#1
|
||||
|
||||
هل للخاطب أن يسترد الشبكة عند فسخ الخطبة
هل للخاطب أن يسترد الشبكة عند فسخ الخطبة الجواب : الحمد لله أولًا : الأصل تحريم الرجوع في الهدية والهبة ، لما ورد في ذم ذلك والنهي عنه ، ومنه ما روى أبو داود (3539) والترمذي (2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ " والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود . لكن استثني من ذلك : الهبة التي يريد صاحبها عوضًا ، لأنها ليست تبرعًا محضًا ، فإذا لم يحصل له عوضه - من جهة الموهوب له - ، جاز له الرجوع في هبته . ثانيًا : ما يقدمه الخاطب لمخطوبته قبل العقد ، قد يكون جزءًا من المهر ، وقد يكون هدية من الهدايا ، ويعرف ذلك بالتصريح ، أو بالعرف ، فالشبكة في بعض البلدان تكون جزءا من المهر ، ولهذا قد يقدم الخاطب قبلها خاتمًا أو شيئًا يسيرًا من الذهب هدية للمخطوبة . وبناء على هذا التفصيل ينبني الحكم : 1- فإن كانت الشبكة جزءًا من المهر ، وعُلم ذلك ، بالتصريح ، أو بجريان العرف في بلدك ، فإن الشبكة تعود للخاطب عند فسخ الخطبة ، سواء تم الفسخ من جهته أو جهتك ؛ لأن المهر لا يُستحق شيء منه إلا بالعقد ، وإذا دُفع إلى المخطوبة كان أمانة في يدها حتى يتم العقد . 2- وإن كانت الشبكة هدية من الهدايا ، ففي حكمها خلاف ، والراجح : أن الفسخ إن جاء من الخاطب ، فليس له الرجوع والمطالبة بهداياه ، وإن كان الفسخ من المخطوبة ، فله المطالبة بذلك ، لأن هديته ليست هبة محضة ، وإنما هي هبة يراد منها العوض ، وهو التزويج ، فإذا لم يزوجوه جاز له الرجوع في الهبة . وإلى هذا ذهب المالكية في قول ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وعزاه إلى أحمد رحمه الله . وذهب الحنفية والمالكية في القول الآخر ، والشافعية ، إلى أن للخاطب أن يسترد هديته ، إذا كانت باقية بعينها ، سواء كان الفسخ من جهة الخاطب أو من جهة المخطوبة ، واختلفوا فيما إذا هلكت أو تلفت . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وقد كتبت عن الإمام أحمد فيما إذا أهدى لها هدية بعد العقد ، فإنها ترد ذلك إليه إذا زال العقد الفاسد ؛ فهذا يقتضي أن ما وهبه لها ، سببه النكاح ؛ فإنه يبطل إذا زال النكاح ، وهو خلاف ما ذكره أبو محمد وغيره . وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافقة لأصول الشريعة ، وهو أن كل من أهدي ، أو وهب له شيء بسبب : يثبت بثبوته ويزول بزواله ... ولو كانت الهدية قبل العقد ، وقد وعدوه بالنكاح ، فزوجوا غيره : رجع بها . والنقد المقدم محسوب من الصداق ، وإن لم يكتب في الصداق ، إذا تواطئوا عليه ، ويطالب بنصفه عند الفرقة قبل الدخول ؛ لأنه كالشرط المقدم ، إلا أن يُفتَوا بخلاف ذلك " انتهى من "الاختيارت الفقهية" ضمن الفتاوى الكبرى (5/ 472). وقال البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 24) (حنبلي) : " وهدية زوجٍ ليست من المهر " نصًا ( فما ) أهداه زوج ( قبل عقد : إن وعدوه ) بأن يزوجوه ( ولم يفوا ) بأن يزوجوها غيره ( رجع بها ) قاله الشيخ تقي الدين . فإن كان الإعراض منه ، أو ماتت فلا رجوع له " انتهى . وقال الدردير في "الشرح الصغير" (2/ 348) (مالكي) : " وكذا لو أهدى أو أنفق لمخطوبة غير معتدة , ثم رجعت عنه , ولو كان الرجوع من جهتها ، إلا لعرف أو شرط . وقيل : إن كان الرجوع من جهتها فله الرجوع عليها , لأنه في نظير شيء لم يتم , واستُظهر ". قال الصاوي في حاشيته عليه : " قوله : واستظهر : أي استظهر هذا التفصيلَ الشمسُ اللقاني " انتهى . وقال في "الدر المختار" (حنفي) : " ( خطب بنت رجل ، وبعث إليها أشياء ، ولم يزوجها أبوها ؛ فما بعث للمهر يسترد عينه قائما ) فقط ، وإن تغير بالاستعمال ، ( أو قيمته هالكا ) لأنه معاوضة ولم تتم ، فجاز الاسترداد ( وكذا ) يسترد ( ما بعث هدية وهو قائم دون الهالك والمستهلك ) لأنه في معنى الهبة " انتهى من "الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (3/ 153). وقال في "تحفة المحتاج" (7/ 421) (شافعي) : " ( فرع ) خطب امرأة ثم أرسل أو دفع بلا لفظ إليها مالا قبل العقد ، أي ولم يقصد التبرع ، ثم وقع الإعراض منها أو منه رجع بما وصلها منه ... لأنه ساقه بناء على إنكاحه ولم يحصل " انتهى . والله أعلم . *الإسلام سؤال وجواب * |
#2
|
||||
|
||||
خطبت بنت خالتي وأحضرت لها هدايا غالية الثمن، وبعد ستة أشهر سافرت وفسخت الخطبة، وقال والدها إنه سيرد لي الأشياء عندما أرجع من السفر، وعدت بعد عامين ولكنه لم يرد لي أي شيء، والآن مر أكثر من خمسة عشر عاما وأنا غير مسامح في ذهبي، فهل أطالب به؟ وهل هو من حقي وهي تزوجت وأنجبت أولادًا، وأنا كذلك، ولكن أخاف أن يكونوا حجة علي يوم القيامة إن لم أطالب به، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وحتى لو لم آخذه، المهم أني قد طالبت به حتى لا أسأل أمام الله لماذا لم تطالب به؟
الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالهدايا التي يهديها الخاطب لمخطوبته إذا لم تكن من المهر اتفاقًا أو عرفًا فهي هبة من الخاطب، وقد اختلف العلماء في جواز استرجاعها عند فسخ الخطبة، فمذهب الحنفية أن الخاطب يسترد ما كان باقيًا دون ما هلك أو استهلك، قال ابن عابدين الحنفي: وكذا يسترد ما بعث هدية وهو قائم دون الهالك والمستهلك، لأنه في معنى الهبة. حاشية ابن عابدين. وعند المالكية قولان، قول بعدم جواز الرجوع، وقول بالتفصيل، فإن كان الفسخ من جهته فليس له الرجوع، وإن كان الفسخ من جهتها فله الرجوع، جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: وكذا لو أهدى أو أنفق لمخطوبة غير معتدة، ثم رجعت عنه -ليس له الرجوع- ولو كان الرجوع من جهتها إلا لعرف أو شرط وقيل: إن كان الرجوع من جهتها فله الرجوع عليها، لأنه في نظير شيء لم يتم. انتهى. ومذهب الشافعية أن له الرجوع، قال القليوبي في حاشيته: فرع: دفع الخاطب بنفسه، أو وكيله، أو وليه، شيئاً من مأكول، أو مشروب، أو نقد، أو ملبوس لمخطوبته ،أو وليها، ثم حصل إعراض من الجانبين أو من أحدهما، أو موت لهما أو لأحدهما، رجع الدافع أو وراثه بجميع ما دفعه إن كان قبل العقد مطلقاً. حاشية قليوبي. وعند الحنابلة يرجع إذا كان الفسخ من جهتها ولا يرجع إذا كان الفسخ من جهته، قال ابن ضويان في منار السبيل: فما قبل العقد إن وعدوه ولم يفوا رجع بها. قاله الشيخ تقي الدين. فإن كان الإعراض منه أو ماتت فلا رجوع له. منار السبيل. وحكى صاحب الإنصاف قولاً آخر في المذهب بالرجوع مطلقاً، قال: وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضًا: ما قبض بسبب النكاح فكمهر. قال في القاعدة الخمسين بعد المائة: حكى الأثرم عن الإمام أحمد -رحمه الله- في المولى يتزوج العربية يفرق بينهما، فإن كان دفع إليها بعض المهر ولم يدخل بها يردوه ، وإن كان أهدى هدية يردونها عليه. قال القاضي في الجامع: لأن في هذه الحال يدل على أنه وهب بشرط بقاء العقد فإذا زال ملك الرجوع كالهبة بشرط الثواب. انتهى من الإنصاف. والراجح أن الخاطب يرجع بما أهداه لمخطوبته سواء كان الرجوع عن الخطبة من جهته أو جهتها، لأن هبة الخاطب أشبه بهبة الثواب فإن دلالة الحال أنه يهب بشرط إتمام الزواج، وقال ابن تيمية معلقاً على قول الإمام أحمد الذي حكاه الأثرم: وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافق لأصول الشريعة، وهو أن كل من أهدي له شيء أو وهب له شيء بسبب يثبت بثبوته ويزول بزواله. المستدرك على مجموع الفتاوى. وعلى ذلك، فمن حقك استرجاع ما أهديته لها، لكن الأولى والأفضل ترك ذلك فإنه يكون من مكارم الأخلاق ومن الإحسان الذي يحبه الله، قال تعالى: ... وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. {البقرة:237}. وأما قولك إنك تخشى من عدم المطالبة لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، فليس الأمر كما تظن، وإنما هذه العبارة ذكرها بعض العلماء في من يسكت عن بيان الحق إذا انتهكت حرمات الله، وانظر لذلك الفتوى رقم: 58360. وأما سكوت الإنسان عن مطالبته بحقه فليس من هذا الباب، بل قد يكون قربه وعملاً صالحاً يحبه الله ويثيب عليه بالأجر العظيم، إذا كان ابتغاء مرضاة الله، قال تعالى: فمن عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40}. والله أعلم. * إسلام ويب *
__________________
|
|
|