العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الفقه > ملتقى الفقه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #5  
قديم 09-13-2022, 10:55 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,338
Arrow

ثانيًا : النوع الثاني : الخلاف غير السائغ المذموم :
تعريفه :
هو ما خالف نصًا من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلي لا يُخْتلف فيه .
* أسباب الخلاف غير السائغ المذموم :
البغي والتنافس على الدنيا ورئاستها .
التنافس على الدنيا سبب البغي ، والبغي سبب الاختلاف والفُرْقة :
قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ... فوالله لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تُبسطَ عليكم الدنيا كما بُسِطَتْ على من كان قبلكُم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم " .صحيح البخاري . متون / ( 58 ) ـ كتاب : الجزية / ( 1 ) ـ باب : الجزية و ... / حديث رقم : 3158 / ص : 372 .
وتأمل في التاريخ كيف كان قتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ ظلمًا وبغيًا ومنافسة ممن قتلوه
على رياسة أرادوهاوليسوا لها أهلاً ، وما جرَّه ذلك على الأمة من الفتنة التي لم تُصِب الذين ظلموا خاصة ، بل عمت الصالحين وغيرهم .
العلاج :
ــــ
ولا علاج لذلك إلا بإخلاص النية لله سبحانه وتعالى والتنافس على الآخرة كما أمرنا الله تعالى :
" لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ " .سورة الصافات / آية : 61 .
وقال تعالى " خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ " . سورة المطففين / آية : 26 .
فالتنافس على الآخرة لا يجلب حسدًا ولا حقدًا ولا ضغائن ولا بغيا ، وإنما يثمر حبًّا صادقًا وتآلفًا وإخاءً .
ومن أعظم وأهم أسباب العلاج أن نعلم حرمة المسلم وحرمة البغي والاستطالة عليه أيًّا من كان ، فنتعامل بشرع الله مع من عاملنا به ومع من لم يعاملنا ، فما عاقبتَ مَنْ لم يتق الله فيك بمثل أن تتقي الله فيه .
والحذر واجب في تناول أحوال المخالفين من الوقوع في الغيبة باسم النصيحة ، ومِن تَلَمُّس العثرات والفرح بالسقطات تحت شعار بيان الحق ، ومن خديعة الشيطان بالتنافس على المنازل والرياسات الدنيوية تحت شعار الحرص على الأمر بالمعروف .فقه الخلاف بين المسلمين للشيخ ياسر برهامي / ص : 47 / بتصرف .
2ـ الجهل ونقص العلم وظهور البدع واختلاف المناهج .
من أعظم أسباب الخلاف المذموم انتشار الجهل ونقص العلم .
ولقد كان أول شرك وقع على ظهر الأرض بسبب نقص العلم بموت العلماء ، فبدأت البدع في الظهور .
* فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعدُ ، أمَّا وَدٌّ كانت لِكَلْبٍ بدومةِ الجندل ، وأما سُوَاعٌ كانت لهُذَيْلٍ ، وأما يغوثُ فكانت لِمُرَادٍ ثم لبني غُطَيْفٍ بالجرفِ عند سبأٍ (1) ، وأما يعوقُ فكانت لِهَمْدَانَ ، وأما نَسْرٌ فكانت لِحِمْيَرَ لآل ذي الكَلاع أسماءُ رجالٍ صالحين من قوم نوحٍ ، فلما هلكوا أوحَى الشيطان إلى قومهم أن انصِبُوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلِسون أنصابًا وسمُّوها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تُعبدْ حتى إذا هلك أولئك وتَنَسَّخَ العلمُ عُبدَتْ . صحيح البخاري . متون / ( 65 ) كتاب : تفسير القرآن / ( 71 ) سورة نوح / حديث رقم : 4920 / ص : 596 .
( 1 ) بالجرف عند سبأٍ ---> وردت هكذا في فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 8 / ( 65 ) كتاب التفسير / ( 71 ) سورة نوح / حديث رقم : 4920 / ص : 535 .وهذا هو الصواب . والخطأ ما ورد بطبعة دار ابن الهيثم [ متون ] وهو ( بالجوف عند سبإٍ ) .
تعقيب :
ــ
إن من السهل على من يختلس درهمًا أن يسرق آلاف الدراهم ، فإن في السرقة تعديًّا لحدود الله ، وذلك شأن المبتدع تهون عليه كبار البدع ـ وربما الشرك بالله ـ إذ مبدأ التنكّب عن السنة والرضا بالبدعة ؛ سبيل إلى قبول كل ضلال وزيغ ، كما وقع الشرك في قوم نوح ، من اتخاذ أصنام لبعض الرجال الصالحين بعد موتهم ، وزين لهم الشيطان ذلك ليذكُروهم ويقتدوا بأعمالهم الطيبة ، ثم أوحى لمن بعدَهم أن يعبدوهم من دون الله سبحانه موهمًا إياهم أن آباءهم كانوا يفعلون ذلك من قبل .
وصية مودِّع / العوايشة / ص : 45 .
العلاج :
الانتصار للسنة ومحاربة البدعة وقمعها ، ولن يتحقق ذلك إلا بنشر العلم بالكتاب والسنة
على نهج أهل السنة والسلف رضوان الله عليهم .
وإليك قاعدة نبوية ذهبية في مواجهة الخلاف :
* فعن العرباض بن سارية ، قال : وعظنا رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يومًا بعد صلاة الغداة موعظة بليغةً ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فقال رجل : إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله ؟
قال " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإنْ عبد حبشي ، فإنه من يعش منكم يرى اختلافًا كثيرًا ، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عَضُّوا عليها بالنَّوَاجِذ " .سنن الترمذي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 39 ) ـ كتاب : العلم عن رسول الله / ( 16 ) ـ باب : ما جاء في الأخذ بالسنة ... / حديث رقم : 2676 / ص : 603 . صحيح .
تأمل كيف قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" عَضوا عليها بالنواجذ " فإن السنة سوف تحارب ويحاول أهل البدع نزعها من المتمسكين بها ، والواجب في علاج هذه الفُرْقَة شدة التمسك بالسنة ، والحذر من البدع .
وهذه هي القاعدة النبوية الذهبية في مواجهة الاختلاف ، وهي عقيدة أهل السنة في التمسك بالسنة على طريقة السلف رضوان الله عليهم .فقه الخلاف بين المسلمين للشيخ ياسر برهامي... / ص : 49 / بتصرف .
3ـ ظهور رؤوس الضلال الدعاة على أبواب جهنم .
وهم الذين يدعون إلى بدعة أو ضلال آخر كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة .
* قال ابن ماجه في سننه : حدثنا علي بن محمد ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال :حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : حدثني بُسْرُ بن عُبيد الله ، قال : حدثني أبو إدريس الخولاني ؛ أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " يكون دعاة على أبواب جهنمَ من أجابهم إليها قذفوه فيها " ، قلتُ : يا رسول الله !صِفهم لنا . قال : " هم قوم من جِلْدَتِنَا ، يتكلمون بألسنتنا " . قلتُ : فما تأمُرُني إن أدركني ذلك ؟ . قال " فالزم جماعة المسلمين وإمامَهُم ، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ، فاعتزل تلك الفِرَقَ كلَّهـ ، ولو أن تَعَضَّ بأصل شجرة حتى يدركَك الموتُ وأنت كذلك " .سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 36 ) ـ كتاب : الفتن / ( 13 ) ـ باب : العُزْلَة / حديث رقم : 3979 / ص : 657 / صحيح .

العلاج :
ـ نشر العلم والمنهج الصحيح ، للتمييز بين الحق والباطل

4ـ التعصب المذموم للأسماء والأشخاص وضعف الولاء على الكتاب والسنة .
كثير من المسلمين اليوم يتعصب لعالم معين أو بلد معين ... ينصر على ذلك ، ويغضب على ذلك ، يتغاضى عن المخالفات التي تصدر من هذا العالم أو من هذا البلد .
وقد حذرنا الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ من دعوى الجاهلية ـ أي التحزب والتعصب لفئة مسلمة دون أخرى بالباطل ـ ، لما تنادى المهاجرين يا للمهاجرين ، وتنادى الأنصار يا للأنصار ، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ما بال دعوى الجاهلية . دعوها فإنها منتنة " .
..... قال : سَمِعَ عمرٌو جابرَ بنَ عبدِ الله يقول :
كنا مع النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في غَزَاة . فكسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار . فقال الأنصاريُّ : يا للأنصار ! وقال المهاجريُّ : يا للمهاجرين ! .فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ما بالُ دعوى الجاهلية ؟ " . قالوا : يا رسول اللهِ ! كسَعَ رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار . فقال " دَعُوهَا . فإنها مُنْتِنَةٌ ... " . الحديث . صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب : البر والصلة والآداب / ( 16 ) ـ باب : نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا / حديث رقم : 63 ـ ( 2584 ) / ص : 659 .
مع أن المهاجرين والأنصار من أشرف الأسماء ، وهي من الأسماء التي سماها الله في كتابه ، وسماهم بها الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في سنته ، ومع ذلك حين صارت شعارًا ينتصر الناس له دون تبين المُحِق مِنَ المُبْطَِل ، صارت جاهلية .
وهذا للأسف كثير بين الناس اليوم ، يتعصب الناس لجماعة معينة أو لعالِم معين ، أو لبلد معين ، ينصر على ذلك ، ويغضب على ذلك ، يتغاضى عن المخالفات التي تصدر من جماعته أو طائفته ، ويعظم ما يصدر من غيرهم .
ولاشك أن هذه الأمراض تؤثر على القلب وإخلاصه ونصيحته لله وكتابه ولرسوله وللمؤمنين ، وتفتح باب الفتن .
والانتساب إلى أسماء معينة كالانتساب إلى بلد أو عالم أو طائفة ليس بمحرم في الشرع ، فإن الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لما لحظ بداية ظهور دعوى الجاهلية بين المهاجرين والأنصار لم يعالجه بتحريم الانتساب إلى هـذه الأسماء ، بل بتحذيرهم من حقيقة دعوى الجاهلية ، وهي الانتصار للأسماء دون معرفة الحق .
وهذه هي التربية الواجبة التي يجب أن يتربى عليها المسلمون ، ولا يزال العلماء ينتسبون إلى بلادهم .
كالمدني ، والمصري ، والخراساني ، والنووي ، والعسقلاني ، وإلى مذاهب أئمتهم : كالشافعي ، والمالكي ، ... .
ولم ينكر العلماء التسمية ، ولم يحرموها حتى بعد ظهور العصبية ، بل تُحارب العصبية دون تحريم ما أحله الله .
العلاج :
ــــ
تعميق الولاء على الكتاب والسنة ، ويتحقق ذلك بقبول الحق والمعاونة عليه ممن جاء
به وعلمه كائنًا من كان ، فالرجال يُعْرَفون بالحق ، ولا يُعْرَف الحق بالرجال .فقه الخلاف فقه الخلاف بين المسلمين للشيخ ياسر برهامي... / ص : 59 .
* أمثلة للاختلاف غير السائغ :
أولاً : الخلاف غير السائغ في الأمور الاعتقادية :
ـ غلاة النفي والتعطيل في أسماء الله وصفاته وغيرهم ، المكذبين لصريح القرآن كمن يقول : لم يكلم ـ الله ـ موسى تكليمًا نفيًا لصفة الكلام ، ويقول يد الله أي قدرته خلافًا للحق ، ولم يتخذ ـ سبحانه ـ إبراهيم خليلاً .
ـ غلاة القدرية الأوائل نفاة العلم الإلهي ، الذين يقولون أن الله لا يعلم الأشياء حتى تقع .
ـ من يعتقدون أن الشريعة الإسلامية غير صالحة ، إما مطلقًا ، أو يعتقدون أنها غير صالحة لهذا الزمان ويُفَضَّل عليها شرائع البشر الوضعية ، أو يساويها بها ، أو يجوزها ، أو يلزم الكافة بها ويحرم عليهم شرع الله تعالى.
رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:00 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر