العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى القرآن والتفسير > ملتقى القرآن والتفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-09-2018, 06:50 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Post تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُطَفِّفِينَ


تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُطَفِّفِينَ

وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
وَيْلٌكَلِمَةُ عَذَابٍ، وَعِقَابٍ لِلْمُطَفِّفِينَ
وَفَسَّرَ اللَّهُ الْمُطَفِّفِينَ بِأَنَّهُمْ "الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ" أَيْ: أَخَذُوا مِنْهُمْ وَفَاءً عَمَّا ثَبَتَ لَهُمْ قِبَلَهُمْ يَسْتَوْفُونَهُ كَامِلًا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ. وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ أَيْ: إِذَا أَعْطَوُا النَّاسَ حَقَّهُمُ، الَّذِي لَهُمْ عَلَيْهِمْ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، يُخْسِرُونَ أَيْ: يَنْقُصُونَهُمْ ذَلِكَ، إِمَّا بِمِكْيَالٍ وَمِيزَانٍ نَاقِصَيْنِ، أَوْ بِعَدَمِ مَلْءِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا سَرِقَةٌ لِأَمْوَالِ النَّاسِ ، وَعَدَمُ إِنْصَافٍ لَهُمْ مِنْهُمْ. وَإِذَا كَانَ هَذَا "وَعِيدًا عَلَى الَّذِينَ يَبْخَسُونَ النَّاسَ بِالْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ"فَالَّذِي يَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ قَهْرًا أَوْ سَرِقَةً، أَوْلَى بِهَذَا الْوَعِيدِ مِنَ الْمُطَفِّفِينَ.

وَدَلَّتِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ كَمَا يَأْخُذُ مِنَ النَّاسِ الَّذِي لَهُ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنَّ يُعْطِيَهُمْ كُلَّ مَا لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ، بَلْ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ هَذَا الْحُجَجُ وَالْمَقَالَاتُ، فَإِنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمُتَنَاظِرَيْنِ قَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْرِصُ عَلَى مَا لَهُ مِنَ الْحُجَجِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يُبَيِّنَ مَا لِخَصْمِهِ مِنَ الْحُجَّةِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا ، وَأَنْ يَنْظُرَ فِي أَدِلَّةِ خَصْمِهِ كَمَا يَنْظُرُ فِي أَدِلَّتِهِ هُوَ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُعْرَفُ إِنْصَافُ الْإِنْسَانِ مِنْ تَعْصُّبِهِ وَاعْتِسَافِهِ، وَتَوَاضُعُهُ مِنْ كِبْرِهِ، وَعَقْلُهُ مِنْ سَفَهِهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لِكُلِّ خَيْرٍ.


[ ص: 1947 ] ثُمَّ تَوَعَّدَ تَعَالَى الْمُطَفِّفِينَ، وَتَعَجَّبَ مِنْ حَالِهِمْ وَإِقَامَتِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ" أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ" فَالَّذِي جَرَّأَهُمْ عَلَى التَّطْفِيفِ عَدَمُ إِيمَانِهِمْ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَإِلَّا فَلَوْ آمَنُوا بِهِ، وَعَرَفُوا أَنَّهُمْ يَقُومُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، لَأَقْلَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَتَابُوا مِنْهُ.تفسير السعدي = هنا =
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-09-2018, 06:57 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Red face

كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ

يَقُولُ تَعَالَى" كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ" وَهَذَا شَامِلٌ لِكُلِّ فَاجِرٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَرَةِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَالْفَاسِقِينَ "لَفِي سِجِّينٍ "

ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
" وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ" أَيْ: كِتَابٌ مَذْكُورٌ فِيهِ أَعْمَالُهُمُ الْخَبِيثَةُ، وَالسَّجِينُ: الْمَحَلُّ الضَّيِّقُ الضَّنْكُ، وَ "سِجِّينٍ" ضِدُّ "عِلِّيِّينَ" الَّذِي هُوَ مَحَلُّ كِتَابِ الْأَبْرَارِ، كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ
" سِجِّينٍ" هُوَ أَسْفَلُ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، مَأْوَى الْفُجَّارِ وَمُسْتَقَرُّهُمْ فِي مَعَادِهِمْ.

"وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ" ثُمَّ بَيَّنَهُمْ بِقَوْلِهِ "الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ" أَيْ: يَوْمَ الْجَزَاءِ، يَوْمَ يَدِينُ اللَّهُ النَّاسَ فِيهِ بِأَعْمَالِهِمْ.

"وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلا كُلُّ مُعْتَدٍ" عَلَى مَحَارِمِ اللَّهِ، مُتَعَدٍّ مِنَ الْحَلَالِ إِلَى الْحَرَامِ.

"أَثِيمٍ" أَيْ كَثِيرِ الْإِثْمِ، فَهَذَا الَّذِي يَحْمِلُهُ عُدْوَانُهُ عَلَى التَّكْذِيبِ، وَيَحْمِلُهُ عُدْوَانُهُ عَلَى التَّكْذِيبِ وَيُوجِبُ لَهُ كِبْرُهُ رَدَّ الْحَقِّ، وَلِهَذَا "إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا" الدَّالَّةُ عَلَى الْحَقِّ، وَعَلَى صِدْقِ مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، كَذَّبَهَا وَعَانَدَهَا، وَ قَالَ هَذِهِ "أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ" أَيْ: مِنْ تُرَّهَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ الْغَابِرِينَ، لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَكَبُّرًا وَعِنَادًا.

وَأَمَّا مَنْ أَنْصَفَ، وَكَانَ مَقْصُودُهُ الْحَقَّ الْمُبِينَ، فَإِنَّهُ لَا يُكَذِّبُ بِيَوْمِ [ ص: 1948 ]
الدِّينِ، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَقَامَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ، وَالْبَرَاهِينِ السَّاطِعَةِ، مَا يَجْعَلُهُ حَقَّ الْيَقِينِ، وَصَارَ لِقُلُوبِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الشَّمْسِ لِلْأَبْصَارِ ، بِخِلَافِ مَنْ رَانَ عَلَى قَلْبِهِ كَسْبُهُ، وَغَطَّتْهُ مَعَاصِيهِ، فَإِنَّهُ مَحْجُوبٌ عَنِ الْحَقِّ، وَلِهَذَا جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ، بِأَنْ حُجِبَ عَنِ اللَّهِ، كَمَا حَجَبَ قَلْبَهُ فِي الدُّنْيَا عَنْ آيَاتِ اللَّهِ" ثُمَّ إِنَّهُمْ" مَعَ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ الْبَلِيغَةِ "لَصَالُو الْجَحِيمِ"ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ تَوْبِيخًا وَتَقْرِيعًا" هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ" فَذَكَرَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ: عَذَابَ الْجَحِيمِ، وَعَذَابَ التَّوْبِيخِ، وَاللَّوْمَ.

وَعَذَابُ الْحِجَابِ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْمُتَضَمِّنُ لِسُخْطِهِ وَغَضَبِهِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ أَعْظَمُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَدَلَّ مَفْهُومُ الْآيَةِ، عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي الْجَنَّةِ، وَيَتَلَذَّذُونَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ سَائِرِ اللَّذَّاتِ، وَيَبْتَهِجُونَ بِخِطَابِهِ، وَيَفْرَحُونَ بِقُرْبِهِ، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَتَوَاتَرَ فِيهِ النَّقْلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ.

وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ
، التَّحْذِيرُ مِنَ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهَا تَرَيْنُ عَلَى الْقَلْبِ وَتُغَطِّيهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَتَّى يَنْطَمِسَ نُورُهُ، وَتَمُوتَ بَصِيرَتُهُ، فَتَنْقَلِبُ عَلَيْهِ الْحَقَائِقُ، فَيَرَى الْبَاطِلَ حَقًّا، وَالْحَقَّ بَاطِلًا وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ. تفسير السعدي = هنا =

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-09-2018, 07:03 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Arrow

"كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ" المطففين :15.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد بينت الآية الكريمة"كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ "المطففين: 15، أن الإنسان إذا انتكست فطرته، وعميت عن الحق بصيرتُه، وفسدت سريرتُه - استحق العذابَ المقيمَ، والحرمانَ الأليمَ، والحجبَ عن ربِ العالمينَ، فكما حجبت الآثامُ والمعاصي قلوبَهم، وطمستها حتى أظلمت وعميت عن الإحساس بربها في الدنيا - عذبوا بالحجاب عن ربهم في الآخرة؛ فحُرِمُوا لذةُ النظرِ إلى وجهِ اللهِ الكريمِ، وحِيلَ بينهم وبين السعادةِ الكبرى التي لا تتاح إلا لمن شَفَّتْ روحه، ورَقَّت وصفت واستحقت أن تُكْشَف لها الحُجُب بينها وبين ربها.

أما المؤمنون، فيرون ربَّهم - تبارك وتعالى - في الجنَّة رؤية فرح وسرور، وتلذذ وحبور، يتلذَّذون بالنَّظَر إلى وجهِه الكريم، وذلك غايةُ النَّعيم، وأعلى الكرامات، وأفضل المكرمات، وأعظم من سائر اللذات.
فأعظمُ اللَّذَّات رؤيةُ ربِّ الأرْضِ والبريَّاتِ - عزَّ وجلَّ - وهي الغاية الَّتي شمَّر إليْها المشمِّرون، الذين تعلَّقت قلوبُهم بالرحمن - جلّ وعلا.
قال الشافعي - رضي الله عنه - : في قوله " كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ " دلالة على أن أولياء الله يرون الله .وهذا الذي قاله الإمام الشافعي رحمه الله في غاية الحسن وهو استدلال بمفهوم هذه الآية كما دل عليه منطوق قولِهِ " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" القيامة: 22، 23-وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنينَ ربهِم عز وجل في الدار الآخرة رؤية بالأبصار في عَرُصَات القيامة وفي روضات الجنان الفاخرة- تفسير ابن كثير -
ومنها: ما رواه البخاريُّ ومسلمٌ، عن جرير بن عبدالله قال
"كنا جلوسًا عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذ نظر إلى القمرِ ليلةَ البدرِ، قال: إنكم سترون ربَّكم كما تروْن هذا القمرَ، لا تُضامون في رؤيتِه، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبلَ طلوعِ الشمسِ، وصلاةٍ قبل غروبِ الشمسِ ، فافعلوا. "الراوي : جرير بن عبدالله - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- -الصفحة أو الرقم: 7434- خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر =

"ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ"المطففين: 16.
مع هذه العقوبة البليغة وهي الحرمان من رؤية الله عز وجل لسخطه عليهم ،ثم إنهم بعد ذلك لداخلون فى أشد طبقات النار حرًا "لَصَالُو الْجَحِيمِ" أي ملازموها ، ومحترقون فيها غير خارجين منها ، "كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ"النساء : 56 . بيان لشدة العذاب ودوامه أي: كلما احترقت جلودهم وتلاشت أعطيناهم بدل الجلود المحترقة جلودًا غير محترقة مغايرة للمحترقة - لتحترق من جديد ويستمر العذاب- نسأل الله العافية .
"مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا "الإسراء: 97.أي: كلما تهيأت للانطفاء "زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا " أي: سعرناها بهم لا يفتر عنهم العذاب، ولا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها.

"وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَظ°لِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ " فاطر: 36.
*قال صلى الله عليه وسلم"أما أهل النارِ الذين هُمْ أهلها ، فإنهم لا يموتونَ فيها ولا يحيونَ . ولكن ناس أصابتْهم النارُ بذنوبهم - أو قال بخطاياهم - فأماتَهم إماتةً . حتى إذا كانوا فحْما ، أذِنَ بالشفاعةِ . فجيءبهمضَبائِرَضَبائِرَ. فبُثّوا على أنهار الجنةِ . ثم قيل : يا أهلَ الجنةِ أفِيضُوا عليهِم . فينبتون نباتَ الحِبّةِ تكون في حَمِيلِ السيلِ ....
الراوي : أبو سعيد الخدري -المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم185- خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر -
حَمِيلِ السيلِ :بِمَعْنَى الْمَحْمُولِ وَهُوَ الْغُثَاءُ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ السَّيْلُ
الضَّبَائِرُ : جَمَاعَاتٌ فِي تَفْرِقَةٍ.أي متفرقة -


"ثُمَّ يُقَالُ هَظ°ذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ"المطففين : 17.
ثم يُقال لهم توبيخًا وتقريعًا"هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ" وَبُنِيَ فِعْلُ يُقَالُ لِلْمَجْهُولِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِمَعْرِفَةِ الْقَائِلِ وَالْمَقْصِدِ هُوَ الْقَوْلُ .
هذا هو العذاب الذى كنتم به تكذبون فى الدنيا ، وتقولون لمن يحذركم منه"وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"الملك : 25.
فذكر لهم ثلاثة أنواع من العذاب: عذاب الجحيم، وعذاب التوبيخ، واللوم.وعذاب الحجاب من رب العالمين، المتضمن لسخطه وغضبه عليهم، وهو أعظم عليهم من عذاب النار.
ولهذا يقولون "وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"الأنعام: 27.تفسير العثيمين = هنا =
وفي هذه الآيات، التحذير من الذنوب، فإنها ترين على القلب وتغطيه شيئًا فشيئًا، حتى ينطمس نوره، وتموت بصيرته، فتنقلب عليه الحقائق، فيرى الباطل حقًا، والحق باطلًا، وهذا من بعض عقوبات الذنوب.تفسير السعدي.وتفسير الوسيط. هنا =
ولما ذكر الله تعالى أحوال الفجار وما لهم من العذاب، ذكر أحوال الأبرار وما لهم من النعيم فقال:
"كَلاَّ إِنَّ كِتَبَ الاَْبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ " المطففين :18.

كلَّا :بمعنى حقًا. هذه الآية يذكر الله عز وجل خبرًا مؤكَّدًا بـ" إِنَّ"
الاَْبْرَار: جمع برّ، وهم الذين برّوا الله بأداء فرائضه، واجتناب محارمه.
لما ذكر أن كتاب الفجار في أسفل الأمكنة وأضيقها، ذكر أن كتاب الأبرار في أعلاها وأوسعها، وأفسحها.
"* وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ" المطففين :19.وهذا الاستفهام يراد به التفخيم والتعظيم. يعني أي شيء أدراك به فإنه عظيم.تفسير الشيخ العثيمين = هنا=
"كِتَابٌ مَّرْقُومٌ" المطففين :20. أن كتاب الأبرار كتاب مرقوم مكتوب لا يتغير ولا يتبدل . .تفسير الشيخ العثيمين = هنا=
كِتَابٌ مَرْقُومٌ: كِتَابٌ :مَسْطُورٌ بَيِّنُ الكِتَابَةِ ، مَرْقُومٌ: يَدُومُ.
وقيل : كتب هناك ما أعد الله لهم من الكرامة .
"فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ "الحاقة:19.
وهؤلاء هم أهل السعادة يعطون كتبهم التي فيها أعمالهم الصالحة بأيمانهم تمييزًا لهم وتنويها بشأنهم ورفعًا لمقدارهم، ويقول أحدهم عند ذلك من الفرح والسرور ومحبة أن يطلع الخلق على ما منَّ اللهُ عليه به من الكرامة " هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ"أي: دونكم كتابي فاقرأوه فإنه يبشر بالجنات، وأنواع الكرامات، ومغفرة الذنوب، وستر العيوب.تفسير السعدي= هنا =
"يَشْهَدُهُ المقربون"المطففين :21.
يعني الملائكة الذين هم في عليين، يشهدون ويحضرون ذلك المكتوب أو ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين.
"إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" المطففين :22.
الْأَبْرَارَ: جمع بر، والبر كثير الخير، كثير الطاعة، كثير الإحسان في عبادة الله والإحسان إلى عباد الله، فهؤلاء الأبرار الذين منّ الله عليهم بفعل الخيرات، وترك المنكرات.تفسير العثيمين: جزء عم=هنا=

ثم بيَّنَ - سبحانه - حالهم فى الجنة ، بعد بيان ما اشتمل عليه كتابهم من خير وبر فقال - تعالى" إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ"أى : لفى نعيم دائم ، لا يحول ولا يزول .
والنعيم هنا يشمل نعيم البدن ونعيم القلب، أما نعيم البدن فلا تسأل عنه فإن الله سبحانه وتعالى قال في الجنة"وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"الزخرف: 71 .
وقال تعالى"فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "السجدة: 17 .

وأما نعيم القلب فلا تسأل عنه أيضًا فإنهم يقال لهم وقد شاهدوا الموت قد ذبح يقال لهم: يا أهل الجنة خلود ولا موت.
"إذا صارَ أهلُ الجنةِ إلى الجنةِ ، وأهلُ النارِ إلى النارِ ، جِيءَ بالموْتِ حتى يُجْعلَ بين الجنةِ والنارِ ، ثُمَّ يُذْبَحْ ، ثُمَّ يُنادِي مُنادٍ : ياأهلَالجنةِخُلودٌولامَوتَ ، يا أهلَ النارِ خُلودٌ لا مَوْتَ ، فيَزْدادُ أهلُ الجنةِ فَرَحًا إلى فَرَحِهِمْ ، ويَزدادُ أهلُ النارِ حُزنًا إلى حُزنِهِمْ"

الراوي : عبدالله بن عمر-المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم- 636 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر =
وفي الحديثِ: خلودُ أهلِ النَّارِ مِن الكافِرِينَ فيها لا إلى أَمدٍ ولا غايةٍ، بلا موتٍ ولا حياةٍ نافعةٍ ولا راحةٍ، وأنَّهم لا يَخرُجون مِنها، وأنَّ النارَ لا تَفْنَى ولا تزولُ ولا تَبقَى خاليةً، وأنَّها إنَّما تُخلَى فقط مِن عُصاةِ أهلِ التَّوحيدِ .الدرر=
"ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ"ق : 34.
°وكل هذا مما يدخل السرور على القلب فيحصل لهم بذلك نعيم القلب ونعيم البدن "وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ"الرعد: 24،23.
"عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ" المطففين :23.
أي: على السرر المزينة بالفرش الحسان.
"
يَنظُرُونَ "إلى ما أعد الله لهم من النعيم، ما أنعم الله به عليهم من النعيم الذي لا تدركه الأنفس الآن, وينظرون إلى وجه ربهم الكريم.

" تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ" المطففين :24.
أي : تعرف فى وجوههم - أيها الناظر إليهم - البهجة والحسن ، وصلاح البال ، وهناءة العيش .
وإضافة النضرة - وهى الجمال الواضح - إلى النعيم - الذى هو بمعنى التنعم والترفه - من إضافة المسبب إلى السبب-
تفسير الوسيط = هنا= .
أي تعرف أيها الناظر إليهم " فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ" أي حسن النعيم وبهاءه، أي التنعم، وأنتم تشاهدون الآن في الدنيا أن المنعمين المترفين وجوههم غير وجوه الكادحين العاملين.
تجدها نضرة، تجدها حسنة، تجدها منعمة، فأهل الجنة تعرف في وجوههم نضرة النعيم أي التنعم والسرور؛ لأنهم أسّر ما يكون، وأنعم ما يكون، ثم قال الله تعالى في بيان ما لهم من النعيم

" يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ" المطففين :25.
والـ رَّحِيق: اسم للخمر الطيبة الصافية الخالية من كل ما يكدر أو يذهب العقل .
والـ مَّخْتُوم: أي المسدود الذى لم تمسه يد قبل أيدي هؤلاء الأبرار .

الضمير في قوله" يُسْقَوْنَ"يعني الأبرار، يسقيهم الله عز وجل بأيدي الخدم الذين وصفهم الله بقوله"يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين. لا يصدعون
"وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا"الإنسان : 19.
"يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ"بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ"الواقعة : 17 ،18.
أي من شراب خالص لا شوب فيه ولا ضرر فيه على العقل، ولا ألم فيه في الرأس، بخلاف شراب الدنيا فإنه يغتال العقل ويصدع الرأس. أما هذا فإنه رحيق خالص ليس فيه أي أذى.
"خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"المطففين :26.
أي بقيته وآخره مسك أي طيّب الريح. بخلاف خمر الدنيا فإنه خبيث الرائحة. فهؤلاء القوم الأبرار لما حبسوا أنفسهم عن الملاذ التي حرمها الله عليهم في الدنيا أعطوها يوم القيامة. تفسير العثيمين: جزء عم=هنا=

" وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" أي وفي هذا الثواب والجزاء "فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" أي فليتسابق المتسابقون سباقًا يصل بهم إلى حد النفس، وهو كناية عن السرعة في المسابقة. يقال: نافسته أي سابقته سباقًا بلغ بي النفس، والمنافسة في الخير هي المسابقة إلى طاعة الله عز وجل وإلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى، والبعد عما يسخط الله .. تفسير العثيمين: جزء عم=هنا=

فالمقصود من الآية الكريمة : تحريض الناس وحضهم على تقديم العمل الصالح ، الذى يوصلهم يوم القيامة إلى أعلى الدرجات .


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-11-2018, 09:30 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Arrow


"وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ" المطففين : 27.

" يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ"صفته : مِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ.

تَسْنِيمٍ :عين من أعالي الجنة .=هنا=
أي ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم أي من شراب يقال له تسنيم ، وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه، قاله أبو صالح والضحاك.تفسير ابن كثير = هنا =

"
عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ" المطففين : 28.
وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق، فلذلك كانت خالصة للمقربين، الذين هم أعلى الخلق منزلة، وممزوجة لأصحاب اليمين أي: مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة. تفسير السعدي = هنا =
وإلى هنا نجدد أن هذه الآيات الكريمة قد بشرت الأبرار ببشارات متعددة ، بشرتهم بأن صحائف أعمالهم فى أعلى عليين ، وبأنهم فى نعيم مقيم ، وبأنهم ينظرون إلى كل ما يشرح صدورهم ، وبأن الناظر إليهم يرى آثار النعمة والرفاهية على وجوههم ، وبأن شرابهم من خمر طيبة لذيذة الطعم والرائحة .تفسير الوسيط = هنا =


"إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ" المطففين : 29.
ثم حكى - سبحانه - جانبًا من الرذائل التى كان يفعلها المشركون مع المؤمنين.
لما ذكر تعالى جزاء المجرمين وجزاء المؤمنين و ذكر ما بينهما من التفاوت العظيم، أخبر أن المجرمين كانوا في الدنيا يسخرون بالمؤمنين، ويستهزئون بهم، ويضحكون منهم.

الأيام تتبدل، والأحوال تتغير، والمواقف تتحول، لكنَّ الثابتين في مكانهم لا يبرحون، وعلى عهدهم لا ينقضون، وعند مبادئهم لا يتزحزحون؛ لذلك تجد ضِعاف الإيمان ومرضى القلوب وفاقدي المبادئ ومتجردي القيم منهم يسخرون، زيَّن لهم الشيطان أعمالهم، فضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، أما النتيجة الحتمية والنهاية المرْضية أن الذين اتقوا فوقهم يوم القيامة، ولو كانوا فقراء، ولو كانوا مستضعفين، ولو كانوا مضطهدين= الألوكة =
"
وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ" المطففين : 30.
°وإذا مر المجرمون بالمؤمنين -يتغامزون بهم عند مرورهم عليهم، احتقارًا لهم وازدراء، ومع هذا تراهم مطمئنين، لا يخطر الخوف على بالهم.

"
وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ" المطففين : 31.
وإذا رجع هؤلاء المجرمون إلى أهلهم من مجالسهم التى كانوا فيها . . رجعوا متلذذين باستخفافهم بالمؤمنين . والسخرية منهم .
°وهذا من أعظمِ ما يكونُ من الاغترارِ، أنهَّم جمعوا بينَ غاية الإساءةِ والأمنِ في الدنيا، حتى كأنهَّمْ قدْ جاءهُمْ كتابٌ منَ اللهِ وعهدٌ، أنهَّم منْ أهلِ السعادةِ، وقدْ حكمُوا لأنفسهمْ أنهَّمْ أهلُ الهدى، وأنَّ المؤمنينَ ضالونَ، افتراءً على اللهِ، وتجرؤ على القولِ عليه بلا علمٍ.تيسير الكريم الرحمن: 916.
°قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ "وَإِذَا انْقَلَبُوا"؛ أَيْ: رَجَعَ الْكُفَّارُ "إِلَى أَهْلِهِمُ" مِنْ مَجَالِسِهِمْ، "انْقَلَبُوا فَكِهِينَ"؛ أَيْ: مُعْجَبِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ مُتَلَذِّذِينَ بِهِ، يَتَفَكَّهُونَ بِذِكْرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالطَّعْنِ فِيهِمْ والاستهزاءِ بِهِمْ. زبدة التفسير: 588.

"
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ" المطففين : 32.
أي : أن هؤلاء الذين أجرموا ، لا يكتفون بغمز المؤمنين ولمزهم وجعلهم مادة السخرية في أحاديثهم مع أهليهم .
بل إنهم تجاوزوا ذلك ، فهم عندما يرون المؤمنين يقولون عنهم : هؤلاء هم الضالون ، لأنهم تركوا دين آبائِهم وأجدادِهم ، ودخلوا في دينٍ آخر .
فمُرَادهم بالضلال : فساد الرأي . وعدم البقاء على دينهم القديم .
وهكذا الأشرار يرون أن أهل الحق والتقى في ضلال .تفسير الوسيط =
"
وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ" المطففين : 33.
أي وما بعث اللهُ هؤلاء المجرمون لم يُجعلوا رُقباء على غيرهم يحفظون عليهم أعمالهم ويتفقدونها.
أي
: قالوا إن هؤلاء المؤمنين الضالون ، والحال أن هؤلاء المشركين ما أرسلهم الله - تعالى - ليكونوا وكلاء عنه ، حتى يحكموا على هذا الفريق بالضلال . وعلى غيره بالرشاد .
فالمقصود بالآية الكريمة : تأنيب الذين أجرموا وتوبيخهم على تصرفاتهم ، لأن الحكم على الغير بالهداية والضلال . هم ليسوا أهلًا له إطلاقًا؛ لأن الله - تعالى - لم يكلفهم بذلك ، وإنما كلفهم باتباع الرسول الذي أرسله - سبحانه - لهدايتهم .
فحكمهم على المؤمنين بالضلال يدل على نهاية الغرور والجهل .

"فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ" المطففين : 34.
ثم ببشر الله - تعالى - المؤمنين بما سيكونون عليه يوم القيامة من نعيم فقال"فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ" "فَالْيَوْمَ " أي: يوم القيامة. فبسبب استهزاء الذين أجرموا من المؤمنين فى الدنيا ، كافأ الله - تعالى - المؤمنين على صبرهم ، بأن جعلهم يوم القيامة يضحكون من الكفار حين يرونهم أذلاء مهانين ، كما كان الكفار يضحكون من المؤمنين فى الدنيا .
فالمقصود من الآية الكريمة لتسرية المؤمنين ، وتبشيرهم بأنهم سيأخذون بثأرهم من المشركين عما قريب . . وأنهم - أي : المؤمنين - سيكونون يوم القيامة على سرر قد فرشت بأجمل الفراش .
"
عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ"المطففين : 35.
"عَلَى الْأَرَائِكِ " وهي السرر المزينة، " يَنظُرُونَ" إلى ما أعد الله لهم من النعيم، وينظرون إلى وجه ربهم الكريم.

"
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" المطففين : 36.
أي: هلْ جوزُوا منْ جنسِ عملِهم؟
فكما ضحكُوا في الدنيا من المؤمنينَ ورموهُم بالضلالِ، ضحكَ المؤمنونَ منْهم في الآخرةِ، ورأوهم في العذابِ والنكالِ، الذي هو عقوبةُ الغيِّ والضلالِ.
نعم، ثوِّبُوا ما كانُوا يفعلونَ، عدلاً من الله وحكمة، والله عليمٌ حكيمٌ.تيسير الكريم الرحمن: 916-917.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 08:50 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر