#1
|
||||
|
||||
اغتنموا العشر من ذي الحجة
اغتنموا العشر من ذي الحجة
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، والصلاة والسلام على من بعثه الله تعالى بشيرًا ونذيرًا ، وسراجًا مُنيرًا للناس كافةً ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين وتابع التابعين إلى يوم الدين ، أما بعد ؛ فإننا على أبواب أيام مباركة، هي أيام عشر ذي الحجة التي فضلها الله سبحانه وتعالى، وأودع فيها من الخيرات الشيء الكثير لعباده، ولاشك أن حياة المسلم كلها خير إذا اغتنمها في عبادة الله والعمل الصالح، وكلها خير من حين يبلغ العبد إلى أن يتوفاه الله،إذا وفقه الله لاغتنام أيام حياته في الأعمال الصالحة التي يعمر بها آخرته، فمن حفظ دنياه بطاعة الله حفظ الله له آخرته، ووجد ما قدمه مدخرا عند الله عز وجل ومضاعفاً، - فاستبقوا الخيرات يا عباد الله وسارعوا إلى مغفرة من الله وجنة عرضها السماوات والأرض -وخاصة الأيام والأوقات التي فضلها الله سبحانه وتعالى نوليها بمزيد اهتمام، ومزيد اجتهاد - ومن ضيع دنياه ضاعت آخرته، خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين، فكل حياة المسلم خيرهنا فتمتاز حياة الإنسان المسلم بأنها زاخرةٌ بالأعمال الصالحة ، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ ، وتحوِّل حياته كلَّها إلى قولٍ حسنٍ ، وعملٍ صالحٍ ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله جل في عُلاه ، دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع . والمعنى أن حياة الإنسان المسلم يجب أن تكون كلُّها عبادة وطاعة وعمل صالح يُقربه من اللهِ تعالى ، ويصِلُه بخالقهِ العظيم جلَّ في عُلاه في كل جزئيةٍ من جزئيات حياته ، وفي كل شأنٍ من شؤونها . من هنا فإن حياة الإنسان المسلم لا تكاد تنقطع من أداء نوعٍ من أنواع العبادة التي تُمثل له منهج حياةٍ شاملٍ مُتكامل؛ فهو على سبيل المثال مكلفٌ بخمس صلواتٍ تتوزع أوقاتها على ساعات اليوم والليلة ، وصلاة الجمعة في الأسبوع مرةً واحدة ، وصيام شهر رمضان المبارك في كل عام ، وما أن يفرغ من ذلك حتى يُستحب له صيام ستةِ أيامٍ من شهر شوال ، وهناك صيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع ، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر ، ثم تأتي الأيامُ العشرةُ الأُولُ من شهر ذي الحجة فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى وأجر وفير. وليس هذا فحسب ؛ فهناك عبادة الحج وأداء المناسك ، وأداء العُمرة ، وصيام يوم عرفة لغير الحاج ، ثم صيام يوم عاشوراء ويومٍ قبله أو بعده ، إضافةً إلى إخراج الزكاة على من وجبت عليه ، والحثُّ على الصدقة والإحسان ، والإكثار من التطوع في العبادات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول أو العمل أو النية ، إلى غير ذلك من أنواع العبادات والطاعات والقُربات القولية والفعلية التي تجعل من حياة المسلم حياةً طيبةً ، زاخرةً بالعبادات المستمرة ، ومُرتبطةً بها بشكلٍ مُتجددٍ دائمٍ يؤكده قول الحق سبحانه " فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ " سورة الشرح : الآية رقم 7 . من هنا فإن في حياة المسلم مواسماً سنويةً يجب عليه أن يحرص على اغتنامها والاستزادة فيها من الخير عن طريق أداء بعض العبادات المشروعة ، والمحافظة على الأعمال والأقوال الصالحة التي تُقربه من الله تعالى ، وتُعينه على مواجهة ظروف الحياة بنفس طيبةٍ وعزيمةٍ صادقة . وفيما يلي الحديثٌ عن فضل أحد مواسم الخير المُتجدد في حياة الإنسان المسلم ، والمُتمثل في الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة وما لها من الفضل والخصائص ، وبيان أنواع العبادات والطاعات المشروعة فيها؛ إضافةً إلى بعض الدروس التربوية المستفادة منها هنا * إنا إن شاء الله على مشارف أفضل عشرة أيام في العام، على مشارف الأيام المعلومات التي ذكرها الله في كتابه، حيث قال"وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ "الحج:28 ، والأيام المعلومات عند جماهير أهل العلم: هي العشر الأول من ذي الحجة، وهي أفضل أيام العام على الإطلاق، وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بها في قوله"وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ "الفجر:1-2 . تجتمع في هذه الأيام جملةٌ من الفضائل: فهي الأيام المعلومات كما ذكر ربنا سبحانه، وهي داخلةٌ في الأشهر الحرم، إذ هي من ذي الحجة، وذو الحجة من الأشهر الحرم، وكذلك فهي تحوي أفضل يوم في العام، وهو يوم عرفة، وكذلك تحوي يوم النحر. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم العمـل الصالـح في هذه العشر :أحب ، وأزكى وأفضل عنـد الله عـز وجـل ، و أعظم أجراً ،عما في سواها . عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر" .فقالوا ولا الجهاد في سبيل الله ؟ . فقال صلى الله عليه وسلم " ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 6 ) ـ كتاب : الصوم عن رسول الله ... / ( 52 ) ـ باب : ما جاء في العمل في أيام العشر / حديث رقم : 757 / ص: 187 / صحيح فمن أهل العلم من خص العمل الصالح بالذكر، هنا *إن الأيامَ العشرَ الأُولَ من شهرِ ذي الحجةِ أيامٌ مباركاتٌ خصها الله جل وعلا بخصائص وميَّزها بميزات ، وإن وقفة من المؤمن مع خصائص هذه الأيام تجدِّد النشاط فيه ليقبِل بقلبه، وإنَّ ضَعف إيمانِ الشخصِ وذنوبه المتراكمة تحرمه من الخيرات في أوقاتها ، ولهذا ينبغي علينا جميعاً أن نغتنم هذه العشر بالتوبة إلى الله عز وجل والجد والاجتهاد في العبادة وحسن الإقبال عليه وكثرة الدعاء والإكثار من ذكر الله جل وعلا . وقد جعل الله تبارك وتعالى خاتمة هذه العشر ونهاية أيامها عيداً للمسلمين يفرحون فيها فرحةً عظمى وسروراً كبيرًا بما يسَّرَ اللهُ لهم في هذه العشر من الطاعات والعبادات والقُربات ، ولهذا حين يلتقي المسلمون يوم العيد مَن حج منهم ومن لم يحج يهنئ بعضهم بعضا قائلين ما قاله الصحابة الكرام في ذلك اليوم " تقبل الله منا ومنك " ؛ وهذه كلمة لها وقعها ووزنها ومكانتها ممن نافس في العبادة وأقبل على الطاعة ، وأما من يأتي يوم العيد مضيعاً مفرطاً مكِبًا على الذنوب والآثام والخطايا فعلى ماذا يُهنَّأ !! وبماذا يقال له تقبل الله منا ومنك !! ولهذا ينبغي أن نحسب ليوم العيد حسابا بأن نُعِدّ الأعمالَ الصالحاتِ والطاعاتِ الزاكياتِ، التي نفرح يوم العيد بأدائنا لها وحُسن تقربنا إلى الله بها، ونسأل الله عز وجل أن يمدّنا جميعا بعونٍ منه وتوفيق وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.. البدر العشر أفضل أيام الدنيا عن جابر ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال صلى الله عليه وسلم " أفضل أيام الدنيا أيام العشر " 1 . تخريج السيوطي : ( رواه : البزار ) / وصححه الشيخ الألباني في : في صحيح -الجامع الصغير وزيادته / مرتب على الحروف الهجائية / ج : 1 / حديث رقم :1133 / ص : 253 . فاليوم تستطيع أن تفوز بهذا الأجر الكبير ، فهذه العبادات من صلاة وصيام وصدقة واستغفار ودعاء وإعانة للمحتاج وذكـر لله عز وجـل ، ..... ، كلها فـي هذه الأيام هي أثقل فـي ميزانـك مـن الجهـاد فـي سـبيل الله . فالعمـل الصالـح فـي هـذه العشـر :أحب ، وأزكى وأفضل عنـد الله عـز وجـل ، و أعظم أجراً ،عما في سواها . * فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر" .فقالوا ولا الجهاد في سبيل الله ؟ . فقال صلى الله عليه وسلم " ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 6 ) ـ كتاب : الصوم عن رسول الله ... / ( 52 ) ـ باب : ما جاء في العمل في أيام العشر / حديث رقم : 757 / ص: 187 / صحيح . * وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ قـال : " ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى ، قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قـال :ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " . وكـان سعيد بن جُبَير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتى ما يكاد يقدر عليه . رواه الدارمي 1 /357 . وحسن إسناده الشيخ الألباني في : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل : ج :3 / ص: 398. " ما العمل في أيام أفضلَ منهـا فـي هـذه " قالوا ولا الجهاد . قال " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء " . صحيح البخاري / 13 ـ كتاب : العيدين / 11 ـ باب : فضل العمل في أيام التشريق / حديث رقم : 969 / ص : 111 . ـ قال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث : قوله " فلم يرجع بشيء " أي فيكون ـ أي فيكون المجاهد في هذه الحال 1 ـ أفضل من العامل في أيام العشر ،أو مساويًا له . 1 في هذه الحال : المقصود قوله : رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء . بداية نُذكر بأن الشهر الذي يسبق شهر ذي الحجة هو شهر ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم فلنحذر شرور أنفسنا وخطوات الشيطان الرجيم. |
#2
|
||||
|
||||
المجلس الثاني إذا وفق الله العبد المسلم لاغتنام أيام حياته في الأعمال الصالحة التي يعمر بها آخرته، فمن حفظ دنياه بطاعة الله حفظ الله له آخرته.فإن في حياة المسلم مواسماً سنويةً يجب عليه أن يحرص على اغتنامها ليجبر ضعفه وتقصيره وقصر عمره.فلنغتم أفضل أيام الدنيا أيام العشر.العشر أفضل أيام الدنيا عن جابر ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال صلى الله عليه وسلم " أفضل أيام الدنيا أيام العشر " . تخريج السيوطي : ( رواه : البزار ) / وصححه الشيخ الألباني في : في صحيح -الجامع الصغير وزيادته / مرتب على الحروف الهجائية / ج : 1 / حديث رقم :1133 / ص : 253 . فاليوم تستطيع أن تفوز بهذا الأجر الكبير ، فهذه العبادات من صلاة وصيام وصدقة واستغفار ودعاء وإعانة للمحتاج وذكر لله عز وجل ، ..... ، كلها في هذه الأيام هي أثقل في ميزانك من الجهاد في سبيل الله . فالعمل الصالح في هذه العشر :أحب ، وأزكى وأفضل عند الله عز وجل ، و أعظم أجرًا ،عما في سواها . *وكان سعيد بن جُبَير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتى ما يكاد يقدر عليه . رواه الدارمي 1 /357 . وحسن إسناده الشيخ الألباني في : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل : ج :3 / ص: 398. *الفرائــــض الفرائــــض وأَوْلَى الأعمال بالاهتمام بعد التوبة هيالفرائـضالتي أوجبها الله على عباده ، مِن صلاة وصيام وحج وزكاة وبِر وصِلة للأرحام، مع ترك المحرمات والمنكرات . فليحرص أحدُنا على الفرائض فذلك أفضل ما يتقرب به المسلم لربه جَلَّ وعلا ، وعلى النوافل وليبشر فالبشرى جاءت من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما أخبر في الحديث القدسي عن ربه جل جلاله * فعن عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، إن الله قـال "" مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ،فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ،وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ،وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" . صحيح البخاري / ( 81 ) ـ كتاب : الرقاق / ( 38 ) ـ باب : التواضع / حديث رقم : 6502 / ص : 760 . قولـه ( من عادى لي وليًا ) : أولياء الله هُمُ الذين يتقرَّبون إليه بما يقرِّبهم منه ،فالمراد بولي الله ؛ العالم بالله المواظب ، على طاعته ، المخلص في عبادته . ويستفاد منه أن أداء الفرائض أحـب الأعمـال إلـى الله. الفرائض التي يؤجر المسلم على فعلها ويأثم بتركها لا شك أنها أولى من الأعمال الصالحة التي لا يعاقَب على تركها، فالفرائض أفضل من النوافل. فإذا تقرب الإنسان إلى ربه- جل وعلا- بما افترض عليه نجا، لكن يبقى من يضمن لهذا المسلم الذي تقرب إلى الله بما افترض عليه ألا يكون في فرائضه شيء من الخلل؟ وحينئذ يحتاج المسلم إلى قدر زائد على الفرائض. فليس مما يجب مما أوجبه الله على المسلم شيء غير ما ذكر من الفرائض، لكن القدر الزائد على الفرائض من النوافل كما جاء في الحديث الصحيح أنه حينما يحاسَب العبد ويرى الخلل في فرائضه يقال انظروا هل لعبدي من تطوع "أوَّلُ ما يُحاسَبُ الناسُ بِهِ ، يَوْمَ القيامَةِ مِنْ أعمالِهمُ الصلاةُ ، يقولُ ربُّنا عزَّ وجلَّ لملائِكَتِهِ وهو أعلمُ : انظروا في صلاةِ عبْدِي أتَمَّها أَمْ نَقَصَها ؟ فَإِنْ كانتْ تامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً ، وَإِنْ كان انتقصَ منها شيئًا ، قال : انظروا هل لعبدي مِنْ تطَوُّعٍ ؟ فإنْ كان له تَطَوُّعٌ قال : أتِمُّوا لعبدي فريضتَهُ ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعمالُ على ذاكم" الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 2571 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية فإذا حصل خلل في الواجب كُمِّل من النوافل هذا له وجه وهذا له وجه، لكن على المسلم أن يسعى أولا في إبراء ذمته بأداء الفرائض ،فالفرائض لا مساومة عليها جاء في الحديث : «من توضأَ يومَ الجمعةِ فبها ونعمتْ, ومن اغتسلَ فالغسلُ أفضلُ».الراوي : سمرة بن جندب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 497 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية الوضوء فرض لصلاة الجمعة، والغسل سنة عند عامة أهل العلم، هل السنة أفضل من الفرض؟! -لا-لكن لما كانت هذه السنة مشتملة على الفرض وزيادة كان أفضل وإلاَّ ما يُتَصَور أن شخصًا يغتسل ويترك الوضوء ويقول إنه عمل الأفضل ،لا بد أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم بعد ذلك يغتسل الغسل الأفضل. فعلى المسلم أن يسعى أولًا في إبراء ذمتِهِ بأداءِ الفرائض ثم يسعى للتكميل من النوافل. قبسات من مقال للشيخ عبد الكريم عبد الله الخضير فيكثر بعد ذلك من نوافل العبادات ؛ وسائر الطاعات ، فبها تكمل الفرائض ، وترفع الدرجات وتُقال العثرات . « وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ » «،فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ» بمعنى أن الله -جل وعلا- يحفظ سمعه فيحبب إليه سماع ما يرضي الله ويبغض إليه سماع ما يغضب الله ، فلا يسمع إلا ما يرضي الله -جل وعلا- فلا يسمع الحرام، فلا يسمع ما حرم الله عليه من غيبة وغناء ومزامير ونميمة وغير ذلك من أقوال الفحش والخنا والفجور، لا يسمع إلا الكلام الطيب . «وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ» فيحفظ الله سمعه ويحفظ الله بصره وبهذا تتحقق النعمة في هاتين الحاستين؛ لأن كثيرا من الناس يتمتع بالسمع يتمتع بالبصر وهي نعمة في الأصل، لكن إن استعملت فيما يرضي الله- جل وعلا- صارت نعمة، وإن استعملت فيما لا يرضيه صارت نقمة «كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ» فلا تجده يرسل بصره إلا فيما يرضي الله- جل وعلا- أو في مباح، لكن لا يرسل بصره فيما يحرم عليه من النظر إلى المحارم- محارم المسلمين- أو شيء منكر لا يستطيع إنكاره، أو يعرِّض بصره أو سمعه لفتنة لا يستطيع إنكارها، أو يسمع شبهات أو شهوات أو ينظر إلى مغريات، كل هذا يُحفَظ إذا تقرب إلى ربه بالنوافل، فالنوافل سياج منيع يحفظ الواجبات ويحفظ الجوارح من انتهاك المحرمات «وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا» فلا تجده يبطش ولا يزاول عملًا بيده إلا ما هو مباح أو مطلوب، بمعنى أنه واجب أو مستحب ورجله التي يمشي بها فلا تجده يمشي ولا يسعى إلا إلى شيء مشروع. الله تعالى يسدد هذا الولي في سمعه وبصره وعمله بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصاً، وبالله تعالى استعانة، وفي الله تعالى شرعاً واتباعاً، فيتم له بذلك كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة وهذا غاية التوفيق. *أن الله تعالى إذا أحب عبداً سدده في سمعه وبصره ويده ورجله، أي في كل حواسه بحيث لايسمع إلا ما يرضي الله عزّ وجل، وإذا سمع انتفع، وكذلك أيضاً لايطلق بصره إلا فيما يرضي الله وإذا أبصر انتفع، كذلك في يده: لايبطش بيده إلا فيما يرضي الله، وإذا بطش فيما يرضي الله انتفع، وكذلك يقال في الرِّجل. «وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ » هذا الوعد بعد أن تقرَّب إلى الله بما افترض عليه ثم تقرب إليه بالنوافل حتى أحبه وحينئذ يكون قد تجاوز مرحلة الحرام وانتهاك المحرمات من باب أولى؛ لأن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، والتخلية كما يقول أهل العلم قبل التحلية فيكون تركه للمحرمات مع إتيانه للواجبات ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الثانيةالتي هي التقرب بالنوافل والإكثار منها حتى يصل إلى أن يكون وليًّا لله- جل وعلا- يحفظ سمعه، ويحفظ بصره، ويحفظ يده، ويحفظ رجله، ومع ذلك يحفظ قلبه الذي جميع خطابات الشرع تتوجه إليه والذي هو بمنزلة الملك بالنسبة للأعضاء، والذي هو إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، بذل الأسباب لإجابة الدعاء ومنع الموانع التي تمنع من إجابة الدعاء، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ. فهناك أسباب لإجابة الدعاء وهناك موانع من قبول الدعاء كما جاء في الحديث الإلهي الآخر، حديث أبي ذر: «ثم ذكرَ الرجلَ يطيلُ السَّفرَ . أشعثَ أغبَرَ . يمدُّ يدَيه إلى السماءِ . يا ربِّ ! يا ربِّ ! ومطعمُه حرامٌ ، ومشربُه حرامٌ ، وملبَسُه حرامٌ ، وغُذِيَ بالحرام . فأَنَّى يُستجابُ لذلك ؟ » الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم- المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 1015 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - شرح الحديث- الدرر السنية . أشعث أغبر يطيل السفر، المسافر له دعوة مستجابة فهذه من أسباب إجابة الدعاء، يمد يديه إلى السماء وهذه أيضًا من أسباب إجابة الدعاء؛ لأن الله- جل وعلا- حيي كريم يستحيي أن يمد إليه عبده يديه فيردهما صفرًا،« إنَّ ربَّكم حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبدِه أن يرفعَ إليه يدَيْه فيرُدَّهما صِفرًا أو قال خائبتَيْن ».الراوي : سلمان الفارسي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 3131 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | انظر شرح الحديث رقم 30919- الدرر السنية فرفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء كالسفر، وهو أشعث أغبر منكسر القلب فأسباب الإجابة متوافرة ما الذي يمنع؟ أنى يستجاب له يعني استبعاد أن يستجاب لمثل هذا لماذا؟ لوجود المانع، مطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له استبعاد لوجود المانع ولذا على المسلم إذا أراد أن يكون مستجاب الدعوة أن يتحرى الحلال " وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مُسَاءَتَهُ " أَخْبَرَ أَنَّهُ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَيَسُوءُهُ ، وَيَكْرَهُ اللَّهُ مُسَاءَتَهُ ؛ قيل : هَذَا خِطَابٌ لَنَا بِمَا نَعْقِلُ ، وَالرَّبُّ مُنَزَّهٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ ، بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ " وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْته هَرْوَلَةً " *وقال الشيخ ابن عثيمين"إثبات التردد لله عزَّ وجلَّ على وجه الإطلاق لا يجوز، لأن الله تعالى ذكر التردد في هذه المسألة"وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ"، وليس هذا التردد من أجل الشك في المصلحة، ولا من أجل الشك في القدرة على فعل الشيء، بل هو من أجل رحمة هذا العبد المؤمن، ولهذا قال في نفس الحديث" يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ". وهذا لا يعني أنَّ الله عزَّ وجلَّ موصوف بالتردد في قدرته أو في علمه، بخلاف الآدمي فهو إذا أراد أن يفعل الشيء يتردد، إما لشكه في نتائجه ومصلحته، وإما لشكه في قدرته عليه: هل يقدر أو لا يقدر. أما الرب عزَّ وجلَّ فلا. لقاء الباب المفتوح 1369 *قال ابن تيمية في "وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ": "وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح"حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره" وقال تعالى"كُتِبَ عليكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ" الآية [البقرة: 216] ومن هذا الباب، يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث، فإنه قال"وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ" فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبًا للحق، محبًا له، يتقرب إليه أولًا بالفرائض، وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها، فأتي بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين، بقصد اتفاق الإرادة، بحيث يحب ما يحبه محبوبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه. والله ـ سبحانه وتعالى ـ قد قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده ولابد منه، فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده؛ وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مرادًا للحق من وجه، مكروهًا له من وجه، وهذا حقيقة التردد وهو: أن يكون الشيء الواحد مرادًا من وجه، مكروهًا من وجه، وإن كان لابد من ترجح أحد الجانبين، كما ترجح إرادة الموت، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته، كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته. مجموع فتاوى ابن تيمية *القُروبــات القُروبــات*
|
#3
|
||||
|
||||
فضل الذكر إن شأن الذكر لعجيب، فالعبادات التي افترضها الله علينا إنما افترضت كي يذكر الله فيها، قال الله سبحانه"وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي "طه:14 أي: وأقم الصلاة لتذكرني فيها، وقال النبي عليه الصلاة والسلام"إنَّما جُعلَ رميُ الجمارِ والسَّعيُ بينَ الصَّفا والمروةِ لإقامةِ ذكرِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ" الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : ابن حجر العسقلاني - المصدر : تخريج مشكاة المصابيح -الصفحة أو الرقم: 3/85 - خلاصة حكم المحدث : حسن كما قال في المقدمة- الدرر السنية الدرر السنية، ، فالعبادات التي افترضها الله علينا إنما افترضت كي نذكر الله سبحانه وتعالى فيها، ولا جرم؛ فإن الله يقول: "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا "الأحزاب:35 ، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام لما كان في سفر مع أصحابه، "سبق المفردون.. سبق المفردون! قال الإمام مسلم في صحيحه حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ، قال حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، قال حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ، فَقَالَ"سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ" قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ" الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2676 . هنا -"سَبَقَ المفرِّدون"، أيِ: المُفَرِّدونَ أَنفُسَهم عن أَقرانِهم، المُميِّزونَ أَحوالَهم عن إِخوانِهم بنَيلِ الزُّلفَى والعُروجِ إِلى الدَّرجاتِ العُلى؛ لأنَّهم أُفرِدُوا بذِكرِ اللهِ عمَّن لم يَذكُرِ اللهَ، -"الذَّاكرونَ اللهَ كَثيرًا" أَي: ذِكرًا كَثيرًا في أكثرِ أَحوالِهم. -وليس من عجب أن يدعو موسى عليه السلام ربَّهُ أن يمده بأخيه هارون؛ لعلة كبرى، قال موسى عليه السلام"هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي "طه:30-32، لماذا؟ قال"كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا "طه:33-35 ، فموسى يطلب من الله أن يعينه بأخيه هارون، وأن يمنّ على أخيه هارون بالنبوة هو الآخر؛ لِعِلَّةٍ لا شك أنها من أعظم العِلَلِ، ألا وهي ذكر الله. مقتبس من هنا فضل الذكر والذاكرين الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وبعد.*فإن الذكر ضد النسيان وضد الغفلة. لأجل هذا أمر المولى تبارك وتعالى به عباده المؤمنين قال تعالى"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ "البقرة:152. وقال تعالى"وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ "الأعراف:205. وقال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً *وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ".الأحزاب41 ،42 وقال"إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"الأحزاب:35. والذاكرون الله كثيرًا هم الذين يذكرون الله في كل حال كما قال ربنا"الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "آل عمران191 -وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت "كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ على كلِّ أحيانِه ".الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 373 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -شرح الحديث- هنا قال ابن عباس: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوًا وعشيًا أي صباحًا ومساءً، وفي المضاجع أي عند النوم، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله أي في دخوله وخروجه والمعنى أنهم يذكرون الله في جميع أحوالهم. وقال ابن الصلاح: إذا واظب المسلم على الأذكار المأثورة الثابتة صباحا ومساءً، وفي الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ونهارًا كان من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وفي الحديث الذي رواه الأربعة إلا الترمذي "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعا، كتبا في الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات" ذكر ذلك النووي في الأذكار وروى ابن ماجه عن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم" - أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به قال : لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ" الراوي : عبدالله بن بسر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي- الصفحة أو الرقم: 3375 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا فما أعظم أيها المسلم وما أيسر أن تكون من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وأن يبقى لسانك وقلبك وظاهرك وباطنك على هذا الذكر، فلا تغفل عن الله طرفة عين. وقد ورد في فضل الذكر آيات وأحاديث كثيرة يطول المقال بذكرها منها ما رواه ابن ماجه والترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"- ألا أنبِّئُكُم بِخيرِ أعمالِكُم وأَرضاها عندَ مليكِكُم ، وأرفعِها في درجاتِكُم ، وخيرٍ لَكُم من إعطاءِ الذَّهبِ والورِقِ ، ومِن أن تلقوا عدوَّكُم فتَضرِبوا أعناقَهُم ، ويَضرِبوا أعناقَكُم ؟ قالوا: وما ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: ذِكْرُ اللَّهِ"الراوي : أبو الدرداء - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم: 3072 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- هنا *حضور الملائكة مجالس الذكر والملائكة يتتبعون الذاكرين ويحرصون على مجالس الذكر كما في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إنَّ للهِ تباركَ وتعالَى ملائكةً سيَّارةً . فُضُلًا . يتبعونَ مجالسَ الذكرِ . فإذا وجَدوا مجلسًا فيه ذِكرٌ قعَدوا معهمْ . وحفَّ بعضُهم بعضًا بأجنحتِهِم . حتَّى يملئوا ما بينَهُم وبينَ السَّماءِ الدُّنيا . فإذا تفرَّقوا عرَجوا وصعِدوا إلى السَّماءِ . قال فيسألُهُم اللهُ عزَّ وجلَّ ، وهو أعلمُ بهم : من أين جِئتُم ؟ فيقولونَ : جِئنا من عندِ عِبادٍ لك في الأرضِ ، يسبِّحونكَ ويكَبِّرونكَ ويُهلِّلونكَ ويَحمدونكَ ويسألونكَ . قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا : يسألونَكَ جنَّتكَ . قال : وهلْ رأوْا جنَّتي ؟ قالوا : لا . أي ربِّ ! قال : فكيف لو رأَوْا جنَّتي ؟ قالوا : ويَستجيرونَكَ . قال : وممَّ يستجيرونَني ؟ قالوا : من نارِكَ . يا ربِّ ! قال : وهل رأَوْا ناري ؟ قالوا : لا . قال : فكيفَ لو رأَوْا ناري ؟ قالوا : ويستغفرونَكَ . قال فيقولُ : قد غفرتُ لهم . فأعطيتُهم ما سألوا وأجَرتُهم ممَّا استجاروا . قال فيقولونَ : ربِّ ! فيهم فلانٌ . عبدٌ خطَّاءٌ . إنَّما مرَّ فجلس معهم . قال فيقولُ : وله غفرتُ . همُ القومُ لا يَشقَى بهم جليسُهُم " الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2689- خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 10429 - هنا فتأمل أيها المسلم هذه المحاورة بين الله عز وجل وبين الملائكة، وفكر في قول الله تعالى"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ "البقرة152 .أمر تعالى المؤمنين بذكره، ووعد عليه أفضل الجزاء، وهو الثناء في الملأ الأعلى على مَنْ ذكره, وخصوني -أيها المؤمنون- بالشكر قولا وعملا ولا تجحدوا نعمي عليكم.التفسير الميسر وفي قوله في الحديث القدسي"يقول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلةً." الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 7405 | خلاصة حكم المحدث :صحيح | شرح الحديث-هنا وقوله "إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ : أَنا مَعَ عبدي إذا هوَ ذَكَرَني وتحرَّكت بي شفتاهُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 3074- خلاصة حكم المحدث : صحيح-هنا وسل نفسك هل أنت مع ربك، وهل تحب أن يكون الله معك، وأن يذكرك في الملأ الأعلى من الملائكة، أم تريد أن تعرض عن الله وأن ترضى بملازمة الشياطين ومصاحبتهم أعاذنا الله منهم. *ذكر الله عز وجل عصمة من الشيطان فيا من يشكو من مس الشيطان ومن وسوسة الشيطان أين أنت من ذكر الله ومعية الرحمن والله تبارك وتعالى يقول: "وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم" الأعراف: 200 "وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ "المؤمنون97 فهذه مواضع يرشد فيها المولى تبارك وتعالى إلى الاستعاذة به من العدو الأصيل وهو الشيطان الرجيم "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"فاطر:6. فإنه لا يكفه عنك الإحسان لإنه يريد هلاكك بالكلية وهو عدو لك ولأبويك من قبلك، وكل همه أن يحول بينك وبين الجنة كما فعل مع أبويك من قبل"قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ *ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ "الأعراف:15- 17. ولهذا أرشد عباده إلى الاستعاذة بالله منه فهو سبحانه الذي يرد كيده، ويكف شره، ويعفو عن زلات عباده ويتوب عليهم كما تاب على الأبوين حين زلا"قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "الأعراف:23. "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "البقرة:37} وذكر الله عز وجل في الجملة يحمي من الشيطان الرجيم، وفي الحديث الذي رواه الترمذي وأحمد عن الحارث الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فذكر أمرهم بالتوحيد والصلاة والصوم والصدقة ثم ذكر الخامسة وهي ذكر الله عز وجل فقال"....وآمُركم أن تَذكُروا اللهَ؛ فإنَّ مَثلَ ذلك كمَثلِ رجلٍ خرَج العدوُّ في أثَرِه سِراعًا حتَّى إذا أتى على حِصنٍ حَصينٍ، فأحرَز نفسَه منهم، كذلك العبدُ لا يُحرِزُ نفسَه مِن الشَّيطانِ إلَّا بذِكْرِ اللهِ".الراوي : الحارث بن الحارث الأشعري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 2863 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا ". الحديث قال ابن القيم: فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة لكان حقيقًا بالعبد أن لا يفتر لسانه عن ذكر الله عز وجل وأن لا يزال لهجًا بذكره سبحانه، فإن العبد لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه عدوه إلا من باب الغفلة، فهو يرصد العبد ويتربص به فإذا غفل العبد وثب عليه وافترسه، فإذا ذكر العبد ربه انخنس عدو الله وتصاغر حتى يكون كالذباب ولهذا سماه المولى تبارك وتعالى الوسواس الخناس لأنه يوسوس في الصدور فإذا ذكر الله تعالى خنس وكف وانقبض وتصاغر، ولا يتسلط إلا على من عجز عن ذكر ربه من أولياء الشيطان الضالين المضلين. وقد روى أحمد في مسنده عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنتُ رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فعثر الحمار فقلت: تعس الشيطان. قال النبي صلى الله عليه وسلم"لا تقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، فإنَّكَ إذا قُلْتَ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، تَعَاظَمَ في نفسِهِ ، وقال : صَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي ، وإذا قُلْتُ : بسمِ اللهِ ، تَصاغَرَتْ إليهِ نفسُهُ حتى يَكُونَ أَصْغَرَ مِنَ ذُّبابِ" الراوي : رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدث : الألباني المصدر : صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 3129 خلاصة حكم المحدث : صحيح-هنا وقال ابن عباس: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله تعالى خنس. "الوابل الصيب لابن القيم" *فالغفلة عن ذكر الله عز وجل موات للقلوب. "مثلُ الَّذي يذكُرُ ربَّه والَّذي لا يذكُرُ ربَّه مثلُ الحيِّ والميِّتِ" الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6407 -خلاصة حكم المحدث : صحيح. هنا *والبيت الذي لا يصلي فيه أهله كالقبر الذي يسكنه الأموات، وفي الحديث الصحيح "اجعَلوا من صلاتِكم في بيوتِكم . ولا تتخِذوها قبورًا"الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 777 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 22448. هنا ، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"يعقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم ثلاثَ عُقَدٍ إذا نام . بكلِّ عُقدةٍ يضربُ عليك ليلًا طويلًا . فإذا استيقظ ، فذكر اللهَ ، انحلّتْ عُقدةٌ . وإذا توضأ ، انحلَّتْ عنه عقدتانِ . فإذا صلَّى انحلَّتِ العُقَدُ . فأصبح نشيطًا طيِّبَ النَّفسِ . وإلا أصبح خبيثَ النَّفسِ كَسْلانَ" الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 776 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- هنا وإن من الموات أن يترك بعض الناس اللجوء إلى الله تعالى ويلجأون إلى ما يضرهم ولا ينفعهم من السحرة المشعوذين والكهنة والعرافيين، وهذا أعظم ما يطمع فيه الشيطان من ابن آدم أن يوقعه في الشرك ويحول بينه وبين التوكل على الله وحده، وينسون قول الله تعالى "وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ "البقرة:102. وإن من العجب العجاب أن يلجأ بعض المسلمين إلى طلب الرقية ممن يزعمون أنهم يعالجون بالقرآن الكريم والرقية الشرعية مع أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي علمنا الرقية الشرعية حذرنا من أن نطلبها من أحد أو نسأل أحدًا وهو الذي يقول ""يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ ". الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 2516 - خلاصة حكم المحدث صحيح هنا وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أن السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب من صفوة هذه الأمة "هم الذين لا يسترقون" أي لا يطلبون الرقية من أحد من الناس مع أن الرقية مشروعة ونافعة بإذن الله تعالى ولكنها مع ذلك لا يطلبها المؤمنون المتوكلون على الله عز وجل فهم "لايسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" جعلنا الله منهم بمنه وكرمه. واعلم أخي المسلم أن الغفلة عن ذكر الله تورث قسوة القلب، فيصدأ القلب، ويغلفه الران، حتى يصبح الغافل على شفا جرف هار ينهار به في أتون النفاق المفضي إلى الدرك الأسفل من النار، ولا ينقذنا من هذه الهاوية إلا الله عز وجل نحتمي به ونعتصم به من الضلالة. وذكر الله عز وجل أمان من النفاق، لأن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا كما قال ربنا عز وجل. "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً"النساء:142. لأجل هذا ختم المولى تبارك وتعالى سورة "المنافقون" بالتحذير من الغفلة عن ذكر الله عز وجل مخالفةً لسبيل المنافقين فقال"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ*وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ *وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "المنافقون:9- 11. مقتبس من هنا |
#4
|
||||
|
||||
|
#5
|
||||
|
||||
الخوف من الله هذه بعض الثمرات التي قد ينالها المرء من مخافة الله عز وجل . فمن ثمرات الخوف من الله : قال تعالى " وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ " سورة الرعد 21 . المتأمل في هذه الآية الكريمة يجد فروقًا دلالية بين الخشية والخوف .الخشية هي الخوف المقرون بالعلم. قال الشيخ العثيمين-رحمه الله في شرح رياض الصالحين - أداب المجلس و الجليس- "...والخشية هي الخوف المقرون بالعلم لقول الله تبارك وتعالى" إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ." فالخشية هي خوف الله عز وجل المقرون بالهيبة والتعظيم ولا يصدر ذلك إلا من عالم بالله . وأما الخوف فهو خوف مجرد ذعر يحصل للإنسان ولو بلا علم، ولهذا قد يخاف الإنسان من شيء يتوهمه، قد يرى في الليلة الظلماء شبحًا لا حقيقة له فيخاف منه، فهذا ذعر مبني على وهم، لكن الخشية تكون عن علم. "الخشية" تكون لعظم المخشيّ؛ و"الخوف" لضعف الخائف وإن كان المخوف ليس بعظيم، فكل خشية خوف وليس كل خوف خشية ولهذا يخاف الإنسان من الأسد ولكنه لا يخشاه أما الله عز وجل فإن الإنسان يخاف منه ويخشاه قال الله تعالى"فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ " المائدة:44. إن المؤمن في هذه الحياة لا غنى له عن أمرين؛ حتى يلقى الله - تعالى - الخوف والرجاء، فهو يحب ربه ويرجوه، ويخافه ويخشاه ولا يعصيه، وهما جناحان لا غنى للعبد عنهما، كجناحي الطائر إذا استويا، استوى الطير وتمَّ طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت. "صنَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيئًا فرخَّص فيه، فتَنَزَّه عنه قَومٌ، فبلَغ ذلك النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فخطَب فحمِد اللهَ ثم قال " ما بالُ أقوامٍ يتنَزَّهونَ عن الشيءِ أصنعُه، فواللهِ إني لأعلمُهم باللهِ، وأشدُّهم له خَشيَةً"الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6101 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- "صَنَع" أي: عَمِل "النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا فرخَّص فيه، فتنزَّه عنه قومٌ" أي: تَباعَدوا واحْترَزُوا عنه صِيانةً لدِينهم في ظنِّهم"فبَلَغ ذلك النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فخَطَب» الناسَ لِتَعُمَّ الفائدةُ "فحَمِد اللهَ تعالى، ثُمَّ قال: ما بَالُ أقوامٍ"، أي: ما حالُهم؟ ولم يُسمِّهم سَترًا عليهم وتأليفًا لهم، "يَتنَزَّهون عن الشَّيءِ أَصنَعُه؟!" فإنْ كان هذا منهم لأمرٍ شرعيٍّ «فواللهِ إنِّي لَأعلَمُهم بالله»؛ لأنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم هو رسولُه والمخبِر عنه، «وأشدُّهم له»، أي: أكثرُهم لله " خَشْيَةً" والخَشيةُ: هي الخوفُ مع مع العِلم، فلمْ يَبْقَ لهم عُذرٌ في تَرْكِ ما صَنَع نَبِيُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. في الحديثِ: رِفقُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأُمَّتِه، وعدَمُ مواجهتِه بالعِتابِ لِمَن يُعاتِبُه. وفيه: خُطورةُ التنقُّصِ مِمَّا ثَبَت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فِعلًا وتركًا. وفيه: أنَّ العِلمَ باللهِ والخشيةِ منه هي ما يُجنِّب المُسلِمَ الزَّلَلَ والضَّلالَ.الدرر السنية ولقد جاء في السنة موقف من مواقف تعليم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأُمَّته عن هذين الأمرين؛ لكي يقف العبد عندهما ويجعلهما نُصْب عينيه، فلا يغفل عنهما؛ فعن أنس - رضي الله عنه"أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ دخلَ على شابٍّ وَهوَ في الموتِ فقالَ "كيفَ تجدُكَ" قالَ واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أرجو اللَّهَ وإنِّي أخافُ ذنوبي فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ "لا يجتَمِعانِ في قلبِ عبدٍ في مثلِ هذا الموطِنِ إلَّا أعطاهُ اللَّهُ ما يرجو وآمنَهُ ممَّا يخافُ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 983 - خلاصة حكم المحدث : حسن. وكلما زاد خوف العبد من ربِّه، زاد عمله، وقل عُجْبه، وقلت معصيته، وكلما قلَّ خوف العبد من ربِّه، نقص عمله، وزاد عجبه، وكثرت معصيته. فالخوف صفة بارزة من صفات عباد الله الصالحين، لا غنى لهم عنها في مسيرهم إلى الله – تعالى - فتراهم يؤدون حقوق الله، وهم خائفون وجلون من عدم قبولها.فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "سألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن هذِهِ الآيةِ "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ " قالت عائشةُ : أَهُمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ ويسرِقونَ قالَ:" لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ ، ولَكِنَّهمُ الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ ويتصدَّقونَ ، وَهُم يخافونَ أن لا تُقبَلَ منهُم "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3175 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. *"خطَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خطبةً ما سمِعتُ مثلَها قَطُّ قال " لو تَعلَمونَ ما أعلَمُ لضَحِكتُم قليلًا ولبَكيتُم كثيرًا " . قال فغطَّى أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وجوهَهم لهم خَنينٌ ، فقال رجلٌ : من أبي ؟ قال " فلانٌ " . فنزَلَتْ هذه الآيةُ " لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ " .الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4621 - خلاصة حكم المحدث : صحيح وفي الحديثِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهِ عليه وسلَّم أعظمُ النَّاس خَشيةً لربِّه؛ لأنَّ خَشيةَ اللهِ إنَّما تكونُ على مِقدارِ العِلمِ بِه، ولمَّا لم يَعلمْ أحدٌ كعِلمِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، لم يَخشَ كخَشيتِه. وفيه: فضلُ الصَّحابةِ وبُكاؤُهم عندَ موعظةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لهم. وفيه: النَّهيُ عن كَثرةِ السُّؤالِ وتَكلُّفِ ما لا يَعْنِي.الدرر السني " لو تَعلَمونَ ما أعلَمُ لضَحِكتُم قليلًا ولبَكيتُم كثيرًا " أي : لو أنكم علمتم ما أعلمه من عظمة الله عز وجل، وانتقامه ممن يعصيه، لطال بكاؤكم وحزنكم وخوفكم مما ينتظركم، ولما ضحكتم أصلاً، فالقليل هنا بمعنى المعدوم، وهو مفهوم من السياق. فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب ولقد بلغ سلفنا الصالح مبلغًا عظيمًا في هذا الباب من شدة خوفهم من الله - تعالى -: الخوف من الله وثمراتهرُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: "لو نادى منادٍ من السماء: أيها الناس، إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلاً واحدًا، لخفت أن أكون أنا هو"؛ "التخويف من النار"؛ لابن رجب، ص :17. فانظروا لهذا الخليفة الراشد، وقد شهد له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالجنة يقول أنه يخاف ألا يكون من أهل الجنة، فماذا نقول نحن وقد قصرت بنا أعمالنا، وغلبت علينا الذنوب والمعاصي، ونحن نأمل دخول الجنة مع التقصير في العمل ومحبة طول الأمل. ورُوي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: "كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال لي: ضع رأسي، قال: فوضعته على الأرض، فقال: "ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي". ورُوي أن أبا هريرة - رضي الله عنه - بكى في مرضه، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: "أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بُعد سفري، وقِلَّة زادي، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يُؤخذ بي". ونحن والله في أشد الحاجة لمثل هذا الكلام أن نستشعره في قلوبنا، فإذا كان هذا الصحابي الجليل وصاحب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والحافظ لكثير من أحاديثه، يقول هذا الكلام، فما نقول نحن وقد قلَّت طاعتنا، وكثرت ذنوبنا، فإلى الله المشتكى من أحوالنا. ورُوي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس في أصل جبل، يخشى أن ينقلب عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه، فقال به هكذا"، ولو نظر كل منَّا لنفسه وحاسبها، لوجد أنه يقع في كثير من المعاصي وهو لا يشعر، وهذا من الغفلة العظيمة عن محاسبة النفس. ورُوي أن علي بن الحسين كان إذا توضأ اصفرَّ وتغيَّر، فيقال: مالك؟ فيقول: أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟ فكيف به لو نظر لحال بعضنا الآن وهم داخلون إلى الصلاة في ضحك وسواليف، وانشغال بالدنيا! بل يدخل الواحد منَّا إلى الصلاة ويخرج، ولم يخشع قلبه أو تدمع عينه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" المؤمنون: 57 – 61. وقيل "أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله - عزَّ وجلَّ - وكل قلب ليس فيه خوف، فهو قلب خرب".الألوكة - يظله الله يوم لا ظل إلا ظله: - " سبعةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تعالى في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ : إمامٌ عدلٌ ، وشابٌّ نشأَ في عبادةِ اللهِ ، ورجلٌ قلبُهُ مُعَلَّقٌ في المساجدِ ، ورجلانِ تحابَّا في اللهِ ، اجتمعا عليهِ وتفرَّقا عليهِ ، ورجلٌ دعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ ، فقال : إني أخافُ اللهَ ، ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ ، فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُهُ ما تُنْفِقْ يمينُهُ ، ورجلٌ ذَكَرَ اللهَ خاليًا ففاضتْ عيناهُ ".الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 1423 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - سبب للنجاة من كل سوء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-" ثلاثٌ كفَّاراتٌ ، و ثلاثٌ درجاتٌ ، و ثلاثٌ مُنجِياتٌ ، و ثلاثٌ مُهلِكاتٌ ؛ فأما الكفَّاراتُ ، فإسباغُ الوُضوءِ في السَّبَرَاتِ ، و انتِظارُ الصَّلاةِ بعد الصَّلاةِ ، و نقلُ الأقدامِ إلى الجَماعاتِ ، وأمَّا الدَّرجاتُ فإطعامُ الطعامِ ، وإفشاءُ السلامِ ، والصَّلاةُ باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ ، و أمَّا المنجِياتُ ، فالعَدلُ في الغَضبِ و الرِّضَا ، و القَصدُ في الفقرِ والغِنَى ، و خَشيةُ اللهِ في السِّرِّ و العَلانيةِ ، و أمَّا المهلِكاتُ ، فشُحٌّ مُطاعٌ ، و هوًى مُتَّبَعٌ ، و إعجابُ المرءِ بنَفسِه"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب -الصفحة أو الرقم: 453 - خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره. "إسباغُ الوُضوءِ في السَّبَرَاتِ"والإسباغ: هو الإحسان وموافقة السنة. السَّبَرَاتِ أي المكاره, عندما يثقل الوضوء على العبد بسبب البرد, أو الكسل عنه, فإنه يعظم أجره, ولذلك صارت المحافظة على الوضوء لكل صلاة من علامات الإيمان, حتى لو كان المسلم على طهارة, لقوله صلى الله عليه وسلم"استَقيموا ولن تُحصوا واعلَموا أنَّ مِن أفضلِ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ ،ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ"الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم: 227 - خلاصة حكم المحدث : صحيح "استَقيموا ولن تُحصوا"ولن تستطيعوا أن تحصوا ثواب الاستقامة .خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان "انتِظارُ الصَّلاةِ بعد الصَّلاةِ"، وذلك أن في انتظار الصلاة بعد الصلاة دلالة على تعلق قلب والمراد بها تعلق القلب بالصلاة والمسجد, كلما فرغ من فريضة تعلق قلبه بالتي بعدها, فتجده مشغولاً بهذه العبادة قلباوقالبا, فكره مشغول بها, وبدنه مشغول بأدائها, والمواظبة عليها. - ثناء الله عليهم: قال تعالى "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "السجدة:16-17. ترتفع جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله عن فراش النوم, يتهجدون لربهم في صلاة الليل, يدعون ربهم خوفًا من العذاب وطمعًا في الثواب, ومما رزقناهم ينفقون في طاعة الله وفي سبيله.التفسير الميسر وقال تعالى"أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ "الزمر9 . -حصول المغفرة الموجبة لدخول الجنة: كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"كان رجلٌ يُسْرِفُ على نفسِه ، فلمَّا حضَرَه الموتُ قال لبنيه : إذ أنا مِتُّ فأحرِقوني ، ثمَّ اطحَنوني ، ثمَّ ذُرُّوني في الرِّيحِ ، فواللهِ لئن قدَر عليَّ ربِّي ليُعَذِّبَنِّي عذابًا ما عذَّبه أحَدٌ ، فلمَّا مات فُعِلَ به ذلك ، فأمَر اللهُ الأرضَ فقال : اجمَعي ما فيك منه ، ففعَلَتْ ، فإذا هو قائمٌ ، فقال : ما حمَلَك على ما صنَعْتَ ؟ قال : يا ربِّ خشيتُك ، فغفَر له . وقال غيرُه : مخافتُك يا ربِّ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3481 - خلاصة حكم المحدث :صحيح. وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" يعجَبُ ربُّكم مِن راعي غنمٍ في رأسِ شظيَّةٍ بجبلٍ ، يؤذِّنُ بالصَّلاةِ ، ويصلِّي ، فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: انظروا إلى عبدي هذا يؤذِّنُ ، ويقيمُ الصَّلاةَ ، يخافُ منِّي ، قد غفَرتُ لعبدي وأدخلتُهُ الجنَّةَ" الراوي : عقبة بن عامر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 1203 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - ومن أعظم فضائل الخوف: حصول الأمن في الآخرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم"قال اللهُ عزَّ وجلَّ ، و عزَّتي لا أَجْمَعُ لعبدي أَمْنَيْنِ و لا خَوْفَيْنِ ، إنْ هو أَمِنَنِي في الدنيا أَخَفْتُهُ يومَ أَجْمَعُ فيهِ عبادِي ، و إنْ هو خَافَنِي في الدنيا أَمَّنْتُهُ يومَ أَجْمَعُ فيهِ عِبادِي" الراوي : شداد بن أوس - المحدث : الألباني - المصدر : السلسلة الصحيحة-الصفحة أو الرقم: 742 - خلاصة حكم المحدث : صحيح و الحمد لله رب العالمين |
#6
|
||||
|
||||
لاَّ خَيْرَ فِي كَثِير مِّن نَّجْوَاهُمْ "لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً "النساء 114 النفعُ لازمٌ ومتعدٍّ .. فاللازم ما كان نفعه يخص صاحبه فحسب ، وقد يُعبر عنه بـ " النفع القاصر " والمتعدي ما يتعدى نفعُه للآخرين . فالأول مثاله نافلة الصلاة ، والثاني مثاله نافلة الصدقة . والنوع الثاني أحب إلى الله ، وأنفع لعباد الله . ولذا يُقدّم ما لَه نفع متعدٍّ . تأمل قوله تبارك وتعالى " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ " تأمل كيف قدّم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله عز وجل رغم أهمية الإيمان ، فالإيمان نفعه لازم لصاحبه ، وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فنفعه متعدٍّ ، إذ هو بمثابة صمام الأمان لهذه الأمة ، وبه ينحسر مـدّ الفساد الذي يكون سببا لهلاك العباد وخراب البلاد مع ما يُضاف إلى ذلك مِن سرّ تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله عز وجل : أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حماية للإيمان بالله وصيانة لأركان الإيمان ثم تأمل قوله تعالى "لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً "النساء114 لتعلم أن قضاء حاجات عباد الله - مما يقدر عليه المسلم - أحب إلى الله من اعتكاف المسلم في بيت من بيوت الله ، مع ما في الاعتكاف من إحياء الليل وقراءة القرآن والبعد عن الفتن ، ولكن مع ذلك فقضاء حاجات ذوي الحاجات أحب إلى الله من ذلك . ولذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله ؟ وأي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعًا ، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا ، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه ؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا ، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له ؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ" الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 2623 - خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره- الدرر السنية . رواه الطبراني في الكبير ، والحديث في صحيح الجامع . والمتأمل في هذا الحديث العظيم يرى أن هذه الأعمال مما يتعدى نفعُها إلى الآخرين . فأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأما أحب الأعمال إلى الله فـ : سرور تدخله على قلب مسلم . أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دَيناً أو تطرد عنه جوعا وقيامك مع أخيك في حاجته أفضل من الاعتكاف في مسجده عليه الصلاة والسلام شهراً . وهذا إذا قمت معه ووقفت إلى جانبه سواء قُضِيت حاجته أو لم تُقض . أما إذا قُضيت فـ : من مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبّت الله قدمه يوم تزول الأقدام . والسعي على المحاويج من الضعفاء والمساكين كالمجاهد في سبيل الله . قال عليه الصلاة والسلام "السَّاعي على الأرملةِ والمسكينِ ، كالمُجاهدِ في سبيلِ اللَّهِ ، أو القائمِ الليلَ والصائمِ النهارِ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 5353 - خلاصة حكم المحدث صحيح- شرح الحديث- الدرر السنية " ومعنى الساعي الذي يذهب ويجيء في تحصيل ما ينفع الأرملة والمسكين " قاله ابن حجر . وما ذلك إلا لتعدي نفعه إلى غيره ، خاصة من أصحاب الحاجات مِن الأرامل والمساكين . مع الحرص على نفع الخَلْق معنويا ومادِّيّا .. قال الشيخ السعدي في تفسيره : كثيرا ما يَجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن ؛ لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمَعْبُود ، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عَبِيده . فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود ، وسَعْيه في نفع الخلق ، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه ، فلا إخلاص ولا إحسان . اهـ . هل رأيتم أفضل من هذا ؟ وإنما بلغت هذه الأعمال هذه الرتبة لتعدي نفعها . وهكذا يحرص الإسلام على التآخي والتكاتف ، وعلى نبذ الأنانية وحب الذات . فالموفّق من وُفِّق للمبادرة لمثل هذه الأعمال . وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول : ولو أنني أسعى لنفعي وجدتني = كثير التّواني للذي أنا طالِبه ولكنني أسعى لأنفع صاحبي = وعار على الشبعان أن جاع صاحبه ومع ذلك يجب أن لا ينسى المسلم نفسه في خضم ذلك فيكون كالشمعة التي تحترق ليستضيء الآخرون . فلربما نسي الشخص نفسه في ظل البذل والتضحية في سبيل مثل هذه الأعمال . ولكنه يوفِّق بين الأمرين ، فلا ينسى نصيبه من العمل الصالح اللازم . ولا ينسى أن يبذل من نفسه ووقته للآخرين . والموفَّق من عرف خير الخيرين ، فعمِل به . وعرف شرّ الشرّين فاجتنبه . جعلني الله وإياكم ممن وُفِّق لفعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
__________________
|
|
|