عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 12-07-2021, 09:14 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,221
Arrow

*المتن:وَخَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا:أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ،ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ،نُقَدِّمُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ كَمَا قَدَّمَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،لمْ يَخْتَلِفُوا في ذَلِكَ . ثمَّ بَعْدَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ أَصْحَابُ الشُّورَى الخَمْسَةُ:عَلِيٌ بنُ أَبي طَالَبٍ ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ،وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ- بنُ أَبِي وَقَّاصٍ-،وَكُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلافَةِ،وكلُّهُمْ إِمَامٌ،

الشرح
من أصول أهل السنة والجماعة محبة الصحابة والقرابة رضي الله عنهم وأرضاهم،وعلى قدر معرفتنا بفضائلهم تزداد هذه المحبة .وسادة الصحابة وكبراؤهم العشرة المبشرون بالجنة ، ومنهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه.
*وعبدُ الرَّحمنِ: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف أبو محمد الزهري أحد العشرة المبشرين بالجنة،وأحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام ، وأحد الستة أهل الشورى. ولد بعد عام الفيل بعشر سنين .كان اسمه عبد الكعبة، ويقال عبد عمرو، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر، روى عنه المسور ابن مخرمة وابن عباس وغيرهما ، مات سنة 32هـ على المشهور.تهذيب التهذيب:6/231.
وهو عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفِ بنِ عبدِ عوفِ بنِ عبدِ الحارثِ بنِ زُهْرةِ، وهو مِن السَّابِقين الأوَّلين إلى الإسلامِ؛أسلم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه -إذْ أسلَم قبلَ دُخوِل النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دارَ الأرقَمِ بنِ أبي الأرقمِ، وهاجر الهِجرتَين وشَهِد بدْرًا وسائرَ المشاهدِ، وآخى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بينَه وبينَ سعدِ بنِ الرَّبيعِ الخَزْرَجيِّ، وتَصدَّق على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بشَطْرِ مالِه، ثمَّ تصَدَّق بأربَعين ألْفِ دينارٍ، ثمَّ حَمَل على خَمْسِمائةِ فرَسٍ في سَبيلِ اللهِ وخَمسِمائةِ راحلةٍ، وكان يَصِلُ زَوجاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالعَطايا والمالِ.الدرر السنية.

مُبَشَّر بالجنةِ:
عشرةٌ في الجنَّةِ : أبو بَكْرٍ في الجنَّةِ ، وعُمرُ في الجنَّةِ ، وعليٌّ وعثمانُ والزُّبَيْرُ وطلحةُ وعبدُ الرَّحمنِ وأبو عُبَيْدةَ وسعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ . قالَ : فعدَّ هؤلاءِ التِّسعةَ وسَكَتَ عنِ العاشرِ ، فقالَ القومُ : ننشدُكَ اللَّهَ يا أبا الأعورِ منِ العاشرُ ؟ قالَ : نشدتُموني باللَّهِ ، أبو الأعوَرِ في الجنَّةِ"الراوي : سعيد بن زيد - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3748خلاصة حكم المحدث : صحيح
لقدْ بَشَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كثيرًا مِن الصَّحابةِ بالجنَّةِ؛ ولم يَجعَلْهم ذلك يَتَقلَّلون مِن العِبادةِ، أو يتَّكِلون على ذلك، ومِن هؤلاء مَن عُرِفوا بالعَشَرةِ المبشَّرين بالجنَّةِ ومنهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وعن كل الصحابة.
قال"، أي: أحَدُ رُواةِ الحديثِ
"
فعَدَّ هؤلاء التِّسْعةَ وسكَتَ عن العاشرِ"، يَعني سَعيدَ بنَ زيدٍ الصَّحابيَّ الَّذي رَوى هذا الحَديثَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال القومُ: "نَنشُدُك اللهَ"، أي: نُقسِمُ عليك ونَسأَلُك به "يا أبَا الأعوَرِ"، وهي كُنْيةُ سَعيدِ بنِ زيدٍ، "مَن العاشِرُ؟"، أي: مَن الصَّحابيُّ العاشرُ الَّذي بُشِّر بالجنَّةِ؟ "قال: نَشَدتُّموني باللهِ"، أي: أقسَمتُم علَيَّ وسأَلتُموني باللهِ؛ فلِذا سأُجيبُكم، "أبو الأعورِ في الجنَّةِ"، يَعني نفْسَه، أي: سَعيدُ بنُ زيدٍ في الجنَّةِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ تَسْميةَ العَشَرةِ المبشَّرين بالجنَّةِ؛ لأنَّهم ذُكِروا في حَديثٍ واحدٍ، وإنْ كان غيرُهم بُشِّر بالجَنَّةِ أيضًا. الدرر السنية.

عفة عبد الرحمن بن عوف
لما قدِمنا إلى المدينةِ آخى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيني وبين سعدِ بنِ الربيعِ، فقال سعدُ بنُ الربيعِ : إني أكثرُ الأنصارِ مالًا، فأقسِم لك نصفَ مالي، وانظُرْ أيَّ زوجتيَّ هويتَ نزلتْ لك عنها، فإذا حلَّتْ تزوجتَها، قال : فقال عبدُ الرحمنِ : لا حاجةَ لي في ذلك، هل من سوقٍ فيه تجارةٌ ؟ . قال : سوقُ قينُقاعٍ، قال : فغدا إليه عبدُ الرحمنِ، فأتى بأقطٍ وسمنٍ، قال : ثم تابع الغُدوَّ، فما لبث أن جاء عبدُ الرحمنِ عليهِ أثرُ صُفرةٍ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"تزوجتَ" . قال : نعم، قال "ومنْ" . قال : امرأةً منَ الأنصارِ، قال "كم سُقتَ" . قال :زِنةُ نواةٍ من ذهبٍ، أو نواةٌ من ذهبٍ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "أوْلِمْ ولو بشاةٍ ".الراوي:عبدالرحمن بن عوف-صحيح البخاري.
الشرح:
حَثَّ الشَّرعُ الإسلاميُّ المطهَّرُ المسلِمَ على التَّعفُّفِ والعمَلِ وعدَمِ التَّسوُّلِ، أو الاعتمادِ على الصَّدَقاتِ؛ لأنَّ المسلِمَ يَنْبغي له أنْ يَحفَظَ كَرامتَه وهَيبتَه، ولا يُرِيقَ ماءَ وَجْهِه للنَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا هاجَرَ إلى المدينةِ آخَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنه وبيْن سَعدِ بنِ الرَّبيعِ الأنصاريِّ الخَزْرجيِّ أحَدِ النُّقباءِ في بَيعةِ العَقَبةِ، والمُؤاخاةُ: هي أنْ يَتعاقَدَ الرَّجلانِ على التَّناصُرِ والمُواساةِ حتَّى يَصِيرَا كالأخَوَين نَسَبًا، فعَرَضَ عليه سَعدٌ نِصفَ مالِه وأنْ يَختارَ إحْدى زَوجاتِه، فيُطلِّقها، وبعْدَ انقضاءِ عِدَّتِها يَتزوَّجُها عبْدُ الرَّحمنِ، فرَفَضَ عبدُ الرَّحمنِ ذلك، وقال: لا حاجةَ لي في ذلِك، ثُمَّ سَألَ سَعْدًا عن مَوضعِ السُّوقِ الَّتي في المدينةِ للتِّجارةِ، فدَلَّه على سُوقِ بَني قَيْنُقاعٍ -مِن قَبائلِ اليَهودِ الذين كانوا في المَدينةِ-، فصارَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ رَضيَ اللهُ عنه يَتردَّدُ علَيها؛ لِيُتاجِرَ في السَّمنِ والأَقِطِ، وهو اللَّبنُ المُجَفَّفُ، واستَمرَّ على ذلك حتَّى كسَبَ مالًا، ثمَّ أتى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَلَيه أثَرُ صُفْرةِ الطِّيبِ الَّذي تَطيَّبَ به، فسَألَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هل تَزوَّجتَ؟ فقال: نَعَم، قال: ومَن؟ قال: امرأةً مِن الأنصارِ، وهي بِنتُ أَنَسِ بنِ رافِعٍ مِن بَني عَبدِ الأَشْهَلِ. فسَألَه: كَم دَفَعتَ لها مِن الصَّداقِ؟ فأجابَه بأنه دَفَعَ لها زِنةَ نَواةٍ مِن ذَهَبٍ، وهي وَزنُ ثَلاثةِ دَراهِمَ وثُلثٍ، فأمَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَمَل وَليمةٍ ولو بِشاةٍ، والوليمةُ: هي الطَّعامُ الَّذي يُصنَعُ في العُرسِ، والوَليمةُ بالشَّاةِ أو أكبَرَ منها لِمَن قَدَرَ عليها، فمَن لم يَقدِرْ فلا حَرَجَ عليه؛ فقد أوْلَمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالسَّويقِ -وهو ما يُعمَلُ مِنَ الحِنطةِ والشَّعيرِ- والتَّمرِ على بَعضِ نِسائِه.
قيلَ: كان لِلمُؤاخاةِ بَينَ المُهاجِرينَ والأنصارِ سَبَبانِ: أحَدُهما: أنَّه أجراهم على ما كانوا ألِفوا في الجاهِليَّةِ مِنَ الحِلْفِ؛ فإنَّهم كانوا يَتوارَثونَ به، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"لا حِلْفَ في الإسلامِ"، وأثبَتَ المُؤاخاةَ؛ لِأنَّ الإنسانَ إذا فُطِمَ عمَّا يألَفُه يَخنَسُ. والثَّاني: أنَّ المُهاجِرينَ قَدِموا مُحتاجينَ إلى المالِ وإلى المَنزِلِ، فنَزَلوا على الأنصارِ، فأكَّدَ هذه المُخالَطةَ بالمُؤاخاةِ، ولم تَكُنْ بَعدَ بَدرٍ مُؤاخاةٌ؛ لِأنَّه استُغنيَ بالغَنائِمِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ البَيعِ، وأنَّه مِن أشرَفِ الوَسائِلِ لِكَسبِ المالِ الحَلالِ.
وفيه: ما كانَ عليه المُهاجِرونَ والأنصارُ في عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَودَّةٍ ومَحبَّةٍ وإيثارٍ بالمالِ وغيرِه.
وفيه: الأمرُ بالوَليمةِ للعُرسِ.
وفيه: التَّطيُّبُ للرَّجُل إذا كانَ عَروسًا. الدرر.

صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف عدلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا معَهُ في غزوةِ تبوكَ قبلَ الفجرِ ، فعدَلتُ معَهُ، فأناخَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فتبرَّزَ ثمَّ جاءَ، فسَكَبتُ علَى يدِهِ منَ الإداوةِ، فغسلَ كفَّيهِ ثمَّ غسلَ وجهَهُ ثمَّ حسرَ عن ذراعيهِ فضاقَ كُمَّا جبَّتِهِ فأدخلَ يدَيهِ فأخرجَهُما من تحتِ الجبَّةِ فغسلَهُما إلى المرفقِ ومسحَ برأسِهِ ثمَّ تَوضَّأ علَى خفَّيهِ ،ثمَّ ركِبَ فأقبَلنا نسيرُ حتَّى نجدَ النَّاسَ في الصَّلاةِ قد قدَّموا عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ فصلَّى بِهِم حينَ كانَ وقتُ الصَّلاةِ ووجدنا عبدَ الرَّحمنِ وقد ركعَ بِهِم رَكعةً مِن صلاةِ الفجرِ، فقامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فصفَّ معَ المسلمينَ فصلَّى وراءَ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ الرَّكعةَ الثَّانيةَ ، ثمَّ سلَّمَ عبدُ الرَّحمنِ فقامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في صلاتِهِ. ففزِعَ المسلمونَ فأكثَروا التَّسبيحَ لأنَّهم سبَقوا النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بالصَّلاةِ ، فلمَّا سلَّمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ لَهُم قد أصبتُمْ - أو قد أحسنتُمْ"الراوي : المغيرة بن شعبة المحدث : الألباني المصدر : صحيح أبي داود- الصفحة أو الرقم: 149 - خلاصة حكم المحدث : صحيح .
الشرح:
توجَّهَ إليهم للصَّلاةِ "فوَجَدَهم قد قدَّموا عبدَ الرَّحْمنِ بنَ عَوفٍ يُصلِّي بهم" إمامًا للصَّلاةِ "فأدرَكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إحْدى الرَّكعَتَينِ"، فكانَ مَسْبوقًا برَكْعةٍ "فصلَّى مع النَّاسِ الرَّكْعةَ الآخِرةَ بصَلاةِ عَبدِ الرَّحْمنِ، فلمَّا سلَّمَ عَبدُ الرَّحْمنِ قامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يُتِمُّ صَلاتَهُ" بصَلاةِ الرَّكْعةِ الثَّانيةِ الَّتي سبَقَ فيها "فأفزَعَ المُسلِمينَ"، فخافوا أنْ يَكونوا قد أخْطَؤوا "فأكْثَروا التَّسْبيحَ" استِغْفارًا للهِ ممَّا فَعلوهُ "فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلاتَهُ" أتمَّها وسلَّمَ "أقبَلَ عليهم" توجَّهَ إليهم؛ لِيُبيِّنَ لهم، "فقالَ: قد أحسَنْتُم، وأصَبْتُم" فَعَلتُمُ الصَّوابَ "يَغبِطُهُم أنْ صَلَّوا الصَّلاةَ لِوَقتِها" فَرِحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحِرْصِهم على الصَّلاةِ في وَقتِها، وهذا من حُسنِ التَّوجيهِ النَّبويِّ لِمَن أحسَنَ في العَمَلِ.
وفي الحَديثِ: مَشْروعيَّةُ الاستِعانةِ في إحْضارِ ماءِ الوُضوءِ بغَيرِهِ، وخِدْمةِ الأكابِرِ.
وفيه: مَشْروعيَّةُ إمامةِ المَفْضولِ للصَّلاةِ للفاضِلِ.
وفيه: الحِرْصُ على أداءِ الصَّلاةِ في وَقتِها.
وفيه: أنَّ المسبوقَ يقومُ لقَضاءِ ما فاتَه بعدَ سَلامِ إمامِه

ورعه وصدقه رضي الله عنه:
أن عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ أُتِيَ بطعامٍ ، وكان صائمًا ، فقال : قُتِلَ مصعبُ ابنُ عميرٍ وهو خيرٌ مني ، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ : إن غُطِيَ رأسُه بدت رجلاه ، وإن غُطِيَ رجلاه بدا رأسُه ، وأراه قال : وقُتِلَ حمزةُ وهو خيرٌ مني ، ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِطَ . أو قال : أُعْطِينا من الدنيا ما أُعْطِينا ، وقد خَشِينا أن تكونَ حسناتُنا عُجِّلَت لنا ، ثم جعلَ يبكي حتى ترك الطعامَ .الراوي : إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف - صحيح البخاري .
جوده وصبره على الطاعة:

قال صلى الله عليه وسلم "إنَّ أمرَكُنَّ مِمَّا يُهِمُّني بَعدي ، ولن يصبرَ عليكنَّ إلَّا الصَّابرونَ. قالَ : ثمَّ تقولُ عائشةُ ، فسقَى اللَّهُ أباكَ مِن سلسبيلِ الجنَّةِ ، تريدُ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ ، وَكانَ قد وَصلَ أزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بمالٍ يقالُ بيعَت بأربَعينَ الفًا"الراوي : عائشة أم المؤمنين -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم3749- خلاصة حكم المحدث : حسن.

الشرح:
تَحكي أمُّ المؤمنِينَ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يقولُ لأزواجِه رَضِي اللهُ عَنهنَّ: "إنَّ أمْرَكنَّ"، أي: حالَكنَّ وشأنَكنَّ، "ممَّا يُهِمُّني بَعْدي"، أي: يُوقِعُني في الهمِّ بعدَ موتي؛ لأنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يَترُكْ لأزواجِه شيئًا مِن الدُّنيا، وكان ما ترَكه صدَقةً، وأزوجُه رَضِي اللهُ عَنهنَّ اختَرْنَ الآخِرَةَ والدَّارَ الباقيةَ على الدُّنْيا، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "ولَن يَصبِرَ عَليكُنَّ"، أي: على بلاءِ مُؤْنَتِكنَّ وسَدِّ حاجَتِكنَّ، "إلَّا الصَّابِرون" الَّذين رزَقَهم اللهُ تعالى الصَّبرَ على طاعتِه وابتغاءِ مَرضاتِه، والصَّبرَ على النَّفسِ وعلى مُخالَفتِها باختيارِ الإنفاقِ والعطاءِ في سبيلِ اللهِ تعالى.
"
قال" أبو سَلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ راوي هذا الحديثِ عن أمِّ المؤمِنين عائِشةَ رَضِي اللهُ عَنها: "ثمَّ تقولُ عائشةُ" بعد ذلك لي "فسَقى اللهُ أباكَ مِن سَلسَبيلِ الجنَّةِ"، وهي عينٌ في الجنَّةِ، قيل: سُمِّيَت بذلك لِسَلاسَتِها ولَذَّتِها وحُسنِها، "تُريدُ" عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها بهذا الدُّعاءِ "عبْدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ"، "وكان" عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ رَضِي اللهُ عَنه، "قد وصَل"، مِن الصِّلَةِ، أي: أعطَى أزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "بمالٍ"، وهذا المالُ هو حَديقةٌ، "يُقالُ" بصيغة المجهولِ، أي: يَقولُ النَّاسُ: "بِيعَت" هذه الحديقةُ أو هذا المالُ، "بأربَعين ألفًا"، مِن الدَّراهِمِ أو الدَّنانيرِ.
وفي الحَديثِ: عَظيمُ اهتمامِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بحالِ أزواجِه مِن بَعْدِه.
وفيه: دُعاءُ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم بَعضِهم لبعضٍ.
وفيه: فَضلُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ رَضِي اللهُ عَنه.
وفاته: توفي عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - على فراشه ولكنه نال شرف الشهادة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" أشْهدُ على التِّسعةِ أنَّهم في الجنَّةِ ولو شَهدتُ على العاشرِ لم آثَمْ. قيلَ وَكيفَ ذلِكَ قالَ كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلم بحِراءَ فقالَ "اثبت حراءُ فإنَّهُ ليسَ عليْكَ إلاَّ نبِيٌّ أو صدِّيقٌ أو شَهيدٌ قيلَ ومن هم قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلم وأبو بَكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وطلحةُ والزُّبيرُ وسعدٌ وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ". قيلَ فمنِ العاشرُ قالَ أنا

"الراوي : سعيد بن زيد-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح أبي داود.

"إنَّه ليس عليك إلَّا نبيٌّ، أو صِدِّيقٌ، أو شهيدٌ"، والمُرادُ بالصِّدِّيقِ: أبو بَكْرٍ، والشَّهيدُ مَجْموعُ مَنْ كان مَعَه مِن الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهم.
فمَنَ قُتِلَ مِنْهم فهو شَهيدٌ، ومَنْ مات مِنْهم - كسعدِ بن أبي وقَّاصٍ وعبدِ الرحمنِ بن عوف؛ حيثُ ماتَا على فِراشِهما- فإنَّه لم يَمُتْ إلَّا مُتمنِّيًا لأنْ يُسْتَشْهَدَ في سبيلِ اللهِ، فيُبلِّغهم اللهُ عزَّ وجلَّ مَنازِلَ الشُّهداءِ. المصدر:شرح الحديث من الدرر السنية.
ذلك هو عبد الرحمن بن عوف الذي قضى حياته كلها في طاعة ربه حتى في اللحظة الأخيرة التي كان فيها في مرض موته فقد قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار وكانوا مائة فأخذوها حتى عثمان وعلي وقال علي: اذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها وسبقت زيفها . وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كثير حتى كانت عائشة تقول: سقاه الله من السلسبيل وأعتق خلقًا من مماليكه.الموسوعة العقدية/الدرر السنية.
توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وقيل ثلاث وثلاثين وصلى عليه عثمان، وقيل الزبير، ودُفِنَ بالبقيع، وكان سنّه خمسة وسبعين عامًا.وترك مالًا عظيمًا وذهبًا يقطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه. هنا .
رد مع اقتباس