العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الفقه > ملتقى الفقه > ملتقى المواسم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-10-2019, 11:11 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,213
افتراضي تعظيم يوم عرفة لغير الحجيج

مِن فضائل هذا اليوم -يوم عرفة-: أن صيامه يكفّر سنتين، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ"يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" .صحيح مسلم.
أي يكفر ذنوبهما.

وفي هذا اليوم ترى اجتماع المسلمين واحتشادهم في مكان واحد مِن كل فجٍّ عميق، فهو آية عظيمة على قدرة الله وعلى جمعه لخلقه، وهو -سبحانه وتعالى- يرى مكانهم ويعلم حالهم ويسمع كلامهم على اختلاف ألسنتهم، فسبحانه من إله عظيم، جلّ عن الأشباه والأنداد وتقدس عن الصاحبة والأولاد.

فعلى أهل الأمصار أن يُعظّموا هذا اليوم ويستعدّوا له، وأن لا يقضوا ساعات النهار المباركة في النوم أو الانشغال بالمباحات، أو الانشغال بالاستعداد للطعام والشراب.

وعليهم بالإكثار من التهليل والتكبير والتسبيح. وأحسن ما يقال في هذا اليوم كما أرشد لذلك النبي صلى الله عليه وسلم قول"لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير"، وفي الحديث "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "

فهذا الذكر العظيم دعاء جامع فيه من التمجيد والثناء عليه -سبحانه وتعالى- ما يحبه، فالدعاء ليس خاصًّا بالطلب والمسألة بل هو أعمّ من ذلك، وعلى رأس أنواع الدعاء: ذكره سبحانه وتعالى وتمجيده والثناء عليه.

ففي التهليل والتسبيح والتوحيد دعاء يدعوه الداعي بالاعتبارين:

ظ،. اعتبار الثناء المحض.

. واعتبار قصده لأمر بعينه.

فإن الداعي طالبٌ من ربه طالب ٌله، يطلب من ربه شيء وهو في نفس الوقت طالب لرضاه.


فهذا الأحقّ أن يسمى داعيًا؛ لأن مَن جمع قلبه على تمجيد ربه وتوحيده والذُلّ بين يديه والانكسار له، لابدّ أن يكون جزاؤه أن يقبله ربه ويعطيه أكثر مما يتمنّى، بل أكثر مما يمرّ على خاطره! فالكريم العظيم إذا أعطى أدهش!


ثم إن هذا اليوم يحتاج منّا مزيد عناية من جهة حفظ ألسنتنا وجوارحنا عما يبغض الله.

فإن هذا يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة من أهل الموقف، فلابد أن يقع تعظيمه من أهل الأمصار.

فلو كنت لست من أهل الموقف، لا يعني ذلك أنك لا تعتني بهذا اليوم، بل تعتقد أن هذا يوم عظيم، وأن في هذا اليوم عتق من النار، فافعل أفعالًا ترجو من العظيم الكريم أن يعاملك برحمته.

وفي الحديث "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ" وهذه جملة من الحديث عامة" من يوم عرفة"، "وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟!" يعني يدنو من أهل عرفة فيباهي بأهل عرفة الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء؟

يقول ابن عبد البر "وهذا يدل على أنه مغفور لهم؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران، والله أعلم" .

وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلاَئِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا"! وفضل الله واسع.


قال ابن القيم "إنه في يوم عرفة يدنو الرب تبارك وتعالى عشية من أهل الموقف، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ أشهدكم أني قد غفرت لهم. وتحصل مع دنوه تعالى ساعة إجابة لا يرد فيها سائلًا يسأل خيرًا، فيقربون منه بدعائه والتقرب إليه في تلك الساعة، ويقرب منهم تعالى نوعين من القُرْب:

- أحدهما قُرْب الإجابة المحققة في تلك الساعة.

- والثاني قُرْبه الخاص من أهل عرفة ومباهاتهم به الملائكة.

فتستشعر قلوب أهل الإيمان بهذه الأمور، فتزداد قوة إلى قوتها وفرحًا وسرورًا وابتهاجًا ورجاء بفضل ربها كرمه.

فبهذه الوجوه وغيرها فُضلت وقفة يوم الجمعة على غيرها" .

فمعنى ذلك أن عشيّة عرفة يجتمع فيها أمران:

. يجتمع فيها قُرْب الإجابة.

. ويجتمع فيها المباهاة.



ونحن نأمل أن يكون قرب الإجابة هذا لكل أحد، فعلى ذلك لا تبخل على نفسك وتكن من الظالمين لها وتحرمها من فضل هذا اليوم.

ثم إن وقت هذا الفضل يبدأ من العشيّة، والعشيّة يعني بعد الزوال -بعد صلاة الظهر-، فلا تترك هذه السّعة وتعتني بالوقت الأخير، إنما اجعل عنايتك لأول الوقت.

فهذا يوم هذه فضائله وهذا مزاياه وهذه منزلته ودرجته، أيليق بنا أن نفرّط فيه أو أن نُعرض عن التّعرض فيه لنفحات ربنا وعظيم عفوه ورحمته؟

فالمستحب لكل مسلم أن يستغّل هذه الفرصة العظيمة بالإكثار من العمل الصالح من ذكر ودعاء وقراءة وصلاة وصدقة، لعله أن يحظى من الله تعالى بالمغفرة والعتق من النار.

-أكثر من الدعاء وأكثر من التضرّع، تذكر ذنوبك، فتب منها.

-اسأل الله أن يغفر لك حقوق المسلمين، ادع لكل من اغتبته أو ظلمته، اطلب من الله أن يعينك على رد حقوقهم كلهم، كن بكّاءً منكسرًا بين يدي الغفور الرحيم، اجمع في قلبك بين معرفتك له وحده معرفتك له بصفات الكمال، وبين تذكرك للآخرة.

- ابذل جهودك أن تكون ممن طاب مطعمه ومشربه.

- ابتعد ما استطعت في الأيام هذه عن الذنوب صغيرها وكبيرها.

- احذر من التعدي في الدعاء.

-احذر من ظلم الخلق، فالظلم ظلمات يوم القيامة.

-أكثر من قول "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

-كبّر وأكثر من التكبير، واعلم أن كل حاجاتك قاضيها الله.

-واجعل همك الأكبر (رضاه).

-طُف حول رضاه، واسعَ إليه.

وإذا منعك مانع من الصيام، فصوّم لسانك عن كل شيء إلا عن ذكره، ثم إن شاء الله يستقيم القلب نتيجة هذا العمل.

هذا كلام مختصر في فضل هذا اليوم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 08:51 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر