العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الفقه > ملتقى الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-09-2017, 10:26 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
Post حُكمُ شُربِ الدُخَّان للسعدي

حُكمُ شُربِ الدُخَّان
تأليف العلامة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
من الولد على بن حمد الصالحي : إلى فضيلة الشيخ المكرم : عبدالرحمن الناصر السعدي .بعد السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .أرجوكم الإفادة عن حكم شرب الدخان و الاتجار به على وجه التوضيح هل هو حرام أو مكروه أفتونا مأجورين ؟
الجواب : وبالله التوفيق ، نسأله الهداية لنا ولإخواننا المسلمين .
اما الدخان شربه و الاتجار به و الإعانة على ذلك فهو حرام لا يحل لمسلم تعاطيه ؛ شربًا ، واستعمالا ، واتجارا ، وعلى من كان يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبة نصوحة ، كما يجب عليه ان يتوب من جميع الذنوب ؛ وذلك أنه داخل في عموم النصوص الدالة على التحريم ، داخل في لفظها العام وفي معناه ؛ وذلك لمضاره الدينية والبدنية و المالية التي يكفي بعضها في الحكم بتحريمه ، فكيف إذا اجتمعت ؟!
فصل
- أما مضاره الدينية ودلالة النصوص على منعه وتحريمه فمن وجوه كثيرة : منها قوله تعالى " وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" الأعراف 157. وقوله تعالى " وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ " البقرة 195] ، وقوله" وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" النساء 29 ، فهذه الآيات وما أشبهها حرم الله بهل كل خبيث أو ضار ، فكل ما يستخبث أو يضر فإنه لا يحل ، والخبث والضرر يعرف بآثاره وما يترتب عليه من المفاسد ، فهذا الدخان له مفاسد و أضرار كثيرة محسوسة كل أحد يعرفها ، وأهله من أعرف الناس بها ، ولكن إرادتهم ضعيفة ، ونفوسهم تغلبهم مع الشعور بالضرر ، وقد قال العلماء : يحرم كل طعام وشراب فيه مضرة .
- ومن مضاره الدينية : أنه يثقل على العبد العبادات والقيام بالمأمورات خصوصًا الصيام ، و ما كره العبد للخير فإنه شر ، وكذلك يدعو إلى مخالطة الأرذال ، ويزهد في مجالس الأخيار حما هو مشاهد ، وهذا من أعظم النقائص أن يكون العبد مؤالفا للأشرار متباعدا عن الأخيار ، ويترتب على ذلك العداوة لأهل الخير والبغض لهم ، والقدح فيهم والزهد في طريقهم ، ومتى ابتلي به الصغار والشباب سقطوا بالمرة و دخلوا في مداخل قبيحة ، وكان ذلك عنوانا على سقوط أخلاقهم فهو باب لشرور كثيرة فضلا عن ضرره الذاتي
فصل

- و أما مضاره البدنية : فكثيرة جدًا ، فإنه يوهن القوة ويضعفها ، ويضعف البصر ، وله سريان ونفوذ في البدن والعروق، فيوهن القوى ، ويمنع الإنتفاع الكلي بالغذاء ، ومتى اجتمع الأمران اشتد الخطر وعظم البلاء . ومنها : إضعاف القلب ، واضطراب الأعصاب ، وفقد شهية الطعام . ومنها : السعال ، والنزلات الشديدة التي ربما أدت إلى الاختناق وضيق النفس ، فكم من قتيل أومشرف على الهلاك . وقد قرر غير واحد من الأطباء المعتبرين أن لشرب الدخان الأثر الأكبر في الأمراض الصدرية ، وهي السل وتوابعه ، وله أثر محسوس في مرض السرطان ، وهذه من أخطر الأمراض و أصعبها . فيا عجبا لعاقل حريص على حفظ صحته وهو مقيم على شربه مع مشاهدة هذه الأضرار او بعضها ! فكم تلف بسببه خلق كثير ! وكم تعرض منهم لأكثر من ذلك ! وكم قويت بسببه الأمراض البسيطة حتى عظمت وعز على الأطباء دواؤها ! وكم أسرع بصاحبه إلى الانحطاط السريع من قوته وصحته ! ومن العجب أن كثيرًا من الناس يتقيدون بإرشادات الأطباء في الأمور التي هي دون ذلك بكثير ، فكيف يتهاونون بهذا الأمر الخطير ! ذلك لغلبة الهوى و إستيلاء النفس على إرادة الإنسان ، وضعف إرادته عن مقاومتها وتقديم العادات على ما تعلم مضرته . ولا تستغرب حال كثير من الأطباء الذين يدخنون وهم يعترفون بلسان حالهم أو لسان مقالهم بمضرته الطبية ، فإن العادات تسيطر على عقل صاحبها وعلى إرادته ، ويشعر كثيرًا أو أحيانًا بالمضرة وهو مقيم عى ما يضره . وهذه المضار أشرنا إليها إشارة ، مع ما فيه من تسويد الفم والشفتين و الأسنان ، وسرعة بلائها وتحطمها و نآكلها بالتسوس ، و انهيار الفم والبلعوم ومداخل الطعام والشراب حتى يجعلها كاللحم المنهار المحترق تتألم مما لا يتألم منه . وكثير من أمراض الإلتهابات ناشئة عنه ، ومن تتبع مضاره وجدها أكثر مما ذكرنا .
فصل
و أما مضاره المالية : فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم" أنه نهى عن إضاعة المال " **، و أي إضاعة أبلغ من حرقه في هذا الدخان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولا نفع فيه بوجه من الوجوه ، حتى أن كثيرا من المنهمكين فيه يغرمون الأموال الكثيرة ، وربما تركوا ما يجب عليهم من النفقات الواجبة ، وهذا انحراف عظيم ، وضرر جسيم فصرف المال في الأمور التي لا نفع فيها منهي عنه ، فكيف بصرفه بشيء محقق ضرره ! . ولما كان الدخان بهذه المثابة مضرًا بالدين والبدن والمال ، كانت التجارة فيه محرمة ، وتجارته بائرة غير رابجة ، وقد شاهد الناس أن كل متجر فيه و إن استدرج ونما ماله في وقت ما فإنه يبتلي بالقلة في آخر امره وتكون عواقبه وخيمة ، ثم إن النجديين ولله الحمد جميع علماؤهم متفقون على تحريمه ومنعه ، والعوام تبع للعلماء فلا يسوغ ولا يحل للعوام أن يتبعوا الهوى ويتأولوا ويتعللوا بأنه يوجد من علماء الأمصار من يحلله ولا يحرمه ، فإن هذا التأويل من العوام لا يحل باتفاق العلماء ، فإن العوام تبع لعلمائهم ليسوا مستقلين ، وليس لهم أن يخرجوا عن أقوال علمائهم وهذا واجبهم ، كما قال تعالى " فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" النحل 43. و الأنبياء 7 .
وما نظير هذا التأويل الفاسد الجاري على ألسنة بعض العوام –اتباعا للهوى لا اتباعا للحق والهدى –إلا كما لو قال بعضهم :يوجد بعض علماء الأمصار لا يوجبون الطمأنينة في الصلاة فلا تنكروا علينا إذا اتبعناهم ، أو يوجد من يبيح ربا الفضل فلنا أن نتبعهم ، أو يوجد من لايحرم أكل ذوات المخالب من الطير فلنا أن تنبعهم ، لو فتح هذا الباب فتح على الناس شر كثير ، وصار سببا لانحلال العوام عن دينهم ، وكل أحد يعرف أن تتبع مثل هذه الأدلة الشرعية ، ولما عليه أهل العلم ، من الأمور التي لا تحل ولا تجوز .
والميزان الحقيقي : هو مادلت عليه أصول الشرع و قواعده ، وقد دلت على تحريم الدخان ؛ لما يترتب عليه من المفاسد و المضار المتنوعة ، وكل أمر فيه ضرر على العبد : في دينه ، أو بدنه ، أو ماله من غير نفع فهو محرم . فكيف إذا تنوعت المفاسد وتجمعت ، أليس من المتعين شرعا وعقلا وطبا تركه والتحذير منه ونصيحة من يقبل النصيحة ! .
فالواجب على من نصح نفسه وصار لها عنده قدر وعزيمة أن يتوب إلى الله عن شربه ، ويعزم عزما جازما مقرونا بالاستعانة بالله لا تردد فيه ولا ضعف عزيمة فإن من فعل ذلك أعانه الله على تركه وهون عليه . ومما بهون عليه الأمر أن يعرف أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وكما أن ثواب الطاعة الشاقة أعظم مما لا مشقة فيه ، فكذلك ثواب تارك المعصبة إذا شق عليه الأمر وصعب أعظم أجرا و ثوابا ، فمن وفقه الله و أعانه على ترك الدخان فإنه يجد المشقة في أول الأمر ثم لا يزال يسلو شيئا فشيئا حتى يتم الله نعمته عليه ، فيتغبط بغضل الله عليه وحفظه و إعانته ، و ينصح إخوانه بما ينصح به نفسه والتوفيق بيد الله ، ومن علم الله من قلبه صدق النية في طلب ماعنده بفعل المأمورات وترك المحظورات يسره للبسرى ، وجنبه العسرى ، وسهل له طرق الخير كلها ، فنسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى الخير ، و أن يحفظنا من كل شر ، إنه جواد كريم ، رؤوف رحيم .

عبدالرحمن بن ناصر السعدي
في ربيع الأول سنة 1376
نقله من خطه الفقير إلى الله : علي الحمد الصالحي

* الألوكة *
**عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» . رواه مسلم
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 03:13 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر