#61
|
||||
|
||||
الشريط السابع
الشريط السابع تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها المثال السابع والثامن: قوله تعالى "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" ق:16، وقوله: "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ"الواقعة 85. حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة. الشرح يقولُ أهلُ التعطيل إن ظاهرَ الآيتين أنَّ اللهَ بنفسِهِ أقربُ إلى الإنسان من حبل الوريد ويقولون أيضًا إن ظاهرَ الآيةِ الثانيةِ أنَّ اللهَ بنفسه أقربُ إلى المُحتضَر من أهله.هذا هو ظاهرُ الآيتين. هل السلف يقولون هذا؟ الجواب: لأ. المعروف عن السلف أنَّ المراد َهو قربُ الملائكة لا قرب الله عزوجل.ولهذا قال حيث فُسر القرب فيهما بقرب الملائكة. المتن والجواب: أن تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفًا للكلام عن ظاهره لمن تدبره. أما الآية الأولى فإن القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك، حيث قال"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ* إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" ق 16: 18. ففي قوله"إِذْ يَتَلَقَّى" دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقيين. الشرح واضح"ونحنُ أقربُ إليه من حبل الوريد" متى؟"إذ يتلقى المُتلقيانِ".ولو كان المرادُ قرْبَ اللهِ لكان اللهُ أقربَ إليه دائمًا سواء حين يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيدٌ أو لأ. وسيأتي بإذن الله الجواب عن نسبةِ القرب إلى الله مع أنَّ المرادَ قربُ الملائكة. المتن وأما الآية الثانية: فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار، والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة، لقوله تعالى"حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ" الأنعام 161. ثم إن في قوله: "وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ" الواقعة 85. دليلاً بينًا على أنهم الملائكة، إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره، وهذا يعين أن يكون المراد قرب الملائكة لاستحالة ذلك في حق الله - تعالى. الشرح قال اللهُ تعالى:" فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ 84* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ *85" الواقعة83-85. قوله" وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ"اختلف العلماء في قوله"إليه"هل المراد إلى المُحتضر أو المراد إلى الحُلقوم؟وهذا لايُؤثر في معنى الآية بالنسبة لقوله " وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ"فإن ظاهرَ ذلك أن هذا القريب؛ موجودٌ في المكان ؛لكن لانُبصره واللهُ-عزوجل-يستحيل أن يكون موجودًا في المكان الذي نحنُ فيه. المتن بقي أن يقال: فلماذا أضاف الله القرب إليه، وهل جاء نحو هذا التعبير مرادًا به الملائكة؟ فالجواب: أضاف الله تعالى قُرب الملائكة إليه؛ لأن قربهم بأمره، وهم جنوده ورسله. الشرح إذًا أضاف اللهُ القربَ إليه؛ لماذا؟ لأن هؤلاء ملائكته وجنوده يأتمرون بأمره؛ فكان قربهم كقربه ؛كما تقول بنى الأميرُ قصرَهُ ؛هل الأمير هواللي صار يجيب الطين والَّلبِن والمحفر وما أشبه ذلك؟ أو أمرَ به؟ إذًا فإضافة الشيء إلى مَنْ يُدبر القوم ؛إضافة ٌسائغة ٌ في اللغةِ العربية وليس فيها إشكال. فهنا أضافَ اللهُ القربَ إليه ؛والمُرادُ ملائكته لأنهم إنما قَرُبُوا بأمره ولأنهم جنوده فقُربُهم كقربه-تبارك وتعالى إي نعم وله نظيرٌ. المتن وقد جاء نحو هذا التعبير مراداً به الملائكة، كقوله تعالى "فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ"القيامة 18. فإن المراد به قراءة جبريل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن الله تعالى أضاف القراءة إليه، لكن لما كان جبريل يقرؤه على النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى صحت إضافة القراءة إليه تعالى. وكذلك جاء في قوله تعالى "فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ" هود 74. وإبراهيم إنما كان يجادل الملائكة الذين هم رسل الله تعالى. الشرح إذن هل المرادُ بقوله تعالى:"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ " الواقعة 85. وقوله:"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ "ق 16.هل فيه إخراجُ للآيتين عن ظاهرهما؟ لأ. إذن فاحتجاجُ أهلِ التعطيلِ علينا بأننا أوَّلنا احتجاجٌ باطلٌ؛ لأن دعواهم أن ظاهرَهما قربُ اللهِ نفسِهِ دعوة ٌباطلة ؛ٌلايُساعدُ عليه اللفظ ُكماعرفتم.فتخلصنا الآن من هذا الإيراد ولا لأ؟ تخلصنا منه.
|
#62
|
||||
|
||||
المتن *المثال التاسع والعاشر قوله تعالى عن سفينة نوح: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا"القمر 14. وقوله لموسى: "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" طه 39. والجواب: أن المعنى في هاتين الآيتين على ظاهر الكلام وحقيقته، لكن ما ظاهر الكلام وحقيقته هنا؟ هل يقال: إن ظاهره وحقيقته أن السفينة تجري في عين الله؛ أو أن موسى عليه الصلاة والسلام يربى فوق عين الله تعالى؟!! أو يقال: إن ظاهره أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله تعالى يرعاه ويكلؤه بها. ولا ريب أن القول الأول باطل من وجهين: الأول: أنه لا يقتضيه الكلام بمقتضى الخطاب العربي، والقرآن إنما نزل بلغة العرب، قال الله تعالى: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"يوسف 2. وقال تعالى: "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ"الشعراء 193: 195. ولا أحد يفهم من قول القائل: فلان يسير بعيني أن المعنى أنه يسير داخل عينه. ولا من قول القائل: فلان تخرَّج على عيني، أن تخرّجَه كان وهو راكب على عينه، ولو أدعى مدع أن هذا ظاهر اللفظ في هذا الخطاب لضحك منه السفهاء فضلاً عن العقلاء. الثاني: أن هذا ممتنع غاية الامتناع، ولا يمكن لمن عرف الله وقدَرَهُ حق قدره أن يفهمه في حق الله تعالى؛ لأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه لا يحل فيه شيء من مخلوقاته، ولا هو حال في شيء من مخلوقاته - سبحانه وتعالى - عن ذلك علوًا كبيرًا. الشرح طيب إذن أهلُ التعطيل قالوا إن قولَهُ تعالى"تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا"مُؤوَّلٌ عندكم لأن ظاهرَ"تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا"أنها وسْط ُالعينِ." وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي " طه 39.ظاهره أنه فوق العين.هذا ظاهِرُهُ عندهم.نقول:تبًا لكم كيف يكونُ هذا الظاهر؟وهل أحدٌ يمكنهُ أن يقولَ إن ظاهرَ قولِهِِ "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا"أن السفينة َجرت في عين الله؟ فى وسط العين؟ أبدًا لايمكن.ثم نقول هذا أيضًا دليلٌ على جهلكم باللغةِ العربيةِ.الباء لاتأتي للظرفيةِ إلا بقرينةٍ وأنتم الآن جعلْتُموها للظرفية وهي لاتأتي للظرفية إلا بقرينةٍ كما في قوله تعالى" وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ "الصافات 137/ "وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ "الصافات 138يعني وفي الليل ،وإلا فالأصل أنها لغيرِالظرفية وأنها للمصاحبةِ والتعدية هذا الأصل.فهنا الباء" تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا " للمصاحبةِ.هذا المعنى الأصلي يعني تجري وعيُننا تصحبها بالرؤيةِ والرعايةِ والعنايةِ هذا المعنى لا يحتمله غيرُهُ هذا من جهةِ اللفظ.كذلك أيضًا كل الناس إذا قال:هذا الشيءُ بعيني فمعناه أنه عندي مرئيٌ ومنظورٌ ومعتنىً به ولم تُفارقه عيني.هذا معناه لاأحدَ يفهم من هذا إن قال:أنتَ بعيني وعلى راسي.واحد يقول أنت بعيني وعلى راسي ويش يفهم؟ أن الرجل دخل بوسط العين وركب على الرأس ولالأ؟ ما أحد يفهم هذا. يُفهم"على راسي"يعني مُعَظَّمٌ عندي"بعيني"يعنى معتنى ٌبك غاية ُالعناية حتى أنك ماتغيب عن عيني. هذا معناه في اللغة العربيةِ ولاأحدَ يفهمُ من هذا التركيب إلاهذا.هذان وجهان
الوجه الثالث:"كلٌ يعلمُ أن السفينة َما صعدت إلى السماء وإنما السفينة كانت في الأرض" يصنعها نوحٌ في الأرض وجرت على الماء في الأرض كيف يمكن أن نقول إن ظاهرَ اللفظ أن السفينة َ جرت في عين الله؟!!وهل هذا إلا مغالطة ٌوعدوانٌ على أهلِ السُنةِوالجماعة؟وعدوانٌ على كلام الله ورسوله-صلى الله عليه وسلم-؟طيب قالوا"ولتُصْنَعُ على عيني""تُصنع"بمعنى تُربَّى لأن صناعة َكلِ شيءٍ بحسبهِ.صناعة الحديد لأجعله قِدَرًا معناه تهيئته للطبخ. صناعة الإنسان معناه تربيته حتى أُحَمِلَهُ على أن يكون في أحسن مايكون من الأخلاق. "ولتُصنع على عيني"نقول:إنَّ ظاهرَ الآية أن موسى على عين الله ؛مصنوعٌ على عين الله.كيف هذا؟ هل أحدٌ يفهمُ هذا؟ أبدًا لاأحدَ يفهمُ هذا من هذا اللفظ إطلاقًا. صحيحٌ أن على بمعنى العلو.لكن على بمعنى العلو في كل موضع بحسبه.لو أن إنسانًا قالَ لشخصٍ:هاتِ لي إن شاء الله هذا قال:على عيني وأحيانًا يقول:على هذا؛ يعني على أنفي.هل معناه أنه يجيبه آخر النهار نُعالجه بالأنف؟أبدًا لكن المعنى أني مستعدٌ غاية الاستعداد حتى ولو لم أجدما أحمله عليه إلا أنفي حملتُهُ. على عيني:يعني أن هذا سيكون مني محل نظردائمًا وعناية فكلٌ يعرف هذا المعنى.ثم نقول:أين تربى موسى؟ في الأرض ولا في السماء على عين الله؟ في الأرض.هذا أيضًا ممايُبطل قولهم:إن ظاهرَ الآيةِ أن موسى تربى على عين الله حقيقة ً.حينئذٍ نقول:نحنُ لم نصرفْ اللفظ عن ظاهره .والظاهر الذي ذكرتم أنه ظاهرُهُ ظاهرٌ باطلٌ ليس مرادًا ولاأحدَ يفهم أن هذا هو المرادُ فبَطُلَ إلزامكم إيَّانا بالتأويل.إي نعم. المتن فإذا تبين بطلان هذا من الناحية اللفظية والمعنوية تعين أن يكون ظاهر الكلام هو القول الثاني أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله يرعاه ويكلؤه بها. وهذا معنى قول بعض السلف بمرأى مني، فإن الله تعالى إذا كان يكلؤه بعينه لزم من ذلك أن يراه، ولازم المعنى الصحيح جزء منه كما هو معلوم من دلالة اللفظ حيث تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام. الشرح بعضُ السلفِ فسَرَ قولَه تعالى"" تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا"أي بمرأىً منَّا وليس مُرادهم بذلك أن اللهَ لا عينَ لهُ ؛كما احتج به بعضُ الناس وقالوا إن السلف فسروا العين بالرؤية لأننا نقول إن تفسيرَالعينِ بالرؤية لأن الرُؤية لازمٌ للعين وتفسيرُ الشيءِ بلازمهِ صحيحٌ لأنه تفسيرٌ بجزء معناه فإن الدِلالة كماسبق إما مطابقة أو تضمن أو التزام.كما فسر بعضُ السلفِ المعيةَ َبأنه معنا بعلمه لأن ذلك من لازم المعية. "محال أن تكون السفينة في عين الله-عزوجل- نُخاطب ناسًا يقولون نحنُ نتبعُ الشرع.!!" |
#63
|
||||
|
||||
المتن *المثال الحادي عشر قوله تعالى في الحديث القدسي: "وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه". الشرح طيب كيف الإيراد من أهل التعطيل؟يقولون:إن ظاهر الحديث أنَّ اللهَ يكونُ سمعَ الإنسان وبصرَهُ ويدَهُ ورجلهُ فهل تقولون بذلك؟ طبعًا لأ.إذن يقولون: صرفتموه عن ظاهره. المثال الحادي عشريعني مما أورده أهلُ التعطيل على أهلِ السُنة وقالوا:إنكم خرجتم به عن ظاهره فلماذا تُخرجون هذه النصوص عن ظاهرها ثم تُنكرون علينا إخراجَ النصوص الأخرى عن ظاهرها؟قوله تعالى في الحديث القدسي"ومايزالُ عبدي يتقربُ إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّهُ"أولُ هذا الحديث"ماتقربَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما أفترضتُهُ عليه و مازال يتقربُ إليَّ بالنوافل حتى أُحبه فإذا أحببته كُنتُ سمعه الذي يسمعُ به وبصره الذي يُبصِرُ به ويده التي يثبطِشُ بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطِيَّنَهُ ولئن استعاذني لأعيذنه".ظاهر هذا الحديث عند أهل التعطيل أن الله-عزوجل-إذا أحبَّ هذا الشخص كان سمعه وبصره ويده ورِجله.هذا ظاهِرُهُ عندَ أهلِ التعطيل. يقولون:فهل تقولون يامعشرالسُنة:إنَّ اللهَ تعالى يكون قدم الإنسان المحبوب؟ورِجْل الإنسان المحبوب؟ وسمع الإنسان المحبوب؟وبصر الإنسان المحبوب؟ نقول لهم:لأ.يقولون:إذن أخرجتم الحديث عن ظاهره لأنَّ ظاهِرَهُ"كُنتُ سمعه"يعني يكون اللهُ هونفسُ سمع الإنسان نفسُ بصر الإنسان نفسُ رجل الإنسان ونفسُ يدِ الإنسان.هذا ظاهرُالحديث عندَهُم ونحنُ نقول بهذا ولالأ؟ لانقولُ بهذا.لانقول إنّ اللهَ هويدُ الإنسان ولارجلُ الإنسان ولاسَمعُ الإنسان ولابصره.ولهذا نقول الجواب. المتن والجواب: أن هذا الحديث صحيح رواه البخاري في باب التواضع الثامن والثلاثين من كتاب الرقاق:186. وقد أخذ السلف أهل السنة والجماعة بظاهر الحديث وأجروه على حقيقته. ولكن ما ظاهر هذا الحديث؟ هل يقال: إن ظاهره أن الله تعالى يكون سمع الولي وبصره ويده ورِجْله؟ الشرح يدعي أهلُ التعطيل أنَّ هذا هوالظاهرُ ،وأنَّ صرفَهُ عن هذا تأويلٌ لايجوز أن يذهب إليه الإنسان وهو يُنكِرعلى أهل التأويل . المتن أو يقال: إن ظاهره أن الله تعالى يسدد الولي في سمعه وبصره ويده ورجله بحيث يكون إدراكه وعمله لله وبالله وفي الله؟ الشرح أيهما الظاهر؟ الثاني هوالظاهرُ قطعًا فمعنى كُنتُ سمعه:يعني أُسدِد سمعَهُ حتى يكون بالله وفي الله ولله. بصره:كذلك يُسدده في بصره حتى يكون بصره في الله ولله وبالله.يده:يُسدد بطشه بيدهِ وعمله بيده حتى يكون لله وبالله وفي الله.رجله:يُسدده في مشيه بحيث يكون مشيه لله وفي الله وبالله.واضح ياجماعة يعني معناه التسديد بلاشك .لكن ما معنى قولنا:لله وبالله وفي الله ؟ لله:- هذا الإخلاص حتى لايسمع إلاسمعًا يتقربُ به إلى الله ولايُبصِرُ إلا كذلك ولايمشي إلا كذلك ولايبطش إلاكذلك. بالله:- أي الاستعانة يعني أنه لايعتدُ بنفسهِ ويعتمدُ عليها وإنمايستعينُ بالله. في الله: في شرعه يعني لايتجاوز الشرع فلايبتدع في دينِ الله ماليس منه بل يكون عملُهُ خالصًا موافِقًا لشريعةِ الله على وجهِ الاستعانةِ به. هذا هو الفرق بين العبارات الثلاثة. لله:أي خالِصًا,بالله:الاستعانة بالله,في الله: في شرعه لايتجاوزه ولايتعداه.هذا هو معنى الحديث قطعاً أنَّ اللهَ يُسددُ الوليَّ على هذا الوجه يكون عمله لله وبالله وفي الله. المتن ولا ريب أن القول الأول ليس ظاهر الكلام، بل ولا يقتضيه الكلام لمن تدبر الحديث، فإن في الحديث ما يمنعه من وجهين: الشرح دعوى أنَّ ظاهرَ الحديثِ أن يكونَ اللهُ نفس البصر والسمع واليد والرجل؛هذا في الحديث مايمنعه من وجهين. المتن الوجه الأول: أن الله تعالى قال: "وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه"، وقال: "ولئن سألني لأعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه". فأثبت عبدًا ومعبودًا ومتقرِبًا ومتقرَّبًا إليه، ومحِبًا ومحبوبًا، وسائلاً ومسئولاً، ومعطيًا ومعطى، ومستعيذًا ومستعاذًا به، ومعيذًا ومعاذًا. الشرح أثبت: عبدًا:-لقوله:"ولايزالُ عبدي"هذا العبد، ومعبودًا أنه لا يُتصورعبودية إلا بعابدٍ ومعبودٍ. مُتَقَرِّبًا ومُتَقَرَّبًا إليه:-"يتقربُ إليَّ"فهنا مُتَقرِّبٌ وهو العبدُ ومُتَقَرَّبٌ إليه وهو اللهُ. مُحِبًا ومحبوبًا:-"حتى أُحِبَّهُ" ؛والحابُ غيرُالمحبوبِ بل هو بائنٌ منه. وسائِلا ومسئولاً:-"ولئن سألني"هذا سائلٌ ومسئولٌ. ومُعطِياً ومُعطىً: "لأعطيَّنه"هذا مُعطِي ومُعطَى. ومُستَعيذًاومُستعاذًا به:-"ولئن استعاذني"هذا مُستعيذ ٌ ومُستعاذ به.لأنالمُستعيذ َلابد أن يكون هناك مُستعاذ ٌ به. ومُعِيذًا ومُعاذًا:-لقوله"لأعيذنه". المتن فسياق الحديث يدل على اثنين متباينين كل واحد منهما غير الآخر، وهذا يمنع أن يكون أحدهما وصفًا في الآخر أو جزءًا من أجزائه. الشرح |
#64
|
||||
|
||||
المتن الوجه الثاني: أن سمع الولي وبصره ويده ورجله كلُّها أوصاف أو أجزاء في مخلوق حادث بعد أن لم يكن، ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم أن الخالق الأول الذي ليس قبله شيء يكون سمعًا وبصرًا ويدًا ورجلاً لمخلوق،.... الشرح سمعُ الإنسانِ حادثٌ,بصره,يده,رجله هل يُمكن أن يكونَ الخالقُ الأولُ الذي ليس قبله شيءٌ؛يُمكن ان يكون هذا الشيءُ الحادثُ!!.هذا شيءٌ مستحيلٌ غاية َ الاستحالة.وماكان مستحيلًا فلا يمكن أن يكونَ ظاهرَ الحديثِ ولا ظاهرَ القرآن لأن المُستحيل على اسمه مُمتنعُ الوجودِ.فهل يدلُ القرآن والسُنة على شيءٍ مستحيلٍ لاسيما بما يتعلق بجناب الرب-عزوجل-؟ الجواب:لا يمكن وبهذا علمنا من حيثُ اللفظ ومن حيثُ المعنى أن هذا الحديثَ ليس ظاهرهُ أنَّ اللهَ يكونُ سمعَ الوليِّ أوبصره أويده أورجله.بل يقول المتن ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم أن الخالق الأول الذي ليس قبله شيء يكون سمعًا وبصرًا ويدًا ورجلاً لمخلوق، بل إن هذا المعنى تشمئز منه النفس أن تتصوره، ويحسر اللسان أن ينطق به ولو على سبيل الفرض والتقدير، فكيف يسُوغ أن يقال: إنه ظاهر الحديث القدسي وأنه قد صرف عن هذا الظاهر، سبحانك اللهم وبحمدك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك. الشرح أقولُ هذا صحيحٌ لا يمكن لأيِّ عاقلٍ أن يتصور أن يكونَ اللهُ تعالى رِجْلاً أو أن يكون يدًا حاشاه وكلا.بل إن الإنسانَ يكادُ لاينطقُ به ولو على سبيلِ الفرض؛ وحينئذٍ يتبيَّن أنَّ دعواهم أنَّ ظاهرَ الحديثِ؛ أن يكونَ اللهُ رجْلَ الوليِّ ويدَهُ وسمعَهُ وبصرَهُ؛دعوى باطلة ٌ لاتمسُّ إلى الحقيقة َبصلة لكن هم يموهون على العوام ويقولون:إنَّ أهلَ السُنةِ يُشَنِعون علينا التأويل وهم يتأوَّلون؛ ونحنُ نقول هذ اليس بتأوِّلٍ لأن هذا الظاهرَ الذي ادعيتموه لايمكن أنَّ يكونَ ظاهرُ الحديثِ لأنه معنى باطل والمعنى الباطل لايمكن أن يكون ظاهر الكلام الحق . المتن وإذا تبين بطلان القول الأول وامتناعه تعين القول الثاني وهو أن الله تعالى يسدد هذا الولي في سمعه وبصره وعمله بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصًا، وبالله تعالى استعانة، وفي الله تعالى شرعًا واتباعًا، فيتم له بذلك كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة وهذا غاية التوفيق، وهذا ما فسره به السلف، وهو تفسير مطابق لظاهر اللفظ موافق لحقيقته متعين بسياقه، وليس فيه تأويل ولا صرف للكلام عن ظاهره، ولله الحمد والمنة. الشرح أظن هذا واضِحٌ.فصار دعوى أنَّ ظاهِرَ الحديثِ أنَّ اللهَ يكونُ سمعَ الوليِّ وبصره ويدَه ورِجْلَهُ دعوى باطلة ٌ يُبطِلها ما ذكرنا من الوجهينِ.وإذابَطلت تعَيَّنَ أن يكون معنى الحديث أنَّ اللهَ يُسدده بسمعه وبصره ويده ورجْلِه؛ بحيثُ يكونُ سمعُهُ وبصرُهُ وبطشُهُ بيدِهِ ومشيُهُ برجْلِه ؛كله لله وبالله وفي الله.وهذا لاشك أنَّهُ غاية ٌ تامة ٌ لكلِ مَنْ أرادَ الوصولَ إلى ربهِ. ما أكثرَ مايكونُ سمعُنا لغيرِ الله:قد نسمعُ أشياءً نُنصِتُ إليها لغيرِ اللهِ ولكن خوفًا من هذا المخلوق أوخوفًا من أن يُعابَ علينا فيُقالُ هذا الرجلُ لايستمعُ إلى كلام هذا الواعِظِ مثلا فلايكونُ سمعنا لله. وكثيرًا مايكونُ سمعُنا بغيرِ الله: أي أنَّ الإنسانَ يفتَخِرُ بنفسِهِ ويستبِدُ بنفسِهِ ولايُلقي بالًا لمعونةِ اللهِ تعالى له. وتارة ًيكونُ سمعُنا في غيرِ الله-عزوجل-فنسمعُ الشيءَ المُحرمَ واللهو وتضيعُ أوقاتُنا بذلك.لكن إذا سددَ اللهُ الإنسانَ وكان سمعُهُ لله وفي الله وبالله وكذلك بصرُهُ وكذلك بطشُهُ ومشيُه حصَّلَ بذلكَ السعادة َ والتوفيق.
|
#65
|
||||
|
||||
المتن *المثال الثاني عشر قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى أنه قال: "من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت من باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هَرْوَلَة". الشرح ماذا يقولُ أهلُ التعطيلِ؟ يقولُ أهلُ التعطيل إنكم أخرجتم هذا الحديث عن ظاهره ؛لأنَّ ظاهِرَ الحديثِ أنَّ اللهَ تعالى يتقربُ بنفسهِ ذِرَاعًا وباعًا وأنهُ يمشي مشيًا ويُهرولُ هرولة ً..يقولون:هذا ظاهرُ الحديثِ فهل تقولونَ بهذا الظاهِرِ؟ ننظر الآن في شرح هذا المِثال. المتن وهذا الحديث صحيح رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وروى نحوه من حديث أبي هريرة أيضًا، وكذلك روى البخاري نحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب التوحيد الباب الخامس عشر. وهذا الحديث كغيره من النصوص الدالة على قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى، وأنه - سبحانه - فعَّالٌ لما يريد كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة مثل قوله تعالى:"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"البقرة 186.وقوله:"وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا" الفجر 22.وقوله:"هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ"الأنعام 158. وقوله"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" طه 5. وقولِه صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر"متفق عليه. وقولِه صلى الله عليه وسلم: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب- إلا أخذها الرحمن بيمينه"البخاري.إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على قيام الأفعال الاختيارية به تعالى. الشرح يعني هل اللهُ-عز وجل-يفعلُ فعلاً حقيقيًا ؟ الجواب:نعم يفعل والأدلة ُكثيرة منها ما سُقناهُ من القرآن والسُنةِ:أنَّ اللهَ يفعلُ مايشاءُ فيجِئُ ويستوي وينزلُ ويفرحُ ويضحكُ إلى غيرِ ذلكَ من أفعاله- سبحانه وتعالى-القائمةِ به. المتن فقوله في هذا الحديث: تقربت منه وأتيته هرولة من هذا الباب. الشرح وإيش المُرادُ بهذا الباب؟الأفعالُ الاختيارية ُ؛فهي من الأفعالِ الاختياريةِ" تقربتُ وأتيتُهُ هَرْوَلَة ً"هذا فعلٌ من الأفعال؛ فقاعدة السلف أن نثبت هذا الفعل على حقيقتِهِ ونقولُ إنَّ اللهَ يتقربُ من الإنسانِ قدرَ ذراعٍ وقدرَ باعٍ ويأتي هَرْوَلَة ً؛كما نقولُ في قوله تعالى"وجاءَ ربُكَ"إنه يأتي بنفسهِ للقضاءِ بين العبادِ. المتن والسلف "أهل السنة والجماعة" يجرون هذه النصوص على ظاهرها وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل. قال شيخ الإسلام ابن تيميه في شرح حديث النزول ص466 جـ5 من مجموع الفتاوى: "وأما دُنوه نفسه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر". أهـ. الشرح المؤلف يقول:"دُنُوُه وتقرُبُهُ" وشيخُ الإسلام، إذن فجعل التقربَ من باب الأفعال ؛وقال إنَّ أهلَ الحديثِ والسلفَ وأئمة َالإسلام كلهم يُثبتونَ هذه الصفة أي الصفاتِ الفعلية َ. المتن فأي مانع يمنع من القول بأنه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه؟ وأي مانع يمنع من إتيانه كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل؟ وهل هذا إلا من كماله أن يكون فعالًا لما يريد على الوجه الذي يليق به؟ الشرح إذن على هذا التقرير نلتزمُ بأنَّ اللهَ تعالى يتقربُ من العبد قدرَ ذِراعٍ أوباعٍ أليس كذلك؟ بلى. كذلك أيضًا نُثبتُ بأنَّ اللهَ تعالى يأتي هَرولة ًلأن إتيانَهُ ثابتٌ. حتى في القرآن؛ لم يزد هذا الحديث على مافي القرآن إلا صفة الإتيان ؛وأنه يكونُ هَرولةً.فنقول:إذا أثبَتَّ أنَّ اللهَ يأتي؛ فإنَّ اللهَ يأتي على أيِّ صفةٍ كانت هَرولةً أو مشيًا أو على أيِّ صفةٍ.مادامَ أثبتَّ أصلَ المعنى وهوالإتيانُ؛ فاثبتْ وَصْفَهُ وهوالهرولة َالتي أثبتها اللهُ لنفسه ولامانع.فإذا قال قائلٌ:كيف هذه الهرولة ُ؟نقول الكيفُ غيرُ معقولٍ أي مجهولٍ والمعنى معروفٌ ؛فأثبِت المعنى وأنفي الكيفية.قال: المتن وذهب بعض الناس إلى أن قوله تعالى في هذا الحديث القدسي: "أتيته هرولة". يراد به سرعة قبول الله تعالى وإقبالِه على عبده المتقرب إليه المتوجه بقلبه وجوارحه، وأن مجازاة الله للعامل له أكمل من عمل العامل. وعلل ما ذهب إليه بأن الله تعالى قال في الحديث: "ومن أتاني يمشي" ومن المعلوم أن المتقرب إلى الله - عز وجل - الطالب للوصول إليه لا يتقرب ويطلب الوصول إلى الله تعالى بالمشي فقط، بل تارة يكون بالمشي كالسير إلى المساجد ومشاعر الحج والجهاد في سبيل الله ونحوها، وتارة بالركوع والسجود ونحوهما،. الشرح وهذا فيه مشي ولا لأ؟الركوع والسجود مافيه مشي ولو كنتَ تمشي وأنتَ تركعُ يمكن تُكثِر المشيَ فتبطُل صلاتُكَ وفي السجود أيضًا غيرِ ممكنٍ المشي لأن الإنسانَ ثابتٌ. المتن وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، بل قد يكون التقرب إلى الله تعالى وطلب الوصول إليه والعبد مضطجع على جنبه كما قال الله تعالى"الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ"آل عمران 191. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب".البخاري قال: فإذا كان كذلك صار المراد بالحديث بيان مجازاة الله تعالى العبد على عمله، وأن من صدق في الإقبال على ربه وإن كان بطيئًا جازاه الله تعالى بأكمل من عمله وأفضل. وصار هذا هو ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية المفهومة من سياقه. وإذا كان هذا ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية، لم يكن تفسيره به خروجًا به عن ظاهره ولا تأويلاً كتأويل أهل التعطيل، فلا يكون حجة لهم على أهل السنة ولله الحمد. الشرح أفهمتم المعنى الثاني؟المعنى الثاني يقولون:إنَّ الحديثَ ليس ظاهِرُهُ أنَّ اللهَ تعالى يأتي ويقْرَبُ بدليل أن الإنسان الذي يتعبدُ إلى الله هل هو يمشي إلى الله في تعبده؟قد يكونُ وقد لايكون.قد يكونُ التعبدُ المشيَ ؛كالطوافِ والسعيِّ مثلاً ؛وقد يكونُ التعبدَ الاستقرارُ والسكونُ مثل الركوع والسجودِ ؛اركع حتى تطمئنَ راكعًا واسجُد حتى تطمَئنَ ساجِدًا.فهل نقولُ هذا الذي ركعَ أوسجَدَ أنَّهُ لم يتقربْ إلى اللهِ؟ولم يأتِ إلى الله؟ الجواب:بل تقربَ إلى اللهِ وأتى"أقربُ مايكونُ العبدُ من ربهِ وهوساجِدٌ".إذن فليس ظاهرُالحديثِ الإتيان َ الفعلي وإنما المرادُ به الإتيانُ المعنويُ وهوالإقبالُ على اللهِ- عزوجل- بالقلبِ والجوارحِ وعلى هذا فلا يكونُ فيه تأويلٌ.لايكونُ فيه التأويلَ الذي ذهبَ إليه أهلُ التعطيلِ. المتن وما ذهب إليه هذا القائل له حظ من النظر لكن القول الأول أظهر وأسلم وأليق بمذهب السلف. ويجاب عما جعله قرينة من كون التقرب إلى الله تعالى وطلب الوصول إليه لا يختص بالمشي بأن الحديث خرج مخرج المثال لا الحصر فيكون المعنى: من أتاني يمشي في عبادة تفتقر إلى المشي لتوقفها عليه بكونه وسيلة لها كالمشي إلى المساجد للصلاة أو من ماهيتها كالطواف والسعي. والله تعالى أعلم. الشرح ولهذا قلنا: إن تفسير الحديث بهذا المعنى لايخرج عن مذهب أهل السنة والجماعة ؛ ففيه قولان ؛ لكن ظاهر الحديث المشي والهرولة.
والقاعدة عند أهل السنة : أن الظاهر إذا كان غير مستحيل بالنسبة إلى الله ؛وجب حمله على الظاهر؛ وليس بمستحيل أن يمشي الله أو يأتي هَرولة. |
#66
|
||||
|
||||
*المثال الثالث عشر قوله تعالى"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا" يس 71. الشرح أهلُ التعطيل يقولون:إنكم أهلَ السُنةِ صرفتم هذه الآية َ عن ظاهرها فإذا سوَّلت لكم أنفسُكم أن تصرفوا هذه الآية َعن ظاهرها فلماذا تُنكرون علينا صرف الآيات الأخرى عن ظاهرها؟ وهل البابُ إلا واحدٌ؟. قلنا لهم:ما ظاهِرُها؟ قالوا:ظاهرها أنَّ اللهَ تعالى ما خلق الأنعام كالإبل بل خلقها بيده كما خلقَ آدمَ بيدهِ لأنه قال "مماعَمِلت أيدينا أنعامًا"فهوكقوله:"لِمَا خلقتُ بيدي". هكذا زعموا أن هذا ظاهِرُ الآيةِ.ونحنُ نقولُ ليس هذا ظاهرُ الآيةِ لوجهين:الوجه الأول. المتن والجواب: أن يقال: ما هو ظاهر هذه الآية وحقيقتها حتى يقال إنها صرفت عنه؟ هل يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام بيده كما خلق آدم بيده؟ أو يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام كما خلق غيرها لم يخلقها بيده لكن إضافة العمل إلى اليد والمراد صاحبها معروف في اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم. أما القول الأول فليس هو ظاهر اللفظ لوجهين: أحدهما: أن اللفظ لا يقتضيه بمقتضى اللسان العربي الذي نزل به القرآن، ألا ترى إلى قوله تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ"الشورى 30، وقوله: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" الروم 41، وقوله: "ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُم"آل عمران 182. فإن المراد ما كسبه الإنسان نفسه وما قدمه وإن عمله بغير يده بخلاف ما إذا قال: عملته بيدي كما في قوله تعالى"فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ"البقرة 79. فإنه يدل على مباشرة الشيء باليد. الشرح أظنُ الفرقَ بين الصيغتين ظاهرٌ؟ تقول:عملتُهُ بيدي فيقتضي مباشرته باليدِ.لكن بما كسبت أيدينا وما أشبه ذلك لايدلُ على أن المرادَ مباشرتُهُ باليدِ.ولهذا نقول:عملُ الناس هل هو باليد؟ اوباليد والرجْل والعين والأذن وغير ذلك من الجوارح؟. الثاني. ولهذا قوله تعالى"بما كسبت أيدي الناس","فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ",بما قدمت أيديكم"المُرادُ بما قدَّمتم؛ سواءٌ عملتموه باليدِ أوعملتموه بالرجل أوعملتموه بالأذن أو عملتموه بالعين أو عملتموه بالأنف أوعملتموه بالفم أوعملتموه بالرأس أو بالصدر أوبالظهر.تستقيم هذه الأمثلة أم ماتستقيم؟كلها تستقيم.عملتموه باليد بالبطش كالاعتداء على شخص بالضرب,بالرجل بالمشي كالمشي إلى الأشياء المحرمة أو الرَّكل بالرجل هذا عملٌ بالرجل.,بالعين:النظر المحرم, بالأذن:السماع المحرم, باللسان:الكلام المحرم, بالرأس عَفهُ برأسه,بالظهر: يُدبرعليه بظهره,الأنف:بالشم يشم الرائحة الطيبة من امرأةٍ لاتحِلُ له,كذلك أيضًا بالصدر:يرُصًّه بصدره مثلًا.على كل حال كلُ هذا ممكنٌ فالعمل لايختصُ باليد فقوله" بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ","فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ"," بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ"المرادُ إيش؟ بما كسبوا سواءٌ عن طريق اليد أو عن طريق الرجل أوغير ذلك.فهذه الصيغة لا تدلُ على مباشرةِ الشيءِ باليد خاصة ًبل تُضافُ إلى الإنسان؛ بل يُرادُ بها الإنسانَ نفسَه.فإذا قال قائلٌ:إذا كان المرادُ بها الإنسان نفسَهُ؛ فلماذا أضيفت إلى اليد؟ نقول لأن الغالب أن العملَ يكونُ باليدِ.الأعمالُ التي يُزاولها الإنسانُ أكثرُ مايكونُ باليدِ:الكتابة ُباليد,الربط ُباليد, الفكُ باليد,الصناعة ُباليد والأكلُ باليد وغيرُذلكَ.أكثرُ الأعمالِ تُزاولُ باليدِ فلهذا أُضيفت الأعمالُ إليها بِنَاءً على الغالبِ والكثرةِ.والتقييدُ بالأغلبِ والكثرةِ لايدل ُ على التخصيص. إذن نرجعُ إلى قوله تعالى" مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا"لم يقل:مماعَمِلنا بأيدينا".لوقال مما عملنا بأيدينا أنعاماً لكانَ اللهُ تعالى خلقها بيدهِ لكن قال" مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا" المعنى مماعملنا؛ فهو كقوله"مِمَّا خَلَقْنَا "نعم" لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا "الفرقان49 "فالمرادُ أنَّ هذه الأنعامَ عمِلها اللهُ-عزوجل-بنفسهِ يعني خلقها؛ وليس المعنى أنه عملها بيده أي خلقها بيده لأن هذا اللفظ َلايقتضيه في اللغةِ العربيةِ.
|
#67
|
||||
|
||||
المتن الثاني: أنه لو كان المراد أن الله تعالى خلق هذه الأنعام بيده لكان لفظ الآية: خلقنا لهم بأيدينا أنعامًا كما قال الله تعالى في آدم: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ"؛ لأن القرآن نزل بالبيان لا بالتعمية؛ لقوله تعالى "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء". الشرح نعم لو كانَ اللهُ تعالى يريدُ بقوله"مماعَمِلت أيدينا"أي مماخلقناه بأيدينا لكان يقول"مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا " ؛كقوله في آدمَ يُخاطبُ إبليس "مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ" ص: 75.والظاهرُ أن الأمرَ واضحٌ في هذا حينئذٍ نقولُ:نحنُ لم نُخرجْ الآية َعن ظاهرها. المتن وإذا ظهر بطلان القول الأول تعين أن يكون الصواب هو القول الثاني وهو: أن ظاهر اللفظ أن الله تعالى خلق الأنعام كما خلق غيرها؛ ولم يخلقها بيده لكن إضافة العمل إلى اليد كإضافته إلى النفس بمقتضى اللغة العربية، بخلاف ما إذا أضيف إلى النفس وعدي بالباء إلى اليد، فتنبه للفرق فإن التنبه للفروق بين المتشابهات من أجود أنواع العلم، وبه يزول كثير من الإشكالات. الشرح إذن أهلُ السُنةِ والجماعةِ لم يَخْرُجُوا بهذه الآيةِ عن ظاهرِ اللفظِ وحينئذٍ فلايكونُ فيها حجة ٌلأهلِ التعطيلِ على أهلِ السُنةِ. *إذا كان مدخولُ الباءِ هوآلة َالفعلِ؛عُدِّيَ بالباء,كتبتُ بيدي,قطعتُهُ بالسكين وما أشبهُ ذلك.أما إذا لم يكنْ هوآلةَ الفعل فإنه لايُعدّ بالباء.
|
#68
|
||||
|
||||
المتن *المثال الرابع عشر قوله تعالى"إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ"الفتح 10 الشرح هنا يقول:"إنَّ الذينَ يُبايعونكَ إنما يُبايعونَ اللهَ"قالوا إنَّ ظاهرَ اللفظِ ؛ أنَّ الناسَ يُبايعونَ اللهَ مباشرة ً"يدُ اللهِ فوقَ أيديهم"عند المبايعةِ؛ قالوا هذا ظاهرُاللفظِ.يقولُهُ مَنْ؟ المُعَطِلة.لماذا؟ لأجل أن يُلزمونا إمابالقولِ به وهو ممتنِعٌ ؛وإما بمخالفته وهوما يُريدونه منَّا.انتبهوا! يقولون:ظاهرُ اللفظِ أنَّ المبايعة َوقعت من المؤمنين للهِ مباشرة ؛ًوأنَّ يدَ اللهِ نفسِهِ فوقَ أيديهِم عند المبايعةِ.هذا هو ظاهرُ اللفظِ عندهم.يقولونَ هذا هو الظاهرُ لأجل أن يُلزمونابه ونحنُ لانلتزمُ بهذا.نقول:المؤمنون إنما بايعوا؛ مَنْ؟ الرسول-صلى الله عليه وسلم- ؛فيقولون:إذن صرفتم الآية َعن ظاهرها؛ فلماذا تُشنِعون علينا إذا صرفنا الآياتِ عن ظاهرها وأنتم تصرفون الآياتِ عن ظاهرها؟ هذه شُبهتهم والردُ عليهم: المتن والجواب: أن يقال: هذه الآية تضمنت جملتين: الجملة الأولى: قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ"الفتح 10. وقد أخذ السلف "أهل السنة" بظاهرها وحقيقتها، وهي صريحة في أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ؛كما في قوله تعالى: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ"الفتح 18. الشرح واضحٌ هذه؟"إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ "يُبايعونك ؛صريحٌ في المبايعةِ.المبايعة ُحصلت للرسول-صلى الله عليه وسلم-لقوله"لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ".فالمبايعة ُحقيقية ً ومباشرة ًلمَنْ؟للرسول صلى الله عليه وسلم ؛هذا أمرٌ لايُنكرُ.تبقى الجملة الثانية . المتن ولا يمكن لأحد أن يفهم من قوله تعالى: "إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ" الفتح 10 ؛ أنهم يبايعون الله نفسه، ولا أن يدعي أن ذلك ظاهرُ اللفظ لمنافاتِهِ لأول الآية ؛والواقع استحالته في حق الله تعالى. الشرح طيب ذكرَ ثلاثة َتعليلاتٍ: أولاً:"أنَّهُ مُنافٍ لأولِ الآيةِ" ويش أول الآية؟"إنَّ الذينَ يُبايِعونَكَ" والبيعة ُبيعة ٌواحدة ٌوقعت للرسول وليس لله-عزوجل-. ثانيًا:"لمُنافاتِه للواقع"لأن الواقِعَ أنَّ الصحابة َإنما بايعوا مَنْ؟ الرسولَ-صلى الله عليه وسلم- ولم يقل أحدٌ ولم يفهم أحدٌ أنَّ اللهَ-عزوجل-مدَّ يدَهُ إليهم ليُبايِعهم. ولهذا جاء الوجه الثالث:"استحالتَه ُ على الله-عزوجل-"فإنَّ ذلكَ مستحيلٌ لأننا لوقلنا إنهم يُبايعون اللهَ حقيقة ً؛لَزِمَ إما أن يرتفعوا إلى الله كما قال اللهُ تعالى في عيسى: "ورافِعُكَ إليَّ"وإما أنَّ اللهَ تعالى ينزلُ وكلا الأمرينِ مستحيلٌ.وبهذا عُرِفَ أنَّهُ ليس ظاهرَ الآيةِ كما زَعِمَ هؤلاءِ.وكلُّ هذه الآياتِ وأمثالِها؛كلُّها إنما يأتي بها هؤلاء لإلزام أهلَ السُنةِ والجماعةِ بأحدِ أمرين: إما أن يُؤوِّلوا وإما أن يُداهِنوا ويسكتوا عن هؤلاءِ الذين أوَّلوا النصوصَ وصرفوها عن ظاهِرِها. المتن وإنما جعل الله تعالى مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛مبايعة له؛ لأنه رسوله قد بايع الصحابةَ على الجهاد في سبيل الله تعالى، ومبايعة الرسول على الجهاد في سبيل من أرسله مبايعةٌ لمن أرسله؛ لأنه رسوله المبلغ عنه، كما أن طاعة الرسول طاعة لمن أرسله لقوله تعالى:"مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ". النساء 80 الشرح الآن مثلاً لو أنَّ المَلِكَ أرسلَ أُناسًا إلى البُلدان ليُبايِعوا عنهُ؛فإنَّ هؤلاءِ الرُسلَ الذين بايعوا أهلَ البلدان إذا بايعُهم الناس؛ فإنما بايعوا مَنْ؟ الملك.المبايعة ُالمباشِرة ُ لرُسلِهِ ولكنَّ حقيقتَها للملك.هذه نظيرُهذه.فهؤلاءِ بايعوا الرسولَ-عليه الصلاة والسلام-لأنَّ اللهَ- سبحانه وتعالى أمرَهُ أن يُبايِعَهُم أو أقرَّهُ على ذلكَ ؛فصارت مبايَعَتُهم للرسول-صلى الله عليه وسلم-مبايعة ٌلله-عزوجل-ولاتدلُ الآية ُأبدًا على أنهم بايعوا اللهَ مباشرة أبدًا؛ لما سبق من الوجوهِ الثلاثةِ:منافاة ُالآيةِ لأولها,ومخالفتُها للواقع ؛واستحالتُه ُ. المتن وفي إضافة مبايعتهم الرسولَ صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى من تشريف النبي صلى الله عليه وسلم وتأييده وتوكيد هذه المبايعة وعظمها ورفع شأن المبايعين ما هو ظاهر لا يخفى على أحد. الشرح مافيه شك في هذه الإضافةِ عدة ُفوائدٍ: أولاً-تشريفُ النبي-صلى الله عليه وسلم-:وجهُ ذلك أنَّ اللهَ جعلَ مبايعتَهُ أي مبايعة َالرسول-عليه الصلاة والسلام مبايعةًلله فهو-عليه الصلاة والسلام-كالنائبِ عنِ الله عزوجل وهذا ولاشكَ أنَّهُ تشريفٌ ؛كإضافةِ العبوديةِ الخاصةِ في مثلِ قولِهِ:"تباركَ الذي نزَّلَ الفرقانَ على عبدِهِ". ثانيًا- توكيدُ المبايعةِ وعِظَمِها لأنها وقعت لمَنْ؟ لله-عزوجل- ومعلومٌ أنَّ المبايعة َللهِ تقتضي توكيدُ الوفاءِ بها. ثالثًا-رفعُ شأنِ المبايعين أيضًا:ماهوَظاهرٌ لأنه إذا قيلَ لهذا الرجلِ:أنتَ الآنَ بايعتَ اللهَ-عزوجل-لاشكَ أنَّ فى هذا رفعًا لشأنِهِ وتشريفًا لهم. فهذا هو وجهُ قولِهِ تعالى:"إنما يُبايِعونَ اللهَ"فأضافَ المبايعة َلله لأنها وقعت من رسولِهِ المُبلِغِ عنه,ولِما فيها من التوكيد والتعظيم لهذه البيعةِ ورفعِ شأنِ المبايِعِين . المتن الجملة الثانية: قوله تعالى: "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم"الفتح 10. وهذه أيضًا على ظاهرها وحقيقتها، فإن يد الله تعالى فوق أيدي المبايعين؛ لأن يده من صفاته وهو سبحانه فوقهم على عرشه، فكانت يده فوق أيديهم. وهذا ظاهر اللفظ وحقيقتُه ؛وهو لتوكيد كون مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم مبايعة لله عز وجل، ولا يلزم منها أن تكون يد الله جل وعلا مباشرة لأيديهم، ألا ترى أنه يقال: السماء فوقنَا مع أنها مباينة لنا بعيدة عنا. فيد الله عز وجل فوق أيدي المبايعين لرسوله صلى الله عليه وسلم مع مباينته تعالى لخلقه وعلوه عليهم. الشرح تنبيهٌ مهمٌ:لأنه قد يُحتجُ به مَنْ يقولون بوحدةِ الوجودِ أو بالاتحادِ يقولون:إنما قولَهُ تعالى:"إنَّ الذين يُبايعونكَ إنما يُبايِعونَ اللهَ"إذن فالرسولُ هواللهُ"ويدُ اللهِ فوقَ أيديهم"قالوا:اللي فوق أيديهم يدُ الرسول فجعلوا يدَ الرسولِ يدًا للهِ وحينئذٍ يكونُ الرسولُ-صلى الله عليه وسلم-هوالله-عز وجل-نسألُ اللهَ العفوَ والعافية َهذا لا يُمكنُ أبدًا. المتن |
#69
|
||||
|
||||
*المثال الخامس عشر قوله تعالى في الحديث القدسي"يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني". الحديث. وهذا الحديث رواه مسلم في باب فضل عيادة المريض من كتاب البر والصلة والآداب رقم 43 ص1990 ،ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي، رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ ، يومَ القيامةِ : يا بنَ آدمَ ! مرِضتُ فلم تعُدْني . قال : يا ربِّ ! كيف أعودُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرِض فلم تعدْه . أما علمتَ أنَّك لو عدتَه لوجدتني عنده ؟ يا بنَ آدم ! استطعمتُك فلم تُطعمْني . قال : يا ربِّ ! وكيف أُطعِمُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّه استطعمك عبدي فلانٌ فلم تُطعِمْه ؟ أما علمتَ أنَّك لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي ؟ يا بنَ آدمَ ! استسقيتُك فلم تَسقِني . قال : يا ربِّ ! كيف أسقِيك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : استسقاك عبدي فلانٌ فلم تَسقِه . أما إنَّك لو سقَيْتَه وجدتَ ذلك عندي"رواه مسلم –كتاب البر والصلة. الشرح طيب هؤلاءِ ما قالوا ظاهرَ الحديثِ؟ ظاهرُ الحديثِ أنَّ اللهَ يمرضُ وأنَّ اللهَ يحتاجُ إلى الطعام ويحتاجُ إلى الشرابِ.قالوا:هذا ظاهرُالحديثِ فهل أنتم يا أهلَ السُنةِ تقولون - بهذا-؟ الجواب:لأ لكننا لانقولُ إنَّ هذا ظاهِرُ الحديثِ.لكن هم يقولون بل هذا ظاهرُ الحديثِ من أجل أن يُلزمونا بأننا أوَّلنا.وتأمل هذا الحديث فيه فوائدٌ عظيمة أولًا: أنَّ اللهَ تعالى قال"يا ابن آدم مرضتُ فلم تعدني" قال:يارب كيفَ أعودكَ وأنتَ ربُ العالمين؟ما قال: كيفَ تمرضُ وأنتَ ربُ العالمين؟ وهذا من بابِ الأدبِ لأن المرضَ ليس من شأنِ العائدِ.اللي من شأن العائدِ وفعلِهِ هوالعيادة فلهذا قال:كيف أعودَك وأنتَ ربَ العالمين.يعني فأنتَ لستَ بحاجةٍ إليَّ ففعلي هذا لا تحتاجُ إليهِ فهو إنما دافعَ هذا الرجلُ دافَعَ عن فعلهِ هو عن نفسِهِ وما يُمكن أن يكون تقصيرًا له.كذلك في الاستطعام قال"استطعمتُكَ فلم تُطعمني" قال:يارب وكيفَ أُطعمُكَ وأنتَ ربُ العالمين؟ ولم يقل: يارب كيف تستطعِمُني وأنتَ ربُ العالمين؟ ولكن قال: كيف أُطعمُكَ وأنتَ ربُ العالمين؟ فدافع عن فعله لاعن أنَّ اللهَ تعالى يستطعم.يقول "يا ابن آدم استسقيتك فلم تُسقني"قال:يارب كيف أُسقيكَ وأنت ربُ العالمين؟ فدافع أيضًا عن فعل نفسه.وقد يُقالُ إنه عَدَّلَ عن قوله كيف تمرض؟ كيف تحتاجُ إلى طعام؟ كيفَ تحتاجُ لشرابٍ لأنَّ هذا أمرٌ معلومٌ لأنه مستحيلٌ على الله عز وجل لكن العِيادة َوالإطعامَ والسَّقيَ مستحيلٌ ولاَّ غيرُ مستحيلٍ؟غير مستحيلٍ بالنسبةِ لفعلِ الفاعلِ فدافعَ عنه.ثم تأمل الحديثَ في المرضِ: قال"لوعدتَهُ لوجدتني عنده". في الطعام: قال "لوأطعمتَهُ لوجدتَ ذلك عندي". في السَّقي:قال "لوسقيتَهُ لوجدتَ ذلك عندي". لماذا فَرَقَ؟ لأن المريضَ يكونُ في حالِ ضعفٍ وفي حال انكسارٍ واللهُ-سبحانه وتعالى-عندَ المُنكَسِرَةِ قلوبُهم عندَ الضعفاءِ فلهذا كانَ اللهُ تعالى عندَ المريضِ أما الطعام والشراب فإنَّ الطعامَ والشرابَ إنفاقٌ؛ والإنفاقُ يجدهُ الإنسانُ عندَاللهِ-عزوجل-"مثلُ الذينَ يُنفِقونَ أموالَهُم في سبيلِ اللهِ كمثلِ حبةٍ أنبتت سبعَ سنابلَ في كلِ سُنبلةٍ مئة ُحبةٍ" نعم نرجع الآن إلى الردعلى هؤلاءِ المتن والجواب: أن السلف أخذوا بهذا الحديث ولم يصرفوه عن ظاهره بتحريف يتخبطون فيه بأهوائهم، وإنما فسروه بما فسره به المتكلم به، فقوله تعالى في الحديث القدسي: "مرضت واستطعمتك واستسقيتك" بينه الله تعالى بنفسه حيث قال: "أما علمت أن عبدي فلان مرض، وأنه استطعمك عبدي فلان. واستسقاك عبدي فلان". وهو صريح في أن المرادَ به مرضُ عبد من عباد الله، واستطعام عبد من عباد الله، واستسقاء عبد من عباد الله، والذي فسره بذلك هو الله المتكلم به وهو أعلم بمراده، فإذا فسرنا المرض المضاف إلى الله والاستطعام المضاف إليه والاستسقاء المضاف إليه، بمرض العبد واستطعامه واستسقائه لم يكن في ذلك صرف الكلام عن ظاهره؛ لأن ذلك تفسير المتكلِّم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداءً. وإنما أضاف الله ذلك إلى نفسه أولاً ؛للترغيب والحثِ عليه كقوله تعالى "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ" البقرة 245 الشرح مع أنَّ الذي يتصدق هل هو يُقرضُ الله؟ لأ إنما يُعطي الفقير لكن سماهُ اللهُ تعالى إقراضًا له من باب الترغيبِ والحثِ وبيان أنَّ هذا لابدَ أن يُثابَ عليه كالمُقرِض لابدَ أن يُوفَى.الحاصلُ أننا نحن إذا قلنا المرادُ بمرضتُ أي مَرِضَ عبدي واستطعمتُك أي استطعمَكَ عبدي واستسقيتُكَ أي استسقاكَ عبدي إذا قلنا بهذا فهل نحنُ أوَّلنا الحديثَ؟ أو نحنُ قلنا بما فسَرَهُ به مَنْ تكلمَ به؟ الثاني. وإذا قلنا بما فسرهُ المتكلمُ فكأنما قلنا بكلامٍ ابتدائي أي لو ابتدأ اللهُ وقال "مرِضَ عبدي فلم تُعِدهُ,استطعمكَ عبدي فلم تُطعِمْهُ واستسقاكَ فلم تُسْقِهِ"لوكنا نقولُ بهذا.إذن مادامَ فَسَرَ مرضتُ واستطعمتُكَ واستسقيتُك بمعنى مَرِضَ عبدي واستطعمَكَ واستسقاكَ؛ فنحنُ لم نُخرجْ الحديثَ عن معناه الذي أرادَهُ به المتكلم. المتن وهذا الحديث من أكبر الحجج الدامغة لأهل التأويل الذين يحرفون نصوص الصفات عن ظاهرها بلا دليل من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما يحرفونها بشبه باطلة هم فيها متناقضون مضطربون. إذ لو كان المراد خلاف ظاهرها كما يقولون لبينه الله تعالى ورسوله، ولو كان ظاهرُها ممتنعًا على الله - كما زعموا - لبينه الله ورسوله كما في هذا الحديث. ولو كان ظاهرها اللائق بالله ممتنعًا على الله لكان في الكتاب والسنة من وصف الله تعالى بما يمتنع عليه ما لا يحصى إلا بكُلْفَة، وهذا من أكبر المحال. الشرح نقول هذا الحديث دليلٌ دامغٌ وحُجة ٌ ظاهرة ٌ على هؤلاءِ المُحرِّفين لنصوصِ الكتابِ والسُنةِ في بابِ الصفاتِ.لأننا نقول:لوكانَ المُرادُ خِلافَ ظاهرِها لبيَّنَهُ اللهُ كما بيَّنهُ في هذا الحديثِ.هذا الحديث لما كانَ المُرادُ غيرَظاهرهِ بيَّنهُ الله-عزوجل-ولوكان ظاهِرُهُ ممتنعًا على اللهِ كما زعموا لبيَّنَهُ اللهُ ورسولُهُ كما في هذا الحديثِ.فاليدُ مثلاً يقولون:يمتنِعُ أن يكون لله يد الحقيقية.نقول:لوكان هذا ممتنعًا لبيَّنهُ اللهُ لِئَلا نعتقدَ فيهِ ماهو ممتنعٌ.طيب وإذا قلنا:إنَّ ظاهِرَها خِلافُ المعنى اللائقُ باللهِ وهو الاحتمالُ الثالث.لوقلنا:إنَّ ظاهِرَها ممتنِعٌ على اللهِ لكان في الكتابِ والسُنةِ مِنْ وصفِ اللهِ بما يمتنعُ عليه مالا يُحصى إلابكلفَةٍ صح ولا لأ؟ لأن الصفاتِ التي في الكتابِ والسُنةِ كثيرة فإذا قلنا أن بظاهرِها ممتنعٌ؛صارَ في الكتابِ والسُنةِ مما يمتنعُ على اللهِ الشيءُ الكثير.مثلاً الاستواء بمعناه الحقيقي ممتنعٌ اليد بمعناها الحقيقي ممتنعة ٌ الوجهُ ممتنعٌ الرضا ممتنعٌ وهكذا بقيةُ الصفاتِ إذن في الكتابِ والسُنةِ مِنْ ذِكرِ ماهو ممتنعٌ على اللهِ ونُسِبَ إليهِ ما هوكثيرٌ وهذا بلاشكٍ ظاهرُ البُطلانِ.كلُ مَنْ تأمله يعلمُ أنه باطلٌ ومن أبطلِ الباطلِ. المتن ولنكتف بهذا القدر من الأمثلة لتكون نبراسًا لغيرها، وإلا فالقاعدة عند أهل السنة والجماعة معروفة، وهي إجراء آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
وقد تقدم الكلام على هذا مستوفى في قواعد نصوص الصفات. والحمد لله رب العالمين. |
#70
|
||||
|
||||
الخاتمة إذا قال قائل قد عرفنا بطلان مذهب أهل التأويل في باب الصفات، ومن المعلوم أن الأشاعرة من أهل التأويل فكيف يكون مذهبهم باطلاً وقد قيل: إنهم يمثلون اليوم خمسة وتسعين بالمائة من المسلمين؟! الشرح نعم قيل هذا.كتبَ بعضُ الناسِ كتابًا نُشِرَ في الصحفِ يتكلم عن مذهبِ الأشاعِرةِ وأنَّهُ من مذهبِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ وأنَّ أهلَ السُنةِ والجماعةِ ينقسِمون إلى قسمينِ: مُفوِّضةٍ ومؤوِّلةٍ . فالمُفوِّضة:الذين يقولون:اللهُ أعلمُ بما أرَادَ ويسكتون. والمؤولة:الذين يُحرِفون النصوصَ. ويقول: أن المؤوِّلة ومنهم الأشاعرة بل قال:إنَّ الأشاعرة يُمثلونَ اليومَ خمسة ًوتسعينَ بالمئةِ من المسلمين يعني مابقي على مذهبِ السلفِ إلا خمسة بالمئةِ فقط والباقون كلُهُم أشاعرة.ومعلومٌ أنَّ هذا الكلام في الحقيقةِ ماهو صحيحٌ كما سيأتي إن شاءَ اللهُ تعالى. المتن وكيف يكون باطلاً وقدوتهم في ذلك أبو الحسن الأشعري؟ وكيف يكون باطلاً وفيهم فلان وفلان من العلماء المعروفين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؟ الشرح كم الأسئلة الآن الأسئلة ثلاثة : الأول:كيف نقول إن الأشاعرة َمذهبُهُم باطلٌ مع أنهم يُمثلون اليوم95 %. ثانيا:كيف نقول إنَّ مذهَبَهُم باطلٌ وقدوتَهم أبو الحسن الأشعري؟ ثالثاً:كيف نقول إنَّ مذهبَهُم باطلٌ وفيهم فلانٌ وفلانٌ من العلماء؟ ولم نُعين أسماءهم لأنهم معروفون.يوجد من الأشاعرة من العلماء الناصحين المعروفين بالصِدقِ والإخلاصِ ونفْعِ المسلمين ماهو ظاهرٌ ؛كالنووي-رحمه الله-مثلا. النووي لاشكّ أنَّ الرجلَ عالمٌ مُخلصٌ نفع اللهُ بعلمِهِ ولهذا ما أكثرُ الذين يعتبرون قولَهُ وينقلونَهُ ويحتجون به وهوكذلك-رحمه الله-لكن مع هذا فى باب الصفاتِ صار مُخطِئًا فيها-رحمه الله وعفا عنه-. كيف نقول إنَّ الأشاعرة َمَذهَبُهُم باطلٌ وفيهم مثلُ هذا الرجل؟واضحٌ؟ لأن بعضَ الناسِ يحتجُ بالرجالِ على الحق ؛والواجب أن نحتجَ بالحقِ على الرجال.وما هو بالرجال على الحق. المتن قلنا: الجواب عن السؤال الأول: أننا لا نسلم أن تكون نسبة الأشاعرة بهذا القدر بالنسبة لسائر فرق المسلمين، فإن هذه دعوى تحتاج إلى إثبات عن طريق الإحصاء الدقيق. ثم لو سلمنا أنهم بهذا القدر أو أكثر فإنه لا يقتضي عصمتَهم من الخطأ؛ لأن العصمة في إجماع المسلمين لا في الأكثر. ثم نقول: إن إجماع المسلمين قديمًا ثابت على خلاف ما كان عليه أهل التأويل، فإن السلف الصالح من صدر هذه الأمة "وهم الصحابة" الذين هم خير القرون والتابعون لهم بإحسان وأئمة الهدى من بعدهم كانوا مجمعين على إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات، وإجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وهم خير القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم، وإجماعهم حجة ملزِمة؛ لأنه مقتضى الكتاب والسنة، وقد سبق نقل الإجماع عنهم في القاعدة الرابعة من قواعد نصوص الصفات. الشرح إذن الجواب على هذا السؤال من ثلاثةِ أوجُهٍ: أولاً:المنع؛ يعني أننا نمنع أنَّ يكونَ نسبة ُالأشاعِرةِ إلى المسلمين خمسة ٌوتسعُون في المئةِ .ووجهُ المنعِ أن نقولَ:هل أُجرِيَت إحصائيةٌ ؟ الجواب:لأ؛ لكن هذا وَهْمُهُ.توهمَ أنَّ نسبة الأشاعرةِ إلى المسلمين خمسة ٌوتسعُون في المئةِ ؛وهذا لايُسلَّم. ثانيًا: لوسلمنا جدلاً على أنهم بهذا القدرِأنهم خمسة ٌوتسعُون في المئةِ في الوقتِ المعاصر فهل هذا يقتضي عصمتَهُم من الخطأ؟ لأ. العِصمَة في إيش؟في الإجماعِ أما قولُ الأكثر فقد يكون هو الخطأ وقولُ الأقلِ هو الصوابُ كما في هذه المسألةِ لاشك أنه وإن كان من الأشاعرة خمسة ٌوتسعُون في المئةِ فإنَّ قولَ الـ الخمسة في المئة هو الصوابُ الموافِقُ لمذهبِ السلفِ. ثالثًا:إذا كانوااليوم كما تزعُمونخمسة ٌوتسعُون في المئةِ فإنهم في صدرِسلف الأمةِ ليسوا بشيءٍ لأنَّ سلفَ الأمةِ مُجمِعون على خلافِ مذهبِ الأشاعرة ؛وإجماعُ السلفِ الصالحِ حجة ٌ مُلزِمَة ٌ.فكان على الأشاعرةِ وعلى غيرِهِم ممن خالفوا هذا المذهب أن يرجِعوا إلى ما أجمَعَ عليهِ الصحابة ُ والتابعون لهم ومَن تبِعَهُم بإحسانٍ من أئمةِ الهُدى. واضح الآن؟ فالأجوبة صارت ثلاثة: أولًا"المنع" وحجة ُالمنعِ أنَّهُ لم يُجْرِ إحصائية .ماطافَ في البُلدان الإسلاميةِ كلِها ونظر. ثانيًا "التسليم"ولكن نمنعُ أن يكونَ كثرَتُهُم دليلاً على الصوابِ لأن الصواب إنما يكونُ في الإجماعِ. ثالثًا:أن نقول:هب أنهم خمسة ٌوتسعُون في المئةِ الآن لكنهم ليسوا بشيءٍ في صدرِ سلفِ الأمةِ لَم يوجد هذا المذهب ُ أصلًا . فالإجماع في صدرِ سلفِ هذه الأمةِ على خِلافِ ماكان عليهِ الأشاعرة ُفي بابِ الأسماءِ والصفاتِ. بهذا بَطُلَ تعَلُقُهُ الذي تشبثَ به في سؤالهِ الأولِ واللهُ أعلمُ. المتن والجواب عن السؤال الثاني: أن أبا الحسن الأشعري وغيره من أئمة المسلمين لا يدعون لأنفسهم العصمة من الخطأ، بل لم ينالوا الإمامة في الدين إلا حين عرفوا قدر أنفسهم ونزلوها منزلتها وكان في قلوبهم من تعظيم الكتاب والسنة ما استحقوا به أن يكونوا أئمة، قال الله تعالى: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ"السجدة 24. وقال عن إبراهيم: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شَاكِرًا لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"النحل 120-121 الشرح حاصلُ هذا الوجهِ؛ أن نقول نعم ليسوا من أهلِ السُنةِ والجماعةِ ؛حتى لو انتسبوا لأبي الحسن الأشعري؛ لأن أبا الحسنِ الأشعري وغيرهِ من الأئمةِ لايدَّعون لأنفسِهِم العصمة َ؛ وهم أيضًا ليسوا معصومين . .بل لو ادعى أحدٌ العصمة َلنفسهِ ؛ لكان ادعاؤه العِصمة َهوأولَ خطأٍ أخَطأهُ ؛ لأنه يكونُ معصوماً من الخطأِ أبدًا إلا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ تعالى منَ الرُسُل؛ أما غيرُهم فكلٌ مُعرَّضٌ للخطأِ. فنقولُ أولاً:حتى وإن كانوا أتباعَ أبي الحسنِ الأشعري فلا مانع أن نقول:إنهم مُخطِئون وهوأيضًا مُخطِئٌ ؛وليس هومعصومًا.و لايدَّعِي العصمة َفيمايقولُ ؛وماكان إمامًا إلاحينَ عَرِفَ قدرَ نفسِهِ؛ وصارَ مُتَبِعًا للكتابِ والسُنةِ.ومَنْ عَرِفَ قدرَ نفسِهِ عَرِفَ الناسُ قدرَهُ.فإذا عرفَ الإنسانُ قدرَ نفسِهِ وأنَّهُ غيرُ معصومٍ وأنَّهُ كغيرِهِ من البشرِ يُخطِئُ ويُصيبُ حينئذٍ يعرفُ الناسُ قدرَهُ. ونقولُ ثانيًا:هؤلاء الذين يدَّعونَ أنهم أتباعٌ لأبي الحسن الأشعري لم يتبعوه حقيقة َالاتباعِ؛ولا اتبعوه الاتباع الحسنِ؛ لماذا؟ لأنّ أبا الحسنِ الأشعري كان له ثلاثُ مراحلٍ في عمرهِ: كان معتزِليًّا ثم بَيْنَ المعتزلةِ والسُنةِ ثم سُنيًّا.وأتباعه اتبعوه في وسط أمره.ومقتضى الاتباعِ الحسن ؛أن يتبعوهُ في آخرِ أمرهِ ؛لأن هذا هو الذي استقرَ عليه. المتن ثم إن هؤلاء المتأخرين الذين ينتسبون إليه لم يقتدوا به الاقتداء الذي ينبغي أن يكونوا عليه، وذلك أن أبا الحسن كان له مراحل ثلاث في العقيدة: المرحلة الأولى: مرحلة الاعتزال: اعتنق مذهب المعتزلة أربعين عامًا يقرره ويناظر عليه، ثم رجع عنه وصرح بتضليل المعتزلة وبالغ في الرد عليهم. المرحلة الثانية: مرحلة بين الاعتزال المحض والسنة المحضة سلك فيها طريق أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب. قال شيخ الإسلام ابن تيميه ص471 من المجلد السادس عشر من مجموع الفتاوى؛ لابن قاسم "والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية أخذوا من هؤلاء كلامًا صحيحًا ومن هؤلاء أصولًا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة". أهـ. المرحلة الثالثة: مرحلة اعتناق مذهب أهل السنة والحديث مقتديًا بالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما قرره في كتابه: "الإبانة عن أصول الديانة" وهو من آخر كتبه أو آخرُها. قال في مقدمته: "جاءنا - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بكتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، جمع فيه علم الأولين، وأكمل به الفرائض والدين، فهو صراط الله المستقيم، وحبلُهُ المتين، من تمسك به نجا، ومن خالفه ضل وغوى وفي الجهل تردى، وحث الله في كتابه على التمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فقال عز وجل: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"الحشر 7. إلى أن قال: فأمرهم بطاعة رسوله كما أمرهم بطاعته، ودعاهم إلى التمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما أمرهم بالعمل بكتابه، فنبذ كثير ممن غلبت شقوته، واستحوذ عليهم الشيطان، سنن نبي الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم، وعدلوا إلى أسلاف لهم قلدوهم بدينهم ودانوا بديانتهم، وأبطلوا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفضوها وأنكروها وجحدوها افتراءً منهم على الله "قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ". ثم ذكر - رحمه الله - أصولاً من أصول المبتدعة، وأشار إلى بطلانها ثم قال: "فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة، والجهمية، والحرورية، والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون؟ قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا - عز وجل - وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمدُ بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل" ثم أثنى عليه بما أظهر الله على يده من الحق وذكر ثبوت الصفات، ومسائلَ في القدر، والشفاعة، وبعض السمعيات، وقرر ذلك بالأدلة النقلية والعقلية. والمتأخرون الذين ينتسبون إليه أخذوا بالمرحلة الثانية من مراحل عقيدته، والتزموا طريق التأويل في عامة الصفات، ولم يثبتوا إلا الصفات السبع المذكورة في هذا البيت: حي عليم قدير والكلام له إرادة وكذاك السمع والبصر الشرح كما قلنا سابقًا طريقة َالتأويل قلنا ذلك من باب التنزل معهم فسموا أنفسَهُم أهلَ التأوِّيل ِوإلا فالحقيقة أنَّ هذا تحريفٌ .تحريفُ الكلم عن مواضِعِهِ لأنَّهُ لايَصدُقُ عليهِ التأويل.التأويل لابدَ فيهِ من قرينةٍ ودليلٍ ظاهرٍ فإن لم يكن فهو تحريفُ معاني النصوصِ إلى ما يُريدون وإنما ذلكَ تحريفٌ محضٌ ولهذا فنحنُ إذ سميناهم أهلَ التأويلِ فإنَّ ذلكَ من بابِ التنزُلِ معهم على تسميتهم وإلافإنهم أهلُ تحريفٍ إذ لا دليلٍ على ما ذهبوا إليه.والتأويل في لغةِ القرآن الكريم إما تفسير وإما المعاني.أما صرف اللفظِ عن ظاهرهِ فإن كان بدليلٍ فهو تفسيرٌ وإن كان بغيرِ دليلٍ فهوتحريفٌ. ................................ انتهى الشريط السابع
__________________
|
|
|