|
#1
|
||||
|
||||
التنكيس في القرآن أنواعه وحكمه
التنكيس في القرآن أنواعه وحكمه
الحمد لله. قراءة المتأخر قبل المتقدم من القرآن يسمى تنكيسًا ، وهو أقسام : تنكيس الحروف/ تنكيس الكلمات/تنكيس الآيات/تنكيس السور. أما تنكيس الحروف ، فهو تقديم الحروف المتأخرة على المتقدمة في الكلمة الواحدة ، فيقرأ - مثلاً - بدلًا من رب : " بر " ! و"هذا لا شك في تحريمه ، وأن الصلاة تبطل به ؛ لأنه أخرج القرآن عن الوجه الذي تكلم الله به ، كما أن الغالب أن المعنى يختلف اختلافًا كثيرًا ." " الشرح الممتع لابن عثيمين " 3 / 110 . *أما تنكيس الكلمات ، فهو أن يقدم الكلمة اللاحقة على التي قبلها ، فيقرأ - مثلاً - بدلًا من قل هو الله أحد " أحد الله هو قل " ! و "هذا أيضًا محرم بلا شك ؛ لأنه إخراج لكلام الله عن الوجه الذي تكلم الله به ." " الشرح الممتع " 3 / 110 . *وأما تنكيس الآيات ، وهو قراءة الآية اللاحقة قبل الآية السابقة- محرم- ، فيقرأ من شر الوسواس الخناس قبل إله الناس ! فقد قال عنه القاضي عياض رحمه الله : ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف , وهكذا نقلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم . من " شرح النووي " 6 / 62 ، وكذا قال ابن العربي كما في " الفتح " 2 / 257 . وقال الشيخ ابن عثيمين : تنكيس الآيات أيضًا محرم على القول الراجح ؛ لأن ترتيب الآيات توقيفي ، ومعنى توقيفي : أنه بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم . " الشرح الممتع " 3 / 110 . وأما تنكيس السور ، فهو قراء السورة اللاحقة قبل السابقة ، فيقرأ - مثلاً - " آل عمران " قبل " البقرة " . حُكْمُهُ : من قال من العلماء إن ترتيب السور ليس توقيفيًا : لم ير بذلك بأسًا . ومن رأى أن الترتيب توقيفي ، أو أن إجماع الصحابة على ترتيبه حُجة : لم ير جواز ذلك . والصحيح : أن الترتيب ليس توقيفيّا ، وإنما هو من اجتهاد بعض الصحابة . وأنه لا إجماع على الترتيب بين الصحابة ، إذ كان مصحف " عبد الله بن مسعود " - مثلاً - على خلاف تلك المصاحف ترتيبًا . وفي السنة ما يؤيد الجواز : أ. عن حذيفة قال :صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ، فَقُلتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المِئَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلتُ: يُصَلِّي بهَا في رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلتُ: يَرْكَعُ بهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا،…… رواه مسلم 772 . الشاهد في الحديث أنه قرأ النساء قبل آل عمران . قال النووي : قال القاضي عياض : فيه دليل لمن يقول إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف ، وإنه لم يكن ذلك من ترتيب النبي صلى الله عليه وسلم بل وَكَله إلى أمته بعده . قال : وهذا قول مالك وجمهور العلماء ، واختاره القاضي أبو بكر الباقلاني ، قال ابن الباقلاني : هو أصح القولين مع احتمالهما . قال : والذي نقوله : إن ترتيب السور ليس بواجب في الكتابة ، ولا في الصلاة ، ولا في الدرس ، ولا في التلقين ، والتعليم , وأنه لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نص ، ولا حدٌّ تحرم مخالفته ، ولذلك اختلف ترتيب المصاحف قبل مصحف عثمان . قال : واستجاز النبي صلى الله عليه وسلم والأمة بعده في جميع الأعصار ترك ترتيب السور في الصلاة والدرس والتلقين . قال : وأما على قول من يقول من أهل العلم : إن ذلك بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم حدده لهم كما استقر في مصحف عثمان ، - وإنما اختلاف المصاحف قبل أن يبلغهم التوقيف والعرض الأخير - ، فيتأول قراءته صلى الله عليه وسلم النساء أولًا ثم آل عمران هنا على أنه كان قبل التوقيف والترتيب , وكانت هاتان السورتان هكذا في مصحف أبيّ . قال : ولا خلاف أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى ، وإنما يكره ذلك في ركعة ولمن يتلو في غير صلاة . قال : وقد أباحه بعضهم . وتأويل نهي السلف عن قراءة القرآن منكوسًا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها . قال : ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف ، وهكذا نقلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم . هذا آخر كلام القاضي عياض . والله أعلم . " شرح مسلم " 6 / 61 ، 62 . وقال السندي : قوله " ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ " مقتضاه عدم لزوم الترتيب بين السور في القراءة . " شرح النسائي " 3 / 226 . ب. عن أنس بن مالك رضي الله عنه :كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ يَؤُمُّهُمْ في مَسْجِدِ قُباءٍ، وكانَ كُلَّما افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بها لهمْ في الصَّلاَةِ ممَّا يَقْرَأُ به افْتَتَحَ: بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ حتَّى يَفْرُغَ مِنْها، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى معها، وكانَ يَصْنَعُ ذلكَ في كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أصْحابُهُ، فقالوا: إنَّكَ تَفْتَتِحُ بهذِه السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أنَّها تُجْزِئُكَ حتَّى تَقْرَأَ بأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بها وإمَّا أنْ تَدَعَها، وتَقْرَأَ بأُخْرَى فقالَ: ما أنا بتارِكِها، إنْ أحْبَبْتُمْ أنْ أؤُمَّكُمْ بذلكَ فَعَلْتُ، وإنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وكانُوا يَرَوْنَ أنَّه مِن أفْضَلِهِمْ، وكَرِهُوا أنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أتاهُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فقالَ «يا فُلاَنُ، ما يَمْنَعُكَ أنْ تَفْعَلَ ما يَأْمُرُكَ به أصْحابُكَ، وما يَحْمِلُكَ علَى لُزُومِ هذِه السُّورَةِ في كُلِّ رَكْعَةٍ» فقالَ: إنِّي أُحِبُّها، فقالَ «حُبُّكَ إيَّاها أدْخَلَكَ الجَنَّةَ». رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم ، والترمذي من طريق البخاري : 2901 . والشاهد منه : قراءة الرجل سورة الإخلاص في صلاته قبل المتقدِّم عليها ، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم . ج . وهو فعل عمر رضي الله عنه : قال الإمام البخاري : وقرأ الأحنف بالكهف في الأولى وفي الثانية بيوسف أو يونس وذكر أنه صلى مع عمر رضي الله عنه الصبح بهما . " باب الجمع بين السورتين في الركعة " من كتاب الأذان . 5 . أما القسم الأخير من السؤال ، فنقول : يجوز قراءة الآية من : 50 - 60 من البقرة في الأولى ،ثم القراءة من 1 - 20 ، من سورة البقرة في الركعة الثانية ؛ لأن المعنى يكون تامًا . أما من :10-20 : ففيه انقطاع بالمعنى والأحسن تركه ، ولعلك ذكرت الأرقام على سبيل التمثيل ولا تقصد ذات الآيات ، والله أعلم . المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد
__________________
|
|
|