانِ يومَ القِيامةِ أنَّهم يُخفَّفُ عنهم كُلُّ شَيءٍ، حتى الانتظارُ في أرضِ المحشَرِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "يومُ القِيامةِ على المؤمنينَ" وهم الذين أحْسَنوا طاعةَ اللهِ عزَّ وجلَّ في الدُّنيا، وآمَنوا به إيمانًا يَقينِيًّا، والمُرادُ: يكونُ طُولُ وزمَنُ يومِ القِيامةِ عليهم "كقَدْرِ ما بيْن الظُّهرِ والعصرِ"، وهذا بَيانٌ لِقِصَرِه عليهم؛ تخفيفًا ورَحمةً بهم، والأصلُ في هذا اليومِ أنَّه شَديدٌ على الكافرينَ وقْتًا وحالًا؛ ففي رِوايةِ ابنِ حِبَّانَ: "يقومُ الناسُ لرَبِّ العالَمينَ مِقدارَ نِصفِ يومٍ مِن خَمسينَ ألْفَ سَنةٍ، يَهُون ذلك على المؤمنينَ كتَدلِّي الشمسِ للغُروبِ إلى أنْ تَغرُبَ".
وفي الحديثِ: بَيانُ أهمِّيَّةِ الإيمانِ، وأنَّه يَنفَعُ المؤمنينَ يومَ القيامةِ. الدرر السنية=

______


"وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" الملك 25.
التفسير الإجمالي : أي: ويقول هؤلاء الجاحدون للرسول صلى الله عليه وسلم ولأصحابه ،المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه، على سبيل التهكم والاستهزاء:
"وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" أي: متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق؟.
والوعد: مصدر بمعنى الموعود، والمقصود به ما أخبرهم به صلى الله عليه وسلم من أن هناك بعثًا وحسابًا وجزاءً.. -قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"-
ومن أن العاقبةَ والنصرَ للمؤمنينَ.-
أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ" الملك : 20.-
التفسير المفصل:
"وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلْ إِنَّمَا الْعَلَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ "لَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ مُعَارَضَةٌ لِلْحُجَّةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ إِلَى هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ انْحَصَرَ عِنَادُهُمْ فِي مَضْمُونِ قَوْلِهِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فَإِنَّهُمْ قَدْ جَحَدُوا الْبَعْثَ وَأَعْلَنُواْ بِجَحْدِهِ وَتَعَجَّبُواْ مِنْ إِنْذَارِ الْقُرْآنِ بِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ"
سبأ :7،8.
أي: وقال الذين كفروا بعضهم لبعض، ألا تريدون أن ندلكم ونرشدكم إلى رجل، هذا الرجل يخبركم ويحدثكم، بأنكم إذا متم، وفرقت أجسامكم في الأرض كل تفريق، وصرتم رفاتا وعظاما، وأصبحتم طعامًا في بطون الطيور والوحوش.
إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أي: إنكم بعد هذا التمزيق والتفريق، تخلقون خلقًا جديدًا، وتعودون إلى الحياة مرة أخرى، للحساب على أعمالكم التي عملتموها في حياتكم.

وَكَانُواْ يَقُولُونَ "مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" وَاسْتَمَرُّواْ عَلَى قَوْلِهِ ، فَلِذَلِكَ حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّكْرِيرِ .

أي: متى وقت البعث الذي تزعمه على قولك؟ لا إقرارا منهم لأصل البعث، بل ذلك سفه منهم وتعجيز، فليس في تعيين وقته فائدة، وإنما الفائدة والمدار على تقريره والإقرار به وإثباته ، وإلا فكل ما هو آت فإنه قريب.

وَالْوَعْدُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ ، أَيْ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ؟ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَشْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " فَالْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ " هَذَا " ظَاهِرَةٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَعْدٌ آخَرَ بِنَصْرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَالْإِشَارَةُ إِلَى وَعِيدٍ سَمِعُوهُ .
وَالْاسْتِفْهَامُ بِقَوْلِهِمْ "مَتَى هَذَا الْوَعْدُ" مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّهَكُّمِ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنْ يَسْتَهْزِئُواْ بِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى
"فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا "الإسراء:51.- أي: يهزونها إنكارًا وتعجبًا مما قلتَ-
وَأَتَوْا بِلَفْظِ "الْوَعْدِ" اسْتِنْجَازًا لَهُ - أي:
طلب قضاءَها ممّن وعده إيّاها-؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْوَعْدِ الْوَفَاءُ .
وَضَمِيرُ الْخِطَابِ فِي إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ يَلْهَجُونَ بِإِنْذَارِهِمْ بِيَوْمِ الْحَشْرِ ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي سُورَةِ سَبَإٍ .
وَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يُجِيبَ سُؤَالَهُمْ بِجُمْلَةٍ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِمْ بَلْ عَلَى ظَاهِرِ الْاسْتِفْهَامِ عَنْ وَقْتِ الْوَعْدِ عَلَى طَرِيقَةِ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ ، بِأَنَّ وَقْتَ هَذَا الْوَعْدِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَوْلُهُ " قُلْ " هُنَا أَمْرٌ بِقَوْلٍ يَخْتَصُّ بِجَوَابِ كَلَامِهِمْ وَفُصِلَ دُونَ عَطْفٍ يُجْرِيَانِ الْمَقُولَ فِي سِيَاقِ الْمُحَاوَرَةِ ، وَلَمْ يُعْطَفْ فِعْلُ " قُلْ "بِالْفَاءِ جَرْيًا عَلَى سُنَنِ أَمْثَالِهِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُجَاوَبَةِ وَالْمُحَاوَرَةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ الْكَثِيرَةِ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَلَامُ التَّعْرِيفِ فِي " الْعِلْمُ" لِلْعَهْدِ ، أَيِ الْعِلْمُ بِوَقْتِ هَذَا الْوَعْدِ . وَهَذِهِ هِيَ الْلَّامُ الَّتِي تُسَمَّى عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ . وَهَذَا قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ .
"وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ "قَصْرٌ إِضَافِيٌّ ، أَيْ مَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ بِوُقُوعِ هَذَا الْوَعْدِ لَا أَتَجَاوَزُ ذَلِكَ إِلَى كَوْنِي عَالِمًا بِوَقْتِهِ .
وَالْمُبِينُ : اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَبَانَ الْمُتَعَدِّي ، أَيْ مُبَيِّنٌ لِمَا أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِهِ .
التحرير والتنوير لابن عاشور = هنا=

"قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ " "وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ"
أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّ عِلْمَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْوَعْدَ الصِّدْقَ هُوَ مِمَّا يَنْفَرِدُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَأَنْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ نَذِيرٌ يَعْلَمُ مَا عُلِّمَ، وَيُخْبرُ بِمَا أُمِرَ أَنْ يُخْبرَ بِهِ.تفسير ابن عطية=هنا=
نذير أنذركم عقابه ، وأخوّفكم عذابه الذي أحلَّه بأمم من قبلكم.
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ أَيْ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُعِلْمُ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ . نَظِيرُهُ " قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي" . الْآيَةَ .
وهذا من البدهيات والمسلمات، لم يقل: سنة ألفين، ولا سنة ألفين وأربعة، ولا بعد هرمجدون، ولا هذه التخاريف، كما قال الله سبحانه هنا"قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ" .
وقال سبحانه "
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ " الأعراف : 187 ،"
قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى" طه : 52 .
"وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ" هذه مهمتي، وأنا أعرف قدري فلا أتجاوزه، وهذه الآية أصل في أن الشخص يعرف قدره، ويقف عند العلم الذي علمه الله إياه، ولا يتعالم ولا يدخل برأسه في كل شيء، فالرسول سئل عن مسائل لم يعلمه الله إياها فأمسك، فقد سئل عن الروح فقال الله له: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"الإسراء:85 .
وسئل عن الساعة فقال"ما المسئول عنها بأعلم من السائل"فكان صلى الله عليه وسلم يقف عند ما لا يعلمه.
أما أن تدعي أنك تعرف في كل شيء، فهذا من الجهل والغباء، ولذلك قال عدد كثير من السلف وليس واحدًا أو اثنين: ينبغي للعالم أن يُعَلِّم جلساءَه شيئًا هامًا ألا وهو"الله أعلم" ، يمسكهم بهذا الشعار، كلما سئلوا عن شيء لا يعرفونه فليصدروا الإجابة به" الله أعلم" .
وقد قيل للقاسم بن محمد أو لابنه: إنه يعد عيبًا على من هو في مثلك من الفضل أن تسأل عن شيء ولا نجد عندك فيه علمًا! فقال: وأشد منه عارًا أن يقول الشخص عن الله أو عن رسوله بغير علم.
فينبغي أن يرفع الشخص شعار"الله أعلم" ، فالرسول هنا سئل"مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ" فليس هذا من علمه، بل هو أمر خارج عن طاقته، وخارج عن حدود معرفته، "قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ" أي: عملي الإنذار والتذكير.

