الشيطان يضع القيم في ماء الهوى فتذوب كما يذوب السكر

[أم أبي التراب]

《الشيطان يضع القيم في ماء الهوى فتذوب كما يذوب السكر》!

لا تضعوا أولادكم في مهب الريح ثقة منكم بمايحملون من قيم؛فإنالشيطان يضع القيم في ماء الهوى فتذوب كما يذوب السكر !
إن الأم التي تفرط في حماية ابنتها وتقول : أنا أثق بابنتي وماتحمل من قيم؛ يقال لها:
أما ابنتك فهي أهل للثقة؛ وأما الشيطان فليس أهلا للثقة؛ كيف وقد أخرج آدم عليه السلام مما كان فيه من النعيم بالوسوسة؟!
أنت لاتعلمين كم تفقد الفتاة في سنة واحدة من جميل صفاتها، وكريم حيائها، وكم سيصبح ماكان صعبًا سهلًا ؛ حين تفرطين بها فتضعينها في مكان الفتن !
ليس الخوف من جهة ضعف قيمها؛ إنما الخوف من النفس التي تقبل الشيطان !
حين نحمي أولادنا؛ فلأن تفكيرنا منصب على مكائد الشيطان لنفوسهم، وكم سيفعل بهم، وكم سيترصد لغضاضة سنهم، وضعف خبراتهم !
كيف نأمن على أغلى ماعندنا؛ فنضعهم في طريقه ليتربص لهم مع كل لفتة؟!
هذه الطرق بدايتها سهلة يسيرة ونهايتها من أخطر مايكون!
تزل القدم ويسقط الإنسان في هذه الحياة في دقيقة!
فتحة بسيطة في مسألة كبيرة تجعله يسقط!
لأجل هذا عليك أن تنظر جيدًا إلى ماتفتحه على نفسك من المسموع والمقروء والأفكار التي تلتقط من هنا وهناك .

انتبه جيدًا فأنت تضع من كل ذلك بصمة في قلبك، وماستتبناه منه سيسجل عليك، وما سينبني عليه من قرارات تجاه نفسك أو أبنائك سيعود أثره عليك !

أولو الألباب لا يأخذون أفكارهم وقناعاتهم وعقائدهم وأخلاقهم مما هب ودب؛ بل ينظرون بنور الله، ويعلمون أن قلوبهم أمانة عندهم، وأن عليهم إيصالها لربها سالمة من الفتن.
أن تشتري بيتا في الدنيا قرار تقام له الندواتوالاجتماعات؛ فكيف ببيت في الجنة ؟!
أتظن بيت الجنة رخيصًا ؟
لابد لنحصل عليه من الصبر على مانبتلى به من فتن!

لابد من الصبر عن أن نضع أقدامنا وأقدام أبنائنا في طريق لانعرف نهايته، خصوصًا البنات منهم؛ فإن في صلاحهن صلاح الأساس، وإن في صلاح الأساس صلاح ما ارتفع من البنيان !
-هنا-

[أم أبي التراب]

"إنَّ للشَّيطانِ لمَّةً بابنِ آدمَ ،وللملَك لمَّةً ،فأمَّا لمَّةُ الشَّيطانِ فإيعادٌ بالشَّرِّ وتَكذيبٌ بالحقِّ، وأمَّا لمَّةُ الملَك فإيعادٌ بالخيرِ وتصديقٌ بالحقِّ ،فمن وجدَ ذلِك فليعلم أنَّهُ منَ اللهِ فليحمدِ اللَّهَ ،ومن وجدَ الأخرى فليتعوَّذ باللَّهِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ ثمَّ قرأ "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ"الآيةَ"الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2988 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

"للشَّيطانِ لمَّةً بابنِ آدمَ" اللَّمَّة بالفتحِ من الإلمامِ ، ومعناه النزول ، والقرب ، والإصابة ، والمراد بها ما يقع في القلب بواسطة الشيطان .

"وللملَك لمَّةً"أي: همَّةً وخاطرًا وإصابةً تقَعُ في قلبِ العبدِ.

فلمة الشيطان: تسمى وَسوسة ، ولمة الملك:تسمى إلهامًا.


"لمَّةُ الشَّيطانِفإيعادٌ بالشَّرِّ وتَكذيبٌ بالحقِّ"كالكفر ، والفسق ، والظلم "وتَكذيبٌ بالحقِّ"أي : في حق الله ، أو حق الخلق ، أو بالأمر الثابت كالتوحيد ، والنبوة ، والبعث ، والقيامة ، والنار ، والجنة.


"وأمَّا لمَّةُ الملَك فإيعادٌ بالخيرِ وتصديقٌ بالحقِّ""فإيعادٌ"، أي: وعدٌ، "بالخيرِ"، أي: الطَّاعةِ، "وتصديقٌ بالحقِّ"، أي: إيمانٌ باللهِ تعالى وملائكتِه وكُتبِه ورُسلِه واليومِ الآخِرِ، والوعدِ مِن الرَّحمنِ بالجِنانِ.

"فمَن وجَد"، أي: أحَسَّ وأدرَك في نفْسِه وقلبِه، "ذلك" أي: لِمَّةَ الملَكِ، "فَلْيَعلَمْ" أي: العبدُ الَّذي أصابَتْه لِمَّةُ الملَكِ، "أنَّه مِن اللهِ"، أي: مِن فَضلِه ومَنِّه ونِعَمِه على عبدِه، "فَلْيحمَدِ اللهَ"، أي: يَشكُرْه على نِعَمِه بالتَّزامِ تلك الطَّاعةِ، "ومَن وجَد الأخرى"، أي: أحَسَّ وأدرَك لِمَّةَ الشَّيطانِ وخاطِرَه، "فَلْيتعوَّذْ باللهِ" أي: يَلجَأْ ويَحْتَمِ بذِكْرِ اللهِ تعالى، "مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ"، ويُخالِفْه فيما أمَره به.

*والإيعاد في اللمتين من باب الإفعال ، والوعيد فيالاشتقاق كالوعد ،إلا أن الإيعاد اختص بالشر عُرفًا يقال أوعد إذا وعد بشر إلا أنه استعمله في الخير للازدواج ، والأمن عن الاشتباه بذكر الخير بعده.»
الدرر السنية .
ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» كتاب الإيمان » باب في الوسوسة