العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الحديث وعلومه > ملتقى الحديث وعلومه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 06-07-2021, 12:28 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224
Post يا ابْنَ الأكْوَعِ مَلَكْتَ فأسْجِحْ

يا ابْنَ الأكْوَعِ مَلَكْتَ فأسْجِحْ



عن يزيد بن أبي عبيد قال سمعت سلمة بن الأكوع يقول:خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَرْعَى بذِي قَرَدٍ، قالَ: فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، فَقالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُلتُ: مَن أَخَذَهَا؟ قالَ: غَطَفَانُ، قالَ: فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ، يا صَبَاحَاهْ، قالَ: فأسْمَعْتُ ما بيْنَ لَابَتَيِ المَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ علَى وَجْهِي حتَّى أَدْرَكْتُهُمْ بذِي قَرَدٍ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْقُونَ مِنَ المَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بنَبْلِي، وَكُنْتُ رَامِيًا، وَأَقُولُ: أَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَرْتَجِزُ حتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ منهمْ، وَاسْتَلَبْتُ منهمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً، قالَ: وَجَاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ، فَقُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، إنِّي قدْ حَمَيْتُ القَوْمَ المَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إلَيْهِمِ السَّاعَةَ، فَقالَ: يا ابْنَ الأكْوَعِ مَلَكْتَ فأسْجِحْ، قالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى نَاقَتِهِ حتَّى دَخَلْنَا المَدِينَةَ."الراوي : سلمة بن الأكوع/ صحيح مسلم.

واللقاح : جمع لَِقحة بكسر اللام وفتحها وهي ذات اللبن ، قريبة العهد بالولادة.

فَصَرَخْتُ: أيْ فَصِحْتُ بصوتٍ عَالٍ "ثَلاثَ صَرْخَاتٍ" نفحات، أي أصوات "أَسْمَعَتْ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا" اللَّابة: الحَرَّة، أرضٌ ذاتُ حجارةٍ سود، وَهُما حرَّتان تكتنفان المدينة، وَالمعنى: أَسْمَعت من في طرفيها وَجَانبيهَا، وَالمراد مَن فيها بأسْرِها"يَا صَبَاحَاه" مُنادى مُستغاث، وَالهاء للسكت، وَالألف للاستغاثة، فكأنَّه نادى الناس استغاثةً بهم في وَقت الصَّباح"يَا صَبَاحَاهُ" كرَّره للتأكيد، وَقِيل: مَعناه يا غارتاه؛ لأنَّها تكون في الصُّبح غالبًا، وَفيه إشعارٌ بأنَّه كان وَاسع الصَّوت جِدًّا، وَيُحتمل أن يكونَ ذلك من خوارق العَادة.

"ثُمَّ انْدَفَعْتُ" أي أسرَعْتُ في السَّير، "عَلَى وَجْهِي"، أي لم ألتفت يَمينًا وَلا شمالًا، بل أَسْرَعَتُ الجرْيَ مِن جِهَةِ وَجهي وَتوجَّهت إليهم بكلِّيَّتي، وَكان شديد العَدْوِ على أثرِ العَدُوِّ،
"حَتَّى أَدْرَكْتُهُم" "وَقَدْ أَخَذُوْهَا" يعني اللِّقاح، وَالجملة حَالية.
"فَجَعَلْتُ" أَيْ شَرَعْتُ وَطَفِقْتُ، وَفي رِوَاية: فأَقبلت "أَرْمِيْهِم"أي بالسِّهام، وَفي روَايةٍ للبُخاري: فجعلتُ أرميهم بِنَبْلِي، وَهُوَ بفتح النون وَسكون الموحَّدة: السَّهم العربي، "وَأَقُوْلُ: أَنَا ابنُ الأَكْوَعْ" يوقف عليه بالسكون مراعاةً للسَّجع، وَكذا في قوله"وَاليَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ" بضم الرَّاء وَتشديد الضاد المعجمة المفتوحة جمع رَاضع، وَهُوَ البخيل اللئيم، فمعناه: خذ الرَّمية من
الكرام، واليَوْمُ يَوْمُ هَلَاكِ اللِّئَامِ.فمعناه اليوم يوم اللئام أي اليوم يوم هلاك اللئام.
ثُمَّ اعلمْ أنَّ العرب يُكَنُّوْنَ عن البُخل وَاللُّؤْم بالرضاع وَالمصِّ، وَسَبَبُ ذلكَ أنَّ شخصًا كان شديدَ البخل فكان إذا أراد حَلْبَ ناقته ارتضع من ثديها لئلا يحلبهَا فيَسمع جيرانه، أو من يمرُّ به صَوت الحلب فيطلبون منه اللبن، وَقيلَ: بل صنع ذلك لئلا يتبدَّد من اللبن شيء إذا حُلب في الإناء، أو يبقى في الإناء شيءٌ إذا شربه منه، فقالوا في المثل: أَلْأَمُ مِن راضع، ... وَقيل: مَعناه هذا يَومٌ شديدٌ عليكم، تُفارق فيه المرضعة مَن أرضعته، فلا تجد من تُرضعه، وَكأنَّه مَأخوذٌ من قوله"يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ"الحج: 2 .
"فَأَقْبَلْتُ أَرْمِيْهُم بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزْ"
"فَاسْتَنْقَذَتْهَا" بالقاف وَالذَّالِ المُعجمة، أي استخلصت اللِّقاح "مِنْهُم" أيْ من غَطفان وَفَزَارة.
وَفي روَايةٍ للبُخاري: «حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، "وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً".
"فلقيني النَّبي صَلى الله عليه وَسلم"
فَلَقِيَهُ سَلَمَةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيْقِ بَعْدَ اسْتِنْقَاذِهِ اللَّقَاحَ مِنْهُم، فَنَزَلَ النَّبي صلى الله عليه وَسلم عَلَى مَاءٍ فِي ذَلِكَ الوَادِي يُقَالُ لَهُ: ذُوْ قَرَدٍ، بفتح القاف وَالراء بعدها دال مُهملة، وَهُوَ مما يلي بلاد غَطفان، على نحو بريدٍ، وَقيل: على مسَافةِ يَوْمٍ وَليلةٍ.

قد حميت القوم الماء:أي منعتهم من الشرب . "فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إنَّ القَوْمَ" يعني غَطَفَان وَفَزَارَةَ "عِطَاشٌ"، بكسر "فَابْعَثْ إلَيْهِمِ السَّاعَةَ"أي أرسل جماعةً في عَقبهم ابعثني مَعهم في آثارهم لأقتلهم وَآخذهم أسرَى من دِيَارهم.
فَقَالَ: أَي النَّبي عَلَيْهِ السَّلام"يَا ابْنَ الأَكْوَعَ، مَلَكْتَ" وَفي نُسخة"إذا ملكت" أي قَدِرْتَ عَلَيْهِم فَاسْتَعْبَدَتُهم وَهُمْ في الأَصْل أحرار "فَأَسْجِح" بهمزة قطع وَكسر جيم وَسُكون حاءٍ مهملة، أي ارفق بهم وَلا تأخُذهم بالشِّدَّةِ لهم، وَهذا لكونه رَحمةً للعَالمين، وَلِتوقُّع إيمانهم.
وَأصلُ السَّجاحة السُّهولة وَالسَّماحة، وَالإسجَاح: إحسَان العفو، وَهذا مَثَلٌ للعرب.
"ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةَ وَأَرْدَفَنِي رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وَسلم عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا المَدِيْنَةَ".


رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 07:07 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر