العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى البحوث > ملتقى البحوث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-24-2017, 09:25 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,237
Arrow

المبحث الثاني

انتبه الحساب فردي

====================
إن الحساب عند الله فردي . قال تعالى "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا " . سورة النحل / آية : 111 .
يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته ، لا يهمه غيره من الناس ، وإنما سيأتي يوم القيامة ، ويُسأل عن حاله ، عن عمله ، عن نفسه هو ، لن يُسأل عن غيره .
وقال سبحانه "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ " . سورة المدثر / آية : 38 .
وقال سبحانه "وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا " .سورة مريم / آية : 95 .
فالحساب حساب فردي ، ولن ينفع أحدٌ أحدًا .
قال تعالى "
ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ" .سورة التحريم / آية : 10 .
وقال سبحانه "فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ " . سورة عبس / آية : 33 ـ 37 .
وقال سبحانه "وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَـوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئذٍ للهِ " .سورة الانفطار / آية : 17 ـ 19 .
" وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ " . سورة القمر / آية : 53 .

عن عدي بنِ حاتمٍ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم" ما منكم أحدٌ إلا سيكلمه ربُّهُ ليس بينه وبينه تُرجُمَان ، فينظرُ أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قَدَّمَ من عملِه ، وينظرُ أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم ، وينظرُ بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النارَ ولو بشقِ تمرةٍ " .
صحيح البخاري . متون / ( 97 ) ـ كتاب : التوحيد / ( 36 ) ـ باب : كلام الرب عز وجل يومالقيامة مع الأنبياء وغيرهم / حديث رقم : 7512 / ص : 871 .

النجـاة :
ــــ
فهيا نلتمس طريق النجاة ، ونبحث عن معالم هذا الطريق لنكون من أهله . وأول الطريق تعاهد القلب وتحسسه في كل وقت وحين .

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-24-2017, 09:32 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,237
Arrow

المبحث الثالث
حياة القلب وأغذيته
==============
اعلم أن أي طاعات فرضها ونفلها إذا خلت من أعمال القلوب فهي أجساد بلا أرواح ، أجساد لا خير فيها ، بل قد تكون وبالًا على صاحبها ، فإن أول من تسعر بهم النار ثلاثة : قارئ ، وشهيد ، ومُنفق ، عملوا أعظم الأعمال ظاهرًا لكن لم يوافقها ما تعظم به باطنًا ، بل وافقها عكس ذلك فكان صاحبها من أول من تُسَعَّر بهم النار .
مختصر غاية الرفق في تربية النفس ... / ص : 58 .
* فعن سُليمان بن يسارٍ ، قال : تفرق الناسُ عن أبي هريرة فقال له ناتِلُ أهلِ الشام : أيها الشيخ ! حدثنا حديثًا سمعته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ، قال : نعم ، سمعتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول
" إن أولَ الناس يُقضى يومَ القيامةِ عليه ، رجلٌ استُشهد فأُتيَ به فعرَّفَهُ نِعمَهُ فعرفها . قال : فما عمِلتَ فيها : قال : قاتلْتُ فيك حتى استُشهِدتُ . قال : كذبتَ ، ولكنك قاتلتَ لأن يُقالَ جريءٌ ، فقد قيل . ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجههِ حتى أُلقيَ في النار .
ورجلٌ تعلَّمَ العلْمَ وعلَّمَه وقرأ القرآن . فأُتيَ به ، فعرَّفه نِعَمَهُ فَعَرَفَها . قال : فما عملتَ فيها ؟ . قال : تعلمتُ العلمَ وعلمتُهُ وقرأتُ فيك القرآن . قال : كَذَبْتَ ، ولكنك تعلمتَ العلمَ ليُقَال عالمٌ ، وقرأت القرآن ليُقَال هو قارئ . فقد قِيل ، ثم أُمر به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقيَ في النار .
ورجلٌ وسَّعَ اللهُ عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتيَ به ، فعرَّفَهُ نعمَهُ فعرَفَها . قال : فما عَمِلتَ فيها ؟ . قال : ما تركتُ من سبيلٍ تحبُّ أن يُنفقَ فيها إلا أنفقتُ فيها لك . قال : كذَبتَ ، ولكنَّكَ فعلتَ ليقالَ هو جَوَادٌ ، فقد قيل . ثم أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجهه . ثم أُلقيَ في النار .
صحيح مسلم / ( 33 ) ـ كتاب : الإمارة / ( 43 ) ـ باب : من قاتل للرياء والسمعة استحق النار / حديث رقم : 152 ـ ( 1905 ) / ص : 499 .
ـ لذا قال صلى الله عليه وسلم :
" لا تعجبوا بعمل عامل ، حتى تنظروا بمَ يختمُ له " .
رواه الطبراني عن أبي أمامة . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في : صحيح الجامع الصغير وزيادته /مرتب هجائيًا / ج : 2 / حديث رقم : 7366 / ص : 1229 .
= ورد شرح الحديث في : فيض القدير شرح الجامع الصغير للأحاديث النبوية بالترتيب الهجائي ، للعلامة المنَاوي / ج : 6 / ص : 536 / شرح حديث رقم : 9828 :
"لا تعجبوا بعمل عامل " أي لا تعجبوا عجبًا يفضي إلى القطع بنجاته ، ..... .
"حتى تنظروا بما يختم له " لأن الخاتمة بالخير والشر تفيد قوة الرجاء والخوف لا القطع بحاله الذي لا يعلمه إلا الله ، فإن العمل على الخاتمة وهي غيب عنا .ا . هـ
لذلك يجب تعهد القلب وتحسسه في كل وقت وحين ، فإن أعمال القلوب أخطر وأعظم من أعمال الجوارح .
ـ يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ :
" واعلم أن أعمال القلوب هي الأصل المراد المقصود ، وأعمال الجوارح تبع لها ومكملة ومتممة " . ا . هـ .
ـ يقول العز بن عبد السلام ـ رحمه الله ـ :
" صلاح الأجساد موقوف على صلاح القلوب ، وفساد الأجساد موقوف على فساد القلوب " .
لذلك قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ....... ، ألا وإن في الجسدِ مُضغةً ، إذا صَلَحَت صَلَحَ الجسدُ كلُّه ، وإذا فسدتْ ، فسد الجسدُ كلُّه ، ألا وهي القلبُ " .
صحيح مسلم . متون / ( 22 ) ـ كتاب : المساقاة / ( 20 ) ـ باب : أخذ الحلال وترك الشبهات /حديث رقم : 107 ـ ( 1599 ) / ص : 418 .
فالقلب مَلِك والأعضاء جنوده ، فإذا طاب الملك طابت جنوده ، وإذا خبث الملِك خبثت جنوده .
مختصر غاية الرفق في تربية النفس والأسرة والمجتمع بالدين الحق / ص : 59 / بتصرف .



* * * * *
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-23-2018, 09:21 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,237
Arrow

أقسام القلوب
القلوب على ثلاثة أقسام :
1 ـ القلب السليم :
وهو القلب الذي سَلِمَ من كل شهوة تخالف شرع الله ، ومن كل شبهة تُعارض خَبَرَهُ ، سَلم من عبودية غير الله وخلصت عبوديته لله : إرادة ومحبة ، وتوكلًا وإنابة وإخباتًا ، ورجاء وخشية ، فإن أحب أحب لله ، وإن أبغض أبغض لله ، وإن أعطى أعطى لله ، وإن منع منع لله ، يقدم محبة الله ومحبة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على محبة من سواهما .
2
ـ القلب الميت :
وهو القلب الذي لا يعرف ربه ، ولا يعبده بأمره ، ولا بما يحبه ويرضاه ، بل هو عبد لهواه ، يدور مع شهواته ولذاته حيث دارت ، وإن أوردته موارد سخط الله وغضبه .
3
ـ القلب المريض :

وهو قلب له حياة وبه علة ، تمده هذه مرة وهذه مرة وهو لِما غلب عليه منهما ، وهو بين داعيين : داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة ، وداع يدعوه إلى العاجلة وهو بحسب أقربهما منه بابًا .
مختصر غاية الرفق ... / ص : 60 .

علامات صحة القلب
1 ـ إيثار ما يحبه الله ويرضاه على ما يدعوه إليه هواه .
2 ـ العزوف عن الدنيا وشهواتها وملذاتها . بأن تكون الدنيا في يده وليست في قلبه .
3 ـ ومن علاماتها : أنه إذا فاته ورده من الطاعة تألم أشد الألم أعظم من تألُّم الحريص بفوات ماله وفقده .
4 ـ أن يكون شحيحًا بوقته أن يذهب سدى كأشد الناس شُحًا بماله .
5 ـ أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل ؛ فيحرص على الإخلاص فيه ، والمتابعة ، والإحسان ، وشُهود مِنَّة الله عليه وتقصير نفسه وتفريطه .
6 ـ ألاَّ يفتر عن ذكر ربه ، ولا يأنس بغيره إلا من يدله عليه ويذكره به .
مختصر غاية الرفق ... / ص : 60 .

*أسباب حياة القلب وأغذيته النافعة *
أسباب حياة القلب هي الطاعات والمداومة عليها ، والبعد عن المعاصي والمداومة على ذلك .
..... قال حذيفة : سمعتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :
"
تُعرَضُ الفتنُ علَى القلوبِ كالحصيرِ عودًا عودًا فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ سَوداءُ وأيُّ قلبٍ أنكرَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ بَيضاءُ حتَّى تصيرَ علَى قلبَينِ علَى أبيضَ مِثلِ الصَّفا فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامتِ السَّماواتُ والأرضُ والآخرُ أسوَدُ مُربادًّا كالكوزِ مُجَخِّيًا لا يعرِفُ معروفًا ولا ينكرُ مُنكرًا إلَّا ما أُشرِبَ مِن هواهُ " .
صحيح مسلم . متون / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 65 ) ـ باب : بيان أن الإسلام بدأ غريبًا ... / حديث رقم : 144 / ص : 45 .
ففعل الطاعات والبعد عن المعاصي والشهوات يصقل القلب يومًا بعد يوم ، ويمده بمادة حياته يومًا بعد يوم حتى يقوى ويشتد فلا تضره فتنة .
مختصر غاية الرفق في تربية النفس والأسرة والمجتمع بالدين الحق / د . محمد إبراهيم منصور / ص : 63 / بتصرف .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-23-2018, 09:21 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,237
المبحث الرابع
محاسبة النفس
محاسبة النفس أمر عظيمٌ جدًا ، والمحاسبة لا تصلح النفس إلا بها ، والمحاسبة هي التي من قام بها اليوم أَمِنَ غدًا ، المحاسبة أن تنظر في نفسك وتتأمل فيها وتعرف عيوبها ، المحاسبة لا نجاة إلا بها .
ومحاسبة النفس طريقة المؤمنين وسِمة الموحدين وعنوان الخاشعين ، فالمؤمن متقٍ لربه محاسب لنفسه مستغفرٌ لذنبه ، يعلم أن النفس خطرها عظيم ، ومكرها كبير ، فهي أمارة بالسوء ميالة إلى الهوى ، ....... فمن ترك سلطان النفس حتى طغى فإنه له يوم القيامة مأوى من الجحيم . قال تعالى "
فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى " . سورة النازعات / آية : 37 ـ 41 .
وقال تعالى "
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ " . سورة الحشر / آية : 18 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية :
" وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد لنفسه وأنه ينبغي له أن يتفقدها فإن رأى زللاً تداركه بالإقلاع عنه والتوبة النصوح والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه ، وإن رأى نفسه مقصرًا في أمرٍ من أوامر الله بذل جهده واستعان بربه في تتميمه وتكميله وإتقانه ، ويقايس بين مِنن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره هو في حق الله ، فإن ذلك يوجب الحياء لا محالة ، والحرمان كل الحرمان أن يغفل العبد عن هذا الأمر ..... " .
سلسلة أعمال القلوب / محمد بن صالح المنجد / ص : 263 / بتصرف .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-23-2018, 09:22 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,237
Post

أقسام النفس
قد وصف الله النفس في القرآن الكريم بثلاثة أوصاف :
المطمئنة
، واللوامة ،والأمارة بالسوء .

أ ـ النفس المطمئنة :

فالنفس إذا سكنت إلى الله واطمأنت بذكره وأنابت إليه واشتاقت إلى لقائه وأنست بقربه فهي نفس مطمئنة ، وهي التي يقال لها عند الوفاة :
"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي " . سورة الفجر / آية : 27 ـ 30 .
وحقيقة الطمأنينة " السكون والاستقرار" ، فسكنت إلى ربها نتيجة لطاعته وذكره واتباع أمره ، ولم تسكن إلى سواه .

ب ـ النفس الأمارة بالسوء :

وهي على الضد من النفس المطمئنة ، فهي تأمر صاحبها باتباع الشهوات من الغي والباطل فهي مأوى كل سوء ، تقوده إلى القبيح والمكروه .
والنفس أصلاً خُلقت ظالمة جاهلة إلا من رحمة الله ، قال تعالى "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوما جَهُولًا " . سورة الأحزاب / آية : 72 .
ولكن أوجد عندهم الاستعداد الفطري لقبول الحق إذا عُرِض عليهم بغير مؤثرات خارجية مفسدة .قال تعالى" فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَ‌تَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ‌ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ‌ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "الروم: 30.
لكن بدون تعلم ؛ النفس تبقى جاهلة فيها هوى ، ولو تركت بدون تربية وترويض تدعو إلى الطغيان وتميل إلى الشر .
فالإنسان ظلوم جهول ، إلا من رفع الجهل بالعلم ، ورفع الظلم بالعدل ، وألزم نفسه العلم والعدل فقام عليها بهما فعند ذلك تُلْهم رشدها وتتوقى الظلم والجهل ، ولولا فضل الله ورحمته على المؤمنين ما زكى منهم نفس واحدة .
قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" . سورة النور / آية : 21 .
فإذا أراد الله بها خيرًا جعـل لها اتجاهًا إلى العلم ومجاهدة في العدل . وسبب الظلم في
النفس الأمارة بالسوء إما الجهل وإما الحاجة ، ولذا كان أمرها بالسوء لصاحبها لازمًا لها إلا إذا أدركته رحمة الله ، وبذلك يعلم العبد أنه مضطرٌ إلى الله دائما محتاج إلى ربه قال تعالى "إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ " .سورة يوسف / آية : 53 .
فإذًا الإنسان محتاج إلى الرب حتى يُكْفى شر نفسه ، لذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم يكرر في خطبة الحاجة :
" ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ..... " .
سلسلة أعمال القلوب / ... المنجد / ص : 265 / بتصرف النفس اللوامة : قال تعالى " وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ" .سورة القيامة / آية : 2 .
قال بعضهم : من التلُّوم وهو التلون والتردد ـ بين الخير والشر ـ ، وقال بعضهم من اللوم ؛ وهذا أرجح. تلوم صاحبها على الخير والشر ، حتى يوم القيامة يمكن أن تلومه نفسه ، إن كان محسنًا لماذا لم يزدد إحسانًا ، وإن كان مسيئًا ، لماذا عمل السوء .
..... والنفس قد تكون تارة أمارة بالسوء ، وتارة لوامة ، وتارة مطمئنة . والحكم للغالب عليها من أحوالها .
سلسلة أعمال القلوب / محمد بن صالح المنجد / ص : 266 .
* * * * *
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-23-2018, 09:22 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,237
Post

صور من محاسبة الصالحين لأنفسهم


على كل مسلم أن يقف مع نفسه وقفة يحاسبها في الدنيا على كل فعلة فعلها وعلى كل كلمة قالها ، فإن من حاسب نفسه في الدنيا خفَّ عليه الحساب في الآخرة .
ولقد كان سلفنا الصالح يحاسبون أنفسهم حتى عند سكرات الموت !!! .....
* عن ابن شُماسةَ المَهْرِيِّ ، قال : حَضَرْنَا عمرو بنَ العاصِ وهو في سياقةِ الموتِ ، فبكى طويلًا وحوَّلَ وَجْهَهُ إلى الجدار . فجعل ابنُهُ يقول : يا أبتاهُ أما بشركَ رسولُ اللهِ بكذا ؟ أما بشرك رسول الله بكذا ؟ . قال : فأقبل بوجهه فقال : إن أفضلَ ما نُعِدُّ شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمدًا رسولُ اللهِ ، إني قد كنتُ على أطباقٍ ثلاثٍ ، لقد رأيتُنِي وما أحدٌ أشدَّ بُغضًا لرسول الله مِنِّي ، ولا أحبَّ إليَّ أن أكونَ قد استمكَنْتُ مِنهُ فقتلتُهُ ، فلو مُتُّ على تلك الحال لكنتُ من أهل النار . فلما جعل اللهُ الإسلامَ في قلبي أتيتُ النبيَّ فقلتُ : ابْسُطْ يمينَكَ فَلأُ بايِعْكَ ، فبسط يمينه . قال : فقبضتُ يدي .
قال صلى الله عليه وسلم " ما لَكَ يا عمرو ؟ " .
قال : قلت : أردتُ أنْ أشترطَ .
قال " تشترط بماذا ؟ " . قلتُ : أن يُغْفَرَ لي .
قال " أما علمت أن الإسلام يهدمُ ما كان قَبْلَهُ ؟ وأن الهجرةَ تهدمُ ما كان قبلها ؟ وأن الحجَّ يهدمُ ما كان قبله ؟ " .
وما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ مِنْ رسول الله ولا أجَلَّ في عيني مِنْهُ ، وما كنتُ أُطِيقُ أنْ أملأ عيني منه إجلالًا له ، ولو سُئِلْتُ أن أصِفَهُ ما أطَقْتُ ، لأني لم أكنْ أملأُ عَيْنَىَّ منه ، ولو مُتُّ على تلك الحال لرجوتُ أن أكون من أهلِ الجنة . ثم ولينا أشياءَ ما أدرِي ما حالي فيها ، فإذا أنا مُتُّ ، فلا تَصْحَبْنِي نائحةٌ ولا نارٌ ، فإذا دفنتموني فَشُنُّوا عليَّ الترابَ شَنًّا. ثم أقِيموا حول قبري قَدْرَ ما تُنْحَرُ جزور ، ويُقْسَمُ لحْمُهَا ، حتى أستأنِسَ بكم ، وأنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ ربِّي .

صحيح مسلم . متون / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 54 ) ـ باب : كون الإسلام يهدم ماقبله ..... / حديث رقم : 192 ـ ( 121 ) / ص : 39 .

* عن أبي عثمان النهدي ، عن حنظلةَ الأسدي قال "كان من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم "قال : لقيني أبو بكر فقال : كيف أنت ؟ يا حنظلة ! قال : قلتُ نافق حنظلة . قال : سبحان الله ! ما تقول ؟ قال : قلتُ : نكونُ عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأيَ عينٍ . فإذا خرجنا من عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، عَافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، فنسينا كثيرًا . قال أبو بكر : فواللهِ إنَّا لنلقى مثل هذا . فانطلقتُ أنا وأبو بكر ، حتى دخلنا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . قلتُ : نافق حنظلة ، يا رسـول الله ! فقال رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ما ذاك ؟ " . قلتُ : يا رسول الله ! نكون عندَك ، تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنا رأيُ عينٍ ، فإذا خرجنا من عندِك ، عَافسنا الأزواجَ والأولاد والضيعاتِ ، نسينا كثيرًا . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ! إنْ لو تدومون على ما تكونون عندي ، وفي الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فُرُشِكُم ، وفي طُرُقِكُم ، ولكن ، يا حنظلة ! ساعة وساعة".ثلاث مرات .
صحيح مسلم . متون / ( 49 ) ـ كتاب : التوبة / ( 3 ) ـ باب : فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة ، والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا / حديث رقم : 12 ـ 2750 / ص : 695 .

* * * * *
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-23-2018, 09:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,237
المبحث الخامس

وقفات مع السلف الصالح
ـ كانوا رضوان الله عليهم يسارعون بالخيرات ، ويمتثلون للحق دون تردد ، وينتهون عن الباطل دون تردد ولا تسويف ذلك لأن قلوبهم أيقنت وأذعنت لقول الله جل وعلا ""مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا" . سورة الإسراء / آية : 18 ، 19 .
ـ وأيقنت وأذعنت لقول رـول الله ـ صلى الله عليه وسلم:
* عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرَّقَ شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له" .
سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / حديث رقم : 2465 / ص : 556 / صحيح .

ـ وكانو يشعرون مع كل هذا بأن أعمالهم ضئيلة لا تصلح أن يقفوا بها بين يدي الله جل وعلا وذلك لأنهم يعلمون أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
" لو أن رجلًا يُجر على وجهه من يوم وُلد إلى يوم يموت هَرَمًا في مرضاة الله تعالى لحقَره يوم القيامة " .
رواه أحمد عن عتبة بن عبد . حسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في : صحيح الجامع ..... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 5249 / ص : 931 .

ـ وكل ذلك جعل قلوبهم رقيقة ودموعهم غزيرة من خشية الله تعالى :
* عن أنس رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خطبة ما سمعتُ مثلها قط قال :
" لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا " . فغطى أصحاب رسول الله وجوهَهُم لهم خنين .
صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 12 ) ـ باب : قوله " لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبد لكم تسؤكم " سورة المائدة / آية : 101 / حديث رقم : 4621 / ص : 544 .
* عن هانئ مولى عثمانَ قال : كان عثمان بن عفانَ رضي الله عنه ، إذا وقف على قبر يبكي حتى يبُل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار ! فلا تبكي ، وتبكي من هذا ؟ ! .
فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"إن القبر أول منازِلِ الآخرةِ ، فإن نجا منه فما بعدَه أيسرَ منه ، وإن لم ينجُ منه فما بعدَه أشدُّ منه " .
قال : وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :
"ما رأيتُ منظرًا قطُّ إلا والقبرُ أفظعُ منه " .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ( 37 ) ـ كتاب : الزهد / ( 32 ) ـ باب : ذكر القبر والبلى / حديث رقم : 4267 / ص : 707 / حسن .

يروي سالم بن عبد الله ـ رحمه الله ـ أن عمر بن الخطـاب كان يُدخل يده في دَبَر ـ أي قرحة البعير : والمفرد الدبرة ـ البعير ويقول : إني لخائفٌ أن أُسأل عما بكِ .
خبر صحيح ، أخرجه ابن سعد وابن عساكرعن طريقه .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب / ص : 142 .
وكان ـ أي عمر بن الخطاب ـ يبكي من خشية الله تعالى ، وربما مرَّ بالآية من ورده بالليل فتخنقه ، فيبقى في البيت أيامًا ، يُعاد يحسبونه مريضًا !! خبر حسن لغيره . أخرجه أحمد في الزهد ، وابن عساكر .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب / ص : 142 .

رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:32 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر