عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 08-27-2018, 01:41 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224
افتراضي

خروج يأجوج ومأجوج
العلامة الرابعة من علامات الساعة الكبرى هي : خروج يأجوج ومأجوج .
وهي العلامة التي تلي خروج " عيسى بن مريم " ـ عليه السلام ـ .
ويأجوج ومأجوج يخرجون في زمن " عيسى " ـ عليه السلام ـ ، ويهلكون في وجوده ـ عليه السلام ـ .
لحديث النواس بن سَِمعان قال" ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ ، ....... .
فَقالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ " ....... ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، ، ..... " .صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن / ( 20 ) ـ باب : ذكر الدجال وصفته وما معه / حديث رقم : 2937 / ص : 85 . رسالة الفتن والملاحم وأشراط الساعة تأليف أبي عبيدة ماهر / ص : 120 .
حَدَبٍ: المرتفع من الأرض .
يَنْسِلُونَ: يسرعون .
بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ: هي بحيرة في طرف جبل . وجبل الطور مطل عليها .
رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا..... : وذلك لنفاذ مؤنهم وهم محاصرون بيأجوج ومأجوج .

* ذِكر يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم ، والسنة النبوية الصحيحة :

أولًا : في القرآن الكريم

* قال تعالى " قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا" سورة الكهف / آية : 49 .
* وقال تعالى " حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ"سورة الأنبياء / آية : 96 .

ثانيًا : في السُّنَّة الصحيحة

* ..... أن زينبَ بنتِ جَحْشٍ زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت :
خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَوْمًا فَزِعًا مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه وَحَلَّقَ بإصْبَعِهِ الإبْهَامِ، وَالَّتي تَلِيهَا. قالَتْ فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قالَ: نَعَمْ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ." فتح الباري / ج : 13 / كتاب الفتن / باب : 28 / حديث رقم : 7135 / ص : 113 .وصحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 1 / حديث رقم : 2880 / ص : 5 .
الخَبَثُ: الفجور والفسق وأولاد الزنا .
فلنحذر الآخرة فقد بدأ فعلًا فتح هذا السد وذلك من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم .....
ـ وفي رواية لمسلم : 2881 : عن أبي هريرة" فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه وعَقَدَ وُهَيْبٌ بيَدِهِ تِسْعِينَ."
وذلك بأن جعل طرف سبابته اليمنى في أصل الإبهام ، وضمها محكمًا ، بحيث انطوت عقدة إبهامها حتى صارت كالحيـة المطوقـة . من كتاب المسيح المنتظر ... / ص : 233 .

* عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال يقولُ اللَّهُ تَعالَى: يا آدَمُ، فيَقولُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ في يَدَيْكَ، فيَقولُ: أخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قالَ: وما بَعْثُ النَّارِ؟ قالَ: مِن كُلِّ ألْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وتِسْعَةً وتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها، وتَرَى النَّاسَ سُكارَى وما هُمْ بسُكارَى، ولَكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ. قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وأَيُّنا ذلكَ الواحِدُ؟ قالَ: أبْشِرُوا؛ فإنَّ مِنكُم رَجُلًا، ومِنْ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ ألْفًا . ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنِّي أرْجُو أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجَنَّةِ، فَكَبَّرْنا، فقالَ: أرْجُو أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهْلِ الجَنَّةِ، فَكَبَّرْنا، فقالَ: أرْجُو أنْ تَكُونُوا نِصْفَ أهْلِ الجَنَّةِ، فَكَبَّرْنا، فقالَ: ما أنتُمْ في النَّاسِ إلَّا كالشَّعَرَةِ السَّوْداءِ في جِلْدِ ثَوْرٍ أبْيَضَ. أوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضاءَ في جِلْدِ ثَوْرٍ أسْوَدَ"صحيح البخاري.
ويؤخذ من الحديث أن يأجوج ومأجوج هم أكثر أهل النار .
* كيفية خروج يأجوج ومأجوج :
قال الله تعالى " وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا*إِنَّا مَكَّنّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا*فَأَتْبَعَ سَبَبًا*حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا*قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا* وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا*ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا*حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا*كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا*ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا *حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا*قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا *قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا*آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا*فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا*قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ". الكهف / آية : 83 ـ 98 .
" إِنَّا مَكَّنّا لَهُ فِي الْأَرْضِ : أي ملَّكَهُ الله تعالى ، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض وانقيادهم له .

الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا*فَأَتْبَعَ سَبَبًا : أي أعطاه الله من الأسباب الموصلة له ، لما وصل إليه ، ما به يستعين على قهر البلدان ، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران .
وعمل بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها : أي استعملها على وجهها . تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / تفسير سورة الكهف / ص : 435 .

فذكر الله لذي القرنين ثلاث رحلات :
الأولى : إلى الغرب .
والثانية : إلى الشرق .
والثالثة : إلى ما بين السدين .
* الرحلة الأولى : فإن الله تعالى قد مكّن لذي القرنين في الأرض ، وسخر له أسباب كل شيء ، ليتمكن بذلك من ملك الأرض والسيطرة عليها والهيمنة عليها .فخرج يومًا مع جنوده في رحلة إلى المغرب ، حتى انتهى إلى البحر المحيط ، وهناك رأى الشمس تغرب في عينٍ حَمِئَةٍ ، ومغربُ الشمس يختلف بالنسبة للرائي وبالنسبة للمكان ، فأنت إذا كنت في الوادي أمام الجبل رأيت الشمس عند غروبها وكأنها تسقط خلف الجبل ، وإذا كنت على الساحل تراءت لك كأنها تسقط في البحر وهكذا .
" حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا"
فمكنه الله منهم وخيّره أن يفعل فيهم ما يشاء .
" قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا".
وهنا يظهر عدلُ ذي القرنين وسماحته ورحمته ورأفتُهُ ، وإيمانه بالله عز وجل ، فإن ذا القرنين عبدٌ صالح ، مؤمن موحّد ، قال ذو القرنين :
" قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا"
يعني : أما من ظلم نفسه بالشرك وبالكفر ، ولم يتبعني ، ولم يؤمن بالله عز وجل ويترك عبادة ما سواه ، فسوف أعذبه في الدنيا عذابًا شديدًا ، ثم يُرَدُّ إلى ربه يوم القيامة فيعذبه عذابًا نكرًا .
" وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا"
يعني : وأما من آمن بي واتبعني على ما جئت به من الدعوة إلى الله ، وتوحيد الله ، وترك عبادة ما سوى الله .
" صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى" يعني : عند الله ، والحسنى هي الجنة ، وأما من جِهَتي .
" وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا" وهذا هو واجب الحاكم الصالح في كل زمان ، على الحاكم الصالح أن يكافيء المحسنَ على إحسانه ، وأن يجازي المسيءَ بإساءته ، فإن الناس إذا قالوا للمحسن : أحسنت ، وللمسيء : أسأت ، رجع المسيء عن إساءته ، واجتهد المحسنُ في إحسانه ، أما أن يُقَرَّبَ المسيئون ، ويُقْصى المحسنون ، فحينذاك ينتشر الفساد ، وتعم الفوضى ، وتنزع البركة .
* الرحلة الثانية :
بهذا انتهت الرحلة الأولى نحو المغرب لذي القرنين ، فعاد ليتابع المسير نحو المشرق ، قاصدًا مطلع الشمس ، متبعًا للأسباب فوصل إلى مطلع الشمس :
" حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا*
أي أن ذا القرنين انتهى في سفره نحو الشرق إلى جماعة من بني آدم يعيشون على وجه الأرض ، وليس لهم ما يسترهم من الشمس .
* الرحلة الثالثة :
ثم تابع المسير فوصل إلى ما بين السدين :
*حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا*
أين هذان السدان ؟ لم يحدد القرآن لهما مكانًا ، فلنسكت عما سكت عنه القرآن
حتى إذا بلغ بين السدين وجـد من دونهما قومًا متخلفين متأخرين ، لا حضارة لهم ولا مدنية ، ولا يكادون يفقهون قـولًا . فما إن رأوا ذا القرنين حتى استغاثوا به لما رأوا من التمكين الذي مكَّنه الله له :

قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا "أي : هل نجمع لك من أموالنا عطاء نقدمه لك مقابل أن تجعل بيننا وبين يأجوج ومأجوج سَدًا ؟ وكيف يطمع ذو القرنين في حطام الدنيا الزائل ، وفي شيء من المال قليل ، يجمعه له هؤلاء الناس ، وقد مكّنه الله في الأرض كلها ، وآتاه كنوزها كلها .
"*قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا "أي : ما مكني فيه ربي خير مما تبذلون لي وتعطوني ، أنا لست بحاجة إلى جُعْلِكم ، ولا أطمع في مالكم " مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ"" ولكن الذي أرجوه أن تساعدوني بالعدة والعتاد ، وأن تعينوني بقوة ، أجعل بينكم وبينهم ردمًا .

حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا أي : قطع الحديد الكبيرة .
"" حَتَّى إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ "أي : الجبلين اللذين بنى بينهما السد فسد المدخل الذي بينهما .

" قَالَ انفُخُوا"أي انفخوا النار : أي أوقدوها إيقادًا عظيمًا ، واستعملوا لها المنافيخ لتشتد ، فتذيب النحاس ، فلما ذاب النحاس ، الذي يريد أن يلصقه بين زُبر الحديد قال :
حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا* والقِطْر هو النحاس المذاب ، وقد ثبت علميًّا بعد قرون كثيرة أن النحاس إذا صُبَّ على الحديد أعطى معدنًا قويًا شديد الصلابة .

"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا" يعني : أن يأجوج ومأجوج وقفوا عاجزين أمام هذا السد ، فما استطاعوا أن يعلوه بالصعود عليه لارتفاعه حتى ينزلوا من الجهة الأخرى ، وما استطاعوا أن يثقبوه لإحكامه وقوته فيخرجوا منه . رحلة في رحاب اليوم الآخر / ص : 53 : 56 . بتصرف يسير .
تفسير : تيسير الكريم الرحمن للسعدي / ص : 486 .
فلما فعل هذا الفعل الجميل والأثر الجليل ، أضاف النعمة إلى موليها وقال :
*قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ". أي من فضله وإحسانه عليّ .
وهذه حال الخلفاء والصالحين ، إذا مَنَّ الله عليهم بالنعم الجليلة ، ازداد شكرهم وإقرارهم ، واعترافهم بنعمة الله ، كما قال سليمان ـ عليه السلام ـ ، لما حضر عنده عرش ملكة سبأ ..... قال " هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ"
" فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ " أي لخروج يأجوج ومأجوج .
" جَعَلَهُ " أي ذلك السد المحكم المتقن .
" دَكَّاءَ " أي دكه فانهدم واستوى هو والأرض .
" وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا"تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / تفسير سورة الكهف / ص : 436 .

* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم
إنَّ يأجوجَ ومأجوجَ يحفُرونَ كلَّ يومٍ حتَّى إذا كادوا يَرونَ شُعاعَ الشَّمسِ قالَ الَّذي عليهم ارجِعوا فسنَحفرُهُ غدًا فيعيدُهُ اللَّهُ أشدَّ ما كانَ حتَّى إذا بلَغت مُدَّتُهم وأرادَ اللَّهُ أن يبعثَهُم علَى النَّاسِ حفروا حتَّى إذا كادوا يَرونَ شعاعَ الشَّمسِ قالَ الَّذي عليهِم ارجِعوا فستحفُرونَهُ غدًا إن شاءَ اللَّهُ تعالى واستَثنَوا فيعودونَ إليهِ وَهوَ كَهَيئتِهِ حينَ ترَكوهُ فيحفُرونَهُ ويخرجونَ علَى النَّاسِ فيُنشِفونَ الماءَ ويتحصَّنُ النَّاسُ منهم في حصونِهِم فيرمونَ بسِهامِهِم إلى السَّماءِ فترجِعُ عليها الدَّمُ الَّذي اجفَظَّ فيقولونَ قَهَرنا أهْلَ الأرضِ وعلَونا أهْلَ السَّماءِ فيبعثُ اللَّهُ نَغَفًا في أقفائِهِم فيقتلُهُم بِها قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والَّذي نفسي بيدِهِ إنَّ دوابَّ الأرضِ لتَسمنُ وتَشكَرُ شَكَرًا من لحومِهِم"
رواه أحمد . والترمذي : 3153 . وابن ماجه : 4080 . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة : 1735 .
استثنوا : أي قالوا : " إن شاء الله " .
احفظَّ : أي : امتلأ ، أي : ترجع ممتلئة دمًا .

* نهاية يأجوج ومأجوج :
* من حديث النواسِ بنِ سَِمْعَانَ الكلابي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم
" .....فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فيُرْسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى الأرْضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى اللهِ، فيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لا يَكُنُّ منه بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ، حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ...."
صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937 / ص : 92 .
لا يدانِ : تثنية " يد " . ومعناه : لا قـدرة ولا طاقة . لأن المباشرة والدفع إنما يكون
باليد . وكأن يَديه معدومتان لعجزه عن دفعه .
فَحَرِّزْ : أي ضمهم واجعل الطور لهم حرزًا .يقال : أحرزت الشيء أحرزه إحرازًا ، إذا حفظتَهُ وضممتَهُ إليك وصنته عن الأخذ .
الطور : هو الجبل الذي ناجى عليه موسى ربه ، وهو بالقرب من مصر عند
موضع يسمى مدين .
الحدب : المرتفع من الأرض .
ينسلون : يسرعون . يعني : أنهم يتفرقون في الأرض فلا ترى مرتفعًا من الأرض إلا وقوم منهم يهبطون منه مسرعين في المشي إلى الفساد .
بحيرة طبرية : هي بحيرة في طرف جبل ، وجبل الطور مطلٌّ عليها .
حتى يكون رأس الثور لأحدِهِمْ خيرًا من مائة دينارٍلأحدِكُمُ اليومَ : أي : أنهم تبلغ بهم الفاقة إلى حد نفاذ مؤنهم وهم محاصرون بيأجوج ومأجوج .
النغف : هو دود يكون في أنوف الإبل والغنم .
فَرْسَى : أي قتلى .
زَهَمُهُم : دسمهم .
نتنهم : رائحتهم الكريهة .
لا يَكُنُّ منه بيتُ مُدَرٍ : أي لا يمنع من نزول الماء بيت . المَدَر : الطين الصلب .
الزلفة : أي كالمرآة في صفائها ونظافتها . وقيل غيره .
العصابة : أي الجماعة .
بقحفها : وهو مقعر قشرها ، شبهها بقحف الرأس ، وهو الذي فوق الدماغ .
وقيل : ما انفلق من جمجمته وانفصل .
الرّسْل : هو اللبن الحليب .
اللَِّقْحة : بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان ، والكسر أشهر . وهي القريبة العهد بالولادة
الفِئَام : الجماعة الكثيرة .
الْفَخْذَ : الجماعة من الأقارب ، وهم دون البطن ، والبطن دون القبيلة . قال القاضي : قال ابن فارس : " الفخذ " هنا بإسكان الخاء لا غير ، فلا يقال إلا بإسكانها ، بخلاف " الْفَخِْذ " التي هي العضو ، فإنها تكسر وتسكن .

*شُبْهَة والرد عليها :
هناك شبهة قد تعترض بعض الناس ، وهي أننا في زمان أصبحت جغرافية العالم معروفة ومكشوفة ، ومع هذا التقدم لم يُسْمَع عن هذا السّدّ ، ولا عن هؤلاء القوم الذين وراءه ، ولو كان ذلك حقيقة لاكتُشِف .
والجواب :
أنه ليس كل موجـود يُرَى ، فعقل الإنسان أقرب ما يكون إليه ، وهو لا يراه ، والجن موجودون ونحن لا نراهم ، والملائكـة كذلك .
فوجب الإيمان بما أخبر به الله تبارك وتعالى ، والوقوف بأدب مع القرآن ، والإيمان بما جاء فيه ، والسكوت عما سكت عنه وقد قيل : إن منطقة في البحـر المحيط عند مثلث برمودا لا يدخلها شيء إلا هلك ، ولا يعرفون عن سر ذلك شيئًا إلى الآن .فما الجواب عن هذا ؟ ! ! . رحلة في رحاب اليوم الآخر / عبد العظيم بدوي / ص : 58 .
رد مع اقتباس