العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الفقه > ملتقى الفقه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #11  
قديم 08-17-2025, 04:09 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,376
Post

المصــدر الثانــي : الســنة النبويــة المطهــرة
وهـي كـل مـا صـح عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـن أقـوال وأفعـال وتقريـرات ، وتُحْمَـل علـى رتبتهـا مـن وجـوب أو نـدب أو إباحـة أو تحريـم أو كراهـة حسـب مـا يقتضيـه القـول أو الفعـل أو التقريـر . وخـرج بذلـك مـا صـدر عنـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم مـن الأمـور الدنيويـة والجِبِلِّيَِّـة التـي لا دخـل لهـا بالأمـور الدينيـة ، ولا صلـة لهـا بالوحـي .التأسيس ... / ص : 129 .
· الســـنة القوليــة :
كقـول النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إنمـا الأعمـال بالنيـات ... " . صحيح البخاري . متون / حديث رقم : 1 / عن عمر .
· الســنة الفعليــة :
كأفعـال النبـي ـ صلى الله عليبه وعلى آله وسلم ـ التعبديـة فـي صلاتـه وحِجـه .
فـأداؤه الصـلاة ، وأداؤه مناسـك الحـج ، ... سـنة فعليـة .
الوجيز في أصول الفقه / ص : 170 / بتصرف .
* فعـن عبـد الله بـن مالـك بـن بُحَيْنــة أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، كـان إذا صلـى فَـرَّجَ بيـن يديـه حتـى يبـدو بيـاض إبطَيْـهِ .صحيح البخاري . متون / ( 8 ) ـ كتاب : الصلاة / ( 57 ) ـ باب : يبدي ضبعيه ويجافي في السجود / حديث رقم : 390 / ص : 54 .
* وعـن المغيـرة بن شـعبة قـال : وضـأتُ النبـيَّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فمسـح على خُفيـه وصلـى .
صحيح البخاري . متون / ( 8 ) ـ كتاب : الصلاة / ( 25 ) ـ باب : الصلاة في الخِفاف / حديث رقم : 388 / ص : 54 .
· الســنة التقريريــة :
كـأن يصـدر عن الصحابـة قـولًا أو فعـلًا فيقرهـم عليه صلـى الله عليـه وعلى آله وسلم ولا ينكره عليهـم . ـ سـأل رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الجاريـة : " أيـن الله " ؟ قالـت : فـي السـماء فأقرهـا صلـى الله عليـه وسـلم
* فعـن معاويـة بـن الحكـم ، قـال : ..... قـال صلـى الله عليـه وعلى آله وسـلم : " ائتنـي بهـا " فأتيتـه بهـا . فقـال لها " أيـن الله ؟ " . قالـت فـي السـماء .قـال : من أنـا ؟ " . قالـت أنـت رســولُ الله .قـال " أعتقهـا فإنهـا مؤمنـة " . رواه مسلم . متون / ( 5 ) ـ كتاب : المساجد ومواضع الصلاة / ( 7 ) ـ باب : تحريم الكلام في ... / حديث رقم : 537 / ص : 130 .
* عـن جابـر قـال " كنـا نعـزل والقـرآن ينـزل " .
زاد إسـحاق : قـال سُـفيان : لـو كـان شـيئًا يُنهَـى عنـه ، لنهانـا عنـه القـرآن .صحيح البخاري . متون / حديث رقم : 4911 . صحيح مسلم . متون / ( 16 ) ـ كتاب : النكاح / ( 22 ) ـ باب : حكم العزل / حديث رقم : 136 ( 1440 ) / ص : 457 .
شرح الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 457 .
* عـن جابـر قـال : ... كنـا نعـزل علـى عهـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فبلـغ ذلـك نبـي الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فلـم ينهنـا .صحيح مسلم . متون / ( 16 ) ـ كتاب : النكاح / ( 22 ) ـ باب : حكم العزل /حديث رقم : 138 ( 1440 ) / ص : 358 .
علاقــة الســـنة بالقــرآن الكريــم :
أنهـا تأتـي مُفَصِّلَـة ومُفَسِّـرَة لِمَـا جـاء مُجْمَـلاً مـن أحكـام فـي القـرآن الكريـم . فالصـلاة وردت فـي عشـرات الآيـات ، ولكـن لـم تُبَيَّـن لهـا كيفيـة ، وأوقـات ، وأركـان ، وسـنن ، وعـدد ركعـات كـل صـلاة ، ... فجـاءت السـنة بتوضيـح كـل ذلـك .
وكذلـك الزكـاة قـال تعالـى " ... وَآتُـواْ الزَّكَـاةَ ... " .سورة البقرة / آية : 43 .
فـإن مقـدار الزكـاة الواجبـة مجهـول يحتـاج إلـى بيـان .
2 ـ وقـد تأتـي السـنة مُقَيِّـدة لمـا جـاء مطلقًـا فـي القـرآن .
مثـــال :قـال تعالـى " وَالسَّـارِقُ وَالسَّـارِقَةُ فَاقْطَعُـواْ أَيْدِيَهُمَـا ... " . سورة المائدة / آية : 38 .
فكلمـة "أَيْدِيَهُمَـا" الأيـدي فـي الآيـة وردت مطلقـة ، وكـان مقتضـى هـذا الإطـلاق أن تُقْطَـع يـد السـارق كلهـا عمـلًا بالإطـلاق ، ولكـن السـنة قيـدت هـذا الإطـلاق ، إذ وردت بأن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قطـع يـد السـارق مـن الرسـغ فيصـح تقييـد مطلـق الكتـاب بصحيـح السـنة .
الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 280 / بتصرف يسير .
* فعـن رجـاء بـن حيـوة عن عـدي بـن عـدي " أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قطـع رجـلاً مـن المفصـل " .
أخرجه ابن أبي شَيْبَة . قال الألباني إسناده مرسل جيد / إرواء الغليل ... / ج : 8 / باب : القطع في السرقة / ص : 28 .

قـال الشـيخ الألبانـي ـ رحمه الله ـ : وقـد وصلـه بعضهـم ، فأخرجـه البيهقـي ـ موصـولاً ـ . فهـو صحيـح موصـول .انتهى بتصرف .إرواء الغليل ... / ج : 8 / ص : 82 .
3ـ كمـا تأتـي السـنة مُخَصِّصَـة لمـا جـاء عامًّـا فـي القـرآن مـن أحكـام .
مثـــال :
قـال تعالـى " يُوصِيكُـمُ اللهَ فِـي أَوْلاَدِكُـمْ لِلذَّكَـرِ مِثْـلُ حَـظِّ الأُنثَيَيْـنِ ... ".سورة النساء / آية : 11 .
هـذا حكـم عـام ، فخصصـت السـنة هـذا الحكـم العـام ، بـأن قَصَـرَت الميـراث علـى مَـنْ لـم يعتـدِ علـى مُوَرِّثِـهِ بالقتـل ، فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " القاتـل لا يـرث " .صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / ( 21 ) ـ كتاب : الديات / ( 14 ) ـ باب : القاتل لا يرث / حديث رقم : 2211 / ص : 117 .
وكذلـك قَصـرت السـنة الميـراث علـى المسـلم فقـط حتـى ولـو كـان الكافـر ابنـًا مـن صلبـه .
* فعـن أسـامة بـن زيـد ـ رضي الله عنهما ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال " لا يـرثُ المسـلمُ الكافـر ، ولا الكافـرُ المسـلمَ " . صحيح البخاري . متون / ( 85 ) ـ كتاب : الفرائض / ( 26 ) ـ باب : لا يرث المسلم الكافر ... / حديث رقم : 6764 / ص : 788 .
4 ـ وقـد تأتـي السـنة بحكـم جديـد قياسـًا علـى حكـم ورد فـي القـرآن الكريـم ففـي سـورة النسـاء حـرم تعالـى الجمـع بيـن الأختيـن فـي النكـاح ، قـال تعالـى " حُرِّمَـتْ عَلَيْكُـمْ أُمَّهَاتُكُـمْ ... } . سورة النساء / آية : 23 .
وورد بالسـنة تحريـم الجمـع بيـن العمـة وابنـة أخيهـا ، والخالـة وابنـة أختهـا ، قياسـًا .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : سـمعتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول " لا تُنكـحُ العمـةُ علـى بنـت الأخ ، ولا ابنـة الأخـت علـى الخالـة " .صحيح مسلم . متون / ( 16 ) ـ كتاب : النكاح / ( 4 ) ـ باب : تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح / حديث رقم : 35 ـ ( 1408 ) / ص : 346 .
* وعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " لا تُنكـح المـرأةُ علـى عمتهـا ولا علـى خالتهـا " .صحيح مسلم . متون / ( 16 ) ـ كتاب : النكاح / ( 4 ) ـ باب : تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أوخالتها في النكاح . تحريم الجمع بين المرأة ... / حديث رقم : 37 ـ ( 1408 ) / ص : 346 .
فالسـنة إذن لا غنـى عنهـا فـي تفسـير وتوضيـح ما جــاء مجمـلاً أو مطلقًـا أو عامًّـا فـي القــرآن الكريـم .
* * * * *
حفــظ الســنة مـن حفــظ القـــرآن قـال تعالـى
" إِنَّـا نَحْـنُ نَزَّلْنَـا الذِّكْـرَ وَإِنَّـا لَـهُ لَحَافِظُـونَ } .سورة الحجر / آية : 9 .
الله عـز وجـل قـد يسَّـرَ لكتابـه مـن الدواعـي الملزمـة بحفظــه ، ومهـد لـه مـن الأسـباب القاضيـة بحراسـته ، مـع إحاطتـه بعنايتـه وإرادتـه مـا عصمـه الله بـه مـن الضيـاع والفقـد ، والزيــادة والنقـص ، والتحريـف والتبديـل .
والحقيقـة التـي تسـتعصي علـى الشـك والجـدل ، أن القـرآن الـذي تتلـوه أمـة محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ اليـوم ، هـو بلفظـه ومعنـاه ، بـل وبطريقـة أدائـه ونطقـه وترتيـب آياتـه وسـوره ، هـو القـرآن نفسـه الـذي كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يتلـوه علـى أصحابـه سـواء بسـواءٍ كمـا جـاء بـه جبريـل ـ عليه السلام ـ مـن لـدن حكيـم حميـد .
أمـا السـنة النبويــة المطهـرة فهـي محفوظـة فـي جملتهـا بحفـظ الله عـز وجـل ، لـم يُضِـعْ منهـا شـيء ، ذلـك لأن إرادة الله سـبحانه وتعالـى حفـظ الذكــر تقتضـي أيضًـا حفـظ السـنة ، لأنهـا مبينـة لـه ، ففيهـا شـرح مقاصـده ، وتفصيـل مجملـه ، وتخصيـص عمومـه ، وتقييـد مطلقـه ، والدليـل علـى منسـوخه ، وتلـك حكمـة مـراده ، أن يكـون النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مبينًـا عـن ربـه ، شـارحًا لكتابـه .
قـال تعالـى { ... وَأَنزَلْنَـا إِلَيْـكَ الذِّكْـرَ لِتُبَيِّـنَ لِلنَّـاسِ مَـا نُـزِّلَ إِلَيْهِـمْ وَلَعَلَّهُـمْ يَتَفَكَّـرُونَ } .سورة النحل / آية : 44 .
فضيـاع السـنة إذن ـ بغيـر شـك ـ ضيـاع لجملـة مـن الديـن .
ولقـد حـاول بعـض المفسـدين لأسـباب مختلفـة ، أن يدسـوا فـي السـنة مـا ليـس منهـا ، فحدَّثـوا كذبًـا علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وتقوَّلـوا عليـه مـا لـم يقـل ، فوضعـوا ألوفًـا مـن الأحاديـث المكذوبـة علـى لسـانه ، ولكـن شـاء الله تبـارك وتعالـى أن يحفـظ لهـذه الأمـة دينهـا ، فقيـض للسـنة رجـالاً أفـذاذًا مـن خيـرة المسـلمين دينًـا وأمانـة وكفـاءة ، فوضعـوا أدق المناهـج العلميـة وأعظـم القواعـد النقديـة التـي يتميـز بهـا الحديـث الصحيـح مـن غيـره ، ثـم عكـف هـؤلاء الأئمـة الأفـذاذ علـى جمـع الحديـث وطلـب أسـانيده ، وقامـوا بتدوينـه ، ونقـد رجالـه ، وتمحيـص متونـه ، وأقامـوا صرحـًا شـاهقًا مـن العلـوم والمؤلفـات الحديثيـة ، فألَّفـوا فـي صحيحـه ، وضعيفـه ، وعللـه ، ورجالـه ، وطبقـات رواتـه ، وسـائر فنونـه التـي تُيَسِّــر للباحـث التمييــز بيـن مـا يصـح نسـبته إلـى النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ومـا لا يصـح نسـبته إليـه .
والناظـر بعيـن الإنصـاف إلـى هـذه المؤلفـات الكثيـرة القيمـة ـ فـي فنـون الحديـث وعلومـه ـ يـدرك أنـه لـم يتوفـر لشـيء مـن الكتـب علـى وجـه الأرض بعـد كتــاب الله عــز وجـل مـا توفــر للسـنة النبويـة من منهـج دقيـق ، وتطبيـق واع ، وصـدقٍ بالـغ ، وإتقـان كامـل ، وحـرص شـديد على حفظهـا وصيانتهـا . ولا يفوتنـي عندئـذ أن أنبـه علـى ضـرورة أن يتحـرى المسـلمون فـي روايـة الحديـث والاسـتشـهاد بـه ، أو اسـتخدامه فـي الوعـظ والتعليـم ، وغيـر ذلـك ، فـلا يذكـروا علـى لسـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إلا مـا يسـتوثقون مـن قبولـه وعـدم رده ، ويتأكـدون مـن توثيـق أهـل العلـم لإسـناده .
مقدمة جامع الأحاديث القدسية / ج : 1 / ص : 10 إعداد عصام الدين الصبابطي .

مدلـــول كلمــة " ســنة "
ـ السـنة فـي اللغـة : تطلـق ويـراد بهـا الطريقـة .
قـال تعالـى : { ... فَهَـلْ يَنظُـرُونَ إِلاَّ سُـنَّتَ الأَوَّلِيـنَ ... } سورة فاطر / آية : 43 .
أي الطريقـة أو العـادة التـي جـرى عليهـا حكـم الله سـبحانه وتعالـى فـي المكذبيـن المخالفيـن للرسـل ،فسـنة الله فيهــم أن يعاقبهـم ويأخذهـم بالعـذاب لمـا خالفـوا الرسـل .
* عـن أبـي سـعيد الخـدري قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " لتتبعُــنَّ سَـننَ الذيـن مـن قبلكـم شـبرًا بشـبر ، ... " الحديـث .صحيح مسلم . متون / ( 47 ) ـ كتاب : العلم / ( 3 ) ـ باب : اتباع سنن اليهود والنصارى / حديث رقم : 2669 / ص : 678 .
" سَـننَ " يعنـي طـرق مـن كـان قبلكـم مـن الأمـم .مكانة السنة في الإسلام / الفوزان / ص : 4 / بتصرف .
ـ السـنة فـي الاصطـلاح :
السـنة فـي اصطـلاح علمـاء الشـرع مـن محدثيـن وأصولييـن وفقهـاء يـراد بهـا هـدي النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وطريقتـه . فهـو عـام يشـمل الواجـب والمسـتحب والمكـروه والمحـرم ويشـمل العقائـد والعبـادات والمعامـلات والسـلوك .
ولهـذا كـان السـلف قديمـًا لا يطلقـون اسـم السـنة إلا علـى مـا يشـمل ذلـك كلـه .وروي معنـى ذلـك عـن الحسـن والأوزاعـي والفُضَيـل بـن عيـاض .تعظيم السنة وموقف السلف ... / ص : 18 ، 19 / بتصرف .
* فعـن أبـي وائـل عـن حذيفـة رأى رجـلاً لا يُتـمُّ ركوعَـهُ ولا سـجوده ، فلمـا قضـى صلاتَـهُ قـال لـه حذيفـة : مـا صليـتَ ، قـال : وأحسـبه قـال : لـو مُـتَّ مُـتَّ علـى غيـر سـنة محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .صحيح البخاري . متون / ( 8 ) ـ كتاب : الصلاة / ( 26 ) ـ باب : إذا لم يتم السجود / حديث رقم : 389 / ص : 54 .
* وعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " عشـر مـن الفطـرة ، قـص الشـارب ، وإعفـاء اللحيـة ، والسـواك ، واسـتنشـاق المـاء ، وقـص الأظفـار ، وغسـل البراجـم ، ونتـف الإبـط ، وحلـق العانـة ، وانتقـاص المـاء " .
قـال زكريْـاء : قـال مصعـب : ونسـيتُ العاشـرة إلا أن تكـون المضمضـة .زاد قتيبْـة : قـال وكيـع : انتقـاص المـاء يعنـي الاسـتنجاء .صحيح مسلم . متون / ( 2 ) ـ كتاب : الطهارة / ( 16 ) ـ باب : خصال الفطرة / حديث رقم : 261 / ص : 75.
فـائــدة :
* زكريْـاء ، وقتيبـة ---> مـن رجـال السـند السـابق .
ـ والسـنة عنـد المتأخريـن قـد تطلـق علـى : المـرادف للمنـدوب والمسـتحب ، المقابـل للمكـروه .
وكذلـك قـد تطلـق علـى المقابـل للقـرآن . يُقـال : الدليـل مـن الكتـاب كـذا ، ومـن السـنة كـذا .
وقـد تُطلـق فـي مقابلـة البدعـة . كقولهـم فـلان علـى سـنة وفـلان علـى بدعـة .
أمـا إذا وردت فـي حديـث ، سـواء بلفـظ السـنة أو الفطـرة ، فـلا تـدل علـى المعنـى الاصطلاحـي ـ عنـد المتأخريـن ـ ولكـن بمعنـى الطريقـة .التأسيس ... / ص : 130 / بتصرف .
* * * * *

مكانـــة الســنة

اهتمامنـا بالسـنة ليـس اهتمـام دراسـة فحسـب ولكـن اهتمـام اعتقــاد بالدرجــة الأولـى ، اهتمـام منهـج ، كيـف تتجـه .
فالسـنة ليسـت فـرع مـن فـروع العلـم ، ولكنهـا أصـل هـذا الديـن مـع كتـاب الله تبـارك وتعالـى ،فـلا تنفـك السـنة عـن القـرآن ، ولا ينفـك القـرآن عـن السـنة .
وكـل مسـلم لا يصـح إسـلامه إلا أن ينتمـيَ إلـى سـنة الرسـول الكريـم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
فالشـهادتان ! هـل يصـح إسـلام أحـد بشـهادة أن لا إله إلا الله وحدهـا ؟ !
لا ، هنـاك شـهادة قرينــة مـع شـهادة أن لا إله إلا الله ، هـي : " أن محمـدًا رسـولُ الله " ، وهـذا يُلـزم باتبـاع هـذا الرسـول الأمـي ، وأن يُتخـذ قـدوة كما نـص القـرآن الكريـم ، قـال تعالـى " لَقَـدْ كَـانَ لَكُـمْ فِي رَسُـولِ اللهِ أُسْـوَةٌ حَسَـنَةٌ لِّمَـن كَانَ يَرْجُـو اللهَ وَالْيَـوْمَ الآخِـرَ وَذَكَـرَ اللهَ كَثِيـرًا } .سورة الأحزاب / آية : 21 .شرح صحيح مسلم / شريط رقم : ( 1 ) / الوجه الأول .
تحذيـــر :
* عـن المِقْـدام بـن معـدي كَـرِبٍ ، عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه قـال : ألا إنـي أوتيـت الكتـاب ومثلـه معـه ، ألا يوشـكُ رجـلٌ شـبعان علـى أريكتـه يقـول : عليكـم بهـذا القـرآن ، فمـا وجدتـم فيـه مـن حـلال فأحلُّـوه ، ومـا وجدتـم فيـه مـن حـرام فحرمـوه ، ألا لا يحـل لكـم لحـم الحمـار الأهلـي ، ولا كـلُّ ذي نـابٍ مـن السَّـبُع ، ولا لُقَطـةُ مُعاهِـد إلا أن يسـتغنيَ عنها صاحبُهـا ، ومـن نـزل بقـومٍ فعليهـم أن يَقْـروه ، فـإن لـم يَقْـروه فلـه أن يُعْقِبهـم بمثـل قِـراه " .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : السنة / ( 6 ) ـ باب :لزوم السنة / حديث رقم : 4604 / ص : 831 . صحيح .
* قـال أبـو داود : حدثنـا أحمـد بـن حنبـل وعبـد الله بـن محمـد النفيلـي ، قـالا أخبرنـا سـفيان ، عـن أبـي النضـر ، عـن عُبيـد الله بن أبـي رافـع ، عـن أبيـه ، عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال " لا أَلفَيـنَّ أحدكـم متكئًـا على أريكتـه ، يأتيـه الأمـرُ مـن أمـري ، مما أَمـرتُ بـه أو نَهيـتُ عنـه ، فيقـول : لا نـدري ، مـا وجدنـا فـي كتـاب الله اتبعنـاه ! " .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ أول كتاب السنة /( 6 ) ـ باب : في لزوم السنة / حديث رقم : 4605 / ص : 831 / صحيح .
قـال تعالـى " قُـلْ أَطِيعُـواْ اللهَ وَالرَّسُـولَ ..." . سورة آل عمران / آية : 32 .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " تركـتُ فيكـم شـيئين ، لـن تضلـوا بعدهمـا : كتـاب الله ، وسـنتي ، ولـن يتفرقـا حتـى يـردا علـى الحـوض " .أخرجه الحاكم . وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته ... /الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 2937 / ص : 566 / صحيح .
فالسـنة كالقـرآن فـي تحليـل الطيبـات ، وتحريـم الخبائـث ، وَرَدّ حـرف صـحَّ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كَـرَدّ حـرف مـن كـلام الله جـل وعـلا .التأسيس ... / ص : 130 .
ولمـا كـان لهذيـن المصدريـن ـ الكتـاب والسـنة ـ هـذه المكانـة العاليـة والمقـام الرفيـع ، كـان واجبًـا علـى العقـلاء التحاكـم إليهمـا .
قـال تعالـى " فَـلاَ وَرَبِّـكَ لاَ يُؤْمِنُـونَ حَتَّـىَ يُحَكِّمُـوكَ فِيمَـا شَـجَرَ بَيْنَهُـمْ ثُـمَّ لاَ يَجِـدُواْ فِـي أَنفُسِـهِمْ حَرَجـًا مِّمَّـا قَضَيْـتَ وَيُسَـلِّمُواْ تَسْـلِيمًا " . سورة النساء / آية : 65 .
وقـال تعالـى " وَمَـا كَـانَ لِمُؤْمِـنٍ وَلاَ مُؤْمِنَـةٍ إِذَا قَضَـى اللهُ وَرَسُـولُهُ أَمْـراً أَن يَكُـونَ لَهُـمُ الْخِيَـرَةُ مِـنْ أَمْرِهِـمْ وَمَـن يَعْـصِ اللهَ وَرَسُـولَهُ فَقَـدْ ضَـلَّ ضَـلاَلاً مُّبِينـًا " .سورة الأحزاب / آية : 36 .
والعلمـاء قنـوات توصيـل لهـذا النبـع الصافـي ، وفـرق بيـن أن نتخذهـم قنـوات توصلنـا إلـى الكتـاب والسـنة ، وبيـن أن نتخذهـم أربابـًا مـن دون الله .
فـرق بيـن أن نجعـل قـول العالـم كالنـص مـن الكتـاب والسـنة وبيـن أن نقتفـي أثـر الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ونبحـث عـن الحـق مـن خـلال أقـوال العالـم .
شرح صحيح مسلم / شريط رقم : 1 .
وقـد توعـد الله سـبحانه الذيـن يخالفـون سـنة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال " وَمَـا آتَاكُـمُ الرَّسُـولُ فَخُـذُوهُ وَمَـا نَهَاكُـمْ عَنْـهُ فَانتَهُـوا وَاتَّقُـوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَـدِيدُ الْعِقَـابِ ". سورة الحشر / آية : 7 .
فـدل علـى أن مـن خالـف سـنة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فيمـا أمـر بـه أو نهـى عنـه ؛ أنـه مُعَـرَّض لعقـاب الله عـز وجـل .
وقال تعالـى " فَـإِن لَّـمْ يَسْـتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَـمْ أَنَّمَـا يَتَّبِعُـونَ أَهْوَاءهُـمْ ... ".سورة القصص / آية : 50 .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال " كـل أمتـي يدخلـون الجنـة إلا مـن أبـى " . قالـوا : يـا رسـول الله ومـن يأبـى .
قـال " مـن أطاعنـي دخـل الجنـة ومـن عصانـي فقـد أبـى " صحيح البخاري . متون / ( 96 ) ـ كتاب : الاعتصام بالكتاب والسنة / ( 2 ) ـ باب : الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم / حديث رقم : 7280 / ص : 845 .
فلنحـذر عاقبـة مخالفـة أمـر الله ورسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
قــال الإمـام مسـلم : حدثنــا أبـو بكـر بـن أبـي شَـيْبَةَ ، قـال حدثنــا زيـد بـن الْحُبَــابِ عـن عِكرمـة ابـن عمَّـار ، قــال حدثنـي إيـاسُ بـنُ سـلمة بـن الأكـوع ؛ أن أبــاه حدثـهُ ؛ أن رجـلاً
أكـل عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بشـماله ، فقـال ـ صلـى الله عليه وعلى آله وسـلم ـ :
" كُـلْ بيمينـك " . قـال : لا أسـتطيع . قـال : " لا اسـتطعت " . مـا منعـه إلا الْكِبْـرُ . قـال : فمـا رفعهـا إلـى فيـه " .
صحيح مسلم . متون / ( 36 ) ـ كتاب : الأشربة / ( 13 ) ـ باب : آداب
الطعام والشراب وأحكامهما / حديث رقم : 2021 / ص : 528 .
فهـذه عقوبـة عاجلـة ـ والعيـاذ بالله ـ فهـذا دليــل علـى أن مـن خالـف سـنة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ تكبـرًا أنـه مُعَـرَّض للعقوبـة والعيـاذ بالله .
وعلـى النقيـض الحديـث الآتـي :
* عـن عبـد الله بـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رأى خاتمًـا مـن ذهـب في يـد رجـل . فنزعـه فطرحـه وقـال :
" يعمـد أحدكـم إلـى جمـرة مـن نـار فيجعلُهـا فـي يـده " .
فقيـل للرجـل ، بعـد ما ذهـب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ خـذ خاتمـك انتفـع بـه . قـال : لا .
والله ! لا آخـذه أبـدًا وقـد طرحـه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .صحيح مسلم . متون / ( 37 ) ـ كتاب : اللباس والزينة / ( 11 ) ـ باب : تحريم خاتم الذهب على الرجال ، ونسخ ... / حديث رقم : 2090 / ص : 547 .
فانظـر الفـرق بيـن الرجليـن فـي الامتثـال .
فالأول يقـول : لا أسـتطيع تكبـرًا ، والعيـاذ بالله .
وهـذا قــال : والله لا آخــذ هـذا الخاتـم وقـد طرحـه رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فهـذا الإيمـان ، وهـذا الامتثـال العظيـم .مكانة السنة في الإسلام / الفوزان / ص : 17 / بتصرف .

وصيـــة الرســول
صلى الله عليه وعلى آله وسلم

* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " تركـت فيكـم شـيئين ، لـن تضلـوا بعدهمـا : كتـاب الله ، وسـنتي ، ولـن يتفرقـا حتـى يـردا علـيَّ الحـوضَ " .أخرجه الحاكم . وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته ... /الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 2937 / ص : 566 .
* قـال أبـو داود : حدثنـا أحمـد بـن حنبـل ، قـال : حدثنـا الوليـد بـن مسـلم ، قـال : حدثنـا ثَـور بـن يزيـد ، قـال : حدثنـي خالـد بـن مَعـدان ، قـال : حدثنـي عبـد الرحمـن بـن عمـرو السُّـلَمـي وحُجْـر ابـن حُجْـر ، قـالا : أتينـا العِرْبـاض بـن سـارية ، وهـو ممـن نـزل فيـه :" وَلاَ عَلَـى الَّذِيـنَ إِذَا مَـا أَتَـوْكَ لِتَحْمِلَهُـم قُلْـتَ لاَ أَجِـدُ مَـا أَحْمِلُكُـم عَلَيْـهِ "سـورة التوبـة / آيـة : 92 . .
فسـلَّمنا ، وقلنـا : أتينـاك زائريـن وعائديـن ومقتبسـين .
فقـال العِربـاض :صلـى بنـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ذات يـوم ، ثـم أقبـل علينـا ، فوعظنـا موعظـةً بليغـة ذرفـت منهـا العيـون ووجِلـت منهـا القلـوب .
قـال قائـل : يـا رسـول الله كـأن هـذه موعظـة مـودع ، فمـاذا تعهـد إلينـا ؟ .فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" أوصيكـم بتقـوى الله والسـمع والطاعـة وإن عبـدًا حبشـيًّا ، فإنـه مـن يعـش منكـم بعـدي فسـيرى اختلافـًا كثيـرًا ، فعليكـم بسـنتي وسـنة الخلفـاء الراشـدين المهدييـن ، تمسـكوا بهـا وعَضـوا عليهـا بالنواجِـذ ، وإياكـم ومحدثـات الأمـور ، فـإن كـل محدثـة بدعـة ، وكـل بدعـة ضلالـة " . سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : السنة /( 6 ) ـ باب : في لزوم السنة / حديث رقم : 4607 / ص : 832 / صحيح .


هديــة الشــيخ الألبانــي
رحمه الله

قـال الشـيخ الألبانـي ـ رحمه الله :... مـن البديهـي بعـد هـذا أن نقـول إن السـنة التـي لهـا هـذه الأهميـة فـي التشـريع ، إنمـا هـي السـنة الثابتـة عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بالطـرق العلميـة والأسـانيد الصحيحـة المعروفـة عنـد أهـل العلـم بالحديـث ورجالـه .
وليسـت هـي التـي فـي بطـون مختلـف الكتـب مـن التفسـير والفقـه والترغيـب والترهيـب والرقائـق والمواعـظ وغيرهـا ، فـإن فيهـا كثيـرًا مـن الأحاديـث الضعيفـة والمنكـرة والموضوعـة وبعضهـا ممـا يتبـرأ منـه الإسـلام ... .
وقبـل أن أنهـي كلمتـي هـذه أرى أنـه لابـد لـي مـن أن ألفـت انتبـاه الإخـوة الحاضريـن إلـى حديـث مشـهور - أي مشهور بالمعنى اللُّغَوِي وليس بالمعنى الاصطلاحي ، والمقصود أنه مشهور على الألسنة- قَلَّمَـا يخلـو منـه كتـاب مـن كتــب أصـول الفقـه أو غيرهـم ، لضعفـه مـن حيـث إسـناده ، ولتعارضـه مـع مـا انتهينـا إليـه فـي هـذه الكلمـة مـن عـدم جـواز التفريـق فـي التشـريع بيـن الكتـاب والسـنة ـ الصحيحـة ـ ، ووجـوب الأخـذ بهمـا معـًا ألا وهـو : حديـث معـاذ .
* عـن أنـاس مـن أهـل حمـص مـن أصحـاب معــاذ بـن جبـل ، أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لمـا أراد أن يبعـث معـاذًا إلى اليمـن قـال " كيـف تقضـي إذا عـرض لـك قضـاء ؟ " . قـال : أقضـي بكتـاب الله .
قــال : " فـإن لـم تجــد فـي كتـاب الله ؟ " .
قـال : فبسـنة رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
قـال : " فـإن لـم تجـد فـي سـنة رســول الله ولا فـي كتـاب الله ؟ " . قـال : أجتهـد برأيـي ولا آلـو ، فضـرب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ صـدره فقـال : " الحمـد لله الـذي وفـق رسـولَ رسـولِ الله لمـا يُرْضـي رسـولَ اللهِ "ضعيف .
سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 18 ) ـ كتاب : القضاء / ( 11 ) ـ باب :اجتهاد الرأي في القضاء / حديث رقم : 3592 / ص : 644 / وضعفه الألباني .

قـال الشـيخ الألبانـي ـ رحمه الله ـ :
أمـا ضعـف إسـناده : فـلا مجـال لبيانـه الآن .وقـد بينـتُ ذلـك بيانـًا شـافيًا ربمـا لـم أُسـبق إليـه ، فـي : " سـلسـلة الأحاديـث الضعيفـة والموضوعـة وأثرهـا السـيئ علـى الأمـة " .
وحسـبي الآن أن أذكـر أن أميــر المؤمنيـن فـي الحديـث ، الإمـام البخــاري ـ رحمه الله ـ ، قـال فيـه : ( حديـث منكـر ) .
وبعـد هـذا ، يجـوز لـي أن أشـرع فـي بيـان التعـارض الـذي أشـرتُ إليـه فأقـول :
إن حديـث معـاذ هـذا يضـع للحاكـم منهجـًا فـي الحكـم ، علـى ثـلاث مراحـل ، لا يجـوز أن يبحـث عـن الحكـم فـي الـرأي إلا بعـد أن لا يجـده فـي السـنة ، ولا فـي السـنة إلا بعـد أن لا يجـده فـي القـرآن .
وهو بالنسـبة للـرأي (1) منهـج صحيـح لدى كافـة العلمـاء ، وكذلـك قالـوا : إذا ورد الأثر بَطُـل النظـر .
( 1 ) بالنسبة للرأي منهج صحيح : أي لا يجوز الحكم بالرأي إلا بعد أن لا يجد الحكم في الكتاب ولا في السنة . وهذا منهج صحيح لدى كافة العلماء ، وكذلك قالوا : إذا ورد الأثر ( أي الدليل ) بطل النظر .
ولكنـه بالنسـبة للسـنة ليـس صحيحـًا ، لأن السـنة حاكمـة علـى كتـاب الله ومُبَيِّنـة لـه ، فيجـب أن يبحـث عـن الحكـم فـي السـنة ولـو ظـن وجـوده فـي الكتـاب لِمَـا ذكرنـا .
فليسـت السـنة مـع القـرآن ، كالـرأي مـع السـنة ، كـلا ! ثـم كـلا ! . بـل يجـب اعتبـار الكتـاب والسـنة مصـدرًا واحـدًا لا فصـل بينهمـا أبـدًا كمـا أشـار إلـى ذلـك قولـه ـ صلـى الله عليـه وعلى آله وسلـم ـ :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " تركـت فيكـم شـيئين ، لـن تضلـوا بعدهمـا : كتـاب الله ، وسـنتي ولـن يتفرقـا حتـى يـردا علـيَّ الحـوضَ " .أخرجه الحاكم / صحيح . صحيح الجامع الصغير وزيادته / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 2937 / ص : 566 .
* وعـن المِقـدام بـن مَعْدِيكَـرِبٍ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" ألا إنـي أوتيـت الكتـاب ومثلـه معـه ، ..... " .
سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ أول كتاب السنة / ( 6 ) ـ باب :في لزوم السنة / حديث رقم : 4604 / ص : 831 / صحيح .
رسـالة : منزلـة السـنة في الإسـلام / للشـيخ الألبانـي / بتصرف .


س : هـل يؤخـذ بالحديـث الضعيـف فـي فضائـل الأعمـال ؟
ج : يقـول المحـدِّث الشـيخ محمـد ناصـر الديـن الألبانـي فـي مقدمـة كتابـه : " غايـة المـرام فـي تخريـج أحاديـث الحـلال والحـرام " ص : 3 :
" ولئـن كـان بعـض النـاس يتسـاهلون فيذهبـون إلـى القـول بـأن الحديـث الضعيـف يُعمـل بـه فـي فضائـل الأعمـال ـ وهـو قـول مرجـوح عنـدي ، تبعًـا لكثيـر مـن كبـار أئمتـي ـ فـلا أحـد ـ منهـم ـ والحمـد لله يذهـب إلـى جـواز الاحتجـاج بالحديـث الضعيـف فـي الأحكـام الشـرعية ، بـل أجمعـوا علـى أنـه يجـب أن يكـون ـ الحديـث الـذي يحتـج بـه فـي الأحكـام الشـرعية ـ أن يكـون مـن قسـم المقبـول ، وأدنـاه الحسـن لغيـره ..... " . ا . هـ .
ـ وحتـى الذيـن أجـازوا العمـل بالحديـث الضعيـف فـي فضائـل الأعمـال ، وضعـوا شـروطًا قيـدوا بهـا هـذا ـ الجـواز . الطريق إلى الجنة / ص : 8 .
ـ والحقيقـة أن الـذي ينظـر فـي الأحاديـث الصحيحـة الـواردة فـي فضائـل الأعمـال ، يجـد أنهـا تغنـي عـن تلـك الضعيفـة ، ونسـد بذلـك بابـًا فتـح علينـا لسـنا بحاجـة إليـه ، فضـلاً عـن الوقـت الـذي يُضـاع فـي التمييــز ، هـل الحديـث الضعيـف المـروي فـي فضائـل الأعمـال مطابـق للشـروط أم لا .
الطريق إلى الجنة / ص : 9 .
ـ ثـم أن هـذا القـول ـ الـذي هـو : الأخـذ بالحديـث الضعيـف فـي فضائـل الأعمـال ـ يناقـض بعضَـهُ بعضـًا .
فمـن قـال بهـذا القـول ، ناقـض نفسـه عنـد التطبيـق ، وذلـك لعـدم تحديـد معنـى عبـارة " فضائـل الأعمـال " .
فمعنــى يؤخــذ بـه فـي فضائــل الأعمــال :
أنـه يؤخـذ بـه إن كانـت هـذه الأعمـال ثبتـت فضيلتهـا بحديـث صحيـح ، فـإذا جـاء حديـث ضعيـف ، أثبـت نفـس الفضيلـة التـي أثبتهـا الحديـث الصحيـح ، أُخِـذَ بالحديـث الضعيـف للاسـتشـهاد وإثبـات مـا أثبتـه الحديـث الصحيـح .
أمـا إن كانـت لـم تَثْبـت فضيلـة هـذه الأعمـال بحديـث صحيـح ، أي لـم تثبـت فضيلتهـا إلا بالحديـث الضعيـف ، فهـذا تشـريع ، والتشـريع بالحديـث الضعيـف لا يجـوز ولـو فـي أقـل مراتـب التشـريع التـي هـي مراتـب الاسـتحباب .
وَلْنَعْلَـمْ أن :
" الأصــل فـي الحديــث ســوء الظــن " .
أي الـراوي متهـم حتـى تثبـت براءتـه .
فمـا لـم يثبـت ضبطـه ، ومـا لا نعلـم إن كـان راويـه ثقـة أم غيـر ثقـة ، نتوقـف فيـه ، ولا يُقبـل ،ولا يُحْتَـجُّ بـه حتـى يثبـت ضبطـه .
ولذلـك قـال ابـنُ مهـدي : " خصلتـانِ لا ينبغـي فيهمـا حُسْـنُ الظـن ، ... والحديـث " .
وليـس معنـى سـوء الظـن فـي الحديـث أن نحكـم عليـه بالضعـف ، أو علـى الـراوي أي حكـم دون بحـث وتثبـت ، ولكـن معنـى سـوء الظـن :
التوقـف عـن العمـل والاحتجـاج بهـذا الحديـث ، والتوقـف عـن الحكـم عليـه ، حتـى تثبـت صحتـه .
شرح الموقظة في علم الحديث وجه : ب / شريط رقم : 4 / بتصرف
رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 08:28 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر