|
#1
|
||||
|
||||
صحيح نفحات شهر الله المحرم
بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام الحافظ محمد بن عيسى بن سَوْرَةَ الترمذيّ في سننه : حدثنا محمد بن بَشَّارٍ ، قال : حدثنا أبو عارٍ العَقَدِيُّ ، قال حدثنا سليمانُ بن سُفيانَ المدِينيُّ ، قال : حدثني بلالُ بن يحيى بن طلحةَ بن عُبيدِ اللهِ ، عن أبيه ، عن جَدِّه طلحةَ ابن عُبيدِ اللهِ ؛ أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كان إذا رأى (1) الهلالَ قال : " اللهم أَهْللهُ علينا باليمنِ (2) والإيمان (3) ، والسلامةِ (4) والإسلام (5) ، ربي وربُّكَ اللهُ (6) " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 45 ) ـ كتاب : الدعوات / ( 51 ) ـ باب : ما يقول عند رؤية الهلال / حديث رقم : 3451 / ص : 784 / صحيح . ( 2 ) " أهلله علينا باليمن " : أي أطلعه علينا مقترنًا بالبركة . ( 3 ) " والإيمان " : أي بدوام الإيمان . ( 4 ) " والسلامة " : أي ـ السلامة عـن كل مضرة وسوء . ( 5 ) " والإسلام " : أي بدوامه . ( 6 ) " ربي وربك الله " : لما توسل به ـ أي بالهلال ـ لطلب اليمن والإيمان ، دل على عظم شأن الهلال ، فقال : " ربي وربك الله " تنزيهًا للخالق أن يُشارك في تدبير ما خلق . تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي / ج : 8 / كتاب : الدعوات / باب : ما يقول عند رؤية الهلال / ص : 451 / بتصرف . تقديم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } .سورة آل عمران آية : 102 . { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجالاً كَثِبرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } .سورة النساء آية : 1 . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكمْ ذُنوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } .سورة الأحزاب آية : 70 ، 71 . أما بعد : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُهَا وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ . وبعد : من نعم ربنا علينا أنه جعل لنا في أيام دهره نفحات يعيها كل ذي عقل فطن حذر . * قال صلى الله عليه وسلم " افعلوا الخيرَ دهركم ، وتعرضوا لنفحاتِ رحمة الله ، فإن لله نفحاتٍ من رحمته ، يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتِكم ، وأن يؤمَّن رَوعاتِكم " . أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في سلسلة ونظرًا لأهمية اغتنام هذه الفرص العظيمة والتي تعتبر من الهبات العظيمة التي تعين على الانتفاع بالأعمار القصيرة ، والأنفاس المحدودة المعدودة نقف مع بعض هذه النفحات ، فقد مرت علينا خير أيام الدهر ( العشر من ذي الحجة ) ، وها نحن نقترب من شهر الله المحرم .الأحاديث الصحيحة / ج : 4 / حديث رقم : 1890 / ص : 511 . لله دَرَّ هذا الشهر العظيم الذي يحوي يومًا عظيمًا ؛ كم فيه من الدروس والعبر تستحق أن يكون لكل مسلم معها وقفات وعظات ! لذا كان العزم على تجميع بُحَيْث فيما صح في شهر الله المحرم والتنبيه على ما يخصه من الأخطاء العقدية لنعبد الله على بصيرة . |
#2
|
||||
|
||||
إضافته إلى الله * قال الإمام مسلم في صحيحه : حَدَّثنِي قتَيْبَه بْنُ سَعِيدٍ ، قال : حَدَّثنَا أَبُو عَوَانَة ، عَنْ أبي بشْرِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَريِّ عَنْ أبي هُرَيْرَة ـ رضي اللهُ عنهُ ـ قالَ : قال رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أفضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ ، وأفضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَريضَةِ ، صَلاةُ اللَّيْلِ " . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 38 ) ـ باب : فضل صوم المحرم / حديث رقم : 202 ـ ( 1163 ) / ص : 280 . قال السيوطي في " شرح سنن النسائي : 1613 :" قالَ الْحَافِظ أبُو الْفَضْل الْعِرَاقِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ : مَا الْحِكْمَة فِي تسْمِيَة الْمُحَرَّم شَهْر الله وَالشُّهُور كُلِّهَا للهِ ؟ ! يَحْتَمِل أنْ يُقال : إنَّهُ لمَّا كَانَ مِنْ الأشْهُر الْحُرُم الَّتِي حَرَّمَ الله فِيهَا الْقِتَال ، وَكَانَ أوَّل شُهُور السَّنَة أُضِيفَ إلَيْهِ إضَافة تَخْصِيص وَلَمْ يَصِحّ إضَافة شَهْر مِنْ الشُّهُور إلى الله ـ تَعَالى ـ عَنْ النَّبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلاَّ شَهْر الله الْمُحَرَّم . ا . هـ . * * * * * شهر الله المحرم من الأشهر الحرم * عن أبي بكرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات : ذو الْقَعْدة وذو الحجة والمحرم ورجبُ مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وشعبان " . صحيح البخاري / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 8 ) ـ باب : قوله : " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا ... / حديث رقم : 4662 / ص : 550 / طبعة : دار ابن الهيثم . قال تعالى { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } . سورة التوبة / آية : 36 . * * * * * الاستقامة الاستقامة: يراد بها التمسك بالإسلام عقيدة وعملاً وسلوكًا وفي هذا الزمن اشتهر مصطلح الالتزام للتعبير به عـن الاستقامة على الدين . الالتزام :هو ملازمة الشيء والمداومة عليه ولا مشاحة في الاصطلاح إذا عرف ، إلا أن التعبير بالاستقامة هو الأفضل لأنه المصطلح الشرعي الوارد في كلام الله تعالى وكلام رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . أمر الله تعالى نبيه بالاستقامة ، وهو أمر له عليه الصلاة والسلام ، ولأتباعه فقال جل من قائل : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .سورة هود / آية : 112 . وقال سبحانه وتعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَ اسْتَقَامُوا فَـلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } . سورة الأحقاف / آية : 13 ، 14 . قال الشيخ / عبد الرحمن السعدي في تفسيره أي : إن الذين أقروا بربهم وشهدوا له بالوحدانية والتزموا طاعته وداوموا على ذلك ، و " اسْتَقَامُوا" مدة حياتهم "فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ "من كل شر أمامهم ، "وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " على ما خلفوا وراءهم . " أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ" أي :أهلها الملازمون لها الذين لا يبغون عنها حولاً ولا يريدون بها بدلاً "خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " من الإيمان بالله المقتضي للأعمال الصالحة التي اسقاموا عليها . ا . هـ . وكذلك حض ووصى صلى الله عليه وسلم على الاستقامة قال ابن ماجه عن شهاب ، عن محمد بن عبـد الرحمن بن ماعز العامري ، أن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال : " قل ربي الله ثم استقم " قلت : يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي ؟ فأخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلسان نفسه ثم قال " هذا " . سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 36 ) ـ كتاب : الفتن / ( 12 ) ـ باب :كف اللسان في الفتنة / حديث رقم : 3972 / التحقيق : صحيح / ص : 656 . قال صاحب تحفة الأحوذي شرح الترمذي في كتاب : الزهد عن رسول الله / باب : ما جاء في حفظ اللسان : هو لفظ جامع لجميع الأوامر والنواهي ، فإنه لو ترك أمرًا أو فعل منهيًا ، فقد عدل عن الطريق المستقيمة حتى يتوب ، ومنه قوله تعالى{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا... } (1)فإن من رضي بالله ربًا يؤدي مقتضيات الربوبية ويحقق مراضية ويشكر نعماءه . ا . هـ . ( 1 ) تمام الآية : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } .سورة فصلت / آية : 30 وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في مدارج السالكين : الاستقامة : " كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد .. وهي تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات " . ا . هـ . الأصل في الإنسان الهداية وحب الخير فقد خلق الله الناس لعبادته قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}.سورة الذاريات آية : 56 . وجعل نفوسهم مفطورة على ذلك وحبب إليهم الإيمان وخصال الخير وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، قال تعالى { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ }. سورة الحجرات / آية : 7 . قال أبو داود في سننه : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس من جدعاء " قالوا : يارسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير ؟ قال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ أول كتاب السنة / ( 18 ) ـ باب :في ذراري المشركين / حديث رقم : 4714 / التحقيق : صحيح / ص : 852 . لماذا سمي المحرم بهذا الاسم ؟ ** موقع شهر الله بين الشهور العربية ! المُحَرِّم أو شهر الله المحرم ، هو الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري فأشهر السنة الهجرية هي : المحرم / صفر / ربيع أول / ربيع ثان / جمادى الأولى / جمادى الثانية / رجب / شعبان / رمضان / شوال / ذو القعدة / ذو الحجة . منها أربعة حُرم " المحرم / رجب / ذو القعدة / ذو الحجة " . هل شهر الله المحرم هو تاريخ الهجرة الفعلي ؟ نجيب على هذا السؤال من خلال : مقطتفات من درر ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 7 / ص : 314 / ( 63 ) ـ كتاب : مناقب الأنصار / ( 48 ) ـ باب : التاريخ . من أين أرخوا التاريخ ؟ / شرح حديث رقم : 3934 . ** قال البخاري في صحيحه :حدثنا عبد الله بن مسلم ، قال : حدثنا عبد العزيز ، عن أبيه عن سهل بن سعد قال : ما عَدُّوا من مَبْعَثِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا مِن وفاته ما عَدُّوا إلاَّ من مَقْدَمِهِ المدَينةَ . المقطتفات وذكروا في سبب عمل عمر التاريخ أشياء : منها ما أخرجهُ أبو نُعَيم الفضل بن دُكَيْن في تاريخه ومن طريقه الحاكم من طريق الشَّعبِيّ " أنَّ أبَا موسى كَتَبَ إلى عمر : إنَّهُ يَأتِينَا مِنْك كُتُب ليس لها تاريخ ، فَجَمع عُمر الناس ، فقال بعضهم : أرخ بالمبعث ، وبعضهم أرخ بالهجرة ، فقال عمر : الهجرة فرَّقت بين الحق والباطل فأرخوا بها ، وذلك سنة سبع عشرة . فلما اتفقوا قال بعضهم اِبدءوا برمضان فقال عمر : بل بالمحرم فإنه منصَرف الناس من حجهم ، فاتفقوا عليه " وَرَوَى أحمد وأبو عروبة في " الأوائل " والبخاريّ في " الأدب " والحاكم من طريق ميمون بن مِهران قال رُفع لعمر صكَّ محِلّه شَعبان فقال : أيّ شَعبان ؛ الماضِي أو الَّذي نحنُ فيه ، أو الآتي ؟ ضعوا للناس شيئًا يعرِفُونهُ فذكر نحو الأول . وروى ابن أبي خيمة من طريق ابن سيرين قال " قَدِمَ رجل من اليمن فقال : رأيت باليمنِ شيئًا يُسمُّونهُ التاريخ يكتُبُونَهُ من عام كذا وشهر كذا ، فقال عمر : هذا حَسَن فأرَّخُوا ، فقال عمر : أرخُوا من خُرُوجه من مكَّة إلى المَدِينَة . ثم قال : بأيِّ شَهر نبدَأ ؟ فقال قوم : مِن رَجَب ، وقال قائل : مِن رمَضَان ، فقال عثمان : أرِّخُوا المحرم فإنَّهُ شَهر حرَام وهو أوَّل ومُنصَرَف الناس من الْحَجّ ، قال وكان ذلك سَنة سَبع عشرة ـ وقيل : سنة ست عشرة ـ في ربيع الأوَّل " . فاستَفَدْنَا من مجموع هذه الآثار أن الذي أشار بالمحرم عمر وعثمان وعليّ ـ رضي الله عنهم ـ . ا . هـ . * * * * * يستخلص مما سبق التقويم الهجري بدأ في عهد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وليس في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وكان ذلك سنة سبع عشرة ـ وقيل : سنة ست عشرة ـ هجرية . والسنة كانت معروفة عند الناس يعني يقولون ، ولد رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عام الفيل ، ولم يكن للسنة رقم . وكذلك كانت الشهور معروفة . لما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية احتيج لتقويم لمعرفة تواريخ الأوامر والقرارات والأسبق منها وَذَكَرُوا في سَبب عَمَل عمر التاريخ أشياء . رُفِعَ لعمر صَكَّ مَحِلّه شعبان فقال : أيّ شعبان ؛ الماضي أو الذي نحن فيه ، والآتي ؟ ضعوا للناس شيئًا يعرفونه ، وأن أبا موسى كتب إلى عمر : إنه يأتينا منك كُتُب ليس لها تاريخ ... فشاور عمر أصحابه واستقرت المشورة على أن يبدأ التقويم من السنة التي هاجر فيها الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فجعلوها سنة ( 1 ) ، واختاروا سنة الهجرة لتكون بداية للتقويم فقط فالتقويم الهجري أمر إداري بحت لتنظيم الرسائل وأمور الدولة الإسلامية . هل يجوز الاحتفال برأس السنة الهجرية ؟ حكم الاحتفال برأس السنة الهجرية الاحتفال برأس السنة من البدع ، وأنه من محدثات المتأخرين ؛ وأنه لم يُؤْثَر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا عن أحدٍ من أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ ولا عن السَّلف الصَّالح من التابعين وتابعيهم وأعلام الأمة وعلمائِها من الأئمةِ الأربعـةِ وغيرهـم ـ رحمة الله عليهم ـ ، لم يُؤْثَـر عنهم قط أنهم احتفلوا به ، ولكن حدث ذلك بعد القرون المفضلة ، بعد أن اختلط المسلمون بغيرهم من اليهود والنصارى ، ونستأنس بهذه الخطبة للشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ لمزيد تفصيل في هذا الأمر . الخطبة أيها المسلمون : إن الله قد أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ، فديننا الإسلامي دين كامل لا نقص فيه ، وإن الله لا يقبل منا عملاً حتى يكون مُوافقًا لما بيَّنه لنا هذا الدين ، أما ما كان مخالفًا له فلا يقبله ، والله هو الذي شرع لنا هذا الشرع ، وأمرنا أن نعبده على وفقه ، فلا نجتهد في عبادات أخرى ليست من دين الإسلام ، لأننا ندخل في باب البـدع والمحدثات التي نُهينا عنها ، فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " (1) ، فاتباع النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ شرط في قبول العمل . أيها المسلمون : إن مما أحدث الناس من الأمور التي ليست من دين الله الاحتفال بأعياد ، ومواسم ، ولم يأمر بها ديننا الحنيف ، إنما هي لمجرد التشبه بأعياد الكفار ، ومناسباتهم ، أو من باب الابتداع في دين الله ، ونحن معاشر المسلمين لنا ديننا وعقيدتنا ، ويجب علينا مخالفة الكفار ، وعدم التشبه بهم ، فقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " من تشبه بقوم فهو منهم " (2) . كما يجب علينا الاتباع وعدم الابتداع . وإن من المحدثات التي أحدثت : بدعة الاحتفال برأس السنة الهجرية ، ففي بداية كل سنة هجرية تحتفل بعض الدول الإسلامية بعيد رأس السنة ، فتعل الأعمال في اليوم السابق له ، واليوم اللاحق له . وليس لاحتفالهم هذا أي مستند شرعي ، وإنّما هو حب الابتداع والتقليد والمشابهة لليهود والنصارى في احتفالاتهم وأول من احتفل برأس السنة الهجرية حكام الدولة العُبيديَّةِ ـ الفاطميَّةِ ـ في مصر . ذكر ذلك المقريزيُّ في خِطَطه ضمن الأيام التي كان العُبيديُّون يتخذونها أعيادًا ومواسم . قال : " موسم رأس السنة : وكان للخلفاء الفاطميين اعتناء بليلة أول المحرم في كل عام ؛ لأنها أول ليالي السنة وابتداء أوقاتها "(3) .ا . هـ . ولم يكتفوا بهذا الاحتفال بل تجاوزوه إلى الاحتفال برأس السنة الميلادية الذي يحتفل به النصارى ، فتجد كثيرًا من البلدان الإسلامية ، بل ولا تجد بلدة إسلامية إلا وتحتفل العامة فيها بعيد رأس السنة الميلادية ، ولاشك أن الاحتفال سواء أكان برأس السنة الهجرية أو رأس السنة الميلادية ، أو غيرها مما أحدثه الناس ، من البدع التي نُهينا عنها ، وهي مخالفة لشرع ربنا ، فاتقوا الله أيها المسلمون ، واعلموا أن هذا ممـا يُغضب ربكم عليكم ، ويُعرِّضكم لأليم عقابه . ثبت عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال " ما هذان اليومان ؟ " قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر " (4). ومما يدل على أن الاحتفال برأس السنة من البدع ، وأنه من محدثات المتأخرين ؛ أنه لم يُؤْثَر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا عن أحدٍ من أصحابِهِ ـ رضوان الله عليهم ـ ولا عن السَّلفِ الصَّالح من التابعين وتابعيهم وأعلام الأمة وعلمائِها من الأئمةِ الأربعةِ وغيرهم ـ رحمة الله عليهم ـ فلم يثبت عنهم قط أنهم احتفلوا به ، ولكن حدث ذلك بعد القرون المفضلة ، بعد أن اختلط المسلمون بغيرهم من اليهود والنصارى ، بدأ المسلمون يتبعون سنن من كان قبلهم ، مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : " لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرًا بشبر ، وذراعًا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم " ، " قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى قال : فمن ؟ (5) " ! ولم يقتصر أهل الإحداث على مجرد الاحتفال فحسب وإنما اخترعوا لأنفسهم عبادات وأذكار في هذه الليلة مثل : دعاء لليلتي أول يوم من السنة وآخرها ، والذي يردده بعض العامة في بعض البلدان الإسلامية مع أئمتهم في بعض المساجد ، وهذا الدعاء لم يُؤثر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا عن أصحابه ، ولا عن التابعين ، ولم يُروَ في كتاب من كتب الحديث . ومما يقولونه فيه قولهم : " اللهم ما عملته في هذه السنة مما نهيتني عنه ولم ترضه ، ونسيته ولم تنسه ، وحلمت عليَّ في الرزق بعد قدرتك على عقوبتي ، ودعوتني إلى التوبة بعد جراءتي علي معصيتك ، اللهم إني أستغفرك منه فاغفر لي ، وما عملته فيها من عمل ترضاه ، ووعدتني عليه الثواب ، فأسألك يا كريم ، يا ذا الجلال والإكرام أن تقبله مني ، ولا تقطع رجائي منك يا كريم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آلله وصحبه وسلم " . ويقولون : فإن الشيطان يقول : قد تعبنا معه سائر السنة ، فأفسد عملنا في واحدة ، ويحثو التراب على وجهه ، ويسبق هذا الدعاء صلاة عشر ركعات ، يقرأ في كل ركعة الفاتحة ، ثم آية الكرسي عشر مرات ، والإخلاص عشر مرات (6) . ولا يخفى على ذي لُب فضلاً عن طالب العلم بطلان هذا الأمر وأنه لم يرد في كتابٍ ولا سُنَّةٍ ، وأن دينَ الإسلامِ منه براء . ومما أُحدث أيضًا في يومي آخر السنة وأولها صيامهما ، واستند المبتدعة إلى حديث : " من صام آخر يوم من ذي الحجة ، وأول يوم من المحرم فقد ختم السنة الماضية ، وافتتح السنة المستقبلة بصوم جعل الله له كفارة خمسين سنة " . وهو حديث مفترى على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقد رواه ابن الجوزي في " الموضوعات ( 199 / 2 ) " . تلك هي بدعة الاحتفال برأس السنة الهجرية (7) . قال تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .سورة آل عمران / آية : 31 .نفعني الله وإياكم بهدي كتابه ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، إنه غفور رحيم .ا . هـ .بقليل تصرف . 1 ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " من عمل عملاً ليس عليه أمْرُنَا فهو ردٌّ " . صحيح مسلم . متون / ( 30 ) ـ كتاب : الأقضية / ( 8 ) ـ باب : نقض الأحكام الباطلة ،ورد محدثات الأمور / حديث رقم : 18 ـ ( 1718 ) / ص : 448 . سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب : اللباس / باب : في لبس الشهرة / حديث رقم : 4031 / التحقيق : حسن صحيح . 4 ـ عن أنس قال : قَدِمَ رَسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال : " ما هذان اليومان " ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما ، يوم الأضحى ويوم الفطر " . سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 2 ) ـ أول كتاب الصلاة / ( 45 ) ـ باب : صلاة العيدين / حديث رقم : 1134 / التحقيق : صحيح . تخريج السيوطي : ( أحمد ) عن أبي سعيد ( الحاكم ) عن أبي هريرة . وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته / ج : 2 / حديث رقم : 5063 . 7 ـ راجع : كتاب البدع الحولية : (399 ـ 397 ) . |
#3
|
||||
|
||||
حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد قال الشيخ صالح الفوزان حيث سُئل عن التهنئة بالعام الهجري الجديد . السؤال : يقول : فضيلة الشيخ وفقكم الله ، يتبادل كثير من الناس التهاني بحلول العام الهجري الجديد ، فما حكم التهنئة بحلوله ، ومن العبارات قولهم : عام سعيد أو قولهم : وكل عام وأنتم بخير ، هل هذا مشروع ؟ فأجاب : لا نعرف لهذا أصلاً ، والتأريخ الهجري ليس المقصود منه هذا أن يجعل رأس السنة مناسبة وتُحيا ويصير فيها كلام وعيد وتهاني ، وإنما جُعِلَ التأريخ الهجري من أجل تمييز العقود فقط ، كما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ لما توسعت الخلافة في عهده ، صارت تأتيه كتب غير مؤرخة ، احتاج إلى أنه يضع تأريخًا تعرف به الرسائل وكتابتها ، استشار الصحابة ، فأشاروا عليه أن يجعل الهجرة مبدأ التأريخ الهجري ، وعدلوا عن التأريخ الميلادي ، مع أنه كان موجودًا في وقتهم ، وأخذوا الهجرة وجعلوها مبدأ تاريخ المسلمين لأجل معرفة الوثائق والكتابة فقط ، ليس من أجل أن تتخذ مناسبة ويتكلم فيها ، هذا يتدرج إلى البدع ا.هـ . سؤال : إذا قال لي شخص : كل عام وأنتم بخير ، فهل هذه الكلمة مشروعة في هذه الأيام ؟ الجواب : لا ، ليست بمشروعة ولا يجوز هذا .ا . هـ . انظر : الإجابات المهمة في المشاكل الملمة ص : 229 / تأليف : صالح بن فوزان الفوزان . الحُجَج الشرعية : والناظر إلى هذه المسألة يجد أن القول بالمنع يتأيد بعدة وجوه فمن ذلك : 1ـ أنها تهنئة بيوم معين في السنة يعود كل عام فالتهنئة به تُلحقه بالأعياد ، وقد نُهينا أن يكون لنا عيد غير الفطر والأضحى ، فتُمنع التهنئة من هذة . 2 ـ ومنها أن فيها تشبهًا باليهود والنصارى وقد أُمِرْنَا بمخالفتهم ، أما اليهود فيهنئون بعضهم برأس السنة العبرية والتي تبدأ بشهر تشري وهو أول الشهور عند اليهود ويحرم العمل فيه كما يحرم يوم البت ، وأما النصارى فيهنئون بعضهم البعض برأس السنة الميلادية . 3 ـ أن فيه تشبهًا بالمجوس ومشركي العرب ، أما المجوس فيهنئون بعضهم في عيد النيروز وهو أول أيام السنة عندهم ومعنى ( نيروز ) : اليوم الجديد ، وأما العرب في الجاهلية فقد كانوا يهنئون ملوكهم في اليوم الأول من محرم كما ذكر ذلك القزويني في كتابه : عجائب المخلوقات . وانظر لذلك كتاب : الأعياد وأثرها على المسلمين / للدكتور سليمان السحيمي . 4 ـ ومنها أن جواز التهنئة بأول العام الهجري الجديد يفتح الباب على مصراعيه للتهنئة بأول العام الدراسي ، وبيوم الاستقلال ، وباليوم الوطني وما شابه ذلك ، مما لا يقول به من أجاز التهنئة بأول العام ، بل إن جواز التهنئة بهذه أولى حيث لم يكن موجبها منعقدًا في زمن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بخلاف رأس السنة . 5 ـ ومنها أن القول بجواز التهنئة يفضي إلى التوسع فيها فتكثر رسائل الجوال وبطاقات المعايدة ـ وإن سموها بطاقات تهنئة ـ وعلى صفحات الجرائد ووسائل الإعلام ، وربما صاحب ذلك زيارات للتهنئة واحتفالات وعطل رسمية كما هو حاصل في بعض الدول ، وليس لمن أجاز التهنئة وعدَّها من العادات حُجة في منع هذا إذا اعتاده الناس وأصبح عندهم من العادات ، فَسَدُّ هذا الباب أولى . 6ـ ومنها أن التهنئة بالعام الهجري الجديد لا معنى لها أصلاً إذ الأصل في معنى التهنئة تجدد نعمة أو دفع نقمة ، فأي نعمة حصلت بانتهاء عام هجري ؟ والأولى هو الاعتبار بذهاب الأعمار ونقص الآجال ، ومن العجب أن يهنئ المسلمون بعضهم بعضًا بالعام المنصرم وقد احتل العدو فيه أراضيهم وقتل إخوانهم ونهب ثرواتهم فبأي شيء يهنئون أنفسهم ؟ ! وعليه فالقول بالمنع أولى وأحرى ، وإن بدأك أحدٌ بالتهنئة فالأولى نُصحه وتعليمه لأن رد التهنئة فيه نوع إقرار له ، وقياسها على التحية قياس مع الفارق ! ، لكن لما كانت المسألة اجتهادية فلا ينبغي أن يشتد النكير فيها ، فلا إنكار في مسائل الاجتهاد . والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .بقلم الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف أهمية التقويم الهجري في حياة المسلم نحيا مع مقتطفات من هذه الكلمات الذهبية لنتعرف على الحكمة من ذلك : عباد الله : وإن مما يؤسف له أن لا يَقْدُرَ بعض المسلمين لهذا التأريخ قدره ، وأن يستبدلوا به تأريخًا آخر ، بأن يجعلوه معتمدًا في معاملاتهم كافة ، وهذا خطر عظيم ربما غُفِلَ عنه ، فإن التاريخ الميلادي لا يمكن أن يحل محل التاريخ الهجري لما بينهما من تباين يمس الدين والهوية ، ولأنَّ التأريـخ الهجـري تأريـخ مرتبـط بالديـن وُضِع من أجله ، فبالأشهر القمرية تربط أحوال الزكاة ، وآجال الديون والرهان ، وعِدَد الطلاق ومُدَد الحِدَاد والإيلاء وغير ذلك ؛ ولذا قال تعالى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ منازِلَ لِتَعْلَمُواْ عدَدَ السنِينَ وَالْحِسابَ ...}.سورة يونس آية :5 . فإن من أكبر الجنايات على الهوية الإسلامية أن يستبدل بتأريخها الديني تأريخًا أجنبيًّا عن دينها وثقافتها ، بل ذلك امتداد لطمس هذه الهوية ، والارتماء في أحضان التبعية ، فإن في الاعتزاز بالثوابت والموروثات الدينية والثقافية ـ والتي منها التأريخ الهجري ـ إبقاء على كيان الأمة . سؤال : هل التأريخ بالتأريخ الميلادي يعتبر من موالاة الكفار ؟ الجواب : الحمد لله لا يعتبر موالاة ، لكن يعتبر تشبهًا بهم . والصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كان التأريخ الميلادي موجودًا في عصرهم ، ولم يستعملوه ، بل عدلوا عنه إلى التأريخ الهجري . وضعوا التأريخ الهجري ولم يستعملوا التأريخ الميلادي مع أنه كان موجودًا في عهدهم ، هذا دليل على أن المسلمين يجب أن يستقلوا عن عادات الكفار وتقاليد الكفار ، لا سيما وأن التأريخ الميلادي رمز على دينهم ، لأنه يرمز إلى تعظيم ميلاد المسيح والاحتفال به على رأس السنة ، وهذه بدعة ابتدعها النصارى ، فنحن لا نشاركهم ولا نشجعهم على هذا الشيء . وإذا أرّخنا بتاريخهم فمعناه أننا نتشبه بهم . وعندنا والحمد لله التأريخ الهجري الذي وضعه لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ الخليفة الراشد بحضرة المهاجرين والأنصار ، هذا يغنينا . ا . هـ . فضيلة الشيخ : صالح الفوزان في كتاب : المنتقى 1 / 257 . * * * * * قطوف من خطبة للشيخ العثيمين أيها المسلمون ، إن التأريخ وإن التقويم شعارُ الأمة ، فإذا تناست الأمة هذا الشعار فهو تناسٍ لشخصيتها ومقوّماتها التاريخية . أيها المسلمون ، إنَّنا في هذه الأيام نستقبل عامًا جديدًا إسلاميًّا هجريًّا شهورُه الشهور الهلالية التي قال الله عنها في كتابهِ المبين { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} .سورة التوبة آية : 36 . هذه الشهور الاثنا عشر هي الشهور التي جعلها الله تعالى مواقيت للعالم كلهم ، قال تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ... } . سورة البقرة / آية : 189 . [ ... قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ... ] .سورة البقرة / آية : 189 . أيُّ الناس ؟ إنها مواقيت للناس كلهم بدون تخصيص ، لا فرقَ بين عرب وعجم ؛ وذلك لأنها علامات محسوسة ظاهرة كلّ أحد يعرف بها دخول الشهر وخروجه ، فمتى رُؤِيَ الهلال من أول الليل دخلَ الشهرُ الجديد وخرج الشهر السابق ، قال الله عزَّ وجل { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَكواْ عدَدَ السنِينَ وَالْحِسابَ ...}.سورة يونس آية :5 . إن هذه الشهور المبنيَّة على أمر محسوسٍ ليست كالشهور الإفرنجية شهورًا وهميَّة غير مبنيَّة على مشروع ولا معقول ولا محسـوس بل هي شهور اصطلاحية مختلفة بعضُها يبلغ واحدًا وثلاثين يومًا وبعضها يبلغ تسعة وعشرين يومًا وبعضها بين ذلك ، ولا يُعلم لهذا الاختلاف سبب حقيقيّ معقول أو محسوس او ديني ؛ ... . ا . هـ . * * * * * ما يُسن في شهر الله المحرم قال الإمام مسلم في صحيحه : حدثني قتيبة بن سعيد ٍ ، قال : حدثنا أبو عَوَانَة ، عن أبي بِشْرٍ ، عن حُميد بن عبد الرحمن الحِمْيَريِّ ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أفضلُ الصيام بعدَ رمضانَ شَهرُ اللهِ المحَرَّمُ وأفضَلُ الصلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ الليلِ " . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 38 ) ـ باب : فضل صوم المحرم / حديث رقم : 202 ـ ( 1163 ) / ص : 280 . " أفضلُ الصيام بعدَ رمضانَ شَهرُ اللهِ المحَرَّمُ " تصريح بأنهُ أفضل الشُّهور للصومِ ، وقد سبق الجواب عن إكثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مِن صوم شعبان دون المحرم ، وذكرنا فيه جوابين : أحدهما : لعلَّهُ علمَ فضلهُ في آخر حياته ، والثاني : لعلهُ كان يَعرض فيه أعذار ، مَن سَفرٍ أو مرضٍ أو غيرهما . قوله صلى الله عليه وسلم : " وأفضَلُ الصلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ الليلِ " فيه دليل لِما اِتَّفقَ العُلماء عليه أن تَطوُّع الليل أفضل مِـن تطوع النهار ، وفيه حُجَّةٌ لأبي إسحاق المَرْوَزيِّ مِن أصحابنا ومَن وافقهُ أن صلاة الليل أفضل من السُّنن الرَّاتِبة ، وقال أكثر أصحابنا : الرَّواتِب أفضل ، لأنها تُشْبه الفرائِض ، والأوَّل أقوى وأوفقُ للحديث . والله أعلم .شرح النووي للحديث بصحيح مسلم . وللصوم فضائل لو اجتمعت مع فضيلة الزمان لرجونا فوزًا عظيمًا ، فالصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي : * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها ؛ إلى سبعمائة ضعف ، قال الله عز وجل : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، يدَعُ شهوته وطعامه من أجلي ، للصائم فرحتان ؛ فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك " . صحيح مسلم " متون " / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 30 ) ـ باب : فضل الصيام / حديث رقم : 164 ـ ( 1151 ) / ص : 275 . * عن أبي أمامة ، قال : أتيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؛ فقلتُ : مُرني بأمرِ آخذه عنك ، قال : " عليك بالصوم ؛ فإنه لا مِثلَ له " . سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ كتاب : الصيام / ( 43 ) ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2220 / ص : 351 / صحيح . * عن أبي أمامة قال : قلتُ : يا رسول اللهِ مُرني بأمر ينفعني الله به ، قال : " عليك بالصيام ، فإنه لا مثل له " . سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ كتاب : الصيام / ( 43 ) ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2221 / ص : 351 / صحيح . الصيام لا عدل له : سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ كتاب : الصيام / ( 43 ) ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2222 / ص : 351 / صحيح . * * * * * |
#4
|
||||
|
||||
احرص على ما ينفعك إذا كان الصيام بهذه المنزلة فلنحرص على ما ينفعنا قد كان سلفنا الصالح شديدوا اللهفة والحرص عما ينفعهم ويدخلهم الجنة ، فمن الأعمال الفاضلة بعد التوبة وحُسن أداء الفرائض ، الحرص على كل ما ينفع . * عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمن الضعيف ، وفي كلٍّ خير .احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تَعجِزْ وإن أصابك شيءٌ فلا تقل : لو أني فعلتُ كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدَرُ الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " . صحيح مسلم " متون " / ( 46 ) ـ كتاب : القدر / ( 8 ) ـ باب : في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله ،وتفويض المقادير لله / حديث رقم : 34 ـ ( 2664 ) / ص : 677 . * عن أبي سلمة قال سمعت ربيعة بن كعب الأسلمي يقول : كنت أبيتُ مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، آتيه بوَضوئه وبحاجته . فقال : " سلني . فقلتُ : مرافقتك في الجنة . قال : أو غيرَ ذلك " . قلتُ : هو ذاك . قال : " فأعني على نفسك بكثرة السجود " . سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 312 ) ـ أول كتاب : الصلاة / باب : وقت قيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الليل /حديث رقم : 1320 / ص : 227 / حديث صحيح . فلنحرص على ما ينفعنا بحقه فينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خُلق من أجلها ، وهي عبادة الله تعالى ، والفوز برضاه ونعيمه ، والنجاة من غضبه وعذابه . قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}. سورة الذاريات آية : 56 . فيبدأ بفعل المأمورات ، ويحذر بترك المنهيات . ثم إنه بعد ذلك يبدأ في البحث على اغتنام مواسم الطاعات ، التي ترفع الدرجات ، وتزيد في الحسنات . ذلك أن لله مواسم للطاعات ، وأوقاتًا فضل بعضها على بعض . فمن استطاع أن يغتنم هذه المواسم ، فهو الذي يسعد في دنياه ، ويجد ثواب ذلك في قبره بعد مماته ، ثم يفوز بجنة الله عز وجل ورضوانه في الآخرة . فهيا نشمر الأكمام لاغتنام موسم للطاعة عظيم قد أقبل علينا ، ألا وهو شهر الله المحرم ، وذلك بالإكثار من الصيام بحقه ، والحرص على اغتنام اليوم العظيم الذي فيه ، وهو يوم عاشوراء . اللهم اجعلنا من عبادك المتقين ، الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه ، آمين . * * * * * ألا من مشمر ؟ نسير إلى الآجال في كل لحظة وأيامنا تطوى وهنّ مراحل ترحل من الدنيا بزاد منها فعمرك أيام وهنّ قلائل طوبى لِمن جوَّعَ نفسهُ ليوم الشبع الأكبر ، طوبى لمن ظمَّأ نفسهُ ليوم الرِّيِّ الأكبر ، طوبى لِمن تركَ شهوةً حاضِرةً لِموعِدِ غيبٍ لم يره ، طوبى لمن ترك طعامًا ينفدُ في دارٍ تنفدُ ، لدارٍ " أُكُلُهَا دَآئِمٌ " { مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ } . سورة الرعد / آية : 35 . مَن يُرِدْ مُلْكَ الجِنَانِ فليَدَع عَنهُ التَّواني وليَصِلْ صَومًا بصومٍ إنَّ هذا العيشَ فاني وليقُم في ظُلمةِ الليل إلى نور القرآن إنَّما العَيشُ جِوارُ الله في دَار الأمان يا من طلعَ فجرُ شيبهِ بعد بلوغِ الأربعينَ ! يا من هو في مُعتركِ المنايا ما بين السَّتِّينَ والسَّبعينَ ! ما تنتظِرُ بعدَ هذا الخَبر إلاَّ أن يأتيكَ اليقين ؟ يا من ذُنُوبُهُ بعددِ الشَّفعِ والوتْر ! أما تستحي منَ الكِرامِ الكاتِبينَ ؟ أم أنتَ ممَّن يُكذِّبُ بيومِ الدِّين ؟ يا من ظُلمَةُ قلبهِ كاللَّيلِ إذا يسْري ! أما آن لِقلبكَ أن يستنيرَ أو يلين ؟ تعرَّض لِنفحاتِ مولاكَ في هذا الشَّهر ؛ فإنَّ للهِ فيهِ نفحات يصيبُ بها من يشاء ، فمن أصابتهُ سَعِدَ بها آخرَ الدَّهر . الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذهِ الأيام العظيمة ، فما منها عِوضٌ ولا لها قيمة . المُبادرة المبادرة بالعمل ، والعجل العجل قبل هجومِ الأجل ، قبلَ أن يندمَ المُفرِّطُ على ما فعل ، قبلَ أن يسألَ الرَّجعةُ ليعملَ صالِحًا فلا يُجابُ إلى ما سأل ، قبلَ أن يَحولَ الموتُ يبنَ المُؤمّل وبلوغِ الأمل ، قبلَ أن يصيرَ المرْءُ مرتهنًا في حفرتِهِ بما قدَمَ من عمل . فالسَّعيدُ من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات ، وتقرَّبَ فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات ، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات ، فيسعد بها سعادةً يأمن بعدها من النَّار وما فيها من النفحات . * * * * * هل من السُّنة صيام شهر الله المحرم كله ؟ الأمر على خلاف بين العلماء قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين : فمما يسن صيامه شهر المحرم ، وهو الذي يلي شهر ذي الحجة ، وهو الذي جعله الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أول شهور السنة ، وصومه أفضل الصيام بعد رمضان . الشرح الممتع على زاد المستنقع : 469 ـ 468 / 6 . والظاهر أن المراد جميع شهر المحرم . المرجع المفاتيح شرح مشكاة المصابيح : 4 / 467 : الملا علي القاري . ولكن حيث ورد أنه صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرًا كاملاً إلا رمضان ، * عن عبد الله بن شَقيقِ ، قال : قُلتُ لعَائشةَ ـ رضي الله عنها ـ : أكان رسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَصومُ شَهْرًا كُلَّهُ ؟ قالت : ما علمتُهُ صام شهرًا كُلَّهُ إلا رمضان ، ولا أفطرهُ كُلَّهُ حتى يصوم منه ، حتى مضى لِسَبيلهِ صلى الله عليه وسلم . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 34 ) ـ باب : صيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـفي غير رمضان واستحباب أن لا يخلي شهرًا عن صوم / حديث رقم : 173 ـ 1156 . فيُحمل هذا الحديث على الترغيب فى الإكثار من الصّيام في شهر المحرم لا صومه كله .الشيخ محمد صالح المنجد . وقوله صلى الله عليه وسلم : " أفضلُ الصيام بعدَ رمضانَ شَهرُ اللهِ المحَرَّمُ " تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم . وأضاف الشهر إلى الله تعظيمًا . تحفة الأحوذي : ( 3 / 164 ) . وقال الشيخ العلامة محمد محمد المختار الشنقيطي عضو هيئة كبار العلماء في المملكة السعودية ـ حفظه الله ـ : يجوز له أن يصوم المحرم كاملاً ، ويجوز له أن يصوم منه يومًا ويفطر يومًا ، ويجوز أن يصوم بعضه ، وأفضل ما فيه يوم عاشوراء لثبوت السنة فيه ، وأفضل ما يكون أن يصوم يومًا قبله مع عاشوراء هذا بالنسبة للأفضـل فـي المحرم ، وأما ما يفعله بعض المتأخرين من الإنكار على من يصوم شهر المحرم كاملاً فهذا أمر باطل ؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغب في صيامه ، فمن صامه كاملاً لا ينكر عليه بل يؤجر وتشحذ همته على ذلك ولا يثرب عليه فهو مأجور غير مأزور (1) . ( 1 ) مأجور لأن هذا ظاهر الحديث وهو قول الجمهور للآتي : سئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ متى يبدأ صيام شهر المحرم أو صيام عاشوراء ، هل يبدأ في أول المحرم ، أو في وسطه ، أو في آخره ، وكم عدد صيامه ؟ لأني سمعت أن صيام عاشوراء يبدأ من واحد محرم إلى عشرة محرم . وفقكم الله . الإجابة : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أفضلُ الصيام بعدَ رمضانَ شَهرُ اللهِ المحَرَّمُ " والمعنى أنه يصومه كله من أوله إلى آخره ، من أول يوم منه إلى نهايته ، هذا معنى الحديث ، فإن صام الشهر كله فهو أفضل له . ا . هـ . وقال الشيخ خالد سعود البلهيد : فيستحب للمسلم أن يكثر من الصيام في شهر المحرم فإن لم يقدر على ذلك صام ما تيسر له . وقد أخذ الجمهور بظاهر اللفظ فقالوا يستحب صيام الشهر كاملاً . والذي يظهر أنه لا يستحب ذلك والمراد في الحديث مشروعية الإكثار من صومه من غير إتمام للشهر . * عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم حتى نقول لا يُفطرُ ويُفطِرُ حتى نقول لا يصومُ ، وما رأيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ استَكْمَلَ صيام شهرٍ قطُّ إلا رمضان وما رأيتهُ في شهرٍ أكثرَ منهُ صيامًا في شعبانَ صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 34 ) ـ باب : صيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غيررمضان واستحباب أن لا يخلي شهرًا عن صوم / حديث رقم : 175 ـ ( 1156 ) . ولم ينقل أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صام المحرم كاملاً بل المحفوظ عنه صوم عاشوراء . ولأن قاعدة الشرع التيسير في باب النافلة ولذلك شرع أيامًا يسيرة ورتب عليها أجرًا عظيمًا . ونهى أيضًا عن صوم الدهر . ويسر في صوم التطوع فجعل أكمله صيام داود صوم يوم وترك يوم . وكل هذا تخفيفًا على المكلَّف ، ودفعًا للمشقة حتى لا تَمَلّ النفس وتَكَلّ . فالـذي يظهر أن صوم الشهر تامًا من خصائص الفرض شهر رمضان وأنه ليس من السنة إتمام صوم شهر إلا رمضان حتى لا يشبه النفل بالفرض . لكن لو صام إنسان الشهر كله جاز ذلك ولا كراهة فيه ، وإن كان عمله خلاف الأولى .ا . هـ . خالد سعود البلهيد . * * * * * درة مكنونة اقتضت حكمة الله سبحانه أن يكون بنو آدم خطائين ، واقتضت رحمته أن يتيح لهم مكفرات شتى تغطي الخطيئة وتمحو أثرها ، من صلوات وصدقات وحج وعمرة وغيرها من الحسنات { ... إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ... } قال تعالى { وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلكَ ذِكرَى لِلذَّاكِرِينَ } . سورة هود آية : 114 . وقال رسوله الكريم : " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " . قال الترمذي في سننه : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 25 ) ـ كتاب : البر والصلة / ( 55 ) ـ باب :ما جاء في معاشرة الناس / حديث رقم : 1987 / ص : 451 / التحقيق حسن . والصيام من أعظم المكفرات للذنوب لما فيه من ترك الشهوات ، ومجاهدة النفس وتضييق مجاري الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم . وسبق البيان والاستدلال على فضيلة الصيام في شهر الله المحرم ، ومن رحمة الله بنا وبضعفنا أعطانا درة مكنونة في هذا الشهر الفضيل ، ألا وهي يوم عاشوراء ، وجعل فيه الخير الوفير . قال الإمام مسلم في صحيحه : وحدثنا يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وقتَيْبَة بنُ سَعيدٍ جَمِيعًا ، عن حَمَّادٍ ، قال : قال يَحْيَى ؛ أخبَرَنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ ، عن غَيْلاَنَ عن ، عبدِ اللهِ بن مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ ، عن أبي قتادة رَجُلٌ أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال كيف تصومُ فغضِبَ رسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فلمَّا رَأى عمر ـ رضي الله عنه ـ غضَبَهُ قال : رضِينَا باللهِ ربًا وبالإسلامِ دينًا وبمُحمَّدٍ نبيًّا نعوذُ بالله من غضبِ اللهِ وغضَبِ رسُولِهِ ، فجَعَلَ عُمَرُ ـ رضي الله عنه ـ يُرَدِّدُ هَذا الكلامَ حتَّى سَكَنَ غضَبُهُ ، فقال عمر : يا رَسُولَ اللهِ ، كيفَ بمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ ؟ قال : " لا صَامَ ولا أفطرَ " . أو قال : " لم يَصُم ولمْ يُفطِرْ " . قال : كيف مَن يَصومُ يَومينِ ويُفْطِرُ يَومًا ؟ قال : " ويُطيقُ ذلِكَ أحَدٌ " قال : كيف مَن يَصُومُ يَومًا ويُفْطِرُ يَومًا ؟ . قال : " ذاكَ صَومُ دَاودَ ـ عليه السلام ـ " قال : كيف مَن يَصُومُ يَومًا ويُفْطِرُ يومينِ ؟ . قال : " وَدِدْتُ أنِّي طُوِّقتُ ذلِكَ " . ثم قال رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ثلاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إلى رمضانَ فهذا صِيَامُ الدَّهْر كُلِّهِ ، صيامُ يومِ عَرَفةُ أحْتَسِبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَة التي قبلهُ والسَّنة التي بعدهُ وصيامُ يومِ عاشُوراءَ أحْتَسِبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنة التي قبلهُ " . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 36 ) ـ باب : استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهروصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس / حديث رقم : 196 ـ ( 1163 ) / ص : 279 . كان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على صيام هذا اليوم الفضيل . قال الإمام مسلم في صحيحه : حدثنا أبو بكر بنُ أبي شيبة وعَمرو الناقدُ جميعًا ، عن سُفيانَ ، قال : قال أبو بكرٍ حدثنا ابنُ عُيَيْنَة ، عن عُبيدِ اللهِ بنِ أبي يَزيدَ سمِعَ ابْنَ عَبَّاسِ ـ رضي الله عنهما ـ وسُئِلَ عَن صِيَامِ يوم عاشُوراءَ فقال : ما عَلِمتُ أنَّ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ صام يومًا يَطلُبُ فضلَهُ على الأيَّامِ إلاَّ هذا اليَوْمَ ، ولا شَهرًا إلاَّ هذا الشَّهرَ يَعْنِي رَمَضَانَ . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) ـ باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 131 ـ ( 1132 ) / ص : 271 . فلنغتم هذا الشهر الفضيل وخاصة دُرته المكنونة ، ومما يعين على الفوز ، أن هذه الأيام وقعت في الشتاء فيسهل تحصيل الأجر الجزيل بالجهد القليل . قال الترمذي في سننه : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن نمير بن غريب ، عن عامر بن مسعود ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني / ( 6 ) ـ كتاب : الصوم / ( 74 ) ـ باب :ما جاء في الصوم في الشتاء / حديث رقم : 797 / التحقيق : صحيح . |
#5
|
||||
|
||||
تحذير على المسلم أن لا يتكل على صيام هذا اليوم على أنه يُكَفِّرَ السَّنة الَّتي قبْلَهُ مع مقارفته للكبائر إذ الواجب التوبة من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها ثم يرجو أن يُكَفِّرَ صوم هذا اليوم السَّنَة الَّتي قبلهُ . قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ : " وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة حتى يقول بعضهم : يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر ولم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر فرمضان والجمعة إلى الجمعة لا يقويا على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر ، فكيف يكفر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مُصر عليها غير تائب منها ، هذا محال على أنه لا يمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء يكفر لجميع ذنوب العام على عمومه ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع ويكون إصراره على الكبائر مانعًا من التكفير ، فإذا لم يصر على الكبائر يساعد الصوم وعدم الإصرار وتعاونًا على عموم التكفير كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدَين متعاونين على تكفير الصغائر ، مـع أنه سبحانه قد قال { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ... } فاعلم أن جعل الشيء سببًا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل " . ا . هـ . الجواب الكافي / 13 . فمن فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة ، فهو سبحانه ذو الفضل العظيم . فالمعاصي والذنوب سبب من أسباب الذل والمهانة ، فكم تأتي المعاصي بتسلط الأعداء والذل والصغار . اللهم انقلنا من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، برحمتك يا أرحم الراحمين . فلكي ننتفع بهذه النفحات سواء في عاشوراء أو أي فضل لله لابد من التخلية قبل التحلية أي نخلي بيننا وبين المعاصي ونحن في حال رجاء رحمة الله وعفـوه وفضله . اللهم ارزقنا يقظة من رقدات الغفلة ، وارزقنا الاستعداد قبل النقلة ، وألهمنا اغتنام الزمان وقت المهلة ، ووفقنا لفعل الخيرات ، وترك المنكرات والفوز بالرحمات . * * * * * حقيقة هذه النفحة مما يحسن الإشارة إليه أنه وردت جملة من الأحاديث الصحيحة التي تُؤكد استحباب صيام هذا اليوم وأنه مر بمراحل تشريعية نتعرف عليها من خلال السنة النبوية الصحيحة . * قال البخاري في صحيحه : حدثنا أبو مَعْمَرٍ ، قال : حدثنا عبد الوَارثِ ، قال : حدثنا أيُّوبُ ، قال : حدثنا عبدُ اللهِ بنُ سعيدِ بن جُبَيْرِ ، عن أبيهِ عن ، ابن عباسِ ـ رضي الله عنهما ـ قال : قدِمَ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فرأى اليهودَ تَصُومُ يوم عاشوراءَ فقال : " ما هذا ؟ " قالوا : هذا يومٌ صالحٌ هذا يومٌ نَجَّى اللهُ بني إسرائِيلَ من عدُوِّهِم فصامهُ موسى ، قال : " فأنا أَحَقُّ بموسى مِنْكُمْ " فصامهُ وأمرَ بصيامهِ . صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / حديث رقم : 2 / ص : 225 . * عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : كان أهلُ خَيْبَرَ يصُومُونَ يومَ عاشُوراءَ يتَّخِذُونَهُ عِيدًا ويُلبِسُونَ نِسَاءَهُم فيه حُلِيَّهُم وشارَتَهُم . فقال رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فصُومُوهُ أنْتُمْ " . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) ـ باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 130 / ( 1131 ) / ص : 271 . * وعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ ، قال : كان يومُ عاشوراءَ تَعُدُّهُ اليهُودُ عِيدًا . قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فصُومُوهُ أنتم " . صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / حديث رقم : 2005 / ص : 225 . وظاهر هذا أن الباعث على الأمر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه ، لأن يوم العيد لا يُصَام . فتح الباري : ( 4 / 292 ) . وهذا يدل على النهي عن اتخاذه عيدًا . لطائف المعرف : ( 124 ) . مستخلص عقدي كيف تفاعل موسى ـ عليه السلام ـ مع يوم نجاته .. هل جعله عيدًا مخترعًا ولماذا صامه موسى ـ عليه السلام ـ ؟ لتعظيم اليوم والذكرى في قلبه ؟ لا ، لا ، لا صامه شكرًا لله لنجاته التي تقتضي إعلاء كلمة الحق . بل كان أهل الكتاب يصومونه ، بل حتى قريش كانت تصومه في الجاهلية ، اليهود تفاعلوا مع هذه المناسبة - نجاة نبيهم موسى ومن معه بجعله عيدًا مخترعًا - بالباطل . ثم هناك من يعظم هذا اليوم لاعتقادات باطلة،وعقيدةُ أهل السُّنَّة والجماعة وسَطٌ بين الإفراطِ والتَّفريط ، والغلُوِّ والجَفاء في جميعِ مسائل الاعتقاد ، ولا يثبتون إلا ما ثبت في كتاب الله أو سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسند الصحيح ، ولم يثبت شيء في يوم عاشوراء فيما سنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير الصيام ، شكرًا لله لأنه يوم نجَّى الله فيه نبيه موسى ـ عليه السلام ـ والمؤمنين معه ، أغرق فيه فرعون وحزبه ؛ وأن صيامه سُنة . قال البخاري في صحيحه : حدثنا عَلِيُّ بن عبدِ اللهِ ، قال : حدثنا سُفيانُ ، قال : حدثنا أيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ ، عن ابن سعيد بن جُبيرِ ، عن أبيهِ ، عن ابن عباسِ ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما قَدِمَ المدينة وجدهُم يصومون يومًا يعني عاشوراء فقالوا هذا يومٌ عظيم وهو يومُ نَجَّى اللهُ فيهِ موسى وأغرق آل فِرعونَ فصام موسى شُكرًا للهِ ، فقال : " أنا أولى بموسى منهُم فصامَهُ وأمَرَ بصيامِهِ " . صحيح البخاري / ( 60 ) ـ كتاب : أحاديث الأنبياء / ( 23 ) ـ باب : قول الله تعالى " وهل أتاك حديث موسى "" وكلم الله موسى تكليمًا / حديث رقم : 3397 / ص : 401 . * * * * *
شُبْهَة والرد عليها ورد في الأحاديث أن اليهود كانوا يصومون يوم عاشوراء وأنهم كانوا يتخذونه عيدًا .فكيف نجمع بين الفعلين ومعلوم الأعياد لا يصام فيها ؟ نحيا مع تحليل شائق لابن حجر العسقلاني لهذه المسألة في فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب صيام يوم عاشوراء . قال ابن حجر : حديث أبي موى وهو الأشعري قال : " كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيدًا ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : فصوموه أنتم " . وفي رواية مسلم " كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود تتخذه عيدًا " فظاهره أن الباعث على الأمر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه لأن يوم العيد لا يصام ، وحديث ابن عباس يدل على أن الباعث على صيامه موافقتهم على السبب وهو شكر الله تعالى على نجاة موسى ، لكن لا يلزم من تعظيمهم له واعتقادهم بأنه عيد أنهم كانوا لا يصومونه فلعلهم كان من جملة تعظيمهم في شرعهم أن يصوموه ، وقد ورد ذلك صريحًا في حديث أبي موسى . هذا فيما أخرجه المصنف في الهجرة بلفظ " وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه " ولمسلم من وجه آخر عن قيس بن مسلم بإسناده قال " كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدًا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم " وهو بالشين المعجمة أي هيئتهم الحسنة ، وقوله " هذا يوم " الإشارة إلى نوع اليوم لا إلى شخصه ، ومثله قوله تعالى : { ... وَلاَ تَقْرَبا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ... }فيما ذكره الفخر الرازي في تفسيره . ا . هـ . * * * * * الأمر بوجوب صيام يوم عاشوراء قبل أن يفرض صيام رمضان قد كان الأمر بصيام يوم عاشوراء على الوجوب والفرضية كما جاء في صحيح البخاري . قال البخاري في صحيحه : حدثنا المَكِّيُّ بنُ إبراهيمَ ، قال : حدثنا يَزيدُ بنُ أبي عُبيدٍ ، عن سلمة بن الأكْوعِ ـ رضي الله عنه ـ قال : أمرَ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجُلاً مِن أسلمَ " أن أذّن في الناس أنَّ مَن كان أكلَ فليصُم بقِيَّة يومهِ وَمَن لم يكن أكل فليصُم فإنَّ اليَومَ يومُ عاشوراءَ " . صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / شرح حديث رقم : 2007 / ص : 225 . واستُدِل بهذا الحديث على أن صيام عاشوراء كان مفترضًا قبل أن ينزل فرض رمضان ثم نسخ .قال ابن حجر : ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصومه ، ثم تأكد الأمر بذلك ثم زيادة التأكيد بالنداء العام ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك . ا . هـ . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / شرح حديث رقم : 2003 . * قال البخاري في صحيحه : حدثنا مُسدَّدٌ ، قال : حدثنا بشرُ بنُ المُفضَّلِ ، قال : حدثنا خالِدُ ابنُ ذَكْوَانَ ، عن الرُّبَيِّع بنتِ مُعَوِّذٍ قالت أرسلَ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ غدَاة عاشوراءَ إلى قرى الأنصار " مَن أصبحَ مُفطِرًا فليُتِمَّ بقِيَّة يومِهِ ومَن أصبحَ صائِمًا فليصُم " . قالت : فكُنَّا نصومُهُ بعدُ ونُصَوَّمُ صِبيانَنَا ونَجعلُ لهُم اللُّعبَة من العِهْنِ فإذا بكى أحدُهُم على الطعام أعطيناهُ ذاكَ حتَّى يكونَ عِندَ الإفطار . صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 47 ) ـ باب : صوم الصبيان / حديث رقم : 1960 / ص : 221 . قوله : من العهن أي : الصوف .قوله : أعطيناهُ ذاكَ حتَّى يكُونَ عِندَ الإِفطَار: وفي الحديث حُجَّة على مشرُوعِيَّة تَمرِين الصِّبْيَان على الصِّيَام . ا . هـ . فتح الباري . * قال التسائي في سننه : أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ يُونُسَ أبو حَصِينٍ ، قـال : حدثنا عَبثَرٌ ، قال : حدثنا حُصَينٌ ، عن الشَّعْبيِّ ، عن مُحمدِ بنِ صَيفِيٍّ ، قال : قال رسول اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عاشوراءَ : " أَمِنْكُم أحدٌ أكَلَ اليومَ ؟ " فقالوا : مِنَّا مَن صام ومِنَّا لم يصُم . قال : " فأتِمُّوا بقِيَّةَ يومِكُم وابعثُوا إلى أهل العَرُوض فليُتِمُّوا بقِيَّةَ يومِهِم " . سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب : الصيام / باب : إذا طهرت الحائض أو قدم المسافر في رمضان هل يصوم بقية / حديث رقم : 2320 / التحقيق صحيح . قوله : " أهل العَرُوض " ضُبِطَ بِفَتْحِ العينِ يُطلقُ على مَكَّة والمدينة وما حولهُما .شرح سنن النسائي للسندي .قوله : " فأتِمُّوا بقِيَّةَ يومِكُم " فيه دليل على التَّرجَمَة ، فإنَّهُ بالإِتمامِ لِمَن أكلَ ومَن لم يأكُل . قوله : " وابعثُوا إلى أهل العَرُوض " قال في النهاية : أرادَ فيها أكنَاف مَكَّة والمدينة يُقال لِمَكَّة والمدينة واليَمن العَرُوض ويُقَال للِرَّسَاتيقِ بأرضِ الحِجَاز الأعرَاض واحِدها عِرَض بالكَسْرِ . شرح سنن النسائي للسيوطي . كلام نفيس للشيخ العثيمن : " ... فليُتِمُّوا بقِيَّةَ يومِهِم ... " : أي مع كونهم مفطرين لكن أمرهم صلى الله عليه وسلم بالإمساك عن الطعام حتى تغرب الشمس ، أمرهم صلى الله عليه وسلم " ... لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع ، وإنما فيه تجدد وجوب ، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب ؛ لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل [ وجود ] سببه ، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع ، ومادام هذا المانع موجودًا مع وجود أسباب الحكم ، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده . ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها : مالو أسلم إنسان في أثناء اليوم ، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب ، ونظيرها أيضًا : ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر ، فإن هذا تجدد له الوجوب ، فنقول لمن أسلم في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولكن لا يجب عليك القضاء ، ونقـول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولا يجب عليك القضاء ، بخلاف الحائض إذا طهرت ، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء ، الحائض إذا طهرت أثناء النهار أجمع العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكـون صومًا ، وأن عليهـا القضاء ، وبهذا عُرِف الفرق بين تجدد الوجوب وبين زوال المانع ، فمسألة الحائض إذا طهرت من باب زوال المانع ، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ، هذا من باب تجدد الوجوب ، والله الموفق " . ا . هـ . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم : 60 ) . وهذا كلام في هذا الشأن ورد في فتح الباري بشرح صحيح البخاري :..... لمن طرأ عليه العلم بوجوب صوم ذلك اليوم ، كمن ثبت عنده في أثناء النهار أنه من رمضان ، فإنه يتم صومه ويجزئه ، وقد تقدم البحث في ذلك والرد على من ذهب إليه ، وأن عند أبي داود وغيره أمر من كان أكل بقضاء ذلك اليوم مع الأمر بإمساكه .ا . هـ . * * * * * نسخ الوجوب إلى الاستحباب مع ثبوت الأجر الوفير قبل أن يفرض صيام رمضان فقد كان الأمر بصيامه على الوجوب والفرضية ، على الراجح كما سبق بيانه ثم بعد نزول شهر رمضان المبارك ، نُسِخَ الوجوب إلى الاستحباب مع ثبوت الأجر الوفير . قال الإمام مسلم في صحيحه : حدثنا قُتِيبَةُ بنُ سعيدٍ ومحمدُ بنُ رُمحٍ جَميعًا ، عن اللَّيثِ ابنِ سعدٍ ، قال : قال ابنُ رُمحٍ ، قال : أخبرنا الليثُ ، عن يزيدَ بنِ أبي حبيبٍ ، أنَّ عِراكًا أخْبَرهُ ، أنَّ عُروَةَ أخبَرَهُ أنَّ عائشةَ أخبرَتْهُ أنَّ قُرَيشًا كانت تصُومُ عاشوراءَ في الجاهليَّةِ ثُمَّ أمرَ رسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصيامهِ حتَّى فُرِضَ رمضانُ فقال : رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " مَنْ شاء فليصٌمهُ ومَن شاء فليُفطِرْهُ " . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) ـ باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 116 ـ ( 1125 ) / ص : 270 . قال الإمام البخاري في صحيحه : حدثنا عبدُ اللهِ بنُ مسْلَمَةَ ، عن مالِكٍ ، عن ابنِ شِهابٍ ، عن حُمَيدٍ بنِ عبدِ الرحمنِ ، أنه سمعَ مُعاويةَ بنَ أبي سُفيانَ ـ رضي الله عنهما ـ يوم عاشوراء عام حَجَّ على المِنبَرِ يقولُ يا أهلَ المدينِة أين عُلماؤكُم سمعتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " هذا يومُ عاشوراء ولم يكتب اللهُ عليكُم صيامَهُ وأنا صائِمٌ فمَن شاء فليصُم ومَن شاء فليُفطِرْ " . صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / حديث رقم : 2003 / ص : 225 . ورغم تحول الحكم من الوجوب إلى الاستحباب رغم ذلك كان صلى الله عليه وسلم يحرص كل الحرص على تحري صيامه ابتغاءًا للأجر الوفير ( يكفر السنة الماضية ) .قال الإمام البخاري في صحيحه : حدثنا عُبيدُ بنُ موسى ، عن ابنِ عُيَينَةَ ، عن عبيدِ اللهِ بنِ أبي يزيدَ ، عن ابن عباسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قال : ما رأيتُ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتحَرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَهُ على غيرهِ إلاَّ هذا اليوم يومَ عاشوراءَ وهذا الشَّهرَ- يعني شهر رمضانَ . صحيح البخاري / ( 13 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) باب : صيام يوم عاشوراء / حديث رقم : 2006 / ص : 225 . قوله : يتحرى : أي : يقصد . قوله : وهذا الشهر يعني شهر رمضان ...... وإنما جمع ابن عباس بين عاشوراء ورمضان ـ وإن كان إحداهما واجبًا والآخر مندوبًا ـ لاشتراكهما في حصول الثواب ، لأن معنى " يتحرى " أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه . ا . هـ . قال الإمام مسلم في صحيحه : حدثنا أبو بكرِ بنُ أبي شَيبةَ وعَمرٌو النّاقِدُ جميعًا ، عن سُفيانَ ، قال : قال أبو بكرٍ حدثنا ابنُ عُيينَةَ ، عن عُبيدِ اللهِ بنِ أبي يزيدَ سمعَ ابنَ عباسٍ ـ رضي الله عنهما ـ وسُئلَ عن صيامِ يومَ عاشوراءَ فقال : ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ صامَ يومًا يطلُبُ فضْلَهُ على الأيامِ إلاَّ هذا اليومَ ، ولا شهرًا إلاَّ هذا الشهرَ - يعني رمضانَ . صحيح البخاري / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 131 ـ ( 1132 ) / ص : 271 . * * * * * |
#6
|
||||
|
||||
التطبيق العملي للصحابة باستحباب صيامه صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / حديث رقم : 2003 / ص : 225 . قال البخاري في صحيحه : عن عبدِ اللهِ بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : " دخَلَ عليهِ الأشْعَثُ وهو يَطْعَمُ فقال : اليومُ عاشوراءُ . فقال : كان يُصامُ قبلَ أن ينزلَ رَمضانُ فلمَّا نزلَ رمضانُ تُرِكَ ، فادْنُ فَكُلْ " . صحيح البخاري / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 24 ) ـ باب : {يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيكمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ... } / حديث رقم : 4503 / ص : 528 . ..... واستدل بهذا الحديث على أن صيام عاشوراء كان مفترضًا قبل أن ينزل فرض رمضان ثم نُسخ . ..... والظاهر أن صيام عاشوراء ما كان إلا عن توقيف ، ولا يضرنا في هذه المسألة اختلافهم هل كان صومه فرضًا أو نفلاً . قال مسلم في صحيحه : وحدثني محمد بنُ حاتِمِ ، قال : حدثنا إسحقُ بنُ منصورِ ، قال : حدثنا إسرائيلُ عن منصور ، عن إبراهيمَ ، عن عَلْقَمَةَ قال : دخلَ الأشْعَثُ بنُ قيسٍ على ابن مسعودٍ وهو يأكلُ يومَ عاشوراءَ فقال : يا أبا عبدِ الرحمنِ إنَّ اليومَ يومُ عاشوراءَ . فقال : قد كان يُصامُ قبلَ أن يَنْزِلَ رمضانُ ، فلما نزل رمضانُ تُركَ فإن كنتَ مُفْطِرًا فاطْعَمْ . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) ـ باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 123 ـ ( 1182 ) / ص : 271 . * * * * * أي يوم هو عاشوراء ؟ عاشوراء وتاسوعاء اسمانِ ممدُودانِ ، هذا هو المشهورُ في كتب اللغة قال أصحابنا : عاشوراء هو اليوم العاشر من المُحَرَّمِ ، وتاسوعاءُ هو التاسع منه هذا مذهبُنا ، وبه قال جمهورُ العلماءِ ، ... وهو ظاهرُ الأحاديث ومقتضى إطلاقِ اللفظِ ، وهو المعروفُ عندَ أهلِ اللغةِ . انظر المجموع للنووي ـ رحمه الله ـ ( 6 / 383 ) . عاشوراءُ هو اليومُ العاشرُ من المُحَرَّمِ ، وتاسوعاءُ هو التاسعُ منه . واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عند مسلم في الصحيح . قال مسلم في صحيحه : وحدثنا الحسنُ بنُ عليٍّ الحُلوانِيُّ ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا يحيَى بن أيوبَ ، قال : حدثني إسماعيلُ بن أميَّةَ أنه سمع أبا غَطَفانَ بن طريفٍ المُرِّيَّ يقول : سمعتُ عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يقولا حين صام رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عاشوراء وأمر بصيامهِ ، قالوا : يا رسولَ اللهِ إنه يومٌ تُعظِّمُهُ اليهود والنصارى . فقال رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فإذا كان العام المقبلُ إن شاء اللهُ صمنا اليومَ التاسعَ " . قال فلم يأتِ العامُ المقبلُ حتى تُوفِّي رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 20 ) ـ باب : أي يوم يصام في عاشوراء / حديث رقم : 133 ـ ( 1134 ) / ص : 272 . أن قوله : صام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عاشوراء ، مع قوله : في العام المقبل صمنا التاسع صريح في أن اليوم الذي كان يصومه على أنه عاشوراء ليس هو اليوم التاسع ، فتعين العاشر لأن الخلاف دائر بين هذين اليومين ؛ فهذا دليل مركب من الخبر والإجماع الضمني الظني . ويؤخذ من الحديث حكم آخر : وهو استحباب صيام اليوم التاسع من شهر الله المُحَرَّمِ مع اليوم العاشر . الحكمة من صيام التاسع : لصيام التاسع مع العاشر حكمتان : الأولى : مخالفة اليهود والنصارى فهم يخصون عاشوراء بالصيام ، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كما سبق . صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 20 ) ـ باب : أي يوم يصام في عاشوراء / حديث رقم : 133 ـ ( 1134 ) / ص : 272 . وصححه الشيخ الألباني في : سلسلة الأحاديث الصحيحة / ج : 1 القسم الثاني / تحت حديث رقم : 350 / ص : 686 ، فهذا الحديث صريح في أنه صلى الله عليه وسلم ، هَمَّ بصوم التاع خشية فوات العاشر . * فيظهر مما سبق أن استحباب صيام التاسع مع العاشر معلل بعلتين وهما الاحتياط والمخالفة ، والقاعدة في الأصول : [ يجوز تعليل الحكم بعلتين ] ، ومن ثَمَ فلا تعارض بين الأخبار الواردة في التعليل . * * * * * |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|