#1
|
||||
|
||||
من ترك واجبًا في نسكه
مسألة : من ترك نسكًا فعليه دم قال الشخ محمد ناصر الدين الألباني:الأمر فيه خلاف بين العلماء أنا أقول بالنسبة لمثل هذا السؤال أرجو من طلاب العلم فضلاً عن أهل العلم أن يدندنوا ليس فقط هل يجب دم أو لا يجب، لأنهم قد يبحثون في مسألة أقل ما يقال فيها إنها موضع خلاف، فأرجو أن يبدأوا البحث فيما لا خلاف فيه، وهو أن نتساءل هل يأثم من ترك واجبا من واجبات الحج فضلاً عما إذا ترك واجبات من واجبات الحج أيأثم أم لا؟. من هنا ينبغي البدء في مثل هذه المسألة، وليس هل عليه دم أم لا. لأن اعتياد الكلام على النحو الأول، أي هل عليه دم أم لا ؟، لقد عود الناس على التساهل بالقيام بكثير من الواجبات لأنه يشعر في قرارة نفسه أنه يجد له مخرجا من الخلاص من إثم مخالفته، وترك الواجب بأن يقال له عليك دم، وبخاصة أن الدم - إيجاب الدم - من يقول به ويتوسع فيه بناء على أثر ابن عباس السابق ذكره، إنما يمكن أن يُتبنى فيما إذا كان ترك شيئا من الواجبات سهواً، أما إذا كان تركها عمداً فأنا أجد فرقاً كبيراً جداً بين من يتعمد ترك الواجب فيكون آثما، وبين من لا يتعمد ترك الواجب فيكون غير آثم، مَثَلُ هذين كمثل من يحلف يمينا غموسا أو يمينا خطأ كما قال عليه السلام: ( من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ) فكفارة اليمين إنما تشرع في مثل هذا الحالف الذي أراد خيراً فأخطأه أما من حلف كاذباً فهو كما جاء في بعض الأحاديث: ( اليمين الغموس تدع الديار بلاقع )، فاليمين الغموس ليس له كفارة لأن الحالف قد انغمس في الإثم فليس له مخرج منه إلا بتوبة نصوح، كذلك أولئك الذين يَكْثُر منهم الإخلال بكثير من الواجبات في الحج، هؤلاء قد أحاط بهم إثمهم، وأحاطت بهم سيئاتهم، فهؤلاء لا ينبغي أن نفسح لهم المجال بأن نقول لهم عليك كفارة لأن الكفارة التي نعلمها إما أن تكون على باب الشكر لله - عز وجل - كمثل حج المتعة، أو أن يكون كفارة لشيء يضطر أن يقع فيه الإنسان ذلك كمثل حلق الرأس حينما يجد ضرورة لحلقه، أو الرجل الذي أحصر ولم يستطع أن يستمر في حجته أو عمرته فكفارة هذا الإخلال أو ذاك هو أن يذبح، أن يقدم هدياً أو فدياً، أما أن يتعمد مخالفة الشريعة فيكون بذلك آثماً ثم نخرج له مخرجًا بأن عليك دم، هذا مع أنه ليس عندنا نص يلزمنا بذلك فلا يستقيم مع توجيهات الشريعة بحض الناس على طاعة الله ورسوله وكل ما ساعد على مخالفة الأحكام الشرعية ينبغي أن يوضع له حد ولا يتوسع فيه نعم . الحويني : شيخنا أعزك الله، بالنسبة لحديث أثر ابن عباس : " من ترك نسكاً " ألا يكون المقصود من قوله يعني من ترك نسكاً متعمدًا، وبهذا يختلف عن حديث صاحب الجبة لأنه كان جاهلاً بالحكم؟ . الشيخ : الذين يوجبون الدماء لا يفرقون بين المتعمد وبين المخطئ، فعلى كل حال حديث ابن عباس موقوف، لم نجد في الصحابة ما يؤيده، فنحن في حل منه . لسماع المقطع الصوتي للشيخ الألباني = هنا = = هنا= *حديث صاحب الجبة: "أن يَعْلى كان يقولُ: ليتني أرى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حين يُنزَلُ عليه، فقال: فبينا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجِعْرانَة ، وعليه ثوبٌ قد أُظِلَّ به، معه ناسٌ من أصحابِه ، إذ جاءَه أعرابيٌ عليه جُبَّةٌ ، مُتضَمِّخٌ بطيْبٍ ، فقال: يا رسولَ اللهِ، كيف ترى في رجلٍ أَحَرَمَ بعمرةٍ في جُبَّةٍ بعدَ ما تَضَمَّخَ بالطيْبِ ؟ فأشار عمرُ إلى يَعْلى بيدِه: أن تعالَ ، فجاء يَعْلَى فأدخل رأسَه ، فإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الوجه ، يَغِطُّ كذلك ساعةً، ثم سُرِّيَ عنه، فقال: أين الذي يَسألُني عن العمرةِ آنفًا . فالتمس الرجلُ فأُتِيَ به، فقال: أما الطيْبُ الذي بك فأغسِلْه ثلاثَ مراتٍ ، وأما الجُبَّةُ فانْزِعْها، ثم اصنعْ في عمرتِك كما تصنعُ في حجِّك ."الراوي : صفوان بن يعلى بن أمية - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4329 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر- |
#2
|
||||
|
||||
قال شيخنا العلامة الفقيه محمد إبراهيم شقرة في كتابه المتع " إرشاد الساري إلى عبادة الباري ـ القسم الثاني الحج " (42 ـ44) : " من يقرأُ الفقهَ على المذاهب كلِّها ، يروعه كثرة الدماءِ التي تُفرَضُ على كل مخالفة قد يرتكبها المسلم أثناء إحرامه ، وتأْديته مناسكه . ونحن إذا أمعنا النَّظر ، وتجرَّدنا من العصبية المذهبية ، وتقصينا الأدلة التي جاءت في القرآن ، أو صحَّت نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علمنا أنَّ هذه الكثرة من الدِّماءِ ليست مشروعةً ، وأنَّ المشروع منها خمسة فقط : الأول : دمُ التمتع والقران ، وهو الدم الذي يجب على الحاج الذي لبَّى بعمرة متمتعاً بها إلى الحج ، أو لبَّى بحج وعمرة قارناً بينهما . الثاني : دم الفدية ، الذي يجب على الحاج إ ذا حلق شعره لمرض أو شيءٍ مؤْذٍ . الثالث : دمُ الجزاءِ ، وهو الدم الذي يجب على المحرم إذا قتل صيدًا برِّيًا ، أما صيد البحر فلا شيءَ منه عليه . الرابع : دمُ الإحصار ، ويكون بسبب انحباسه عن إتمام المناسك لمرض أو عَدُوًّ أو غير ذلك ، ولا يكون قد اشترط عند إحرامه ، أي لم يقل عند تلبية الحج : اللهم مَحِليِّ حيث حبستني. الخامس : دمُ الوطءِ ، وهو دم يُفرض على الحاج إذا وطىءَ أثناء حجه ، فإن كان قد وطىءَ قبل رمي جمرة العقبة صبيحة يوم النحر فعليه بدنة ، مع بطلان حجهِّ ، وإن كان وطىءَ بعد الرمي وقبل طواف الإفاضة فعليه شاة . ومثل الرجل في هذا المرأة سواءً بسواءٍ ، غير أنها إذا كانت مكرهةً في وطئِها فلا هدي عليها ، وأيضاً فإن حجَّها صحيح بخلاف زوجها الواطىءِ ، إن كان قد وطىءِ قبل رمي جمرة العقبة . ولا يجب على الحاج دمٌ غير هذه الدماءِ ، إذ ليس على ذلك دليل يصلح للاعتماد عليه ، وقد اعتمد الفقهاءُ قديماً وحديثاً في كثرة الدماءِ التي يوجبونها في مخالفات الحج ، على أثر ابن عباس رضي الله عنهما المشهور وهو : " من نسي من نُسُكِهِ شيئاً أو تركه فليُهْرِقْ دماً " . وهذا الأثر فضلاً عن كونه مُصادمًا لصريح السُّنة كما سنبين ، فهو قد تفرد به ابن عباس رضي الله عنهما ، فيُصْبح رأيًا ارتآه ابن عباس وحده ، مصادماً لصريح السُّنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلكم : " أن رجلاً جاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متضمِّخٌ بطيب، فقال: يا رسولالله ، كيف ترى في رجل أحرم في جُبَّةٍ بعدما تضَمَّخَ بطيب ؟ . فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ساعةً ، فجاءه الوحي ، ثم سُرِّيَ عنه فقال : أين الذي سأَلني عن العمرة آنفًا ، فالْتُمِسَ الرجلُ فجيءَ به فقال : أَمَّا الطِّيبُ الذي بك فاغسله ثلاث مرات ،وأما الجُبَّة فانزِعها ، ثم اصنع في العمرة كلَّ ما تصنع في حجَّك" فهذا الحديث ، يدلّ دلالةً صريحةً ، على أن من أتى مخالفةً أو محظوراً من محظورات الإحرام ، فليس عليه إلا يدعه فقط ، لأن الرسول عليه السلام لم يأمر الرجل لابس الجبَّة المتضمخ بطيب النِّساء ـ وهو الخلوق كما جاء في روايةٍ أخرى ـ إلا أن ينزع الجبة ويغسل الطيب ، ولم يأمره بذبح هدي الجزاء ، ولو كان واجبًا لأمره به ، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة قائمة هنا ، والوحي قد نزل بالحكم الفصل . والصحابي مهما بلغ من منزلة وعلم ، فأثره لا يُقدم على سنة صحيحة صريحة من سنن الرسول صلوات الله عليه . إذاً فمن الحق أن يقال : إن ابن عباس ـ رضي الله عنه ، على جلالة قدره في العلم ـ اجتهدا رأيه ، فلربما لم يبلغه هذا الحديث الصحيح ، واختلاف الصحابة مشهور لا يخفى ، وهو مبنيٌّ على هذا الأصل ، ألا وهو : خفاء السنن وعلى تفاوتهم في العلم . ولا يقال هنا : إن الصحابة لم ينكروا عليه ، فعدم معرفتنا بذلك لا يعني أن الصحابة لم ينكروا غاية ما يقال : إنه لم يصلنا ولا ننسى أن كثرة الدماء لم تؤد إلى التساهُل في المناسك فحسب ، بل إلى الاستهانة بأداء مناسك الحج ، وإتمامها على مثل ما بين الرسول عليه السلام ، وهذا أخطر ما في التدميم " قال مبارك : وما رجحه شيخنا محمد إبراهيم شقرة هو مذهب أهل الظاهر ومال إليه الإمام الشوكاني ، والعلامة صديق حسان خان القنوجي وبه يقول شيخنا الإمام محمد ناصر الدين الألباني، واختاره أيضًا مراد شكري في كتابه النفيس" المنخّلة النونية فيفقه الكتاب والسنة النبوية " 102: فقد قال في آخر بحثه حول هذه المسألة : ولذلك كان الأرجح ما ذهب إليه الظاهرية من أنه لا دم إلا ما ورد في النص ، ومن تأمل الخلاف الحاصل حول الدماء بين من قال به ؛ قطع يقينه بخلاف ما ذهبوا إليه ، "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا " النساء 82- ملتقى أهل الحديث = هنا= |
#3
|
||||
|
||||
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح المممتع:
__________________
|
|
|