العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الحديث وعلومه > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-09-2019, 01:18 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,272
Post احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ



احفظ الله يحفظك

قَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِعَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ:
"يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ .
الراوي : عبدالله بن عباس -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم- 2516 خلاصة حكم المحدث : صحيح – الدرر=

"....ولو كانَ لكَ مثلُ أحدٍ ذهبًا أو مثلُ جبلِ أحدٍ ذهبًا تنفقُهُ في سبيلِ اللَّهِ ما قَبِلَهُ منكَ حتَّى تؤمِنَ بالقدرِ كلِّهِ فتعلمَ أنَّ ما أصابكَ لم يكن ليخطئَكَ وما أخطأكَ لم يكن ليصيبَكَ وأنَّكَ إن متَّ على غيرِ هذا دخلتَ النَّارَ"
الراوي : عبدالله بن فيروز الديلمي -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم- 62 خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =
مقدمة الشرح:

¤الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وصلى اللهُ وسلمَ وباركَ على عبدِهِ ورسولِهِ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فإن أوَلى ما تُنفق فيه الأوقاتُ وتُصرف فيه الأنفاسُ والدقائقُ والساعاتُ العلم الشرعي لا سيما ما يتعلق بالوحيينِ الكتاب والسنة ،كتاب الله جل وعلا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،الذي من قرأه كأنما يخاطب الرحمن، والسنة التي هي الوحي الثاني قال الله جل وعلا عن نبيه عليه الصلاة والسلام"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"النجم:3 ، 4 .
*وقال تعالى"
قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ"آل عمران:32،31.

*وقال تعالى" وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" الحشر: 7.
*قال صلى الله عليه وسلم "تركتُ فيكم شيئَينِ ، لن تضِلوا بعدهما : كتابَ اللهِ ، و سُنَّتي ، و لن يتفرَّقا حتى يَرِدا عليَّ الحوضَ "الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 2937 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

فعلى المسلمين عمومًا العناية والاهتمام بهذين الوحيينِ، وعلى طلاب العلم الاهتمام بما يعين على فهم الوحيينِ، درسُنَا اليوم في حديث عظيم في وصايا نفيسة من أشفق الخلق وأرحم الخلق بالخلق وأرأفهم بهم؛ من النبي عليه الصلاة والسلام لابن عمه والعبرة بهذه الوصايا وليست لابن عباس وحده إنما هي لكل من يعقل ولكل من يريد نجاة نفسه.
في هذا الحديث النبي عليه الصلاة والسلام يوصي ابن عمه حبر الأمة وترجمان القرآن أبو العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الذي أوصاه النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الوصايا النفيسة ودعا له بأن يفقهه الله في الدين وأن يعمله التأويل . «ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»

" مَنْ يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنما أنَا قاسِمٌ واللهُ يُعْطِي، ولن تزالَ هذه الأمةُ قائمةً على أمرِ اللهِ، لا يَضُرُّهم مَن خالفهم، حتى يأتيَ أمرُ اللهِ ."الراوي : معاوية بن أبي سفيان - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 71 - خلاصة حكم المحدث= الدرر = = الشيخ عبد الكريم الخضير =


اللهُ سبحانه وتعالى حليمٌ رحيمٌ بعبادِه، يحبُّ لهم الخيرَ، ومَن أراد به اللهُ خيرًا عظيمًا، ونفعًا كثيرًا، يُفقِّهْهُ في الدِّينِ، أي: يمنَحْه العلمَ الشَّرعيَّ الَّذي لا يدانيه خيرٌ في هذا الوجودِ في فضلِه وشرَفِه، وعلوِّ درجتِه؛ لأنَّه ميراثُ الأنبياءِ، الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَه، ويخبرُنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه إنَّما هو قاسمٌ، أي: لم يستأثِرْ بشيءٍ مِن مال اللهِ، وسببُ قوله لذلك؛ تطييبًا لقلوبِ النَّاس؛ لمفاضلتِه بالعطاء؛ فالمالُ للهِ، والعباد لله، والنَّبيُّ قاسمٌ بإذنِه مالَه بينكم، فمَن قسَم له صلَّى الله عليه وسلَّم كثيرًا، فبقدَرِ الله تعالى، وما سبَق له في الكتابِ، وكذا مَن قسَم له قليلًا؛ فلا يزدادُ لأحدٍ في رزقِه، كما لا يزدادُ في أجلِه، ولن تزالَ هذه الأمَّةُ، أي: لا تزالُ طائفةٌ مِن المسلمين ثابتةً على دِينِه إلى قيام السَّاعةِ.
= الدرر =
= الشيخ عبد الكريم الخضير =

وُلِدَ ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنه بِشِعْبِ بني هاشم-وهو الشِّعْب الذي آوى إليه رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم وبنو هاشم، لما تحالفت قريش على بني هاشم - وُلِدَ قبل الهجرة بثلاث سنينَ، وتوفي النبي صلى اللهُ عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة، كان وسيمًا جميلًا، مديد القامة، مهيبًا، كامل العقل، زكي النفس، من رجال الكمال، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: "اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ"، وقد صحب النبي صلى اللهُ عليه وسلم نحوًا من ثلاثين شهرًا، وروى عنه شيئًا كثيرًا، وله مفردات ليست لغيره من الصحابة لاتساع علمه، وكثرة فهمه، وكمال عقله، وسعة فضله، ونبل أصله، وله قرابة مع النبي صلى اللهُ عليه وسلم فهو ابن عمه، إنه ترجمان القرآن وحبر هذه الأمة والمفسر لكتاب الله، فقيه العصر أبو العباس عبدالله ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وأمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، وهو والد الخلفاء العباسيين، وهو أحد إخوة عشرة ذكور للعباس من أم الفضل وهو آخرهم مولدًا، وقد مات كل واحد منهم في بلد بعيد من الآخر جدًّا.
حرصه على السنة والعلم النافع:

*قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، فَقَالَ: يَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَنْ فِيهِمْ؟ قَالَ: فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلْتُ أَنَا أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِي بَابَهُ وَهُوَ قَائِلٌ، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ تَسْفِي الرِّيحُ عَلَيَّ مِنَ التُّرَابِ، فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي فَيَقُولُ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟ هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ؟ فَأَقُولُ: لَا، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ. قَالَ: فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ: فَعَاشَ هَذَا الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ حَوْلِي النَّاسُ يَسْأَلُونِي، فَيَقُولُ: هَذَا الْفَتَى كَانَ أَعْقَلَ مِنِّي. البداية والنهاية" لابن كثير :12 /86.وصحح إسناده الشيخ شعيب الأرنؤوط= هنا=

الشرح: أي: في هذا الوقت قد مات الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وأصحابه كُثَّر، ولو لم نسألهم الآن فإنه سيأتي يوم يموتون هم أيضًا، فلا بد أن نسألهم ونتعلم منهم، وذلك حتى نعرف العلم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد مرور فترة من الزمن على طلب العلم يقول ابن عباس رضي الله عنهما: فبقي الرجل - أي: صاحبه الأنصاري- حتى رآني وقد اجتمع الناس عليّ يسألونني العلم.
أي: صار ابن عباس رضي الله عنهما من علماء المسلمين، ورحل الناس إليه لطلب العلم، بينما صاحبه الأنصاري ندم على ذلك، ولذا جاء عنه أنه قال: كان هذا الفتى - أي عبد الله بن عباس - أعقل مني.
لكن الندم عند ذلك لا ينفع، والوقت الذي يذهب منك لا يرجع مرة أخرى، والذكي هو الذي لا يضيع وقته، وكل شيء يمكن أن يعوض إلا الأيام والليالي. كن صحابيًّا = هنا =

-وهاجر ابن عباس مع أبيه قبل الفتح فاتفق لقياهما النبي صلى اللهُ عليه وسلم بالجُحْفَة وهو ذاهب لفتح مكة فشهد الفتح وحُنينًا والطائف عام ثمان وقيل: كان في سنة تسع وحجة الوداع سنة عشر، وصحب النبي صلى اللهُ عليه وسلم من حينئذ ولزمه، وأخذ عنه وحفظ، وضبط الأقوال، والأفعال، والأحوال، وأخذ عن الصحابة علمًا عظيمًا مع الفهم الثاقب، والبلاغة، والفصاحة، والجمال والملاحة، والأصالة، والبيان."البداية والنهاية" لابن كثير 12 /81.

*روى البخاري في صحيحه مِن حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما قَالَ: "كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى" إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح " فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ"إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح "، وَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ، " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا "فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ" . صحيح البخاري: برقم 4970.

قال طاووس: ما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا لحرمات الله من ابن عباس، وقال أبو رجاء: رأيت ابن عباس، وأسفل من عينيه مثل الشراك البالي من البكاء.

وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَالألوكة = هنا =بتصرف من مصادر أخرى.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-09-2019, 01:35 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,272
افتراضي


¤شرح الحديث

¤أُوتِيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم جَوامِعَ الكَلِمِ، فكان صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَجمَعُ المواعِظَ الجمَّةَ والوصايا الجامِعةَ، والحِكَمَ البالِغةَ في الكلامِ القليلِ، وكان مِن هَدْيِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ تَربيةُ الصِّغارِ وتَعليمُهم أمورَ دِينِهم؛ مِن العقيدةِ الصَّحيحةِ وحُسْنِ التَّوكُّلِ على اللهِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِعَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ: "يا غلامُ والغُلامُ هو الصَّبيُّ الصَّغيرُ الَّذي لم يَبلُغِ الحُلُمَ بَعدُ، "إنِّي أُعلِّمُك كَلِماتٍ أي: أُعلِّمُك أُمورًا وأشياءَ يَنفَعُك اللهُ بها، "احفَظِ اللهَ أي: احْفَظْ حُدودَه وحُقوقَه وأوامَرَه ونواهيَه، فاتَّقِ اللهَ في أوامِرِه ونَواهيه بحيثُ يَجِدُك في الطَّاعاتِ والقُرباتِ، ولا يَجِدُك في المعاصي والآثامِ.
*
فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنَ الْحَافِظِينَ لِحُدُودِ اللَّهِ الَّذِينَ مَدَحَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ"هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ - مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ"ق: 32 - 33.وَفُسِّرَ الْحَفِيظُ هَاهُنَا بِالْحَافِظِ لِأَوَامِرِ اللَّهِ، وَبِالْحَافِظِ لِذُنُوبِهِ لِيَتُوبَ مِنْهَا.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط .

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ الصَّلَاةُ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، فَقَالَ"حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى"البقرة: 238. ، وَمَدَحَ الْمُحَافِظِينَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ"وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ"المعارج: 34 .

لِما فيها مِن الإقبالِ على اللهِ والخُشوعِ والتَّذلُّلِ له بالوجهِ والأعضاءِ والجَوارِحِ خاشِعةً للهِ، وهي مِن أفضَلِ الأعمالِ، وأتَمِّها دَلالةً عَلَى الاسْتِقامَةِ، والانقِطاعِ إليه عَمَّا سِواه، والإقبالِ عَلَيه، والانصِرافِ عمَّا سِواه، والاشتِغالِ بِه عمَّن دونَه.= الدرر =


وَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» .
قال صلى الله عليه وسلم"اسْتقيموا و لن تُحصوا ، و اعلموا أنَّ خيرَ أعمالِكم الصلاةُ ، و لا يحافظُ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ"الراوي : ثوبان و عبدالله بن عمرو بن العاص سلمة بن الأكوع - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع -الصفحة أو الرقم: 952 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

وَمِمَّا يُؤْمَرُ بِحِفْظِهِ الْأَيْمَانُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ"الْمَائِدَةِ: 89 ، فَإِنَّ الْأَيْمَانَ يَقَعُ النَّاسُ فِيهَا كَثِيرًا، وَيُهْمِلُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَا يَجِبُ بِهَا، فَلَا يَحْفَظُهُ، وَلَا يَلْتَزِمُهُ.


وَحِفْظُ الرَّأْسِ وَمَا وَعَى يَدْخُلُ فِيهِ حِفْظُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَحِفْظُ الْبَطْنِ وَمَا حَوَى يَتَضَمَّنُ حِفْظَ الْقَلْبِ عَنِ الْإِصْرَارِ عَلَى مُحَرَّمٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْفَاحْذَرُوهُ"البقرة: 235.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط .
وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي قَوْلِهِ"إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"الإسراء: 36 .
وَيَتَضَمَّنُ أَيْضًا حِفْظَ الْبَطْنِ مِنْ إِدْخَالِ الْحَرَامِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ.
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ نَوَاهِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اللِّسَانُ وَالْفَرْجُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «
اثنتانِ تُدخِلانِ الجنَّةَ : من حفِظ ما بين لَحْيَيْه و رِجلَيْه دخل الجنَّةَ»الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 140 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =



وَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحِفْظِ الْفُرُوجِ، وَمَدَحَ الْحَافِظِينَ لَهَا، فَقَالَ"قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ"النور: 30.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط = هنا =


*قال صلى الله عليه وسلم " استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ ، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله ، قالَ : ليسَ ذاكَ ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ ، وما وَعى ، وتحفَظَ البَطنَ ، وما حوَى ، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى ، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا ، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني : منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ "الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2458 - خلاصة حكم المحدث : حسن= الدرر =



"يَحْفَظْك أي: إذا اتَّقيتَه وحَفِظتَه كان جَزاؤُك أن يَصونَك مِن الشُّرورِ والموبِقاتِ ويَحفَظَك في نَفسِك وأهلِك ومالِك ودِينِك ودُنياك، ويَحفظَك مِن مكارِهِ الدُّنيا والآخِرَة؛ فحِفظُ اللهِ لعَبدِه نوعان؛ أحَدُهما: حِفظُه له في مَصالِحِ دُنياه، كحِفْظِه في بدَنِه وولَدِه، وأهلِه ومالِه؛ قال اللهُ عزَّ وجلَّ"لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِن أَمْرِ اللَّهِ"الرعد: 11. مُعَقِّبَاتٌ :ملائكةٌ مُعَقِّبَاتٌ.
قال الشوكاني «والمُعَقِّبَاتٌ المتناوبات التي يخلف كل واحد منها صاحبه ويكون بدلا منه.
وهم الحفظة من الملائكة في قول عامة المفسرين.تفسير الوسيط.

فمَن حَفِظ اللهَ في صِباه وقوَّتِه، حَفِظه اللهُ في حالِ كِبَرِه وضَعْفِ قوَّتِه، ومتَّعه بسَمعِه وبصَرِه وحَوْلِه وقوَّتِه وعقلِه
.
النَّوعُ الثَّاني: حِفظُ اللهِ للعبدِ في دِينِه وإيمانِه، فيَحفَظُه في حَياتِه مِن الشُّبهاتِ المضلَّةِ، ومِن الشَّهَواتِ المحرَّمةِ، ويَحفَظُ عليه دِينَه عندَ موتِه، فيتوفَّاه على الإيمانِ، وعلى العكسِ من هذا؛ فمَن ضيَّع اللهَ ضيَّعه اللهُ، فضاع بينَ خلقِه، حتَّى يَدخُلَ عليه الضَّررُ والأذى ممَّن كان يَرْجو نفْعَه مِن أهلِه وغيرِهم.
"
احفَظِ اللهَأي: اتَّقِ اللهَ في الأوامِرِ والنَّواهي، والْزَمِ الطَّاعاتِ، ولا تَقرَبِ المعاصيَ، "تَجِدْه تُجاهَك"، والمعنى: أنَّك تَجِدُه حينَئذٍ كأنّه حاضرٌ تِلقاءَك وقُدَّامَك في مقام إحسانك وإيقانك وكمال إيمانك، كأنَّك تراه بحيثُ تُغْنَى بالكُلِّيَّةِ عن نظَرِك ما سِواه، وقيل: المعنى: إذا حَفِظْتَ طاعةَ اللهِ وجَدتَه يَحفَظُك ويَنصُرُك في مُهِمَّاتِك أينَما توجَّهتَ، ويُسهِّلُ لك الأمورَ الَّتي قصَدتَ، وقيل المعنى: تجِدُ عِنايتَه ورَأفتَه قَريبًا منك؛ يُراعيك في جَميعِ الحالاتِ، ويُنقِذُك مِن جميعِ المضَرَّاتِ.
"
إذا سألتَ فاسأَلِ اللهَ"، أي: إذا أرَدتَ أن تَطلُبَ شيئًا، فلا تَطلُبْ إلَّا مِن اللهِ، "وإذا استَعنتَ فاستَعِنْ باللهِ"، أي: وإذا أردتَ العونَ فلا تَطلُبِ العونَ إلَّا مِن اللهِ ولا تَستَعِنْ إلَّا باللهِ، "واعْلَمْ"، كرَّرَ فِعلَ الأمْرِ زِيَادَةً في الحَثِّ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ تعالى "أنَّ الأُمَّةَ لو اجتَمَعَت"، أَيِ: اتَّفَقَتْ فَرْضًا وَتَقْدِيرًا "على أن يَنفَعوك بشيءٍ لم يَنفَعوك" أَيْ: لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ، "إلَّا بشيءٍ قد كتَبه اللهُ لك"، والمعنى: وَلْيَكُنْ عِندَك عِلمٌ ويقينٌ أنَّه لن يَكونَ إلَّا ما قدَّره اللهُ لك؛ فلن تُحصِّلَ مَنفَعةً إلَّا ما كتَبه الله لك، ولو اجتَمَع على مَنفَعتِك أهلُ الأرضِ جَميعًا، "وإنِ اجتَمَعوا على أن يَضُرُّوك بشيءٍ لم يَضُرُّوك إلَّا بشيءٍ قد كتَبه اللهُ عليك"، أي: وَلْيَكُنْ عِندَك عِلمٌ أيضًا أنَّك لن تَرى إلَّا ما قدَّره اللهُ عليك، فلَن يَبلُغَك ضُرٌّ إلَّا ما قدَّره اللهُ عليك، ولو اجتَمَع على ضُرِّك أهلُ الأرضِ جميعًا، وهذا مُتَّفِقٌ مع الحُكمِ المقرَّرِ في الاعتقادِ أنَّ اجتِماعَهم على إيصالِ النِّفعِ والضُّرِّ بدونِ مَشيئةِ اللهِ مِن المُحالِ.
وخُلاصةُ المعنى: أنَّ المطلوبَ مِنك أن تُوحِّدَ اللهَ في المطلَبِ والمهرَبِ، فهو الضَّارُّ النَّافعُ، والمعطي المانعُ.
"
رُفِعَت الأقلامُ"، أي: كُتِبَت مَقاديرُ الخلائقِ جميعًا، ورُفِع القلمُ، فلا زِيادةَ ولا نُقْصانَ في كِتابَةِ الأحْكامِ، "وجَفَّتِ الصُّحفُ"، أي: جفَّت الصُّحفُ بما كتَبَته الأقلامُ فيها مِن مَقاديرِ الخلائقِ، فلا تَبْديلَ ولا تَغْييرَ، فكلُّ شيءٍ قد كُتِبَ في اللَّوحِ المحفوظِ؛ فعبَّر عن سبْقِ القضاءِ والقدَرِ برَفْعِ القلَمِ، وجَفافِ الصَّحيفةِ؛ تَشبيهًا بفراغِ الكاتبِ في الشَّاهدِ مِن كتابتِه، وهذا كلُّه مِن التَّربيةِ النَّبويَّةِ للأُمَّةِ على أن تتَعامَلَ بصِدقٍ مَع اللهِ، وأنْ تُراقِبَه في كلِّ أعمالِها، وألَّا تَخافَ غيرَه سُبحانه؛ فمِنْه النَّفعُ والضَّرُّ، وأن تُربِّيَ أطفالَها على هذه المفاهيمِ الطَّيِّبةِ فيَنشَؤوا ويَشِبُّوا عليها.
وهذا الحَديثُ أصلٌ عظيمٌ في مُراقبةِ اللهِ، ومُراعاةِ حقوقِه، وتَفويضِ الأُمورِ إليه، والتَّوكُّلِ عليه، وشُهودِ تَوحيدِه وتفرُّدِه، وعجْزِ الخلائقِ كلِّهم وافتقارِهم إليه وحدَه، وفيه أبلغُ ردٍّ على مَن اعتقَدَ النَّفعَ والضرَّ في غَيرِ الله مِن الأولياءِ والصَّالِحين وأهلِ القبورِ، أو سألَهم واستعانَ بِهم مِن دُونِ اللهِ تعالى.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على حِفظِ اللهِ عزَّ وجلَّ في أوامِرِه ونَواهيه.
وفيه: الحثُّ على طلَبِ العونِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ وحْدَه. الدرر =

فوائد مستنبطة من الحديث
:
1- ملاطفة النبي - صلى الله عليه وسلم - للغلمان ونصحههم وتوجيهه لهم ووصيتهم.

2- إن من حفظ حدود الله والتزمها نال الخير كله وأعظمها معية الله تعالى.

3- طلب الإعانة أكملها يكون من الله جل وعلا فهو القوي الذي لا يغلب والنفع والضر لا يكون إلا بشيء قد كتبه الله تعالى.

4- الإيمان بالقضاء والقدر"واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى..... " فلذلك يكون فيه تسلية له عند المصائب.
.الألوكة =


5- من علامات المؤمن المتعلق بربه أنه شديد الصلة بالله في الرخاء ومن نتائج ذلك سيجد النصرة في الشدة.



رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 09:50 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر