#51
|
||||
|
||||
42- طالبُ العلْمِ يَعيشُ شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها القارئ: الأمر الثاني والأربعون: طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها : فهما له كالْجَناحينِ للطائرِ ، فاحْذَرْ أن تكونَ مَهيضَ الْجَناحِ . الشيخ: صحيح .. هذا أيضا من آداب طالب العلم. وبقي شيء آخر (طالب العلم يعيش بين الكتاب والسنة)، فهما كالجناجين للطائر والطائر لا يطير إلا بجناحين إذا انكسر أحدهما لم يطر، إذا لا تراعي السنة وتغفل عن القرآن، أو القرآن وتغفل عن السنة، كثير من طلبة العلم يعتني بالسنة وشروحها ورجالها، ومصطلحاتها اعتناء كاملا، لكن لو سألته عن آية من كتاب الله. ما قدم الإجابة، ولا عرف شيئا. هذا غلط، لكن لا بد أن يكون الكتاب والسنة كلاهما جناحان لك، والجناح الأصل هو: القرآن. وثم أيضا شيء ثالث- لكن هو داخل في قول المؤلف و(علومها): كلام العلماء، أيضا لا تهمل كلام العلماء ولا تغفل عنه، لأن العلماء أشد منك رسوخا في العلم، وعندهم من قواعد الشريعة وضوابط الشريعة وأسرارها ما ليس عندك فلا تغفله. ولذلك كان العلماء الأجلاء المحققون إذا ترجح عندهم قول يقولون: «إن كان أحد قال به وإلا فلا نقول به». شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على علمه وسعة إطلاعه، إذا قال قولا لا يعلم به قائلا. قال : «أنا أقول به إن كان قد قيل به». ولا يأخذ برأيه، ويقول: خلاص أنا فهمت من القرآن كذا ولا علي من الناس. هذا غلط. أنت إذا رأيت أكثر العلماء على قول، فلا تعدل عن قول أكثر العلماء إلا بعد التمحيص والتحقق، لأنه من المستبعد أن يكون الأقل هم أهل العلم. بمعنى: إذا رأيت مسألة من المسائل اختلف فيها العلماء وأكثرهم يقول بكذا، والآخرون يقولون بكذا، وترجح عندك قول الأقل ، لا تأخذ به مباشرة ، فكر، ما أدلة الآخرين؟ لأن الأكثر في الغالب يكون معهم الحق ، ففكر أولا ، ثم إذا تبين لك أن الحق مع الأقل فاتبع الحق ، لكن كونك تأخذ مباشرة بما ترجح عندك والجمهور على خلافه هذا لا ينبغي أبدا . كذلك أيضا تأتي مثلا أدلة شواذ تخالف الأدلة التي هي كالجبال في الشريعة والدلالة فيأخذ الإنسان بهذا الدليل الشاذ، ولعله لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ثبت وهو منسوخ ، أو ثبت وهو مخصوص، فنقول ارفق ما دام هذا يخالف الأدلة التي هي كالجبال للشريعة فلا تتعجل في الأخذ به انتظر وتمهل ، فهذان أمران أنبه عليهما لأهميتهما : - مخالفة الجمهور. - ومخالفة القواعد في الشريعة الإسلامية. القواعد التي تعتبر كالجبال للأرض ، رواسخ. آفاق التيسير القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 42- طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها : فهما له كالْجَناحينِ للطائرِ ، فاحْذَرْ أن تكونَ مَهيضَ الْجَناحِ . الشيخ: الأصل في العلم الشرعي هو الكتاب والسنة ، وحينئذ لابد أن يكون هما الذي يعوّل عليه طالب العلم في علمه ، ومن ثَمّ فقراءة أقوال العلماء والبحث في كتب الفقه ، إنما هي وسائل يستعين بها الإنسان على ضبط العلم وعلى القدرة على مراجعة النصوص الشرعية كتابا وسنة ، فهذه وسائل ، وإلا فإنّ الأصل هو الكتاب والسنة ، ولذلك طالب العلم تجده يعيش بين هذين الأصلين : أولا : يراجع حفظه للقرآن ، ويتأمل في فهم القرآن. وثانيا : يسرد كتب السنة ويحاول ضبط ما يستطيع ضبطه منها. والله جل وعلا قد أمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة ، {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} آيات الله يعني القرآن ، والحكمة يعني السنة. {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} يعني الكتاب والسنة ، نعم . آفاق التيسير |
#52
|
||||
|
||||
43-استكمالُ أدواتِ كلِّ فَنٍّ : لن تكونَ طالبَ عِلْمٍ مُتْقِنًا مُتَفَنِّنًا – حتى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ – ما لم تَستكمِلْ أدواتِ ذلك الفَنِّ ، ففي الفِقْهِ بينَ الفقْهِ وأصولِه ، وفي الحديثِ بينَ عِلْمَي الروايةِ والدِّرايةِ .... وهكذا ، وإلا فلا تَتَعَنَّ . قالَ اللهُ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } فيُستفادُ منها أنَّ الطالِبَ لا يَتْرُكُ عِلْمًا حتى يُتْقِنَهُ .شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) الشيخ: استكمال أدوات كل فن. يريد بذلك: أنك إذا أردت أن تكون طالب علم في فن معين، وهو ما يعرف عندنا بالتخصص، فلا بد أن تكون مستكملا أدوات ذلك الفن، يعني عندك علما به، فمثلا في الفقه إذا كنت تريد أن تكون عالما بالفقه، فلا بد أن تقرأ الفقه وأصول الفقه لتكون متبحرا فيه، وإلا فيمكن أن تعرف الفقه بدون علم الأصول، ولكن لا يمكن أن تعرف أصول الفقه بدون الفقه. يعني: يمكن أن يستغني الفقيه عن أصول الفقه، لكن لا يمكن أن يستغني الأصولي عن الفقه، إذا كان يريد الفقه. ولهذا اختلف العلماء، علماء الأصول: هل الأولى لطالب العلم أن يبدأ بأصول الفقه لابتناء الفقه عليه أو بالفقه لدعاء الحاجة إليه، حيث أن الإنسان يحتاجه في عمله، حاجاته، ومعاملاته قبل أن يفطن إلى أصول الفقه. والثاني- هو الأولى وهو المتبع غالبا. وهنا استدل بقول الله تعالى :(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) (سورة البقرة: 121). والمراد بالتلاوة هنا: التلاوة اللفظية، والتلاوة المعنوية، والتلاوة العملية، مأخوذة من تلاه إذا اتبعه، فالذين آتاهم الكتاب لا يمكن أن يوصفوا بأنهم أهل الكتاب حتى يتلوه حق تلاوته. قوله :«وفي الحديث بين علمي الرواية والدراية» يعني بذلك الرواية في أسانيد الحديث ورجال الحديث. والدراية في فهم معناه. آفاق التيسير شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 43- استكمالُ أدواتِ كلِّ فَنٍّ : لن تكونَ طالبَ عِلْمٍ مُتْقِنًا مُتَفَنِّنًا – حتى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ – ما لم تَستكمِلْ أدواتِ ذلك الفَنِّ ، ففي الفِقْهِ بينَ الفقْهِ وأصولِه ، وفي الحديثِ بينَ عِلْمَي الروايةِ والدِّرايةِ .... وهكذا ، وإلا فلا تَتَعَنَّ . قال َاللهُ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } فيُستفادُ منها أنَّ الطالِبَ لا يَتْرُكُ عِلْمًا حتى يُتْقِنَهُ . الشيخ : هذا الأدب اشتمل على أمرين : الأمر الأول : معرفة أدوات العلم قبل الدخول فيه ، لو جاءنا إنسان وبدأ يدرس النحو ، وأصبح أخذ المرفوعات والمنصوبات ، لكنه أصلا لا يعلم ولا يعرف أنّ النحو يتعلّق بأواخر الكلمات ، ليس لديه فهم المصطلحات لهذا العلم ، ولا يعرف المنشأ الذي نشأ منه هذا العلم ، فلن يتقن هذا العلم ، وهكذا في بقيّة الفنون ، عندما يريد الإنسان فهم الكتاب والسنة ، واستخراج الأحكام منها ، إذا لم يعرف القواعد الأصولية لن يتمكن من هذا ، وحينئذ إذا أراد أن يحكم على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا ، لابد أن يعرف قواعد المصطلح ويكون عنده قدرة على معرفة أحوال الرواة ، فإذا لم يكن محيطا بالوسيلة لن يتمكن من الوصول إلى الغاية ، وبالتالي لابد من معرفة الأدوات قبل الولوج في تعلّم العلم. الأمر الثاني : مما ذكره المؤلف هنا ؛ ألا يترك العلم حتى يتقنه ، إذا ابتدأ الطالب بعلم ثم ملّ وانتقل إلى غيره ، وأهمل العلم الأوّل فحينئذ قد أضاع وقته ، من أخذ كتابا وقرأ ربعه ، نصفه ثم انتقل إلى غيره ، ما يتمكّن أن يقول : قرأت الكتاب ، ولا يتمكّن أن يقول : هذه المعلومة ليست في الكتاب ، لأنه لم يحط بالكتاب ، نعم. آفاق التيسير عِلم الحديث" روايــة " و " درايــة" *أولاً : علـم الحديــث روايــة : علـم الحديـث روايـة هـو : نقـل السـنة مـن أقـوال النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وأفعالـه ، وتقريراتـه ،وخَلْقِـهِ ، وخُلقِـهِ ، وغيـر ذلـك ، وحفظهـا في الصـدور ، وإثباتهـا بالسـطور ، وضبطهـا ، وتحريـرألفاظهـا ، وإسـناد ذلـك إلـى مـن عـزي إليـه بتحديـث وإخبـار وغيـر ذلـك. 120 سؤال وجواب ... / الحكمي / ص : 15 . فعلـم الحديـث روايـة يبحـث عمـا يُنقَـل عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـن أقوالـه وأفعالـه وأحوالـه . مثالـه : إذا جاءنـا حديـث عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فإننـا نبحـث فيـه هـل هـو قـول أو فعـل أو حـال ؟ . وهـل يـدل علـى كـذا أو لا يـدل ؟ فهـذا هـو علـم الحديـث روايـة ، وموضوعـه البحـث فـي ذات النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ،ومـا يصـدر عـن هـذه الـذات مـن أقـوال وأفعـال وأحـوال . ومـن الأفعـال الإقـرار ، فإنـه يعتبـر فعـلاً . وأمـا الأحـوال فهـي صفاتـه ، كالطـول ، والقِصَـر واللـون والغضـب والفـرح ومـا أشـبه ذلـك . شرح البيقونية ... / للشيخ العثيمين / ص : 8 / بتصرف . حكمـــه : ـ الوجـوب الكفائـي علـى الأمـة . ـ الوجـوب العينـي علـى مـن تفـرد بـه . جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 17 . *ثانيـًا : علـم الحديــث درايــة : علـم الحديـث درايـة يُعْـرَف " بمصطلـح الحديـث " أو " بأصـول الحديـث " . وموضوعـه : بيـان قواعـد البحـث فـي آحـاد السـنة عـن أحـوال السـند والمتـن وما يتعلـق بهمـا مـن حيـث القبـول والـرد . 120 سؤال وجواب في ... / ص 20 / بتصرف . أي هـو علـم يُعْـرَف بـه حـال الـراوي والمـروي مـن حيـث القبـول والـرد . جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 13 . حكمـــه : ـ الوجـوب الكفائـي علـى الأمـة فـي مجموعهـا لتوقـف معرفـة المقبـول والمـردود عليـه . فـعلم الحديث رواية : المقصود به هو نقل السنة وضبطها كما فعل العلماء في كتب الحديث والسنن.ـ والوجـوب العينـي علـى مـن تفـرد بمعرفتـه فيجـب عليـه أن يعمـل بمقتضـى العلـم بـه تدريسـًا وتصنيفـًا وتطبيقـًا فـي قبـول مـا يُقْبَـل ورد مـا يُـرد . جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 15 . أما علم الحديث دراية فالمراد به هو: علم مصطلح الحديث.فهوعلم يعرف به حال الراوي والمروي من جهة القبول والرد . - علم الحديث روايةً: وهو العلم الذي يبحث في نقل الحديث من جيل إلى جيل بشكل منضبط، حفظاً في الصدور وكتابة في السطور.هنا - علم الحديث درايةً: وهو العلم الذي يبحث في القواعد التي يعرف بها الحديث المقبول من الحديث المردود، فقد وضع العلماء مجموعة من الأسس والقواعد المتعلقة بسند الحديث ومتنه، والتي تساعد في الحكم على الحديث من حيث صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو عدم صحتها، ويسمى علم الحديث درايةً علم مصطلح الحديث أو علم أصول الحديث.هنا أهداف علم الحديث: لعلم الحديث روايةً ودرايةً أهداف في غاية الأهمية منها: 1- حفظ الحديث النبوي من الضياع والاندثار، وذلك بروايته مشافهةً وكتابته جيلاً عن جيل، حتى وصل إلينا. 2- التمييز بين الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة، وقد منع هذا من دخول الأحاديث الضعيفة والموضوعة في الدين. 3- بناء العقلية الإسلامية الناقدة الممحصة، التي لا تأخذ كلَّ ما تسمع وإنما تبحث وتتحرى وتنقب حتى تصل إلى الحقيقة، فإن صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلناه وإن لم يصح رددناه. 4- ابتغاء الأجر العظيم على بذل الجهد للمحافظة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم. 5- تسهيل مهمة المفسر والفقيه لاستنباط الأحكام.هنا |
#53
|
||||
|
||||
الفصل السادس تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :التَحَلِّي بالعَمَلِ 44- من عَلاماتِ العِلْمِ النافِعِ : العَمَلُ به . كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ . تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا . الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا . هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ . إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم . وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ : لا تَعْرِضَنَّ بذِكْرِنا مع ذِكْرِهمْ = ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي : العَمَلُ به . كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ . تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا . الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا . هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ . إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم . هذه من علامات العلم النافع: أولا- العمل به: وهذا بعد الإيمان، أن تؤمن بما علمت ثم تعمل إذ لا يمكن العمل إلا بإيمان، فإن لم يوفق الإنسان لذلك، بأن كان يعلم الأشياء ولكن لا يعمل بها فعلمه غير نافع، لكن هل هو ضار أم لا نافع ولا ضار؟ هو ضار... لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القرآن حجة لك أو عليك»* ولم يقل: لا لك ولا عليك فالعلم إما نافع أو ضار. ثانيا- كراهية التزكية، والمدح، والتكبر على الخلق: وهذه ابتلي به بعض الناس، فيزكي نفسه ويرى أن ما قاله هو الصواب وأن غيره إذا خالفه فهو مخطئ وما أشبه ذلك، كذلك يحب المدح. تجده يسأل ماذا قالوا لما تحدثوا عنه؟ وإذا قالوا: إنهم مدحوك، انتفخ وزاد انتفاخه حتى يعجز جلده عن تحمل بدنه، كذلك التكبر على الخلق، بعض الناس- والعياذ بالله – إذا آتاه الله علما تكبر. الغني بالمال ربما يتكبر، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم : العائل المستكبر من الذين لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.1 لأنه ليس عنده مال يوجب الكبرياء، ولكن العالم لا ينبغي أن يكون كالغني كلما ازداد علما ازداد تكبرا، بل ينبغي العكس كلما ازداد علما ازداد تواضعا، لأن من العلوم التي يقرؤها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخلاقه كلها تواضع للحق، وتواضع للخلق، لكن على كل حال إذا تعارض التواضع للخلق أو الحق. أيهما يقدم؟ التواضع للحق.-على كل حال إذا تعارض التواضع للحق مع التواضع للخلق أيهما يقدم؟ يقدم التواضع للحق، فمثلا لو كان هناك إنسان يسبّ الحق ويفرح بمعاداة من يعمل به، فإنا لا نتواضع له، تواضع للحق، وجادل هذا الرجل حتى وإن أهانك أو تكلم فيك فلا تهتم به، فلا بد من نصرة الحق.-هنا ثالثا- تكاثر تواضعك كلما ازددت علما: وهذا في الحقيقة فرع من الثاني، يعني تتكبر على الخلق، وينبغي كلما ازددت علما تزداد تواضعا. رابعا- الهرب من حرب الترؤس والشهرة والدنيا: هذه أيضا قد تكون متفرعة عن كراهية التزكية والمدح، يعني لا تحاول أن تكون رئيسا لأجل علمك، لا تحاول أن تجعل علمك مطية إلى نيل الدنيا، فإن هذا يعني أنك جعلت الوسيلة غاية، والغاية وسيلة، ولكن هل معنى ذلك لو أنك كنت تجادل شخصا لإثبات الحق هل ينبغي أن تجعل نفسك فوقه أو دونه؟ فوقه لأنك لو شعرت بأنك دونه ما استطعت أن تجادله، أما لو أنك شعرت أنك فوقه من أجل أن الحق معك، فإنك حينئذ تستطيع أن تسيطر عليه. خامسا- هجر دعوى العلم: معناها: لا تدَّعِي العلمَ. لا تقول أنا العالم. أنا ابن جلا وطلاع الثنايا = متى أضع العمامة تعرفوني ومتى كان في المجلس تصدر المجلس، وإذا أراد أحد أن يتكلم يقول: اسكت أنا أعلم منك. سادسا- إساءة الظن بالنفس، وإحسانه بالناس، تنزها عن الوقوع بهم: أن يسيء الظن بنفسه لأنها ربما تغره وتأمره بالسوء فلا يحسن الظن بالنفس، وكلما أملت عليه أخذ بها. أما قوله «إحسانه بالناس» فهذا يحتاج إلى تفصيل. الأصل إحسان الظن بالناس وإنك متى وجدت محملا حسنا لكلام غيرك فأحمله عليه ولا تسيء الظن، لكن إذا عُلم عن شخصٍ من الناس أنه محل لإساءة الظن، فهنا لا حرج أن تسيء الظن من أجل أن تحترس منه لأنك لو أحسنت الظن به لأفضيت إليه كل ما في صدرك، ولكن ليس الأمر كذلك. وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ : لا تَعْرِضَنَّ بذِكْرِنا مع ذِكْرِهمْ = ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ. آفاق التيسير شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : الفصلُ السادسُ : التَحَلِّي بالعَمَلِ 44- من عَلاماتِ العِلْمِ النافِعِ : تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي : العَمَلُ به . كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ . تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا . الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا . هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ . إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم . وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ : لا تَـعْـرِضَـنَّ بـذِكْـرِنــا مــــع ذِكْــرِهــمْ ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ الشيخ : الأدب الرابع والأربعون من آداب طالب العلم : العمل بالعلم ، ويترتب على هذا أن تكون عارفا لمقدار نفسك ، فإنه كلما ازداد الإنسان من العلم كلما احتقر نفسه وتواضع لغيره ، وكلما نقص علم الإنسان ظنّ أنه قد حصّل العلم ، فتكبّر فيه ، ولذلك يحرص طالب العلم على العمل بما علمه. آفاق التيسير * - إسباغُ الوضوءِ شطرُ الإيمانِ و الحمدُ للهِ تملأ الميزانَ ، و سبحان اللهِ و الحمدُ للهِ تملآنِ أو تملأ ما بين السماءِ و الأرضِ ، و الصلاةُ نورٌ ، و الصدقةُ برهانٌ ، و الصبرُ ضياءٌ ، و القرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك ، كلُّ الناسِ يَغدو ، فبائعٌ نفسَه ، فمُعتِقُها أو موبِقُها الراوي : أبو مالك الأشعري- المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 189 - خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية 1- ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ( قال أبُو مُعاوِيَةَ : ولا يَنظُرُ إليهِمْ ) ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ . ومَلِكٌ كذَّابٌ . وعائِلٌ مُستَكْبِرٌ الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 107 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية |
#54
|
||||
|
||||
45- زكاةُ العِلْمِ : أَدِّ ( زَكاةَ العِلْمِ ) : صادعًا بالحَقِّ ، أمَّارًا بالمعروفِ ، نَهَّاءً عن الْمُنْكَرِ ، مُوازِنًا بينَ الْمَصالِحِ والْمَضَارِّ ، ناشرًا للعِلْمِ ، وحبِّ النفْعِ وبَذْلِ الجاهِ ، والشفاعةِ الحسَنَةِ للمسلمينَ في نوائِبِ الحقِّ والمعروفِ .وعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : (( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ )) ، رواه مسلِمٌ وغيرُه . قالَ بعضُ أهلِ العلْمِ : هذه الثلاثُ لا تَجتمِعُ إلا للعالِمِ الباذِلِ لعِلْمِه فبَذْلُه صَدَقَةٌ ، يُنْتَفَعُ بها ، والْمُتَلَقِّي لها ابنٌ للعالِمِ في تَعَلُّمِه عليه ، فاحْرِصْ على هذه الْحِلْيَةِ ؛ فهي رأسُ ثَمرةِ عِلْمِكَ . ولشَرَفِ العِلْمِ ؛ فإنه يَزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ ، ويَنْقُصُ مع الإشفاقِ، وآفَتُه الكِتْمَانُ . ولا تَحْمِلْكَ دَعْوَى فَسادِ الزمانِ ، وغَلَبَةِ الفُسَّاقِ ، وضَعْفِ إفادةِ النصيحةِ عن واجبِ الأداءِ والبَلاغِ ، فإن فَعَلْتَ ، فهي فِعْلَةٌ يَسوقُ عليها الفُسَّاقُ الذهَبَ الأحْمَرَ لِيَتِمَّ لهم الخروجُ على الفضيلةِ ورَفْعُ لواءِ الرَّذيلةِ . شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هذا زكاة العلم. تكون بأمور: منها: نشر العلم. كما يتصدق الإنسان بشيء من ماله، فهذا العالم يتصدق بشيء من علمه، وصدقة العلم أبقى دواما وأقل كلفة ومؤنة. أبقى دواما لأنه ربما كلمة من عالم تسمع ينتفع بها فئام من الناس وما زلنا الآن ننتفع بأحاديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولم ننتفع بدرهم واحد من الخلفاء الذين كانوا في عهده. وكذلك العلماء تنتفع بكتبهم وعلومهم، فهذه زكاة. وهذه الزكاة لا تنقص العلم بل تزيده. يزيد بكثرة الإنفاق منه = وينقص إن به كفا شددت ومن زكاة العلم أيضا: العمل به لأن العمل به دعوة إليه بلا شك، وكثير من الناس يتأسون بالعالم وبأعماله، أكثر مما يتأسون بأقواله وهذا بلا شك زكاة أيما زكاة، لأن الناس يشربون منها وينتفعون. ومنها أيضا: ما قاله المؤلف أن يكون صداعا للحق. وهذا من جملة النشر، ولكن النشر قد يكون في حال السلامة والأمن على النفس، وقد يكون في حالة الخطر، فيكون صداعا بالحق. ومنها: أي من تزكية العلم- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا شك أنه من زكاة العلم، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر هو عارف بالمعروف وعارف بالمنكر، ثم قائم بواجبه نحو هذه المعرفة. والمعروف: كل ما أمر به الله ورسوله. والمنكر: كل ما نهى الله عنه ورسوله. موازنا بين المصالح والمضار. لأنه قد يكون من الحكمة ألا تنهى حسب ما تقتضيه المصلحة، فالإنسان ينظر إلى المصالح والمضار.** وقوله : «ناشرا للعلم وحب النفع» يعني تنشر العلم بكل وسيلة للنشر من قول باللسان وكتابة بالبنان. وبكل طريق، وفي عصرنا هذا سخر الله لنا الطرق لنشر العلم، فعليك أن تنتهز هذه الفرصة من أجل أن تنشر العلم الذي أعطاك الله إياه، فإن الله تعالى أخذ على أهل العلم ميثاق أن يبينوه للناس ولا يكتموه، ثم ساق المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه والشاهد في قوله «أو علم ينتفع به» . أما قوله :«قال بعض أهل العلم. فبدله صدقة ينتفع بها والمتلقي لها ابن للعالم في تعلمه عليه». هذا قصور. والصواب خلاف ذلك. أن المراد بالصدقة الجارية، صدقة المال. وأما صدقة العلم فذكرها بعده بقوله «أو علم ينتفع به أو ولد صالح»* المراد به الولد بالنسب، لا الولد بالتعليم. فحمل الحديث على أن المراد بالعالم يعلم فيكون صدقة ويبقى علمه بعد موته ينتفع به ويكون طلابه أبناء له، فهذا لا شك تقصير في تفسير الحديث. والصواب: أن الحديث دل على ثلاثة أجناس مما ينتفع به الإنسان بعد موته. الصدقة الجارية، والصدقة إما جارية وإما مؤقتة. فإذا أعطبت فقيرا يشتري طعاما فهذه صدقة لكنها مؤقتة، وإذا حفرت بئرا ينتفع به المسلمون بالشرب، فهذه صدقة جارية. والأولى أن يقال «ولبركة العلم» فهذا أمثل، لكونه يزيد بكثرة الإنفاق. ووجه زيادته أن الإنسان إذا علم الناس مكث علمه في قلبه واستقر، وإذا غفل نسي. ثانيا- أنه إذا علم الناس فلا يخلو هذا التعليم من الفوائد الكثيرة، بمناقشة أو سؤال، فينمي علمه ويزداد، وكم من أستاذ تعلم من تلاميذه. قد يذكر التلميذ مسألة ما جرت على بال الأستاذ وينتفع بها الأستاذ فلهذا كان بذل العلم سببا في كثرته وزيادته. ثم لا تيأس ولا تقل: إن الناس غلب عليهم الفسق والمجون والغفلة، لا! أبذل النصيحة ما استطعت ولا تيأس لأنك إذا تقاعست واستحسرت فمن يفرح بذلك ؟ الفساق والفجار. كما قيل: خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري فلا تيأس، فكم من إنسان يأست من صلاحه، ففتح الله عليه وصلح. لكن يئست. آفاق التيسير شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 45- زكاةُ العِلْمِ : أَدِّ ( زَكاةَ العِلْمِ ) : صادعًا بالحَقِّ ، أمَّارًا بالمعروفِ ، نَهَّاءًا عن الْمُنْكَرِ ، مُوازِنًا بينَ الْمَصالِحِ والْمَضَارِّ ، ناشرًا للعِلْمِ ، وحبِّ النفْعِ وبَذْلِ الجاهِ ، والشفاعةِ الحسَنَةِ للمسلمينَ في نوائِبِ الحقِّ والمعروفِ . وعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ)) رواه مسلِمٌ وغيرُه . قالَ بعضُ أهلِ العلْمِ : هذه الثلاثُ لا تَجتمِعُ إلا للعالِمِ الباذِلِ لعِلْمِه فبَذْلُه صَدَقَةٌ ، يُنْتَفَعُ بها ، والْمُتَلَقِّي لها ابنٌ للعالِمِ في تَعَلُّمِه عليه ، فاحْرِصْ على هذه الْحِلْيَةِ ؛ فهي رأسُ ثَمرةِ عِلْمِكَ . ولشَرَفِ العِلْمِ ؛ فإنه يَزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ ، ويَنْقُصُ مع الإشفاقِ ، وآفَتُه الكِتْمَانُ . ولا تَحْمِلْكَ دَعْوَى فَسادِ الزمانِ ، وغَلَبَةِ الفُسَّاقِ ، وضَعْفِ إفادةِ النصيحةِ عن واجبِ الأداءِ والبَلاغِ ، فإن فَعَلْتَ ، فهي فِعْلَةٌ يَسوقُ عليها الفُسَّاقُ الذهَبَ الأحْمَرَ لِيَتِمَّ لهم الخروجُ على الفضيلةِ ورَفْعُ لواءِالرَّذيلةِ . الشيخ : الأدب الخامس والأربعون : الحرص على الدعوة ونشر العلم وبثّه في الأمّة ، سواءًا إذا وجدت شخصا تاركا لما تعلمه من الخير والصدق أو بواسطة مجالس العلم ، أو بالتأليف أو نحو ذلك. وهكذا أيضا الحرص على نفع الآخرين بالشفاعة الحسنة لهم ، والعلم يزيد بالنفقة منه ، كلما دعوت إليه وعلّمت الناس بقي العلم في نفسك ، وأعطاك الله علما لم تكن عالما به ، وبارك الله بعلمك ، وكلما تكاسل الإنسان في نشر العلم فإنه سينساه عن قرب ، ولن يُبارك له في علمه ، بعض الناس يقول : الناس قد فسدوا ، وتجاهلوا العلم. فنقول : هذه تجعلك تحرص على كثرة التعليم ، وتبذل الأسباب ، فإذا فسد الناس وكثر الجهل فيهم ، فلابد أن يقوم العلماء وطلبة العلم بالتعليم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما بال أقوام لا يعلّمون جيرانهم ، وما بال أقوام لا يتعلّمون من جيرانهم"xضعيف والفسّاق يريدون من العلماء أن يسكتوا ولا ينشروا علما ولا يوجّهوا الناس وينصحوهم ليتمكّنوا من مرادهم في فسقهم ، لكن ينبغي ألا نحقق مطلوبهم ، وأن نحتسب للأجر في بث العلم ، نعم. آفاق التيسير .**قال سفيان الثوري رحمه الله: «لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى». ينبغي أن نعلم أنه إذا غلب على ظن من ينهى عن المنكر أنه إذا قام بتغيير هذا المنكر، فإنه يتعدى الضرر والأذى الكبير إلى أحد من أقاربه، أو أصحابه، أو جيرانه، أو يُعتدى على محارمه، أو غيرهم من الناس وهم غير راضين عن ذلك، فلم يجز له تغيير هذا المنكر، ويصبح ترك النهي عن المنكر في هذه الحالة واجباً، لأن التغيير لا يتحقق إلا بمنكر أعظم منه قال الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله تعالى - في الحديث عن الحسبة: «فإذا كان يؤدي ذلك إلى أذى فوقه ليتركه، وذلك كالزاهد الذي له أقارب أغنياء، فإنه لا يخاف على ماله إن احتسب على السلطان، ولكنه - أي السلطان - يقصد أقاربه انتقاماً منه بواسطته، فإذا كان يتعدى الأذى من حسبته إلى أقاربه، وجيرانه فليتركها فإن إيذاء المسلمين محظور، كما أن السكوت على المنكر محظور» الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحكام وولاة الأمور: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحكام، وولاة الأمور، من المسائل الهامة، والتي إذا أساء الناس فهمها، لترتب على ذلك فتن عظيمة، ومفاسد كبيرة في البلاد والعباد، ويجب أن نعلم أن الله قد أرسل رسولين كريمين، وهما موسى وهارون إلى حاكم كافر، ادعى أنه رب لهذا الكون وأنه إله للناس، وهو فرعون والله تعالى يعلم أن فرعون سوف يموت على كفره وعلى الرغم من ذلك طلب منهما أن ينهياه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فقال سبحانه وتعالى: "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى *فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى *قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى *قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى *فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى *إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى" فانظر أخي الكريم:إذا كانت هذه هي كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحاكم الكافر، فكيف تكون إذاً مع الحاكم المسلم؟ إنها لا شك يجب أن تكون أكث ليناً في الكلام مع استخدام حسن الأدب في الحوار. نصيحة ولاة الأمور تكون سراً: ينبغي أن تكون النصيحة للحكام، وولاة الأمور سراً، ودون التشهير بهم أمام عامة الناس، وذلك بدليل ما يلي: روى أحمد في مسنده من حديث عياض بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يُبْدِ لَهُ علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا قد أدى الذي عليه له هنا "مَن أرادَ أن ينصحَ لذي سلطانٍ في أمرٍ فلا يُبدِهِ عَلانيةً ولَكِن ليأخذْ بيدِهِ فيَخلوَ بهِ فإن قبِلَ منهُ فذاكَ وإلَّا كانَ قد أدَّى الَّذي علَيهِ لَهُ" الراوي : عياض بن غنم - المحدث : الألباني - المصدر : تخريج كتاب السنة-الصفحة أو الرقم: 1097 - خلاصة حكم المحدث : صحيح *ولد صالح يدعو له. سواء أكان من أولاده الحسيين أو مـــن أولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه ، وهدايته وإرشاده ،السعدي .هنا x ما بالُ أقوامٍ لا يُفقِّهون جيرانَهم ، ولا يُعلِّمونهم ، ولا يَعِظونَهم ، ولا يأمرونهم ، ولا ينهونهم ؟ ! وما بالُ أقوامٍ لا يتعلَّمون من جيرانِهم ، ولا يتفقَّهون ! ولا يتَّعِظون ؟ ! واللهِ لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم ، ويُفقِّهونهم ، ويعِظونهم ، ويأمرونهم ، وينهونهم ، ولَيَتَعَلَّمنَّ قومٌ من جيرانهم ، ويتفقَّهون ، ويتَّعِظون ، أو لأُعاجِلنَّهم العقوبةَ . ثم نزل . فقال قومٌ : مَن ترونَه عَنِيَ بهؤلاءِ ؟ قال : الأشعريِّينَ ، هم قومٌ فقهاءُ ، ولهم جيرانٌ جفاةٌ من أهلِ المياهِ والأعرابِ فبلغ ذلك الأشعريِّينَ ، فأتوا رسولَ اللهِ فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! ذكرتَ قومًا بخيرٍ ، وذكرتَنا بشرٍّ ، فما بالُنا ؟ فقال : لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم وليَعِظُنَّهم ، وليأمرُنَّهم ، ولينهونَّهم ، وليتعلمَنَّ قومٌ من جيرانِهم ويتَّعظون ويتفقّهون ، أو لأعاجلنَّهم العقوبةَ في الدنيا . فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! أَنُفَطِّنُ غيرَنا ؟ فأعاد قولَه عليهم ، فأعادوا قولَهم : أَنُفطِّنُ غيرَنا ؟ فقال ذلك أيضًا . فقالوا : أَمهِلْنا سنةً ، فأمهلَهم سنةً ، ليُفقِّهونهم ، ويُعلِّمونهم ، ويعِظونهم . ثم قرأ رسولُ اللهِ هذه الآيةَ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الآية . الراوي : عبدالرحمن بن أبزى - المحدث : الألباني - المصدر : ضعيف الترغيب-الصفحة أو الرقم: 97 - خلاصة حكم المحدث : ضعيف هنا |
#55
|
||||
|
||||
46- عزة العلماء
التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ . وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ . ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولا تَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه . ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَ فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ . وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه . وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها . يقولونَ لي فيك انقباضٌ وإنما = رَأَوْا رجُلًا عن مَوْضِعِ الذلِّ أَحْجَمَا أرى الناسَ مَن داناهُم هانَ عِنْدَهمْ = ومَن أَكرَمَتْهُ عِزَّةُ النفْسِ أُكْرِمَا ولو أنَّ أهلَ العلْمِ صانُوه صانَهُمْ = ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لعَظَّمَا ( لعَظَّمَا ) بفتحِ الظاءِ المعجَمَةِ الْمُشالَةِ . شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هذا فيه شيء صواب، وشيء فيه نظر، صيانة العلم وتعظيمه وحماية جنابه، لا شك أنه عز وشرف. فإن الإنسان إذا صان علمه عن الدناءة وعن التطلع إلى ما في أيدي الناس، وعن بذل نفسه فهو أشرف له وأعز، ولكن كون الإنسان لا يسعى به إلى أهل الدنيا ولا يقف على أعتابهم ولا يبلغه إلى غير أهله وإن عظم قدره فيه تفصيل.التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ . وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ** بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ . ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولا تَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه . فيقال إذا سعيت به إلى أهل الدنيا وكانوا ينتفعون بذلك فهذا خير، وهو داخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما إن كانوا يقفون من هذا العالم الذي دخل عليهم وأخذ يحدثهم، موقف الساخر المتململ، فهنا لا ينبغي أن يهدي العلم إلى هؤلاء، لأنه إهانة له وإهانة لعلمه. ولنفرض أن رجلا دخل على أناس من هؤلاء النفر، وجلس، وجعل يتحدث إليهم بأمور شرعية، ولكنه يشاهدهم تتمعر وجوههم، ويتململون ويتغامزون، فهؤلاء لا ينبغي أن يحوم حولهم لأن هذا ذل له ولعلمه. أما إذا دخل على هؤلاء وجلس وتحدث، ووجد وجوها تهش، وأفئدة تطمئن، ووجد منهم إقبالا، فها هنا يجب أن يفعل، ولكل مقام مقال. لو كان دخل طالب علم صغير على هؤلاء المترفين، فلربما يقفون منه موقف الاستهزاء والسخرية، لكن لو دخل عليهم من له وزن عندهم وعند غيرهم لكان الأمر بالعكس، فلكل مقام مقال. ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَ فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ . وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه . وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها . ومن أحسن ما رأيت في هذا كتاب «روضة العقلاء» للبسني، كتاب عظيم على اختصاره، فيه فوائد عظيمة ومآثر كريمة للعلماء المحدثين وغيرهم، وكان مقررا في المعاهد أيام كنا ندرس في المعهد، مقررا كتاب مطالعة للطلاب وانتفع به الكثير. أما ما ذكره الشيخ بكر، يعضها اطلعنا عليه، وبعضها لم نطلع عليه، لكن بعضها مختصر جدا، لا يستفيد الإنسان منه كثير فائدة. لكن سير أعلام النبلاء مفيد أيضا فائدة كبيرة، فمراجعته عظيمة. أما كتاب «عزة العلماء» فهو من كتابات المؤلف، وهو يدعو إلى الله تعالى أن ييسر إتمامه وطبعه. يقولون لي فيك انقباض وإنما = رأوا رجلا عن موضع الذل احجما أرى الناس من داناهم هان عندهم = ومن أكرمته عزة النفس أكرما ولو أن أهل العلم صانوه صانهم = لو عظموه في النفوس لعظما (لعظما)، بفتح الظاء المعجمة المشالة. هذا الضبط فيه نظر، والظاهر: ولو عظموه في النفوس لعظما. يعني لكان عند الناس عظيما، لكنهم لم يعظموه في النفوس، بل أهانوه وبذلوه لكل غال ورخيص. وهذه مرت علي في البداية والنهاية لابن كثير في ترجمة الناظم الذي نظمها. آفاق التيسير شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 46- عِزَّةُ العُلماءِ : التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولاقُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ . وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ . ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولاتَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه . ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَى فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ(مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ . وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه . وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها . يـقـولـونَ لـــي فـيــك انـقـبـاضٌ وإنـمــا رَأَوْا رجُلًا عن مَوْضِعِ الذلِّ أَحْجَمَا أرى الناسَ مَن داناهُم هانَ عِنْدَهمْ ومَـــن أَكـرَمَـتْـهُ عِـــزَّةُ الـنـفْـسِ أُكْـرِمَــا ولـو أنَّ أهـلَ العلْـمِ صانُـوه صانَهُـمْ ولــو عَظَّـمُـوه فـــي الـنـفـوسِ لعَـظَّـمَـا (لعَظَّمَا ) بفتحِ الظاءِ المعجَمَةِ الْمُشددةِ . الشيخ : قال المؤلف في الأدب السادس والأربعين : عزة العلماء ، بحيث لا يبذل العلماء علمهم فيما لا يناسبه من المواطن والمحال ، و بحيث لا يكون العلماء ممن يبذل علمه في تحقيق أهواء الناس وأغراضهم المخالفة للشريعة. قال المؤلف : (التحلّي بـ "عزة العلماء") وفسّره : بصيانة العلم وتعظيمه وحماية جناب عزه. قال : (و عليه فاحذر أن يتمندل بك الكبراء) يعني يجعلونك منديلا يمسحون به أيديهم ، لماذا؟ لأنك تذل لهم ، ومن ثَمّ يتوصلون بك إلى تحقيق أغراضهم. (أو يمتطيك السفهاء) يعني يركبوك ويجعلوك مطيّة لهم ، ومن ثَمّ : (تلاين لهم في فتوى أو في قضاء أو في بحث أو في خطاب) ومما يترتب على هذا أن يعزّ طالب العلم نفسه ، فلا يذهب إلى مجالس أهل الدنيا إلا إذا دعوه ليبلّغ حقّه ، وأما أن يذهب إليهم ابتداء فليس هذا من طالب العلم. (ولا تقف به على أعتابهم) وكثير من الأئمة يقول بأنّ مجالس العلم يُؤتى إليها ، ولا يصح أن تُنقل مجالس العلم إلى مواطن أهل الدنيا ، فيقال : إذا أردت التعلّم فتعال. والإمام أحمد وغيره من الأئمة طلبهم السلاطين في وقتهم إلى أن ينقلوا حديثهم لمواطن السلطان فأبوا ، وقال الواثق –في ظني-: أريد أن تعلم فلانا وفلانا من أبنائي ، قال : فليحضروا إلينا وليتعلموا كما يتعلم غيرهم. وجاء هشام بن عبد الملك فطاف بالبيت وجاءت له مسألة ، فجاء إلى عطاء وكان يصلي ، فما نقص من صلاته شيئا ، ثم بعد ذلك أجاب الناس حتى جاء الدور إلى هشام بن عبد الملك فأجابه عن مسألته. ولازال العلماء في الزمان الأول يأتيهم الولاة ويأتيهم الأمراء ويسألونهم في مسائلهم في بيوت العلماء ، فالعلم يُؤتى إليه. وذكر المؤلف نماذج من كتب أهل العلم التي ذكرت تراجم وسير لأئمة مضوا ، حموا أنفسهم من إذلال علمهم لمثل هؤلاء ، إلا أنّ بعض أهل العلم خصّ من هذا مجلس الإمام الأعظم ، فالعلماء ينبغي بهم أن يحرصوا على سوق ما لديهم من علم إليه ، ومثل هذا يختلف باختلاف اجتهاد المجتهدين. وذكر المؤلف قصيدة الجرجاني وفيها شيء من هذا المعنى ، وقد جاء في سنن أبي داود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من بدا جفا ، ومن تتبع الصيد غفل ، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن" وهذا له أسانيد متعددة يُقوّي بعضها بعضا. آفاق التيسير **قال سفيان الثوري: إنما اتجرت لئلا يتمندل بنا هؤلاء أي طلبت التجارة. لئلا يتسلط علي أهل الملك والجاه فأكون في أيديهم كالمنديل التجارة عز نفس |
#56
|
||||
|
||||
47 – صِيانةُ العِلْمِ إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْلِ إليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ .واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قولِ الحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ . فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... )1 . وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ . ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ ( التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ . شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْلِ إليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ . واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قولِ الحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ . فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... ) إذا أراد بهذا الحديث، فليس هذا لفظ الحديث، والجملة الثانية «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» هذا نص الحديث. يريد بهذه الآداب: أن الإنسان يصون علمه، فلا يجعله مبتذلا، بل يجعله محترما، معظما، فلا يلين في جانب من لا يريد الحق، بل يبقى طورا شامخا، ثابتا، وأما أن يجعله الإنسان سبيلا إلى المداهنة وإلى المشي فوق بساط الملوك وما أشبه ذلك، فهذا أمر لا ينبغي، ولم يكن الإنسان صائنا لعلمه إذا سلك الإنسان هذا المسلك. والواجب قول الحق، لكن قول الحق قد يكون في مكان دون مكان، والإنسان ينتهز الفرصة فلا يفوتها، ويحذر الذلة فلا يقع فيها. قد يكون من المستحسن أن لا أتكلم في هذا المكان بشيء، وأن أتكلم في مكان آخر، لأني أعرف أن كلامي في الموضع الآخر أقرب إلى القبول والاستجابة. فلكل مقام مقال، ولهذا يقال : «بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ» فلا بد أن الإنسان يكون عنده علم ومعرفة وسياسة، بحيث يتكلم إذا كان للكلام محل، ويسكت إذا كان ليس للكلام محل. وقوله :«وفي الحديث «احفظ الله يحفظك» يعني: احفظ حدود الله كما قال الله تعالى في سورة التوبة : ( والحافظون لحدود الله) (سورة التوبة: 112). فلا ينتهكونها بفعل محرم، ولا يضيعونها بترك واجب. وقوله «يحفظك» يعني في دينك ودنياك وفي أهلك ومالك. فإن قال قائل: إننا نرى بعض الحافظين لحدود الله يصيبهم ما يصيبهم. فنقول: هذا زيادة في تكفير سيئاتهم ورفعة درجاتهم، ولا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» قوله «يعرفك» لا تظن أن الله تعالى لا يعرف الإنسان إذا لم يتعرف إليه، لكن هذه معرفة خاصة، فهي كالنظر الخاص المنفي عمن نفي عنه كما في قوله تعالى : (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم) (سورة آل عمران: 77). مع أن الله لا يغيب عن نظره شيء، لكن النظر، نظران: نظر خاص، ونظر عام. كذلك المعرفة: معرفة خاصة، ومعرفة عامة. والمراد هنا المعرفة الخاصة. بقي أن يقال: إن المشهور عند أهل العلم أن الله تعالى لا يوصف بأنه عارف. يقال: عالم، ولا يقال عارف. وفرقوا بين العلم والمعرفة. بأن المعرفة تكون للعلم اليقيني والظني وأنها- أي معرفة- انكشاف بعد خفاء. وأما العلم فليس كذلك. فنقول ليس المراد بالمعرفة هنا ما أراده الفقهاء أو أراده الأصوليون إنما المراد بالمعرفة هنا: أن الله تعالى يزداد عناية لك ورحمة بك، مع علمه بأحوالك- عز وجل. وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ . هذه قاعدة مهمة: وهي أن الإنسان إذا أصبح عاطلا عن قلادة الولاية، - وهذا سبيلك ولو بعد حين- يعني سوف تترك الولاية ولو بقيت في الولاية حتى الموت فإنك ستتركها لا بد. وقوله : « فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .». هذا أيضا ليس على عمومه، لأن من الناس من يعزل عزل محمدة وعزة لكونه يقوم بالواجب عليه من الملاحظة والنزاهة، لكن يضيق على من تحته فيحفرون له حتى يقع، وهذا كثير مع الأسف. ومن الناس من يعزل لأنه قد تبين أنه ليس أهلا للولاية، فهل هذا العزل عزل محمدة أم عزل مذمة؟ عزل مذمة لا شك. ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ ( التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ . من العجب أن بعض الناس إذا عزل عن الولاية وترك المسؤولية ازداد إنابة إلى الله عز وجل، لأنه إن عزل في حالة يحمد عليها لجأ إلى الله وعرف أنه لا يغنيه أحد عن الله عز وجل، وعرف افتقاره إلى الله تبارك وتعالى، فصلحت حاله. وإن كان انفصاله إلى غير ذلك فلربما يمن الله عليه بالتوبة لتفرغه وعدم تحمله المسئولية، فيعود إلى الله تبارك وتعالى. وأما قوله : «وأمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ». هذا موجود بلا شك، لكنه ليس كثيرا في الناس، والحمد لله. لكن من الناس من يكون متهاونا في أداء وظيفته، فإذا تركها رجع إلى الله عز وجل. آفاق التيسير شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 47- صِيانةُ العِلْمِ : إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْل ِإليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ . واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قول ِالحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ . فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... ) . وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ . ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ (التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ . الشيخ : هذا أدب آخر من آداب طالب العلم وهو أنّ المرء إذا كان في منصب أو ولاية فلا ينبغي أن ينقطع عن طلب العلم ، أو إقرائه وتدريسه ليبقى العلم عنده ، وذلك أنه بالتعليم والتدريس يبقى هذا العلم الذي وصل به الإنسان إلى هذه الولاية ، وبذلك يُرضي ربه جل وعلا ، ويتواصل الناس بالعلم وتعليمه و إقرائه ، ويأخذ الخلف عن السلف، ويبقى العلم ويستمر في الأمة. وأما إذا انقطع الإنسان عن التعلم والتعليم بسبب انشغاله بالولاية ، فإنّ هذا يؤدّي إلى جعله من أهل الجهالة لأنه سينسى ذلك العلم الذي تعلّمه. وكذلك ليُعلم أنّ ترك المنصب لا يعني منقصة في صاحبه ، وبالتالي ينبغي أن يعوّد أصحابُ المناصب أنفسهم أنهم سيتركون مناصبهم عما قريب ، ولذلك عليهم أن يحرصوا على تقوى الله حال ولايتهم ، وأن يبذلوا ما يستطيعونه من إقراء للعلم ومن أمر بمعروف ونهي عن المنكر تقرّبا لله جل وعلا ، وكذلك إذا عُزل الإنسان من منصبه لا ينبغي لطلبة العلم أن يقاطعوه بحيث إذا كان في المنصب وصلوه ودرسوا على يديه ، وإذا انقطع عن المنصب قاطعوه ، هذا ليس من شأن أهل العلم ، بل إذا ترك منصبه فإن هذا عزل محمدة ، ومن ثَمّ ينبغي لطلبة العلم أن يطلبوا على يديه العلم ، لأنه تفرّغ للإقراء حينئذ ، ولا يُنقص ابتعاده عن قلادة الولاية ، لا يُنقص ذلك من منزلته العلمية ، نعم. آفاق التيسير 1- تعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يعرفُك في الشدَّةِالراوي : أبو سعيد الخدري و أبو هريرة و ابن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 2961 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية |
#57
|
||||
|
||||
48 –الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ : الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك .شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ القارئ: الأمر الثامن والأربعون: الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ : الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك . الشيخ: لا بد أن نعرف ما الفرق بين المداهنة والمداراة؟. المداهنة: أن يرضى الإنسان بما عليه قبيله، كأنه يقول: لكم دينكم ولي دين، ويتركه. وأما المداراة: فهو أن يعزم بقلبه على الإنكار عليه، لكنه يداريه فيتألفه تارة، ويؤجل الكلام معه تارة أخرى، وهكذا حتى تتحقق المصلحة. فالفرق بين المداهنة والمداراة ، أن المداراة يراد بها الإصلاح لكن على وجه الحكمة والتدرج في الأمور. وأما المداهنة، فإنها الموافقة ولهذا جاءت بلفظ الدهن، لأن الدهن يسهل الأمور، والعامة يقولون في أمثالهم: ادهن السيل يسير يعني: أعطي الرشوة إذا أردت أن تمشي أمورك. على كل حال المداهنة أن الإنسان يترك خصمه وما هو عليه ولا يحاول إصلاحه يقول ما دام أنت ساكت عني فأنا أسكت عنك، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 والمداراة: أنه يريد الإصلاح ويحاول إصلاح خصمه لكن على وجه الحكمة فيشتد أحيانا ويلين أحيانا وينطق أحيانا ويسكت أحيانا ، وما المطلوب من طالب العلم المداراة أم المداهنة؟ المداراة. القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 48- الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ : الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك . الشيخ : المداهنة : ترك بعض الأحكام الشرعية من أجل صاحبك ، ومنه قوله تعالى : {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 كأن تترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، هذا مداهنة. وأما المداراة : فهي المجاراة ، بحيث قد لا أعرف للمسألة التي تكون سببا لإحراج أو مشكل ، لكن المداهنة أن أوافقك وأنا لا أرى رأيك. ومن أمثلة هذا : أن أعلم أن فلانا يعصي الله بالمعصية الفلانية ، لكنه لا يعصي الله عندي ، فلا أتعرض لهذا خشية من هروبه من الحق وابتعاده عما أقوله من الخير ، فأرشده إلى ما يصلح قلبه ، وإن لم أتعرض لمعصيته ، كأن يكون على معصية سماع الأغاني ، لكنه لا يسمعها لديّ ، فأقوم بالحديث معه في الصلاة وأهميتها ، كيف يستحضر قلبه في الصلاة ، هو يصلي ، لأنه إذا استحضر القلب في الصلاة أثّر ذلك على بقيّة أمره. لكن المداهنة ؛ أن أقول له : لا بأس ، أو أن أحضر المسجّل فأجعله يستمع للأغاني بحضرتي ، أو أحضر ذلك المجلس ، هذا مداهنة. آفاق التيسير |
#58
|
||||
|
||||
49 – الغَرامُ بالْكُتُبِ شرَفُ العِلْمِ معلومٌ لعُمومِ نَفْعِه ، وشِدَّةُ الحاجةِ إليه كحاجةِ البَدَنِ إلى الأنفاسِ ، وظهورُ النقْصِ بقَدْرِ نقْصِه ، وحصولُ اللذةِ والسرورِ بقَدْرِ تحصيلِه ، ولهذا اشْتَدَّ غَرامُ الطُّلَّابِ بالطلَبِ ، والغَرامُ بجَمْعِ الكُتُبِ مع الانتقاءِ ، ولهم أَخبارٌ في هذا تَطُولُ ، وفيه مُقَيَّدَاتٌ في ( خبرِ الكِتابِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَهُ .وعليه ، فأَحْرِز الأصولَ من الكُتُبِ ، واعْلَمْ أنه لا يُغْنِي منها كتابٌ عن كتابٍ ولا تَحْشُرْ مَكتَبَتَكَ وتُشَوِّشْ على فِكْرِك بالكُتُبِ الغُثَائِيَّةِ ، لا سِيَّمَا كُتبَ المبتدِعَةِ ؛ فإنها سُمٌّ ناقعٌ . شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) جمع الكتب مما ينبغي لطالب العلم أن يهتم به، ولكن يبدأ بالأهم فالأهم. فإذا كان الإنسان قليل الراتب فليس من الخير ولا من الحكمة أن يشتري كتبا كثيرة يلزم نفسه بغرامة قيمتها، فإن هذا من سوء التصرف. ولذلك لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي أراد أن يزوجه ولم يجد شيئا، أن يقترض ويستدين.1 واحرص على كتب الأمهات2، الأصول، دون المؤلفات الحديثة لأن بعض المؤلفين حديثا ليس عنده علم راسخ، ولهذا إذا قرأت كتابا ما تجد أنه سطحي، قد ينقل الشيء بلفظه، وقد يحرفه إلى عبارة طويلة، لكنها غثاء. فعليك بالأمهات، عليك بالأصل ككتب السلف، فإنها خير وأبرك بكثير من كتب الخلف. ثم احذر أن تضم مكتبتك الكتب التي ليس فيها خير، لا أقول التي فيها ضرر، بل أقول التي ليس فيها خير لأن الكتب تنقسم إلى ثلاثة أقسام: خير، وشر، ولا خير ولا شر. فاحرص أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير. هناك كتب يقال أنها كتب أدب، لكنها تقطع الوقت وتقتله من غير فائدة، هناك كتب غامضة ذات أفكار معينة ومنهج معين، فهذه أيضا لا تدخل مكتبتك. 50- قِوامُ مَكتَبَتِكَ : عليك بالكُتُبِ الْمَنسوجَةِ على طريقةِ الاستدلالِ ، والتَّفَقُّهِ في عِلَلِ الأحكامِ ، والغَوْصِ على أسرارِ المسائلِ ، ومن أَجَلِّها كتُبُ الشيخينِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وعلى الجادَّةِ في ذلك من قَبْلُ ومن بعدُ كُتُبُ :الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ ( م سنة 463هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى، وأَجَلُّ كُتُبِه ( التمهيدُ ) . الحافظُ ابنُ قُدامَةَ (م سنة 620 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى، وأَرْأَسُ كُتُبِه ( الْمُغْنِي ) . الحافظُ ابنُ الذهبيِّ (م سنة 748 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافظُ ابنُ كثيرٍ (م سنة 774 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافِظُ ابنُ رَجَبٍ (م سنةَ 795 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافظُ ابنُ حَجَرٍ (م سنةَ 852 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافظُ الشوكانيُّ (م سنةَ 1250 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ (م سنةَ 1206 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . كُتُبُ عُلماءِ الدعوةِ، ومن أَجْمَعِها ( الدُّرَرُ السنِيَّةُ ) . العلامَةُ الصنعانيُّ (م سنةَ 1182هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، لا سِيَّمَا كتابُه النافعُ ( سُبُلُ السلامِ ) . العَلَّامَةُ صِدِّيقُ حسن خان القنَّوجيُّ (م سنةَ 1307هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . العَلَّامَةُ محمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ (م سنة 1393هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى لا سِيَّمَا كتابُه ( أضواءُ البيانِ ) . 51- التعامُلُ مع الكتابِ : لا تَسْتَفِدْ من كتابٍ حتى تَعْرِفَ اصطلاحَ مؤَلِّفِه فيه ، وكثيرًا ما تكونُ الْمُقَدِّمَةُ كاشفةً عن ذلك ، فابْدَأْ من الكتابِ بقراءةِ مُقَدِّمَتِه . التعامل مع الكتاب يكون بأمور: الأول: معرفة موضوعه، حتى يستفيد الإنسان منه لأنه يحتاج إلى التخصص. الثاني: أن تعرف مصطلحاته، وهذا في الغالب يكون في المقدمة، لأن معرفة المصطلحات يحصل بها في الواقع أنك تحفظ أوقات كثيرة، وهذا يفعله الناس في مقدمات الكتب، فمثلا نعرف أن صاحب بلوغ المرام إذا قال: متفق عليه، يعني رواه البخاري ومسلم. لكن صاحب المنتقى إذا قال: متفق عليه في الحديث يعني أنه رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم، كذلك أيضا كتب الفقه يفرق بين القولين، الوجهين، الروايتين، والاحتمالين، كما يعرف الناس من تتبع كتب الفقهاء. الروايتين عن الإمام، والوجهين عن أصحابه، لكن أصحاب المذهب الكبار أهل التوجيه، والاحتمالين للتردد بين قولين: والقولين أعم من ذلك كله. كذلك يحتاج أن تعرف إذا قال المؤلف: إجماعا أو إذا قال: وفاقا. إذا قال: إجماعا يعني بين الأمة، وفاقا مع الأئمة الثلاثة كما هو اصطلاح صاحب الفروع في فقه الحنابلة. الثالث: معرفة أسلوبه وعباراته، ولهذا تجد أنك إذا قرأت الكتاب أول ما تقرأ لا سيما من الكتب العلمية المملوءة علما، تجد أنك تمر بك العبارات تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها، لأنك لم تألفها فإذا كررت هذا الكتاب ألفته، وانظر مثلا إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، الإنسان الذي لا يتمرن على كتبه يصعب أن يفهمها لأول مرة، لكن إذا تمرن عرفها بسر وسهولة. أما ما يتعلق بأمر خارجي عن التعامل مع الكتاب، وهو التعليق بالهوامش أو بالحواشي، فهذا أيضا مما يجب لطالب العلم أن يغتنمه، وإذا مرت به مسألة تحتاج إلى شرح أو دليل أو إلى تعليق ويخشى أن ينساها فإنه يعلقها، إما بالهامش وهو الذي على يمينه أو يساره وإما بالحاشية، وهي التي تكون بأسفل. وكذلك أيضا إذا كان الكتاب فيه فقه مذهب من المذاهب ورأيت أنه يخالف المذهب في حكم هذه المسألة، فإنه من المستحسن أن تقيد المذهب في الهامش أو الحاشية حتى تعرف أن الكتاب خرج عن المذهب، ولا سيما إذا كان المذهب أقوى مما ذهب إليه صاحب الكتاب. 52- ومنه : إذا حُزْتَ كِتابًا ؛ فلا تُدْخِلْه في مَكتبتِك إلا بعدَ أن تَمُرَّ عليه جَرْدًا أو قراءةً لِمُقَدِّمَتِه ، وفِهْرِسِه ، ومواضِعَ منه ، أمَّا إن جَعَلْتَه مع فَنِّه في الْمَكتبةِ ؛ فرُبَّما مَرَّ زمانٌ وفاتَ العُمُرُ دونَ النَّظَرِ فيه ، وهذا مُجَرَّبٌ ، واللهُ الْمُوَفِّقُ .هذا صحيح..... وهو حاصل كثيرا، أكثر ما يكون في حال الإنسان إذا جاءه كتاب جديد بتصفحه، أو إذا كان كثيرا يقرأ الفهرس. قل أن تجد شخصا- مثلا- أو مر بك حال من حين يأتيك الكتاب أن تقرأه. هذا قليل. وإنما قال الشيخ هذا، لأجل إن احتجت إلى مراجعته عرفت أنه يتضمن حكم الذي تريد، أما إذا لم تجرده مراجعة ولو مرورا فإنك لا تدري ما فيه من الفوائد والمسائل، فيفوتك شيء كثير موجود في هذا الكتاب الذي عندك في الرف. آفاق التيسير 53- إعجامُ الكتابةِ : إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ :وضوحُ الخطِّ . رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) . وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : ( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون . ( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى . النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ . الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ . شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) القارئ: الثالث والخمسون: إعجامُ الكتابةِ : إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها الشيخ: يقول أعجم، كتاب معجم، أعجم الكتابة معناه: اجعله أعجميا؟! لا، معناه أزل عجمته بإعرابه وتشكيله ونقطه، حتى لا يشكل وهذا من الأفعال التي يراد بها الضدان كما جاء في الحديث (يتحنث) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد) يتحنث يعني؟ يزيل الحنث أم يفعل الحنث؟ يزيله ، وهذه لها أمثلة كثيرة ، فمعنى أعجم الكتاب: أزال عجمته بتشكيله وإعرابه. القارئ: وذلك بأمورٍ : أولاً: وضوحُ الخطِّ . ثانيا: رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) . الشيخ: لا بد أن تكون عالما بالنحو أخشى أن تقع في قول القائل يريد أن يعربه فيعجمه، أو فأعجمه، لا بد أن تكون عالما بالنحو أما مثلا فكرة أن يقول لك هذه مرفوعة ، منصوبة ، مكسورة، وتفعل لا، لا بد أن تكون عالما ، وإذا أشكلت عليك الكلمة فارجع إلى مظانها ، إذا أشكل عليك ترقيم الكلمة أو حركاتها في تركيبها لا في إعرابها فارجع إلى كتب اللغة لأن هناك أخطاء شائعة بين الناس، مثلا يقولون: تَجْرِبة وتَجَارِب. أكثر الناس إن لم أقل كل الناس يضمونها ، فأخشى أن يأتي واحد بيعجن فتمر به تجربة فيقول: تجربة بضم الراء ، فيشكلها نطقا وإعرابا ، وهذا غلط ، لأنه قد يشتهر بين الناس أشياء وليس لها أصل فلا بد أن ترجع للأصل . القارئ: خامسا: تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ . وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : ( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون . ( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى . ثالثا: النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ . رابعا: الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ . الشيخ: آفاق التيسير هذه قواعد إملائية ينبغي مراعاتها. شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 49- الغَرامُ بالْكُتُبِ : شرَفُ العِلْمِ معلومٌ لعُمومِ نَفْعِه ، وشِدَّةُ الحاجةِ إليه كحاجةِ البَدَنِ إلى الأنفاسِ ، وظهورُ النقْصِ بقَدْرِ نقْصِه ، وحصول ُاللذةِ والسرورِ بقَدْرِ تحصيلِه ، ولهذا اشْتَدَّ غَرامُ الطُّلَّابِ بالطلَبِ ، والغَرامُ بجَمْعِ الكُتُبِ مع الانتقاءِ ، ولهم أَخبارٌ في هذا تَطُولُ ، وفيه مُقَيَّدَاتٌ في ( خبرِ الكِتابِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَهُ . وعليه ، فأَحْرِز الأصولَ من الكُتُبِ ، واعْلَمْ أنه لا يُغْنِي منها كتابٌ عن كتابٍ ولاتَحْشُرْ مَكتَبَتَكَ وتُشَوِّشْ على فِكْرِك بالكُتُبِ الغُثَائِيَّةِ ، لاسِيَّمَا كُتبَ المبتدِعَةِ ؛ فإنها سُمٌّ ناقعٌ . 50- قِوامُ مَكتَبَتِكَ : عليك بالكُتُبِ الْمَنسوجَةِ على طريقةِ الاستدلالِ ، والتَّفَقُّهِ في عِلَلِ الأحكامِ ، والغَوْصِ على أسرارِ المسائلِ ، ومن أَجَلِّها كتُبُ الشيخينِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وعلى الجادَّةِ في ذلك من قَبْلُ ومن بعدُ كُتُبُ : الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ ( م سنة 463هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَجَلُّ كُتُبِه ( التمهيدُ ) . الحافظُ ابن ُقُدامَةَ (م سنة 620 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَرْأَسُ كُتُبِه ( الْمُغْنِي ) . الحافظُ ابنُ الذهبيِّ (م سنة 748 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافظُ ابنُ كثيرٍ (م سنة 774 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافِظُ ابنُ رَجَبٍ (م سنةَ 795 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى. الحافظُ ابنُ حَجَرٍ (م سنةَ 852 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافظُ الشوكانيُّ (م سنةَ 1250 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ (م سنةَ 1206 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . كُتُبُ عُلماءِ الدعوةِ ، ومن أَجْمَعِها ( الدُّرَرُ السنِيَّةُ) . العلامَةُ الصنعانيُّ (م سنةَ 1182هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، لاسِيَّمَا كتابُه النافعُ ( سُبُلُ السلامِ) . العَلَّامَةُ صِدِّيقُ حسن خان القنَّوجيُّ (م سنةَ 1307هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . العَلَّامَةُ محمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ (م سنة 1393هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى لا سِيَّمَا كتابُه ( أضواءُ البيانِ) . 51- التعامُلُ مع الكتابِ : لاتَسْتَفِدْ من كتابٍ حتى تَعْرِفَ اصطلاحَ مؤَلِّفِه فيه ، وكثيرًا ما تكونُ الْمُقَدِّمَةُ كاشفةً عن ذلك ، فابْدَأْ من الكتابِ بقراءةِ مُقَدِّمَتِه . 52- ومنه : إذاحُزْتَ كِتابًا ؛ فلا تُدْخِلْه في مَكتبتِك إلا بعدَ أن تَمُرَّ عليه جَرْدًا أو قراءةً لِمُقَدِّمَتِه ، وفِهْرِسِه ، ومواضِعَ منه ، أمَّا إن جَعَلْتَه مع فَنِّه في الْمَكتبةِ ؛ فرُبَّما مَرَّ زمانٌ وفاتَ العُمُرُ دونَ النَّظَرِ فيه ، وهذا مُجَرَّبٌ ، واللهُ الْمُوَفِّقُ . 53- إعجامُ الكتابةِ : إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ : وضوحُ الخطِّ . رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ) . وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : (كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون . (الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى . النَّقْطُ للمُعْجَمِ و الإهمالُ للمُهْمَلِ . الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ . تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ . الشيخ : هذه آداب لطالب العلم متعلقة بالكتب ، منها الحرص على الكتب جمعا ، بحيث يجمع كل ما يمكن أن يستفيد منه من كتب أهل العلم ، وذلك أنّ الكتب فيها علم كثير ، وفيها ترتيب للمسائل ، وتعين الإنسان على بحث ما يعرض إليه من مسائل الفقه والشرع. الثاني : أنّ المرء حريص على استكمال مكتبته في الكتب في كل فن نافع ، ومن ثَمّ يكون لديه أصول المسائل. الثالث : أن يحذر من الكتب المطوّلة التي فيها كلام كثير وفائدتها قليلة ، خصوصا من كتب المعاصرين ، فإنّ كلامهم كثير ، وفائدته قليلة. كذلك يحذر من كتب المبتدعة لأنهم يدسّون السم في الدسم ، وقد يأتون بالكلمة لا يتفطّن الإنسان لما فيها ، انظر مثلا في تفسير بعض المعتزلة ، لما ذكر الجنة وما وضعه الله فيها من الخيرات ، قال : ودخول الجنة أعلى نعيم يحصّله العبد ، وهذا منطلق من عقيدة المعتزلية في نفي رؤية المؤمنين لله عز وجل التي هي أكمل النعيم ، كما ورد في حديث جرير: فلا يُعطون شيئا أحب إليهم من ذلك ، يعني من النظر لله ، فهذه لو قرأت الكتاب يمكن أن تمرّ عليك وترسخ في نفسك ولا تتبين وجه الحق فيها. الأمر الرابع : أن يحرص على الكتب التي فيها استدلال بالأدلة ، بحيث يتعوّد على الاستدلال ويتعوّد على استنباط الفوائد من الأدلّة الشرعية ، ومن ثَمّ يصبح ممن ارتبط بالدليل الشرعي ، وقد ذكر المؤلف نماذج لمن كتب في ذلك. الأمر الخامس : معرفة اصطلاحات أهل العلم في كتبهم ، ومعرفة ترتيب كتب أهل العلم بحيث يبقى ، أو بحيث يكون المرء قادرا على فهم الكتاب متى قرأه ، أما إذا قرأت كتابا وفسّرت هذا الكتاب بتفسيرات غير صاحب ذلك الكتاب فقد تقع في إشكالات كثيرة. مثال هذا : كلمة شيخ الإسلام نجد هذه الكلمة عند كثير من أهل العلم يريد بها شيخ الإسلام ابن تيمية ، لكن هناك مؤلفات تريد غيره ، كمؤلفات ابن السبكي الابن ، إذا قال شيخ الإسلام فهو يريد والده ، فإذا نسبت كلام ابن السبكي إلى ابن تيمية بناء على أنه قد نُسب إلى شيخ الإسلام فقد وقعت في الخطأ ، وهكذا في بقيّة المصطلحات. ومن هنا لابد من قراءة مقدّمة الكتاب حتى تعرف المصطلحات ، وأضرب لهذا مثلا : في (كنز العمّال) هناك رموز ، هذه الرموز مرّات إذا فسّرتها برموز غيره حينئذ وقعت في الخطأ ، ط. س ماذا تعني؟ الطبراني في الأوسط ، غيره يريد بها ، الطيالسي مثلا ، فحينئذ احذر من مثل هذا. كذلك ينبغي بك قبل أن تدخل الكتاب في مكتبتك أن تعرف طريقته ، وأن تقرأ مقدمته وخاتمته ، وأن تمرّ على شيء من مسائله ، وأما إذا وضعت الكتاب في محلّه في المكتبة بدون أن تنظر فيه فقد لا تتمكن من قراءته ولا معرفته في وقت آت. كذلك ينبغي للإنسان في الكتب أن يحرص على إبراز الكتب النافعة لتكون قريبة من متناول يده ، بينما الكتب التي تقل فائدتها أو تقل مراجعته لها يضعها في مكان أقصى قليلا ، وينبغي فيه أن يحرص على اختيار كتاب جامع في كل فن بحيث إذا أشكل عليه شيء راجع ذلك الكتاب ، و بذلك يعرف مواطن بحث المسائل في ذلك الكتاب لئلا يقع في زلل فيه. وهناك أيضا ما يتعلّق بتعليقات الإنسان أو بكتابته ، ينبغي أن يتأنّى فيها ، لا تكتب تعليقا حتى تفكّر هل هذا التعليق مناسب أو لا. كم من مرة كتبت تعليقا ثم نقدت على نفسك وعرفت خطأك في هذا التعليق بعد مدة قليلة ، فلا تكتب التعليق إلا بعد تأمّل وتفكّر ، وإذا كتبت فاحرص على وضوح الخط ، واحرص على أن يكون جليّا ، واحرص على أن يكون منقوطا ، واحرص على أن يكون واضح الأسلوب يفهمه كل من قرأه. آفاق التيسير 1- جاءتِ امرأةٌ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ ، فقالَ : من يتزوَّجُها ؟ فقالَ رجلٌ : أنا ، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ : أعطِها ولو خاتمًا من حديدٍ ، فقالَ : ليسَ معي ، قالَ : قد زوَّجتُكَها على ما معَكَ منَ القرآن". الراوي : سهل بن سعد الساعدي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 1545 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح - شرح الحديث-الدرر السنية 2-فائدة الخطأ : أمهات الكتب- الصواب : أُمَّات الكتب- السبب : تذكر كثير من المعاجم اللغوية : أن الأمهات فيمن يعقل ، والأُمَّات فيما لايعقل ، وبما أن الكتب غير عاقلة ، فجمعها يكون : أُمَّات ، ولكن ابن جني وغيره أجازوا جمع الجميع على أُمَّات أوأُمَّهات ( للعاقل وغير العاقل ) . هنا *.*.*.*.*.*.* وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين قوله: «أُمُّهات الأولاد» يقال: أمهات في بني آدم، وأُمَّات في الحيوان، تقول: أمات السخال ولا تقل: أمهات، وإنما يقال: أمهات في بني آدم،قال الله تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}} [النساء: 23] هنا |
#59
|
||||
|
||||
53- إعجامُ الكتابةِ : إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ :وضوحُ الخطِّ . رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) . وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : ( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون . ( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى . النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ . الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ . شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) القارئ: الثالث والخمسون: إعجامُ الكتابةِ : إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها الشيخ: يقول أعجم، كتاب معجم، أعجم الكتابة معناه: اجعله أعجميا؟! لا، معناه أزل عجمته بإعرابه وتشكيله ونقطه، حتى لا يشكل وهذا من الأفعال التي يراد بها الضدان كما جاء في الحديث (يتحنث) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد) يتحنث يعني؟ يزيل الحنث أم يفعل الحنث؟ يزيله ، وهذه لها أمثلة كثيرة ، فمعنى أعجم الكتاب: أزال عجمته بتشكيله وإعرابه. القارئ: وذلك بأمورٍ : أولاً: وضوحُ الخطِّ . ثانيا: رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) . الشيخ: لا بد أن تكون عالما بالنحو أخشى أن تقع في قول القائل يريد أن يعربه فيعجمه، أو فأعجمه، لا بد أن تكون عالما بالنحو أما مثلا فكرة أن يقول لك هذه مرفوعة ، منصوبة ، مكسورة، وتفعل لا، لا بد أن تكون عالما ، وإذا أشكلت عليك الكلمة فارجع إلى مظانها ، إذا أشكل عليك ترقيم الكلمة أو حركاتها في تركيبها لا في إعرابها فارجع إلى كتب اللغة لأن هناك أخطاء شائعة بين الناس، مثلا يقولون: تَجْرِبة وتَجَارِب. أكثر الناس إن لم أقل كل الناس يضمونها ، فأخشى أن يأتي واحد بيعجن فتمر به تجربة فيقول: تجربة بضم الراء ، فيشكلها نطقا وإعرابا ، وهذا غلط ، لأنه قد يشتهر بين الناس أشياء وليس لها أصل فلا بد أن ترجع للأصل . القارئ: خامسا: تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ . وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : ( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون . ( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى . ثالثا: النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ . رابعا: الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ . الشيخ: آفاق التيسير هذه قواعد إملائية ينبغي مراعاتها. شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : 49- الغَرامُ بالْكُتُبِ : شرَفُ العِلْمِ معلومٌ لعُمومِ نَفْعِه ، وشِدَّةُ الحاجةِ إليه كحاجةِ البَدَنِ إلى الأنفاسِ ، وظهورُ النقْصِ بقَدْرِ نقْصِه ، وحصول ُاللذةِ والسرورِ بقَدْرِ تحصيلِه ، ولهذا اشْتَدَّ غَرامُ الطُّلَّابِ بالطلَبِ ، والغَرامُ بجَمْعِ الكُتُبِ مع الانتقاءِ ، ولهم أَخبارٌ في هذا تَطُولُ ، وفيه مُقَيَّدَاتٌ في ( خبرِ الكِتابِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَهُ . وعليه ، فأَحْرِز الأصولَ من الكُتُبِ ، واعْلَمْ أنه لا يُغْنِي منها كتابٌ عن كتابٍ ولاتَحْشُرْ مَكتَبَتَكَ وتُشَوِّشْ على فِكْرِك بالكُتُبِ الغُثَائِيَّةِ ، لاسِيَّمَا كُتبَ المبتدِعَةِ ؛ فإنها سُمٌّ ناقعٌ . 50- قِوامُ مَكتَبَتِكَ : عليك بالكُتُبِ الْمَنسوجَةِ على طريقةِ الاستدلالِ ، والتَّفَقُّهِ في عِلَلِ الأحكامِ ، والغَوْصِ على أسرارِ المسائلِ ، ومن أَجَلِّها كتُبُ الشيخينِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وعلى الجادَّةِ في ذلك من قَبْلُ ومن بعدُ كُتُبُ : الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ ( م سنة 463هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَجَلُّ كُتُبِه ( التمهيدُ ) . الحافظُ ابن ُقُدامَةَ (م سنة 620 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَرْأَسُ كُتُبِه ( الْمُغْنِي ) . الحافظُ ابنُ الذهبيِّ (م سنة 748 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافظُ ابنُ كثيرٍ (م سنة 774 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافِظُ ابنُ رَجَبٍ (م سنةَ 795 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى. الحافظُ ابنُ حَجَرٍ (م سنةَ 852 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الحافظُ الشوكانيُّ (م سنةَ 1250 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ (م سنةَ 1206 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . كُتُبُ عُلماءِ الدعوةِ ، ومن أَجْمَعِها ( الدُّرَرُ السنِيَّةُ) . العلامَةُ الصنعانيُّ (م سنةَ 1182هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، لاسِيَّمَا كتابُه النافعُ ( سُبُلُ السلامِ) . العَلَّامَةُ صِدِّيقُ حسن خان القنَّوجيُّ (م سنةَ 1307هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . العَلَّامَةُ محمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ (م سنة 1393هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى لا سِيَّمَا كتابُه ( أضواءُ البيانِ) . 51- التعامُلُ مع الكتابِ : لاتَسْتَفِدْ من كتابٍ حتى تَعْرِفَ اصطلاحَ مؤَلِّفِه فيه ، وكثيرًا ما تكونُ الْمُقَدِّمَةُ كاشفةً عن ذلك ، فابْدَأْ من الكتابِ بقراءةِ مُقَدِّمَتِه . 52- ومنه : إذاحُزْتَ كِتابًا ؛ فلا تُدْخِلْه في مَكتبتِك إلا بعدَ أن تَمُرَّ عليه جَرْدًا أو قراءةً لِمُقَدِّمَتِه ، وفِهْرِسِه ، ومواضِعَ منه ، أمَّا إن جَعَلْتَه مع فَنِّه في الْمَكتبةِ ؛ فرُبَّما مَرَّ زمانٌ وفاتَ العُمُرُ دونَ النَّظَرِ فيه ، وهذا مُجَرَّبٌ ، واللهُ الْمُوَفِّقُ . 53- إعجامُ الكتابةِ : إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ : وضوحُ الخطِّ . رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ) . وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : (كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون . (الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى . النَّقْطُ للمُعْجَمِ و الإهمالُ للمُهْمَلِ . الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ . تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ . الشيخ : هذه آداب لطالب العلم متعلقة بالكتب ، منها الحرص على الكتب جمعا ، بحيث يجمع كل ما يمكن أن يستفيد منه من كتب أهل العلم ، وذلك أنّ الكتب فيها علم كثير ، وفيها ترتيب للمسائل ، وتعين الإنسان على بحث ما يعرض إليه من مسائل الفقه والشرع. الثاني : أنّ المرء حريص على استكمال مكتبته في الكتب في كل فن نافع ، ومن ثَمّ يكون لديه أصول المسائل. الثالث : أن يحذر من الكتب المطوّلة التي فيها كلام كثير وفائدتها قليلة ، خصوصا من كتب المعاصرين ، فإنّ كلامهم كثير ، وفائدته قليلة. كذلك يحذر من كتب المبتدعة لأنهم يدسّون السم في الدسم ، وقد يأتون بالكلمة لا يتفطّن الإنسان لما فيها ، انظر مثلا في تفسير بعض المعتزلة ، لما ذكر الجنة وما وضعه الله فيها من الخيرات ، قال : ودخول الجنة أعلى نعيم يحصّله العبد ، وهذا منطلق من عقيدة المعتزلية في نفي رؤية المؤمنين لله عز وجل التي هي أكمل النعيم ، كما ورد في حديث جرير: فلا يُعطون شيئا أحب إليهم من ذلك ، يعني من النظر لله ، فهذه لو قرأت الكتاب يمكن أن تمرّ عليك وترسخ في نفسك ولا تتبين وجه الحق فيها. الأمر الرابع : أن يحرص على الكتب التي فيها استدلال بالأدلة ، بحيث يتعوّد على الاستدلال ويتعوّد على استنباط الفوائد من الأدلّة الشرعية ، ومن ثَمّ يصبح ممن ارتبط بالدليل الشرعي ، وقد ذكر المؤلف نماذج لمن كتب في ذلك. الأمر الخامس : معرفة اصطلاحات أهل العلم في كتبهم ، ومعرفة ترتيب كتب أهل العلم بحيث يبقى ، أو بحيث يكون المرء قادرا على فهم الكتاب متى قرأه ، أما إذا قرأت كتابا وفسّرت هذا الكتاب بتفسيرات غير صاحب ذلك الكتاب فقد تقع في إشكالات كثيرة. مثال هذا : كلمة شيخ الإسلام نجد هذه الكلمة عند كثير من أهل العلم يريد بها شيخ الإسلام ابن تيمية ، لكن هناك مؤلفات تريد غيره ، كمؤلفات ابن السبكي الابن ، إذا قال شيخ الإسلام فهو يريد والده ، فإذا نسبت كلام ابن السبكي إلى ابن تيمية بناء على أنه قد نُسب إلى شيخ الإسلام فقد وقعت في الخطأ ، وهكذا في بقيّة المصطلحات. ومن هنا لابد من قراءة مقدّمة الكتاب حتى تعرف المصطلحات ، وأضرب لهذا مثلا : في (كنز العمّال) هناك رموز ، هذه الرموز مرّات إذا فسّرتها برموز غيره حينئذ وقعت في الخطأ ، ط. س ماذا تعني؟ الطبراني في الأوسط ، غيره يريد بها ، الطيالسي مثلا ، فحينئذ احذر من مثل هذا. كذلك ينبغي بك قبل أن تدخل الكتاب في مكتبتك أن تعرف طريقته ، وأن تقرأ مقدمته وخاتمته ، وأن تمرّ على شيء من مسائله ، وأما إذا وضعت الكتاب في محلّه في المكتبة بدون أن تنظر فيه فقد لا تتمكن من قراءته ولا معرفته في وقت آت. كذلك ينبغي للإنسان في الكتب أن يحرص على إبراز الكتب النافعة لتكون قريبة من متناول يده ، بينما الكتب التي تقل فائدتها أو تقل مراجعته لها يضعها في مكان أقصى قليلا ، وينبغي فيه أن يحرص على اختيار كتاب جامع في كل فن بحيث إذا أشكل عليه شيء راجع ذلك الكتاب ، و بذلك يعرف مواطن بحث المسائل في ذلك الكتاب لئلا يقع في زلل فيه. وهناك أيضا ما يتعلّق بتعليقات الإنسان أو بكتابته ، ينبغي أن يتأنّى فيها ، لا تكتب تعليقا حتى تفكّر هل هذا التعليق مناسب أو لا. كم من مرة كتبت تعليقا ثم نقدت على نفسك وعرفت خطأك في هذا التعليق بعد مدة قليلة ، فلا تكتب التعليق إلا بعد تأمّل وتفكّر ، وإذا كتبت فاحرص على وضوح الخط ، واحرص على أن يكون جليّا ، واحرص على أن يكون منقوطا ، واحرص على أن يكون واضح الأسلوب يفهمه كل من قرأه. آفاق التيسير |
#60
|
||||
|
||||
الفصلُ السابعُ 54- حِلْمُ اليَقَظَةِ :الْمَحاذِيرُ إيَّاك و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ، أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن الْعِلْمِ . شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) الشيخ: هذا صحيح.. وما أسرع أن يغتر الإنسان ، أحيانا بعض الناس يري الحاضرين بأنه عالم مطلع، فتجده إذا سئل.... يسكت قليلا- يعني كأنه يتأمل ويطلع على الأسرار ثم يرفع رأسه ويقول: هذه المسألة فيها قولان للعلماء !! ، ولو قلت له ما هما القولين؟ يأتي بالقولين من عنده أو يقول تحتاج إلى مراجعة ، فالمهم أنك لا تدعي العلم ولا تنصب نفسك عالما مفتيا وأنت لا علم عندك؛ لأن هذا من السفه في العقل والضلال في الدين. ولهذا قال : «فإن فعلت فهو حجاب كثيف عن العلم». لأن الإنسان إذا فعل هذا ، يقول خلاص أنا صرت عالم لا أحتاج إلى ان أطلب العلم فينحجب عن العلم بهذا الاعتقاد الباطل. الخامس والخمسون: احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ ) : فقد قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛ تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني ؛ تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه ما يَعْلَمُ . الشبر الأول يتكبر لأنه ما عرف نفسه حقيقة، الثاني تواضع، لكن متواضع وهو يرى نفسه عالما، الأول يرى نفسه عالما لكن متكبر ، والثاني يرى نفسه عالما لكنه متواضع ، والثالث أنه جاهل لا يعلم. وبالضرورة فلن يتكبر وهو يرى نفسه جاهلا، لكن هل هذه الأخيرة محمودة أم لا؟ أن ترى نفسك جاهلا؟ إذا رأيت نفسك جاهلا فاعلم أنك لن تقدم على عزم في الفتيا مثلا، ولهذا تجد بعض طلبة العلم لا يعطيك جزما يقول: الذي يظهر... أو يحتمل ... لا يا أخي ما دام الله قد فتح عليك وكنت عالما حقا، فاعتبر نفسك عالما.. اجزم بالمسألة، لا تجعل الإنسان السائل طريح الاحتمال، وإلا ما أفدت الناس. أما الإنسان الذي ليس عنده علم متمكن فهذا ينبغي أن يرى نفسه غير عالم.هنا 56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ : وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ . هذا أيضا مما يجب الحذر منه، أن يتصدر الإنسان قبل أن يكون أهل للتصدر؛ لأنه إذا فعل ذلك كان هذا دليلا على أمور: الأول- إعجابه بنفسه، حيث تصدر فهو يرى نفسه علم الأعلام. الثاني- أن ذلك يدل على عدم فقهه ومعرفته بالأمور، وإذا الناس رأوه متصدرا، أوردوا عليه من المسائل ما يبين عواره. الثالث- إنه إذا تصدر قبل أن يتأهل، لزمه أن يقول على الله ما لا يعلم، لأن غالب من كان هذا قصده الغالب أنه لا يبالي أن يحطم العلم تحطيما وأن يجيب عن كل ما سئل عنه. الرابع- أن الإنسان إذا تصدر فإنه في الغالب لا يقبل الحق، لأنه يظن بسفهه أنه إذا خضع لغيره، وإن كان معه الحق كان هذا دليلا على أنه ليس بأهل في العلم. هنا آفاق التيسير شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ القارئ : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا : آفاق التيسير
الفصل ُالسابعُ : الْمَحاذِيرُ 54- حِلْمُ اليَقَظَةِ : إيَّاك و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ، أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن الْعِلْمِ . 55- احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ) : فقد قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛ تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه لا يَعْلَمُ . 56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ : احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ . وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ . ... الشيخ : لما انتهى المؤلف رحمه الله من آداب طالب العلم ذكر عددا من المسائل التي ينبغي لطالب العلم أن يحذرها : أول هذه الأمور : حلم اليقظة ، بأن يتمنى على الله الأماني وهو لم يفعل الأسباب فحينئذ يوقعه ذلك في المهالك ، يجعل نفسه تزهو وتظن أنّ لديها شيئا ، وهكذا أيضا إذا لم يتقن الإنسان العلم فقد تغرّه نفسه ، ويعجب بها لأنه لم يعرف العلم. وكذلك من المحاذير أن يتصدّر الإنسان للتعليم أو الإقراء أو التأليف قبل أن يكون متأهلا ، مثل جلوسي بين يديكم اليوم ، نسأل الله السلامة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|