#1
|
||||
|
||||
معاني اسم الله " اللطيف"
معاني اسم الله " اللطيف" الحمد لله من أسماء الله الحسنى الثابتة في القرآن والسنة " اللطيف " ، قال تعالى " أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ " الملك/14 ، وقال عز وجل" وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفا خَبِيرًا " الأحزاب/34. ولهذا الاسم معنيان عظيمان : الأول : أن الله يعلم دقائق الأمور وخفاياها ، وما في الضمائر والصدور . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي شارحًا معنى هذا الاسم " الذي لَطُفَ علمه حتى أدرك الخفايا ، والخبايا ، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور " .انتهى من "تفسير أسماء الله الحسنى " للسعدي :ص: 225. المعنى الثاني : أن الله تعالى يحسن إلى عباده من حيث لا يحتسبون . قال الزجاج " وَهُوَ فِي وصف الله يُفِيد أَنه المحسن إِلَى عباده فِي خَفَاء وَستر من حَيْثُ لَا يعلمُونَ ، ويسبب لَهُم أَسبَاب معيشتهم من حَيْثُ لَا يحتسبون " . انتهى " تفسير أسماء الله الحسنى " للزجاج :ص: 44 . فإذا يسر الله لعبده طريق الخير وأعانه عليه : فقد لطف به . وإذا دفع عنه السوء والمكروه : فقد لطف به . وإذا هداه من ظلمات الجهل والكفر والبدع والمعاصي ، إلى نور العلم والإيمان والطاعة : فقد لطف به . وإذا قيض الله له أسبابًا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد : فقد لطف به . فمن لطفه : أن يسوق عبده إلى الخير ، ويعصمه من الشر ، بطرق خفية لا يشعر العبد بها ، ويسوق إليه من الرزق ما لا يدريه ، ويريه من الأسباب التي تكرهها النفوس ما يكون ذلك طريقًا له إلى أعلى الدرجات ، وأرفع المنازل . " ولهذا لما تنقلت بيوسف عليه السلام تلك الأحوال ، وتطورت به الأطوار من رؤياه ، وحسد إخوته له ، وسعيهم في إبعاده جدا ، واختصامهم بأبيهم ثم محنته بالنسوة ثم بالسجن . ثم بالخروج منه بسبب رؤيا الملك العظيمة ، وانفراده بتعبيرها ، وتبوئه من الأرض حيث يشاء ، وحصول ما حصل على أبيه من الابتلاء والامتحان . ثم حصل بعد ذلك الاجتماع السار وإزالة الأكدار وصلاح حالة الجميع والاجتباء العظيم ليوسف : عرف عليه السلام أن هذه الأشياء وغيرها لطف الله لهم به ، فاعترف بهذه النعمة فقال"إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"يوسف 100. أي لطفه تعالى خاص لمن يشاء من عباده ممن يعلمه تعالى محلًا لذلك وأهلًا له ، فلا يضعه إلا في محله ، فالله أعلم حيث يضع فضله . فإذا رأيت الله تعالى قد يسر العبد لليسرى ، وسهل له طريق الخير ، وذلل له صعابه ، وفتح له أبوابه ، ونهج له طرقه ، ومهد له أسبابه ، وجنبه العسرى : فقد لطف به " .انتهى من تفسير أسماء الله الحسنى" للسعدي ص: 227 . ومن لطفه بعباده : أنه يقدر أرزاقهم بحسب علمه بمصلحتهم ، لا بحسب مراداتهم ، فقد يريدون شيئًا وغيره أصلح لهم ، فيقدر لهم الأصلح وإن كرهوه لطفًا بهم ، وبرًا إحسانًا " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"الشورى 19. ومن لطفه بهم : أنه يقدر عليهم أنواع المصائب ، وضروب المحن والابتلاء رحمةً بهم ولطفًا ، وسوقا إلى كمالهم ، وكمال نعيمهم " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ " البقرة 216. ومن لطف الله تعالى بعبده : أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية التي يظن فيها إدراك بغيته ، ويعلم الله تعالى أنها تضره وتصده عما ينفعه ، فيحول بينه وبينها ، فيظل العبد كارهًا ولم يدر أن ربه قد لطف به حيث أبقى له الأمر النافع وصرف عنه الأمر الضار . قال ابن القيم " واسمه اللطيف يتضمن : علمه بالأشياء الدقيقة ، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية " انتهى من " شفاء العليل " ص: 34. وقال في " الكافية الشافية " ص: 179 : وهو اللطيف بعبده ولعبده ... واللُطف في أوصافه نوعان إدراك أسرار الأمور بخبرةٍ ... واللطف عند مواقع الإحسان فيريك عزَّته ويُبدي لطفه ... والعبد في الغفلات عن ذا الشَّان وقد أفاض الشيخ عبد الرحمن السعدي في بيان صور وحالات من لطف الله بعباده في رسالته " تفسير أسماء الله الحسنى " ص: 225 . والله أعلم . موقع الإسلام سؤال وجواب* |
#2
|
||||
|
||||
من أسرار اسم الله اللطيف([1]) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد: فإن أشرف العلم مطلقًا هو العلم الذي يعرف المؤمن بربه، ويدله على مولاه، ولا ريب أن أقرب الطرق لذلك هو التعرف على معاني أسمائه وصفاته – عز وجل - ، بل إن هذا العلم من أعظم ما يملأ القلب إيمانًا بالله، وحبًا لله، حتى إن المتشبع به، لينقاد ـ بعون الله ـ إلى فعل الطاعة وترك المعصية بسهولةٍ لا يكاد يجدها في مؤثر آخر. وإذا كان من القبيح أن يجهل الإنسان أحوال أهله وأسرته القريبة، فما الظن بالجهل بمعاني ربه الذي خلقه ورزقه وكساه وآواه وعافاه؟! ووالله إن من أعظم الحرمان العظيم أن ترى بعض المسلمين يعيش فترة من دهره، بل ربما انقضى عمره ومات وهو لم يتعلم أو يسأل عن معاني ما يمر به من أسماء حسنى وصفاتٍ على في كتاب الله أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - مع تيسر ذلك له! أيها المسلمون: هذا مقام عظيم أقفه اليوم، يرتعش له البدن، ويرتجف له الفؤاد؛ وُحقّ لكل من يقفه أن يكون كذلك .. إنني أقف لأتحدث عن من لا يحصي عبده ثناء عليه، هو – سبحانه وتعالى - كما أثنى على نفسه، إنني أتحدث عن قطرة من بحر، وجزء يسير من معاني اسم من أسماء الله الحسنى التي تعرف إلى عباده بها، وللإيمان به ومعرفة معانيه الأثر الإيماني العظيم، والراحة النفسية الكبيرة، إنه اسم الله "اللطيف". اللطيف الذي لطف علمه حتى أدرك الخفايا والخبايا، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور ، اللطيف الذي لطف بأوليائه، وأصفيائه، فيسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، وسهل لهم كل طريق يوصل إلى مرضاته وكرامته، وحفظهم من كل سبب ووسيلة توصل إلى سخطه، من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون. ومن لطفه بعبده ووليه ـ الذي يريد أن يتم عليه إحسانه، ويشمله بكرمه ويرقيه إلى المنازل العالية ـ أن يجري عليه من أصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه ـ وهي عين صلاحه ، والطريق إلى سعادته ـ كما امتحن الأنبياء بأذى قومهم وبالجهاد في سبيله، وكما امتحن أولياءه بما يكرهونه لينيلهم ما يحبون: وكم لله من لطفٍ خفيٍّ ** يَدِقّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ ** فَفَرَّجَ كُرْبَةَ القَلْبِ الشَّجِيِّ وكم أمرٍ تساءُ به صباحًا ** وَتَأْتِيْكَ المَسَرَّةُ بالعَشِيِّ إذا ضاقت بك الأحوال يومًا ** فَثِقْ بالواحِدِ الفَرْدِ العَلِيِّ وكم استشرف العبد على مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية ورياسة، أو غيرها من محبوبات النفوس فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه، رحمةً به لئلا تضره في دينه، فيظل العبد حزينًا ـ من جهله وعدم معرفته بربه ـ ولو علم ما ادخر له في الغيب، وأريد إصلاحه؛ لحمد الله وشكره على ذلك، فإن الله بعباده رؤوف رحيم، لطيف خبير. ومن لطفه بعباده المؤمنين أنه يتولاهم بلطفه فيخرجهم من الظلمات إلى النور من ظلمات الجهل، والكفر، والبدع، والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة. ومن لطفه أنه يرحمهم من طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء التي هذا طبعها وديدنها، فيوفقهم لنهي النفس عن الهوى ويصرف عنهم السوء والفحشاء فتوجد أسباب الفتنة، وجواذب المعاصي وشهوات الغي فيرسل الله عليها برهان لطفه ونور إيمانهم الذي منَّ به عليهم فيدعونها مطمئنين لذلك منشرحة لتركها صدورهم. ومن لطفه بعباده أنه يقدر أرزاقهم بحسب علمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتهم فقد يريدون شيئًا وغيره أصلح فيقدر لهم الأصلح وإن كرهوه لطفًا بهم، وبرًا وإحسانًا "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ "الشورى: 19. ومن لطفه بهم أنه يقدر عليهم أنواع المصائب، وضروب المحن، والإبتلاء بالأمر والنهي الشاق رحمة بهم، ولطفًا، وسوقا إلى كمالهم، وكمال نعيمهم "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"البقرة: 216. ومن لطيف لطفه بعبده إذ أهّله للمراتب العالية، والمنازل السامية ـ التي لا تدرك بالأسباب العظام التي لا يدركها إلا أرباب الهمم العالية، والعزائم السامية ـ أن يقدر له في ابتداء أمره بعض الأسباب المحتملة المناسبة للأسباب التي هو أهل لها ليتدرج من الأدنى إلى الأعلى ولتتمرن نفسه ويصير له ملكة من جنس ذلك الأمر، وهذا كما قدر لموسى ومحمد وغيرهما من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - في ابتداء أمرهم رعاية الغنم؛ ليتدرجوا من رعاية الحيوان البهيم وإصلاحه إلى رعاية بني آدم ودعوتهم وإصلاحهم، وكذلك يذيق عبده حلاوة بعض الطاعات فينجذب ويرغب ويصير له ملكة قوية بعد ذلك على طاعات أجل منها وأعلى، ولم تكن تحصل بتلك الإرادة السابقة حتى وصل إلى هذه الإرادة والرغبة التامة. ومن لطفه بعبده أن يقدر له أن يتربى في ولاية أهل الصلاح، والعلم، والإيمان وبين أهل الخير ليكتسب من أدبهم، وتأديبهم ولينشأ على صلاحهم وإصلاحهم كما أمتن الله على مريم في قوله تعالى"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ "آل عمران: 37 ، إلى آخر قصتها. ومن ذلك: أن ينشأ العبد بين أبوين صالحين وأقارب أتقياء أو في بلد صلاح أو يوفقه الله لمقارنة أهل الخير وصحبتهم أو لتربية العلماء الربانيين، فإن هذا من أعظم لطفه بعبده. ومن لطف الله بعبده أن يجعل رزقه حلالًا في راحة وقناعة يحصل به المقصود، ولا يشغله عما خلق له من العبادة والعلم والعمل، بل يعينه على ذلك ويفرغه ويريح خاطره وأعضاءه. ومن لطف الله بعبده أن يعطي عبده من الأولاد، والأموال، والأزواج ما به تقر عينه في الدنيا، ويحصل له السرور، ثم يبتليه ببعض ذلك ويأخذه، ويعوضه عليه الأجر العظيم إذا صبر واحتسب، فنعمة الله عليه بأخذه على هذا الوجه أعظم من نعمته عليه في وجوده، وقضاءِ مجرد وطره الدنيوي منه، وهذا ـ أيضًا ـ خير وأجر خارجٌ عن أحوال العبد بنفسه، بل هو لطف من الله له قيض له أسبابًا أعاضه عليها الثواب الجزيل والأجر الجميل. ومن لطف الله بعبده أن يبتليه ببعض المصائب فيوفقه للقيام بوظيفة الصبر فيها فينيله درجات عاليه لا يدركها بعمله، وقد يشدد عليه الابتلاء بذلك كما فعل بأيوب عليه السلام، ويُوِجِدُ في قلبه حلاوة روح الرجاء، وتأميل الرحمة، وكشف الضر، فيخف ألمه وتنشط نفسه، ولهذا من لطف الله بالمؤمنين أن جعل في قلوبهم احتساب الأجر فخفت مصائبهم وهان ما يلقون من المشاق في حصول مرضاته. ومن لطف الله تعالى بعبده أن يجعل ما يبتليه به من المعاصي سببًا لرحمته، فيفتح له عند وقوع ذلك باب التوبة والتضرع والابتهال إلى ربه وازدراء نفسه واحتقارها وزوال العجب والكبر من قلبه ما هو خير له من كثير من الطاعات. ومن لطفه بعبده الحبيب عنده، إذا مالت نفسه مع شهوات النفس الضارة واسترسلت في ذلك أن يُنغّصها عليه ويكدرها، فلا يكاد يتناول منها شيئًا إلا مقرونًا بالمكدرات، محشوًا بالغصص، لئلا يميل معها كل الميل، كما أن من لطفه به أن يلذذ له التقربات ويحلي له الطاعات ليميل إليها كل الميل. ومن لطيف لطف الله بعبده: أن يأجره على أعمال لم يعملها، بل عَزَمَ عليها، فيعزم على قربة من القرب ثم تنحل عزيمته لسبب من الأسباب، فلا يفعلها فيحصل له أجرها، فانظر كيف لطف الله به فأوقعها في قلبه وأدارها في ضميره، وقد علم تعالى أنه لا يفعلها سوقًا لبره لعبده وإحسانه بكل طريق. وألطف من هذا أن يقدر تعالى لعبده ويبتليه بوجود أسباب المعصية، ويوفر له دواعيها وهو ـ تعالى ـ يعلم أنه لا يفعلها؛ ليكون تركه لتلك المعصية التي توفرت أسباب فعلها من أكبر الطاعات، كما لطف بيوسف عليه السلام في مراودة المرأة، وكما لطف بسابع السبعة ـ الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ ذلك الرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله! ومن لطف الله بعبده أن يجري بشيء من ماله شيئاً من النفع وخيراً لغيره، فيثيبه من حيث لا يحتسب فمن غرس غرسًا، أو زرع زرعًا، فأصاب منه كائن حي آجره الله وهو لا يدري، خصوصاً إذا كانت عنده نية حسنة، وعقد مع ربه عقدًا في أنه مهما ترتب على ماله شيء من النفع، قال بلسان حاله أو مقاله: فأسألك يا رب أن تأجرني، وتجعله قربة لي عندك، وكذلك لو كان له كتاب انتفع به في تعلم شيء منه، أو مصحف قرئ فيه، والله ذو الفضل العظيم. هذه عباد الله .. قطرة من بحر، وقليل من كثير، من معاني اسم الله اللطيف، فرحم الله عبدًا لمح هذه المعاني، وأحسن الظن بمولاه، وانطرح بين يديه طالبًا عفوه، واشتمالًا بلطفه الخفي، متعبدًا لله بأمثال هذه المعاني، فسبحان مَنْ لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه. بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ... أقول قولي هذا ،وأستغفر الله ... الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد: فهي أكثر من 10.000 دقيقة هي مجموع أيام إجازة منتصف العام الدراسي ، والتي يرتبط بها أكثر البيوت، فهم إما طلاب أو أولياء أمورٍ لطلاب ، وهل هذه الدقائق إلا جزء من حياتنا؟ وإن من لطف الله بالأسرة وبالشاب والفتاة أن يوفقه لمعرفة قدر الوقت الذي هو الحياة. ما أحرى الأسرة، وما أجدر الشاب والفتاة أن يربوا أنفسهم على استثمار أمثال هذه الفرص التي هي فرصة جيدة لتنمية مهارة سابقة ، أو للبدء في مهارة جديدة. كم يعجبك ذلك الشاب الذي قال: سأربي نفسي في هذه الإجازة القصيرة على أن لا تفوتني سنة الضحى والوتر ولو بركعة قبل أنام، وآخر يقول: خططتُ لقراءة كتاب ينمي عقلي، وثالث يقول: جعلت هذه الإجازة فرصة لزيارة بعض أقاربي، ورابع يقول: عزمتُ أن أجعل من تنزهي في البرية فرصةً لإجمام النفس لتنشيطها على الخير، وفرصةً لأزيد من إيماني متأملًا في خلق السماء والنجوم، ... وهكذا، هي أعمال يسيرة لكن ثمراتها طيبة. لنتذكر ـ أيها الإخوة ـ أن ضياع الوقت علامة على المقت ،وقلة التوفيق ، تأملوا قوله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -"وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا"الكهف: 28. كان شيخنا العلامة ابن عثيمين : يقول: إذا رأيت وقتك يتبدد من غير أن تستفيد منه، ومن غير إنتاج ينفعك في أمر دينك أو دنياك، فاحذر أن تكون من أهل هذه الآية! فتش عن قلبك! فتش عن ذكرك لله! وهل أنت تأتي به بقلب حاضر! ثم قال :: والله إن الإنسان ليخشى على نفسه إذا انفرط وقته أن يكون من أهل هذه الآية! وهذا نداء أوجهه إلى رب الأسرة .. أولادك .. أولادك .. إن من الناس من ينسى نفسه في غمرة بحثه عن متعة نفسه ، فلا يسأل عن أولاده ،فضلًا عن أن يجعلهم رفقاء له في ذهابه وغيابه ،أو على الأقل يطمئن على أصحابهم ... ولهذا لعمر الله من التفريط ،ولقد قال نبينا - صلى الله عليه وسلم - "كلكم راع ..". ([1]) هي ملخصة من تعليق الشيخ عبدالرحمن السعدي في كتابه :المواهب الربانية: على اسم الله اللطيف، مع بعض الزيادة والنقص من طرفي. د.عمر بن عبدالله المقبل - هنا
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
وجمع الشيخ عبدالرحمن بن سعدي بين التعريفين، فقال: "اللطيف الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر والخبايا (والخفايا والغيوب)، وهو الذي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى".
ومن معاني اللطيف أنه الذي يلطف بعبده ووليِّه، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب لا تكون من (العبد) على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة "تيسير الكريم الرحمن" ص 838. - الألوكة- |
#4
|
||||
|
||||
اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"14 الملك."وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر، والخبايا -والخفايا والغيوب-، وهو الذي " يعلم السر وأخفى " ومن معاني اللطيف، أنه الذي يلطف بعبده ووليه، فيسوق إليه البِرَّ والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب، بأسباب لا تكون من –العبد- على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة.تفسير السعدي. "وَهُوَ اللَّطِيفُ " الذي له اللطف التام بمعنييه ، وهما : الأول : اللطف بمعنى معرفة أسرار الأمور وحكمها الدقيقة الخفية ، فهو أخص من الخبير ، ولهذا قدم عليه في جميع المواضع التي اقترن فيها بالقرآن كما في قوله تعالى "لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخبِيرُ "الأنعام 103.وكما في قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا " الأحزاب34. الثاني : اللطف بمعنى الإحسان إلى عباده والتيسير عليهم والتخفيف عنهم كما قال تعالى "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"الشورى19. بَرّهم وفاجرهم حيث لم يهلكهم جوعًا بمعاصيهم "يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ"من كل منهم ما يشاء "وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"على مراده "الْعَزِيزُ"الغالب على أمره. قال ابن القيم: واسمه اللطيف يتضمن علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية. قال الشيخ السعدي: فإذا قال العبد "يا لطيف الطف بي.. وأسألك لطفك.."، فمعناه: تولني ولاية خاصة، بها تصلح أحوالي الظاهرة والباطنة، وبها تندفع عني جميع المكروهات من الأمور الداخلية والخارجية.المواهب الربانية من الآيات القرآنية للشيخ السعدي.ملتقى أهل التفسير =هنا= تفسير الأسماء الحسنى للشيخ السعدي = هنا= ومن لطفه بعباده المؤمنين أنه يتولاهم بلطفه فيخرجهم من الظلمات إلى النور من ظلمات الجهل، والكفر، والبدع، والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة، ومن لطفه أنه يرحمهم من طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء التي هذا طبعها وديدنها فيوفقهم لنهي النفس عن الهوى ويصرف عنهم السوء والفحشاء فتوجد أسباب الفتنة، وجواذب المعاصي وشهوات الغي فيرسل الله عليها برهان لطفه ونور إيمانهم الذي منَّ به عليهم فيدعونها مطمئنين لذلك منشرحة لتركها صدورهم. تفسير الأسماء الحسنى للشيخ السعدي = هنا= ومن لطف الله تعالى بعبده أن يجعل ما يبتليه به من المعاصي سببًا لرحمته فيفتح له عند وقوع ذلك باب التوبة والتضرع والابتهال إلى ربه وازدراء نفسه واحتقارها وزوال العجب والكبر من قلبه ما هو خير له من كثير من الطاعات.تفسير الأسماء الحسنى للشيخ السعدي = هنا= قال الشيخ السعدي في كتابة المواهب الربانية: فاعلم أن اللطف الذي يطلبه العباد من الله بلسان المقال ولسان الحال هو من الرحمة، بل هو رحمة خاصة؛ فالرحمة التي تصل العبد من حيث لا يشعر بها أو لا يشعر بأسبابها هي اللطف، فإذا قال العبد: يا لطيف الطف بي أو لي وأسألك لطفك؛ فمعناه: تولني ولاية خاصة، بها تصلح أحوالي الظاهرة والباطنة، وبها تندفع عني جميع المكروهات: من الأمور الداخلية والأمور الخارجية، فالأمور الداخلية لطف بالعبد والأمور الخارجية لطف للعبد، فإذا يسر الله عبده وسهل طريق الخير وأعانه عليه فقد لطف به، وإذا قيض الله له أسبابًا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد، فيها صلاحه فقد لطف له. ا.هـ. الخبير: هو العليم بسرائر عباده وضمائر قلوبهم ، الخبير بأمورهم الذي لا يخفى عنه شيء " الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا " الفرقان 59. سر اقتران اسم اللطيف باسم الخبير: لم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير ، ويرجع السبب لان الاسميين يتلاقيان في المعنى … فالله تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه الخير .. وقد يخفى على العبد هذا الخير، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض .. والله تعالى يقول "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"الملك: 14. فلا يلطف بك إلا من عرفك وكان خبيرًا بمواطن ضعفك وقوتك وبكل أحوالك. فإذا عَلِمَ العبد أن ربَّه متصفٌ بدقة العلم، وإحاطته بكل صغيرة وكبيرة، حاسب نفسه على أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته ؛ لأنه يعلم في كل وقتٍ وحين أنه بين يدي اللطيف الخبير"أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"الملك: 14. = هنا =
__________________
|
|
|