عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-07-2021, 01:10 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224
Post

ملكتَ فأَسْجِحْ

يا ابن الأكوع، ملكتَ فأَسْجِحْ
هذا حديث نبوي عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه ، والإمام مسلم في صحيحه رقم
استأذن سلمةُ بن الأكوع رضي الله عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ في أن يلحق بالقوم الفارِّين "الذين سرقوا الإبل؛ وكان قد أثخنهم سلمةُ رهَقًَا ورميًا بالسهام قبل مجيء رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛ وبعض أصحابه الفرسان" فيقتلهم.

فقال - كما في رواية مسلم-: يا رسول الله، خَلِّني فأنتخبُ :أختار، من أصحابك مائةَ رجلٍ، فأتَبَعَ القومَ، فلا يَبْقَى منهم مُخْبِرٌ إلا قتلتُهُ.
وفِي رواية الصحيحين: وجاء النبيُّ
صلى الله عليه وسلم؛ والناسُ، فقلت: يا نبيَّ الله، قد حَمَيْتُ القومَ الماءَ :يعني منعتهم من الشرب، وهم عِطاشٌ، فابعث إليهم الساعةَ :يعني لقتلهم؛ فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؛"يا ابنَ الأكوع، ملكتَ فأَسْجِحْ".

أي: ملكت رقابهم، وقدرتَ عليهم، لما جاءك المددُ من أصحابك، فارفق وسهِّل واعفُ، ولا سيما وقد فروا منهزمين مقهورين بعد أن أصابتهم الجراح والقتل، وهم الآن غاية في الضعف والوهن.
هذا هو نبينا، هذا هو الرحمة المهداة، هذا هو أرحم الخلق بالخلق.
يا له من موقفٍ قد مليء رحمةً وحنانًا!، يا لها من كلمةٍ قد حملت أعظم معاني الشفقة!، يا لها من دعوةٍ لرحمة الضعفاء حتى ولو كانوا أعداءً لك!

ملكت فأسجح
نعم، ملكت أمر أمةٍ، فأسجح.
ملكت أمر شركةٍ، فأسجح.
ملكت أمر زوجةٍ، فأسجح.
ملكت أمر أبناء، فأسجح.

سهل عليهم، وارفق بهم، واعفُ عنهم، وارحمهم؛ يسهل الله عليك ويرفق بك ويعفو عنك ويرحمك.
قال صلى الله عليه وسلم:
"
اللَّهُمَّ، مَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ، فَارْفُقْ بهِ.". رواه مسلم.

ألا تريد أن يرفق الله بك ويسهل عليك ويعفو عنك ويرحمك؟
فالجزاء من جنس العمل
إنها دعوة إلى الرفق واللين والرحمة والعفو والتسهيل على من هم تحت يدك ومن ولاك الله عليهم، بأن جعلك حاكم دولة، أو مدير شركة أو مصلحة من المصالح التي يرتادها الناس، أو زوجًا لامرأةٍ مسكينةٍ، أو أبًا لأبناءٍ صغارٍ ضعفاء.
تذكر تلك الكلمة النبوية الكريمة دائمًا وأنت تملك أمر غيرك: ملكت فأسجح، وذكر نفسك عند غضبك وهمك بالانتقام أو الفتك بمن تحت يدك، قل لها: يا نفسي، يا أنا: ملكتَ فأسجح
وما من مالك إلا وهو مملوك، فأنت مالك لمن تحت يدك وفوقك مالك لك وهو مديرك، ومديرك فوقه مالك له وهو مديره، ومديره فوقه مالك له وهو مديره ... وهكذا، "
وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ "يوسف: 76.
فكما تحب ممن فوقك أن يصنع معك، فأحب ذلك لمن تحتك.
كما قال
صلى الله عليه وسلم؛"فمن أحب أن يُزحزح عن النار ويُدخل الجنة، فلتأته منيتُه وهو يُؤْمِن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يُؤتَى إليه". رواه مسلم.
وفِي الختام: ملكتَ فأسجِحْ.
وكتب/ الشيخ خالد عبد العال حفظه الله.


رد مع اقتباس