#1
|
||||
|
||||
من مظاهر الجود في رمضان من السنة النبوية
من مظاهر الجود في رمضان من السنة النبوية كان رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أجودَ الناسِ، وكان أجودَ ما يكون في رمضانَ حين يلقاه جبريلُ، وكان يلقاهُ في كل ليلةٍ من رمضانَ فيدارسُه القرآنَ، فلرسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أجودُ بالخيرِ من الريحِ المرسلةِ . الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6 | خلاصة حكم المحدث : صحيح-انظر شرح الحديث رقم 4746 - الدرر . هذا الحديث قاعدة في الجود النبوي , و الجود في الشرع كما عرفه الحافظ ابن حجر رحمه الله بأنه : إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وهو أعم من الصدقة . ولما كان رمضان موسمًا من مواسم الخيرات و القربات و التنافس في اكتساب الحسنات والتسابق في رقي الدرجات كان له هذه المزية من الجود النبوي الذي صوره لنا هذا الحديث و من ذلك: 1. الجود بالعبادة : رمضان موسم من مواسم العبادة و الطاعة , ولهذا فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يعطيه مزيد أهمية فيكثر فيه من الطاعات و العبادات حتى أنه في ثلثه الأخير يتفرغ لعبادة ربه و مناجته فيعتكف في تلك الليالي المباركة في مسجده تقربًا إلى الله تعالى. إن الصيام و القيام و قراءة القرآن و ذكر الله و الدعاء و العمرة و الصدقة كل ذلك من العبادات و الطاعات التي هي من مظاهر الجود و غنى النفس بالعبادة, و لهذا كان من بديع ربط الحافظ ابن حجر رحمه الله بين الجود و مدارسة القرآن التي أشار لها الحديث قوله: قيل الحكمة فيه أن مُدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس و الغنى سبب الجود. 2. الجود بقراءة القرآن : وقراءة القرآن جزء من الجود بالعبادة , لكن إفرادها هنا لمزية خاصة بهذا الشهر ذكرت في الحديث "حين يلقاه جبريلُ، وكان يلقاهُ في كل ليلةٍ من رمضانَ فيدارسُه القرآنَ". ومن هنا فهم الإمام النووي رحمه الله هذا المعنى فقال وهو يعدد فوائد هذا الحديث " واستحباب الإكثار من القراءة في رمضان و كونها أفضل من سائر الأذكار إذ لو كان الذكر أفضل أو مساويًا لفعلاه". إن رمضان فرصة عظيمة للنهل من معين القرآن الكريم قراءة و حفظًا و تدبرًا ،لقد أنزل القرآن في هذا الشهر العظيم "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ".البقرة 185 . ففي الآية الكريمة كما ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: يمدح تعالى شهر الصيام من بين الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه,ثم يمدح الله تعالى القرآن الكريم الذي أنزله هدى لقلوب العباد ومن آمن به و صدقه و اتبعه، (وَبَيِّنَاتٍ) أي دلائل و حجج بينة واضحة جليلة لمن فهمها وتدبرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال و الرشد المخالف للغي مفرقًا بين الحق و الباطل والحلال و الحرام. 3. الجود بالمال و الصدقة: وكما تحدثنا عن الجود بقراءة القرآن فكذلك الجود بالمال و الصدقة يدخل تحت الجود بالعبادة , لكن إفراده أيضًا لميزة خاصة للجود المالي في رمضان و هذا يظهر من جوانب : النص على أن النبي صلى الله عليه و سلم كان "أجودَ الناسِ" فقد كان صلى الله عليه و سلم كريمًا معطاءً , يجود بالمال والعطاء بفعله و قوله يعطي صلى الله عليه و سلم عطاء من لايخشى الفقر ، قال الله تعالى" من ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً" البقرة / 245 . حتى أنه صلى الله عليه و سلم عمَّقَ هذا المفهوم في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم عمليًا , سألهم مرة عن أحب المالين إلى الإنسان هل هو المال الذي بيده أو مال وارثه1 , ثم وضح لهم أنه ليس للإنسان إلا ما أنفق و قدم لآخرته , وعمقه أيضًا صلى الله عليه و سلم بقوله في أحاديث كثيرة منها : قال صلى الله عليه وسلم" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان , فيقول أحدهما اللهم أعط منفقًا خلفًا,ويقول الآخر:اللهم أعط ممسكًا تلفًا"2 متفق عليه .وقوله صلى الله عليه و سلم في الحديث القدسي " انفق يا ابن ادم أنفق عليك"متفق عليه, وغيرها من الأحاديث التي تبين فضل و أجر هذه العبادة العظيمة. . من أنواع الجود المالي و الذي يتأكد في مثل هذا الشهر الكريم , تفطير الصائمين , قال صلى الله عليه و سلم " من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء " رواه أحمد والله الموفق . هنا . كتبه : د. محمد بن عدنان السمان المدير العام لشبكة السنة النبوية و علومها. 1 - " أيُّكم مالُ وارثِه أحبُّ إليه من مالِه . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، ما منَّا أحدٌ إلَّا مالُه أحبُّ إليه ، قال : فإنَّ مالَه ما قدَّم ، ومالُ وارثِه ما أخَّر"الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6442 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر . 2 ما من يومٍ يصبحُ العبادُ فيه، إلا ملَكان ينزلان، فيقول أحدُهما : اللهم أعطِ مُنفقًا خلفًا، ويقول الآخرُ : اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا .الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1442 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر .
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
الصدقة في رمضان الصدقة تطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار ، والصدقة تظلل صاحبها يوم القيامة .... وغير ذلك من الفضائل العظيمة للمتصدق . "يا كعبُ بنَ عُجرةَ ! الصلاةُ قُربانٌ ، و الصيامُ جُنَّةٌ ، و الصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ ، ياكعبُ بنَ عُجرةَ ! الناسُ غاديانِ ، فبائعٌ نفسَه فموبقٌ رقبتَه ، و مُبتاعٌ نفسَه فمُعتِقٌ رقبتَه"الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 866 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية- "كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناسِ" . قال يزيد . فكَانَ أبُو مرثدٍ لا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إلَّا تَصَدَّقَ فيهِ بِشيءٍ ، و لَوْ كَعْكَةً أوْ بَصَلَةً.الراوي : عقبة بن عامر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 872- خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية- ومما لا شك فيه أن رمضان هو شهر الجود والصدقة ولعلنا أن نتناول هذا الموضوع من ثلاث زوايا : الأولى : الجود في رمضان ... الثانية : مراتب الجود العشر ... الثالثة : تأخير الزكاة إلى رمضان .. 1. الجود في رمضان .. شهر رمضان شهر الخير والطاعة ، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقًا وأكثرهم طاعة ، وكان يزيد في رمضان أكثر من غيره . قال ابن القيم : وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان ، يُكثر فيه مِن الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف . " زاد المعاد " ( 2 / 32 ) . ومن أكثر ما لفت أنظار الصحابة رضي الله عنهم جودَه صلى الله عليه وسلم في رمضان ، والجود هو إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي ، وليس كالسرَف والذي هو مجاوزة الحد وقد لا يصادف موضعه . قال ابن القيم : والفرق بين الجود والسرف أن الجواد حكيم يضع العطاء مواضعه ، والمسرف مبذر وقد يصادف عطاؤه موضعه وكثيرا لا يصادفه . " الروح " ص 235 . عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وأجودَ الناس وأشجعَ الناس " . رواه البخاري ( 5686 ) ومسلم ( 2307 ) . وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة .رواه البخاري 6 ، ومسلم 2308 . وفي رواية للبخاري 4711 : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير ، وأجود ما يكون في شهر رمضان ؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان " . قال الحافظ ابن حجر : فبمجموع ما ذكر من الوقت - وهو رمضان - والمنزول به - وهو القرآن - والنازل - وهو جبريل - والمذاكرة حصل المزيد في الجود ... ومعنى " المرسلة " أي : المطلقة ، يعني : أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح , وعبَّر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرحمة , وإلى عموم النفع بجوده كما تعم الريح المرسلة جميع ما تهب عليه . " فتح الباري " 1 / 31 . وقال : ولأن الريح قد تسكن ، وفيه الاحتراس لأن الريح منها العقيم الضارة ومنها المبشرة بالخير فوصفها بالمرسلة ليعين الثانية , وأشار إلى قوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ"الأعراف 57 ، " وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ" فاطر 9.ونحو ذلك , فالريح المرسلة تستمر مدة إرسالها , وكذا كان عمله صلى الله عليه وسلم في رمضان ديمة لا ينقطع . " فتح الباري " 9 / 45 . 2. صُور الجود قال ابن القيم : والجود عشر مراتب : أحدها : الجود بالنفس ، وهو أعلى مراتبه كما قال الشاعر : يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود الثانية : الجود بالرياسة ، وهو ثاني مراتب الجود ، فيحمل الجواد جوده على امتهان رياسته والجود بها والإيثار في قضاء حاجات الملتمس . الثالثة : الجود براحته ورفاهيته وإجمام نفسه فيجود بها تعبًا وكدًّا في مصلحة غيره ، ومن هذا جود الإنسان بنومه ولذته لمسامره كما قيل : مُتَيَّمٌ بالنَّدَى لو قال سائلُه: هَبْ لي جميعَ كَرَى عَيْنَيْكَ لم يَنَم. ومعنى البيت : أن هذا الرجل كريم قد استولى عليه الكرم ، حتى لو سأله سائل وطلب منه أن يهب له جميع نومه لأعطاه سؤاله ولم ينم . الرابعة : الجود بالعلم وبذله ، وهو من أعلى مراتب الجود ، والجود به أفضل من الجود بالمال ؛ لأن العلم أشرف من المال ، والناس في الجود به على مراتب متفاوتة ، وقد اقتضت حكمة الله وتقديره النافذ أن لا ينفع به بخيلاً أبدًا ، ومن الجود به أن تبذله لمن يسألك عنه بل تطرحه عليه طرحًا ، ومن الجود بالعلم أن السائل إذا سألك عن مسألة استقصيت له جوابها ... الخامسة : الجود بالنفع بالجاه كالشفاعة والمشي مع الرجل إلى ذي سلطان ونحوه وذلك زكاة الجاه المطالب بها العبد كما أن التعليم وبذل العلم زكاته . السادسة : الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين اثنين صدقة ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة يمشيها الرجل إلى الصلاة صدقة ، ويميط الأذى عن الطريق صدقة " متفق عليه . السابعة : الجود بالعِرْض بأن يعفو عن كل من شتمه أو اعتابه وفي هذا الجود من سلامة الصدر ، وراحة القلب ، والتخلص من معاداة الخلق ما فيه . الثامنة : الجود بالصبر والاحتمال والإغضاء ، وهذه مرتبة شريفة من مراتبه ، وهي أنفع لصاحبها من الجود بالمال وأعز له وأنصر وأملك لنفسه وأشرف لها ولا يقدر عليها إلا النفوس الكبار فمن صعب عليه الجود بماله ، فعليه بهذا الجود فإنه يجتني ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة . التاسعة : الجود بالخُلق والبِشر والبسطة ، وهو فوق الجود بالصبر والاحتمال والعفو ، وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم ، وهو أثقل ما يوضع في الميزان ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط إليه " ، وفي هذا الجود من المنافع والمسار وأنواع المصالح ما فيه والعبد لا يمكنه أن يسع الناس بحاله ويمكنه أن يسعهم بخلقه واحتماله . العاشرة : الجود بتركه ما في أيدي الناس عليهم فلا يلتفت إليه ولا يستشرف له بقلبه ولا يتعرض له بحاله ولا لسانه ، وهذا الذي قال عبد الله بن المبارك إنه أفضل من سخاء النفس بالبذل ، فلسان حال القدر يقول للفقير الجواد : وإن لم أعطك ما تجود به على الناس فجُد عليهم بزهدك في أموالهم وما في أيديهم تفضل عليهم وتزاحمهم في الجود وتنفرد عنهم بالراحة . ولكل مرتبة من مراتب الجود مزيد وتأثير خاص في القلب والحال ، والله سبحانه قد ضمن المزيد للجواد والإتلاف للممسك ، والله المستعان . " مدارج السالكين " 2 / 293 – 296 / بتصرف يسير . 3. تأخير الزكاة إلى رمضان فرض الله تعالى الزكاة على أصحاب الأموال ممن بلغت أموالهم أنصبة معينة ، والزكاة عبادة وهي ركن من أركان الدِّين ، فإذا حال الحول أو أخرجت الأرض زرعها : وجب على صاحب المال والزرع المبادرة إلى إخراج زكاة هذه الأموال ، ولا يجوز له إخراجها على دفعات وليس له أن يؤخرها إلى رمضان ولا غيره إلا أن تدعو ضرورة لذلك . قال ابن قدامة رحمه الله : وتجب الزكاة على الفور ، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه والتمكن منه إذا لم يخش ضررًا ، وبهذا قال الشافعي ... " المغني " 2 / 289 ، 290 سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : هل الزكاة تفضل في رمضان مع أنها ركن من أركان الإسلام ؟ فأجاب : الزكاة كغيرها من أعمال الخير تكون في الزمن الفاضل أفضل ، لكن متى وجبت الزكاة وتمَّ الحوْل وجب على الإنسان أن يُخرجها ولا يؤخرها إلى رمضان ، فلو كان حوْل ماله في رجب : فإنه لا يؤخرها إلى رمضان بل يؤديها في رجب ، ولو كان يتم حولها في محرَّم فلا يؤخرها إلى رمضان ، أما إذا كان حوْل الزكاة يتم في رمضان : فإنه يُخرجها في رمضان . " فتاوى إسلاميَّة " 2 / 164 . * هنا *
__________________
|
|
|