#1
|
||||
|
||||
35- تيسير علم المواريث - ميراث المفقود والأسير
المجلس الخامس والثلاثون تيسير علم المواريث تابع الإرث بالتقدير ثالثًا : ميراث " المفقود والأسير" هو الغائب الذي انقطعت أخبارُهُ ، فلا تُعْلَم حياتُه ولا وفاتُه . الوجيز في الميراث والوصية / ص : 211 . ‹الأسير : يلحق بأحكام المفقود : الأسير. الأسير : هو الغائب الذي وقع في أيدي الأعداء واحتجزوه عندهم فإذا كان حال الأسير معلومًا ، فإنه يعامل على مقتضاه ، من حياة أو موت أو رِدَّة . أما إذا جُهِلَ حاله ، فلم تُعْلَمْ له حياة ولا وفاة ، فإنه يأخذ حكم المفقود من كل الوجوه. ‹ المدة اللازمة لاعتبار المفقود ميتًا: اختلفَ العلماءُ في تحديد المدة التي يحكم القاضي بعد مضيها بموت المفقود بحسب نوع الفقد. الْمَفْقُودِ ، وَهُوَ نَوْعَانِ : ‹أَحَدُهُمَا : الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ الْهَلَاكُ ، وَهُوَ مَنْ يُفْقَدُ فِي مَهْلَكَةٍ ، كَاَلَّذِي يُفْقَدُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ ، وَقَدْ هَلَكَ جَمَاعَةٌ ، أَوْ فِي مَرْكَبٍ انْكَسَرَ ، فَغَرِقَ بَعْضُ أَهْلِهِ ، أَوْ فِي مَفَازَةٍ يَهْلَكُ فِيهَا النَّاسُ ، أَوْ يُفْقَدُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ ، أَوْ يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ أَوْ لِحَاجَةِ قَرِيبَةٍ ، فَلَا يَرْجِعُ ، وَلَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ ، فَهَذَا يُنْتَظَرُ بِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَبَرٌ ، قُسِّمَ مَالُهُ ، وَاعْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ ، وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ . وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَإِنْ مَاتَ لِلْمَفْقُودِ مَنْ يَرِثُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِوَفَاتِهِ ، وُقِفَ لِلْمَفْقُودِ نَصِيبُهُ مِنْ مِيرَاثِهِ ، وَمَا يَشُكُّ فِي مُسْتَحِقِّهِ ، وَقُسِمَ بَاقِيهِ ; فَإِنْ بَانَ حَيًّا ، أَخَذَهُ ، وَرُدَّ الْفَضْلُ إلَى أَهْلِهِ ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ ، دُفِعَ نُصِيبُهُ مَعَ مَالِهِ إلَى وَرَثَتِهِ . ‹النَّوْعُ الثَّانِي ،، مَنْ لَيْسَ الْغَالِبُ هَلَاكَهُ ، كَالْمُسَافِرِ لِتِجَارَةٍ ، أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ ، أَوْ سِيَاحَةٍ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ : ‹إحْدَاهُمَا ، لَا يُقَسَّمُ مَالُهُ ، وَلَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ ، حَتَّى يَتَيَقَّنَ مَوْتُهُ ، أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ لَا يَعِيشُ مِثْلَهَا ، وَذَلِكَ مَرْدُودٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ .وَهَذَا قَوْلُ: الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ;لِأَنَّ الْأَصْلَ حَيَاتُهُ ، وَالتَّقْدِيرُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ ، وَلَا تَوْقِيفَ هَاهُنَا ، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ عَنْهُ. ‹وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بِهِ تَمَامُ تِسْعِينَ سَنَةً مَعَ سَنَةِ يَوْمَ فُقِدَ .وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ ;لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ :يُنْتَظَرُ بِهِ إلَى تَمَامِ سَبْعِينَ سَنَةً مَعَ سَنَةِ يَوْمَ فُقِدَ . الفقه المقارن-المغني - موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة - هنا - ‹‹قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " والصواب أن الرجوع في تقديرها إلى اجتهاد الحاكم ، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن والحكومات ، فيقدر مدة للبحث عنه بحيث يغلب على الظن تبين حياته لو كان موجودًا ، ثم يحكم بموته بعد انتهائها ، والله أعلم " انتهى من " تسهيل الفرائض " ص/ 126 - هنا - .
‹الميراث في مال المفقود : ـ القاعدة بالنسبة لأموال المفقود ، أنها تبقى على ملكه ، وتحفظ له حتى يتبين أمره ، وذلك استصحابًا للحال التي كان عليها قبل غيابه : · فإن ظهر حيًّا أخذ مالَهُ ، وإنْ تحقق موتُهُ بالبيِّنَةِ أو بالأوراق الرسمية التي تثبت موتَهُ في تاريخ معين ، فإن موتَه هنا يكون موتًا حقيقيًّا. وتُقَسَّم أموالُه بين ورثتِهِ الأحياء في ذلك التاريخ الذي ثبتت وفاتُهُ فيه . ·أما إذا بقي أمره مجهولاً ، فإن أموالَهُ تظلُّ باقيةً على ملكه ، إلى أن يحكم القاضي باعتباره ميتًا ، فإذا صدر هذا الحكم كانت وفاته معتبرة من وقت صدور الحكم ،فيقسم ماله بين ورثته الأحياء من وقت صدور الحكم . · أما من مات منهم قبل صدور الحكم ولو بعد رفع الدعوى ، فإنه لا يرث لعدم تحقق الشروط العامة في الميراث ، التي منها تحقق حياة الوارث عند موت المورث . الوجيز في الميراث والوصية / ص : 214 . ‹ميراث المفقود من غيره : الأصلُ أن المفقودَ لا يرث من غيره ، لأنه يشترط في الوارث أن تكونَ حياتُهُ محققة وقت وفاةِ المورثِ ، ولكن نظرًا لاحتمال حياته ، فإنه يرث بطريق التقدير من بابِ الاحتياط ، فتقسم التركة على أساس أن المفقودَ حيٌّ ، ويوضع نصيبه في يد أمين حتى يتبين أمره . · فإن ظهر حيًّا ، أخذ ما كان موقوفًا له .-بالإجماع، هذا محل اتفاق لأنه جاءنا يقين- · وإن تأكدت وفاتُه في تاريخ معين ، فإننا ننظر في هذا التاريخ ، فإن كان لاحقًا على وفاة المورث-أي بعد وفاة المورث-، فإن المفقود يستحق هذه الحصة التي حُجٍزَتْ له .ثم توزع حصته من المتوفى مع بقية مال المفقود على ورثته الأحياء في التاريخ الذي ثبتت وفاته فيه .-بالإجماع، هذا محل اتفاق لأنه جاءنا يقين- وإن كان التاريخ الذي ثبتت وفاته فيه سابقًا على تاريخ وفاة المورث ، فإن هذه الحصة الموقوفة له تُرَدّ إلى ورثة هذا المورث ، لا ورثة المفقود ، لأنه لا يستحقها حيث ثبت أنه كان ميتًا عند وفاة مورثه .-بالإجماع، هذا محل اتفاق لأنه جاءنا يقين- · أما إذا لم تتبين له حياة أو وفاة ، حتى حكم القاضي باعتباره ميتًا ، فإنه يعتبر ميتًا من تاريخ غيابه بالنسبة لمال غيره لأن حياته لم تكن محققة عند وفاة المورث ، وعلى هذا ، فلا يكون مستحقًّا للميراث ، وتُرَدّ الحصة الموقوفة إلى مستحقيها .-وهذا هو قول الجمهور- الوجيز في الميراث والوصية / ص : 215 .والمغني : هنا - والشيخ عبد الرحيم الطحان - فقه المواريث - إرث المفقود. وهذا هو قول الجمهور في ميراث المفقود من غيره : ما وقف للمفقود من إرث له من مورثيه الذين ماتوا قبل الحكم على المفقود بالموت، هل نجعل هذا المال مالاً للمفقود يرثه ورثة المفقود أو نعيده لورثة مورثيه دون أن يرث المفقود منهم شيئًا؟ فهذه المسألة للمذاهب الأربعة فيها قولان: -القول الأول عليه الجمهورأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحد القولين للحنابلة، اختاره الإمام ابن قدامة ورجحه في المغني، وجمهور الحنابلة على خلافه. قال صاحب المغني الجزء السابع صفحة ثمان ومائتين: وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا حِينَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ ، رُدَّ الْمَوْقُوفُ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ ، وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ ، رُدَّ أَيْضًا إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي حَيَاتِهِ حِينَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ ، فَلَا نُوَرِّثُهُ مَعَ الشَّكِّ ، كَالْجَنِينِ الَّذِي يُسْقَطَ مَيِّتًا ، وَكَذَلِكَ إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَاتَ ، وَلَمْ يَدْرِ مَتَى مَاتَ . ا.هـ المغني- -والقول الثاني انفرد به الحنابلة في قولهم الثاني الذي أخذ به جمهور الحنابلة: أن ما وقف للمفقود يكون له كمالِه الأصلي وعليه فيوزع على ورثة المفقود. - هنا -الشيخ عبد الرحيم الطحان - فقه المواريث - إرث المفقود. ‹ ظهور المفقود بعد الحكم باعتباره ميتًا : *أمواله : اتفقت المذاهب الأربعة على وجوب إرجاع أعيان أمواله التي تقاسمها الورثة .هنا - . -وبالنسبة لما كان يستحقه المفقود ميراثًا في تركة غيره ، ثم أُعِيد إلى ورثة هذا الغير بعد الحكم ، فإن ذلك يسحب أيضًا من أيدي هؤلاء الورثة مرة أخرى ، ويعطى للمفقود ـ لأنه خالص حقه.الوجيز في الميراث والوصية / ص : 216 . واختلفوا فيما تلف منها ، وذهب ، وتم إنفاقه : هل يضمنه من أنفقه أم لا يضمنه ؟ على قولين : الجمهور قالوا بالضمان ، وخالف الحنفية فقالوا بعدم الضمان . ينظر " الموسوعة الفقهية " 38/280. . يقول البهوتي الحنبلي رحمه الله " إن قدم المفقود بعد قسم المال : أخذ ما وجده من المال بعينه بيد الوارث ، أو غيره ؛ لأنه قد تبين عدم انتقال ملكه عنه ، ورجع على من أخذ الباقي ، بعد الموجود ، بِمِثْل مِثْلِيٍّ ، وقِيمةِ مُتَقَوِّم ؛ لتَعذُّر رده بعينه " انتهى من " كشاف القناع " (4/466.هنا- *زوجة المفقود : إذا ظهر المفقود حيًا بعد أن حكم القاضي الشرعي باعتباره ميتًا ، وكانت زوجتُهُ قد تزوجتْ ودخلَ بها زوجُها الثاني ، فللفقهاء في هذه المسألة أقوال مختلفة : -القول الأول:هي زوجة للأول الذي كان مفقودًا ثم ظهر ، وينفسخ نكاحها من الثاني ، وترجع إلى الأول بعد أن تعتد ، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة مع فروق يسيرة في التفاصيل . -والحق الطارئ لا يرفع الحق السابق كما يقول أئمتنا. - هنا -الشيخ عبد الرحيم الطحان - فقه المواريث - إرث المفقود. ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " الصواب في هذه المسألة : أن الزوج الأول بالخيار مطلقًا ، سواء قبل وطء الثاني أو بعده ، فإن أبقاها للثاني فهي له ، ويأخذ منه صداقه ، ولا يرجع الثاني عليها بشيء ، وإن أخذها فهي له " انتهى من " الشرح الممتع " 13/379. ‹قال الشيخ العثيمين : هذه المسألة يعبر عنها بتزوج امرأة المفقود، فإذا فُقد الزوج ومضت المدة التي يبحث عنه فيها ثم حكم بموته واعتدت منه وتزوجت آخر ثم قدم فإن له الخيار بين أن يبطل الزواج بحاله وبين أن ترد زوجته إليه، فإن بقي الزواج بحاله فالأمر ظاهر والعقد صحيح، وإن لم يختر ذلك وأراد أن ترجع إليه زوجته فإنها ترجع إليه، ولكنه لا يجامعها حتى تنتهي عدتها من الثاني، ولا تحتاج إلى عقد بالنسبة للزوج الأول؛ لأن نكاحه الأول لم يوجد ما يبطله حتى يحتاج إلى عقد، وأما ولدها من الزوج الثاني فهو ولد شرعي ينسب إلى أبيه؛ لأنه حصل من نكاح مأذون فيه، وما ترتب عن المأذون فهو حق صحيح.موقع الشيخ العثيمين - -القول الثاني :تبقى الزوجة للزوج الثاني ، ولا سبيل للأول عليها ، وهو مذهب مالك بن أنس رحمه الله حيث يقول " إن تزوجت بعد انقضاء عدتها ، فدخل بها زوجها ، أو لم يدخل بها ، فلا سبيل لزوجها الأول إليها ، قال مالك : وذلك الأمر عندنا ، وإن أدركها زوجها قبل أن تتزوج فهو أحق بها " انتهى من " الموطأ " 2/575 . ولكن المالكية اختاروا تقييد الأمر بالدخول ، فيقول الحطاب المالكي رحمه الله " فإن جاء المفقود ، أو تبين أنه حي ، أو أنه مات بعد دخول الثاني بها : فإنها فاتت بدخوله بها " .انتهى من " مواهب الجليل " (4/157) ، وانظر " حاشية الدسوقي على الشرح الكبير " (2/480) . وحاصل ما سبق كله أن المفقود إذا ظهر فإنه يسترجع زوجته وماله ، في قول جماهير العلماء . والله أعلم -موقع الإسلام سؤال وجواب.هنا - . فائدة : المفقود يسترجع زوجته لو أراد لو كانت اعتدت منه وورثته ثم تزوجت بعد الحكم بـغيبته،لكن لو أخذت حكم بالتفريق للضرر فبيانه الآتي: "إنَّ غَيْبة المفقود تُسبِّبُ لزوجته ضررًا مُؤكَّدًا؛ لكونِ فقدانه يُفوِّتُ على الزوجة أغراضَ الزواج، و«الضَّرَرُ يُزَالُ»؛ عملًا بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»؛ فيُدْفَعُ قبل الوقوع ويُرْفَعُ بعده. وإذا كان تشريعُ الإيلاء والتفريقِ بسببِ عدمِ الإنفاق على الزوجة أو لِعُنَّةِ الزوج - العُنَّة: عجزٌ يُصِيبُ الرجلَ فَلَا يقدر على الجِمَاع، - لِدَفْعِ الضرر عنها؛ فالتفريقُ لفَقْدِ الزوج أَحَقُّ وأَوْلى بالأخذ، ولها الخيارُ بين الحقَّين السابقين، والأَفْضلُ أَنْ تُرجِّحَ ما يدفع عنها الضررَ ويُحقِّقُ لها مصلحتَها. وأمَّا إِنِ انتظرَتْ بيانَ حالِ زوجها، وعدَلَتْ عن المُطالَبةِ بالتفريق فإنها تتربَّصُ مدَّةَ أربع سنواتٍ مع اختلافٍ في ابتدائها ..... " في أحكامٍ تخصُّ زوجةَ المفقود- الشيخ أبو عبد المعز محمد علي فركوس. |
|
|