سلسلة التفسير الشيخ مصطفى العدوي = هنا =
فالإنذار هو الإخبار مع التخويف . أنذركم عقاب الله أن ينزل بكم في الدنيا، وأنذركم عذابه في الآخرة. مبين: يقول: أبين لكم إنذاري ذلك وأظهره، لتنيبوا من شرككم وتحذروا ما أنذركم من ذلك،
وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَيْ مُخَوِّفٌ وَمُعَلِّمٌ لَكُمْ. تفسير القرطبي . هنا=

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-17-2018, 05:52 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,241
Arrow


"
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ " الملك : 27 .

ثم بَيَّنَ - سبحانه- حالهم عندما يرون العذاب الذي استعجلوه فقال:
"فَلَمَّا رَأَوْهُ "
فَلَمَّا :ظرف بمعنى حين. الهاء تعود إلى العذاب.

و"رَأَوْهُ" مستعمل في المستقبل وجيء به بصيغة الماضي لتحقق الوقوع، كما في قوله- تعالى" أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ..."النحل: 1.
"
زُلْفَةً" أي: قريبًا منهم ، فالزلفى: القربة"مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى"الزمر:3 ، .... الزلفى: القربة.لكي تقربنا إلى الله قربة. وهو اسم أقيم في مقام المصدر ، كأنه قال : إلا ليقربونا إلى الله تقريبًا ويشفعوا لنا عند الله.تفسير البغوي= هنا =

و"زُلْفَةً" اسم مصدر لأزلف إزلافًا، بمعنى القُرب. ومنه قوله- تعالى" وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ "... أي: قُرِّبَت للمتقين، وهو حال من مفعول رَأَوْهُ.
ويتزلف فلان إلى فلان. أي: يتقرب فلان إلى فلان.

"فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً" أي: لما رأوا هذا اليوم والعذاب قريبًا.

أي: فلما رأوا قُرب ما وُعِدُوا به من العذابِ وزهوقِ باطلِهِم.


"سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا"أي: جاءها ما يسوءها.
"وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ" "وَقِيلَ "أي: لهم تبكيتًا.
" تَدَّعُونَ"إما من الدعاء أو من الادّعاء.
بمعنى: تدْعُون وتسألون، فإنكم كنتم كما تقولون"رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ"ص:16، وكنتم تقولون "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ"الأنفال:32 ، فمن العلماء من قال: تدّعون بمعنى: تدْعُون، ومنهم من قال: تدّعون: هنا بمعنى: تكذبون، "وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ" أي: تكذبون.
سلسلة التفسير الشيخ مصطفى العدوي = هنا = و

تفسير القرآن الكريم - للشيخ محمد إسماعيل المقدم = هنا =
والمعنى:
يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ تَكْذِيبِ الْكَفَّارِ وَغُرُورِهِمْ بِهِ حِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْجَزَاءِ، وَرَأَوُا الْعَذَابَ مِنْهُمْ زُلْفَةً أَيْ: قَرِيبًا، سَاءَهُمْ ذَلِكَ وَأَفْظَعَهُمْ، وَأَقْلَقَهُمْ، فَتَغَيَّرَتْ لِذَلِكَ وُجُوهُهُمْ، وَوُبِّخُوا عَلَى تَكْذِيبِهِمْ، وَقِيلَ لَهُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، فَالْيَوْمَ رَأَيْتُمُوهُ عَيَانًا، وَانْجَلَى لَكُمُ الْأَمْرُ، وَتَقَطَّعَتْ بِكُمُ الْأَسْبَابُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مُبَاشَرَةُ الْعَذَابِ. .تفسير السعدي = هنا =
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-19-2018, 03:46 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,241
Post


"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ"الملك 28.
"قُلْ أَرَأَيْتُمْ "والاستفهام في قوله "أَرَأَيْتُمْ" للإنكار والتعجيب من سوء تفكيرهم،والرؤية علمية.

والمراد بالهلاك: الموت، وبالرحمة: الحياة والنصر بدليل المقابلة، وقد منح الله- تعالى- نبيَّهُ العمر المبارك النافع، فلم يفارق صلى الله عليه وسلم الدنيا إلا بعد أن بلَّغَ الرسالةَ، وأدى الأمانةَ، ودخل الناسُ في دينِ اللهِ أفواجًا، وكانت كلمتُهُ هي العُليا.
فقد أمر- سبحانه- رسوله صلى الله عليه وسلم للمرة الرابعة، أن يرد على ما كانوا يتمنونه بالنسبة له ولأصحابه.
لقد كان المشركون يتمنون هلاك النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يرددون ذلك في مجالسهم، وقد حكى القرآن عنهم ذلك في آيات منها قوله- تعالى"أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ" الطور 30.
"نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ "أي:
ننتظر ونصبر حتى تقع عليه حوادث الدهر وصروفه فيموت ويهلك كما هلك من قَبْله منَ الشعراء ، ويتفرق أصحابُه .
إِنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ بِالْهَلَاكِ، وَقِيلَ: بَلْ كَانُوا يَتَآمَرُونَ بَيْنَهُمْ بِأَنْ يُهْلِكُوهُمْ بِالْقِتَالِ وَنَحْوِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: قُلْ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي تُرِيدُونَ بِنَا وَتَمَّ ذَلِكَ فِينَا، أَوْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ رَحِمَنَا اللَّهُ فَنَصَرَنَا وَلَمْ يُهْلِكْنَا -تفسير ابن عطية = هنا - فنحن مؤمنون متربصون لإحدى الحسنيين: إما أن نهلك كما تتمنون، فننقلب إلى الجنة، أو نُرْحَم بالنُّصرةِ عليكم، أما أنتم فماذا تصنعون؟ من يجيركم- وأنتم كافرون- من عذاب أليم لا مفر لكم منه. تفسير الوسيط = ه
فأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: أَنْتُمْ وَإِنْ حَصَلَتْ لَكُمْ أُمْنِيَتُكُمْ وَأَهْلَكَنِي اللَّهُ وَمَنْ مَعِي، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَافِعٍ لَكُمْ شَيْئًا، لِأَنَّكُمْ كَفَرْتُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَاسْتَحْقَقْتُمُ الْعَذَابَ، فَمَنْ يُجِيرُكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ قَدْ تَحَتَّمَ وُقُوعُهُ بِكُمْ؟تفسير السعدي = هنا =
مَنْ يُجِيرُكُمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي يُوجِبُهُ كُفْرُكُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ؟ تفسير ابن عطية = هنا =

_________________
*ثم أمره- سبحانه- للمرة الخامسة، أن يبين لهم أنه هو وأصحابه معتمدون على الله- تعالى- وحده، ومخلصون له العبادة والطاعة، فقال: قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا ...
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-20-2018, 01:25 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,241
root

" قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ "الملك : 29 .

*ثم أمره- سبحانه- للمرة الخامسة، أن يبين لهم أنه هو وأصحابه معتمدون على الله- تعالى- وحده، ومخلصون له العبادة والطاعة، فقال: قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا ...

وقوله "فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" مسوق مساق التهديد والوعيد أي:
فستعلمون في عاجل أمرنا وآجله، أنحن الذين على الحق أم أنتم؟ ونحن الذين على الباطل أم أنتم؟ ..
فالمقصود بالآية الكريمة التهديد والإنذار، مع إخراج الكلام مخرج الإنصاف، الذي يحملهم على التدبر والتفكر لو كانوا يعقلون.تفسير الوسيط = هنا =


وَذِكْرُ صِفَةِ "الرَّحْمَنِ" هُنَا يُشِيرُ إِلَى رَحْمَتِهِ الواسعةِ بِرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ; فَهُوَ لَنْ يُهْلِكَهُمْ كَمَا يَتَمَنَّى الْكَافِرُونَ أَوْ كَمَا يَدَّعُونَ في الآيةِ السابقةِ برحمته .
وَيُوَجِّهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى إِبْرَازِ الصِّلَةِ الَّتِي تَرْبُطُهُمْ بِرَبِّهِمُ الرَّحْمَنِ. صِلَةِ الْإِيمَانِ آمَنَّا بِهِ ..
وَصِلَةِ التَّوَكُّلِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا .. عَلَيْهِ وَحْدَهُ..! فَقُلْ لَهُمْ ... وَهَذَا وُدٌّ مِنَ اللَّهِ وَتَكْرِيمٌ..
ثُمَّ ذَلِكَ التَّهْدِيدُ الْمَلْفُوفُ: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ .. وَهُوَ أُسْلُوبٌ كَذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُخَلْخِلَ الْإِصْرَارَ عَلَى الْجُحُودِ; وَيَدْعُوَهُمُ إِلَى مُرَاجَعَةِ مَوْقِفِهِمْ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونُوا هُمُ الضَّالِّينَ! فَيَتَعَرَّضُوا لِلْعَذَابِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الْآيَةِ: فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ؟ وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ لَا يَجْبَهُهُمْ بِأَنَّهُمْ ضَالُّونَ فِعْلًا، حَتَّى لَا تَأْخُذَهُمُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ. وَهُوَ أُسْلُوبٌ من أساليب الدعوة الناجحة.

وَأَخِيرًا يَجِيءُ السياق - في آخر آية- الْأَخِيرُ فِي السُّورَةِ يُلْمِحُ لَهُمْ بِعَذَابِ الدُّنْيَا قَبْلَ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَذَلِكَ بِحِرْمَانِهِمْ مِنْ سَبَبِ الْحَيَاةِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمَاءُ:


"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ " الملك : 30.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-20-2018, 05:23 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,241
Red face

"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ " الملك : 30.
*ثم أمر- سبحانه- نبيه صلى الله عليه وسلم للمرة السادسة، أن يذكرهم بنعمة الماء الذي يشربونه .

*ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ انْفِرَادِهِ بِالنِّعَمِ، خُصُوصًا الْمَاءَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ فَقَالَ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا أَيْ: غَائِرًا/ وَالْمَاءُ الْغَوْرُ: الْغَائِرُ الذَّاهِبُ فِي الْأَرْضِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ/.
فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ /
وَالْمَعِينُ: النَّابِعُ الْفَائِضُ الْمُتَدَفِّقُ./ تَشْرَبُونَ مِنْهُ، وَتَسْقُونَ أَنْعَامَكُمْ وَأَشْجَارَكُمْ وَزُرُوعَكُمْ؟ وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى النَّفْيِ، أَيْ: لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى. - وحده، فعليكم أن تشكروه على نعمه، لكي يزيدكم منها.
وَالْمُلْكُ بِيَدِ اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فَكَيْفَ لَوْ تَوَجَّهَتْ إِرَادَتُهُ إِلَى حِرْمَانِهِمْ مَصْدَرَ الْحَيَاةِ الْقَرِيبَ!
ثُمَّ يَدَعُهُمْ يَتَدَبَّرُونَ مَا يَكُونُ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ بِوُقُوعِ هَذَا الْمَحْذُورِ!
تَمَّ تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُلْكِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:08 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر