#1
|
||||
|
||||
هل المحادثة بين الجنسين عبر مواقع التواصل، من الخلوة المحرمة؟
السؤال : هل تعتبر محادثة الرجل للمرأة على مواقع التواصل الاجتماعي نوع من أنواع الخلوة؟ الجواب :الحمد لله أولًا: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ" لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " رواه البخاري :5233- ومسلم: 1341. والمراد بالخلوة في هذا الحديث إنما هي الخلوة بالأجساد. والعلة من هذا النهي؛ هي أن هذه الخلوة مظنة للوقوع في الحرام ، لأن فيها تمكينًا للشيطان من الوسوسة بذلك، وقد أشار إلى هذا قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ" رواه الترمذي "2165 -وقال " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ "، وقال الحاكم في "المستدرك" 1 / 114: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" 6 / 215. قال المناوي رحمه الله تعالى: " إلا كان الشيطان ثالثهما " بالوسوسة، وتهييج الشهوة، ورفع الحياء، وتسويل المعصية، حتى يجمع بينهما بالجماع، أو فيما دونه من مقدماته التي توشك أن توقع فيه، والنهي للتحريم " انتهى، من "فيض القدير" 3 / 78. فالنهي عن الخلوة بالأجنبية هو من باب سد الطرق الموصلة إلى الفواحش؛ وهذا من أصول شريعتنا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " والأصل أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها ، إذا لم يعارضها مصلحة راجحة " انتهى، من "مجموع الفتاوى" 15 / 419. ومحادثة الرجل للمرأة الأجنبية محادثة خاصة عبر مواقع التواصل – وإن لم تكن من الخلوة التي يذكرها الفقهاء - إلا أنه ذريعة للفتنة وسبب للفساد ؛ فيمنع منها لأجل ذلك . وإذا كان النظر ، والمصافحة ، ونحو ذلك : ممنوعا منه ، سدا لذريعة الفتنة بالمرأة ، وإن لم يكن خلوة ؛ فمنع المحادثة الخاصة ، لا سيما بين الشباب ، ومن هم مظنة الفتنة : هو من هذا الباب أيضًا . وقد تضافرت نصوص الوحي على النهي عن الاستمتاع بالمرأة الأجنبية والتلذذ بصوتها والنظر إليها ، واعتبرت هذا نوعا من الزنا. عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ " رواه البخاري :6243- ومسلم :2657- وزاد أحمد 27430 : "والآذان زناها الاستماع" . وقد وصل الأمر ببعض هؤلاء إلى أن استهواهم الشيطان فهبطوا إلى هوة سحيقة من الانحطاط الخلقي والديني ، حيث تعرى بعضهم لبعض . ولا شك أن للشيطان حبائل شتى ، يوقع بها الناس في الفساد ، والشهوات ، والفتن ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِي النَّاسِ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» . رواه البخاري :5096- ومسلم :2741: واللفظ له . وقد قال الله تعالى: " يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ " الأعراف/27. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " فنهى بني آدم أن يفتتنوا بفتنة الشيطان ، كما فتن أبويهما، وذلك بمعصية الله وطاعة الشيطان في خلاف أمر الله ونهيه . وأنه لما نزع عن الأبوين لباسهما ، فكذلك قد ينزع عن الذرية لباس التقوى ، ولباس البدن ؛ ليريهما سوءاتهما " انتهى، من "الاستقامة" 2 / 170. فالحاصل؛ أن محادثة الرجل للمرأة الأجنبية عبر مواقع التواصل ، خفية عن باقي الزوار والمشتركين؛ ليست من الخلوة التي نُهي عنها . لكنها تمنع لما فيها من الفتنة ، ومظنة الفساد . فيجب على المسلم والمسلمة أن يتجنبا مثل هذا التواصل ، إلا لمصلحة دينية راجحة ، كاستفتاء أهل العلم، أو مصلحة دنيوية مشروعة ، ويكون الكلام بقدر الحاجة فقط ، بلا توسع أو تساهل . والله أعلم. موقع الإسلام سؤال وجواب*
__________________
|
|
|