العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى اللغة العربية > ملتقى اللغة العربية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-04-2017, 11:04 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,221
Arrow نشأة القاعدة النحوية وتطورها

نشأة القاعدة النحوية وتطورها


القاعدة لغةً: القواعد جمع قاعدة، وهي في اللغة: الأساس، فقاعدة كل شيء هي أساسه، ومن ذلك قواعد البيت؛ أي: أسسه، وهي في الأمور الحسية إلا أنها استعملت في الأمور المعنوية، ومن ذلك قواعد العلوم. والقاعدة: ما يقعد عليه الشيء؛ أي: يستقر ويثبت[1].

القاعدة اصطلاحًا: بمعنى الضابط، وهي الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته. والقاعدة النحوية قاعدة كلية؛ كالفاعل مرفوع، والمفعول منصوب...إلخ، والقاعدة الكلية يكون معناها حكمًا كليًا ينطبق على جزئيات كثيرة[2]، أو القاعدة: هي قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها[3]، والـذي يظهـر أن القاعدة أكثرية لا كلية. والقاعدة: تعبير عن شيء لاحظه الباحث، وكان عليه أن يصفه بعبارة مختصرة بقدر الإمكان، ويرى السيوطي أن القاعدة تجمع فروعًا من أبواب شتى[4]، وهي "وصف لسلوك معين في تركيب اللغة"[5]. وقواعد النحو العربي " قانون لغوي، وهذا القانون اللغوي دستور عربي عام، وهو نتاج جماعي مشترك بين القادرين على الاستقراء والاستنتاج، ثم التقنين والتقعيد، فالأصل في كل علم أن يكون جمعًا لجهود متقاربة مجتمعة على أصل واحد وهدف واحد بعينه، فإذا كانت البصرة سباقةً إلى تقنين العربية فإن للكوفة فضل الإكمال والإتمام في كثير من الأحكام"[6].

وقد بدأت أولى خطوات وضع القواعد النحوية بمرحلة جمع اللغة اعتمد فيها العلماء على السماع شفاهةً من أفواه العرب أنفسهم، فقد حدد اللغويون العرب إطارًا مكانيًا يقبلون منه اللغة، فخصوا أماكن وقبائل بعينها لتوغلها في العروبة والفصاحة وتمكنها؛ كقبائل وسط الجزيرة العربية، وابتعدوا عن اعتماد ما جاء على لسان القبائل الواقعة في أطراف الجزيرة والمتاخمة للفرس أو الروم...إلخ، وحددوا إطارًا زمانيًا ينتهي بنهاية القرن الثاني الهجري للقبائل التي في أطراف الجزيرة العربية، وحتى نهاية القرن الرابع بالنسبة للقبائل الواقعة في وسط الجزيرة العربية[7].

ثم جاءت بعد ذلك مرحلة فحص وتمحيص المجموع اللغوي، وبدأت خطوات مرحلة وضع القواعد النحوية، فمن المؤكد أن وضع القواعد قد "بدأ متأخرًا عن جمع اللغة؛ لأنه لا يمكن القيام به من دون مادة توضع تحت تصرف النحوي، وذلك لأن تقعيد القواعد ما هـو إلا فحص لمادة لغوية تم جمعها بالفعل ومحاولة تصنيفها واستنباط الأسس والنظريات التي تحكمها"[8]، وبعد أن استقرأ النحاة العرب ما ورد لهم من نصوص اللغة اتخذوا مما كثر شيوعه وزادت نسبة وروده مقياسًا يؤسسون عليه القاعدة، ويستنبطون منه الصحيح المقبول[9].

ويؤكد كثير من العلماء أن علم النحو العربي " نشأ في العراق في صدر الإسلام لأسبابه نشأةً عربيةً على مقتضى الفطرة، ثم تدرج في النمو والتطور تمشيًا مع سنة الترقي حتى اكتملت أبوابه، غير مقتبس من لغة أخرى لا في نشأته ولا في تدرجه "[10]، كما يؤكد بعضهم أن علم النحو " قد استكمل أسبابه، وأن أسسه قد رسخت، وقواعده قد وضعت، وأهله قد ضربوا في مناكبه، فوصلوا فيه إلى الغاية منه، وقد أفسحوا المجال لمن أتي بعدهم أن ينظم مسائله، ويحدد من شيوعه ويضيف إليه ما يرى أنه جدير بأن يضم إليه، ويدلي برأيه فيما وصل إليه سابقوه، وبالجملة يعمل فكره فيه؛ فهمًا وهضمًا وتوضيحًا وتفريعًا وتنقيحًا" [11].

ومما لا شك فيه أن كل جماعة لغوية لديها رغبة في وجود قاعدة، وإلى جانب هذه الرغبة الجارفة في وجود سلطة مختصة يتخذها أعضاء الجماعة اللغوية قبلتهم وحكمهم في كل ما يعرض لهم من مشكلات لغوية، توجد رغبة اجتماعية أخرى، وهذه هي رغبة السواد الأعظم في وجود قواعد لغوية محددة مختصرة.

[1] ينظر: الصحاح، للجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، 1990م (2/ 525)، ومعجم مقاييس اللغة، لابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر، بيروت، 1399هـ/ 1979م (5/ 108) (قعد).

[2] ينظر: المصباح المنير، للفيومي، مكتبة لبنان، بيروت، 1987م(ص263).

[3] التعريفات، لعلي بن محمد بن علي الجرجاني، تحقيق: إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1405هـ (ص: 219).

[4] ينظر: الأشباه والنظائر، لجلال الدين السيوطي، ط حيدر أباد، 1316هـ (1/ 6).

[5] التقعيد النحوي بين السماع والقياس، لمحمود شرف الدين، رسالة دكتوراه بدار العلوم القاهرة، 1968م (ص19).

[6] ينظر: سيبويه جامع النحو، لفوزي مسعود (ص25).

[7] نقل السيوطي عن أبي نصر الفارابي أسماء هذه القبائل ومبررات اختيارها دون غيرها. ينظر: الاقتراح في أصول النحو، للسيوطي، دار المعارف النظامية، حيدر أباد، الطبعة الأولى (ص27-28).

[8] البحث اللغوي عند العرب، لأحمد مختار عمر ( ص79).

[9] ينظر: اللغة بين المعيارية والوصفية، لتمام حسان، مطبعة الرسالة، القاهرة، 1958م (ص35).

[10] ينظر: نشأة النحو، لمحمد الطنطاوي (ص10).

[11] مدرسة البصرة النحوية، لعبدالرحمن السيد، رسالة ماجستير، دار العلوم القاهرة، 1989م (ص63).



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 11:27 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر